تــــــوبة الممثلة هـــــــالة فـــــــــؤاد
(أرى أنني ارتكبت معصية وخطأ كبيراً في حق ربي وديني، وعلى هذا الأساس أتمنى أن يغفر الله لي ويسامحني).
هذا ما قالته الممثلة (سابقاً) هالة فؤاد بعد توبتها واعتزالها الفن، وارتدائها الحجاب، وإعلانها التفرغ التام لرعاية زوجها وأولادها وبيتها.
تروي قصتها فتقول:
(منذ صغري وبداخلي شعور قوي يدفعني إلى تعاليم الدين، والتمسك بالقيم والأخلاق الحميدة، وبالتحديد: عندما كنت في المرحلة الإعدادية.
كنت لا أحب حياة الأضواء، أو الظهور في المجتمعات الفنية، وكانت سعادتي الكبرى أن أظل داخل منزلي، ولكن النفس الأمارة بالسوء والنظر إلى الآخرين وتلك التبريرات الشيطانية كانت وراء اتجاهي لهذا الطريق.
وشاء الله سبحانه وتعالى أن يبتليني بمصيبة أعادتني إلى فطرتي، وتبين لي من خلالها الضلال من الهدى، في لحظة كنت فيها قاب قوسين أو أدنى من الموت، وذلك أثناء عملية الولادة الأخيرة، حيث سدت المشيمة عنق الرحم، وكان الأطباء يستخدمون معي الطلق الصناعي قبل الولادة بثلاثة أيام، وحدث نزيف شديد هدد حياتي بخطر كبير، فأجريت لي عملية قيصرية، وبعد العملية ظللت أعاني من الآلام، وفي اليوم السابع، الذي كان من المفروض أن أغادر فيه المستشفى، فوجئت بألم شديد في رجلي اليمنى، وحدث ورم ضخم، وتغير لونها، وقال لي الأطباء: إنني أصبت بجلطة.
وأنا في هذه الظروف شعرت بإحساس داخلي يقول لي: إن الله لن يرضى عنكِ ويشفيكِ إلا إذا اعتزلتِ التمثيل، لأنك في داخلك مقتنعة أن هذا التمثيل حرام، ولكنك تزينينه لنفسك، والنفس أمّارة بالسوء، ثم إنك في النهاية متمسكة بشيء لن ينفعك.
أزعجني هذا الشعور، لأنني أحب التمثيل جداً، وكنت أظن أني لا أستطيع الحياة بدونه، وفي نفس الوقت خفت أن أتخذ خطوة الاعتزال ثم أتراجع عنها مرة أخرى، فيكون عذابي شديداً.
المهم عدتُّ إلى بيتي، وبدأت أتماثل للشفاء، والحمد لله، رجلي اليمنى بدأ يطرأ عليها تحسن كبير، ثم فجأة وبدون إنذار انتقلت الآلام إلى رجلي اليسرى، وقد شعرت قبل ذلك بآلام في ظهري، ونصحني الأطباء بعمل علاج طبيعي، لأن عضلاتي أصابها الارتخاء نتيجة لرقادي على السرير، وكانت دهشتي أن تنتقل الجلطة إلى القدم اليسرى بصورة أشد وأقوى من الجلطة الأولى.
كتب لي الطبيب دواء، وكان قوياً جداً، وشعرت بآلام شديدة جداً في جسمي، واستخدم معي أيضاً حقناً أخرى شديدة لعلاج هذه الجلطة في الشرايين، ولم أشعر بتحسن، وازدادت حالتي سوءاً، وهنا شعرت بهبوط حاد، وضاعت أنفاسي، وشاهدت كل مَن حولي في صورة باهتة، وفجأة سمعت مَن يقول لي قولي: (لا إله إلا الله) لأنك تلفظين أنفاسك الأخيرة الآن، فقلت: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله).
