منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الباب الرابع: فرنسا من العصور الوسطى حتى الثورة الفرنسـية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب الرابع: فرنسا من العصور الوسطى حتى الثورة الفرنسـية Empty
مُساهمةموضوع: الباب الرابع: فرنسا من العصور الوسطى حتى الثورة الفرنسـية   الباب الرابع: فرنسا من العصور الوسطى حتى الثورة الفرنسـية Emptyالإثنين 23 ديسمبر 2013, 10:33 pm

الباب الرابع: فرنسـا 
فرنســـا من العصــور الوســـطى حتى الثورة الفرنسـية 
France from the Middle Ages to the French Revolution 
يبدو أن اليهود قد استوطنوا في فرنسا (بلاد الغال) مع القوات الرومانية وأصبحوا مواطنين رومانيين عام 212 ميلادية. وقد تأثر وضعهم حينما تبنَّت الإمبراطورية الرومانية المسيحية ديناً رسمياً عام 340 ميلادية. وكان أعضاء الجماعة اليهودية يعملون في جميع الوظائف والحرف والمهن، مثل الزراعة والتجارة والحرف اليدوية، ولكنهم بدأوا يتحولون إلى جماعة وظيفية وسيطة (يهود بلاط) للحكام والأساقفة في الإمبراطورية الفرانكية. وكان أعضاء الجماعة اليهودية يقومون كذلك بتجارة الرقيق التي كانت تشكل نقطة احتكاك بينهم وبين الكنيسة التي منعت التجارة اليهودية للعبيد في باريس عام 614، بل ومُنع أعضاء الجماعة اليهودية من الاحتفاظ بالعبيد المسيحيين. وتَعمَّق هذا الاتجاه في عهد الأسرة الكارولنجية. ففي عهدي شارلمان (768 ـ 814) ولويس الأول (814 ـ 840)، أصبح أعضاء الجماعة اليهودية جماعة وسيطة تجارية ومالية مهمة، وُضعت تحت حماية الإمبراطور. وهيمنوا على تجارة الاستيراد والتصدير نظير إعطاء عُشر أرباحهم للخزانة الإمبراطورية (مقابل جزء من أحد عشر جزءاً يدفعه التجار المسيحيون). وكانت هناك جماعة يهودية في ليون مركز تلاقي الطرق بين إسبانيا وألمانيا وإيطاليا. ومُنح أعضاء الجماعة اليهودية مواثيق تنص على حماية أملاكهم وعلى إعفائهم من المكوس، وتمنحهم المزايا كأن يعيشوا حسب قوانينهم ويستأجروا المسيحيين، ويشتروا العبيد غير المسيحيين. لكن تنصير مثل هؤلاء العبيد تم حظره لأن هذا من قبيل مصادرتهم. وكان أعضاء الجماعة يمتلكون الأراضي ويعملون بالزراعة، وخصوصاً زراعة الكروم. ولذا، احتكروا تجارة الخمور (وضمن ذلك الخمور التي كانت تستعملها الكنيسة في القُدّاس). وعمل أعضاء الجماعة اليهودية كذلك أطباء وجامعي ضرائب وسفراء. وكان من يُلحق باليهود أي أذى يُنزَل به أشد العقاب. وأُعفيَ أعضاء الجماعة اليهودية من الاستجواب عن طريق التعذيب وهي طريقة للاستجواب كان معمولاً بها في المحاكمات، وعُيِّن قاض لليهود مهمته الدفاع عن المزايا التي اكتسبوها. وفي القرن التاسع، تركز أعضاء الجماعة اليهودية بوادي الرون ومقاطعة شامبين. ولكن، في القرن الحادي عشر، كان شمال فرنسا أكثر المراكز كثافة من ناحية التركز اليهودي. وطُرد أعضاء الجماعة اليهودية من الحـرف المخـتلفة في ذلك التاريخ وبدأوا في احتراف الربا، وتعرضوا لعمليات اعتصار من قبَل النخبة الحاكمة التي كانت تحميهم في تلك الفترة، وخصوصاً من هجمات الصليبيين (الفرنجة في المصطلح العربي)، فكانت تفرض عليهم الضرائب والإتاوات. كما كانت تُلغي ديون من يتطوع للاشتراك في حملات الصليبيين كطريقة للتعبئة. وقد حارب لويس التاسع (1226 ـ 1270) ضد المرابين اليهود، فأعفى رعاياه من ثُلث ديونهم، وتم تضييق الخناق على أعضاء الجماعة اليهودية بموجب قرارات المجمع اللاتراني الرابع (1215)، إلى أن طردهم فيليب الرابع (الذي دأب على نهب طبقات المجتمع كافة) عام 1306 وصادر ممتلكاتهم وحَوَّل الديون التي يستحقونها والتي لم تكن قد سُددت بعد إلى الخزانة الملكية. واستقر اليهود المطرودون في اللورين وبرجندي وسـافوي والمناطق غـير الخاضعة لحكم الفرنسـيين في بروفانـس. 
وبعد أن اشتكى الناس من المرابين المسيحيين الذين حلوا محل المرابين اليهود، تم استرجاعهم حيث صُرح لهم بأخذ فائدة مقدارها 43 %، كما سُمح لهم بتحصيل تلك الديون التي لم يحصلوها عند طردهم والتي لم يكن الملك قد حصلها بعد، شريطة أن يدفعوا ثلثي المبلغ للخزانة الملكية. وأخيراً سُمح لهم بشراء معبدهم اليهودي ومقبرتهم وكل كتبهم المصادرة (ما عدا التلمود). ولكن الأحوال ساءت مرة أخرى في جنوب فرنسا، وخصوصاً مع انتفاضة الرعاة عام 1317. وتم طرد اليهود عام 1322، ولكنهم أعيدوا مرة أخرى عام 1359 إلى أن طردهم شارلز السادس عام 1394 نهائياً. ومع هذا، سُمح لليهود بالبقاء في المقاطعات البابوية في أفنيون. وشهدت هذه الفترة ازدهار الدراسات التلمودية، حيث كتب راشي تعليقه الشهير على التلمود. وانتشرت أفكار موسى بن ميمون بين بعض المفكرين الدينيين من أعضاء الجماعات اليهودية، الأمر الذي جعل قادة الجماعة اليهودية يشون بهم إلى محاكم التفتيش التي قامت بإحرق كتب ابن ميمون. 
وظلت فرنسا خالية تقريباً من اليهود حتى أواخر القرن السادس عشر حيث بدأت جماعات المارانو في الاستيطان بمقاطعتي بوردو وبايون. وكانت أعداد المستوطنين صغيرة لا تتعدى بضعة آلاف، وكانت أكبر الجماعات تُوجَد في بوردو حيث تَمتَّع أعضاء الجماعة بمكانة اقتصاديـة عاليـة، فكانوا يعملـون بالتجارة الدولية والأعمال المالية المتقدمة، كما كانوا يمتلكون رؤوس أموال كبيرة نسبياً وسفناً تجارية. ولذا، اشتركوا في التجارة المثلثة الزوايا: شحن البضائع الأوربية الرخيصة إلى الساحل الأفريقي، وتحميل هذه السفن بالعبيد الذين كانوا يُباعون في المزارع الأمريكية والكاريبية، ثم عودتها من العالم الجديد لأسواق أوربا حاملة المنتوجات الاستوائية كالسكر والنيلة والتبغ وغيرها من السلع. وفي القرن الثامن عشر، تم الاعتراف بيهود المارانو المتخفين كيهود، وذلك بعد أن كان القانون يعتبرهم مسيحيين رغم علم السلطات بأنهم يهود. وابتداءً من عام 1552، بدأت الصبغة الإثنية والثقافية لأعضاء الجماعة اليهودية في التغير إذ ضمت فرنسا مدينة متز في ذلك العام وتم ضم الألزاس (1648) واللورين (1733)، وأدَّى هذا إلى زيادة عدد اليهود الإشكناز زيادة كبيرة، وقد كان يبلغ عددهم في هاتين المقاطعتين نحو 20 ألفاً، وتم وضعهم تحت الحماية الملكية. وكان الإشكناز متخلفين ومختلفين من الناحية الحضارية، ومنعزلين ثقافياً. ومن ثم، بدأت المسألة اليهودية تطل برأسها، وخصوصاً بعد اكتشاف تَلاعُب بعض أعضاء الجماعة في الأعمال التجارية. وطُرحـت قضيـة إصـلاح اليهود، وبُذلت عدة محاولات لتطبيعهم، وأعلنت أكاديمية متز عن مسابقة لكتابة دراسة عن السبل الممكنة لإصلاح اليهود عام 1785. وتم تشكيل لجنة لإصلاح يهود الألزاس، كان من بين أعضائها قيادات الجماعة السفاردية في جنوب فرنسا. 
