منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الباب السابع: اليهودية المحافظة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب السابع: اليهودية المحافظة  Empty
مُساهمةموضوع: الباب السابع: اليهودية المحافظة    الباب السابع: اليهودية المحافظة  Emptyالسبت 08 فبراير 2014, 9:19 pm

الباب السابع: اليهودية المحافظة 
اليهـــودية المحافظــة: تـــاريخ Conservative Judaism:History 
«اليهودية المحافظة» فرقة دينية يهودية حديثة نشأت في الولايات المتحدة، أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كمحاولة من جانب اليهودية للاستجابة لوضع اليهود في العصر الحديث في العالم الجديد وهي أهم وأكبر حركة دينية يهودية في العـالم، وأهـم مفكريها سولومون شـختر. ولكن جذور الحركة تعود، مع هذا، إلى ما يُسـمَّى «علم اليهودية» وأقطـابها هم: نحمان كروكمال، وزكريا فرانكل، وهنريش جرايتس، وسولومون رابوبورت، وكلهم من المفكرين اليهود الأوربيين في القرن التاسع عشر. واليهودية المحافظة جزء من الفكر الرومانسي الغربي، وخصوصاً الألماني. وهي ليست مدرسة فكرية ولا حتى فرقة دينية محددة المعالم بقدر ما هي اتجاه ديني عام وإطار تنظيمي يضم أبرشيات وحاخامات، يسمون أنفسهم «محافظين»، ويسميهم الآخرون كذلك. فالمفكرون المحافظون يختلفون فيما بينهم حول أمور مبدئية مثل الوحي وفكرة الإله، كما يختلفون بشأن الأمور الشعائرية، ولم ينجحوا في التوصل إلى برنامج محدَّد موحَّد. وهم يرفضون ذلك بحجة أنهم ورثة اليهودية الحاخامية ككل، وبالتالي فلابد أن تُترَك الأمور لتتطور بشكل عضوي طبيعي. وفكرة التطور العضوي من الداخل إحدى الأفكار الرومانسية الأساسية. 
ومع هذا، فإن ثمة أفكاراً أساسية تربط أعضاء هذه الفرقة التي تُشكِّل، على مستوى من المستويات، رد فعل لليهودية الإصلاحية أكثر من كونها رد فعل لليهودية الأرثوذكسية. فقد اكتسحت اليهودية الإصلاحية يهود الولايات المتحدة ابتداءً من منتصف القرن التاسع حتى أنه، مع حلول عام 1881، كانت كل المعابد اليهودية (البالغ عددها مائتي معبد) معابد إصلاحية باستثناء اثنى عشر معبداً. وقد اتخذ مؤتمر بتسبرج عام 1885 قراراته الإصلاحية الشاملة التي أعلن فيها أن كثيراً من الطقوس، ومن ذلك الطقوس الخاصة بالطعام، مسائل نسبية يمكن الاستغناء عنها. 
وكان هناك شخصيات كثيرة معارضة للاتجاه الإصلاحي، وخصوصاً في صيغته المتطرفة، بينهم إسحق ليزر وألكسندر كوهوت. وقد أعلن الأخير معارضته لقرارات مؤتمر بتسبرج، وهاجم المفكر الإصلاحي كاوفمان كولر، وطالب بإنشاء مدرسة حاخامية لدراسة الممارسات التاريخية لليهودية. وقد قام ساباتو موريه بتأسيس كلية اللاهوت اليهودية (عام 1887) التي أصبحت المنبر الأساسي للفكر المحافظ، ويُعَدُّ هذا التاريخ تاريخ ميلاد اليهودية المحافظة، خصوصاً وقد أعاد شختر تنظيمها عام 1902. ثم تم تأسيس جمعية الحـاخامات الأمريكية التي ضـمت خريجي المدرسـة. وتشكِّل هذه الجمعية، مع معبد أمريكا الموحَّد عام 1913، وكلية اللاهوت اليهودية، أهم عناصر الهيكل التنظيمي لليهودية المحافظة. وقد أُضيف إلى كل ذلك كلية اليهودية في لوس أنجلوس. ومن أهم مؤسسات اليهودية المحافظة الأخرى لجنة الشريعة والمعايير التي يدل اسمها على وظيفتها، فهي التي تحدِّد المعايير لأتباع اليهودية المحافظة وتفسِّر لهم الشريعة، وهي عملية مستمرة لا تتوقف من منظور اليهودية المحافظة. 
وترى اليهودية المحافظة أن هدفها الأساسي هو الحفاظ على استمرارية التراث اليهودي، باعتباره الجوهر، أما ما عدا ذلك من العبادات والعقائد فهو يظهر بشكل عضوي وتلقائي متجدد. ومن هنا، فقد ظهرت اليهودية التجديدية من صلب اليهودية المحافظة، فهي ترى أن اليهـودية حضارة يُشـكِّل الدين جزءاً منها وحسـب. ويبدو أن حاييم كابلان، مؤسس المدرسة التجديدية، يمارس في الوقت الحاضر تأثيراً عميقاً في اليهودية المحافظة. ففي عام 1948، أُعيد تنظيم لجنة القانون اليهودي، كما أُعيد تحديد معايير المجلس الحاخامي وبدأ تَبنِّي معايير تختلف كثيراً عن معايير شختر مؤسِّس اليهودية المحافظة، حتى أنه يمكن القول بأن توجُّه اليهودية المحافظة في الوقت الحالي يختلف عن التوجه الذي حدده لها مؤسسوها إذ بدأت اليهودية المحافظة تتخذ كثيراً من المواقف التي لا تختلف كثيراً عن مواقف اليهودية الإصلاحية التي تقترب في الوقت نفسه من اليهودية التجديدية. ولكن احتجاجاً على هذه الاتجاهات المتطرفة ظهرت فرقة جديدة تُسمَّى اتحاد اليهودية التقليدية (1984) تحاول قَدْر استطاعتها أن تحتفظ ببعض الأشكال التقليدية وألا تنجذب نحو اليهودية التجديدية والإصلاحية وأصبح لها مدرستها اللاهوتية الخاصة لتخريج الحاخامات عام 1990 . وقد صدر عام 1988 كتاب بعنوان إيميت فأموناه (الحقيقة والاعتقاد): مبادئ اليهودية المحافظة وهو كتاب من 40 صفحة أصدره مؤتمر من مفكري اليهودية المحافظة حاولوا فيه تلخيص مبادئ اليهودية المحافظـة ومن أهمـها الاعتراف بالغيـب (ما وراء الطبيعة) ورفـض النسبية، وهو مجرد قول، لأن تطوُّر اليهودية المحافظة يبيِّن مدى محاولة تكيفها المستمر مع ما حولها وخضوعها المستمر له. كما أكدت الوثيقة أهمية إسرائيل في حياة الدياسبورا ولكنها أتبعت ذلك بتأكيد تعددية المراكز، أي أهمية الدياسبورا في ذاتها. 
وقد تزايد عدد اليهود المحافظين في أنحاء العالم، وخصوصاً في أمريكا اللاتينية. ولكنها، مع هذا، تظل أساساً حركة أمريكية، ويبلغ عددهم الآن 33% من كل يهود الولايات المتحدة (مقابل 30% إصلاحيون و9% أرثوذكـس و26% لا علاقة لهم بأية فرقة دينية) ومع هذا تذهـب إحدى المراجـع إلى أن العدد هو 2 مليون ويبلغ عدد الأبراشيات المحافظة 800 أبراشية. ومعظم اليهود المحافظين يأتون من بين صفوف اليهود الأمريكيين الذين أتوا من خلفيات دينية أرثوذكسية، ولذلك يجدون أن اليهودية الإصلاحية متطرفة. وبهذا المعنى، فإن اليهودية المحافظة قد تكون محطة على طريق الانتقال من اليهودية الأرثوذكسية إلى اليهودية الإصلاحية أو العلمانية أو حتى الإلحادية. وهناك عدد كبير من المحافظين من أصل ألماني، ولكن توجد في صفوفهم أعداد كبيرة أيضاً من شرق أوربا. ويمكن القول بأن اليهود المحافظين هم يهود ابتعدوا عن أصولهم الإثنية الأوربية وأصبحوا أمريكيين، ولكنهم مع هذا يودون الاحتفاظ بهوية إثنية يهودية (وهذا اتجاه عام في المجتمع الأمريكي) على الأقل لبعض الوقت. وتقوم اليهودية المحافظة بسد هذه الحاجة. وحسب تعبير أحد الدارسين فإن المسافة الزمنية بين اليهودية المحافظة واليهودية الإصلاحية عشرة أعوام، ثم تلحق الأولى بالثانية. وقد أخذ الإصلاحيون، في الآونة الأخيرة، في التشدد بشأن بعض الشعائر الدينية في حين أخذ المحافظون في التساهل في كثير منها، فقد عينوا مؤخراً امرأة في وظيفة حاخام. ولذا، فقد بدأت المسافة بين الفريقين في التناقص، واندمج كثير من الأبرشيات المحافظة والإصلاحية. وقد لاحَظ الحاخام ملتون بولين (رئيس المجلس الحاخامي في أمريكا) أن ثمة فجـوة، بين الأرثوذكـس من جهـة والمحافظين والإصلاحيين من جهة أخرى، وأنها آخذة في التزايد حتى أنهم أصبحـوا يشـكلون يهوديتين مختلفتين. ومن أهم مفكري اليهودية المحافظة في الولايات المتحدة: لويس جنزبرج، ولويس فنكلشتاين، وشاؤول لايبرمان، وجيكوب آجوس، وجرسون كوهين. 
