الإسراء والمعراج وذكر أحاديثهما وتخريجها وبيان صحيحها من سقيمها
تأليف
محمد ناصر الدين الألباني
المكتبة الإسلامية
عمان - الأردن
الطبعة الخامسة - 1421هـ - 2000م
======================
1 - حديث أبي هريرة وله عنه طرق:
الأولى: عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((حين أسري بي لقيتُ موسى عليه السلام - فنعته النبي صلى الله عليه وسلم - فإذا رجل - حسبته قال: - مضطرب، رجِلُ الرأس، كأنه من رجال شنوءة. قال: ولقيت عيسى - فنعته النبي صلى الله عليه وسلم - فإذا ربْعَةٌ أحمر كأنما خرج من ديماس. يعني: حماماً. قال: ورأيت إبراهيم صلوات الله عليه، وأنا أشبه ولده به. فأتيت بإناءين في أحدهما لبن، وفي الآخر خمر. فقيل لي: خُذ أيهما شئت. فأخذت اللبن فشربته، فقال: هُديت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك)).
أخرجه البخاري (3394 و3437 و4709 و5576 و5603)، ومسلم (272)، وأحمد (2/282 و512)، والبغوي في ((شرح السنة)) (3761).
الثانية: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( لقد رأيتُني في الحجْر وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربة ما كربت مثلها قط، قال: فرفعه الله لي أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به. وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلي، فإذا رجل ضرب جعدٌ، كأنه من رجال شنوءة. وإذا عيسى بن مريم عليه السلام قائم يصلي، أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعد الثقفي. وإذا إبراهيم قائم يصلي، أشبه الناس به صاحبكم. يعني : نفسه. فحانت الصلاة فأممتُهُم، فلما فرغت من الصلاة قال قائل: يا محمد! هذا مالك صاحب النار فسلم عليه. فالتفتُّ إليه، فبدأني بالسلام)).
أخرجه مسلم (278).
2 - حديث أنس بن مالك:
وقد جاء عنه من طرق؛ مع اختلاف أصحابه في إسناده على وجه:
1 - فرواه الزهري عنه عن أبي ذر رضي الله عنهما.
2 - ورواه قتادة عنه عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما.
3 - ورواه شريك بن أبي نمر وثابت البناني عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة.
وفي سياق كل من الثلاثة عنه ما ليس عند الآخر؛ كما أفاده الحافظ في ((فتح الباري)) (1/ 460).
فلنسق رواية كل منهم عنه؛ ليتيسر لنا فيما بعد التقاط ما عندهم من الزيادات على بعضهم؛ بشرط الصحة، فأقول:
1 - عن الزهري عن أنس قال: كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( فُرجَ عن سقف بيتي بمكة، فنزل جبريل، ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطستٍ من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً، فأفرغه في صدري ثم أطبقه. ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا، فلما جئت إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء: افتح. قال: من هذا؟ قال: هذا جبريل. قال: هل معك أحدٌ؟ قال: نعم؛ معي محمد صلى الله عليه وسلم. قال: أرسل إليه؟ قال: نعم. ففتح. [قال: (م)] فلما فتح علونا السماء الدنيا، فإذا رجل قاعد، على يمينه أسودةٌ، وعلى يساره أسوِدَةٌ، إذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل يساره بكى، فقال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح. قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نسمُ بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر قبِلَ شماله بكى. حتى عَرَجَ بي إلى السماء الثانية، فقال لخازنها: افتح. فقال له خازنها مثل ما قال الأول، ففتح)).
قال أنس: فذكر أنه وجد في السماوات: آدم، وإدريس، وموسى، وعيسى، وإبراهيم صلوات اله عليهم، ولم يُثبِتْ كيف منازلهم؛ غير أنه ذكر: أنه وجد آدم في السماء الدنيا، وإبراهيم في السماء السادسة.
قال أنس: فلما مرّ جبريل بالنبي(وفي رواية: ورسول الله: [م]) صلى الله عليه وسلم بإدريس قال: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح. ((فقلت: من هذا؟ قال: هذا إدريس. ثم مررت بموسى، فقال: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح. قلت: من هذا؟ قال: هذا موسى. ثم مررت بعيسى، فقال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. قلت: من هذا؟ قال: هذا عيسى. ثم مررت بإبراهيم، فقال: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح)).
