الباب الثالث: الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة
الصهيونية في الولايات المتحدة Zionism in the United States
تُطلق الحركة الصهيونية على نفسها اسم «الصهيونية العالمية» و«المنظمة الصهيونية العالمية». و«الصهيونية ـ كما أشرنا ـ ظاهرة غربية بالدرجة الأولى، إذ لا يعرفها شعوب آسيا وأفريقيا لسبب بسيط هو أنها لا توجد فيها جماعات يهودية. وقد أصبحت الصهيونية ظاهرة أمريكية بالدرجة الأولى لسببين: أن الولايات المتحدة تضم أكبر وأقوى جماعة يهودية في العالم، وأن الولايات المتحدة نفسها هي الراعي الإمبريالي للجيب الصهيوني. وفي هذا الباب سنتناول المنظمات الصهيونية المختلفة في الولايات المتحدة.
الاتحاد الصهيوني الأمريكي American Zionist Federation
«الاتحاد الصهيوني الأمريكي» هو المظلة التنظيمية التي تضم كل المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة، وقد تم تأسيسه عام 1970 بناءً على قرار صادر عن المؤتمر الصهيوني السابع والعشرين (1968) يدعو إلى تقوية الحركة الصهيونية من خلال إنشاء منظمات أو اتحادات صهيونية قطرية في جميع بلاد العالم. وتعود جذور الاتحاد إلى لجنة الطوارئ للشئون الصهيونية التي تأسَّست عام 1939 لتوحيد جهود المنظمات الصهيونية للضغط على الحكومة الأمريكية لصالح المشروع الصهيوني في فلسطين. وقد أُعيد تنظيمها عام 1943 تحت اسم «مجلس الطوارئ الصهيوني» الأمريكي تحت قيادة أبا هليل سيلفر، ثم تحولت إلى المجلس الصهيوني الأمريكي عام 1949 لتكون الجهة المنسقة للمنظمات الصهيونية الأمريكية.
ويساند الاتحاد الصهيوني الأمريكي المجهودات الصهيونية في ميادين الشئون الطائفية والعامة والتعليم والشباب والهجرة إلى إسرائيل ويعمل على تنمية الاهتمام بما يُسمَّى «الثقافة اليهودية» بين أعضاء الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة وعلى تعزيز التزامهم بالأهداف الصهيونية كما جاءت في برنامج القدس. كما يعمل الاتحاد على التوجه إلى المجتمع الأمريكي غير اليهودي للدعاية لإسرائيل، وتأكيد تطابق المصالح الأمريكية والإسرائيلية، والرد بشكل فعال على النقد الموجه إليها. وأخيراً، توجيه أعضائه من خلال الحملات الإعلامية فيما يتعلق بالقضايا التي تمس إسرائيل أو الصهيونية.
ويرعى الاتحاد برامج تهدف إلى ربط الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة بإسرائيل. وتشمل هذه البرامج تبادل زيارات رجال الجامعات والتعليم والصحافيين ورجال الأعمال ورجال الدين وغيرهم من فئات المجتمع. كما أن الاتحاد يقيم المؤتمرات والأسواق والمعارض لتشجيع الهجرة إلى إسرائيل. ويهتم الاتحاد بالقطاع الأكاديمي، فقد أسس مجلساً أكاديمياً صهيونياً هدفه محاولة تجنيد أساتذة الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة لحساب إسرائيل والصهيونية.
ويعـاني الاتحاد، مثلـه مثل غيره من التنظيمات الصهيونية الأمريكية، من تدهور أهميته وفعاليته بشكل عام. فلم يَعُد هناك أيُّ تمييز حقيقي بين المنظمات الصهيونية وغير الصهيونية في الولايات المتحدة. بل إن الأخيرة تتمتع بخبرة تنظيمية أكبر وقاعدة جماهيرية أوسع، ولذا أصبحت هي التي تقوم بالدعاية لإسرائيل والدفاع عنها وجمع المال لها والضغط من أجلها، ذلك إلى جانب تآكل شرعية الصهاينة التوطينيين بسبب عدم هجرتهم إلى إسرائيل وما يدور حول ماهية الصهيونية وتآكل الفكر الصهيوني بوجه عام.
