الباب الرابع: الكتب المقدسـة والدينية
الكُتـــب المقدَّســـة والدينيــة Sacred and Religious Books
تتَّسم اليهودية بتعدد كُتُبها الدينية المقدَّسة. ويعود هذا إلى عدة أسباب من أهمها فكرة العقيدة الشفوية الحلولية التي تضفي القداسة على كتابات الحاخامات الدينية واجتهاداتهم، بل تعادل بين الوحي الإلهي (التوراة) والاجتهاد البشري (التلمود). وقد مرّت اليهودية، كنسق ديني، بمراحل تطور تاريخية طويلة؛ متعددة ومتناقضة. ولذا، فهي تأخذ شكل تركيب جيولوجي تراكمت داخله عدة طبقات تتعايش جنباً إلى جنب، أو الواحدة فوق الأخرى، ويتبدَّى هذا التراكم الجيولوجي في الصراع الحاد بين التوحيد والحلولية، والذي يتضح في كتب اليهود المقدَّسة وأهمها الكتاب المقدَّس أو التوراة، والتي تُقسَّم إلى أسفار موسى الخمسة (وهي أهم أجزائه وأكثرها قداسة)، ثم كتب الأنبياء (وهي أكثر الأسفار توحيدية)، وأخيراً كتب الحكم والأمثال والأناشيد. وبعد انتهاء تدوين العهد القديم واعتماده من قبَل الحكماء اليهود، ظهرت كتب الرؤى وغيرها من الأسفار التي استُبعد بعضها، وأصبحت تُسمَّى الكتب الخارجية أو الخفية (أبوكريفا) أو غير القانونية، وسُمِّي بعضها الآخر الكتب المنسوبة (سيود إبيجرفا). ومعظم هذه الكتب ذو أصل شعبي واتجاه حلولي واضح. وقد نسى اليهود هذه الكتب طوال العصور الوسطى في الغرب، ولم يكتشفوها إلا مع عصر النهضة. ومع القرن السادس، تم تدوين التلمود الذي أصبح كتاب اليهود الديني الأول، حتى أنه حل محل العهد القديم نفسه، وبذلك تكون النزعة الحلولية قد انتصرت وبدأت في الهـيمنة التدريجـية على النسـق الديني اليهودي. ومع القرن الثالث عشر، ظهرت كتب القبَّالاه ابتداءً من الباهير فالزوهار ثم كتابات إسحق لوريا التي سادت الفكر الديني اليهودي تماماً حتى أن التلمود أُهمل من قبَل معظم أعضاء الجماعات وحاخاماتهم، وأصبح مقصوراً على أرستقراطية الحاخامات وحسب. ويشكل شيوع القبَّالاه الهيمنة الكاملة للطبقة الحلولية داخل التركيب الجيولوجي اليهودي. ولليهود كتب صلوات تضم صلواتهم، وتُضاف إليها بركات وأدعية وأناشيد وقصائد، بعضها حلولي والبعض الآخر توحيدي.
وقد انعكس هذا التركيب الجيولوجي على الفكر الديني اليهودي الحديث الذي يضم اتجاهات فكرية مختلفة علمانية وإلحادية ووجودية وصوفية، كما انعكس على الصهيونية وعلى الفكر المعادي للصهيونية. ويجد كل فريق سنداً لرأيه في التراث الديني الذي يضم طبقات متراكمة مختلفة. ويمكن القول بأن الحلولية بدون إله قد وجدت هي الأخرى كتبها المقدَّسة، فقد أكد ماكس نوردو أن كتاب هرتزل دولة اليهود سيحل محل التوراة والكتب الدينية الأخرى. ورغم مغالاة هذا الزعيم الصهيوني، فإن من يدرس الفكر الديني اليهودي، بعد أن تمت صهينته، وبعد أن تم إضفاء مركزية دينية على الدولة الصهيونية، لا في الوجدان الشعبي فقط وإنما في العقيدة نفسها، لا يملك إلا أن يرى قدراً كبيراً من الصدق في هذا القول. وقد جاء حاييم كابلان ليؤكد أن وثائق التاريخ الأمريكي تُعتبَر أيضاً من كتب اليهود المقدَّسة، كما أن الولايات المتحدة تشكل أساس المطلقية. ويذهب أحد مفكري لاهوت موت الإله (إرفنج جرينبرج) إلى أن العهد القديم هو كتاب اليهود المقدَّس في مرحلة الهيكل، وأن التلمود كتاب مرحلة الشتات اليهودي، أما في المرحلة الثالثة (مرحلة ما بعد أوشفيتس وتشييد الدولة الصهيونية) فإن كتابهم المقدَّس هو النصوص التي تُذكِّر الشعب اليهودي بالإبادة وبضرورة البقاء، ومن هنا يعتبر جرينبرج كتابات إيلي فيزيل، على سبيل المثال، كتابات مقدَّسة، وكذلك إعلان استقلال إسرائيل. وحالة السيولة هذه أمر متسق تماماً مع الحلولية بدون إله.