قال ابن شهاب: فأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حية الأنصاري كانا يقولان: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثم عرج بي، حتى ظهرتُ لمستوىً أسمع فيه صريف الأقلام)).
قال ابن حزم وأنس بن مالك: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ففرض الله علي أمتي خمسين صلاة. [قال: (م)] فرجعت بذلك حتى مررت على موسى، فقال : ما فرض الله لك على أمتك؟ قلت: فرض [عليهم: (م)] خمسين صلاة. قال: فارجع إلى ربك؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك. [قال: (م)] [فرجعت، فراجعت ربي: (خ)] فراجعني، فوضع شطرها. [قال: (م) فرجعت إلى موسى، قلت: وضع شطرها. فقال: راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق، فراجعت، فوضع شطرها. فرجعت إليه، فقال: ارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك. [قال: (م)] فراجعته ، فقال: هي خمس، وهي خمسون، لا يبدل القول لديّ. [قال: (م)] فرجعت إلى موسى، فقال راجع ربك. فقلت: استحييتُ من ربي. [قال: (م)] ثم انطلق بي [جبريل: (م)] حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى، فغشيها ألوان لا أدري ما هي؟ [قال: (م)] ثم أُدخلت الجنة، فإذا فيها حبائل (وفي رواية: جنابذ: [خ عبد])() اللؤلؤ؛ وإذا ترابها المسك)). أخرجه البخاري (349 و1636 و3342)، ومسلم (263)، وروى النسائي بعضه في أول ((الصلاة))؛ لكنه لم يذكر أبا ذر. ورواه عبد الله بن أحمد (5/143 - 144)؛ لكنه ذكر أُبيّ ابن كعب مكان أبي ذرّ، وهو وهم من بعض الرواة؛ كما أشار إليه ابن كثير.
2 - عن قتادة: ثنا أنس عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بينا أنا عند البيت (وفي رواية : عند الكعبة: (حم). وفي أخرى: في الحطيم.
وربما قال قتادة: في الحجر مضطجع: [حم خ]) بين النائم واليقظان؛ إذا أقبل أحد الثلاثة بين الرجلين، فأُتيت بطست من ذهب ملأه حكمة وإيماناً، فشقّ من النّحر إلى مراقّ البطن، فغسَل القلب بماء زمزم، ثم مُلئ حكمة وإيماناً، [ثم أعيد: (حم خ) [مكانه: (جرير)]. ثم أُتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار)). [قال: فقال الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ قال: نعم]. [((يقع خطوه عند أقصى طرفه، فحُملتُ عليه: (حم خ)]. [ثم انطلقنا حتى أتينا إلى بيت المقدس، فصليت فيه بالنبيين والمرسلين إماماً: (جرير)]. ثم انطلقت مع جبريل عليه السلام، فأتينا السماء الدنيا، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل. قيل: ومن معك؟ قيل: محمد. قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحباً به، ونعم المجيء جاء. [قال: ففتح: (حم)]. فأتيت على آدم عليه السلام، [فقال: هذا أبوك آدم فسلم عليه: (حم خ) ]، فسلمت عليه، فـ[ردّ السلام و: (حم خ)] قال: مرحباً بك من ابن ونبي (وفي رواية: بالابن الصالح والنبي الصالح: [حم خ]). ثم [صعد [بي: (خ)] حتى: (حم) ] أتينا السماء الثانية، [فاستفتح، فـ: (حم)] قيل : من هذا؟ قيل : جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. فأتيت على يحيى عيسى عليهما السلام، [وهما ابنا الخالة، فقال: هذا يحيى وعيسى فسلِّم عليهما: (حم خ)]، فسلمت عليهما، فـ[ردّا السلام ثم: (حم خ)] قالا: مرحباً بك من أخ ونبي (وفي الرواية الأخرى: بالأخ الصالح والنبي الصالح: [حم خ]).
