أهم الأفكار والمعتقدات:
يمكن إجمال أفكار معتقدات النصرانية بشكل عام فيما يلي، علماً بأنه سيفصل فيما بينهم من خلاف في المباحث التالية:
* الألوهية والتثليث (*): مع أن النصرانية في جوهرها تُعنى بالتهذيب الوجداني، وشريعتها هي شريعة موسى عليه السلام، وأصل اعتقادها هو دين (*) الإسلام حيث يقول النبي (*) صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء أخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد" لكنه بعد ضياع الإنجيل (*) وظهور العشرات من الأناجيل والمجامع والدعاوى المنحرفة استقرت أصول عقائد النصرانية على ما يلي:
- الإله (*): الإيمان بالله الواحد، الأب(*) مالك كل شيء، وصانع ما يرى وما لا يرى.
هكذا في قانون إيمانهم، وواضحٌ تأثُّرهم بألفاظ الفلاسفة في قولهم صانع ما يرى.
والأولى قولهم خالق ما يرى وما لا يرى حيث بينهما فرق كبير؛ فالصانع يخلق على أساس مثال سابق، بينما الخالق على العكس من ذلك.
- المسيح (*): إن ابنه (*) الوحيد يسوع المسيح بكر الخلائق ولد من أبيه قبل العوالم، وليس بمصنوع (تعالى الله عن كفرهم علوًّا كبيراً)، ومنهم من يعتقد أنه هو الله نفسه –سبحانه وتعالى عن إفكهم– وقد أشار القرآن الكريم إلى كلا المذهبين (*)، وبيَّن فسادهما، وكفَّر (*) معتقدهما؛ يقول تعالى: {وقَالت اليهودُ عُزيرٌ ابنُ الله وقَالت النصارى المسيحُ ابن الله) [التوبة: 30]، وقال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيحُ ابنُ مَريم} [المائدة: 72].
ـ روح القدس (*): إن روح القدس الذي حلَّ في مريم لدى البشارة، وعلى المسيح (*) في العماد على صورة حمامة، وعلى الرسل من بعد صعود المسيح، الذي لا يزال موجوداً، وينزل على الآباء (*) والقديسين بالكنيسة (*) يرشدهم ويعلمهم ويحل عليهم المواهب، ليس إلا روح الله وحياته، إله (*) حق من إله حق.
- الأقانيم (*): ولذلك يؤمنون بالأقانيم الثلاثة: الأب (*)، الابن (*)، الروح القدس، بما يُسمونه في زعمهم وحدانية في تثليث (*) وتثليث في وحدانية. وذل زعمٌ باطل صعُب عليهم فهمه، ولذلك اختلفوا فيه اختلافاً متبايناً، وكفرت كل فرقة من فرقهم الأخرى بسببه، وقد حكم الله تعالى بكفرهم (*) جميعاً إن لم ينتهوا عما يقولون، قال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم}. [المائدة: 72].
- الصلب والفداء: المسيح في نظرهم مات مصلوباً فداءً عن الخليقة، لشدة حب الله للبشر ولعدالته، فهو وحيد الله –تعالى الله عن كفرهم– الذي أرسله ليخلص العالم من إثم خطيئة أبيهم آدم وخطاياهم، وأنه دفن بعد صلبه، وقام بعد ثلاثة أيام متغلباً على الموت ليرتفع إلى السماء.
- قال تعالى مبيناً حقيقة ما حدث وزيف ما ادعوه: {وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً} [النساء: 157، 158].
* الدينونة والحساب: يعتقدون بأن الحساب في الآخرة سيكون موكولاً للمسيح (*) عيسى ابن مريم الجالس –في زعمهم– على يمين الرب في السماء؛ لأن فيه من جنس البشر مما يعينه على محاسبة الناس على أعمالهم.
* الصليب: يعتبر الصليب شعاراً لهم، وهو موضع تقديس الأكثرين، وحملُه علامة على أنهم من أتباع المسيح، ولا يخفى ما في ذلك من خفة عقولهم وسفاهة رأيهم، فمن الأولى لهم أن يكرهوا الصليب ويحقروه لأنه كان أحد الأدوات التي صلب عليه إلههم (*) وسبب آلامه. وعلى حسب منطقهم فكان الأولى بهم أن يعظموا قبره الذي زعموا أنه دفن فيه، ولا مس جسده تربته فترة أطول مما لامس الصليب.
