ينغمسُ في أنهَارها ..
كان ماعز شاباً من الصحابة .. متزوج في المدينة ..
وسوس له الشيطان يوماً .. وأغراه بجارية لرجل من الأنصار ..
فخلا بها عن أعين الناس .. وكان الشيطان ثالثهما..
فلم يزل يزين كلاً منهما لصاحبه حتى وقعا في الحرام ..
فلما فرغ ماعز من جرمه .. تخلى عنه الشيطان .. فبكى وحاسب نفسه ..
ولامها .. وخاف من عذاب الله .. وضاقت عليه حياته .. وأحاطت به خطيئته ..
حتى أحرق الذنب قلبه .. فجاء إلى طبيب القلوب ..
ووقف بين يديه وصاح من حرّ ما يجد..
وقال: يا رسول الله .. إن الأبعد قد زنى .. فطهرني ..
فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ..
فجاء من شقه الآخرَ فقال: يا رسول الله .. زنيت ..فطهرني ..
فقال صلى الله عليه وسلم: ويحك ارجع .. فاستغفر الله وتب إليه ..
فرجع غير بعيد .. فلم يطق صبراً ..
فعاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله طهرني ..
فقال رسول الله: ويحك .. ارجع فاستغفر الله وتب إليه ..
قال: فرجع غير بعيد .. ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرني ..
فصاح به النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ويلك .. وما يدريك ما الزنا؟ ..
ثم أمر به فطرد .. وأخرج ..
ثم أتاه الثانية، فقال: يا رسول الله، زنيت .. فطهرني ..
فقال: ويلك .. وما يدريك ما الزنا ؟ ..
وأمر به .. فطُرد .. وأخرج ..
ثم أتاه الثالثة .. والرابعةَ كذلك .. فلما أكثر عليه ..
سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قومَه: أبه جنون؟
قالوا: يا رسول الله .. ما علمنا به بأساً ..
فقال: لعله شرب خمراً؟
فقام رجل فاستنكهه وشمَّهُ فلم يجد منه ريح خمر ..
فقال صلى الله عليه وسلم: هل تدري ما الزنا؟
قال: نعم .. أتيت من امرأة حراماً، مثلَ ما يأتي الرجل من امرأته حلالاً ..
فقال صلى الله عليه وسلم: فما تريد بهذا القول؟
قال: أريد أن تطهرني ..
قال صلى الله عليه وسلم: نعم .. فأمر به أن يُرجم .. فرُجم حتى مات ..
فلما صلُّوا عليه ودفنوه مرَّ النبيُ صلى الله عليه وسلم على موضعه مع بعض أصحابه ..
فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه:
انظر إلى هذا الذي ستر اللهُ عليه ولم تدعه نفسه حتى رُجم رَجم الكلاب ..
فسكت النبيُ صلى الله عليه وسلم .. ثم سار ساعة ..
حتى مرَّ بجيفة حمار قد أحرقته الشمس حتى انتفخ وارتفعت رجلاه ..
فقال صلى الله عليه وسلم: أين فلان وفلان؟ ..
قالا: نحن ذانِ .. يا رسول الله ..
قال: انزلا .. فكلا من جيفة هذا الحمار ..
قالا: يا نبي الله!! غفر الله لك .. مَنْ يأكل من هذا؟ ..
فقال صلى الله عليه وسلم: ما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشدُّ من أكل الميتة ..
لقد تاب توبة لو قسِّمت بين أمة لوسعتهم ..
والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها.
فطوبى .. لماعز بن مالك .. نعم وقع في الزنى ..
وهتك الستر الذي بينه وبين ربه ..
لكنه تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم ..
(أصل قصته في الصحيحين وسقتها من مجموع رواياتها).