ثم [صعد [بي: (خ)] حتى: (حم)] أتينا السماء الثالثة، فمثل ذلك. فأتيت على يوسف عليه السلام، [قال: هذا يوسف فسلّم عليه. قال: (حم خ) ]فسلمت عليه، فـ[ردّ السلام و: (حم خ)] قال: مرحباً بك من أخ ونبي ( وفي الرواية الأخرى: بالأخ الصالح والنبي الصالح: [حم خ]). ثم [صعد [بي: (خ)] حتى: (حم)] أتينا السماء الرابعة، فمثل ذلك. فأتيت على إدريس عليه السلام، [قال: هذا إدريس فسلّم عليه. قال: (حم خ)] فسلمت عليه، فـ[ردّ السلام ثم : (حم)] قال: مرحباً بك من أخ ونبي (وفي الرواية الأخرى: بالأخ الصالح والنبي الصالح: [حم خ]). [قال: (حم)]: ثم [صعد [بي: (خ)] حتى: (حم)] أتينا السماء الخامسة، فمثل ذلك. فأتيت على هارون عليه السلام، [قال: هذا هارون فسلم عليه. قال: (حم خ)] فسلمت عليه(). [قال: فرد السلام ثم: (حم)] قال: مرحباً بك من أخ ونبي (وفي الرواية الأخرى: بالأخ الصالح والنبي الصالح: [حم خ]). [قال: (حم) ]ثم [صعد[بي: (خ)] حتى : (حم) ] أتينا السماء السادسة، فمثل ذلك. ثم أتيت على موسى عليه السلام، [قال: هذا موسى فسلّم عليه: (حم خ)]. فسلمت عليه ، فـ[ردّ السلام، ثم: (حم)] قال: مرحباً بك من أخٍ ونبي( وفي الرواية الأخرى: بالأخ الصالح والنبي الصالح: [حم خ]). فلمّا جاوزته بكى. قيل: ما أبكاك؟! قال: يا ربّ ! هذا الغلام الذي بعثته بعدي يدخل من أمته الجنّة أكثر وأفضل مما يدخل من أمتي! [قال: (حم)] ثم [صعد[بي: (خ)] حتى: (حم)] أتينا السماء السابعة، فمثل ذلك. فأتيت على إبراهيم عليه السلام، [فقال: هذا[أبوك: (خ)] إبراهيم فسلّم عليه: (حم)]، فسلمت عليه، فـ[ردّ السلام ثم: (حم خ)] قال: مرحباً بك من ابن ونبي_( وفي الرواية الأخرى: بالابن الصالح والنبي الصالح: [حم خ] )).
[قال قتادة: وحدثنا الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (حم خ) ] قال: ((ثم رُفع إليّ البيت المعمور، فسألت جبريل عليه السلام؟ فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخرَ ما عليهم. [ثم رجع إلى حديث أنس، قال: (حم)]. [((ثم أتيت بإناء من خمر، وإناء من لبن، وإناء من عسل، قال: فأخذت اللبن. قال: هذه الفطرة أنت عليها وأمتك: (حم)]. قال: ثم رُفعتُ إلى سدرة المنتهى؛ فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة. [فقال: هذه سدرة المنتهى: (حم خ) ]. وإذا في أصلها أربعة أنهار: نهران باطنان،ونهران ظاهران، فسألت جبريل؟ فقال: أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران فالفرات والنيل. قال: ثم فُرضت علي خمسون صلاة [كل يوم: (حم خ)]، [قال: فرجعت: (حم خ)]، فأتيت على موسى عليه السلام فقال: ما صنعت؟ قلت: فُرضت علي خمسون صلاة[كل يوم: (حم خ)]. فقال: إني [والله: (خ)] أعلم بالناس منك (وفي رواية : قد جرّبت الناس قبلك، و:[خ]) إني عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، وإن أمتك لن يطيقوا ذلك، فارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنك. قال: فرجعت إلى ربي عز وجل، فسألته أن يخفف عني، فجعلها أربعين. ثم رجعت إلى موسى فأتيت عليه، فقال: ما صنعت؟ قلت: جعلها أربعين. فقال لي مثل مقالته الأولى. فرجعت إلى ربي عز وجل، فجعلها ثلاثين. فأتيت موسى عليه السلام فأخبرته، فقال لي مثل مقالته الأولى، فرجعت إلى ربي فجعلها عشرين، ثم عشرة، ثم خمسة. فأتيت على موسى فأخبرته، فقال لي مثل مقالته الأولى. فقلت: إني أستحي من ربي عز وجل؛ من كم أرجع إليه؟ [ولكن أرضى وأسلم: (حم خ)]. فـ[لما نفذت: (حم)] نودي (وفي رواية : نادى منادٍ: [حم خ]): أن قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي، وأجزي بالحسنة عشر أمثالها)). أخرجه أحمد (4/ 207 - 210)، والسياق له في إحدى رواياته من طريق هشام الدستوائي، والبخاري (3207 و3393 و3430 و3887)، ومسلم (264 و265)، وابن جرير (15/ 3).