فرنســـــا منــــذ الثـــــورة 
France since the Revolution 
كان عدد أعضاء الجماعات اليهودية في فرنسا عند نشوب الثورة الفرنسية لا يزيد على 40 ألفاً، تُوجَد أغلبيتهم الساحقة (نحو 20 ـ 25 ألفاً) في الألزاس، ونحو 3500 في متز وضواحيها، ونحو 4000 في اللورين. وفي إحصاء آخر، قيل إن عدد يهود الألزاس واللورين وحدهـم كان نحـو 40 ألفـاً، وأن هؤلاء كانوا من الإشـكناز ويهود اليديشية. ولم يكن يُوجَد سوى 3300 (سفارد) منهم 2300 في بوردو و1000 في بايون. كما كان يوجد حوالي 2500 يهودي في المقاطعات البابوية (يهود أفنيون) وحوالي 500 في باريس (وكانوا خليطاً من الإشـكناز والسـفارد). وكانت نسـبة اليهود إلى عـدد السـكان صغيرة للغاية، إذ كانت لا تزيد على 0.5%. وحينما اندلعت الثورة الفرنسية، لم تجر إثارة أي جدل بشأن اليهود السفارد الذين كانوا يشكلون جزءاً عضوياً من المجتمع الفرنسي والذين كانوا يتحدثون إما اللغة الفرنسية أو اللادينو وهي رطانة إسبانية قرىبة الشبه بالفرنسية، وكانوا يعملون في التجارة الدولية بل وفي الصناعة ويتمتعون بمعظم حقوق المواطنين الفرنسيين ويعيشون في المناطق الساحلية. وكان نظامهم التعليمي متطوراً، فعلى سبيل المثال قاموا هم أنفسهم بحظر تدريس التلمود في مدارسهم منذ عام 1760. وكانوا قد حصلوا على حق السكنى في أي مكان بفرنسا، وحق إقامة شعائرهم بحرية كاملة. ولكل هذا، فإن منح اليهود السفارد في جنوب فرنسا وفي أفينيون، حقوقهم المدنية بالكامل، كانت مسألة شكلية تمت دون مناقشة في يناير عام 1790. أما اليهود الإشكناز، في الألزاس واللورين وغيرهما من المناطق، فكانوا محور المناقشة بسبب تَميُّزهم الوظيفي والثقافي، كما كانوا محط احتقار إخوانهم من السفارد. 
فكان الزواج المختلط بين الفريقين محظوراً، بل إن السفارد منعوا الإشكناز من الاستقرار في مقاطعة بوردو التي كان السفارد يوجدون فيها بأعداد كبيرة. وإلى جانب هذا، كان اليهود الإشكناز محط كراهية عميقة من الجماهير المسيحية. وعشية الثورة الفرنسية نوقشت المسألة اليهودية الإشكنازية، والتي تم طرحها على النحو التالي: هل اليهود فرنسيون أم أنهم أمة داخل أمة؟ وعزف أعداء اليهود على نغمة «الخطر اليهودي» وأشاروا إلى أن اليهود جسم متماسك غريب منبوذ، ولذا فلابد من التخلص منه (وهي نفسها الفكرة التي عبَّرنا عنها بعبارة الشعب العضوي المنبوذ). أما العقلانيون، فكانوا يطرحون الخط الاندماجي الذي يرى أن مشكلة اليهود الإشكناز ليست مسألة كامنة في طبيعتهم وإنما تنبع من وضعهم الشاذ ومن إنكار حقوقهم السياسية والمدنية، وأن الحل يكمن في تحديث اليهود وإعتاقهم، أي إعطائهم حقوقهم كاملة وتشجيعهم على الاندماج مقابل أن يتخلى اليهود (وكل أعضاء الأقليات الأخرى) عن خصوصيتهم اللغوية والثقافية والإثنية في الحياة العامة. وهذا هو المعنى الذي تضمنته عبارة « أن يصبح اليهودي مواطناً في الشارع، يهودياً في منزله ». وقد وصل هذا الخط قمته إبّان حكم الإرهاب (1793 ـ 1794) وهي المرحلة التي وصلت فيها عبادة العقل ذروتها، والتي شارك فيها أعضاء من الجماعة اليهودية، فأُغلقت كل دور العبادة المسيحية واليهودية باعتبارها تعبيراً عن خصوصيات غير طبيعية وانحرافاً عن فكرة الإنسان الطبيعي. ومُنعت الجماعة اليهودية من ممارسة بعض شعائرها باعتبار أنها لا تتفق مع العقل، وإن كان لم يرسل أي يهودي للمقصلة بسبب عقيدته. 
ومَنحت الثورة أعضاء الجماعات اليهودية كل حقوق المواطنين، وحاولت دمجهم في المجتمع عن طريق فتح المدارس لأبنائهم، وتشجيعهم على التخلي عن تميزهم الوظيفي. وجاء في أحد قرارات الثورة « إن الحقوق هي حقوق تمنح للأفراد من أتباع العقيدة اليهودية، وليست للأقلية اليهودية باعتبارها جماعة متماسكـة »، وهـو ما عبَّر عنه شـعار « لليهود أفراداً كل شيء، ولليهود جماعة لا شيء ». وحاول الإشكناز من جانبهم الإبقاء على عزلتهم المتمثلة في القهال وفي رفض المؤسسات الحديثة التي أنشأتها الثورة. ففي عام 1808، كان عدد الأطفال اليهود في اللورين والألزاس الذين يذهبون إلى المدارس الحكومية لا يزيد على 10%. ومما زاد المسألة اليهودية الإشكنازية تفاقماً، أن كثيراً من الفلاحين الفرنسيين (نحو 400 ألف) الذين اشتروا أراضي كبار الملاك التي صادرتها الثورة اقترضوا الأموال اللازمة لإتمام هذه العملية من المرابين اليهود الذين بلغ عددهم ثلاثة أو أربعة آلاف مراب. ولكنهم عجزوا عن تأدية ديونهم، وهو ما جعل أعضاء الجماعة اليهودية محط السخط الشعبي في الفترة ما بين 1802 و1805. ومن هنا طرحت المسألة اليهودية نفسها على نابليون. 