نطقتُ الشهادة، وفي هذه اللحظة تحدثتُ مع نفسي وقلتُ لها: سوف تنـزلين القبر، وترحلين إلى الله والدار الآخرة، فكيف تُقابلين الله، وأنت لم تمتثلي لأوامره، وقضيتِ حياتك بالتبرج، والوقوف في مواقف الفتنة من خلال العمل بالتمثيل؟
ماذا ستقولين عند الحساب؟ هل ستقولين إن الشيطان قد هزمني.
نعم، لقد رأيت الموت فعلاً، ولكن للأسف، كلنا نتناسى لحظات الموت، ولو تذكر كل إنسان تلك اللحظة فسوف يعمل ليوم الحساب، يجب أن نتثقف دينياً حتى لا نكون مسلمين بالوراثة، ويجب أن نتعمق في دراسة القرآن والسنة والفقه، وللأسف فإننا نعاني من (أمية دينية)، ولابدّ من تكاتف كل الجهات لتثقيف المجتمع دينياً، ولن يتم ذلك من خلال تقديم برنامج واحد أو برنامجين.
وباختصار، قمت بمحاكمة سريعة لنفسي في تلك اللحظات ثم شعرت فجأة بأنني أسترد أنفاسي، وبدأت أرى كل مَن يقف بوضوح تام.. أصبح وجه زوجي شديد الاحمرار، وبكى بشدة، وأصبح والدي في حالة يُرثى لها، أما والدتي فقد قامت في ركن من الحجرة تُصلي وتدعو الله.
سألت الطبيب: ماذا حدث؟!
قال: (احمدي ربنا، لقد كُتب لكِ عُمر جديد).
بدأت أفكر في هذه الحادثة التي حدثتْ لي وأذهلت الأطباء بالإضافة إلى مَن حولي... فكرت في الحياة كم هي قصيرة، ولا تستحق منا كل هذا الاهتمام، فقررت أن أرتدي الحجاب وأكون في خدمة بيتي وأولادي، والتفرغ لتنشئتهم النشأة الصحيحة، وهذه أعظم الرسالات).
وهكذا عادت هالة إلى ربها، وأعلنت قرارها الأخير باعتزال مهنة التمثيل، تلك المهنة المهينة التي تجعل من المرأة دُمية رخيصة يتلاعب بها أصحاب الشهوات وعبيد الدنيا، إلا أن هذا القرار لم يَرُق لكثير من أولئك التجار (تجار الجنس) فاتهموها بالجنون، وأنها إنما تركت التمثيل بسبب المرض وعجزها عن المواصلة، فترد على هؤلاء وتقول:
(إن هناك في (عالم الفن) مَن هم أكثر مني (نجومية)!! شهرةً، وقد تعرضوا لتجارب أقسى كثيراً مما تعرضتُ له، ولكنهم لم يتخذوا نفس القرار).
ثم تضيف: (والغريب أن الوسط الفني) قد انقسم أمام قراري هذا إلى قسمين: فالبعض قدم لي التهنئة، والبعض الآخر اتهموني بالجنون، فإذا كان الامتثال لأوامر الله جنوناً، فلا أملك إلا أن أدعو لهم جميعاً بالجنون الذي أنا فيه).
وفي معرض حديثها عن حالها قبل التوبة، وموقفها من زميلاتها اللاتي سبقنها إلى التوبة والالتزام تقول:
(لقد كنت أشعر بمودة لكل الزميلات اللاتي اتخذن مثل هذا القرار، كهناء ثروت، وميرفت الجندي... وكنت أدعو الله أن يشرح صدري لما يحب، وأن يغلقه عما لا يحب، وقد استجاب الله دعائي وشرح صدري لما يحب).
وفي ختام حديثها تقول:
(هالة فؤاد الممثلة توفيت إلى غير رجعة، وهالة فؤاد الموجودة حالياً لا علاقة لها بالإنسانة التي رحلت عن دنيانا).
هذه هي قصة الممثلة هالة فؤاد مع الهداية كما ترويها بنفسها، ونحن بانتظار المزيد من العائدين إلى الله من (الفنانين) وغيرهم، اللاحقين بركب الإيمان قبل فوات الأوان، فمن العائد الجديد يا ترى؟