واعلم أن الرواة قد اختلفوا على قتادة في ترتيب ما بعد السماء السابعة من الآيات؛ ففي رواية الدستوائي منهم - وهو أوثقهم - جعلها على الترتيب الآتي كما سبق:
البيت المعمور.
الأواني.
السدرة.
الأنهار.
أما رواية همام - وهو ثقة ربما وهم عند ابن حجر - فقد رتبتها هكذا:
السدرة.
الأنهار.
البيت المعمور.
الأواني.
وهي رواية البخاري.
وفي أخرى عنده عَنْهُ خلافها؛ لكنه قرن معه سعيداً وهشاماً، فذكر البيت المعمور أولاً، ثم السدرة ثم الأنهار، ولم يذكرني الأواني، ويغلب على الظن أنها رواية سعيد - وهو ابن أبي عروبة - لموافقتها لرواية سعيد عند أحمد (4/210)؛ لكن هذه عند مسلم مطابقة تماماً لرواية الدستوائي في الترتيب؛ لكنها لم تذكر السدرة.
3 - أما رواية أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة؛ فقد رواه عنه ثابت البناني، وشريك بن أبي نمر؛ كما تقدم:
أ - أما رواية ثابت ؛ فقال: عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اُتيت بالبراق - وهو دابة أبيض طويل، فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه - قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس، قال: فربطته بالحلقة التي يَرْبط به الأنبياء. قال: ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت. فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر ، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت َالفطرة. ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا، فاستفتح جبريل، فقيل: ومن أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال:محمد. فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه. ففتح لنا، فإذا أنا بآدم، فرحّب ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء الثانية، فاستفتح جبريل، فقيل: ومن أنت؟ قال: جبريل. فقيل: ومن معك؟ قال: محمد. فقيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: قد أُرسل إليه. قال: ففتح لنا، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى، فرحّبا ودَعوا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. فقيل : ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أُرسل إليه. ففتح لنا، فإذا أنا بيوسف عليه السلام، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن، فرحب ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة، فاستفتح جبريل. فقيل: من أنت: قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. فقيل: قد أُرسل إليه؟ قال: قد أُرسل إليه، ففتح الباب، فإذا بإدريس، فرحب بي ودعا لي بخير، ثم قال: يقول الله عز وجل: ﴿ورفعناه مكاناً عليّاً﴾ [مريم/57]. ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة، فاستفتح جبريل. فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. فقيل: ومن معك؟ قال: محمد. فقيل:وقد بُعث إليه؟ قال: قد بُعث إليه. ففتح لنا، فإذا أنا بهارون، فرحب ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء السادسة، فاستفتح جبريل. فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. فقيل: وقد بُعث إليه؟ قال: قد بُعث إليه. ففتح لنا، فإذا أنا بموسى عيه السلام، فرحب ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بُعث إليه؟ قال: قد بُعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بإبراهيم صلى الله عليه وسلم، وإذا هو مستند( وفي رواية: مسندٌ ظهره) إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه. ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى، وإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها وفي رواية: ينعتها) من حسنها. قال: فأوحى الله عز وجل إلي ما أوحى، وفرض عليّ في كل يوم وليلة خمسين صلاة، فنزلتُ حتى انتهيت إلى موسى فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قال: قلت: خمسين صلاة في كل يوم وليلة. قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك، وغني قد بلوتُ بني إسرائيل وخبرتهم. قال: فرجعت إلى ربي عز وجل، فقلت: أيْ ربّ خفف عن أمتي. فحطّ عني خمساً. فرجعت إلى موسى، فقال: ما فعلت؟ قلت: حط عني خمساً. قال: إن أمتك لا تطيق ذلك ، فأرجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك. قال: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى، ويحط عني خمساً خمساً، حتى قال: يا محمد! هن خمس صلوات في كل يوم وليلة، بكل صلاة عشر، فتلك خمسون صلاة. ومن همّ بحسنة فلم يعملها؛ كتبت [له] حسنة، فإن عملها كتبت [له] عشراً. ومن همّ بسيئة فلم يعملها؛ لم تكتب شيئاً فإن عملها كتبت سيئة واحدة. [قال:] فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته، فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [فقلت:] لقد رجعت إلى ربي حتى لقد استحييت [منه])). أخرجه أحمد (3/148)، والسياق له، ومسلم (259) من طريق حماد بن سلمة: أنا ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ... فذكره. والروايات الأخرى مع الزيادات لمسلم. وفي رواية لأحمد (3/152 و247) من الوجه المذكور عنه: أنه قرأ هذه الآية : ﴿إنا أعطيناك الكوثر﴾ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت الكوثر، فإذا هو نهر يجري، ولم يُشقّ شقّاً، فإذا حافتاه قبابُ اللؤلؤ، فضربت بيدي إلى تربته؛ فإذا هو مسكه ذَفرَة، وإذا حصاه اللؤلؤ)). وهذا طرف من حديث المعراج كما يأتي في بعض الطرق، ولذلك أوردته. وفي رواية عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني وسليمان التيمي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتيت (وفي رواية: مررت) على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي على قبره)). أخرجه مسلم(164)، والنسائي في ((قيام الليل))، وأحمد (3/148 و248).
(فائدة):
قال الحافظ ابن كثير -بعد أن ساق الحديث بطول من رواية أحمد-: ((رواه مسلم بهذا السياق، وهو أصح من سياق شريك (يعني الآتي قريباً) . قال البيهقي: وفي هذا السياق دليل على أن المعراج كان ليلة أسري به عليه الصلاة والسلام من مكة إلى بيت المقدس وهذا الذي قاله هو الحق الذي لا شك فيه ولا مرية)). ورواه النسائي في أول ((الصلاة)) من طريق أخرى عن البناني عنه: ((أن الصلوات فرضت بمكة، وأن ملكين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبا به إلى زمزم، فشقا بطنه وأخرجا حشوه في طست من ذهب فغسلاه بماء زمزم، ثم كبسا جوفه حكمةً وعلماً)). وسنده صحيح.
ب - أما رواية شريك بن أبي نمر؛ فقال: سمعت أنس بن مالك يقول: (وفي رواية: يحدثنا عن) ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من من مسجد الكعبة: أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه ، وهو نائم في المسجد الحرام، فقال أولهم: أيهم هو؟ فقال أوسطهم : هو خيرهم. فقال أحدهم: خذوا خيرهم. فكانت تلك الليلة، فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه، و[النبي صلى الله عليه وسلم ] تنام عينه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، فلم يكلموه حتى احتملوه، فوضعوه عند بئر زمزم، فتولاه منهم جبريل.