وقد كان لدى نابليون بعض الخبرة بشأن أبعاد المسألة اليهودية بسبب احتكاكه ببولندا، بعد أن أعاد تنظيم مركز بولندا في شكل دوقية وارسو. وكان قد انتهى لتوه من تنظيم علاقة الدولة بالكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستانتية، ولم يبق سوى تنظيم علاقتها باليهودية. فأوقف كل الديون، ثم دعا عام 1806 إلى عقد مجلس ضم مائة عضو من وجهاء اليهود في الأراضي الخاضعة لحكم فرنسا. وترأس مجلس الوجهاء يهودي سفاردي من بوردو، وطرح عليهم اثنى عشر سؤالاً عن موقف اليهود من بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والدينية المهمة المتعلقة بعلاقتهم بوطنهم، وهل يعتبرون أنفسهم أجانب أم فرنسيين؟ وهل هم على استعداد للدفاع عن الوطن؟ وهل تشجع اليهودية على الربا الفاحش أم لا؟ وهل هناك تناقض بين الإجراءات اليهودية والقانون الفرنسي بشأن الزواج والطلاق؟ وهل يُسمَح لليهود بالزواج من المسيحيين؟ وكانت الإجابات في معظمها إما بالإيجاب وإما بالمراوغة. وقرر المجلس أن اليهودي يتعيَّن عليه أن يعتبر الأرض التي وُلد عليها وطنه، وعليه أن يدافـع عنهـا، كما يتعيَّن على كل يهــودي أن يعتبر بقية المواطنين إخوته. كما أكد المجلس أن الشريعة اليهودية وقوانينها لا تتناقض البتة مع القانون الفرنسي المدني، فاليهودية تَحظُر تعدد الزوجات، وقرر أن الطلاق (بحسب الشريعة اليهودية) لا يصبح شرعياً إلا بعد الطلاق المدني، وأن الزواج (بحسب الشريعة اليهودية) لا يصبح شرعياً إلا إذا سبقه زواج مدني. وبينت قرارات المجلس أن اليهودية لا تُحرِّم أية حرف يدوية أو وظائف وأن من المحبب لليهودي أن يعمـل في الزراعـة والأعمال اليدوية كما كان يفعل أسلافه في فلسطين. كما بيَّنت أن اليهودية تحرم على اليهودي أخذ فائدة ربوية من المسيحي أو اليهودي. ثم دعا نابليون في فبراير 1807 إلى مؤتمر أطلق عليه «السنهدرين الأكبر» يضم الحاخامات وبعض اليهود من غير رجال الدين ليؤكد القرارات التي توَّصل إليها هؤلاء الوجهاء. وقد أعلن السنهدرين ولاءه الكامل للإمبراطور، وبطلان أية جوانب في التراث اليهودي تتناقض مع ما يتطلبه واجب المواطنة. وصدَّق السنهدرين على قرارات مجلس الوجهاء، كما أصدر قوانين تمنع تعدد الزوجات والربا وأخرى تحتم إجراء الطلاق المدني. 
وأصدر نابليون بعد ذلك قراراته الخاصة بتنظيم علاقة اليهودية بالدولة الفرنسية. ففي عام 1808، أصدر مرسومين تم بمقتضى الأول إقامة نظام من المجالس الكنسية (بالفرنسية: كونسيستوار Consistoire)، وهي لجان من الحاخامات والرجال العاديين للإشراف على الشئون اليهودية تحت إشراف مجلس كنسي مركزي. وكان من مهام هذه المجالس أن ترعى معابد اليهود وغيرها من المؤسسات الدينية، وتنفذ قوانين التجنيد وتشجع اليهود على تغيير المهن التي يشتغلون بها. أما المرسوم الثاني، فقد اعترف باليهودية ديناً كما ألغى (أو أنقص أو أجل) الديون اليهودية المستحقة للمرابين الإشكناز، وأُعفي السفارد من ذلك المرسوم. وأصبح الحاخامات مندوبين للدولة مهمتهم تعليم أعضاء الجماعات اليهودية تعاليم دينهم وتلقينهم الولاء للدولة وأن الخدمة العسكرية واجب مقدَّس. وكان على الحاخامات توجيه أعضاء الجماعات اليهودية إلى الوظائف النافعة. وقد اعترفت الحكومة الفرنسية باليهود بوصفهم أقلية، وأصبح لهم كيان رسمي داخل الدولة، فحصلوا على حقوقهم ومُنحوا شرف الجندية ولم يعد يُسمح لهم بدفع بدل نقدي، وشُجعوا على الاشتغال بالزراعة. وحرَّم نابليون على اليهود الإشكناز الاشتغال بالتجارة دون الحصول على رخصة بذلك، ولم تكن الرخصة تُجدَّد إلا بعـد التأكـد من مدى إحسـاس التـاجر اليهودي بالمسئولية الخلقية. كما طُلب إلى أعضاء الجماعات اليهودية أن يتخذوا أسماء أعلام وأسماء أسر دائمة على الطريقة الغربية. ورغم أن الأدبيات اليهودية والصهيونية تطلق على هذه القرارات اسم «القرار المشين»، فإنه كان قراراً مرحلياً يهدف إلى تحديث اليهود (ولذا، فإنه لم يُطبَّق على السفارد). وقد نجح بالفعل في دمجهم بالمجتمع الفرنسي. وبحلول عام 1811، كانت أعداد كبيرة من اليهود تعمل بتجارة الجملة والحرف وكان قد تم تطبيعهم إلى حدٍّ كبير. وبعد مرور الفترة الانتقالية التي حددها القرار، لم تنشأ أية حاجة إلى فترة انتقالية أخرى.
ومما يجدر ذكره أن نابليون تبنَّى، في إطار محاولته تأسيس الدولة الفرنسية الحديثة، سياسة تهدف إلى دمج أعضاء الجماعات اليهودية، كما دعاهم إلى نبذ خصوصيتهم. ولكنه تبنَّى سياسة مغايرة تماماً في إطار سياسته الإمبريالية، إذ دعاهم للعودة إلى فلسطين لإحياء تراثهم العبري القديم مستخدماً ديباجات صهيونية تؤكد أن اليهود ليسوا أقليات دينية تندمج في أوطانها وإنما شعب عضوي يجب أن يُرحَّل إلى فلسطين. وبهذا، فإن نابليون كان يهدف إلى تصفية اليهود بوصفهم جماعة وظيفية تجارية داخل فرنسا ثم توظيفهم كجماعة استيطانية قتالية خارجها (وهذا هو جوهر الحل الصهيوني للمسألة اليهودية). وبعد عودة الملكية، استمرت سياسة إعتاق أعضاء الجماعات اليهودية ودمجهم بشكل يكاد يكون كاملاً، فبرز كثير من أعضاء الجماعات اليهودية في الحياة العامة، بل تَنصَّرت أعداد كبيرة من أعضاء النخبة اليهودية، وبدأت أعداد منهم تدخل النخبة الحاكمة. ولم تتوقف هذه العملية مع الإمبراطورية الثانية، فانتُخب أول نائب يهودي في البرلمان عام 1834 وعُيِّن أدولف كريميه وزيراً. وحققت أسرتا روتشيلد وبريير صعوداً في عالم المال. والتحق كثير من أعضاء الجماعات اليهودية بالقوات العسكرية، ورُقي الضباط منهم إلى أعلى الرتب. ومُنح يهود الجزائر الجنسية الفرنسية عام 1870، ومن ثم تم تحويلهم إلى مادة بشرية استيطانية دمجت في الجماعة الاستيطانية البيضاء. ويمكن القول بأن مصير يهود فرنسا ارتبط تماماً بمصير فرنسا والفرنسيين، أي أنهم حققوا درجة عالية من الاندماج. وبرغم كل التعثرات فيما بعد، فإن فرنسا أثبتت قدرة غير عادية على استيعاب اليهود بل وهضمهم حتى أن يهود اليديشية كانوا يعبِّرون عن دهشتهم لهذه المقدرة، فكانـوا يشــيرون إلى فرنسـا بأنها « البلد الذي يأكل اليهود ». ومع هذا، ظهرت موجة معاداة اليهود ابتداءً من منتصف القرن التاسع عشر.