• مريم البتول: يعتقد النصارى على ما أضيف في قانون الإيمان أن مريم ابنة عمران والدة المسيح (*) عليه السلام، هي والدة الإله (*)، ولذا يتوجَّه البعض منهم إليها بالعبادة.
* الدين (*): يؤمن النصارى بأن النصرانية دين عالمي غير مختص ببني إسرائيل وحدهم، ولا يخلو اعتقادهم هذا أيضاً من مخالفة لقول المسيح المذكور في إنجيل (*) متى، الإصحاح (10:5 ،6): "إلى طرق الأمم لا تتجهوا، ومدن السامريين لا تدخلوا، بل انطلقوا بالحري إلى الخراف الضالة من آل بني إسرائيل".
* الكتاب المقدس: يؤمن النصارى بقدسية الكتاب المشتمل على:
العهد القديم (*): والذي يحتوي التوراة (*) – الناموس – وأسفار (*) الأنبياء (*) التي تحمل تواريخ بني إسرائيل وجيرانهم، بالإضافة إلى بعض الوصايا والإرشادات.
العهد الجديد (*): والذي يشمل الأناجيل (*) الأربعة: (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) فقط، والرسائل المنسوبة للرسل، على أن ما في العهد الجديد يلغي ما في العهد القديم (*)، لأنه في اعتقادهم كلمة الله، وذلك على خلاف بين طوائفهم في الاعتقاد في عدد الأسفار (*) والرسائل بل وفي صحة التوراة (*) نفسها.
* المجامع (التقليد): يؤمن النصارى بكل ما صدر عن المجامع المسكونية من أمور تشريعية سواء في العقيدة أو في الأحكام، وذلك على خلاف بينهم في عددها.
* الختان: يؤمن النصارى بعدم الختان للأطفال على عكس شريعة التوراة.
• الشعائر والعبادات :
- الصلاة: الأصل عندهم في جميع الصلوات إنما هي الصلاة الربانية، والأصل في تلاوتها أن يتلوها المصلي ساجداً، أو تكون بألفاظ منقولة أو مرتجلة أو عقلية بأن تنوي الألفاظ ويكون الابتهال قلبيًّا، وذلك على خلاف كبير بين طوائفهم في عددها وطريقة تأديتها. ليس لها عدد معلوم مع التركيز على صلاتي الصباح والمساء.
- الصوم: هو الامتناع عن الطعام الدسم وما فيه شيء من الحيوان أو مشتقاته مقتصرين على أكل البقول، وتختلف مدته وكيفيته من فرقة إلى أخرى.
- الأسرار السبعة: والتي ينال بها النصراني النعم غير المنظورة في صورة نعم منظورة، ولا تتم إلا على يد كاهن (*) شرعي، ولذا فهي واجبة على كل نصراني ممارستها وإلا أصبح إيمانه ناقصاً. وبالجملة فإنها من ضمن التشريعات التي لم يُنزل الله بها من سلطان، وإنما هي من تخرُّصات البابوات (*).
- سر التعميد: ويقصد به تعميد الأطفال عقب ولادتهم بغطاسهم في الماء أو الرش به باسم الأب (*) والابن (*) والروح القدس (*)، لتمحي عنهم آثار الخطيئة الأصلية، بزعم إعطاء الطفل شيئاً من الحرية (*) والمقدرة لعمل الخير، وهذا أيضاً على خلاف بينهم في صورته ووقته.
- سر التثبيت (الميرون): ولا يكون إلا مرة واحدة، ولا تكمل المعمودية (*) إلا به، حيث يقوم الكاهن (*) بمسح أعضاء المعتمد بعد خروجه من جرن المعمودية في ستة وثلاثين موضعاً –الأعضاء والمفاصل– بدهن الميرون المقدس.
