قبل أن يدخل شهر رمضان
محمـــــــــد الجابري
-------------------------
الحمد لله و كفى والصلاة و السلام على رسوله المصطفى وبعد...
فإن رمضان شهر لطالما حنت إليه نفوس المتقين واشتاقت إليه قلوب الصالحين، وكيف لا تحن النفوس إلى شهر المغفرة والرحمة، كيف لا تشتاق القلوب إلى شهر الخير والبركة .
إنه شهر تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران وتصفد الشياطين .
إنه شهر تعتق فيه الرقاب من النار وتضاعف أجور العمال .
إنه شهر؛ المغفرة قاب قوسين أو أدنى من أحدنا وهذا فضل من الكريم الرحيم .
أيها الاخوة:
كيف نفوز بكنوز رمضان الثمينة، كيف نربح المغفرة والعتق من النار في شهر الخير؟ فهناك أسباب إذا علمناه و عمانا بها فسوف نربح ونفوز في رمضان .
1- التوبة إلى الله :
إن التوبة مطلوبة في كل وقت و لكنها قبل مواسم الخيرات تكون أشد طلبا، وذلك لان الذنوب هي التي تحول بين العبد و بين اغتنام هذه المواسم يقول الله تعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) ومن أعظم المصائب المصيبة في الدين ، أن تمر عليك مثل هذه المواسم و لا تغتنمها في طاعة الله.
إن بعض الناس يظن أنه يعصي الله والله لا يعاقبه، وذلك لأنه يرى أن النعم عليه مستمرة ولا تنقطع فالمال موجود والأولاد بعافية وكل شيء على ما يرام، ولا يدرى المسكين أنه يُعاقب وهو لا يشعر وذلك بحرمانه اغتنام مثل هذه المواسم بالطاعات، لان الطاعة شرف والعاصي لا يستحق هذا الشرف، كان رجل في بني إسرائيل قد أسرف على نفسه بالمعاصي فقال: (يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني) فأوحى الله إلى نبي ذلك الزمان أن قل له: (كم أعاقبك وأنت لا تدري، أما حرمتك لذة مناجاتي وطاعتي) فيا أخي يا مَنْ يريد الفوز والمغفرة بادر بالتوبة والإنابة قبل رمضان حتى تفوز في رمضان.
2- الصدق مع الله:
إن الله يطلع على القلوب ويعلم ما بها، ووالله ما من عبد يطّلع اللهُ على قلبه فيرى أنه يريد الفوز في رمضان بصدق إلا أعطاه اللهُ الفوز في رمضان وما من عبد يطّلع الله على قلبه فيرى أنه يريد الشهوات وعمل السيئات في رمضان إلا لم يبال الله به في أي وادٍ هلك، فالصدق الصدق يا أخوتاه فعلى قدر صدقك يكون فوزك.
3- العزم على اغتنام لحظات وأوقات رمضان بالطاعة:
إن من أعظم علامات الصدق أن يكون العبد عازمًا على اغتنام كل دقائق ولحظات رمضان في طاعة الله وذلك بعمل برنامج يومي مليئ بالطاعات والعبادات حتى لا يترك مجالاً لنفسه أن تشغله بالمعصية، وأن يحاول قدر استطاعته أن يُتقن هذه الطاعات والعبادات.
بل وعليه أن يغتنم رمضان لتعويد النفس على أنواع من الطاعات، فلا ينتهي رمضان إلا وقد أخذ حظه منه وتزود بزاد من الأعمال الصالحة التي تربت النفس عليها.
أن هذا العزم وهذه النية الصالحة في عمل الخير تفيدك كثيرًا فلو قدَّر الله عليك فلم تستطع اغتنام رمضان بالطاعة لعذر ومانع مقبول فإن الله لا يُضيع لك هذه النية الصالحة بل حتى لو قدَّر الله فمت قبل رمضان فإن الله يكتب لك كأنك عملت تلك الصالحات.
أخب الحبيب: ألا ترى معي:
لمَنْ فُتحت أبواب الجنان، لمَنْ غُلقت أبواب النيران، لمَنْ صُفدت الشياطين.
إنها ليست من أجل الملائكة ولا من أجل خلق آخر، بل من أجلك يا عبد الله حتى يغفر اللهُ لك حتى يُدخلك جنته ويُبعدك عن ناره.
أخي الحبيب أليس عندك قلب تعي به هذه الأمور وإلى متى وأنت تهرب من ربك ومولاك الذي يريد أن يغفر لك ويرحمك، إلا متى وأنت تفر من سيدك الرحيم بك الذي يريدك أن تربح معه.
أخي البِدار البدار إلى الجنة إلى المغفرة والرحمة فالأسباب كلها منعقدة لكي يغفر لك، الأسباب كلها متوفرة لكي برحمك الله.
فتعرَّض لنفحات الله وخيرات الله.
يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان أول ليلة من رمضان فُتحت أبواب الجنان فلم يُغلق منها باب، وغُلقت أبواب النار فلم يُفتح منها باب، وصُفدت مردة الشياطين، وناد منادٍ من السماء: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، وإن لله عُتقاء من النار وذلك كل ليلة من رمضان.