ويمكن إرجاع هذه الموجة إلى الأسباب التالية: 
1 ـ يُلاحَظ أن منتصف القرن التاسع عشر شهد بدايات وفود عمالة أجنبية يهودية إلى فرنسا، وقد تزايدت معدلات الهجرة منذ عام 1881. وساهمت هذه العمالة الأجنبية اليهودية في خلخلة وضع أعضاء الجماعة اليهودية وفصلهم عن مجتمعاتهم إذ بدأ يتم الربط بين اليهودي المحلي المندمج واليهودي الوافد، بحيث يصبح الجميع «يهوداً غرباء» دون تمييز أو تفرقة أو تخصيص (وهذه هي طبيعة الفكر العنصري دائماً). ومما زاد الطين بلة أن معظم الوافدين كانوا من شرق أوربا ووسطها ويتحدثون اليديشية (وهي رطانة ألمانية) أو الألمانية نفسها. وكانت ألمانيا عدو فرنسا الأكبر في ذلك الوقت. ويُلاحَظ أنه، في عام 1880، كان 90% من يهود فرنسا يهوداً أصليين منحدرين من يهود العصور الوسطى، أي أنهم كانوا فرنسيين. ولكن بسبب الهجرة، أخذت النسبة تتناقص حتى وصلت عام 1940 إلى 15%. 
واستمر هذا التيار دون توقُّف، فكلما كان أعضاء الجماعات اليهودية يحققون معدلات عالية من الاندماج في محيطهم الحضاري كانت تأتي موجة جديدة وافدة فيعاد تصنيفهم لا على أساس ما حققوه من اندماج وإنما على أساس الهوية الأجنبية للوافدين. وهذا ما حدث مرة أخرى في الستينيات، حينما هاجر يهود المغرب العربي إلى فرنسا، فدعموا الخصوصية الإثنية اليهودية على حساب الاندماج، وأصبحوا يشكلون أغلبية يهود فرنسا. ومع هذا، يجب التمييز بين يهود شرق أوربا ويهود المغرب العربي، فمعظم الوافدين من شرق أوربا ووسطها كانوا يتحدثون اليديشـية، ولذا لم يمكنهـم تحقيق الاندمـاج اللغوي بسرعة، كما أنهم كانوا يعملون بمهن مشينة مثل الربا والبـغاء، ويعيشـون على هامـش المجتـمع اقتصادياً وحضارياً. هذا على عكس يهود العالم العربي الذين كانت تتحدث أغلبيتهم الساحقة بالفرنسية وكانت أعداد كبيرة منهم تحمل الجنسية الفرنسية بالفعل (مثل يهود الجزائر) كما أنهم كانوا يحملون خبرات يحتـاج إليها المجتـمع الفرنسـي. ولذا، لم تكن عمـلية دمجـهم صعبة. 
2 ـ لم يكن قد تم بعد دمج يهود الألزاس واللورين الذين كانوا مرتبطين بالتراث الألماني أيضاً. كما أن أعداداً منهم كانت تقوم بالتجسس لحساب كل من الألمان والفرنسيين، الأمر الذي كان يزيد شكوك أعضاء الأغلبية منهم. وتنبه يهود فرنسا إلى خطورة الوضع فأسَّسوا عام 1860 جماعة الأليانس، وهي جماعة توطينية تهدف إلى تحويل الهجرة اليهودية عن فرنسا وإلى دمج العناصر اليهودية الوافدة، كما لعبت دوراً مهماً في فرنسة يهود البلاد العربية والإسلامية التي احتلتها فرنسا. 
3 ـ يُلاحَظ أن عملية إعتاق أعضاء الجماعات اليهودية ودمجهم، جعلتهم يتحركون من الهامش الاقتصادي إلى المركز، فبدأوا يحققون حراكاً اجتماعياً غير عادي يجعلهم مركزاً للحقد والحسد. والعمالة الوافدة عادةً ما تكون لديها مقدرة عالية على التنافس مع العمالة المحلية إذ تقنع بمستوى معيشي أقل، ومن ثم بأجور أقل، ولم يكن العمال من يهود اليديشية استثناء من القاعدة. وأدَّى الكساد الاقتصادي الذي كان سائداً آنذاك إلى تَفاقُم الأزمة وتَزايُد الحقد ضد الوافدين الأكفاء. 
4 ـ كان معظم يهود فرنسا مُركَّزين في باريس، وهو ما جعل لهم وجوداً ملحوظاً كعنصر اقتصادي ناجح. وشهدت الفترة صعود أسرتي روتشيلد وبريير، الأمر الذي ربط في الذهن الشعبي بين اليهود والرأسمالية والمضاربات والإحساس بأن ثمة هيمنة مالية يهودية على الرأسمال، وهو موضوع نجده بشكل أساسي في كتابات كثير من الاشتراكيين الفرنسيين والمعادين لليهود. ومما قوى هذا الإحساس فضيحة قناة بنما التي ألحقـت الضرر بكـثير من أعضـاء الطبقـة الوسطى. وكان بعض المموِّلين اليهود متورطين في هذه الفضيحة. كما أن إفلاس بنك يونيون جنرال، وهو بنك كاثوليكي، جعل الكثيرين يشيرون بأصابع الاتهام إلى اليهود.
5 ـ كانت تُوجَد عناصر يهودية كثيرة في صفوف الحركات الثورية في أوربا، كما أن أعضاء الجماعات اليهودية كانوا يمثلون عنصراً بارزاً في الصراع بين العلمانيين والكنيسة الكاثوليكية، الأمر الذي ربط في الذهن الشعبي بين اليهود والثورة. 
6 ـ أشرنا من قبل إلى أن ثمة خطابين فرنسيين تجاه اليهود، أحدهما اندماجي والآخر صهيوني. وقد تصاعدت حدة الخطاب الصهيوني مع تزايد اهتمام فرنسا بالشرق، وخصوصاً لبنان. ونشر إرنست لاهاران (سكرتير نابليون الثالث) كتيباً صهيونياً يدعو إلى توطين اليهود في فلسطين. ووفدت الصهيونية أيضاً مع المهاجرين من يهود اليديشية. وهي تساهم ولا شك في خلق فجوة بين أعضاء الجماعة اليهودية والمجتمع. 
7 ـ يُلاحَظ تركز أعضاء الجماعات اليهودية في العاصمة. فبعد أن ضمت ألمانيا الألزاس واللورين، بلغ عدد يهود فرنسا ستين ألفاً، منهم أربعون ألفاً في باريس. ومع نهاية القرن التاسع عشر، كان 60% من جملة يهود فرنسا في باريس والبقية في مدن أخرى، أي خارج القرى والمناطق الزراعية. وعلى كلٍّ، فإن هذا هو النمط السائد بين أعضاء الجماعات اليهودية في العصر الحديث. وما يهمنا هنا هو أن الأغلبية الساحقة من الشعب الفرنسي لم يكن لها أي احتكاك بأعضاء الجماعة اليهودية، وأنها حينما كانت تحتك بهم كانت تتعرف على أقلية أجنبية حضرية لا يجيد كثير من أعضائها الحديث بالفرنسية، ولا يعرف الكثير منهم شيئاً عن الحضارة الفرنسية، الأمر الذي كان يؤدي إلى ترسيخ الأنماط الإدراكية السائدة الثابتة المتصلة بتَميُّز اليهود وعزلتهم. 