- سر العشاء الرباني (*): ويكون بالخمر أو الماء ومعه الخبز الجاف؛ حيث يتحول في زعمهم الماء أو الخمر إلى دم المسيح (*)، والخبز إلى عظامه، وبذلك فإن من يتناوله فإنما يمتزج في تعاليمه بذلك، وكذلك ففرقُهم على خلاف في الاستحالة بل وفي العشاء نفسه.
- سر الاعتراف: وهو الإفضاء إلى رجل الدين بكل ما يقترفه المرء من آثام وذنوب، ويتبعه الغفران والتطهير من الذنب بسقوط العقوبة، وكان الاعتراف يتكرر عدة مرات مدى الحياة، ولكن منذ سنة 1215م أصبح لازماً مرة واحدة على الأقل، وهذه الشعيرة عندهم أيضاً مما اختُلِف في وجوبها وإسقاطها.
- سر الزواج: يُسمح الزواج بزوجة واحدة مع منع التعدد الذي كان جائزاً في مطلع النصرانية، ويُشترط عند الزواج حضور القسيس (*) ليقيم وحده بين الزوجين، والطلاق لا يجوز إلا في حالة الزنى –على خلاف بينهم– ولا يجوز الزواج بعده مرة أخرى، بعكس الفراق الناشئ عن الموت، أما إذا كان أحد الزوجين غير نصراني فإنه يجوز التفريق بينهما.
- سر مسحة المرضى: وهو السر السادس بزعم شفاء الأمراض الجسدية المتسببة عن العلل الروحية وهي الخطيئة، ولا يمارس الكاهن (*) صلوات القنديل السبع إلا بعد أن يتثبَّت من رغبة المريض في الشفاء.
- سر الكهنوت: وهو السر الذي ينال به الإنسان بزعمهم النعمة التي تؤهِّله لأن يؤدي رسالة السيد المسيح (*) بين إخوانه من البشر، ولا يتم إلا بوضع يد الأسقف (*) على رأس الشخص المنتخب ثم يتلى عليه الصلوات الخاصة برسم الكهنة.
- الرهبانية (*): اختلفت طوائفهم في مدى لزوم الرهبنة التي يأخذ رجال الدين أنفسهم بها.
* التنظيم الكهنوتي: تختلف كل كنيسة (*) –فرقة– عن الأخرى في التنظيم (*) الكهنوتي، ولكنه بوجه عام هو تنظيمٌ استعارته الكنيسة (*) في عهودها الأولى من الرومان حيث كان يرأسها أكبرهم سنًّا على أمل عودة المسيح (*)، ويقدسون رهبانهم (*) ورجال كنيستهم، ويجعلون لهم السلطة المطلقة في الدين(*) وفي منح صكوك الغفران؛ يقول تعالى مبيناً انحرافهم: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} [التوبة: 31].
* الهرطقة ومحاربتها: حاربت الكنيسة العلوم والاكتشافات العلمية وكل المحاولات الجديدة لفهم كتابهم المقدس، ورمت ذلك كله بالهرطقة، وواجهت هذه الاتجاهات بمنتهى العنف والقسوة، مما أوجد ردة فعل قوية تمثَّلت في ظهور المذاهب (*) العلمانية والأفكار الإلحادية (*).
- الجذور الفكرية والعقائدية:
أساسها نصوص العهد القديم (*)، فقد انعكست الروح والتعاليم اليهودية من خلاله، ذلك أن النصرانية قد جاءت مكملة لليهودية، وهي خاصة بخراف بني إسرائيل الضالة، كما تذكر أناجيلهم (*).
- لقد أدخل أمنيوس المتوفى سنة 242م أفكاراً وثنية (*) إلى النصرانية بعد أن اعتنقها وارتدَّ عنها إلى الوثنية الرومانية.
- عندما دخل الرومان في الديانة (*) النصرانية نقلوا معهم إليها أبحاثهم الفلسفية وثقافتهم الوثنية، ومزجوها بالمسيحية التي صارت خليطاً من كل ذلك.