اليهوديـــة المحافظــــة: الفكـــر الدينـــي Conservative Judaism:Religious Thought 
رغم أن اليهودية المحافظة رد فعل لليهودية الإصلاحية، فإن ثمة عنصراً مشتركاً أساسياً بينهما، فهما يهدفان إلى حل إشكالية الحلول الإلهي في الشعب اليهودي ومؤسساته القومية. والصيغة الحلولية التقليدية تجعل الشعب اليهودي مقدَّساً ومطلقاً يشير إلى ذاته، وهو أمر لا يمكن أن تقبله الدولة القومية الحديثة التي تجعل نفسها موضع الإطلاق والقداسة ولا العصر الحديث الذي جعل العلم موضع الإطلاق. وتحاول كلٌّ من اليهودية الإصلاحية واليهودية المحافظة أن تصل إلى صياغة حديثة لليهودية عن طريق تَبنِّي مُطلَق دنيوي يُسمَّى «الروح» (بالألمانية: جايست) فيضاف اسم لكلمة «روح»، فيُقال في الفكر الأوربي الرومانسي مثلاً: «روح العصر» أو «روح المكان» أو «روح الشعب» أو «روح الأمة» والناتج شيء يعبِّر عن الإله أو يحل محله. وقد آمن الإصلاحيون بروح العصر (تسايت جايست)، وآمن المحافظون بروح الشعب العضوي (فولك)، وهي روح تجلت عبر التاريخ في أشكال مختلفة (وهذا الطرح لا يتعارض كثيراً مع العقد الاجتماعي الأمريكي الذي يسمح للأقليات المهاجرة بالاحتفاظ بشيء من هويتها ما دام هذا لا يتعارض مع المطلق الأكبر، مصلحة الولايات المتحدة ومنفعتها). ولكن الاختلاف الآنف الذكر، بين اليهودية الإصلاحية واليهودية المحافظة، يتبدَّى في الطريقة التي اتبعها كل منهما لتحديث اليهودية. فبينما قام الإصلاحيون باتباع النموذج الاندماجي، قام المحافظون بتحديث اليهودية عن طريق تَبنِّي النموذج الشعبي، أي تقديس الفولك وتاريخه وتراثه وأرضه (وهذا هو النموذج النازي). 
المحافظون إذن يودون إحداث تغيير دون الإخلال بروح الفولك اليهودي، فهذا هو الجوهر اليهودي أو المطلق موضع الحلول الذي ينبغي الحفاظ عليه. وهذه الرغبة في التغيير مع الميل إلى المحافظة تسمان كل أفكارهم. فهم يؤمنون على اختلاف اتجاهاتهم بأن الشعب اليهودي قد تطوَّر عبر تاريخه، وبأن اليهودية لم تتجمد أبداً، وأنها كانت قادرة على التكيف مع اللحظة التاريخية ومع روح العصر، ولهذا فهي ليست مجموعة ثابتة من العقائد وإنما هي تراث آخذ في التطور التاريخي الدائم، ومن هنا كان إطلاق اسم «اليهودية التاريخية» على هذه المدرسة وخصوصاً في أوربا. ويرى المحافظون أن دراسة اليهودية بشكل تاريخي ونقدي (علم اليهودية) هو تطوُّر إيجابي يساعد اليهود على فهم أنفسهم، كما يساهم في جعل اليهودية نسقاً دينياً خلاقاً كما كان الحال في الماضي. ومع هذا، فقد وقفت اليهودية المحافظة ضد التيار اليهودي الإصلاحي، فنادى زكريا فرانكل، شأنه في هذا شأن هيرش الأرثوذكسي وشأن الصهاينة، بأن يكون أي تغيير أو تطوير لليهودية نابعاً لا من خارج الروح اليهودية وإنما من أعماقها، أي من روح الشعب العضوي (المطلق الجديد). ورغم أن فرانكل والمحافظين كانوا من المؤمنين بأن التوراة أو الشريعة الشفوية خرافة ابتدعها الحاخامات لكي يضفوا مسحة من الشرعية على ما أقره الإجماع الشعبي، ورغم أنهم رأوا أيضاً أن التراث الديني اليهودي ليس مرسلاً من الإله، فإنهم لم يتخذوا موقفاً نقدياً من التوراة أو التراث اليهودي كما فعل الإصلاحيون، لأنهما كلاهما تعبير عن الشعب اليهودي وعبقريته. وقد اقترح المحافظون، وبالذات الحاخام الصهيوني شختر عدم ترك الأمور في أيدي قلة من رجال الدين يقومون بتفسير الشريعة كيفما شاءوا، ودعا إلى وجوب أن يقوم متكلمون يمثلون الشعب اليهودي وينطقون باسـم الجماعة. وتحاول هذه الجماعة التي تمثل كل أو عموم إسـرائيل (بالعبرية: كلال يسرائيل) أن تكتشف اليهودية بدراسة التراث والتقاليد والأدب اليهودي. 
وتطبيقاً لهـذا الموقف الوسـط بين اليهودية الإصلاحية والأرثوذكسية، يؤمن المحافظون بأن الأمل في العودة إلى صهيون فكرة أثيرة لدى اليهودي لابد من المحافظة عليها. ومع هذا، لا يتنافى هذا الأمل، بأية حال، مع الولاء للوطن الذي يعيش فيه اليهودي. وهم لا يؤمنون بالعودة الفعلية والشخصية للماشيَّح، ويطرحون بدلاً منها فكر العصر المشيحاني الذي سيتحقق بالتدريج. ويصبح تأسيس الدولة اليهودية، داخل هذا الإطار، خطوةً أولى نحو تحقيق هذا العصر. ويرى المحافظون أن تكون الصلوات اليهودية بالعبرية، وإن كانوا لا يمانعون في أن تُتلى باللغة المحلية إذا لزم الأمر. ويؤكد المحافظون أن الشريعة ملزمة لليهودي، وبالتالي ضرورية للحفاظ على شعائر اليهودية، فمُثُل اليهودية العليا يتم تفسيرها من خلال الشريعة. كما أن اليهودية تدور حول الأوامر والنواهي التي تغطي السلوك الإنساني وتحكم العلاقة بين اليهود من جهة، وبينهم وبين الإله من جهة أخرى. ولكن، مع هذا، لابد أن تظل الشريعة مرنة مرونة كافية بحيث تترك مجالاً للتغيير والتعددية الفكرية التي تجعلها قادرة على مواكبة العصر الحديث، وعلى سد حاجة الإنسان اليهودي الحديث. ولذا، لابد أن تتسم عملية تفسير الشريعة بقدر عال من الإبداع. ويتضح هذا الموقف في أنهم لا يمانعون في إدخال بعض التعديلات على الشعائر الدينية (فيقيمون بعض طقوس السبت)، ولكنهم يسمحون باختلاط الجنسين (وأصبحت النساء جزءاً من النصاب [منيان] المطلوب لإقامة صلاة الجماعة)، بل يسمحون بأن تكون هناك من الإناث حاخامات ومنشدات (حزان). وقد أبقوا على الختان وقوانين الطعام، وإن كانوا قد أدخلوا بعض التعديلات عليها. وهم يقيمون الصلوات بشال الصلاة (طاليت) وتمائم الصلاة (تفيلِّين). 
ورغم تماثُل الجذور الفكرية لليهودية الإصلاحية والمحافظة، فإن تشابه اليهودية المحافظة بنيوياً مع اليهودية الأرثوذكسية واضح وقوي. بل إن الفروق بينهما طفيفة وغير جوهرية، فكلتاهما تدور في إطار الحلولية التقليدية دون أن توسع نطاقها لتضم غير اليهود (كما فعلت اليهودية الإصلاحية). ولذا، نجد أن كلاًّ من اليهودية المحافظة واليهودية الأرثوذكسية تؤمنان بالثالوث الحلولي: الإله (أو التوراة)، والشعب، والأرض. وعلى حين يؤكد الأرثوذكس أهمية الإله والوحي والتوراة، نجد المحافظين يبرزون أهمية الشعب وتراثه وتاريخه، أي أن الاختلاف ينـصرف إلى تأكيد أحـد عناصر الثـالوث الحلولي على حساب عنصر آخـر. ويُضفي كلا الفريقين هـالة من القداسـة على حياة اليهود وتاريخهم، وهي قداسة يُرجعها الأرثوذكس إلى أصول إلهية ويرجعها المحافظون إلى أصول قومية أو إلى روح الشعب (وكلال يسرائيل هي في الواقع الفولك التي يتحدث عنها الفكر الرومانسي الألماني)، ويصبح الدين اليهودي فلكلور الشعب اليهودي المعبِّر عن هويته الإثنية وسر بقائه، كما أنه يكتسب أهميته بمقدار مساهمته في الحفاظ على هذا الشعب المقدَّس. 
وقد عادت اليهودية المحافظة، بتحويلها الشعب إلى مصدر للإطلاق وموضع للقداسة، إلى واحدة من أهم الطبقات في التركيب الجيولوجي اليهودي، وهي الطبقة الحلولية التي أدَّت إلى واقع أن الإله لم يتمتع قط بالمركزية التي يتمتع بها داخل الأنساق الدينية التوحيدية، فهو يمتزج بالشعب والأرض ويتساوى معهما. و تميل الكفة داخل النسق الحلولي بالتدريج لصالح الشعب على حساب الإله حتى يصبح الشعب وتراثه (لا الإله) مصدر القداسة، وبالتالي يصبح جوهر اليهودية بقاء اليهود، ويظهر داخل اليهودية لاهوت البقاء أو لاهوت ما بعد أوشفيتس. 
وقد عَرَّفت اليهودية المحافظة أهدافها بأنها الإصرار على وحدة إسرائيل «الكاثوليكية» العالمية، والإصرار على الحفاظ على استمرار التراث اليهودي والاهتمام بالدراسات اليهودية. فهذا هو الجوهر، أما ما عدا ذلك من عبادات وعقائد، فإنه يظهر بشكل عضوي وتلقائي متجدد. 
اليهـودية التاريخيـة Historical Judaism 
«اليهودية التاريخية» مصطلح مرادف لمصطلح «اليهودية المحافظة» أدخله زكريا فرانكل حين دعا إلى ثوابت " اليهودية التاريخية " قاصداً بذلك العناصر الثابتة التي ينبغي على الإصلاح الديني أن يقبلها ولا يحاول تعديلها لأنها تعبير عن جوهر الروح اليهودية، وهو جوهر أزلي لا لأن الإله خلقه بل لأنه تجاوز الزمان من خلال ممارسات اليهود عبر التاريخ. 
