الفيمتو ثانية وعالم الذرة
أ.د/ أحـمـــــد زويــــــل
------------------------------
ماهي نظرية الفيمتو ثانية "تجميد الزمن"؟.
هو مقياس جديد للزمن يستطيع قياس الكيفية التي تتحرك بها الذرات داخل الجزيئات خلال التفاعل الكيميائي عن طريق قياس الأشياء بتجميدها ثم إمكانية تصويرها بعد ذلك من خلال الفيمتو ثانية وهي جزء من البليون جزء من الثانية الواحدة.
وقد قالت الأكاديمية المانحة لجائزة نوبل أثناء تسليمها زويل هذة الجائزة أنها تمنحه إياها لإنجازاته الرائدة في التفاعلات الكيميائية الأساسية باستخدام ومضات أشعة الليزر القصيرة في وقت حدوث التفاعلات, وأن إسهامات الدكتور أحمد زويل قد أحدثت ثورة في الكيمياء والعلوم التي تتعلق بها لأن هذا الإنجاز الهائل يمكننا من فهم وشرح وتوقع العديد من التفاعلات الهامة التي لم يكن من الممكن قبل ذلك ملاحظتها.
كما أضافت الأكاديمية أن عمل الدكتور أحمد زويل في أواخر عام 1980 أدي الي ميلاد كيمياء الفيمتو "FemtoChemistry" وهي استخدام كاميرات خاصة فائقة السرعة لملاحظة التفاعلات الكيميائية بسرعة ثانية الفيمتو.
وهي أقل وحدة زمنية في الثانية الواحدة وأضافت أيضاً اننا قد وصلنا إلي نهاية الطريق, وأنه لا يوجد تفاعلات كيميائية تحدث بسرعة أكثر من سرعة ثانية الفيمتو, ونحن الآن نستطيع أن نري التحركات للذرات الفردية كما نتخيلها, فلم تعد تلك الذرات غير مرئية لنا.
عالم الفيمتو ثانية
أحمد زويل كان يوم 21 من أكتوبر عام 1999م، يوماً فريداً على مصر عندما حصل د.أحمد زويل على جائزة نوبل في الكيمياء ليصبح أول عالم مصري وعربي يفوز بجائزة نوبل في العلوم عن اكتشافه للفيمتو ثانية وليدخل العالم كله في زمن جديد لم تكن البشرية تتوقع أن تدركه.
وقد ولد زويل بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة في 26 \ 2 \ 1946م، وقد ولد لأسرة مصرية بسيطة، الأب كان يعمل مراقباً فنياً بصحة دسوق، وهو الأخ الوحيد لثلاثة بنات (هانم) موظفة في مجلس مدينة دسوق ومتزوجة من ابن عمها صلاح زويل و(سهام) بالتربية والتعليم متزوجة وتقيم في مركز قلين و(نعمة) الموظفة بالوحدة المحلية في دسوق وكانت أسرته تدفعه إلى هذا النجاح من صغره فقد كتبت على باب غرفته د.أحمد زيل ومنذ طفولته وهو يُجرى التجارب البسيطة على الأجهزة المنزلية.
وقد تلقى زويل تعليمه الابتدائى في مدينة دسوق، وحصل علي الشهادتين الابتدائية والإعدادية من مدرسة النهضة، وحصل علي الثانوية من مدرسة دسوق، حيث نقل والده للعمل بمدينة دسوق، ثم التحق زويل بكلية العلوم جامعة الإسكندرية، وحصل منها على البكالوريوس عام 1967م بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، ثم حصل على الماجستير في علم الأطياف عام 1969م، ثم سافر أحمد زويل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليحصل على الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا عام 1974م، وعمل خلال هذه الفترة معيداً وزميلاً وباحثاً بنفس الجامعة ثم عمل بجامعة كآلتك في كاليفورنيا.
ويعلق زويل على ذلك قائلاً:
عندما جئت لأمريكا وأصبحت أستاذاً في واحدة من أعظم جامعات أمريكا –كآلتك- التي عُينت بها في عام 1976م، بعد حصولي علي الدكتوراه ودرجة زمالة من جامعة بيركلي لمدة عامين، وفي عام 1978م، منحوني درجة البقاء في الجامعة لمدي الحياة، بينما هذه الدرجة لا تُمنح لحاملها قبل مرور خمس سنوات، وأعطتني الجامعة درجة أستاذ لاينس بولينج -وكان لاينس بولينج قد حصل علي جائزتي نوبل في الكيمياء وفي السلام-، وبهذا أصبحت من أصغر العلماء سناً الذين انتخبوا لأكاديمية أمريكا للعلوم، ومعني هذا، إنهم لم يعطوني الفرصة فقط ولكن أيضاً التقدير الذي أعانني علمياً.
ولا يزال زويل يعمل بها حالياً كأستاذ للكيمياء الفيزيائية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية (كآلتك) ويحتفظ بجنسيته المصرية إلي جانب الجنسية الأمريكية التي اكتسبها منذ سنوات، وبهذه الجائزة يصبح زويل رقم 91 الذي يفوز بجائزة نوبل في الكيمياء منذ إنشاء هذه الجائزة، كما أنه يُعد واحداً من العلماء النادرين الذين فازوا بهذه الجائزة منفردين حيث جرت العادة أن يشترك أكثر من عالم في الفوز بالجائزة في كل فرع من العلوم المختلفة.