فشق جبريل ما بين نحره إلى لبّته، حتى فرغ من صدره وجوفه، فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه، ثم أتى بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشوّاً إيماناً وحكمة، فحسا به صدره ولغاديده - يعني : عروق حلقه - ثم أطبقه. [ثم ركب البراق، فسار حتى أتى به إلى بيت المقدس، فصلى فيه بالنبيين والمرسلين إماماً (جرير)]. ثم عرج به إلى السماء الدنيا، فضرب باباً من أبوابها فناداه أهل السماء: من هذا؟ فقال: جبريل. قالوا: ومن معك؟ قال: معي محمد. قال: وقد بعث إليه؟ قال: نعم. قالوا: فمرحباً به وأهلاً. فيستبشر به أهل السماء، لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يُعلمهم. فوجد في السماء الدنيا آدم. فقال له جبريل: هذا أبوك فسلم عليه. فسلم عليه وردّ عليه آدم وقال: مرحباً وأهلاً يا بني! نعم الابن أنت. فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطّردان، فقال: ((ما هذا النهران يا جبريل؟)). قال: هذان النيل والفرات: عنصرهما. ثم مضى به في السماء، فإذا بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد، فضرب يده فإذا هو مسك أذفر. قال: ((ما هذا يا جبريل؟ )). قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك. ثم عرج إلى السماء الثانية، فقالت الملائكة له مثل ما قالت الأولى: من هذا؟ قال: جبريل. قالوا: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم. قالوا وقد بعث إليه؟ قال: نعم. قالوا: مرحباً به وأهلاً. ثم عرج به إلى السماء الثالثة، وقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية. ثم عرج به إلى الرابعة، فقالوا له مثل ذلك. ثم عرج به إلى الخامسة، فقالوا له مثل ذلك. ثم عرج به إلى السادسة، فقالوا له مثل ذلك. ثم عرج به إلى السابعة، فقالوا له مثل ذلك. كلّ سماء فيها أنبياء قد سماهم، فأوعيت منهم إدريس في الثانية. وهارون في الرابعة. وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه. وإبراهيم في السادسة. وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله، فقال موسى: ربّ! لم أظن أن يرفع علي أحد. ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله. حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبار ربّ العزة فتدلّى، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى.
فأوحى الله فيما أوحى خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة، ثم هبط حتى بلغ موسى، فاحتبسه موسى فقال: يا محمد ماذا عهد إليك ربك؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عهد إلي خمسين صلاة كل يوم وليلة)). قال: إن أمتك لا تستطيع ذلك فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم. فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك، فأشار جبريل أن نعم إن شئت فعلا به إلى الجبار فقال - وهو مكانه - : ((يا ربّ! خفّف عني فإن أمتي لا تستطيع هذا)). فوضع عنه عشر صلوات. ثم رجع إلى موسى فاحتبسه، فلم يزل يردّده موسى إلى ربه؛ حتى صارت إلى خمس صلوات. ثم احتبسه موسى عند الخمس، فقال: يا محمد! والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من هذا فضعفوا فتركوه، فأمتك أضعف أجساداً وقلوباً وأبداناً وأبصاراً وأسماعاً، فارجع فليخفف عنك ربك. كلّ ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبريل. فرفعه عند الخامسة فقال: ((يا ربّ! إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم؛ فخفف عنا)). فقال الجبار: يا محمد! قال: لبيك وسعديك! قال: إنه لا يبدل القول لدي؛ كما فرضت عليك في الكتاب. قال: فكل حسنة بعشر أمثالها، فهي خمسون في أم الكتاب، وهي خمس عليك. فرجع إلى موسى فقال: كيف فعلت؟ فقال: خفف عنا؛ أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها)). قال موسى: قد -والله- راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه، ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضاً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا موسى! قد -والله- استحييت من ربي مما اختلفت إليه)). قال: فاهبط باسم الله. قال: واستيقظ وهو في المسجد الحرام.