والاتحاد الصهيوني الأمريكي منظمة معفاة من الضرائب وتضم 61 منظمة صهيونية في الولايات المتحدة والحركات الشبابية المنبثقة عنها. وعضوية الاتحاد الصهيوني مفتوحة أيضاً للمنظمات والمؤسسات اليهودية غير الصهيونية. والواقع أن هذه تدخل ضمن مجموعتين إضافيتين من الأعضاء: أولاً، المنظمات المنتسبة التي تقبل برنامج القدس مع أن أعضاءها ليسوا بالضرورة من الصهاينة. ثانياً، المنظمات ذات الصلة بالاتحاد، وهي مؤسسات قومية تعنى برعاية صهيونية، وقد كانت دائماً تربطها علاقة فعلية بالحركة الصهيونية. وفي عام 1983، قدَّر الاتحاد حجم عضويته بأكثر من مليون عضو.
والمنظمات الست عشرة الأعضاء في الاتحاد الصهيوني هي: مجلس الشباب الصهيوني الأمريكي، والعصبة الأمريكية اليهودية من أجل إسرائيل، ونساء عميت في أمريكا (نساء مزراحي سابقاً)، وأمريكيون من أجل إسرائيل تقدمية، وبن تسيون، ونساء إيموناه، وهاداساه، وحركة تأكيد الصهيونية المحافظة (مركاز)، والحلف الصهيوني العمالي، وحركة الهجـرة في أمريكا الشـمالية، والنسـاء الرائدات (نعمات)، واتحاد الصهاينة الإصلاحيين في أمريكا، والصهيونيون المتدينون في أمريكا، وحيروت، والمنظمة الصهيونية في أمريكا، والحركة الطلابية الصهيونية. وهناك ثلاث منظمات منتسبة للاتحاد، هي: الاتحاد السفاردي الأمريكي، ورابطة آباء الإسرائيليين الأمريكيين، وعصبة النساء من أجل إسرائيل. وهناك منظمتان تربطهما صلة بالاتحاد، هما: المؤسسة الصهيونية الأمريكية للشباب، والصندوق القومي اليهودي. وفي فبراير 1993، قرَّر الاتحاد أن يُغيِّر اسمه إلى «الحركة الصهيونية الأمريكية».
الحركة الصـهيونية الأمريكيـة American Zionist Mevement
»الحركة الصهيونية الأمريكية» هو الاسم الجديد للاتحاد الصهيوني الأمريكي (منذ فبراير 1993). وهذا الاسم لن يؤدي إلا إلى المزيد من الغموض والتعمية، لأن كلمة «حركة» في كل الأدبيات السياسية لا تشير إلى تنظيم إقليمي بعينه.
المنظمــة الصهيونيـــة الأمريكيـة Zionist Organization of America
منظمة صهيونية أمريكية تأسَّست عام 1898 باسم اتحاد الصهاينة الأمريكيين، وذلك في أعقاب انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول (1897). وقد انتُخب ريتشارد جوتهيل والحاخام ستيفن وايز سكرتيراً شرفياً. وقد وُلدت المنظمة ضعيفة وهزيلة ووجدت صعوبة في فرض سلطتها المركزية على المجموعات الصهيونية المنتمية لها، وذلك نتيجة الخلافات التي نشأت بين القيادة المنتمية إلى البورجوازية اليهودية المتأمركة ذات الأصول الألمانية والقاعدة التي تألفت من المهاجـرين اليهـود الفقراء القادمين من شرق أوربا ذوي الثقافة اليديشية. وقد اتجهت المنظمة إلى العمل الدعائي الصهيوني وأصدرت عام 1901 أول مجلة صهيونية أمريكية رسمية باللغة الإنجـليزية ثم جريدة يديشية عام 1909، كما أنشأت معاهد صهيونية. وقد اهتمت بالشباب وبتعليم اللغة العبرية، ونشـطت لصـالح الصنـدوق القومي اليهـودي والاتحاد اليهودي الاستعماري، كما تصدت للعناصر اليهودية الأمريكية المناهضة للصهيونية والمُمثَّلة بشكل أساسي في الحركة الإصلاحية اليهودية.
ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى، انتقل مركز النشاط الصهيوني إلى الولايات المتحدة وتم تأسيس اللجنة التنفيذية العامة المؤقتة للشئون الصهيونية عام 1914 تحت رئاسة لويس برانديز التي تولَّت الجانب الأكبر من النشاط الصهيوني في الولايات المتحدة خلال فترة الحرب وأسَّست صندوقاً لدعم التجمُّع الاستيطاني اليهودي في فلسطين ولغوث ضحايا الحرب من اليهود في أوربا، كما كانت صاحبة اقتراح تأسيس المؤتمر اليهودي الأمريكي. ومع انتهاء الحرب، تقرَّر دَمْج هذه اللجنة مع اتحاد الصهاينة الأمريكيين لتأسيس المنظمة الصهيونية الأمريكية تحت رئاسة لويس برانديز الشرفية لتكون منظمة مركزية يهيمن عليها مكتب قومي وتعتمد على العضوية الفردية. وقد رأى برانديز أن الدور الأساسي للمنظمة هو جَمْع المال من خلال جذب رؤوس الأموال الخاصة لتمويل مشاريع معيَّنة في فلسطين، كما تشكَّك في مدى فعالية إنشاء الصندوق التأسيسي اليهودي الذي كانت القيادات الصهيونية الأوربية وعلى رأسهم حاييم وايزمان يفضلونه.
