*2* 50 - باب الخوف
قال اللَّه تعالى (البقرة 40): {وإياي فارهبون}.
وقال تعالى (البروج 12): {إن بطش ربك لشديد}.
وقال تعالى (هود 102 - 106): {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد، إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة، ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود، وما نؤخره إلا لأجل معدود، يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه، فمنهم شقي وسعيد. فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق}.
وقال تعالى (آل عمران 28): {ويحذركم اللَّه نفسه}.
وقال تعالى (عبس 34 - 37): {يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}.
وقال تعالى (الحج 1، 2): {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب اللَّه شديد}.
وقال تعالى (الرحمن 46): {ولمن خاف مقام ربه جنتان} الآيات.
وقال تعالى (الطور 25 - 28): {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. قالوا: إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين، فمن اللَّه علينا ووقانا عذاب السموم، إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم} والآيات في الباب كثيرة جداً معلومات، والغرض الإشارة إلى بعضها وقد حصل.
وأما الأحاديث فكثيرة جداً فنذكر منها طرفاً، وبالله التوفيق:
396 - عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال حدثنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو الصادق المصدوق: <إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله وعمله، وشقي أو سعيد. فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
397 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
398 - وعن النعمان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
399 - وعن سمرة بن جندب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى ترقوته> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
<الحجزة> : معقد الإزار تحت السرة.
و <الترقوة> بفتح الراء وضم القاف: هي العظم الذي عند ثغرة النحر. وللإنسان ترقوتان في جانبي النحر.
400 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
<الرشح> : العرق.
401 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال خطب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم خطبة ما سمعت مثلها قط! فقال: <لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً> فغطى أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وجوههم ولهم خنين. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية: بلغ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن أصحابه شيء فخطب فقال: <عرضت علي الجنة والنار فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً> فما أتى على أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يوم أشد منه، غطوا رؤوسهم ولهم خنين.
<الخنين> بالخاء المعجمة: هو البكاء مع غنة وانتشاق الصوت من الأنف.
402 - وعن المقداد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل (قال سليم بن عامر الراوي عن المقداد: فوالله ما أدري ما يعني بالميل أمسافة الأرض أم الميل الذي يكحل به العين) فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق. فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه،
ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً> وأشار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بيده إلى فيه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
403 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ومعنى <يذهب في الأرض> : ينزل ويغوص.
404 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذ سمع وجبةً فقال: <هل تدرون ما هذا؟> قلنا اللَّه ورسوله أعلم. قال: <هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها فسمعتم وجبتها> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
405 - وعن عدي بن حاتم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه؛ فاتقوا النار ولو بشق تمرة> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
406 - وعن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <إني أرى ما لا ترون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله تعالى، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى اللَّه تعالى> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
و <أطت> بفتح الهمزة وتشديد الطاء، و <تئط> بفتح التاء وبعدها همزة مكسورة.
<الأطيط>: صوت الرحل والقتب وشبههما.
ومعناه: أن كثرة من في السماء من الملائكة العابدين قد أثقلتها حتى أطت.
و <الصعدات> بضم الصاد والعين: الطرقات.
ومعنى <تجأرون> تستغيثون.
407 - وعن أبي برزة - براء ثم زاي - نضلة بن عبيد الأسلمي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
408 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قرأ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم {يومئذ تحدث أخبارها} (الزلزلة 4) ثم قال: <أتدرون ما أخبارها؟> قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: <فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا؛ فهذه أخبارها> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
409 - وعن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ فينفخ> فكأن ذلك ثقل على أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال لهم: <قولوا حسبنا اللَّه ونعم الوكيل> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
<القرن> : هو الصور الذي قال اللَّه تعالى (الزمر 68): {ونفخ في الصور} كذا فسره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
410 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة اللَّه غالية، ألا إن سلعة اللَّه الجنة> رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
<أدلج> بإسكان الدال ومعناه: سار من أول الليل. والمراد: التشمير في الطاعة، والله أعلم.
411 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <يحشر الناس يوم القيامة حفاةً، عراةً، غرلاً> قلت: يا رَسُول اللَّهِ الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: <يا عائشة الأمر أشد من أن يهمهم ذلك> وفي رواية: <الأمر أهم من أن ينظر بعضهم إلى بعض> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
<غرلاً> بضم الغين المعجمة: أي غير مختونين.