أخرجه البخاري(3570 و7517)، ومسلم (262)، والرواية الثانية له، وهي رواية للبخاري، وفيها الزيادة، ولم يسق مسلم الحديث إلا طرفه الأول إلى قوله: ((وهو نائم في المسجد الحرام)). وقال عقبه: ((وساق الحديث بقصته نحو حديث ثابت البناني، وقدم فيه شيئاً وأخر، وزاد ونقص)). ورواه ابن جرير أيضاً (15/3 - 5)؛ لكن وقع في متنه اختلاف، إنه ذكر نهري الفرات والنيل في السماء الثانية، ونهر الكوثر في السماء الثالثة، بينما هي عند البخاري في السماء الدنيا ولعل هذا الاختلاف هو من شريك نفسه، فإنه وإن كان من رجال الشيخين؛ فقد تكلموا في حفظه؛ كما تراه مبسوطاً في كتب الرجال، وقال الحافظ فيه في((التقريب)): ((صدوق يخطئ)). ومِصْداق ذلك في هذا الحديث نفسه في مواضع منه، ذكرت آنفاً أحدها، ويأتي ذكر سائرها أو بعضها، وكأنه لذلك لم يسق الإمام مسلم لفظ حديثه كما تقدم، ولذا قال ابن كثير في ((التفسير)): ((وهو كما قال مسلم، فإن شريك بن عبد الله بن أبي نمر اضطرب في هذا الحديث، وساء حفظه، ولم يضبطه؛ كما سيأتي بيانه في الأحاديث الأخر، ومنهم من يجعل هذا مناماً توطئة لما وقع بعد ذلك. والله أعلم.
وقد قال الحافظ البيهقي: ((في حديث شريك زيادة تفرد بها على مذهب من زعم أنه صلى الله عليه وسلم رأى عز وجل. يعني: قوله: ((ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى، ﴿فكان قاب قوسين أو أدنى﴾)). قال: وقول عائشة وابن مسعود وأبي هريرة في حملهم هذه الآيات على رؤيته صلى الله عليه وسلم جبريل أصح)). وهذا الذي قاله البيهقي رحمه الله في هذه المسألة هو الحق؛ فإن أبا ذر قال: يا رسول الله! هل رأيت ربك؟ قال: ((نور أنى أراه؟!)). وفي رواية: ((رأيت نوراً)). أخرجه مسلم. وقوله: ﴿ثم دنا فتدلي﴾: إنما هو جبريل عليه السلام ؛ كما ثبت في ((الصحيحين)) عن عائشة أم المؤمنين، وعن ابن مسعود، وكذلك و في ((صحيح مسلم)) عن أبي هريرة، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة في تفسير هذه الآية بهذا)). انتهى كلام ابن كثير. قلت: وانظر كتابي ((ظلال الجنة في تخريج كتاب السنة)) (1/191).
ومن ذلك قول شريك في أول الحديث: ((قبل أن يوحي إليه)). قال الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (13/480): ((أنكره الخطابي وابن حزم وعبد الحق والقاضي عياض والنووي. وعبارة النووي: وقع في رواية شريك - يعني: هذه - أوهام أنكرها العلماء؛ أحدها: قوله: ((قبل أن يوحي إليه))، وهذا غلط لم يوافق عليه. وأجمع العلماء أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء، فكيف يكون قبل الوحي؟! انتهى. وصرح المذكورون بأن شريكاً تفرد بذلك، وفي دعوى التفرد نظر! فقد وافقه كثير بن خُنيس - بمعجمة ونون مصغر - عن أنس؛ كما أخرجه سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في ((كتاب المغازي)) من طريقه)). انتهى كلام ابن حجر.
قلت:
وهذه المتابعة لا تدفع غلط القول المذكور؛ إلا على افتراض أن ذلك كان في الليلة الأولى، وهو الظاهر من السياق، فقوله بعده: ((حتى أتوه ليلة أخرى)) ليس فيه ذلك؛ فإنه لم يعين المدة التي بين المجيئين، فيحمل على أن المجيء الثاني كان بعد أن أُوحي إليه، وحينئذٍ وقع الإسراء والمعراج، وبهذا جزم الحافظ في ((الفتح)) (13/480)، وردّ به قول من ادعى أنه خالف الإجماع. فراجعه. ثم أفاض الحافظ في ذكر المواضع التي خالف فيها شريك غيره، فبلغت عشرة بل أكثر، وأجاب عنها واحدة بعد أخرى؛ إما بدفع دعوى التفرد؛ وإما بالتأويل.
والحق أن بعض ذلك مما لا جواب عليه حتى عند الحافظ؛ كقوله: ((الرابع: مخالفته في محل سدرة المنتهى، وأنها فوق السماء السابعة بما لا يعلمه إلا الله. والمشهور أنها في السابعة أو السادسة كما تقدم.