وقد أدَّى هذا الخلاف، إلى جانب خلافه الفكري مع وايزمان حول مفهوم الصهيونية، إلى انسحاب برانديز ومناصريه من المنظمة خلال مؤتمر المنظمة عام 1921. وقد ركَّزت المنظمة اهتمامها بعد ذلك في جَمْع المال وإن لم تحرز نجاحاً ملحوظاً في تلك المهمة، كما عارضت نشاط حملات منظمات الإغاثة اليهودية الأمريكية التي كانت تعمل على توطين اليهود الروس في مناطق القرم وأوكرانيا في الاتحاد السوفيتي. ومن ثم، شاركت المنظمة في توحيد جهود عمليات الجباية الصهيونية تحت مظلة واحدة هي النداء الفلسطيني الموحَّد عام 1924. ومع ذلك، ظلت جاذبية المنظمة ضعيفة وهبط عدد أعضائها من 149 ألفاً عام 1918، أي بعد وعد بلفور بعام، إلى 18 ألفاً عام 1929. وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، شاركت المنظمة في توحيد جهود المنظمات الصهيونية الرئيسية من أجل تأسيس كومنولث يهودي في فلسطين، ثم في تأسيس صندوق برنامج بلتيمور عام 1942، كما اشتركت في تأسيس لجنة الطوارئ للشئون الصهيونية عام 1939 التي أصبحت لجنة الطوارئ الصهيونية الأمريكية عام 1943ثم المجلس الصهيوني الأمريكي عام 1949) لتكون هيئة منظمة ومنسقة لكبرى المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة. وقد زاد نشاط المنظمة وزادت عضويتها تحت رئاسة أبا هليل سيلفر (1945 ـ 1947) وإيمانويل نيومان (1947 ـ 1949)للذين كانا أعضاء أيضاً في القسـم الأمريكي من الوكـالة اليهودية خلال عامي 1947 و1948، كما كانا يعملان على حث الحكومة الأمريكية لإصدار موافقتها على قرار تقسيم فلسطين عام 1947.
وقد تضاءلت أهمية دور المنظمة الصهيونية الأمريكية بعد تأسيس الكيان الصهيوني، وخصوصاً أن إعلان الدولة نتج عنه تفجُّر التناقض الكامن بين الصهاينة الاستيطانيين والصهاينة التوطينيين، وأثار الجدل حول دور ومهام كل منهما. ومن أجل تبرير استمراريتها التاريخية، أعطت المنظمة نفسها لقب «الحد القاطع ليهود أمريكا»، كما أكدت أنها ساعدت في تأسيس دولة إسرائيل. ويتحدد دورها الآن في الدفاع عن إسرائيل. وتتبنَّى هذه المنظمة سياسات تحالف الليكود الإسرائيلي وتتمسك بالسياسة الإسرائيلية الرسمية، ويتركز نشاطها الآن في جباية الأموال لإسرائيل والدعاية لها والضغط من أجلها في الولايات المتحدة.
وهي ترصد نشاطات الكونجرس الأمريكي والبيت الأبيض والمكاتب الحكومية الأمريكية وتوزع المذكرات المتعلقة بإسرائيل على موظفي الدولة ووسائل الإعلام. كذلك تهتم المنظمة بالتعليم الصهيوني وما يُسمَّى «الثقافة العبرية»، ولها حركة شبابية تابعة لها تنشط داخل المدارس والجامعات الأمريكية وتنظم زيارة الشباب اليهودي الأمريكي إلى إسرائيل. وللمنظمة نشاط في إسرائيل أيضاً حيث أسَّست بيت المنظمة عام 1953 ومجمع كفار سيلفر للمدارس في عسقلان عام 1955 وهما يقدِّمان خدمات ثقافية وتعليمية.