- لقد كانت فكرة التثليث (*) التي أقرَّها مجمع نيقية 325م انعكاساً للأفلوطونية الحديثة التي جلبت معظم أفكارها من الفلسفة (*) الشرقية، وكان لأفلوطين المتوفى سنة 270م أثر بارز على معتقداتها، فأفلوطين هذا تتلمذ في الإسكندرية، ثم رحل إلى فارس والهند، وعاد بعدها وفي جعبته مزيج من ألوان الثقافات، فمن ذلك قوله بأن العالم في تدبيره وتحركه يخضع لثلاثة أمور:
1- المُنشئ الأزلي الأول.
2- العقل (*).
3- الروح التي هي مصدر تتشعب منه الأرواح جميعاً.
بذلك يضع أساساً للتثليث إذ أن المنشئ هو الله، والعقل هو الابن، والروح هو الروح القدس (*).
- تأثرت النصرانية بديانة (*) متراس التي كانت موجودة في بلاد فارس قبل الميلاد بحوالي ستة قرون التي تتضمن قصة مثيلة لقصة العشاء الرباني (*).
- في الهندوسية تثليث، وأقانيم (*)، وصلب للتكفير عن الخطيئة، وزهد ورهبنة (*)، وتخلُّص من المال للدخول في ملكوت السموات، والإله (*) لديهم له ثلاثة أسماء فهو فشنو (*) أي الحافظ وسيفا (*) المهلك وبرهما (*) المُوجِد. وكل ذلك انتقل إلى النصرانية بعد تحريفها.
- انتقلت بعض معتقدات وأفكار البوذية التي سبقت النصرانية بخمسة قرون إلى النصرانية المحرَّفة، وإن علم مقارنة الأديان يكشف تطابقاً عجيباً بين شخصية بوذا (*) وشخصية المسيح (*) عليه السلام (انظر العقائد الوثنية في الديانة النصرانية لمحمد طاهر التنير).
- خالطت عقيدة البابليين القديمة النصرانية إذ أن هناك محاكمة لبعل إله (*) الشمس تُماثِل وتطابق محاكمة المسيح (*) عليه السلام.
وبالجملة فإن النصرانية قد أخذت من معظم الديانات والمعتقدات التي كانت موجودة قبلها، مما أفقدها شكلها وجوهرها الأساسي الذي جاء به عيسى عليه السلام من لدن رب العالمين.
الانتشار ومواقع النفوذ:
* تنتشر النصرانية اليوم في معظم بقاع العالم، وقد أعانها على ذلك الاستعمار (*) والتنصير الذي تدعمه مؤسسات ضخمة عالمية ذات إمكانات هائلة.
يتضح مما سبق:
* لم تكن عقيدة التثليث (*) معروفة في عصر الحواريين (*) (العصر الرسولي) تقول دائرة المعارف الفرنسية: "وإن تلاميذ المسيح (*) الأوّلين الذين عرفوا شخصه وسمعوا قوله كانوا أبعد الناس عن اعتقاد أنه أحد الأركان الثلاثة المكوِّنة لذات الخالق، وما كان بطرس حواريه يعتبره أكثر من رجل يوحي إليه من عند الله".
وتستشهد على ذلك بأقوال قدماء المؤرخين مثل جوستن ماراستر من القرن الثاني الميلادي حيث يصرح بأنه كان في زمنه في الكنيسة (*) مؤمنون يعتقدون أن عيسى هو المسيح، ويعتبرونه إنساناً بحتاً، وأنه كان أرقى من غيره من الناس، وحدث بعد ذلك أنه كلما تنصَّر عدد من الوثنيين (*) ظهرت عقائد جديدة لم تكن من قبل.
* لضياع النصوص الأصلية من الأناجيل (*) نتيجة للاضطهاد من جانب وللاحتكاك والتأثر بالفلسفات (*) والحضارات الشرقية والوثنية (*) من جانب آخر، حملت الديانة النصرانية المحرفة عوامل اختلافها وتناقض نصوصها، الذي ظهر بشكل واضح من خلال المجامع المختلفة التي عقدت لوضع أصول الدين (*) وتشريعاته بشكل لم يَرِد عن المسيح عليه السلام ولا عن حوارييه.