العهــد القــديم Old Testament
«العهد القديم» مصطلح يستخدمه المسيحيون للإشارة إلى كتاب اليهود المقدَّس، بينما يُستخدَم مصطلح «العهد الجديد» للإشارة إلى الأسفار التي تتضمنها الأناجيل الأربعة وإلى أعمال الرسل ورسائلهم (سبعة وعشرين سفراً). أما اليهود أنفسهم، فيستخدمون عبارة «سيفري هاقودش» أو «كتبي هاقودش»، أي «الكتب المقدَّسة»، ويستخدمون أحياناً تعبير «كتوفيم»، أي «الكتب». كما يُستخدَم لفظ «توراة» في بعض الأحيان. ومن الألفاظ الأخرى المستخدمة، لفظ «المقرا» و«تناخ». ويشتمل العهد القديم على الأقسام التالية:
أولاً: أسفار موسى الخمسة (بالعبرية: حوميش موشيه)، وتُعرَف أيضاً باسم «التوراة» أو «شريعة موسى». وهي تحتوي على الشرائع والقوانين والشعائر والوصايا العشر التي أوصى الإله بها موسى، كما تضم أخباراً تاريخية عن جماعة يسرائيل:
1 ـ سفر التكوين. ويهتم بوصف الخليقة، وأصل العبرانيين (جماعة يسرائيل) حتى الخروج من مصر.
2 ـ سفر الخروج. ويروي تاريخ العبرانيين في مصر وخروجهم منها.
3 ـ سفر اللاويين. ويعالج واجبات الكهنة والطقوس الأخرى.
4 ـ سفر العدد. وفيه تعداد رؤساء الشعب وحاملي السلاح، وفيه أيضاً أخبار تذمُّر الشعب، والتجسس على أرض كنعان.
5 ـ سفر التثنية. أي تثنية الاشتراع أو إعادة الشريعة وتكرارها على جماعة يسرائيل.
ثانياً: أسفار الأنبياء (بالعبرية: نفيئيم).
هذا القسم يتضمن ما وقع للعبرانيين من أحداث بعد موت موسى حتى هدم الهيكل المقدَّس. وهو يغطي فترة زمنية تمتد بين سنة 1300 وسنة 200 ق.م تقريباً،
وينقسم إلى قسمين:
1 ـ الأنبياء الأولون أو المتقدمـون (نفيئيم ريشونيم)، وعدد أسفاره سـتة: سفر يشوع (يوشع بن نون) الذي يروي قصة احتلال جماعة يسرائيل أرض كنعان وتقسيم الأرض بين الأسباط أو القبائل العبرانية، وسفر القضاة الذي يذكر أسماء القضاة وتاريخ جماعة يسرائيل في عهدهم وانتصارهم على الفلستيين، وسفرا صموئيل: وهما (الأول والثاني) اللذان يعالجان تأسيس المملكة العبرانية المتحدة وقصة داود، وسفرا الملوك (الأول والثاني) وهما يغطيان فترة حكم داود وسليمان وسقوط المملكة الشمالية ثم المملكة الجنوبية.
2 ـ والأنبياء الآخرون أو المتأخرون (بالعبرية: نفيئيم أحرونيم): وهذا القسم يضم مجموعة من النبوءات والمواعظ والقصص، وعددها خمسة عشر سفراً، منها ثلاثة لأنبياء كبار (أشعياء، وإرميا، وحزقيال)، واثنا عشر لأنبياء صغار (هوشع، ويوئيل، وعاموس، وعوفديا، ويونس [وهو نبي مرسل إلى نينوي وليس إلى جماعة يسرائيل]، وميخا، وناحوم، وحبقوق، وصفنيا، وحجاي، وزكريا، وملاخي).
وتتبع أسفار موسى الخمسة وأسفار الأنبياء نسقاً تاريخياً متصلاً يحكي تاريخ العبرانيين منذ ظهورهم في التاريخ حتى عودتهم من التهجير إلى بابل. وتشكل الأسفار كلها ما يشبه الملحمة، تدور أحداثها حول عبقرية هذا الشعب المختار والمصاعب التي واجهها، وطريقة انتصاره عليها وتحقيقه إرادته.
ثالثاً: كتب الحكمة والأناشيد (بالعبرية: كيتوفيم)، أي «الكتابات».
وهي مجموعة من الأسفار التي تضم مواد تاريخية وقصصية وغنائية وعددها أحد عشر، إذا اعتبرنا سفري عزرا ونحميا سفراً واحداً.
وترتيب هذه الأسفار حسب ورودها في العهد القديم كما يلي:
1 ـ مزامير داود. ويُنسَب معظمها إلى داود، وهي أناشيد شكر للإله وتراتيل روحية.
2 ـ سفر الأمثال.
3 ـ سفر أيوب. ويحدثنا عن حياة أيوب الصالح (ويُعتقَد أن هذا السفر من أصل عربي، فأيوب من بني عيسو).
4 ـ نشيد الأنشاد. وهو من الأغاني الشعبية للأفراح والزفاف، ويُقال إنه نشيد غزل بين الإله وجماعة يسرائيل، ويُنسب إلى سليمان.