وتعاني المنظمة الصهيونية الأمريكية، مثلها مثل غيرها من التنظيمات الصهيونية، من تآكل أهميتها وفعاليتها، فمنذ عام 1967 لم يَعُد هناك ما يُميِّز المنظمات الصهيونية عن المنظمات غير الصهيونية من حيث العمل من أجل إسرائيل والدعاية لها وجباية الأموال والضغط من أجلها. بل إن المنظمات غير الصهيونية، التي تتمتع بخبرة تنظيمية أكبر وقاعدة جماهيرية أوسع، تقوم بهذا الدور بقدر أكبر من الكفاءة والفعالية. والمنظمة الصهيونية الأمريكية منظمة معفاة من الضرائب، ويقدَّر حجم عضويتها حالياً بنحو 45 ألف عضو بعد أن كان 165 ألفاً عام 1950. وهي تُصدر مجلة فصلية ونشرة أسبوعية إعلامية. والمنظمة الصهيونية الأمريكية إحدى التنظيمات الصهيونية، وهي عضو في الكونفدرالية العالمية للصهاينة المتحدين العموميين (وهي خلاف الفرع الأمريكي للمنظمة الصهيونية العالمية)، كما تختلف عن الاتحاد الصهيوني الأمريكي.
هاداســاه Hadassah
»هاداساه» كلمة عبرية تعني «شجرة الآس» أو «شجرة الريحـان»، وتُسـتخدَم الكلـمة للإشـارة إلى اسم الملكة التوراتية إستير. وهاداساه منظمة نسائية صهيونية أمريكية أسَّستها هنريتا زولد عام 1912 حين قرَّرت هي ومجموعة من السيدات من أعضاء حلقات بنات صهيون الدراسية أن تتوسع لتصبح منظمة قومية. وهي تعتبر الآن أكبر منظمة نسائية صهيونية في العالم إذ يقدَّر عدد أعضائها بنحو 370 ألف عضو. وعند تأسيسها، حددت منظمة الهاداساه أهدافها بتنمية التعليم اليهودي والصهيوني في الولايات المتحدة من جانب، وتحسين الأوضاع الصحية للتجمُّع الاستيطاني اليهودي في فلسطين من جانب آخر. وقد بدأت هاداساه، في سبيل ذلك، بالتمريض وتدريب الممرضات في فلسطين.
وقد بدأت نشاطها في فلسطين على نطاق ضيق عام 1913، ولم يتسع نشاطها إلا عام 1918 عندما اشتركت مع المنظمة الصهيونية الأمريكية واللجنة اليهودية الأمريكية للتوزيع المشترك في إرسال الوحدة الطبية الصهيونية الأمريكية إلى فلسطين والتي أصبحت تُسمَّى فيما بعد «منظمة هاداساه الطبية». ومنذ ذلك الحين، ساهمت الهاداساه في إنشاء المراكز الصحية والمستشفيات والوحدات العلاجية ومراكز رعاية الطفل، كما قامت بافتتاح مركز الهاداساه الطبي بالجامعة العبرية عام 1936. وكذلك وضعت هاداساه البرامج التعليمية وافتتحت المدارس والمراكز للتعليم المهني ولتدريب الممرضات، كما تعاونت بشكل وثيق مع الصندوق القومي اليهودي حيث تعهدت منذ عام 1926 برعاية عشرين مشروعاً خاصاً للصندوق كل ثلاث سنوات. وساهمت هاداساه، بالفعل، في استصلاح وزراعة مئات الآلاف من الدونمات وفي زراعة ملايين الأشجار. وقد وصفت الهاداسـاه نفسها بأنها "شـريك أساسـي للصندوق القـومي اليهودي"، كما أنها تعتبر نفســها "أكبر مساهم فرد [فيه] في العالم".
وتُعَدُّ هاداساه، بين المنظمات الصهيونية في العالم، أكبر مساهم في مجال تهجير الشباب. وقد أنفقت منذ عام 1935 وحتى عام 1970 نحو 60 مليون دولار في هذا المجال وعملت على توطين واستقرار 135 ألف شخص في فلسطين. وهي تُعَدُّ المنظمة الصهيونية الرئيسية (في الولايات المتحدة) العاملة في مجال تهجير الشباب وتوفر نحو 40% من الميزانية اللازمة لذلك سنوياً.