* سيطرت عقائد وأفكار بولس على النصرانية؛ يقول دبليو ريد: "إن بولس قد غيَّر النصرانية لدرجة أنه أمسى مؤسسها الثاني، إنه في الواقع مؤسس المسيحية (*) الكنسية".
ويؤيده لوني دنيله، وستون استيورت، جيمبرلين في أن بولس أضفى على المسيحية بتمزيقها إطاراً غير اليهودية ولذلك فبات خالق الكنائس (*) التي أسست باسم اليسوع.
ويقول لوني نيك: "لو لم يكن بولس لعادت المسيحية فرقة من الديانة اليهودية، ولما كانت ديانة كونيه".
* كل ما ذكر عن برنابا وبطرس في رسائل بولس فإنما هي قبل الافتراق، حيث كان لتلاميذ بولس من أمثال لوقا ويوحنا دورٌ كبير في إخفاء تاريخهما بعد الخلاف بينهما، وهذا ما أيدته دائرة المعارف البريطانية من أن قوة نفوذ وأتباع بولس أخفت تاريخ كل من يعارض بولس مثل برنابا وبطرس.
- هناك رسالتان تُنسبان لبطرس يوافق فيهما أفكار بولس، أثبتت دائرة المعارف البريطانية أنهما ليستا له وأنهما مزوَّرتان عليه حيث تتعلق بتاريخ ما بعد موته، ولم تقبلهما كنيسة (*) روما إلا في سنة (264م) بينما اعترفت بهما الإسكندرية في القرن الثالث، وكذلك بالنسبة للرسالة المنسوبة ليعقوب، يؤكد العلماء عدم صحة نسبتها إليه أيضاً حيث أوصى يعقوب بولس بأداء الكفارة لخلافة شريعة التوراة (*)، وألزمه بالعمل بها.
* لم تُعرف الأناجيل (*) الأربعة المتفق عليها عند النصارى اليوم المعرفة الكاملة قبل مجمع نيقية (335م) حيث تم اختيارها من بين عشرات الأناجيل، وأما الرسائل السبع فلم يعترف المجمع المذكور بالكثير منها، وإنما تم الاعتراف بها فيما بعد.
- إن تلاميذ المسيح (*) عليه السلام ليسوا بكتَّاب هذه الأناجيل فهي مقطوعة الإسناد، والنصوص الأصلية المترجَم عنها مفقودة، بل ونصوص الإنجيل الواحد متناقضة مع بعضها فضلاً عن تناقضها مع غيرها من نصوص الأناجيل الأخرى مما يبطل دعوى أنها كُتبت بإلهام من الله تعالى.
- بعد الدراسة المتأنية لنصوص الإنجيل نجد فضلاً عن التناقضات، لا بين نصوص الإنجيل الواحد أو الأناجيل المختلفة فقط، وإنما بين نصوص الأناجيل ورسائل الرسل (*) المزعومة، وأيضاً بينها وبين نصوص العهد القديم (*) ما يدلِّل ويؤكد التحريف (*) سواء كان بقصد أو بغير قصد.
- هناك مئات النصوص في الأناجيل الأربعة تدل على أن عيسى إنسان وليس إلهاً (*)، وأنه ابن الإنسان وليس ابن الله (*)، وأنه جاء رسولاً (*) إلى بني إسرائيل فقط، مكملاً لشريعة موسى وليس ناقضاً لها.
- وهناك نصوص أخرى تدل على أن عيسى لم يُصلب وإنما أنجاه الله ورفعه إلى السماء، وتدحض كذلك عقيدة الغفران، وتبين أن الغفران يُنال بالتوبة وصلاح الأعمال.
وهناك نصوص إنجيلية تؤكد بشارة عيسى بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
- بل إن هناك نصوصاً عديدة في الرسائل تثبت زيف زعم بولس بأنه يوحي إليه، وتبين كذلك تناقضه مع نفسه ومع عيسى عليه السلام.
* رأينا كيف تدخلت السياسة والحكام في تقرير عقائد الكنيسة (*) وتبديلها من خلال المجامع المختلفة، وأن الأصل في الخلاف بين الكنيستين الشرقية والغربية نشأ لا عن موقف عقدي بقدر ما هو محاولة إثبات الوجود والسيطرة.
* لقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن في آيات عديدة إفكَ النصارى وقولهم في مريم، واعتقادهم في المسيح (*) على اختلاف مذاهبهم (*)، مبيِّناً انحرافهم، ومصحِّحاً عقائدهم، وداعياً إياهم عدم الغلو (*) في الدين (*) وأن لا يقولوا على الله إلا الحق.
• وعموماً فإن النصارى يُعتبرون بالنسبة للمسلمين أهل كتاب مثل اليهود، وحكمهم في الإسلام سواء، فقد كذَّبوا برسول الله وآياته، وأشركوا بالله، فهم بذلك كفار (*) لهم نار جهنم خالدين فيها.
يقول الله تعالى: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية} [البينة: 6].
لكنهم مع ذلك يعاملون بما أمر الله تعالى به من الإحسان والبر والقسط إليهم، وأكل طعامهم والتزوج من نسائهم، طالما أنهم لم يقاتلونا في الدين (*) ولم يخرجونا من ديارنا، فهم أهل ذمة إذا عاشوا في ديار المسلمين، ؛ ما لم ينقضوا عهدهم فإن نكثوا عهدهم وتجرؤوا على الإسلام والمسلمين؛ بأن حاولوا الدعوة إلى باطلهم وكفرهم بين أبناء المسلمين، أو طعنوا في الدين مثلاً، فلابد من قتالهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
-----------------
مراجع للتوسع:
- لقرآن الكريم.
-الكتاب المقدس، قاموس الكتاب المقدس - دار الكتاب المقدس بالشرق الأدنى.
- البداية والنهاية، ابن كثير.
- الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح، شيخ الإسلام ابن تيمية مطبعة المدني – القاهرة.
- هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، ابن قيم الجوزية اعتنى به د. أحمد حجازي السقا – المكتبة القيمة القاهرة.
إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، ابن قيم الجوزية -– مكتبة مصطفى البابي الحلبي – القاهرة.
-الملل والنحل، للشهرستاني، طبعة بيروت.
الفصل في الملل والأهواء والنِّحل، لابن حزم – دار المعرفة بيروت.
العقائد الوثنية في الديانة النصرانية، محمد طاهر التنير – تحقيق د. محمد عبدالله الشرقاوي – دار الصحوة القاهرة.
- الأديان في كفة الميزان، محمد فؤاد الهاشمي.
-نجيل برنابا، تحقيق أ.د. محمود كريت ، شباس الملح، القاهرة.
- الفارق بين المخلوق والخالق، عبد الرحمن زادة.
- المسيحية نشأتها وتطورها، شار جينيبير، ترجمة الدكتور عبد الحليم محمود، دار المعارف بمصر 1981م.
- ما هي النصرانية، محمد تقي العثماني، مكتبة دار العلوم، كراتشي 1403هـ.
- أديان العالم، حبيب سعد، دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بالقاهرة، 1977م.
- يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء، د. رؤوف شلبي، دار الاعتصام بالقاهرة، 1980م.
- أوروبا في العصور الوسطى، د. سعيد عبد الفتاح عاشور، مكتبة الأنجلو المصرية ط 1991م، الجزء الأول : التاريخ السياسي، الجزء الثاني: الحضارة والنظم.
- تاريخ أوربا العصور الوسطى، د. السيد الباز العريني، دار النهضة العربية بيروت 1968م.
- تاريخ الدولة البيزنطية، د. نسيم جوزيف ، مكتبة الأنجلو المصرية.
المراجع الأجنبية:
- ropertson: Pagan Christs.
- Berry: religions of the World.
- Berry: A History of Freedom of Thought.
-Pfledere: The Early Christian Conception of Christ.
- T.W. Doane: Bible Mythology.
- Harnak: What is Christianity.
- Encyclopedia of religion and Ethics.
- Khwaja kamaluddin: The Sources of Christianity.
-H. Maurica relton: Studies in Christion Dortrine.
Encyclopedia Britonnica.