وقد حصل زويل قبل نيله نوبل على العديد من الدرجات العلمية فقد حصل على زمالة جامعة بيركلى عام 1975م، ثم عمل أستاذاً مساعداً للطبيعة الكيميائية بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا عام 1976م، حتى عام 1978م، ثم أستاذاً مُشاركاً للفيزياء الكيميائية بنفس المعهد حتى عام 1982م، ثم عمل أستاذاً للطبيعة الكيميائية من 1982م، حتى الآن.
وفى عام 1981م حصل على جائزة بُحوث الكيمياء المتميزة من مؤسسة (ان ار سى) ببلجيكا واختارته الجمعية الأمريكية للطبيعة لزمالتها عام 1982م.
وفى عام 1981م حصل على جائزة وكالة ناسا للفضاء خلال عامي 1982م و 1984م، وحصل على جائزة المؤسسة القومية الأمريكية للعلوم ثم حصل على جائزة الملك فيصل في الطبيعة عام 1989م، وجائزة هوكست 1990م، وفى نفس العام تم اختياره الشخصية المصرية الأمريكية، كما منحته جامعة أكسفورد الدكتوراه الفخرية عام 1991م.
وفى عام 1993م منحته الجامعة الأمريكية بالقاهرة الدكتوراه في العلوم وأخيراً تم منحه وشاح النيل عام 1994م.
وقد رشح د.أحمد زويل لنيل جائزة نوبل أكثر من مرة وللدكتور "أحمد زويل" مجموعة من الأجهزة المسجلة باسمه وأربعة كتب علمية، وما يزيد عن 250 بحثاً علمياً في مجالات الليزر.
وفى يوم الثلاثاء الموافق 21 أكتوبر عام 1999م، فاز العالم المصري د. أحمد زويل بجائزة نوبل في الكيمياء لتمكنه من مراقبة حركة الذرات داخل الجزيئات أثناء التفاعل الكيميائي عن طريق تقنية الليزر السريع وقد أعربت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم أنه قد تم تكريم د. زويل نتيجة للثورة الهائلة في العلوم الكيميائية من خلال أبحاثه الرائدة في مجال ردود الفعل الكيميائية واستخدام أشعة الليزر حيث أدت أبحاث د. زويل إلى ميلاد ما يسمى بكيمياء الفيمتو ثانية واستخدام آلات التصوير الفائقة السرعة لمراقبة التفاعلات الكيميائية وذلك بسرعة الفمتو ثانية.
وقد أكدت الأكاديمية السويدية في حيثيات منحها الجائزة لأحمد زويل: إن هذا الاكتشاف قد أحدث ثورة في علم الكيمياء وفي العلوم المرتبطة به، إذ أن البحوث التي قام بها تسمح لنا بأن نفهم وبأن نتنبأ بالتفاعلات المهمة.
ولكن الجدير بالذكر أن الدكتور زويل قد دخل إلى عالم الليزر بطريقة عكسية على خلاف جميع العلماء فالكل كان يدرس الجزيئات فور التحامها ببعضها ثم يقومون بابتكار شيء جديد له خواص وطاقة جديدة، ولكن أبحاث د. زويل قامت على معرفة تحرك الجزيئات من ولادتها أو التحامها بغيرها ومثل هذه العملية لا تستغرق سوى ثوان معدودة وكان لابد أن يجد وسيلة للتدخل لمعرفة ما يحدث في أقل من جزء من الثانية، وباستخدام الليزر وكاميرا دقيقة جداً تمكن الدكتور زويل من تصوير ما يجرى في التفاعل الكيميائي في مدة قياسية هي مليون من بليون من الثانية ونسبة هذه المدة إلى الثانية الواحدة تعادل نسبة الثانية الواحدة في عمر الزمن إلى 32 مليون سنة.
والفائدة العملية لهذه الوحدة التي توصل إليها الدكتور زويل تعود إلى إمكانية استخدام الليزر كميكروسكوب جراحي يوضح الصورة بحيث يتم ذلك في أحرج الأوقات وفى أقل مدة زمنية، وبفضل أبحاث الدكتور زويل تم تطوير عامل الزمن في رؤية أشياء سواء كانت داخلية أو خارجية بسرعة واحد على المليون من البليون من الثانية وقد أطلق عليها اسم الفيمتو وعلى هذا الأساس أمكن لأول مرة رؤية الجزيئات غير المرئية التي تسبب الأمراض.
وتعتبر هذه هي المرة الثالثة التي تتوجه فيها جائزة نوبل إلى مصر حيث سبق وحصل عليها الرئيس الراحل محمد أنور السادات لجهوده في إحلال السلام في عام 1979م، ثم فاز بها نجيب محفوظ في الأدب عام 1988م، وبذلك يكون العالم المصري الكبير الدكتور أحمد زويل هو المصري الثالث الذي يرفع رأس بلده عالياً ولكن هذه المرة في مجال الكيمياء.
يتبع إن شاء الله...