وفي الولايات المتحدة، يتركز نشاط منظمة الهاداساه في المجال التعليمي والتثقيفي حيث تقوم بوضع برامج لتعليم ما يُسمَّى «التراث والتاريخ اليهوديان» وكذلك تعليم اللغة العبرية، كما تقوم بتزويد الجمهور الأمريكي بالمعلومات عن إسرائيل وتطوُّرها وأمنها. وكان أعضاء الهاداساه يقومون، قبل تأسيس الدولة الصهيونية، بجولات دعائية في الولايات المتحدة في محاولة لتهيئة الأذهان لتقبُّل الفكرة الصهيونية وإقناع الناس بالأسباب التي تكمن وراء اهتمام يهود العالم بأرض فلسطين بالذات. أما الآن، فإنهم يقومون بالدعاية لإسرائيل وجمع المال لبرامج المنظمة ومشاريعها في الدولة الصهيونية. وتقوم هاداساه برعاية برنامج الشئون الصهيونية الذي يعمل على تنمية المصالح الصهيونية من خلال التعليم والدعاية والتنسيق مع المنظمات اليهودية والصهيونية الأخرى التي تنتمي إليها الهاداساه. وتهتم الهاداساه بشكل خاص بالشباب، ولها حركة شبابية تابعة لها هي هشاحر (الفجر) تقدم من خلالها برامج متنوعة عن الهوية اليهودية في إطار صهيوني داخل مخيماتها الصيفية ونواديها المفتوحة طوال السنة. وتنظم هاداساه حلقات التدريب على القيادة، كما تنظم برامج إسرائيلية ورحلات صيفية للشباب إلى إسرائيل. وتقوم هاداساه بتدريب الشباب اليهودي في الجامعات الأمريكية على تكوين مراكز صهيونية داخل حرم الجامعات والتصدي للجماعات المناهضة لإسرائيل والصهيونية والمتعاطفة مع القضية الفلسطينية.
والهاداساه مسجلة كمنظمة دينية (رغم أنها لا علاقة لها بالدين)، وهو ما يعفيها من تقديم تقرير سنوي علني، وهي أيضاً معفاة من الضرائب. ويُعَد المجلس القومي الهيئة العليا في الهاداساه ويجتمع مرتين في السنة للنظر في القرارات السياسية الكبرى، أما القرارات السياسية الثانوية فيتخذها المجلس التنفيذي. ولحماية وضع الإعفاء من الضرائب، تقوم هيئة موازية لهاداساه ومتحدة معها هي رابطة هاداساه للإغاثة الطبية بتوجيه الأموال إلى المشاريع الإسرائيلية، وذلك في حين أن منظمة هاداساه تتولَّى النشاط داخل الولايات المتحدة. ومنظمة هاداساه عضو في الاتحاد الصهيوني الأمريكي ومرتبطة بالمنظمة الصهيونية العالمية عبر الاتحاد الكونفدرالي العالمي غير الحزبي للصهيونيين المتحدين، كما أنها عضو في مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى ولها صفة منظمة غير حكومية في هيئة الأمم المتحدة وصفة مراقب في البعثة الأمريكية للأمم المتحدة. وقد قرَّرت منظمة هاداساه عام 1983 أن تصبح منظمة دولية بعد أن ظلت حتى ذلك التاريخ منظمة أمريكية، الأمر الذي يسمح لها بإنشاء مجموعات خارج الولايات المتحدة يتم ربطها برابطة هاداساه للإغاثة الطبية لتوجيه الأموال عبرها إلى إسرائيل. وقد وصل حجم ما تنفقه الهاداساه من أموال عام 1982/1983 إلى نحو 49 مليون دولار.
رابطة الصهاينة الإصلاحيين في الولايات المتحدة Association of Reform Zionists of America
»رابطة الصهاينة الإصلاحيين في الولايات المتحدة» منظمة صهـــيونية أمريكـية تأسَّسـت عام 1977 واختصـارها «أرتسا ARTZA»، من عبارة عبرية معناها: إلى الوطن. ويُعَدُّ ظهورها في الولايات المتحدة من أهم التطورات على الإطلاق في تاريخ المنظمة الصهيونية إذ تمثل اليهود الإصلاحيين الذين كانوا من المعادين للصهيونية منذ ظهور الاتجاه الإصلاحي (وهو موقف أخذ يتآكل بعد تأسيس الدولة الصهيونية). ومنذ عام 1973، أصبح إثراء وتقوية دولة إسرائيل (بوصفها المثل الأعلى النابض للقيم اليهودية الأزلية) أحد أهداف اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة.