الخامس: مخالفته في النهرين؛ وهما النيل والفرات، وأن عنصرهما في السماء الدنيا. والمشهور في غير روايته أنهما في السماء السابعة، وأنهما من تحت سدرة المنتهى.
السابع: ذكر نهر الكوثر في السماء الدنيا، والمشهور في الحديث أنه في الجنة؛ كما تقدم التنبيه عليه.
الثامن: نسبة الدنو والتدلي إلى الله عز وجل، والمشهور في الحديث أنه جبريل؛ كما تقدم التنبيه عليه.
الحادي عشر: رجوعه صلى الله عليه وسلم بعد الخمس، والمشهور في الأحاديث أن موسى عليه السلام أمره بالرجوع بعد أن انتهى التخفيف إلى الخمس فامتنع.
الثاني عشر: زيادة ذكر التور في الطست.
قلت:
ولذلك؛ فإن القلب لا يطمئن للاستفادة من حديث إلا فيما توبع عليه، وهو قليل جداً، وقد حسن الحافظ بعضهما. والله أعلم.
ثم إن لحديث أنس طرقاً أخرى؛ أكثرها مختصر، وبعضها فيه بعض الطول، فلنسقها إيضاً لنتكلم عن أسانيدها، ثم نلتقط منها فوائدها وزوائدها إذا كانت على شرطنا.
الأولى: عن قتادة عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بالبراق ليلة أسري به مُلجماً مُسرجاً، فاستصعب عليه، فقال له جبريل: أبمحمد تفعل هذا؟! فما ركبك أحدٌ أكرم على الله منه. قال: فارْفَضَّ عرقاً.
أخرجه أحمد (3/ 164)، والترمذي (3131)، وابن جرير (15/ 15)، وإسناده صحيح، وقال الترمذي: ((حديث حسن غريب)). وعن قتادة عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رُفعت لي سدرة المنتهى في السماء السابعة، نبقها مثل قلال هجر، وورقها مثل آذان الفيلة، يخرج من ساقها نهران ظاهران، ونهران باطنان، فقلت: يا جبريل! ما هذان؟ قال: أما الباطنان ففي الجنة؛ وأما الظاهران فالنيل والفرات)). أخرجه أحمد (3/ 164): ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن قتادة.
قلت: وهذا إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد علقه البخاري في ((صحيحه)) (5610) فقال: وقال إبراهيم بن طهمان عن شعبة عن قتادة به، وزاد: ((فأتيت بثالثة أقداح: قدح فيه لبن، وقدح فيه عسل، وقدح فيه خمر، فأخذت الذي فيه اللبن فشربت، فقيل لي: أصبت الفطرة أنت وأمتك)). وقال الحافظ (10/ 73): ((وصله أبو عوانة والإسماعيلي والطبراني في ((الصغير)) من طريقه، ووقع لنا بعلو في ((غرائب شعبة)) لابن منده، قال الطبراني: لم يروه عن شعبة إلا إبراهيم بن طهمان، تفرد به حفص بن عبد الله النيسابوري عنه)).
قلت:
وهو ثقة من شيوخ البخاري، وكذا من فوقه ثقات فالسند صحيح.
وفي رواية للبخاري (4964)، وأحمد (3/207) من طريق شيبان: حدثنا قتادة عنه رضي الله عنه قال: لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال: (( (وفي راوية : بينا أنا أسير في الجنة حم 3/207) أتيت على نهر حافتاه قباب( وفي رواية حُميد 3/263 : خيام) اللؤلؤ (وفي الرواية الأخرى: الدرا) المجوّف. فقلت: ما هذا يا جبريل؟! قال: هذا الكوثر [الذي أعطاك ربك عز وجل. قال: فضربت بيدي فيه(وفي رواية ثالثة: فأهوى الملك بيده)، فإذا طينه المسك الأذفر، وإذا رضراضه اللؤلؤ])). والرواية الأخرى للبخاري أيضاً (6581) ، وكذا أحمد (3/191 و207 و289)، والزيادة له في رواية (3 /231 و232)، وهي في الرواية الأخرى للبخاري وأحمد دون قوله: ((رضراضه اللؤلؤ)).
يتبع إن شاء الله...