5 ـ راعوث. وهي قصة بطلة ترجع إلى عصر القضاة.
6 ـ مراثي إرميا. وهي قصائد بكاء على أورشليم (القدس) بعد تخريبها.
7 ـ سفر الجامعة. وهو خواطر فلسفية ذات طابع عدمي.
8 ـ سفر إستير. ويتحدث عن خلاص جماعة يسرائيل على يد إستير. ويحتفل اليهود بهذه المناسبة في عيد النصيب.
9 ـ سفر دانيال. ويحدثنا عن سيرة هذا النبي.
10 ـ سفر عزرا. ويتحدث عن عودة العبرانيين (أعضاء جماعة يسرائيل) إلى أورشليم (القدس)، وإعادة بناء الهيكل الثاني.
11 ـ سفر نحميا. وهو يعنى أيضاً بعودة اليهود من السبي البابلي.
12و13 ـ سفرا أخبار الأيام (الأول والثاني). وهما تلخيص للوقائع التاريخية الواردة في العهد القديم منذ بدء الخليقة حتى السبي البابلي.
وقد أضاف المسيحيون، إلى كل ذلك، الكتب الخارجية أو الخفية (أبوكريفا)، ثم أضافوا العهد الجديد، وقد اتخذ كل هذا اسم «الكتاب المقدَّس».
ويختلف ترتيب العهد القديم عند الكاثوليك عنه عند البروتستانت، وهذا يعود إلى أن الكاثوليك يقرون الأسفار التي وردت في الترجـمة السـبعينية زائدةً عن الأصل العـبري، بل يفضلونه، ذلك لأنه ييسر عملية ربط العهد الجديد بالعهد القديم. هذا، بينما لا يعتبر معظم البروتستانت تلك الزيادات مقدَّسة، فهي في نظرهم لا تنتمي إلى العهد القديم.
وتتضارب الآراء المتصلة بتاريخ تدوين الأسفار، ولا تزال المسألة خلافية. وأولى المشاكل هي الإشارات العابرة في العهد القديم إلى نصوص لم تُدوَّن، مثل: كتاب حروب الرب، وسفر ياشر، وسفر أخبار شمعيا، وسفر أمور سليمان، وسفر كلام ناتان النبي، وسفر أخبار الأيام لملوك يهودا، وسفر ملوك جماعة يسرائيل، وغيرها. وتـدل أســماء الأسـفار السـابقة على أن ملـوك العبرانيين كانوا يدونــون أخبـارهم على عادة ملـوك الشــرق الأدنى القديم، وأن كتب الأخبار وكتب الملوك الحالية هي كل ما تبقى.
والمشكلة الثانية هي أن نصوص العهد القديم تم تَناقُلها شفاهةً. ولذا، فإن معظم المؤرخين يرجحون تعرُّضها إلى ما تتعرض له عادةً كل الأقوال المنقولة مشافهة، وبالتالي دخلتها التناقضات وتداخلت النصوص والمصادر. ومن هنا، فقد قام علم نقد العهد القديم بتطوير نظرية المصادر وتفسير التناقضات وعدم التجانس الأسلوبي.
والواقع أن تدوين العهد القديم بدأ في فترة زمنية تَبعُد عن موسى مئات السنين، وكذلك عن كثير من الأحداث التي تم التأريخ لها. كما أن عملية التدوين لم تتم دفعة واحدة، وإنما تمت خلال مدة زمنية طويلة. وتم اختيار بعض النصوص المقدَّسة من بين نصوص مقدَّسة أخرى. ويرى كثير من الباحثين أن أول جزء من العهد القديم تم تدوينه هو أسفار موسى الخمسة، ويُقال إن هذه العملية تمت في بابل أثناء فترة التهجير (587 ق. م) أو ربما قبل ذلك بوقت قصير، ذلك أنه لم يأت ذكر لقراءة التوراة في الاحتفالات الخاصة بافتتاح الهيكل، وأول إشارة إلى قراءة التوراة هي قراءة عزرا عام 444 ق.م.
أما كُتُب الأنبياء، فمن الأرجح أنها دُوِّنت أثناء المرحلة الفارسية فيما قبل عام 333 ق.م. ومما يدعم هذا الرأي أن سفري الأخبار لم يحلا محل سفري صموئيل والملوك ولم يلحقا بهما، الأمر الذي يدل على أن كتب الأنبياء كان قد تم تدوينها والاعتراف بها ككتب قانونية. ولا توجد في أسفار الأنبياء أية كلمة إغريقية، ولا أية إشارة إلى سقوط الإمبراطورية الفارسية أو ظهور الإمبراطورية اليونانية. ولكن لابد أن ثمة فترة زمنية قد مرَّت بين تدوين أسفار موسى الخمسة وتدوين أسفار الأنبياء، ذلك لأن هذه الأخيرة لم تكن تُقرأ في الاجتماعات العامة التي وُصفت في سفر نحميا (8 و10). كما أن السامريين الذين انفصلوا عن اليهود، وبنوا هيكلهم في جريزيم عام 428 ق.م، اعترفوا بالتوراة ولم يعترفوا بكتب الأنبياء. وقد جُمعت أسفار الأنبياء ونُظِّمت خلال الفترة الممتدة من القرن السادس حتى القرن الثالث قبل الميلاد، ويبدو أنها أُلِّفت في فترة كانت فيها أسفار موسى مجهولة منسية، إذ يَندُر أن تجد فيها ذكراً لاسمه. ويبدو أن بعض الأنبياء أيضاً (عاموس مثلاً) لم يكن لهم به علم.