وفي عام 1973، انضم الاتحاد العالمي لليهودية التقدمية (الذراع الدولي للحركة الإصلاحية) إلى المنظمة الصهيونية العالمية كهيئة يهودية دولية (غير حزبية) أي أنها لا تتمتع بجميع الحقوق والامتيازات. وعندئذ فكرت القيادات الإصلاحية في تكوين منظمة صهيونية يحق لها العضوية الكاملة لتمثل اهتمامات الحركة الإصلاحية داخل المؤسسة الصهيونية. ومن ثم، تأسَّست رابطة الصهاينة الإصلاحيين عام 1977 وأصبح لها عضوية كاملة في المنظمة، أي أن الرابطة أصبحت اتحاداً صهيونياً دولياً حزبياً، وقد تم إرسال تسعة مندوبين عنها لهم حق التصويت إلى المؤتمر الصهيوني التاسع والعشرين (1978). وتتوجَّه هذه المنظمة توجُّهاً صهيونياً غربياً توطينياً كاملاً، ومن بين أهدافها الدفاع عن أمن إسرائيل ومساعدة من يود الهجرة من الأمريكيين كأفراد وجماعات صغيرة، وتشـجيع السـياحة إلى دولة إسـرائيل، وتحسين نمط الحياة في إسرائيل، وكذلك تشـجيع تطـوُّر اليهودية الإصلاحية الإسرائيلية. وتحرص رابطة الصهاينة الإصلاحيين على أن يكون لها اتصال دائم بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية والكونجرس، وذلك لكي تؤمن الالتزام الأمريكي قبَل إسرائيل، كما تقوم بالدعاية لصالح الحكومة الإسرائيلية.
وتنتمي رابطة الصهاينة الإصلاحيين إلى اتحاد الجماعات الدينية العبرية الأمريكية، وهي المنظمة الأم لليهودية الإصلاحية، كما أنها عضو في الاتحاد الصهيوني الأمريكي ومُمثَّلة في لجنته التنفيذية، وهي كذلك عضو في مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى، وفي القسم الأمريكي الشمالي من المؤتمر اليهودي العالمي. وقد زادت عضويتها من 9500 عام 1977 إلى 70 ألف عضو في منتصف الثمانينيات. وقد انضمت رابطة الصهاينة الإصلاحيين إلى الروابط الصهيونية الإصلاحية المماثلة، والتي تأسَّست في كلٍّ من كندا وبريطانيا وجنوب أفريقيا وأستراليا وهولندا، لتكوِّن عام 1980 الرابطة الدولية للمنظمات الصهيونية الإصلاحية واختصارها «أرتسينو Artzeinu» ومعناها بالعبرية «أرضنا». وقد اعترفت المنظمة الصهيونية بها رسمياً.
أرتسينــــــــــو ARZENU; World Reform Zionists
انظر: «رابطة الصهاينة الإصلاحيين في الولايات المتحدة».
مجلــس الاتحـــادات اليهوديــة وصــناديق الرفـــاه Council of Jewish Federations and Welfare Funds
منظمة مظلية أمريكية تعمل كهيئة مركزية تنسق جَمْع الأموال والتخطيط لأكثر من مائتي اتحاد يهودي وصندوق رفاه تخدم 800 تجمُّع يهودي يضم أكثر من 95% من أعضاء الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة وكندا. وقد بلغ مجموع ما جمعه مجلس الاتحادات عام 1978 نحو 474 مليون دولار أمريكي، زادت إلى 581 مليون عام 1981، ووصلت إلى 720 مليون دولار عام 1987.
تأسَّس مجلس الاتحادات عام 1932 لتنسيق عمليات جَمْع الأموال التي تقوم بها الاتحادات اليهودية المحلية المختلفة وتخصيصها للاحتياجات المحلية للجماعة وكذلك لاحتياجات الجماعات اليهودية المنكوبة في الخارج (وإن ظل العمل الداخلي هو الأساس). وقد تطوَّر المجلس خلال الأربعينيات والخمسينيات إلى وكالة تخطيط مركزية للاتحادات تشرف على الميزانية وعلى تخصيص الأموال والتفتيش. وهي تقدِّم للاتحادات القيادة والنصح والتمثيل، وتُعتبَر منبراً لتبادل الخبرات ووضع الخطط للأهداف العامة للاتحادات واحتياجاتها وبرامجها. ومن الخدمات المهمة التي يقدمها مجلس الاتحادات، مؤتمر الميزانية للمدن الكبرى الذي يضم 29 من أكبر الاتحادات اليهودية والذي يقوم بتقديم الأموال لأغلبية المنظمات اليهودية الأمريكية المحلية والقومية (مثل اللجنة اليهودية الأمريكية وعصبة مناهضة الافتراء)، وذلك بعد تحليل ودراسة برامجها وميزانياتها لتقديم المخصَّصات لكل منظمة.