اتحـــاد اليهوديـــة التقليديــة Union of Traditional Judaism 
فرقة يهودية جديدة خرجت على اليهودية المحافظة عام 1984 بعد أن صُرِّح للنساء بالانضمام لكلية اللاهوت اليهودية، ومن ثم أصبح من الممكن ترسيمهم حاخامات عند تَخرُّجهن.وقد احتفظت الفرقة بانتمائها لليهودية المحافظة بعض الوقت وسمَّت نفسها اتحاد اليهودية المحافظة التقليدية ثم شكلت لجنة البحث في الشريعة التي تُعَدُّ تحدياً مباشراً للجنة الشريعة والمعايير التابعة لليهودية المحافظة. وبعد قليل،استقلت الفرقة عن اليهودية المحافظة وأسست كلية خاصة بها لتخريج الحاخامات وسمَّت نفسها باسمها الحالي.وقد جاء هذا في أعقاب قيام اليهودية التجديدية بتأسيس كلية لتخريج الحاخامات التجديديين.وهذا يعني أن هناك تساقطاً في صفوف اليهودية المحافظة لصالح كلٌّ من اليسار (التجديدي) واليمين (التقليدي). 
ماسورتي Masorti 
«ماسورتي» كلمة عبرية تعني «محافظ» أو «تقليدي» (من كلمة «موسار» أي «تقاليد») وتُستخدَم للإشارة إلى اليهود المحافظين، وخصوصاً داخل إسرائيل. وتُترجم الكلمة إلى العربية بكلمة «محافظ» أو «تقليدي». ولذا، فحين ترد هذه الكلمة في أحد النصوص العربية، يظن القارئ العربي أن هذا اليهودي الذي يقال له «تقليدي» يتمسك بالشعائر وبأهداف دينه، ولكنه في الواقع يهودي إثني يتمسك ببعض الشعائر لأنها جزء من ميراث الأجداد ولأنها تعبِّر عن الذات القومية وروح الشعب (فولك). وهو في هذا مختلف عن اليهود العلمانيين الذي يرفضون كل التقاليد ويرون أنها تعوقهم عن التقدم واللحاق بركاب الحضارة الحديثة. ولكنه رغم اختلافه عن اليهود العلمانيين إلا أن هذا لا يجعله محافظاً أو تقليدياً من المنظور الديني، فالشعائر بالنسبة له ليست جزءاً من نسق ديني أخلاقي يتمسـك به مهـما كان الثمن، وإنما هي فلكلور يمتع به نفسه. ولهذا، فرغم أن المعنى المعجمي للفظ «ماسورتي» هو «محافظ» أو «تقليدي»، فإن مجاله الدلالي مختلف تماماً عن كلمة «محافظ» أو «تقليدي» في أية لغة أخرى أو أي سياق حضاري أو ديني آخر. 
معبــــد أمريكــــا المـــوحَّــد United Synagogue of America 
تنظيم يضم الأبرشيات اليهودية المحافظة، أسسه سولومون شختر عام 1913، ويتبعه نحو 830 معبداً في كل من الولايات المتحدة وكندا. ويوجه التنظيم الأبرشيات التابعة له وفروعها. ولتحقيق هذا الغرض، أقام المعهد قسماً للتربية اليهودية وقسماً لأنشطة الشباب ومعهداً قومياً للدراسات اليهودية للكبار، كما أقام لجنة للعمل الاجتماعي وقسماً للموسيقى ولجنة للطعام الشرعي. ويرتبط هذا التنظيم بكلٍّ من جمعية الحاخامات وجمعية المرتلين وجمعية المربين والجمعية القومية لأمناء المعابد، ومن ضمن ذلك الرابطة القومية النسائية التابعة لها، وغيرها من الروابط. 
كليـــة اللاهـــوت اليهوديــة Jewish Theological Seminary 
معهد ديني عال تم تأسيسه عام 1886 في نيويورك لإعداد الحاخامات. وقد ترأسه عام 1902 سولومون شختر الذي بلور اتجاهه العقائدي بحيث أصبح العصب الأساسي لليهودية المحافظة، وهو لا يزال كذلك حتى الوقت الحالي. وبعد وفاة شختر تبعه في رئاسة الكلية كلٌّ من سيروس أدلر ولويس فنكلشتاين على التوالي. ويتبع الكلية معهد لتدريب المنشدين الدينيين ومركز طلابي في القدس. وتشرف الكلية على المتحف اليهودي في نيويورك، ولها مكتبة تحوي 200 ألف كتاب وعشرة آلاف مخطوط. 
الجمعيــة الأمريكيــة للحاخامــات Rabbinical Assembly of America 
تَجمُّع يضم ما يربو على 600 حاخام محافظ في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا 80% منهم من خريجي كلية اللاهوت اليهودية. وقد نُظِّمت الجمعية سنة 1900 لتكون جمعية لخريجي هذه الكلية، ولكن أُعيد تنظيمها عام 1940 باسم «جمعية الحاخامات». وفي سنة 1946، نشرت الجمعية بالتعاون مع معبد أمريكا الموحَّد كتاب صلوات السبت والأعياد. وتنشر الجمعية مجلة ربع سنوية هي اليهودية المحافظة، وكتاباً سنوياً يضم تفاصيل مؤتمرها. أما اللجنة التابعة للجمعية، والخاصة بالشريعة اليهودية والمعايير الدينية، فقد أصدرت عدداً من الفتاوى. 
سولومـون رابوبـورت (1790-1867) Solomon Rapoport 
أحد رواد علم اليهودية واليهودية المحافظة. وُلد في جاليشيا ودرس العلوم الدينية والدنيوية في عصره. وقد استفاد رابوبورت بمعرفته التقليدية والدنيوية في دراساته التاريخية فتَخصَّص في فترة الفقهاء (جاءونيم)، وكان صديقاً لنحمان كروكمال وحاييم لوتساتو وليوبولد زونز. عمل رابوبورت حاخاماً في جاليشيا وبراغ حيث هاجمه الحسيديون والأرثوذكس بسبب دراساته وموقفه النقدي من اليهودية. 
وقد عارض رابوبورت اليهودية الإصلاحية لتجاهلها التراث اليهودي متمثلاً في التلمود. كما عارض قرارات المؤتمرات الحاخامية الإصلاحية، وكتب يبين أنها ستؤدي إلى انقسام اليهودية، وأن أي إصلاح لابد أن يتم لا بيد الإنسان وإنما بمرور الزمن، فهو وحده الذي اكتسح كثيراً من العادات البالية وسيفعل ذلك مرة أخرى. ووضَّح رابوبورت أن الحاخامات كانوا يُدخلون عبر التاريخ تعديلات على قوانين الزواج والطلاق والطعام، وأنهم كانوا يقومون بذلك لعلمهم التام بأن الشعب اليهودي بأسره سيأخذ بهذه التعديلات، كما كانوا يعلمون أن وحدة اليهود لا يتهددها الخطر من قريب أو بعيد بسبب هذه التعديلات. والواقع أن رابوبورت يشبه فرانكل في هذا المضمار، فكلاهما يضع الإجماع الشعبي (كلال يسرائيل أو روح الشعب) مقياساً للإصلاح الديني، ومقياساً لقبول أو رفض العقائد أو العادات الدينية. فالثوابت أو المطلقات، أي العناصر التي خلع عليها الشعب القداسة، لا يمكن تعديلها. وقد بدأ رابوبورت في نشر موسوعة عن التلمود ولكنه لم يكملها، وترجم بعض الأشعار عن اللغات الأوربية إلى العبرية. 
زكريــــا فرانكـــل (1801-1875) Zacharias Frankel 
عالم ديني يهودي. وقد كان أول حاخام من بوهيميا تَلقَّى تعليماً علمانياً لأن التعليم اليهودي كان تعليماً دينياً صرفاً. أصبح حاخاماً أكبر في درسـدن عام 1836، ورئيس كلية لاهوتية في برسـلاو عام 1854. حاول أن يمزج القيم اليهودية التقليدية بالمعرفة الغربية، وأن يطوِّر اليهودية دون إخلال بما تصوَّر أنه جوهرها التقليدي وروحها الأساسية كما عبَّرت عن نفسها عبر التاريخ. وقد انسحب من حركة اليهودية الإصلاحية بعد خلافه مع جايجر، وكان السبب المباشر لانسحابه هو عدم موافقته على حذف الإشارات إلى صهيون، وتغيير لغة الصلاة من العبرية إلى لغة الوطن الذي يُعاش في كنفه (الألمانية في حالته). 
وقد انطلق فرانكل في قراره هذا مما أسماه «ثوابت اليهودية التاريخية». ووصف العبرية بأنها التربة التي نشأت فيها اليهودية وترعرعت، وهي التربة الوحيدة التي يمكن أن تستمر وتزدهر فيها في المستقبل. ويعترف فرانكل بأن العبرية ليست مكوِّناً أصلياً في اليهودية فهما قد ارتبطتا أثناء ممارسة اليهودية في التاريخ. ولكنه يرى أن هذا الارتباط، برغم أنه تم في الزمان، فإنه قد تجاوزه بحيث أصبح مطلقاً لا زمانياً. وهكذا، فإن العبرية التي كانت مجرد أداة عبَّرت اليهودية عن نفسها من خلالها أصبحت جوهراً، أي واحداً من الثوابت الراسخة في الوجدان اليهودي ينبغي التمسك به. والواقع أن الثوابت عند فرانكل هي المطلقات الدينية التي تستمد مطلقيتها وقداستها من ممارسة اليهود التاريخية، ويصبح معيار تَقبُّل أحد جوانب اليهودية أو رفضه ليس الشريعة الثابتة وإنما مدى الأهمية التي خلعها الوجدان اليهودي على هذا الجانب أو ذاك من العقيدة اليهودية. فالعبرية تكتسب قدسيتها وأهميتها وتتحول إلى أحد الثوابت من هذا المنظور. وهذه الرؤية تعبير عن الطبقة الحلولية في التركيب الجيولوجي اليهودي وعن تحوُّل الشعب اليهودي إلى نقطة الحلول التي يكمُن فيها الإله والتي تحل محل الإله كمصدر للقداسة. 