أما القسم الثالث، وهو كتب الحكمة والأناشيد، فقد أُلِّف بعضه أثناء عصر الأنبياء، ولكنها لم تُضَم إلى كتب الأنبياء باعتبار أنها لم تكن ثمرة الوحي الإلهي. أما الكتب ذات الطابع النبوي، مثل كتب دانيال وعزرا والأخبار، فلابد أنها كُتبت في مرحلة متأخرة بحيث لم يمكن ضمها إلى كتب الأنبياء. ولقد ضُمَّت أسفار الحكمة والأناشيد، لكنها لم تُعتبَر جزءاً من العهد القديم إلا في القرن الثاني قبل الميلاد، فقبل ذلك التاريخ كان الحديث يتواتر عن التوراة باعتبارها أسفار موسى الخمسة والأنبياء دون إشارة إلى كتب الحكمة والأناشيد. ومن الأدلة الأخرى على أن هذه الأسفار كانت متأخرة، وجود كلمات يونانية في نشيد الأنشاد ودانيال، وكذلك الإشارة في سفر دانيال إلى سقوط الإمبراطورية الفارسية. ولا يشير بن سيرا إلى سفر دانيال أو إستير. وقد اسـتمر الجـدل حول أسـفار مثل: الأمثـال، ونشيد الأنشاد، وإستير، وسفر الجامعة، هل تُضَم مع الأسفار القانونية أم لا؟ ويُطلَق مصطلح «كانون Canon» أي «الأسفار القانونية»، على تلك الأسفار أو النصوص التي تم اعتمادها. أما الكتب غير القانونية، فتُسمَّى الكتب الخارجية أو الخفية أو الكتب المنسوبة (سيودإبيجرفا).
والقواعد التي استخدمها محررو العهد القديم لضم أو استبعاد هذا أو ذاك النص غير معروفة، ولكن يبدو أن هذه القواعد هي بشكل عام:
1 ـ أن يكون النص مكتوباً بالعبرية. ويبدو أن بداية ونهاية سفر دانيال تُرجمتا من الآرامية إلى العبرية بسرعة حتى يمكن ضمهما إلى النص القانوني المُعتمَد.
2 ـ أن يكون النص قد كُتب في مرحلة ما قبل النبي مالاخي، أي في القرن الخامس قبل الميلاد، وهي الفترة التي يرى الحاخامات أن النبوة توقفت عندها في جماعة يسرائيل.
3 ـ أن يتفق مضمون النص مع المعايير الدينية التي تبناها الحاخامات.
ويبدو أن مشادات فقهية بين الفقهاء، كانت تحدث من وقت لآخر، في شأن بعض الأسفار نظراً لما تحتويه من أفكار غنوصية مثل سفر حزقيال واتفقوا في نهاية الأمر على تركه داخل إطار الكتب القانونية مع عدم تدريسه للصغار.
ولغة الكتاب المقدَّس (اليهودي) هي العبرية، وإن كانت التراكيب والأساليب وبعض المفردات تختلف باختلاف هذه الأسفار وتنم عن الفترة التي وُضع فيها كل سفر. ومع هذا، فإن هناك أجزاء وُضعت باللغة الآرامية. والعبرية، مثلها مثل العربية، تتميَّز بالعلامات الصوتية المميِّزة للحرف، أي علامات التشكيل. ولما كان النص العبري الأصلي مكتوباً دون علامات التشكيل، فقد كان لابد أن يتم الاتفاق على قراءة معيارية. وبالفعل، ظهر النص المعتمد كتابةً وقراءة، وهو الذي يُطلَق عليه مصطلح النص «الماسوري» أو «ماسوراتي». ويُطلَق على المحققين الذين وضعوا علامات الضبط بالحركات «الماسوريون».
وقد قُسِّم العهد القديم إلى أسفار وإصحاحات وفقرات ومقاطع في القرن الثالث عشر، فنص التوراة الذي كُتب على لفائف التوراة لا يزال حتى الآن بدون علامات تشكيل ولا علامات فصل بين الأسفار والإصحاحات والفقرات المختلفة. وقد تُرجم الكتاب المقدَّس إلى مختلف لغات العالم تقريباً. ومن أهم الترجمات: الترجمة اليونانية، وهي ما يُعرَف باسم «الترجمة السبعينية»، والترجمة الآرامية وأهمها «الترجوم»، والترجمة اللاتينية وتُعرَف باسم «الفولجاتا أو الشعبية». كما تُرجم الكتاب المقدَّس إلى السريانية باسم «البشيطاه»، وكذلك تُرجم إلى العربية. وأقدم ترجمة هي ترجمة سعيد بن يوسف الفيومي، فيما نعلم، إلا أن ثمة محاولات سابقة عُثر عليها في الجنيزاه القاهرية باللهجة المصرية العامة.
ويرى اليهود الأرثوذكس أن كلمات العهد القديم، وأسفار موسى الخمسة بصفة خاصة، هي كلام الإله الذي أوحى به إلى موسى حرفاً حرفاً، وأملاه عليه حينما صعد إلى جبل سيناء، وهو كلام أزلي لا يتغيَّر. والكتب التاريخية وأسفار الأنبياء والأناشيد والحكم، هي الأخرى نتاج الروح المقدَّسة، وإن كانت بدرجة أقل، تلك الروح التي تغمر روح الإنسان فيتحدث باسم الإله. وتُعتبَر كل كلمة، وكل جملة وردت في العهد القديم، ذات معنى داخلي ومغزى عميق. لكل هذا، نجد أن العهد القديم، بالنسبة إلى اليهود الأرثوذكس، هو السلطة العليا التي لا يمكن التشكيك فيها، وهو المرجع الأخير في الحياة الدينية. ولكن أسفار موسى الخمسة، مع هذا، تظل أهم الأجزاء التي تشكل جوهر اليهودية وشريعتها.
أما بالنسبة إلى اليهود الإصلاحيين والمحافظين والتجديديين، فإن العهد القديم يُعَدُّ مجرد إلهام من الإله وليس وحياً منه. وقد وصل هذا الإلهام إلى واضعي الكتاب المقدَّس بدرجات مختلفة. ولذا، فإن بعض أجزاء العهد القديم ذو قيمة روحية وأخلاقية أعلى من غيره. كما لم يكن الوحي الإلهي، أي الإلهام، خالصاً. فقد اصطبغ هذا الوحي بصبغة إنسانية، فلزم أن يقوم اليهودي بإعادة تفسيره ليستخلص الوحي الإلهي (المطلق) من النص الذي يضم عناصر إنسانية تاريخية (نسبية). ويُعتبَر العهد القديم العبري من مصادر التشريع اليهودي الأساسية، وقد ظل قروناً طويلة يشكل المنهج الدراسي الوحيد في المدارس الدينية اليهودية، وإلى جانبه التلمود الذي هو تفريع منه. وفي إسرائيل، فإن منهج الدراسة يتضمن خمس ساعات أسبوعياً لدراسة العهد القديم.
كما أن الصهاينة اللادينيين يعتبرون العهد القديم وكتب اليهود المقدَّسة كتباً عظيمة تشكل جزءاً مهماً من تراث اليهود وفلكلورهم القومي وهو تعبير عن انتشار الحلولية بدون إله بين الصهاينة. وقد نشر أحد التربويين الإسرائيليين في أحد الكيبوتسات كتاباً يروي قصص العهد القديم باعتبارها أدباً من صنع البشر، ومن ثم فإنه قد استبعد أي إشارة إلى الإله.
التوراة Torah
«توراة» كلمة من أصل عبري مشتقة من فعل «يوريه» بمعنى «يُعلِّم» أو «يوجِّه»، وربما كانت مشتقة من فعل «باراه» بمعنى «يُجري قرعة». ولم تكن كلمة «توراة» ذات معنى محدد في الأصل، إذ كانت تُستخدَم بمعنى «وصايا» أو «شريعة» أو «علم» أو «أوامر» أو «تعاليم»، وبالتالي كان اليهود يستخدمونها للإشارة إلى اليهودية ككل، ثم أصبحت تشير إلى البنتاتوخ أو أسفار موسى الخمسة (مقابل أسفار الأنبياء وكتب الحكمة والأناشيد). ثم صارت الكلمة تعني العهد القديم كله، مقابل تفسيرات الحاخامات. ويُشار إلى التوراة أيضاً بأنها القانون أو الشريعة، ويبدو أن هذا قد تم بتأثير الترجمة السبعينية التي ترجمت كلمة «توراة» بالكلمة اليونانية «نوموس» أي «القانون». وقد شاع هذا الاستخدام في الأدبيات الدينية اليهودية حتى أصبحت كلمة «توراة» مرادفة تقريباً لكلمة «شريعة».
ويُلاحَظ أنه، داخل الإطار الحلولي، تتداخل حدود الأشياء والـدوال وتذوب المدلولات بعضـها في البعـض وتنفصل الدوال عن المدلولات، وهـذا ما يحـدث في لفظ «توراة» مـع هيمنـة الحلولية بشكل تدريجي. وقد وَسَّع الحاخامات معنى الكلمة استناداً إلى العقيدة أو الشريعة الشفوية الحلولية التي تساوي بين الوحي الإلهي والتفسير الحاخامي والقائلة بأن هناك توراتين أو شريعتين: واحدة مكتوبة تلقاها موسى عند جبل سـيناء، والأخرى شـفوية يتناقلـها الحاخامات عن موسى، ولها نفس قداسة التوراة المكتوبة. وبهذا أصبحت كلمة «توراة» تعني «هالاخاه»، وكل الأوامر والنواهي التي ورد ذكرها في كل من التوراة والتلمود والشولحان عاروخ وفتاوى الحاخامات وتفسيراتهم، بل أحياناً ما ورد ذكره في الكتب القبَّالية. وقد جاء في التلمود أن الإله يقول: "ياليت الناس يهجرونني ولا يهجرون التوراة" (حجيجاه 1/7)، وهي عبارة تعبِّر عن درجة عالية من الحلولية باعتبار أن التوراة هنا مطلق منفصل عن الإله، وربما يفوقه في الأهمية. والمقصود هنا هو التوراة الشفوية، أي آراء الحاخامات وتفسيراتهم.
ومن ناحية أخرى، فإن المجال الدلالي للكلمة واسع للغاية، وقد أشار القبَّاليون إلى التوراة الظاهرية والتوراة الباطنية أو توراة الخلق (بالآرامية: توراه دى بريئاه) وتوراة الفيض (بالآرامية: توراه دي أتسليوت). وتوراة الفيض هي التوراة التي يمكن أن يتوصل لها المفسرون العالمون بالقبَّالاه، وهي مختلفة تماماً عن التوراة المتداولة بين اليهود ولها تعاليم وشرائع تقف الواحدة أحياناً على الطرف النقيض من الأخرى. وتُستخدَم كلمة «توراة» أيضاً للإشارة إلى سلوك أتقياء اليهود وأقوالهم باعتبارها «توراة». وقد جاء في التلمود أن حديث من يعيش في أرض الميعاد «توراة»، كما أن الحسيديين كانوا يقولون إن حديث بعل شيم طوف توراة، بل كذلك حديث وأفعال كل تساديك حسيدي يلتصق بالإله!
وتحتل التوراة، بمعنييها الضيق والواسع، مكاناً مركزياً في الوجدان الديني لليهود، فهي أقدم من هذا العالم، بها ولها خلق الإله الدنيا، وهي عروس الرب التي تجلس إلى جواره على العرش، والتي ستُزَف إلى الماشيَّح حينما يأتي إلى هذا العالم. ويُحتفَظ في المعبد اليهودي بـ «تاج التوراة»، وبمؤشر من الذهب أو الفضة على شكل يد لاستخدامه في قراءة التوراة. ومن أقدس الأماكن في المعبد اليهودي، الدولاب المسمَّى «تابوت العهد» الذي يُحتفَظ فيه بلفائف الشريعة.
وتُستخدَم كلمة «توراة» كذلك للإشارة إلى كل التراث الديني اليهودي بقضه وقضيضه، وكل ما أوصى الإله به لجماعة يسرائيل، أو للعالم كله من خلال جماعة يسرائيل. وفي المصادر الكلاسيكية اليهودية لم يكن يشار إلى «اليهودية» وإنما إلى «التوراة»، بل لم يظهر مصطلح «يهودية» إلا في العصر الهيليني. ولكن، ورغم ترادف المصطلحين، فإن ثمة اختلافاً دقيقاً بينهما، فبينما تُستخدَم كلمة «توراة» للإشارة إلى الجوانب الإلهية الثابتة في العقيدة اليهودية، تستخدم كلمة «يهودية» للإشارة إلى الجوانب المتغيرة التاريخية، ومن هنا يمكن الحديث عن «اليهودية الحاخامية»، أو «اليهودية الإصلاحية»، ولكن لا يمكن الحديث عن «التوراة الحاخامية»، أو «التوراة الإصلاحية».
ويرى بعض علماء اليهود أن كلمة «توراة» هي، بالمعنى العام، المقابل لكلمة «لاهوت» في المسيحية، فلاهوت اليهودية هو التأمل في التاريخ اليهودي والتقاليد اليهودية، تماماً مثل اللاهوت المسيحي، ولكنه لاهوت معلمين وحاخامات وليس لاهوت كنيسة، جانبه الخارجي هو الهالاخاه، أي الشريعة، وجانبه الداخلي هو الأجاداه، أي القصص الوعظية، وكلاهما «توراة».
وتُستخدَم الكلمة أيضاً للإشارة إلى مخطوط أسفار موسى الخمسة المكتوب بخط اليد (لفائف الشريعة)، والذي يُحفَظ في تابوت العهد في المعبد اليهودي. وكان الأطفال اليهود يتعلمون في الجيتو أن التوراة هي الشيء الوحيد الباقي، أما العالم فزائل، ولذا يجب على اليهودي أن ينفق كل وقته في دراستها، وأن هذا واجب ديني نص عليه العهد القديم. وفي واقع الأمر، لا يوجد مثل هذا النص لا في أسفار موسى الخمسة ولا في كتب الأنبياء، ويبدو أن فكرة دراسة التوراة ذات أصل يوناني. وقد قال أحد الفقهاء اليهود إن اليهود يعملون بالتجارة والربا، لأنهم بهذه الطريقة يحققون أرباحاً كبيرة سريعة دون أن يعملوا، وبذلك يتفرغون لدراسة التوراة.
على أن هـذه الدراسـة لا تهـدف إلى الخـروج من الذات وتحدِّيها، بقدر ما هي ضرب من عبادة الذات وتوثينها، إذ أننا نكتشف أن التوراة (مكتوبة وشفوية) ليست نتاج عبقرية الشعب فحسب، بل هي أيضاً «جماعة يسرائيل»، وهما معاً يكوِّنان شيئاً واحداً. ومن الواضح أن هناك جوانب قومية للاهتمام اليهودي بالتوراة، كما هو الحال مع الأنماط الحلولية. فالحكمة ملك لكل الشعوب، أما التوراة فهي الكتاب المقدَّس لليهود وحدهم وهي مصدر الحياة بالنسبة إليهم والشاهد على عبقريتهم الدينية وعلى اتخاذهم كشعب مختار دون سائر أهل الأرض. وتحتوي الصلوات اليهودية على شكر للإله لإرساله التوراة إلى الشعب. وحينما يُنادَى على أحد المصلين ليقرأ أسفار موسى الخمسة، فإنه يقول: «مبارك الرب الذي خلقنا من أجل جلاله وفضَّلنا عمن ضلوا سواء السبيل، وأرسل لنا التوراة، وبذا غرس الحياة الأبدية وسطنا فليفتح الرب قلوبنا على التوراة». وهكذا تكون التوراة تجسيداً لروح الإله، ولكنها في الوقت نفسه هي الشعب الذي هو بدوره تجسيد لروح الإله، أي أنها دائرة حلولية مقدَّسة مغلقة يعبِّر فيها كلٌّ من التوراة والشعب عن روح الإله بالدرجة نفسها.
والفقيه اليهودي الذي يربط في فتواه بين دراسة التوراة والتجارة والربا وضع يده (دون أن يدري) على العلاقة بين دراسة التوراة ودور الجماعات اليهودية كجماعة وظيفية. فالجماعات الوظيفية تعيش في بلد ما دون أن تكون منه، ولذا فهي تحتاج إلى وطن أصلي. وفي حالة الجماعات اليهودية الوظيفية، كانت صهيون هي هذا الوطن الأصلي الذي تشتتوا منه والتوراة (والتلمود) هو الوطن المتنقل الذي يستطيعون التمركز حوله وتطوير هويتهم وضرب أسوار العزلة حول أنفسهم من خلاله، وهي عزلة أساسية كي يضطلعوا بدورهم. كما أن ارتباطهم بهذا الوطن يقلل حركيتهم، فهو وطن متنقل معهم.
والجدير بالذكر أن التوراة تشكل الأرضية المشتركة بين اليهود المؤمنين واليهود الملحدين، فهما يشتركان في تقديسها. فأما المؤمنون منهم، فإنهم يرونها مقدَّسة لأنها مرسلة من الإله. وأما الملحدون (الذين يدورون في إطار الحلولية بدون إله)، فإنهم يقدسونها لأنها جزء من فلكلور الشعب اليهودي وتعبير عن عبقريته. والخلاف في نهاية الأمر ظاهري لأن البنية الحلوليـة لليهـودية توحـد بين الشـعب والإله. وفي التراث الصهيوني، يؤكد المفكرون الصهاينة أهمية ثالوث الشعب والأرض والإله أو التوراة إذ تؤمن الصهيونية الثقافية (اللادينية) بثالوث الشعب والأرض والتوراة، في حين تؤمن الصهيونية الدينية بثالوث الشعب والأرض والإله (الذي يعادل التوراة). وفي الوقت الحاضر، تُستخدَم كلمة «توراة» في العبرية الحديثة مرادفة لكلمة «عقيدة» أو «نظرية»، ومن هنا يمكن الحديث عن «التوراة العلمانية» أو «التوراة الماركسية».
الكتــــاب The Book
«الكتاب» اصطلاح يُستخدَم للإشارة إلى العهد القديم أو إلى التوراة (بالمعنى المحدد للكلمة)، ويتحدث بعض المفكرين اليهود والصهاينة عن اليهود باعتبارهم «شعب الكتاب».
سـفـر Book
«سفر» وهي «سيفر» بالعبرية وتعني «كتاباً». ويُشار إلى كتب العهد القديم بكلمة «أسفار». ويُقسَّم السفر إلى إصحاحات ويُقسَّم كل إصحاح إلى فقرات، وتُقسَّم كل فقرة إلى مقاطع.
إصـحـاح Chapter
تُسمَّى أقسام الكتاب المقدَّس «أسفاراً»، ويُقسَّم كل سفر إلى إصحاحـات، ويُقسَّم كل إصحـاح إلى فقـرات والفقرات تُقسَّم إلى مقاطـع.
أسفار موسى الخمسة Pentateuch
«أسفار موسى الخمسة» تشكل القسم الأول من العهد القديم، ويشمل خمسة أسفار، هي: سفر التكوين، وسفر الخروج، وسفر اللاويين، وسفر العدد، وسفر التثنية. ويعتقد اليهود المتدينون أن الإله أنزلها على موسى في سيناء وأملاها عليه حرفاً حرفاً، وهي تبدأ بسرد أحداث العالم منذ بدء الخليقة حتى وفاة موسى. والكلمة مرادفة لكلمة «توراه»، وإن كانت أكثر دقة كما أن دلالاتها أكثر تحدداً قياساً إلى كلمة «توراه» فضفاضة المعنى متعددة الأبعاد والدلالات.
تنــــاخ Tanach
«تَناخ» اسم عبري للعهد القديم، وهو مختصر من الحروف الأولى لثلاث كلمات عبرية هي: التوراة (أسفار موسى الخمسة)، ونفيئيم (أسفار الأنبياء)، وكتوفيم (المزامير وسفر الأمثال ونشيد الأنشاد وبقية أسفار الحكمة وغيرها). ويُفضِّل اليهود استخدام مصطلح «تَناخ» على عبارة «العهد القديم» لأن هذه العبارة الأخيرة تفيد أن العهد الجديد قد أكمل كتاب اليهود المقدَّس وحل محله. أما مصطلح «تَناخ» فهو تعبير وصفي وحسب، وهو يخلو من أي اعتراف ضمني بقدم الكتاب المقدَّس، وبأن «العهد الجديد» قد أكمله وحل محله.
الكــــــــــــتاب المقــــــــــد س Bible; Holy Book; Holy Scriptures
«الكتاب المقدَّس» هو المقابل العربي للعبارة العبرية «كتيفي هاقودش». وتُستخدَم عبارة «الكتاب المقدَّس» عند المسيحيين للإشارة إلى العهدين القديم والجديد. أما في الدراسات اليهودية والصهيونية، فهي تشير إلى العهد القديم وحسب. ولذا، فقد يكون من المفيد ألا نستخدم هذا المصطلح («الكتاب المقدَّس») إلا إذا اضطرنا السياق إلى ذلك، نظراً لغموضه، ونستخدم بدلاً منه مصطلحات مثل: «العهد القديم» أو «تَناخ» أو «أسفار اليهود».
ومن أسماء الكتاب المقدَّس عند اليهود «المقرا» وتعني «القراءة» أو «المطالعة».
الإنجيل Bible
«إنجيل» كلمة ذات أصل يوناني من كلمة «أونجليون» ومعناها «خبر طيب». والإنجيل هو الكتاب المقدَّس عند المسيحيين الذين يشيرون إلىه أحياناً بكلمة «العهد الجديد»، ويتكون من أربعة أقسام، هي: إنجيل متَّى، وإنجيل مرقص، وإنجيل لوقا، وإنجيل يوحنا. وقد أطلق اليهود (بين القرنين الثالث والخامس) على الإنجيل «جليون هامينيم» أي «لفيفة المهرطقين».
الماسـوراه Masorah
«ماسوراه» كلمة عبرية من فعل «مَسَار» بمعنى «تلقَّى» و«تناول»، ولكنها تشير إلى مجموعة القواعد التي وضعها الحاخامات عبر القرون والتي تتصل بطريقة هجاء وكتابة وقراءة العهد القديم. ويُشار إلى نص العهد القديم الذي ارتضاه العلماء ورفضوا ماعداه بأنه «النص الماسوري» أو «الماسوراتي». والكلمة لا تشير إلى نسخة العهد القديم التي جمعها عزرا، بل يضاف إلى ذلك ضبطها بالحركات، وتقسيمها إلى أسفار وإصحاحات وفقرات ومقاطع، وتعيين مواضع الفصل والوصل والوقوف عند التلاوة، وتحديد نطق بعض الألفاظ التي كُتبت بطريقة لا تؤدي إلى النطق الشرعي الصحيح.وقد استغرق إقرار هذا النص الشرعي،في صورته النهائية، عدة أجيال،واستمر حتى عهد الفقهاء (جاءونيم).
الترجـوم Targum
«ترجوم» كلمة آرامية من الأصل الفارسي «تورجمان» وهي تعني «ترجمة». ويُطلَق هذا المصطلح على الترجمات الآرامية للكتاب المقدَّس. وقد وُضعت هذه الترجمات في الفترة الواقعة بين أوائل القرن الثاني وأواخر القرن الخامس قبل الميلاد. وقد أصبحت مثل هذه الترجمة أمراً مهماً وحيوياً بالنسبة إلى اليهود، نظراً لأن الآرامية حلَّت محل العبرية بعد التهجير البابلي. فمنذ أيام عزرا، كانت تُضاف ترجمة آرامية بعد قراءة أجزاء من العهد القديم، وقد صار هذا تقليداً ثابتاً. ومن أشهر الترجمات الآرامية للكتاب المقدَّس: ترجوم أونكيلوس لأسفار موسى الخمسة وحدها، وترجوم يوناثان لبقية أسفار العهد القديم. ويُعتقَد أن آرامية الترجوم كانت مُتكلَّفة إلى حدٍّ ما. وسعت التراجم الآرامية إلى إضفاء مسْحَة من ثقافة عصرها على النص فقام المترجمون بإدخال مصطلحات مثل «الجن والملائكة» بديلاً عن الإشارة إلى الرب مجسداً.
يتبع إن شاء الله...