وقد حرص مجلس الاتحادات اليهودية، منذ البداية، على تخصيص جزء من موارد الاتحادات إلى التجمع الاستيطاني اليهودي في فلسـطين ثم إلى إسـرائيل بعد عام 1948. وقد بدأ مجلس الاتحادات، منذ الأربعينيات، في تنسيق ثم توحيد حملات الجباية مع النداء اليهودي الموحد الذي أصبح يتلقَّى وحده ما بين 50% و60% من أموال حملات الجباية الموحدة ويذهب أغلبها إلى إسرائيل عبر النداء الإسرائيلي الموحَّد ثم الوكالة اليهودية، ويخصَّص بعضها أيضاً لدول أخرى عبر لجنة التوزيع المشتركة. ويخصَّص نحو 30% من أموال الجباية للاحتياجات الداخلية للجماعات اليهودية في الولايات المتحدة وعلى رأسها التعليم والصحة. ونظراً لدور مجلس الاتحادات اليهودية في جَمْع مبالغ ضخمة من الأموال وصلت إلى نحو 720 مليون دولار عام 1987، فإنه يُعتبَر في واقع الأمر شريكاً للوكالة اليهودية، وهذه حقيقة تكرَّست منذ إعادة تنظيم الوكالة عام 1971 وتخصيص 50% من المواقع في أجهزتها القيادية لمنظمات الجباية اليهودية غير الصهيونية.
وإلى جانب أن مجلس الاتحادات يُعَد أحد أهم مصادر الدعم المالي لإسرائيل، فإنه يعمل أيضاً على تكريس الدعم الأمريكي لإسرائيل والتأكيد على أنها الحليف الوحيد المعتمد لأمريكا في المنطقة. وينسق مجلس الاتحادات نشاطه في هذا المجال بالدرجة الأولى مع المجلس الاستشاري لعلاقات الجماعة اليهودية القومية. كذلك يقوم مجلس الاتحادات اليهودية بعقد اجتماعات مع الإدارة الأمريكية وأعضاء الكونجرس يحضرها رؤساء اتحادات المدن الكبرى لبحث القضايا الخاصة بإسرائيل وغيرها من الشئون الخارجية.
وتُعتبَر الجمعية العامة لمجلس الاتحادات "أكبر تجمُّع سنوي للحياة اليهودية المنظمة في أمريكا" يشترك فيه أكثر من ألفين من التجمعات اليهودية والمجموعات الصهيونية الكبرى في الولايات المتحدة، وهو منبر مهم للنشاط السياسي الموالي لإسرائيل تُعقَد خلاله الحلقات الدراسية وتقدَّم الأبحاث الخاصة بإسرائيل والشرق الأوسـط واللوبي العـربي في الولايات المتحدة وغير ذلك من المواضيع. ومما يدل على أهمية هذا الحدث وثقل مجلس الاتحادات داخل الجماعة اليهودية، حرص الزعماء السياسيين (الإسرائيليين والأمريكيين) على حضور جمعيته العامة والاتصال بالقيادات اليهودية.
ويواجه مجلس الاتحادات اليهودية، مثله مثل غيره من المنظمات اليهودية ومنظمات جباية الأموال، مشكلة نضوب مصادر الموارد المالية، وربما كان هذا أحد الأسباب الأساسية وراء قيام مجلس الاتحادات اليهودية بالضغط من أجل أن يكون لممثلي الجماعات اليهودية ومنظمات الجباية في الوكالة اليهودية دور أكبر في وضع سياستها والرقابة عليها. وقد انتقد مجلس الاتحادات أداء الوكالة بشدة وأصدر قراراً عام 1986 يدعو إلى اختيار رؤساء الدوائر في الوكالة على أساس الكفاءة والتخصص دون اعتبار للانتماءات السياسية أو الحزبية وترشيد أدائها والحد من تسييسها. وكان المجلس قد أسَّس قبل ذلك بعدة سنوات لجنة الوكالة اليهودية لتكون منبراً لزعماء الاتحادات اليهودية الأمريكية خاصاً بمناقشة وتقييم نشاط الوكالة اليهودية.
المجلــس الاســتشاري القومي للعــلاقات الطـائفية اليهـودية
National Jewish Community Relations Advisory Council
منظمة يهودية أمريكية تأسَّست عام 1944 كمجلس تطوعي لوَضْع سياسات وأعمال الوكالات والمنظمات في مجال الدفاع عن اليهود وتنسيق علاقات الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة. وكانت الفترة الواقعة قبل هذا العام قد شهدت تكاثراً في المنظمات اليهودية لمواجهة النشاط المنظم المعادي لليهود في الولايات المتحدة. ومع تَزايُد التنافس وازدواجية المهام فيما بينها، أصبح من اللازم إيجاد هيئة منظمة ومنسقة لنشاطها، وتم تأسيس المجلس الاستشاري لهذا الغرض. ولكن لم يتم إضافة كلمة «يهودية» إلى اسم المجلس إلا عام 1968. ويضم المجلس 11 منظـمة يهودية قومية و111 منظمة محلية مُمثَّلة فيه، من بينها: اللجنة اليهودية الأمريكية، والمؤتمر اليهودي الأمريكي، والبناي بريت، وهاداساه. وقد وجد المجلس صعوبة في تنفيذ مهامه، وفي مَنْع ازدواج المهمات، نظراً لقوة المنظمات القومية المُمثَّلة فيه والتي ترفض التخلي عن حريتها في العمل المنفرد. وقد سبق أن انسحب من المجلس كلٌّ من اللجنة اليهودية الأمريكية والبناي بريت عام 1952 احتجاجاً على قرار المجلس بوقف قيامهما بالنشاط القانوني والتشريعي وإسناد ذلك إلى المؤتمر اليهودي الأمريكي دون سواه، وقد عادتا عام 1965 إلى المجلس بعد أن تم تأكيد استقلالية المنظمات المُمثَّلة في المجلس.
ومع ذلك، يلعب المجلس دوراً بالغ الأهمية كمستشار للسياسة وكواضع لها. وتضم الوثيقة السنوية الكبرى للمجلس الاستشاري خطة البرنامج المشترك لعلاقات الجماعة اليهودية، كما تضم جميع الموضوعات التي تُدرج في برنامج أعمال وكالات علاقات الجماعة اليهودية ومن بينها القضايا الاجتماعية والسياسية والعلاقات بين المجموعات والعداء لليهود. وتعطي الخطة أفضلية متزايدة للموضوعات والبرامج المتصلة بإسرائيل. ويتبنى المجلس سياسات الحكومة الإسرائيلية وينتقد أيَّ تحالف أمريكي مع الدول العربية أو بيع أسلحة أمريكية لها، كما أنه يؤكد توافق المصالح الأمريكية والإسرائيلية ويعمل على ترسيخ هذا المفهوم وبناء الرأي العام الأمريكي على أساسه، وكذلك يعمل على التصدي للأصوات المناصرة للعرب وللقضية الفلسطينية، وخصوصاً داخل الجامعات.
وبعد حرب عام 1973، أقام مجلس الاتحادات اليهودية، ومعه اللجنة اليهودية الأمريكية والمؤتمر اليهودي الأمريكي وعصبة مناهضة الافتراء، قوة عمل تابعة للمجلس الاستشاري لدعم البرامـج الخـاصة بإســرائيل لدى وكـالات علاقات الجماعات اليهودية، وخصوصاً البرامج المتصلة بوسائل الإعلام. ويحذر المجلس من خطورة الإفصاح بشكل علني عن الاختلاف في الرأي بشأن السياسات الإسرائيلية لأن ذلك يشكل عامل خـطر يهـدد القدرة على التأثير بصورة فعالة في السياسة الرسمية، ويدعو إلى حصر هذه الخلافات داخل منبر المجلس الاستشاري. ويعـقد المجلـس الاستشاري مؤتمرات لإعداد خطط البرامج المشتركة، وتُعتبَر هذه المؤتمرات منبراً للسياسيين الإسرائيليين والأمريكيين.
والمنظمات اليهودية القومية الإحدى عشرة الأعضاء في المجلس الاستشاري القومي لعلاقات الجماعة اليهودية هي: اللجنة اليهودية الأمريكية ـ والمؤتمر اليهودي الأمريكي ـ وعصبة مناهضة الافتراء ـ وهاداساه ـ ولجنة العمال اليهودية ـ وقدامى المحاربين اليهود ـ والمجلس القومي للنساء اليهوديات ـ واتحاد الجماعات الدينية العبرية الأمريكية ـ واتحاد الجماعات الدينية اليهودية الأرثوذكسية ـ والمعابد اليهودية المتحدة في أمريكا ـ والعصبة النسائية القومية لليهودية المحافظـة ـ ومنظمـة النسـاء الأمريكيـات لإعـادة التأهيل من خلال التدريب.
يتبع إن شاء الله...