وتعود رؤية فرانكل الحلولية العضوية بجذورها إلى الحلولية اليهودية، ولكنها تشبه أيضاً رؤية المفكرين الرومانتيكيين الألمان الذين خلعوا القداسة على الشعب العضوي (فولك)، ونظروا إلى حضارة كل شعب على أنه كيان عضوي مقدَّس يعبِّر عن روح الشعب، وهذه هي المفاهيم التي تبنتها الحركة النازية فيما بعد. وقد تأثر أعلام الفكر اليهودي المحافظ، مثل سولومون شختر ولويس جنزبرج، بأفكار فرانكل. ومن أهم مؤلفاته طريق المشناه (1859)، وبعض الأبحاث القصيرة عن الترجوم، والترجمة السبعينية، والتلمود. 
إسـحق ليـزر (1806-1868) Isaac Leeser 
حاخام محافظ من أصل ألماني، تلقى تعليماً حاخامياً وتعليماً دنيوياً قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1824. عمل منشداً (حزان) من عام 1829 في فيلادلفيا، وقام بترجمة العهد القديم إلى الإنجليزية، وأعد كتب الصلوات. وهو يُعَدُّ الأب الروحي لليهودية المحافظة. وقد أسس أول جريدة تهتم بالشئون اليهودية عام 1843، كما أسس أول دار نشر للكتب اليهودية، وكتب أول كتاب لتعليم العبرية للأطفال، ألحق به نصوصاً، كما أسس أول مدرسة ثانوية لتعليم العبرية عام 1849، وأسس أيضاً أول منظمة دفاع يهودية تمثل اليهود (هيئة المندوبين الإسرائيليين الأمريكيين)، وأول كلية لإعداد الحاخامات عام 1867 (وقد تخرَّج فيها أول أربعة حاخامات أمريكيين تلقوا تعليمهم في الولايات المتحدة). 
سـاباتو موريــه (1823-1897) Sabato Morais 
حاخام أمريكي. وُلد في إيطاليا وتعلَّم فيها، ثم هاجر إلى إنجلترا ومنها إلى الولايات المتحدة (1851) حيث عمل منشداً (حزان) في فيلادلفيا محل إسحق ليزر. ولا يتسم موريه بأي عمق أو أصالة في التفكير، ولكن أهميته تعود إلى حشده القوات المحافظة بين يهود أمريكا ضد الاتجاه الإصلاحي. وقد تعاون ساباتو مع الحاخام إسحق وايز، ولكن قرارات مؤتمر بتسبرج عام 1885 أقنعته بضرورة تأسيس تيار وسط بين الأرثوذكسية والإصلاحية وضرورة تأسيس معهد لتخريج الحاخامات المحافظين، فأسس كلية اللاهوت اليهودية عام 1887، وقد ظل رئيساً لهذه الكلية حتى موته. ويُعَدُّ هذا التاريخ تاريخ ميلاد اليهودية المحافظة. 
ألكسـندر كوهـوت (1842-1894) Alexander Kohut 
حاخام محافظ. وُلد في المجر، ودرس في جامعة ليبزج، وأصبح حاخاماً في ألمانيا عام 1867 . كان سكرتيراً لمؤتمر الوجهاء اليهود الذي عُقد في بودابست عام 1868، وناقش القضايا الأساسية التي كانت تواجه يهود اليديشية في شرق أوربا آنذاك. وعُيِّن في البرلمان المجري ممثلاً لليهود في أوائل الثمانينيات، ولكنه هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1885 حيث أصبح حاخاماً في نيويورك. وقد أصبح كوهوت من أكبر مهاجمي لحركة اليهودية الإصلاحية، وخصوصاً مقررات مؤتمر بتسبرج. ولعب كوهوت دوراً مهماً في تأسيس كلية اللاهوت اليهودية. وأهم مؤلفاته أخلاق الآباء (1885)، ومعجم من ثمانية أجزاء للمصطلحات التلمودية. 
ســولومـون شــختر (1847-1915) Solomon Schechter 
حاخام صهيوني من مفكري اليهودية المحافظة. وُلد في رومانيا حيث تلقَّى العلوم اليهودية التقليدية، وواصل دراسته في فيينا فتعمق في الدراسات اليهودية، ثم انتقل إلى إنجلترا عام 1890، حيث عُيِّن محاضراً للدراسات التلمودية في جامعة كامبردج. وسافر إلى القاهرة عام 1896 ورجع منها بعد عام حاملاً عديداً من المخطوطات اليهودية التي عثر عليها في جنيزاه المعبد اليهودي القديم في الفسطاط، ثم انتقل إلى أمريكا ليرأس الكلية اللاهوتية اليهودية. 
وبرغم أن شختر كان يؤمن بأن اليهودية دين وقومية معاً، فإنه لم ينضم إلى الحركة الصهيونية بسبب ما تصوَّره من علمانية قادة الحركة من أشباه اليهود، على حد تعبيره. وكان تصوُّره للوطن القومي اليهودي أقرب إلى صيغة آحاد هعام منه إلى صيغة هرتزل، وقد قابل آحاد هعام، وأصبح صديقاً شخصياً له. ولكنه اضطر في النهاية (عام 1905) إلى الانضمام إلى الحركة الصهيونية لأن الصهيونية على حد قوله تمثل سداً عميقاً ضد الانصهار والاندماج، كما أنها تعبير صادق عن أعماق الوعي اليهودي إلى درجة لم يتنبه إليها الصهاينة اللادينيون أنفسهم. ويُعَدُّ شختر مسئولاً أكثر من أي شخص آخر عن إدخال الأفكار الصهيونية على اليهودية المحافظة في الولايات المتحدة. وقد عارض شختر مشروع شرق أفريقيا، وكان يرى أن أية دولة صهيونية خارج الأرض المقدَّسة لا معنى لها، وقد ساهم في تأسيس معهد التخنيون في حيفا. وبعد الحرب العالمية الأولى عبَّر عن أمله في أن ينتصر الحلفاء على الأتراك ليستولوا على فلسطين، لأنه كان يؤمن بأن إنجلترا "الوطن الإنجيلي المفعم بالإيمان والروح العملية" ستفهم أماني الشعب اليهودي. 
ومن الملاحَظ أن ثمة تقارباً شديداً بين رؤية شختر لكلٍّ من التاريخ والوحي ورؤية مارتن بوبر لهما (وذلك رغم اختلاف مصطلحهما الديني والفلسفي). ويعود هذا، في الواقع، إلى الإطار الحلولي المشترك. فشختر يرى أن الوحي الإلهي (أو ما يقابل الأنت الأزلية عند بوبر) قد عبَّر عن نفسه من خلال التراث، وأن العهد القديم ليس كتاباً مقدَّساً فحسب بل هو كتاب تاريخ يهودي (أو هو سجل الحوار على حد قول بوبر)، وهو ليس أكثر الأشياء أهمية في حياة اليهود وإنما هو واحد من تعبيرات الذات والعبقرية اليهودية عن نفسها، ولهذا يتحول مركز السلطة أو الحلول الإلهي من العهد القديم (كلمة الإله) نفسه إلى كيان حي آخر (تاريخ الشعب اليهودي) أو حتى الشعب اليهودي نفسه، ففي تاريخ هذا الشعب يمكننا أن نعثر على المادة الخام لأي لاهوت يهودي. وترجيح كفة المخلوق على كفة الخالق نمط كامن في الفلسفات الحلولية. 
وهذه الفلسفة الحوارية التي تتخذ شكل ما يعرف باليهودية التاريخية، تُرجع كل شيء إلى الشعب اليهودي نفسه مصدر القيم التي يحكم بها على نفسه. وفي هذا الإطار، تنتفي فكرة الحكم على الذات، ويحل محلها نوع من تقديس الذات أو عبادتها، وهي عبادة بالمعنى الحرفي للكلمة، لأن الروح المقدَّسة قد حلت في التاريخ بحيث أصبح التاريخ (امتداد الذات القومية في الماضي) مقدَّساً لا يقبل النقاش. وبذا، يصبح حق اليهود في أرض الميعاد حقاً مطلقاً وتصبح الأحكام الصهيونية لا رجعة فيها. وللحاخام شختر مؤلفات عدة، من بينها كتاب بعض نواحي اللاهوت الحاخامي، ومجموعة مقالات في ثلاثة مجلدات نُشرت بعنوان دراسات في اليهودية، كما حقَّق شختر العديد من النصوص الدينية التي عثر عليها في الفسطاط وإليها ترجع شهرته وتُسمَّى المجموعة باسمه «مجموعة مخطوطات شختر». 
يتبع إن شاء الله...


الباب السابع: اليهودية المحافظة  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب السابع: اليهودية المحافظة  Empty
مُساهمةموضوع: سيروس أدلر (1863-1940) Cyrus Adier    الباب السابع: اليهودية المحافظة  Emptyالسبت 08 فبراير 2014, 9:29 pm

سيروس أدلر (1863-1940) Cyrus Adier 
مفكر يهودي أمريكي من أصل ألماني. نشأ في جو ديني ذي توجه تقليدي، ثم تَخصَّص في الدراسات السامية وأصبح أستاذاً لهذه المادة في جامعة فيلادلفيا. 
ساهم في تأسيس الجماعة اليهودية للنشر في أمريكا (1888)، كما أسس الجمعية التاريخية اليهودية الأمريكية (1892)، وأصبح رئيساً لها مدة عشرين سنة. قام بتحرير الكتاب السنوي ليهود أمريكا (الأجزاء السبعة الأولى ـ من عام 1899 حتى عام 1905)، وكان أحد محرري الموسوعة اليهودية (القديمة) (1901 ـ 1906). وقد لعب أدلر دوراً مهماً في تأسيس كلية اللاهوت اليهودية تحت رئاسة شختر، وأصبح رئيساً لها بعد موت شختر منذ عام 1924. وكان أحد مؤسسي المعبد الأمريكي الموحَّد، ورئيساً له. كما كان أحد مؤسسي اللجنة اليهودية الأمريكية، ثم رئيساً لها منذ عام 1929. وبرغم معارضته للصهيونية، فإنه اشترك في الوكالة اليهودية. 
ويتضح توجُّهه اليهودي المحافظ في كل أنشطته التي ترى اليهودية تراثاً تاريخياً متطوراً، وكذلك في علاقته بكلية اللاهوت اليهودية وفي معارضته الصهيونية وتعاونه معها في آن واحد. 
لويـس جــنـزبرج (1873-1953) Louis Ginzburg 
عالم تلمودي، وأحد قادة اليهودية المحافظة. وُلد في ليتوانيا من أسرة فقيه فلنا الذي أثَّر في تفكيره، وأكمل دراسته الجامعية في ألمانيا والنمسا عام 1898. هاجر إلى الولايات المتحدة ليقوم بالتدريس في كلية الاتحاد العبري، ثم انضم إلى هيئة محرري الموسوعة اليهودية (القديمة). وتُعَدُّ المقالات التي كتبها لهذه الموسوعة من أهم الدراسات في مجالها. انضم عام 1903، إلى كلية اللاهوت اليهودية، وظل في منصبه هذا حتى وفاته. 
وتنطلق معظم دراسات جنزبرج من القول بأن التاريخ اليهودي والحضارة اليهودية لا يمكن فهمهما دون معرفة كاملة بالشريعة، أي أنه يرى أن هناك تداخلاً بين الشريعة وروح الشعب اليهودي، وهذا هو الموضوع الأساسي في اليهودية المحافظة. من أهم دراساته أساطير اليهود (في سبعة أجزاء) حيث جمع كثيراً من الأساطير والقصص (أجاداه) وصاغ منها تاريخاً متواصلاً يستند إلى حياة الآباء وأبطال اليهود وأنبيائهم، كما كتب دراسات عن مرحلة الفقهاء (جاءونيم) وعن التلمود البابلي. 
لويــس فنكلــشتاين (1895-1991) Louis Finkelstein 
حاخام أمريكي، وأحد قادة حركة اليهودية المحافظة. حصل على الدكتوراه من جامعة كولومبيا عام 1918، ورُسِّم حاخاماً في كلية اللاهوت اليهودية عام 1919، ثم عُيِّن حاخاماً في إحدى الأبرشيات في نيويورك، وكان في الوقت نفسه يُدرِّس التلمود. وفي عام 1924، بدأ يدرس اللاهوت حتى أصبح أستاذاً لهذه المادة منذ عام 1931. وعُيِّن رئيساً لكلية اللاهوت منذ عام 1940. 
ويُعَدُّ فنكلشتاين ممثلاً للتيار المحافظ داخل اليهودية المحافظة. ومن أهم كتبه اليهود: تاريخهم وحضارتهم ودينهم (1949) وهو في ثلاثة أجزاء، وكتابه عن الفريسيين (1938) وهو من جزأين. 
شــاؤول ليبرمـان (1898-1983) Saul Lieberman 
عَالم تلمودي، وأحد أقطاب اليهودية المحافظة. وُلد في روسيا، ودرس فيها قبل الثورة في معاهدها الدينية وفي جامعة كييف بعدها. استوطن فلسطين عام 1948، ودرَّس التلمود في الجامعة العبرية وفي معاهد تعليمية أخرى، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة ليُدرِّس في معهد الدراسات اللاهوتية. وله دراسات عديدة بالعبرية في التلمود، كما أن له مؤلفين بالإنجليزية عن الحضارة اليونانية في فلسطين في العصر الهيليني. 
أبراهــام هيشـيل (1907-1972) Abraham Heschel 
فيلسوف ديني يهودي. وُلد في بولندا لأسرة حسيدية، وتلقَّى تعليماً تقليدياً في التلمود والقبَّالاه، ثم انتقل إلى ألمانيا والتحق بجامعة برلين حيث حصل على الدكتوراه، وتعرَّف أثناء هذه الفترة إلى مارتن بوبر. قام النازيون بترحيله في أكتوبر 1938، مع غيره من يهود شرق أوربا الذين كانوا قد نزحوا إلى ألمانيا، فقام بالتدريس بعض الوقت في بولندا، ثم هاجر إلى إنجلترا ومنها إلى الولايات المتحدة حيث قام بالتدريس عام 1940 في كلية اللاهوت اليهودية. وقد تأثر هيشيل بفلسفة هوسرل الظاهراتية، فحاول في مؤلفاته أن يُقدِّم لاهوتاً يهودياً ينطلق من الاعتماد على المصادر التقليدية للإجابة عن الأسئلة الحديثة. 
ويرى هيشيل أن الليبرالية والفكر الديني الحق لا يتفقان، فالليبرالية تُخضع كل شيء للنقد، وترى أن الإنسان قادر من تلقاء نفسه على أن يصل إلى الخلاص (وهذه مقولات كابلان واليهودية الإصلاحية إلى حدٍّ ما). أما هيشـيل، فيرى ضـرورة أن يعتمد الإنسان على قوة خارجية. فالعقل الإنساني يعجز عن الإحاطة بالتجربة الدينية تماماً، والمقدَّس لا يمكن أن يُرَدَّ بشكل كامل إلى مقولات فكرية أو تحليلية إنسانية. 
ولكن كيف يتأتى للإنسان أن يصل إلى هذه القداسة ويدركها؟ يرى هيشيل أن ثمة عناصر في الواقع الإنساني كامنة فيه ويمكنها أن تقود الإنسان إلى الإله من بينها الإحساس بالدهشة والسمو، ولكنه يصر على أن الإله ليس مجرد حالة شعورية وإنما هو سر يتجاوز الواقع (وهو في هذا يختلف بشكل جوهري عن الحلولية اليهودية التي تسري في الفكر الديني اليهودي بشكل عام). 
وانطلاقاً من تعاريفـه هـذه، يرى هيشيل أن الشريعة ملزمة لليهودي، وأن الأعمال الخيرة مشاركة في القداسة الإلهية. ويظهر إصرار هيشيل على أن التجربة الدينية ذاتية وموضوعية في تعريفه للأوامر والنواهي، فهي بالنسبة إليه دعاء أو صلاة على شكل فعل. ويُصر هيشيل على فكرة الاختيار، ولكنه يرى أن الاختيار مسئولية ملقاة على عاتق اليهود، وليست علامة من علامات التفوق. والاختيار لا يشير إلى خاصية موجـودة في الشـعب وإنمـا إلى نـوع العلاقـة مع الإله، فالاختيار علاقة مع الحقيقة النهائية، وعلى اليهود أن يتساموا على أنفسهم دائماً كي يصبحوا جديرين بهذا الاختيار. 
ومع هذا، تبدت الطبقة الحلولية (داخل التركيب الجيولوجي اليهودي) في إصرار هيشيل على أن ثمة تميزاً خاصًا لليهودي، فهو إنسان عليه أن يكون أكثر من إنسان، وكي يصبح اليهود شعباً عليهم أن يصبحوا أكثر من شعب، بل إنه يرى أن العهد بين الشعب والإله يتضمن استجابة متبادلة بينهما ومتوازية لأن الإله يحتاج إلى الإنسان كي يحقق أهدافه في هذا العالم. وهذه إحدى المقولات الأساسية للقبَّالاه التي درسها هيشيل. وقد وُصفت فلسفته بأنها حسيدية جديدة. وقد كتب هيشيل عدة مؤلفات، من أهمها الأنبياء (1962)، والإنسان مَن هو؟ (1965)، و إسرائيل: صدى الأزلية (1969). 
وقد كان لهيشيل دور سياسي ملحوظ في حركة الحقوق المدنية في الستينيات، أصبح خلاله بطلاً من أبطال اليسار اليهودي الأمريكي. وهو رغم ارتباطه باليهودية المحافظة، لا تشغل الدولة الصهيونية حيزاً من تفكيره الديني أو السياسي، ولعل هذا يفسر عدم اشتراكه في النشاط الصهيوني، وهو أمر يتسق على كل حال مع معظم أطروحاته، وخصوصاً إصراره على الجانب الذاتي للتجربة الدينية ومحاولته في الوقت نفسه ألا يسقط في الحلولية. 
جيكوب أجوس (1911-1986) Jacob Agus 
حاخام يهودي محافظ. وُلد في بولندا وتَعلَّم فيها، كما تعلَّم في كلٍّ من إسرائيل والولايات المتحدة. وبعد أن عمل حاخاماً لبعض الوقت، عُيِّن أيضاً أستاذاً في جامعة تمبل والكلية التجديدية للحاخامات. وهو يمثل التيار الليبرالي داخل اليهودية المحافظة. من أهم أعماله، معنى التاريخ اليهودي (1936) وهو من جزءين، والحوار والموروث (1969). 
جرسون كوهين (1924-1991) Gerson Cohen 
أحد زعماء اليهودية المحافظة. وهو مؤرخ يهودي وُلد في نيويورك وتخرَّج في كلية اللاهوت اليهودية، حيث تَخصَّص في التاريخ اليهودي. وعمل أميناً لمكتبة الكلية بعد تخرُّجه، ودرس التاريخ والتلمود، وأصبح أستاذاً لمادة التاريخ، وترك المدرسة عام 1967 ليخلف سالو بارون أستاذاً للتاريخ اليهودي في جامعة كولومبيا، ثم عاد إلى كلية اللاهوت بعد عامين. وفي عام 1972، عُيِّن مديراً للكلية. وقد صرح للنساء بالانضمام للكلية، وهو ما أدَّى إلى حدوث انقسام في صفوف اليهودية المحافظة. ومن بين أهم أعماله تحقيقه لكتاب ابن داود سيفر هقبَّالاه (1967). وآخر أعماله هي دراسات في تنوع الثقافات الحاخامية (1993). 
وقد بدأ جرسون، في الآونة الأخيرة، يشعر بأن الفكر الديني اليهودي يؤكد مركزية إسرائيل في حياة الدياسبورا (الجماعات اليهودية في العالم) ويُقلل من أهمية هذه الجماعات. ولذا، فقد شكل حلقة درابسية هو والحاخام ألكسندر شندلر (زعيم اليهودية الإصلاحية) تنطلق من الإيمان بأن يهود أمريكا ككل يمكنهم المحافظة على اهتمامهم بإسرائيل وصياغة مصيرهم المستقل في آن واحد دون أن يمنحوا إسرائيل مركزية في حياتهم. 
اليهوديـــة المحافظـــة والصهيونيــة Conservative Judaism and Zionism 
لابد أن نذكر ابتداءً أن المذهب المسيطر على الحياة الدينية في إسرائيل هو اليهودية الأرثوذكسية. ولكننا، رغم ذلك، نرى أن الفكر الصهيوني يشبه في كثير من الوجوه فكر اليهودية المحافظة، فكلاهما يتبنى مقولات اليهودية الأرثوذكسية الحلولية بعد أن علمنها كلٌّ منهما على طريقته. فبينما يؤكد الأرثوذكس الأصول المقدَّسة الربانية للتراث اليهودي، يرى المحافظون أنه تراث مقدَّس، ولا يعنون كثيراً بمصدر القداسة. 
وعلى حين يلغي الأرثوذكس التاريخ الزمني كليةً ولا يدورون إلا داخل إطار التاريخ المقدَّس، نجد أن المحافظين يتحدثون عن تاريخ يهودي لا يختلف كثيراً عن التاريخ المقدَّس. وبينما يصر الأرثوذكس على مقولة أن الدين اليهودي هو القومية اليهودية وعلى أن القومية هي الدين، يحاول المحافظون تمويه هذه الحقيقة والتخفيف من حدتها بعض الشيء بالحديث عن الروح المقدَّسة للشعب، وجعلها مصدر القداسة بدلاً من الإله، وكذلك بالحديث عن اليهودية كخليط من العقيدة الدينية والهوية الإثنية، وهو خليط أخذ يتطور منذ القدم حتى الوقت الحاضر. وهكذا، فإننا نجد أن اليهودية المحافظة هي الحلولية اليهودية التقليدية، بعد أن تم ترجيح كفة الجانب البشري على الجانب الإلهي، وهذا هو جوهر الصهيونية أيضاً. 
وقد ارتبطت اليهودية المحافظة بالصهيونية منذ البداية، ويمكننا أن نعد الصهيونية الثقافية، التي كان يدعو لها آحادهعام، ضرباً من ضـروب اليهـودية المحافظـة (وكذا تجديدية كابلان وحوارية بوبر). وبالفعل، تبنت اليهودية المحافظة رؤية آحاد هعام للجماعات اليهودية في العالم (الدياسبورا) ورفضت المفهوم الصهيوني الخاص بضرورة نفي الدياسبورا (أي محوها أو استغلالها)، وطالبت باحترامها واحترام تراثها التاريخي. 
وكل ما يجمع هؤلاء المفكرين هو إيمانهم باختلاف التاريخ اليهودي عن تاريخ بقية الشعوب، فهو تاريخ مقدَّس يتضمن عناصر دينية، فهو موضع الحلول الإلهي، كما أن الدين اليهودي دين تاريخي يتضمن عناصر دنيوية (والواقع أن تداخل المقدَّس والدنيوي هو أساس بنية الفكر الصهيوني). 
ولعل ذلك التقابل الواضح بين اليهودية المحافظة والصهيونية واضح تماماً في موقـف زكريا فرانكل وبن جـوريون مما يُسمَّى «التراث اليهودي». ففرانكل يرى أن الدين اليهودي هو التعبير الديني عن روح الأمة اليهودية، وهو بمنزلة إجماعها الشعبي العام. ولذا، يجب ألا تثار مسألة ما إذا كان القانون من أصل سماوي أو أرضي، فمادام القانون يعبِّر عن هذا الإجماع الشعبي العام فيجب أن يبقى ساري المفعول. 
ويشبه هذا الموقف، في كثير من الوجوه، موقف بن جوريون من أسطورة العهد الذي قطعه الإله على نفسه بمنح اليهود أرض كنعان، فبالنسبة لبن جوريون لا يهم إن كانت هذه الواقعة حقيقةً إلهية أم لا، فالمهم هو أن تظل هذه الأسطورة مغروسةً في الوجدان اليهودي، ولذا يجب أن تبقى سارية المفعول حتى بعد أن ثبت أن الوعد المقطوع مجرد أسطورة شعبية ليس لها أي مصدر إلهي. وقد بدأت اليهودية المحافظة تلعب دوراً تنظيمياً نشيطاً داخل الحركة الصهيونية، وتأسست منظمة محافظة صهيونية هي منظمة مركاز (اختصار عبارة «موفمنت تو ري أفيرم كونسرفاتيف زايونيزم Movement to Reaffirm Conservative Zionism، أي «حركة إعادة تأكيد الصهيونية المحافظة»). 
وقد أصدرت الجمعية الأمريكية للحاخامات قراراً للمعابد اليهودية المحافظة بالانضمام إلى المنظمة الصهيونية العالمية بشكل جماعي، ويُلاحَظ أن اليهودية المحافظة بدأت تحقق نجاحاً ملحوظاً في إسرائيل في الوقت الحاضر. وقد أُسِّست أول أبرشية محافظة في فلسطين عام 1936. ولكن حتى أوائل السبعينيات، لم يكن في إسرائيل سوى عدة معابد يهودية محافظة، ومركز للطلبة اليهود الأمريكيين، نيفيه شختر، وهـو يُعَد الفـرع الصيفي لكلية اللاهـوت اليهـودية. ولكن، بعد ذلك التاريخ، بدأت محاولات جادة لتوسيع نطاق الحركة ليشمل التجمع الصهيوني كله. 
وباءت المحاولات بالفشل حتى أوائل الثمانينيات، حين ظهرت حركة ماسورتي (أي التقليدية) التي أسَّست عام 1984 معاهدها الأساسية ومنها المعهد العالي للدراسات اليهودية الذي يُعد الدارسين الإسرائيليين ليعملوا حاخامات محافظين، وحركة نوام الشبابية ومعسكرات صيفية ومدارس وكيبوتس وموشاف وفرق نحال. 
ويتكون هيكل حركة ماسورتي التنظيمي من معبد إسرائيل المتحدة ويضم قيادات الأبرشيات، ومجمع إسرائيل الحاخامي ويضم حوالي 100 حاخامي ماسورتي. ويبلغ عدد أعضاء الحركة حوالي عشرة آلاف. ويوجد الآن نحو أربعين أبرشية محافظة. كما نجحت الحركة في تأسيس مدارس تالي، وهي مدارس تعكس أيديولوجيا الحركة. ولا تتلقى هذه المدارس أي عون من الحكومة الإسرائيلية بسبب عدم اعتراف المؤسسة الأرثوذكسية بها. 
وقد أصدرت حركة ماسورتي بياناً رسمياً عام 1986 يحدد موقفها. وبعد عامين، أصدر المجلس الحاخامي بياناً أكثر شمولاً يعكس اهتمامات الحركة في الولايات المتحدة. وقد لوحظ وجود اختلافات مهمة بين ما جاء في هذا البيان وموقف حركة الماسورتي، وخصوصاً فيما يتعلق بدور إسرائيل بين يهود العالم. 
ولا تعترف المؤسسة الأرثوذكسية المهيمنة في إسرائيل بالحاخامات المحافظين، كما لا تعترف بالزيجات التي يعقدونها أو مراسم الطلاق التي يقيمونها. وعلاوة على ذلك، تحاول المؤسسة الأرثوذكسية أن تعدل قانون العودة فتضيف عبارة « من تهوَّد حسب الشريعة »، أي على يد حاخام أرثوذكسي، وهو ما يعني استبعاد الحاخامات المحــافظين. وتـوزع دار الحاخــامية منشـورات تحـذر النـاس من أن أداء الصلوات في المعابد التابعة لحركة ماسورتي محرم. 
اليهـودية التجـديدية Reconstructionism  
«اليهودية التجديدية» مذهب ديني يهودي حديث يشبه في كثير من الوجوه اليهودية المحافظة، أسسها الحاخام مردخاي كابلان عام 1922 في الولايات المتحدة عند تأسيس جمعية تطوير اليهودية. وقد اكتسبت اليهودية التجديدية معالمها التنظيمية بشكل أكثر تحديداً عام 1934، حين نشر كابلان مجلة التجديدي التي التفت حولها مجموعة من المفكرين اليهود، منهم: ملتون ستاينبرج، وإيوجين كون، وزوج ابنته إيرا إيزنشتاين. ورغم أن اليهودية التجديدية حاولت أن تظل، من ناحية الأساس، اتجاهاً دينياً وحسب، فإنها تحولت تدريجياً إلى فرقة دينية، فنشر كابلان الهاجاداه الجديدة عام 1941، كما نشر دليلاً للشعائر اليهودية في العام نفسه. 
وقد أصبح إيرا إيزنشتاين قائداً للحركة عام 1959، كما أصبحت الحركة فرقة دينية بمعنى الكلمة عام 1968، حينما تم تأسيس الكلية الحاخامية التجديدية في فيلادلفيا لتخريج حاخامات تابعين للحركة. ويوجد داخل الحركة التجديدية إطاران تنظيميان: المؤسسة التجديدية نفسها، وتضم اليهود التجديديين، ثم هناك اتحاد الأبرشيات التجديدية والجماعات الصغيرة (حفروت)، وهي كلمة عبرية معناها الحرفي «ارتباط»، وتضم اليهود التجديديين ومجموعات صغيرة من اليهود تقبل الإطار الفكري العام لليهودية التجديدية دون أن يصبحوا بالضرورة تجديديين. ويجتمع أعضاء هذه الجماعات مرة كل أسبوع، أو مرة كل أسبوعين للتعبد ولتبادل الأفكار. 
وتحاول اليهودية التجديدية الوصول إلى صيغة للدين اليهودي تلائم أوضاع الأمريكيين الذين يعيشون داخل حضارة علمانية برجماتية، وقد تأثر مؤسسها بأفكار الفيلسوف الأمريكي جون ديوي. وتَصدُر اليهودية التجديدية عن الإيمان بأن إعتاق اليهود وضع فريد تماماً في تجربتهم التاريخية، عليهم التكيف معه، وعلى اليهودية أن تُعدِّل هويتها بشكل يتفق مع المعطيات الجديدة. ولم تكن مهمة كابلان عسيرة كما قد يبدو لأول وهلة، ذلك لأن اليهودية باعتبارها تركيباً جيولوجياً تحوي داخلها من الطبقات المختلفة المتناقضة، والمتعايشة جنباً إلى جنب، ما يسبغ شرعية على أي اتجاه ديني مهما تكن صيغته ومهما كان تطرفه وتفرُّده. والواقع أن كابلان، شأنه شأن كثير من المفكرين الدينيين اليهود، وخصوصاً مارتن بوبر وسولومون شختر، ينطلق من الطبقة الحلولية داخل التركيب الجيـولوجي، لذا فهـو يؤمـن بإلـه لا يسمـو لا على المادة ولا عـلى التاريــخ ولا على العلم الوضعي، وإنما هو كامن فيها كلها. 
ويُلاحَظ أن الإله عادةً ما يلتحم بمخلوقاته في النسق الحلولي ويتوحد معها ويذوب فيها، فيشحب ثم يختفي تماماً إلا اسماً، ويظهر الإنسان متميِّزاً إلى أن يحل محل الإله تماماً، وهكذا تتحول الحلولية من مرحلة وحدة الوجود الروحية إلى مرحلة وحدة الوجود المادية أو حلولية بدون إله، وهي مرحلة العلمانية. وهذا هو ما يحدث في فلسفة كابلان، فهو يرى أن الدنيا مكتفية بذاتها، إذ أن الإنسان يتضمن من القدرات ما يؤهله للوصول إلى الخلاص بمفرده دون عون خارجي، كما أن الطبيعة المادية يوجد فيها من المصادر ما يجعل هذه العملية ممكنة. 
والإله داخل هذا الإطار المنغلق على نفسه ليس كائناً أسمى خلق العالم وتَحكَّم فيه، وإنما هو مجرد عملية كونية تقترن في الواقع بذلك الجانب الذي يزيد قيمة الفرد والوحدة الاجتماعية، وهو القوة التي تدفع نحو الخلاص، وهو التقدم العلمي. ولذا، فرغم أن كابلان يحتفظ بفكرة الإله في صيغة شاحبة باهتة، فإن ما بقي منه هو في واقع الأمر الاسم وحسب. ولذا، فليس من المستغرب أن ينكر تماماً فكرة الوحي الرباني وفكرة البعث والآخرة في صياغتهما اليهودية. 
والواقع أن فكرة الرب التي يطرحها كابلان لا تدع مجالاً لأية علاقة شخصية عاطفية بين الإله ومخلوقاته، فهو بهذا كيان مجرد يشبه النظريات الهندسية أو المعادلات الرياضية (ولا يخـتلف كثيراً لا عن إله إسـبينوزا الذي يتوحد تماماً مع الطبيعة وقوانينها، ولا عن إله الربوبيين الذي يذوب تماماً في العقل المادي وقوانين التطور). 
وبشحوب فكرة الإله ثم اختفائها، تظهر فكرة الشعب عنصراً أكثر أهمية من الإله في النسق الديني. وإذا كانت هذه الفكرة جنينية في فكر اليهودية المحافظة، فهي هنا تصبح واضحة صريحة. فأكثر الأشياء قداسة في نسق كابلان هو اليهود وتراثهم وليس دينهم. فالدين اختراع إنساني وتعبير حضاري عن روح الشعب العضوي (فولك)، يشبه في هذا المجال اللغة والفلكلور، ولا يوجد فارق كبير بين التوراة والكتب الأخرى للشعب، فكلها منتجات حضارية يلتحم فيها الدين بالموروث الحضاري. واليهودية نفسها عبادة شعبية أو قومية، أعيادها تشبه عيد الاستقلال عند الأمريكيين أو الأعياد الشعبية المختلفة. وهكذا يشحب الدين مثلما شحب الإله من قبل، وهكذا يختفي الدين مثلما اختفى الإله من قبل حتى يبرز عنصر واحد هو الشعب اليهودي وروحه المطلقة الأزلية. 
ويرى كابلان أن وجود اليهود يسبق ماهيتهم. ولذا، فإن اليهود (هذا الوجود التاريخي المتطور) أهم من اليهودية (هذا النسق الديني الذي يتسم بشيء من الثبات). واليهودية إنما وجدت من أجل اليهود ولم يوجد اليهود من أجل اليهودية، وهذا على خلاف الرؤية الأرثوذكسية التي ترى أن اليهودي قد اختير ليضطلع بوظيفة مقدَّسة تجعل وجوده الدنيوي أمراً ثانوياً. والقاسم المشترك الأعظم بين اليهود ليس عقائدهم، ولا ممارساتهم الدينية، ولا حتى أهدافهم الخلقية، وإنما حضارتهم الشعبية الدينية، وهي حضارة يدفعها الإله بالتدريج نحو العُلا والسمو.
ولكن العُلا والسمو هنا لا يكتسبان مفهوماً أخلاقياً ولا يرتبطان بعالم آخر أو قيم سـامية إذ لا يشـعر بهما اليهودي إلا الآن وهنا، وهما يعبِّران عن نفسيهما في رغبة اليهودي في البقاء، أي أن القيمة المطلقة في حضارة هذا الشعب ليست قيمة أخلاقية أو إنسانية وإنما قيمة البقاء، وهي قيمة طبيعية يشترك فيها الإنسان مع الحيوان (فكأن يهودية كابلان التجديدية كانت تحوي داخلها لاهوت موت الإله ولاهوت البقاء الذي ظهر في الستينيات). ويرى كابلان أن الصفة المشتركة بين اليهود ليست صفة أخلاقية وإنما هي صفة الاستمرار والبقاء، وهذه مصطلحات تتواتر في اليهودية المحافظة وفي الأدبيات الصهيونية سواء بسواء. 
من كل هذا، يمكن القول بأن محور الحياة اليهودية هو الشعب اليهودي، ويصبح معيار الإيمان باليهودية ليس الإيمان بهذه العقيدة أو تلك، أو ممارسة هذه الشعائر أو تلك، وإنما مدى التزام اليهودي ببقاء شعبه. ويصبح من غير المهم الإيمان أو عدم الإيمان بالدين، أي أن الإيمان لا يصبح ذا علاقة بفكرة الخير أو الالتزام المبدئي بمجموعة من القيم، وإنما هو إيمان ببقاء الشعب وتراثه القومي. وفي هذا الإطار، عَرَّف كابلان الشعائر والطقوس بأنها ليست قانوناً أو شريعة وإنما مجرد وسيلة لبقاء الجماعة وتطوُّر الفرد، فاليهـودية في خدمـة اليهـود وكل فرد يقرر لنفسه ما سيمارسه من طقوس. ولكنه، نظراً لإيمانه الشديد بروح الشعب وأهمية الفلكلور، أوحى بضرورة الحفاظ على نوع من أنواع الاتزان. 
وما يفعله كابلان هو أنه يستخدم الخطاب الديني ليعبِّر عن رؤية حلولية علمانية تنكر الحياة الآخرة وتمجِّد الذات الإثنية، وتخلع على الأشياء اليهودية قداسة يخلعها الفكر التوحيدي على الإله وحده وعلى كلمته، ويخلعها الفكر النازي (مثلاً) على الشعب الألماني وأرضه، ويخلعها الفكر الماركسي على الطبقة العاملة أو الحتمية التاريخية أو القوانين المادية. 
وتجديدية كابلان تشبه من جوانب عدة اليهودية المحافظة أو التاريخية في تأكيدها أهمية التراث اليهودي الديني، وفي تقديسها له دون أن تشغل نفسها بمصدر القداسة سواء كان روحياً ربانياً أو كان روح الشعب. وعلى أية حال، فإن كابلان، مثل بوبر ومثل كثير من المفكرين الدينيين اليهود، يرى أن ثمة توازناً وتعادلاً وامتزاجاً وحواراً بين الإله والشعب ومن ثم لا يهم مصدر القداسة. ومع هذا، فإن اليهودية التجديدية صياغة متطرفة لليهودية المحافظة، فهي قد تخلصت من كل الترسبات الدينية العالقة بالنسق الديني المحافظ، وغلّبت العنصر الدنيوي تماماً، بحيث لم تعد فكرة التقدم معادلاً للإله، بل أصبحت هي نفسها الإله! 
وفكرة المطلق الدنيوي (الروح واسم مضاف لها) فكرة أساسية في اليهودية الإصلاحية التي تحاول أن تعكس «روح العصر»، وفي اليهودية المحافظة التي تعكس «روح الشعب اليهودي»، وهي كذلك في اليهودية التجديدية، إلا أن روح الشعب هنا يُلاحَظ أنها تصبح روح الشعب اليهودي في الولايات المتحدة، أي روح الشعب اليهودي الأمريكي. 
ويبدو أن إله كابلان يعبِّر عن مشيئته ويفقد نفسه في المجتمع الأمريكي بالذات أكثر من أي مجتمع آخر. وليس من قبيل المصادفة بالطبع أن هذا المجتمع يضم أكبر تجمُّع يهودي في العالم. ولأن المجتمع الديموقراطي هو المجتمع المثالي، فإن اليهودي الأمريكي يمكنه أن يرتبط بمجتمعه الديموقراطي الجديد فخوراً بارتباطه لأنه يعيش في حضارتين منسجمتين. 
ويمكن التعبير عن كل هذا بالقول بأن كابلان قد وسَّع نطاق المطلق ونقطة الحلول بحيث لم تَعُد مقصورة على الشعب اليهودي وتراثه وحسب وإنما اتسعت لتشمل الشعب الأمريكي وتراثه الديموقراطي أيضاً، وبذا فإن قداسـة الأمريكيين اليهـود جزء من قداسـة الشـعب الأمريكي بعامة. ولذا، نجد أن كابلان يعتبر وثائق التاريخ الأمريكي كتباً دينية مقدَّسة، تماماً كما أن العهد القديم كتاب تاريخ يهودي مقدَّس. وانطلاقاً من هذا الإيمان بقداسة الولايات المتحدة، يرفض كابلان فكرة الاختيار التقليدية التي تُميِّز بين الشعب اليهودي المقدَّس والشعوب الأخرى (كالشعب الأمريكي) التي يعيش بين ظهرانيها. ويمكن القول بأن اليهودية التجديدية هي النقطة التي نجد أن اليهودية تتحول فيها من عقيدة دينية شبه علمانية إلى عقيدة علمانية شبه دينية أو عقيدة ذات ديباجات دينية. واليهودية التجديدية تشبه في كثير من النواحي العقيدة الموحدانية (المسيحية). 
ويرى كابلان أن العهد الذي وَحَّد بين اليهود في الماضي يجب أن يُوحِّد في الوقت الحاضر بين إسرائيل ويهود العالم. كما يرى كابلان أن اليهودية هي حضارة الشعب ولا يمكنها أن تستمر دون أن تكون لها دولة فيها أغلبية يهودية تمثل المركز لكل الجماعات اليهودية في العالم، ولذلك فقد نادى بتعمير أرض إسرائيل باعتبارها الوطن القومي للحضارة اليهودية. وهو يتفق في نهاية الأمر مع الصهاينة في إنكار أن الإله هو مصدر القداسة، فمصدرها الحقيقي بالنسبة له هو التاريخ اليهودي والأمة اليهودية، وهو ما يؤدي إلى تَداخُل وتمَازُج الدنيوي والمقدَّس، والقومي والديني. وإذا كان كابلان صهيونياً، فهو صهيوني خارجي توطيني يقبل الصهيونية إطاراً ورؤية ولكنه يرفض الاستيطان في فلسطين هدفاً نهائياً لكل اليهود، وإن كان لا يُمانع في المساهمة في توطين الآخرين وفي التحدث عن إسرائيل في حياة اليهود. ويرى كابلان أهمية الجماعات (الدياسبورا) ومركزيتها وضرورة الحفاظ على استقلالها واستمرارها، أي أنه يفترض نقطتين للحلول أي مطلقين: إسرائيل والشعب اليهودي خارجها. 
ولأن أي نسق فلسفي لا يمكنه أن يتعايش بسهولة مع مطلقين ومركزين، فقد اقترح أن تُعبِّر الحياة اليهودية عن نفسها (خارج إسرائيل) من خلال حياة يهودية عضوية، الوحدة الأساسية فيها مكوَّنة من المؤسسات التعليمية والمعهد اليهودي، والمنظمة الصهيونية، وتنتخب كل جماعة صغيرة القيادة التي ستدير شئونها والتي تقوم بعملية ربط الجماعات اليهودية في العالم بالدولة الصهيونية. ولن يصبح المعبد اليهودي، من هذا المنظور، معبداً للصلاة وحسب وإنما مركز اجتماعي يعبِّر عن كل جوانب حياة اليهود. كما طالب كابلان الأمم المتحدة بأن تعترف باليهود كشعب عالمي له وضع قانوني خاص. 
ويضم كتاب كابلان اليهودية كمدنية (1934) الأفكار الأساسية لليهودية التجديدية التي تضم نحو 75 ألف عضو في 156 أبرشية. لكن مجلس معابد أمريكا الذي يضم ممثلين عن كل الفرق الدينية الأخرى رفض السماح لليهودية التجديدية بالانضمام إلى عضويته، أي أنه لا يعترف بها كفرقة دينية. وهذا يعود إلى معارضة اليهود الأرثوذكس ممن لهم حق الاعتراض (الفيتو) داخل المجلس. وقد صرح الحاخام إيزيدور إينشتاين بأن اليهودية التجديدية يتبعها معابد يهودية لها حاخامات، ولكنها ليست ديناً على الإطلاق (وهذا هو نفسه ما يقوله الأرثوذكس عن المحافظين والإصلاحيين). 
ومع هذا، تجب الإشارة إلى أن أثر كابلان في الحياة اليهودية في الولايات المتحدة عميق إلى أبعد حد، ويُعَدُّ فكره من أهم المؤثرات في اليهودية المحافظة التي تضم أغلبية يهود الولايات المتحدة الذين يعرِّفون انتماءهم تعريفاً دينياً. كما ترك كابلان أثراً عميقاً في الفكر التربوي اليهودي. وقد تحققت رؤية كابلان إلى حدٍّ بعيد، فاليهودية آخذة في الاختفاء باعتبارها ديناً، وبدأت تحل محلها الإثنية اليهودية، أي أن اليهود حلوا محل اليهودية. ويجأر حاخامات الولايات المتحدة بالشكوى من أن المعبد اليهودي قد تحوَّل إلى مركز اجتماعي، وإلى فرع للمنظمة الصهيونية العالمية،كما أنهم يرون أن اليهود يؤمنون بالدولة الصهيونية أولاً وقبل كل شيء، أي أن اليهودية تحولت إلى ممارسة إثنية لا يربطها رابط بالعقائد الدينية. 
وقد حدث تطوُّر كبير في اليهودية التجديدية بظهور كتاب رئيس كلية الحاخامات التجديديين الحاخام أرمز جرين فلتبحث عن وجهي، ولتتفوَّه باسمي (1992) ويُعدُّ الكتاب محاولة لتجاوز العقلانية المادية الباردة التي تسم كتابات كابلان واليهودية التجديدية بعامة ويذهب الحاخام جرين إلى أن الأحداث التي وردت في العهد القديم صور مجازية للتعبير عن الحقيقة، تضرب بجذورها بعيداً عن السطح وطالب برؤية غير ازدواجية (واحدية) تمحو التمييز التقليدي بين المادي والإلهي. 
فالإله والعالم صيغتان مختلفتان تعبِّران عن كائن واحد. وأنكر أن الإله عنده أي مخطط أو هدف أو غاية للعالم أو أن الإله يعبِّر عن نفسه في التاريخ. فالإله شيء نشعر به نحن من خلال تجربة شخصية أو من خلال عنايتنا بالبيئة، والوحي لا يأتي من عل، وإنما هو يشبه الإلهام الفني الذي ينبع من الروح الإنسانية. ويؤكد جرين أنه لا يوجد إله يطلب من عابديه أن يتبعوا سلوكاً محدداً وأشكالاً محددة من العبادة. أما الماشيَّح فهو الذات الإنسانية المنفتحة على الواحد وهكذا اكتمل الحلول تماماً وأصبحت الذات الإنسانية هي الذات الإلهية وأصبح العالم هو الإله. ويبلغ عدد اليهود التجديديين 2% من يهود أمريكا.
مردخــاي كابــلان (1881-1983)Mordecai Kaplan 
حاخام وفيلســوف ديني، وقائد صهيوني أمريكي. وُلد فـي ليتوانيا، وتلقَّى تعليماً أرثوذكسياً في الولايات المتحدة، ولكنه انصرف عن الأرثوذكسية، وانجذب نحو أفكار أكثر تحرراً. عيَّنه سولومون شختر عميداً لمعهد التربية التابع لكلية اللاهوت اليهودية، فظل يُدرِّس فيها من عام 1909 حتى عام 1963. وأسس كابلان عام 1933 جماعة تطوير اليهودية التي كانت تعبِّر عن أفكاره الفلسفية، وانصرف منذ الثلاثينيات إلى تطوير فلسفته اليهودية الخاصة التي تُعرَف باسم المدرسة التجديدية الدينية اليهودية، أو اليهودية التجديدية، منطلقاً في ذلك من خليط من البرجماتية وعلم النفس الاجتماعي والمثالية الفلسفية وضرب من ضروب الطبيعية الدينية (إن صح التعبير) والصهيونية الثقافية (على عكس أبراهام هيشيل الذي ينطلق من أطروحات صوفية حسيدية أو وجودية). 
ويرى كابلان ضرورة الاستفادة من الدراسات التاريخية لليهودية التي كشفت لليهود عن أشكال التطور المختلفة وحركياتها وقوانينها الأمر الذي يجعل من الممكن استخدام هذه القوانين في عملية التغيير بشكل أكثر نشاطاً ووعياً حتى يتسنى تعديل الشريعة نفسها والممارسات بل حتى مقاييس العقيدة نفسها، وذلك لتتلاءم مع قانون تطوُّر اليهودية. 
ومن أهم أعمال كابلان ترجمته لبعض أعمال حاييم لوتساتو، ودراسته في فكر هرمان كوهين، وكتاب اليهـودية كمدنية (1934)، و معنى الإله في الدين اليهودي الحديث، و المستقبل اليهودي الأمريكي. وقد ترك كابلان أثراً عميقاً في اليهودية المحافظة، وفي الفكر التربوي اليهودي بشكل عام. 
مجلـــس المعابـــد فـي أمـريكــا Synagogue Council of America 
مجلس المعابد في أمريكا هيئة أُسِّست عام 1926 يُمثَّل فيها مختلف الفرق اليهودية في الولايات المتحدة )الأرثوذكس والمحافظين والإصلاحيين ـ ولكنها تستبعد التجديديين). وهي هيئة تنظم التعاون بين الفرق الثلاث، كما تحاول التصدي للأنشطة التبشيرية المسيحية بين اليهود والتحيز الديني ضدهم.


الباب السابع: اليهودية المحافظة  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب السابع: اليهودية المحافظة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: مـوسـوعة الـيـهـــود-
انتقل الى: