توبة فتاة من ضحايا التغريب
عجيب أمر هذا الإنسان، فحين يكون صحيحاً معافى يتعالى على الله عز وجل، وينسى حقيقة نفسه، حتى إذا ما مسه الضر لجأ إلى الله تعالى، وأخلص له الدعاء، ثم الناس بعد ذلك فريقان، إما شاكراً وإما كفوراً.
تقول هذه التائبة:
أنا فتاة قبائلية، أعيش أنا وأسرتي في العاصمة..
لم نكن نعرف من الإسلام شيئاً، لا صلاة، ولا غيرها من العبادات..
كل أفراد أسرتي في ضلال وانحراف وضياع..
كنا نعيش حياة على النمط الغربي، لا نعرف عن الأعراف والتقاليد والمبادئ العربية، حتى إن لغة الحديث والتخاطب فيما بيننا يتم باللغة الفرنسية، في جو يخلو من أي علاقة بالله..
وفي يوم من الأيام ذهبت إلى المستشفى لتحليل الدم، فلما عدت في المساء لأخذ النتيجة نودي على اسمي، فإذا برئيس المصلحة المخبرية يهمس في أذني قائلاً، يؤسفني أن أقول لكِ أنك مصابة بداء ((السيدا)).
نزل علي هذا الخبر كالصاعقة، وكدت أن أصاب بالإغماء، وطلبت من رئيس المصلحة أن يبقي هذا الأمر سراً بيننا، ثم طلب مني رقم الهاتف لاستدعائي عند الحاجة، وإجراء الفحوصات اللازمة..
وعدت إلى المنزل وأنا لا أتمالك نفسي من البكاء، ولم أنم تلك الليلة من شدة الخوف، فقد استلقيت على فراشي وأنا لا أدري ماذا أصنع..
كنت في حالة من الهلع والفزع وأنا أتخيل ملك الموت وهو تُحَثُ خُطاه إليَّ، إنه أمر لم أحسب له حساباً من قبل..
تذكّرت حياتي وأيّاماً بارزت الله فيها بالعصيان، غافلة عن حقيقة كبرى اسمها الموت..
وفي تلك اللحظة تبت إلى الله عز وجل، وعاهدته على الاستقامة، وبكيت كثيراً، فها هو ملَك الموت يقترب منّي، فماذا أنتظر؟
ومن الغد بدأت أصلي، واشتريت مصحفاً، فكنت أقرأ فيه ليل نهار، فتعجب أهلي من هذا التحول المفاجئ!
ثم ارتديت الحجاب فزاد تعجبهم، وصاروا يستهزؤون بي، ويقذفونني بالكلمات الجارحة، لكنني لم أبال بهم، بل لم يزدني ذلك إلا إصراراً واستمراراً في السير في هذا الطريق، وكنت أدعو الله في كل يوم أن يغفر لي ذنوبي، وأن يرحمني..
وبعد شهر تقريباً تلقيت مكالمة هاتفية من طرف رئيس مصلحة المختبر بالمستشفى، رفعت سماعة الهاتف وقلبي يخفق، وأعضائي ترتجف، وكانت المفاجأة..
قال لي: إنني أعتذر عن الخطأ الذي حصل، إن نتيجة تحليل دمك سليمة، أما النتيجة الأولى فهي لشخص آخر غيرك..
كدت أطير من الفرح، وحمدت الله عز وجل الذي كتب لي حياة جديدة، لأعمرها بطاعته –سبحانه– واتباع مرضاته، لا باللهو اللعب والغفلة والضياع.