لكل ما تقدَّم، شهدت أواخر القرن التاسع عشر تَعاظُم الاتجاه نحو معاداة اليهود، وانفجر ذلك في قضية دريفوس. ويجب التأكيد على أن العداء لدريفوس، الذي جاء من الألزاس، كان جزءاً من عداء عام تجاه الأجانب مثل الإيطاليين، بل والأقليات الفرنسية مثل الأوكستينيان والأوفيرنيان، كما يجب التأكيد على أن الصراع كان يدور لا بين اليهود والأغيار وإنما بين العلمانيين والمتدينين. ولذا، فحينما حُسمت القضية عام 1905، اتخذ العلمانيون إجراءات مشددة وتم فصل الدين عن الدولة تماماً. واستمرت عملية الدمج بعد ذلك التاريخ. وأثناء احتلال الألمان لفرنسا، تعرَّض المجتمع الفرنسي لإرهاب قوات الاحتلال النازية الذي لحق بأعضاء الجماعات اليهودية مثلما لحق بالشيوعيين وأعضاء المقاومة والكنيسة. وتم ترحيل آلاف اليهود الفرنسيين إلى معسكرات الاعتقال ضمن الألوف التي رُحِّلت من أعضاء المقاومة والشيوعيين وغيرهم من العناصر غير المرغوب فيها. وبلغ عدد المرحَّلين من اليهود خمسة وسبعين ألفاً، الأمر الذي يعني أن الشعب الفرنسي حمى ما يزيد على ثلثي يهود فرنسا البالغ عددهم 260 ألفاً (عام 1936).
فرنسا في الوقت الحاضر 
France at the Present 
استقرت في فرنسا، بعد الحرب العالمية الثانية، أعداد من المهاجرين اليهود الذين قدموا من التجمعات اليهودية الأخرى التي اقتلعها النازيون. وفي الستينيات، هاجرت أعداد كبيرة من العالم العربي فوصل إلى إسرائيل نحو مائة ألف يهودي من مصر والمغرب وتونس في الفترة 1954 ـ 1961، كما هاجر يهود الجزائر البالغ عددهم 110 آلاف عام 1963. ثم انضم إليهم آخرون حتى أصبحوا يشكلون أغلبية يهود فرنسا البالغين نحو 535 ألفاً عام 1967. ويُقال إن نسبة السفارد هي 54%، إن قمنا بضم أعضاء الجيلين الأول والثاني من أبناء المهاجرين. ولكن إن استبعدناهم، فإن غالبية يهود فرنسا وُلدوا فيها، و95% من يهود فرنسا ممن هم تحت سن العشرين من مواليدها. 
يتبع إن شاء الله...


الباب الرابع: فرنسا من العصور الوسطى حتى الثورة الفرنسـية 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب الرابع: فرنسا من العصور الوسطى حتى الثورة الفرنسـية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الرابع: فرنسا من العصور الوسطى حتى الثورة الفرنسـية   الباب الرابع: فرنسا من العصور الوسطى حتى الثورة الفرنسـية Emptyالإثنين 23 ديسمبر 2013, 10:38 pm

وفيما يلي جدول يبيِّن تعداد اليهود في فرنسا: 
السنة /عدد أعضاء الجماعة اليهودية /نسبتهم إلى عدد السكان 
1851 / 73.975 / 0.2
1900 / 80.000 / 0.25
1914 / 100.000 / 0.25
1933 / 240.000 / 0.57
1939 / 300.000 / 0.6
1945 / 180.000 / 0.4
1950 / 235.000 / 0.6
1955 / 300.000 / 0.7
1961 / 350.000 / 0.8
1963 / 500.000 / 1.1
1966 / 520.000 / 1.08
1968 / 535.000 / 1.07 
وقد استقر عددهم عند تلك النقطة. 
ويُلاحَظ أنه، في عام 1870، زاد عدد يهود فرنسا إلى 40 ألفاً بسبب منح يهود الجزائر الجنسية الفرنسية. ولكن عددهم نقص حينما ضمت ألمانيا الألزاس واللورين اللتين كانتا تضمان 30 ألف يهودي. 
ويمكننا الآن تناول إشكالية موت الشعب اليهودي في فرنسا. فرغم تَزايُد عدد يهود فرنسا، فإن هذا التزايد لم يتم من خلال التكاثر الطبيعي وإنما من خلال عملية هجرة من الخارج، وقد بدأت هذه الهجرة تفقد مفعولها. ويتنبأ الدارسون بأن يأخذ عدد يهود فرنسا في التناقص، وأنه قد لا يتجاوز 200 ألف مع بداية القرن القادم. والأسباب التي ستؤدي إلى ذلك هي الأسباب المألوفة في مثل هذه الظاهرة. ومن أهم هذه الأسباب تَميُّز البناء الوظيفي والمهني لليهود.
 ويتوزع يهود فرنسا في الوظائف والمهن التالية: 
21% في وظائف إدارية عليا. 
47% في وظائف إدارية متوسطة وكتابية. 
10% عمال صناعيون ويدويون. 
16% تجار. 
كما أن مستواهم التعليمي عال للغاية، إذ حصل 25% من جملة يهود فرنسا على تعليم عال. وتصل النسبة إلى 50% من المرحلة العمرية 25 ـ 30، وهذا ينطبق على أولاد المهاجرين المغاربة، وهذا يعني أنهم حققوا حراكاً اجتماعياً سريعاً وبدأوا يتحولون إلى طبقة وسطى شأنهم في هذا شأن بقية يهود فرنسا. فبعد أن اختفى العمال اليهود من أصل أوربي، وحل محلهم العمال اليهود من أصل مغربي، نجد أن هؤلاء أيضاً في طريقهم إلى الاختفاء لأن أبناء العمال المغاربة المهاجرين يدخلون المدارس ليحققوا حراكاً اجتماعياً عن طريق الحصول على وظائف إدارية راقية والانخراط في مهنة من المهن الممتازة كالطب والتدريس في الجامعة أو في قطاع من القطاعات المتميِّزة كالعلماء. وتزايد معدل التعليم بين أبناء المهاجرين الذين يدخلون الجامعات ثم يعملون بعد ذلك في قطاع التأمين والبنوك وقطاع الخدمات. وتُوجَد أعداد كبيرة من اليهود المغاربة والجزائريين في الوظائف الحكومية، وربما كان هذا جزءاً من ميراثهم الاقتصادي بوصفهم جماعة وظيفية وسيطة بين الاستعمار الفرنسي والسكان العرب المحليين. ولكن، مهما يكن الأمر، فإن هذا يعني أن اليهود يتحولون إلى مهنيين. والمهني يرتبط بعملائه ويقبل قيمهم، الأمر الذي يجعل عنده قابلية أعلى للاندماج والانصهار. 
والبناء الوظيفي والمهني لليهود يعني أن الريف الفرنسي لا يزال خالياً تماماً من اليهود وأنهم لا يزالون في العاصمة، وفي مدن مثل مارسيليا وليون وتولوز ونيس وستراسبورج. ويبدو أن أعداداً كبيرة من المهاجرين من العالم العربي آثرت الاستقرار في جنوب فرنسا لأن الجو والطبيعة يذكرانهم بأوطانهم السابقة وهذا يفسر ظهور الجماعات اليهودية في مدن الجنوب: نيس وتولوز وليون ومارسيليا. هذا على عكس المهاجرين من أوربا الشرقية الذين يفضلون الاستقرار في الألزاس واللورين. ومن المعروف أن سكان المدن عادةً لا يتكاثرون بوتائر عالية. ويُلاحَظ أن معدل إنجاب المرأة الفرنسية اليهودية هو 2.4 لكل امرأة، وهي نسـبة عاليـة إلى حـد ما وتفوق النسـبة العالمية للمرأة اليهودية. ولكن يُلاحَظ أن معدل إنجاب المرأة اليهودية الفرنسية من أصل غربي هو 1.7 طفل، وهو ما يعني أنه مع تزايد معدلات الاندماج سـتتناقص الخصـوبة وتختفي الأنماط التي أحضرها اليهود المغاربة معهم. والجماعة اليهودية في فرنسا جماعة مسنة، ذلك أن نحو 37% منهم فوق سن 45، وستتزايد كل هذه الظواهر وتتفاقم حدتها مع تَصاعُد معدلات الاندماج والعلمنة. ورغم ضخامة حجم الجماعة اليهودية، فلا يوجد في أية مدينة من مدن فرنسا أي حي يهودي يشكل إطاراً للحفاظ على الهوية اليهودية، كما كان يوجد في شمال أفريقيا وكما يوجد حالياً في الولايات المتحدة (ومع هذا، فإن أحياء اليهود في الولايات المتحدة هي نفسها تعبير عن الاندماج في مجتمع فيدرالي يسمح للأقليات والجماعات أن تحتفظ بتلك الأبعاد من هويتها وهو ما لا يتنافى مع الولاء القومي). 
ولكن مشكلة الهوية اليهودية في فرنسا مشكلة خاصة إلى أقصى حد ومتداخلة. فهناك اليهود من أصل إشكنازي. وهؤلاء، مثل اليهود الأصليين، اندمجوا تماماً في المجتمع الفرنسي الذي يوشك أن يهضمهم كما هضم الألوف غيرهم من قبل. بقي بعد ذلك هوية اليهود المغاربة الذين يُقال لهم «السفارد». ويُلاحَظ أن أغلبية يهود العالم العربي سفارد بمعنى خاص جداً. فهم ليسوا من السفارد الأصليين، بمعنى أنهم لا يتحدثون اللادينو ولا يشاركون في التراث الحضاري الثري ليهود إسبانيا. وكثير من يهود المغرب من أصل بربري واكتسبوا الصفة السفاردية من المهاجرين من إسبانيا في القرن السادس عشر. ولذا، فهم يهود مغاربة يتحدثون العربية ويكتسبون إثنيتهم من تفاعلهم مع التراث العربي ومن خلاله، ويتعبدون على الطريقة السفاردية، وأغلبيتهم الساحقـة تعرف الفرنسـية كما هـو الحال مع كثير من أهـل المغرب العربي. ويبدو أن جماعة الأليانس لعبت دوراً أساسياً في إعدادهم ثقافياً للاندماج في المجتمع الفرنسي. فالأليانس مؤسسة فرنسية يهودية. لكن يُلاحَظ أنه بينما لم تهتم الأليانس بالدراسات اليهودية في فرنسا نفسها، فإن مناهج الدراسة التابعة لها، في بلاد مثل المغرب وتونس ولبنان وسوريا مختلطة، أي فرنسية ويهودية. ولتفسير هذا التناقض، يمكننا أن نقول إن هذه المدارس باعتبارها ممثلة للثقافة والاستعمار الفرنسيين، كانت تريد أن تصبغ اليهود بصبغة فرنسية كي يقوموا بدور الجماعة الوظيفية الاستيطانية والوسيطة. ولكن تَوجُّه يهود البلاد العربية كان توجهاً دينياً، ولذا، لم يكن ثمة مفر أن تضم المناهج بعض المواد الدينية لتكون وسيلة جذب لليهود حتى لا ينفروا من المدارس الجديدة ولا يدركوا الهدف الحقيقي منها. وهذه على كلٍّ هي الطريقة المثلى للتحديث والعلمنة في المراحل الانتقالية، أي أن تتم العلمنة من خلال الخطاب الديني لا على الرغم منه. وكان هناك 19.570 ألف طالب في مدارس الأليانس في الشرق العربي والبلاد الإسلامية حتى عام 1969 ـ 1970. ومع هذا، تجب الإشارة إلى أن يهود البلاد الإسلامية انجذبوا بشكـل غـير عــادي للثقافــة الفرنســية. فمــع أن يهود مصر كان من الممكن أن يدرسوا الإنجليزية، ويهود ليبيا الإيطالية، فإن معظمهم آثر أن يتعلم الفرنسية، ولعل هذا يعود إلى الخلفية السفاردية. 
وقد أكد المهاجرون اليهود، من المغرب بالذات، خصوصيتهم اليهودية التي اكتسبوها من مجتمعهم العربي. وهنا تكمن المفارقة، ذلك أن عملية دمجهم في المجتمع الفرنسي تنتهي بهم إلى فقدان تراثهم الشعبي ذي الأصول العربية، وتراثهم ذي النكهة العربية الذي يشكل مصدر خصوصيتهم المغربية اليهودية. فيهوديتهم كامنة في انتمائهم المغربي. ولم يستقبل يهودُ فرنسا يهودَ العالم العربي بكثير من الترحاب بل قابلوهم بشيء من العداء (تماماً كما حدث مع يهود اليديشية من قبل). وهم يُطلقون على اليهود المغاربة «كوشر كُسْكُسْ»، الأمر الذي يبيِّن مدى تَداخُل خصوصيتهم اليهودية بإثنيتهم العربية. فكلمة «كوشر» تعني الطعام المباح شرعاً (حسب الشريعة اليهـودية)، و«كُسْـكُسْ» هو بطبيـعة الحـال الطعـام المغــربي الشهير، وهما في حالة يهود المغرب مرتبطان ارتباطاً عضـوياً بحيث يكــون الواحـد منهمـا كامنــاً تماماً في الآخر ولا يمكن فصلهما. ولذا، فمن المتوقع أن يؤدي تَزايُد فرنسة المهاجرين المغاربة إلى تَزايُد درجة انصهارهم (وليس اندماجهم)، فمع أن لهم هويتهم الواضحة إلا أن قابليتهم لمثل هذا الانصهار واضحة بسـبب حرصهم الشـديد على الانتماء للمجتمع الجديـد. ولذا، فإن المتوقع أن تقوم فرنسا بهضم اليهود المغاربة أيضاً ضمن من هضمت من أجانب. 
أما فيما يتصل بالعقيدة اليهودية، فقد خلقت الإصلاحات النابليونية الإطار اللازم لتحديث اليهودية من الخارج، وذلك من خلال المجالس الكنسية وتحويل الحاخامات إلى موظفين في الحكومة ومن خلال إشراف الحكومة على تدريب الحاخامات واختيار الحاخام الأكبر وخلاف هذه الوسائل. ثم نشأت محاولة للإصلاح من الداخل. ولكن اليهودية الإصلاحية مرتبطة بالتراث البروتستانتي الألماني، ولذا جرت مقاومتها (بسبب العداء الفرنسي التقليدي للثقافة الألمانية). ومع هذا، أدخلت بعض الإصلاحات على الشعائر مثل إنقاص عدد قصائد البيوط في الصلوات، وتقليل مدة الصلوات نفسها، كما تقرَّر استخدام الأرغن على أن يقوم بالعزف عليه يوم السبت شخص غير يهودي. ولم تكن هذه القرارات ملزمة للجميع إذ تُرك لكل مجلس كنسي حرية تطبيق ما يراه مناسباً من إصلاحات. ومع هزيمة فرنسا على يد ألمانيا عام 1871، توقَّف الإصلاح تماماً بسبب الأصل الألماني لحركة الإصلاح. وهكذا تحوَّلت اليهودية الفرنسية بعيداً عن الأرثوذكسية دون أن تصل إلى صيغة إصلاحية، ومن ثم أصبحت كياناً غير متماسك يسمح بدرجة من التطور واستيعاب عناصر تجديدية تؤدي إلى مزيد من التنوع وعدم التجانس. وأدَّى تَوقُّف حركة الإصلاح الديني إلى تَصاعُد معدلات الاندماج. ففي البلاد البروتستانتية التي انتشرت فيها اليهودية الإصلاحية والمحافظة، يمكن لليهودي أن يُعدِّل شعائر دينه، بل وأن يسقط كثيراً منها ويظل يهودياً. أما في فرنسا، فإن فعل ذلك فليس أمامه سوى التخلي تماماً عن دينه الذي يشكل جزءاً مهماً من هويته، وخصوصاً أن العقيدة العلمانية في المجتمع الفرنسي تتسم بدرجة عالية من التبلور والاتساق.
 ومن ثم، فيمكن لمن يشاء أن يتفرنس تماماً. وقد كان لهذا الوضع أثره العميق في اليهود المغاربة الذين تستند هويتهم أساساً إلى عنصرين: أولهما شعائرهم الدينية، والآخر فلكلورهم العربي. ومع فقدانهم كلا العنصرين، لم يبق لهم شيء. ومعظم يهود فرنسا، نحو 350 ألفاً، تمت علمنتهم ودمجهم إلى درجة أصبح من الصعب معها تمييزهم عن غير اليهود بأي شيء. أما البــاقون (200 ألف)، فمنهــم 25 ألفاً فقط هم الذين ينفذون الشعائر بطريقة مستمرة و100 ألف يأكلون الطعـام المباح شرعاً، و75 ألفاً يكتفون بالاحتفال بعيـد يوم الغـفران ويحرمـون أكــل الخنـزير أحياناً. وكثـير ممن يقيمـون بعض الشعــائر يفعلــون ذلك باعتبــاره تعبيراً عن الانتماء الإثني لا الديني. ويُلاحَظ أن أكثر معدلات العلمنة تُوجَـد بين المهنيين، وتُوجَد أكثر العناصر تديناً بين يهود شمال أفريقيا، ولكن يُلاحَظ أن تَديُّن هؤلاء ليس تعبيراً عن إيمان ديني بمقدار ما هو تعبير عن انتماء إثني تصاعدت حدته بعد الهجرة كما يحدث عادة بين المهاجرين. كما أن الانتماء الديني ليس مهماً إلى هذه الدرجة في المجتمع الفرنسي، وشبه ماكسيم رودونسون ذلك بالانتماء إلى ناد للعب الشطرنج وهو انتماء لا يحدِّد سلوك الفرد. وقد أعلن 25% من يهود فرنسا في الوقت الحاضر أنهم أعضاء في هذه الجمـاعة الدينية اليهودية أو تلك، مقــابل 50% في الولايات المتحدة. ولكن إعلان شخـص عن انتمائه إلى جماعة دينية، لا يعني بالضرورة أنه متدين. وكما أسلفنا فأغلبية يهود فرنسا الساحقة لا تمارس أية شعائر دينية. وقد اكتسبت المجامع الكنسية نبرة إثنية برغم أرثوذكسيتها. وفي باريس، حيث يعيش نحو نصف يهود فرنسا، لا يوجد سوى تسعة آلاف عضو في المجمع الكنسي. ويُلاحَظ أن الجيل الجديد من الشباب اليهودي في أوربا يبتعد عن التقاليد والمؤسسات الدينية بل وغير الدينية اليهودية، وينخرط بأعداد متزايدة في صفوف اليسار، فالانتماء الإثني نفسه آخذ في التآكل.
وحتى تتضح الصورة العامة والاتجاه العام نحو الاندماج، بل وربما الانصهار، يمكن أن نشير إلى أن معظم المرموقين من أعضاء النخبة اليهودية ما عادوا يُكنِّون أي احترام لتراثهم اليهودي. وتتضح معدلات الاندماج العالية في الزواج المُختلَط الذي كان قد انخفض بعض الوقت بعد وصول يهود المغرب العربي وتزاوجهم مع اليهود الفرنسيين. ففي عام 1962، بلغت نسبة الزواج بين اليهود من أصل فرنسي واليهود من أصل مغربي جزائري 42%، و32% بين اليهود من أصل مغربي جزائري واليهود من شرق أوربا. وبلغت نسبة الزيجات المُختلَطة بين يهود المغرب والجزائر ويهود ليسوا من نفس الأصل 44% ـ وهذه نسبة عالية إذا ما قارناها بإسرائيل، ففي عام 1960 كان نصف عدد السكان من يهود الشرق أو اليهود السفارد والنصف الآخر يهوداً غربيين. ورغم أن كلا الفريقين كان يعيش في إسرائيل منذ عام 1952، إلا أن نسبة الزواج بينهم لم تزد على 15% حتى عام 1965. ولكن الزواج المُختلَط في فرنسا تعدَّى الشرقيين والغربيين وأصبح مرة أخرى زواجاً مُختلَطاً مع غير اليهود، الأمر الذي يؤدي إلى ذوبان الهوية. 
وقد كانت نسبة الزواج المُختلَط نحو واحد من ثمانية من جملة الزيجات عام 1935، ثم أصبحت واحداً من ستة من الزيجات في الفترة من 1936 إلى 1955، وزادت إلى واحد بين كل ثلاثة في الفترة من 1956 إلى 1965، ووصلت إلى واحد من كل زيجتين في الفترة من 1966 إلى 1975. أما في منتصف الثمانينيات، فكان حوالي 60% من جملة الزيجات مختلطة، وهذا يبيِّن مدى تفاقم الظاهرة رغم أنها لم تصل إلى ذروتها بعد. ويُلاحَظ انتشار ظاهرة التعايش المؤقت، أي أن يعيش شخصان سوياً دون أن يتزوجا. والواقع أن أعضاء مثل هذه الترتيبات المؤقتة لا يكترثون بالانتماء الديني للطرف الآخر، الأمر الذي يعني أن مثل هـذه الزيجات في الغـالب لابد أن تُدرَج في حساب الزيجات المُختلَطة. كما أن أبناء مثل هذه الزيجات أو هذه الترتيبات يفقدون صلتهم تماماً بالجماعة اليهودية. ويظهر الاندماج، كذلك، في انصراف أعضاء الجماعة اليهودية عن المؤسسات اليهودية، إذ لا يهتم بها سوى يهودي واحد بين كل ثمانية يهود، كما لا يتبرع للصندوق الاجتماعي اليهودي الموحد سوى 20 ألف شخص. 
ورغم الحديث عن التفاف يهود فرنسا حول المُثُل الصهيونية، ورغم حديث يهود المغرب العربي عن الدولة الصهيونية باعتبارها تحقيقاً لنبوءة الأنبياء، إلى آخر هذه الديباجات الدينية، فإن ثمة انصرافاً فعلياً عن الصهيونية يناقض حماس اللفظ والتهاب القول. ولعل أكبر دليل على انصراف يهود فرنسا عن الصهيونية هو هذا الوجود الملحوظ ليهود المغرب العربي في فرنسا إذ فضلوها على الدولة الصهيونية. وقد لاحظ بن جوريون أن صهيونية يهود الولايات المتحدة عالية الصوت إنما هي تعبير عن تَزايُد اندماجهم الفعلي ونفس القول ينطبق على صهيونية يهود فرنسا. وعلق أحد المثقفين الفرنسيين على إيمان يهود المغرب بإسرائيل، باعتبارها تحقيقاً للنبوءات المشيحانية، بقوله: إن هذا الإيمان يجعل التعلق الرومانسي بإسرائيل بديلاً للصهيونية (الاستيطانية) بما تتطلبه من هجرة واليهودية بما تتطلبه من ضبط للنفس وطاعة للقانون. وشبَّه أحد المثقفين الفرنسيين موقف يهود فرنسا من الهجرة بأنهم مثل أعضاء فرق الإنشاد العسكرية التي ينشد أعضاؤها « تقدموا... تقدموا » مع أنهم واقفون لا يتحركون خطوة واحدة أبداً. 
وعدد يهود فرنسا، في الوقت الحاضر (1992) ، هو 530 ألفاً، أي 4% من يهود العالم وأقل من 1% من سكان فرنسا البالغ عددهم 57.379.000 (بيَّن مصدر إحصائي آخر أن عددهم عام 1995 هو 600.000). وهذا يعني أنه لا يوجد صوت يهودي، وقد صَوَّت يهود فرنسا في انتخابات عام 1988 للرئاسة على النحو التالي: 44.5% لميتران، و44.4% لشيراك أو ريمون بار، و6.1% للحزب الشيوعي، و2% لجان ماري لوبان. لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد نفوذ يهودي على الإطلاق، فهو موجود إذ توجد أعداد كبيرة من يهود فرنسا أعضاءً في النخبة الحاكمة يشاركون في صنع القرار، ولكنهم لا يشاركون بوصفهم يهوداً وإنما بوصفهم فرنسيين يهوداً حققوا درجة كاملة من الاندماج، ويتضح هذا الاندماج في أشكال كثيرة من سلوكهم. كما يمارس أعضاء الجماعـة نفوذاً قوياً داخل أجهزة الإعـلام لا يتناسـب مع نسـبتهم العدديـة. ومنذ عام 1948، حجز أقل من ستين ألف يهودي أماكن للسفر من فرنسا إلى الدولة الصهيونية، وعاد منهم خمسة وعشرون ألفاً. فمعظم يهود فرنسا من أتباع الصهيونية التوطينية التي تهدف إلى توطين اليهود الآخرين، حيث يكتفي المؤمن بها بإحداث أصوات تأييد صارمة عالية، وقد يرسل بعض المال ذراً للرماد في العيون. ولكن، حتى على هذا المستوى، أثبت يهود فرنسا انصرافهم عن الصهيونية. ويظهر هذا الانصراف في أن المساعدات التي تتلقاها الدولة الصهوينة من يهود سويسرا، الذين لا يزيد عددهم على 19 ألفاً، أكثر من تلك التي يمدها بها يهود فرنسا الذين يقترب عددهم من ستمائة ألف، إن لم يكن قد وصل إلى هذا العدد بالفعل بحسب إحدى الإحصاءات. 
وأهم المؤسسات التنظيمية للجماعات اليهودية في فرنسا هي ما يلي: 
1ـ المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا Conseil Representatif des Institutions Juives de France واختصاره CRJF. تأسَّس عام 1944، وهو الجهة الممثلة ليهود فرنسا لدى المؤتمر اليهودي العالمي. ويضم المجلس ممثلين لنحو 50 منظمة يهودية فرنسية تمثل القيادات السياسية والأيديولوجية المختلفة داخل الجماعة اليهودية، ويُعتبَر رئيسها الممثل السياسي للجماعة في فرنسا والمُخوَّل للتفاوض باسمها مع الحكومة الفرنسية. ويعمل المجلس بشكل نشيط في محـاربة معـاداة اليهـود والدفــاع عن المصــالح الإسرائيلية، وفي القضايا الخاصة باليهود السوفييت. ومن ناحية أخرى، يعـاني المجلس من بعض الأزمات في وظائفه الداخلية نتيجة تعدُّد الاتجاهات السياسية والأيديولوجية للمنظمات الممثلة داخله. 
2 ـ الصندوق الاجتماعي اليهودي الموحَّد Fonds Social Juif Unifie، واختصاره FSJU. تأسَّس عام 1949 لتخطيط وتنسيق النشاطات الاجتماعية والثقافية والتعليمية للجماعة اليهودية في فرنسا بصرف النظر عن الانتماءات السياسية أو الدينية لأعضاء الجماعة أو موقفهم تجاه إسرائيل، ولعب الصندوق دوراً مهماً في إعادة بناء وتنظيم حياة الجماعة اليهودية في فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية وفي استقبال واستيعاب المهاجرين اليهود من شمال أفريقيا. وموَّل الصندوق نشاطه بفضل المساهمات المالية للجنة التوزيع الأمريكية المشتركة والتعويضات الألمانية للمنظمات اليهودية الفرنسية. وبعد حرب 1967، نسَّق الصندوق نشاطه مع النداء الإسرائيلي الموحَّد، وأسسا النداء اليهودي الموحَّد لفرنسا Appel Unifie Juif de France واختصاره AUJF والتي أصبحت الجهة المختصة بجمع التبرعات وتدبير الموارد المالية اللازمة لميزانية الصندوق. وتوزع حصيلة التبرعات بين الصندوق من ناحية والمنظمة الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية من ناحية أخرى. ويُعتبَر الصندوق المؤسسة المركزية في حياة الجماعة اليهودية في فرنسا ولديه فروع عديدة في الأقاليم لخدمة التجمعات اليهودية، كما يشرف على شبكة اتصالات واسعة تشمل الصحافة والإذاعة وقناة تليفزيونية من المقرر افتتاحها قريباً.
3 ـ الأليانس إسرائيليت يونيفرسل Alliance Israelite Universelle، وهي إحدى أكبر المنظمات اليهودية في فرنسا. تأسَّست عام 1860، وتركَّز نشاطها في مجال التعليم فأسست شبكة من المدارس اليهودية في العالم العربي والإسلامي. أما اليوم، فيتركز نشاطها بالدرجة الأولى في مجال التعليم في فرنسـا، وتُعَـدُّ مكتبة الأليانـس أهـم المكتبات اليهودية في أوربا. 
4 ـ كما توجد العديد من حركات الشبيبة. وينظم القسم التعليمي للشباب اليهودي نشاط الشباب في المراكز الاجتماعية. 
5 ـ وهناك العديد من المنظمات اليهودية في المجالات الخيرية والخدمة الاجتماعية من أهمها: 
ـ اللجنة الأمريكية المشتركة للتوزيع. 
ـ لجنة باريس اليهودية للعمل من أجل الرفاهية الاجتماعية (CASIP). 
ـ اللجنة اليهودية للعمل من أجل الرفاهية الاجتماعية وإعادة البناء (COJASOR). 
وتوجد أيضاً عدة منظمات صهيونية محلية فرنسية وفروع للمنظمات الصهيونية واليهودية العالية مثل ويزو. وأغلب الأحزاب الإسرائيلية لها فروع تابعة في فرنسا. أما الحركة الصهيوني الفرنسية Mouvement Sioniste de France فلا تزيد عضويتها عن بضعة آلاف. كما أن جمعـية أبناء العهد (بناي بريت) تحتفظ بمحافل عديدة في فرنسا. وكذلك يوجد المقر الرئيسي للمؤتمر اليهودي الأوربي في باريس.


الباب الرابع: فرنسا من العصور الوسطى حتى الثورة الفرنسـية 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الرابع: فرنسا من العصور الوسطى حتى الثورة الفرنسـية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: مـوسـوعة الـيـهـــود-
انتقل الى: