7- أحكام ووقت تسمية المولود:-
جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك على ثلاثة وجوه:
1- تسمية المولود يوم ولادته.
2- تسميته إلى ثلاثة أيام من ولادته.
3- تسميته يوم سابعه.
وهذا اختلاف تنوع يدل على أن في الأمر سعة والحمد لله رب العالمين.
التسمية حق للأب:
لا خلاف في أن الأب أحق بتسمية المولود، وليس للأم حق منازعته، فإن تنازعا فهي للأب.
وبناء على ذلك:
فعلى الوالدة عدم المشادة والمنازعة، وفي التشاور بين الوالدين ميدان فسيح للتراضي والألفة وتوثيق حبال الصلة بينهما.
(أ) ما يستحب من الأسماء:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وبأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم".
وقال عليه الصلاة والسلام: "إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل: عبدالله وعبد الرحمن " وقال عليه الصلاة والسلام: "تسمُّوا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله: عبدالله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة "
(ب) ما يكره من الأسماء:
1- يكره التسمية بأسماء الملائكة.
2- يكره التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة ومنها فرعون وقارون وهامان.
3- يكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة مثل: حنش، حمار، قنفذ، قنيفذ، قردان، كلب، كليب.
4- تكره التسمية بكل اسم مضاف من اسم أو مصدر أو صفة مشبهة مضافة إلى لفظ الدين ولفظ الإسلام مثل: نور الدين، ضياء الدين، نور الإسلام.
5- وتكره التسمية بالأسماء المركبة مثل: محمد أحمد، محمد سعيد.
6- وكره جماعة من العلماء التسمية بأسماء القرآن الكريم مثل طه، يس، حم.
7- ويكره القصد في التسمية على أسماء الفساق الماجنين من الممثلين والمطربين وعمار خشبات المسارح باللهو الباطل، ومن ظواهر فراغ بعض النفوس من عزة الإيمان أنهم إذا رأوا "مسرحية" فيها نسق خليعات سارعوا متهافتين إلى تسمية مواليدهم عليها، ومن رأى سجلات المواليد التي تزامن العرض شاهد مصداقية ذلك.. فإلى الله الشكوى.
8- وتكره التسمية بما تنفر منه القلوب لمعانيها وألفاظها أو لأحدهما لما تثيره من السخرية والإحراج لأصحابها، والتأثير عليهم، فضلاً عن مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء، ومنها: حرب، مرة، خنجر، فاضح، فحيط، حطيحط، فدغوش.
9- ويكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة شهوانية وهذا في تسمية البنات كثير ومنها: أحلام، أريج، سهام، عبير، غادة- وهي التي تتثنى تيهاً ودلالاً، فتنة، نهاد، وصال، فاتن- أي بجمالها- شادية، شادي: وهما بمعنى المغنية.
ج: ما يحرم من الأسماء:
1- قال أبو محمد بن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله: كعبد العزى وعبد هبل وعبد عمرو وعبد الكعبة وما أشبه ذلك.
فلا تحل التسمية ب: عبد علي، ولا عبد الحسين ولا عبد الكعبة.
2- التسمية باسم من أسماء الله تبارك وتعالى، فلا تجوز التسمية باسم يختص به الرب سبحانه مثل: الرحمن، الرحيم، الخالق، البارئ.
3- تحريم التسمية بأسماء الشياطين كخنزب والولهان والأعور والأجدع.
4- ويحرم التسمية بالأسماء الأعجمية المولدة للكافرين الخاصة بهم، والمسلم المطمئن بدينه يبتعد عنها وينفر منها ولا يحوم حولها مثل: أنديرا، بطرس، جرجس، جاكلين، جورج، ديانا، روز، سوزان، فالي، فكتوريا، هايدي، يارا.
5- ويحرم التسمية بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله ومنها: اللات، العزى، مناة، أساف، نائلة، هبل.
6- ويحرم التسمي بالأسماء الأعجمية، تركية أو فارسية أو بربرية أو غيرها مما لا تتسع له لغة العرب ولسانها ومنها: ناريمان، شيرهان، نيفين، شيرين، شاذي- بمعنى القرد عندهم- جهان.
7- ويحرم كل اسم فيه دعوى ما ليس للمسمى فيحمل من الدعوى والتزكية والكذب ما لا يقبل بحال، ومنه ما ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك".
ومثله قياساً على ما حرمه الله ورسوله: سلطان السلاطين، حاكم الحكام، شاهنشاه -قاضي القضاة- وكذلك تحريم التسمية بمثل سيد الناس، سيد الكل، سيد السادات.
اختيار اسم المولود:
إرشادات.. يحسن الوقوف عليها قبل اختيار الاسم:
1- ليس كل قديم يكون حسناً لقدمه، فهناك أسماء مع قدمها لم أذكرها لأن معانيها غير مقبولة.
وأسام مشتركة بين الذكور والإناث لم أذكرها إلا ما ندر مثل "أسماء" لكن لا أذكره إلا في علميته الغالبة عليه.
لهذا فننبه لحسن الاختيار إذا جاوزت هذه القائمة.
2- إذا أردت اختيار اسم لمولودك فانظر ما يتلاءم مع أهل بيتك وطبقتك، ولهذا تركت بعض الأسماء مع جوازها لأنها لا تتلاءم مع "عرب " قلب هذه الجزيرة العربية.
ونتيجة لعدم الملاءمة عند اختيار الآباء بعض الأسماء ترى من يغير اسمه بعد بلوغه بقصد الملاءمة مع أسماء أهل داره وقبيلته.
3- إذا قلبت الاختيار من هذا "الدليل " مثلا فليكن على وجوه: إذا ناديته، إذا كنيت به، إذا نسبته إلى اسمك ومدى ملاءمة الاسم للمولود في مراحل حياته من صغره إلى كبره وإن حرصت على تناسب أسماء جميع ولدك فهو ذوق رفيع وتدقيق جميل.
4- وأخيراً لا يخلو بيتك من هذه الأسماء الشريفة الجليلة المباركة: عبد الله، عبد الرحمن، محمد، أحمد، إبراهيم، عائشة، فاطمة.
كيف تقضين فراغك فترة النفاس؟
أختاه:
احمدي الله أولاً على سلامتك واسأليه أن يرزقك الأولاد الصالحين وتسهيلاً لك في قضاء وقت الفراغ أذكر لك هذه الإرشادات على شكل عناصر اختصاراً للوقت:
1- عدم الإسراف في النوم.
2- احرصي على الأذكار العامة والخاصة.
3- لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله.
4- استمعي إلى الأشرطة الإسلامية.
5- استمعي إلى إذاعة القرآن الكريم ففيها فوائد متنوعة.
6- مراجعة ما تحفظين من كتاب الله.
7- احرصي على قراءة الكتب الإسلامية.
8- تابعي المجلات الإسلامية، ليكون عندك حصيلة علمية بالواقع.
9- عند زيارة الأقارب والأخوات إليك ليكن بينكم ذكر وفائدة.
10- عدم الإسراف في شراء لوازم الأطفال.
11- تجنبي عند شراء لوازم المولود صور ذوات الأرواح وأشكال الصليب.
12- إياك وكثرة الخروج إلى الأسواق.
13- تفقدي المولود وما يحتاج إليه.
14- وجهي إخوانك الصغار توجيهات إسلامية.
مسائل فقهية:
س 1: هل يجوز للمرأة النفساء أن تصوم وتصلي وتحج قبل أربعين يوماً إذا طهرت؟
ج 1: نعم يجوز لها أن تصوم وتصلي وتحج وتعتمر ويحل لزوجها وطؤها في الأربعين إذا طهرت فلو طهرت لعشرين يوماً اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها وما يروى عن عثمان بن أبي العاص أنه كره ذلك فهو محمول على كراهة التنزيه وهو اجتهاد منه رحمه الله ورضي عنه ولا دليل عليه.
والصواب أنه لا حرج في ذلك إذا طهرت قبل الأربعين يوماً فإن طهرها صحيح فإن عاد عليها الدم في الأربعين فالصحيح أنها تعتبره نفاساً في مدة الأربعين ولكن صومها في حال الطهارة وصلاتها وحجها كله صحيح لا يعاد شيء من ذلك ما دام أنه وقع في الطهارة.
س 2: إنني أقوم بقراءة بعض تفاسير القرآن ولست على طهارة، كالدورة الشهرية مثلاً فهل في ذلك حرج علي وهل يلحقني إثم على ذلك؟
ج 2: لا حرج على الحائض والنفساء في قراءة كتب التفاسير ولا في قراءة القرآن من دون مس المصحف في أصح قولي العلماء أما الجنب فليس له قراءة القرآن مطلقاً حتى يغتسل وله أن يقرأ في كتب التفسير والحديث وغيرهما من دون أن يقرأ ما في ضمنها من الآيات لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحجزه شيء عن قراءة القرآن إلا الجنابة وفي لفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في ضمن حديث رواه الإمام أحمد بإسناد جيد: "فأما الجنب فلا، ولا آية".
س 3: هل يجوز للحائض قراءة كتب الأدعية يوم عرفة على الرغم من أن بها آيات قرآنية؟.
ج 3: لا حرج أن تقرأ الحائض والنفساء الأدعية المكتوبة في مناسك الحج ولا بأس أن تقرأ القرآن على الصحيح أيضاً لأنه لم يرد نص صحيح وصريح يمنع الحائض والنفساء من قراءة القرآن إنما ورد في الجنب خاصة بألا يقرأ القرآن وهو جنب لحديث علي- رضي الله عنه وأرضاه-.
أما الحائض والنفساء فورد فيهما حديث ابن عمر: "لا يقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن" ولكنه ضعيف لأن الحديث من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وهو ضعيف في روايته عنهم، ولكنها تقرأ بدون مس المصحف عن ظهر قلب، أما الجنب فلا يجوز له أن يقرأ القران لا عن ظهر قلب ولا من المصحف حتى يغتسل والفرق بينهما أن الجنب وقته يسير وفي إمكانه أن يغتسل في الحال في حين يفرغ من إتيانه أهله فمدته لا تطول والأمر في يده متى شاء اغتسل وإن عجز عن الماء تيمم، وصلى وقرأ.
أما الحائض والنفساء فليس بيدهما وإنما هو بيد الله عز وجل، والحيض يحتاج إلى أيام والنفاس كذلك ولهذا أبيح لهما قراءة القرآن لئلا تنسياه ولئلا يفوتهما فضل القراءة وتعلم الأحكام الشرعية من كتاب الله، فمن باب أولى أن تقرأ الكتب التي فيها الأدعية المخلوطة من الآيات والأحاديث إلى غير ذلك.. هذا هو الصواب وهو أصح قولي العلماء رحمهم الله في ذلك.
س 4: إذا رأت الحامل دماً قبل الولادة بيوم أو يومين فهل تترك الصوم والصلاة من أجله أم ماذا؟.
ج 4: إذا رأت الحامل الدم قبل الولادة بيوم أو يومين ومعها طلق فإنه نفاس تترك من أجله الصلاة والصيام وإذا لم يكن معه طلق فإنه دم لا عبرة فيه ولا يمنعها من صيام ولا صلاة.
س5: يقول السائل: امرأة بعد شهرين من النكاح وبعد أن طهرت بدأت تجد بعض النقاط الصغيرة من الدم فهل تفطر ولا تصلي أم ماذا تفعل؟
ج5: مشاكل النساء في الحيض والنكاح بحر لا ساحل له ومن أسبابه استعمال هذه الحبوب المانعة للحمل والمانعة للحيض، وما كان الناس يعرفون هذه الإشكالات الكثيرة، صحيح أن الإشكال مازال موجوداً من بعث الرسول بل منذ وجد النساء، ولكن كثرته على هذا الوجه الذي يقف الإنسان حيران في حل مشاكله أمر يؤسف له، ولكن القاعدة العامة أن المرأة إذا طهرت ورأت الطهر المتيقن في الحيض وفي النكاح، وأعني الطهر في الحيض خروج القصة البيضاء وهو ماء أبيض تعرفه النساء فما بعد الطهر من كدرة أو صفرة أو نقطة أو رطوبة فهذا كله ليس بحيض فلا يمنع من الصلاة ولا يمنع من الصيام ولا يمنع من جماع الرجل لزوجته لأنه ليس بحيض.
قالت أم عطية: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً" أخرجه البخاري وزاد أبو داود بعد الطهر وسندها صحيح، وعلى هذا نقول كل ما حدث بعد الطهر المتيقن من هذه الأشياء فإنها لا تضر المرأة ولا تمنعها من صلاتها وصيامها ومباشرة زوجها إياها، ولكن يجب ألا تتعجل حتى ترى الطهر لأن بعض النساء إذا جف الدم عنها بادرت واغتسلت قبل أن ترى الطهر ولهذا كان نساء الصحابة يبعثن إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها "بالكرسف " يعني القطن فيه الدم فتقول لهن لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء.
لا أريد البنات!
كثير من الرجال- هداهم الله- يردد هذه العبارة "لا أريد البنات " ويهدد ويتوعد ويغضب، ولا يعلم ذلك المسكين أن الله {يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور}.
وبين الإسلام أن كراهية البنات والتشاؤم بهن والحزن لولادتهن جاهلية بغيضة إلى الله تعالى، قال سبحانه ناعياً أهلها: {وإذا بشر أحدكم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به، أيمسكه على هون أم يدسه في التراب، ألا ساء ما يحكمون}.
ولقد رغب المصطفى صلى الله عليه وسلم في تربية البنات والإحسان إليهن فقال عليه الصلاة والسلام: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو" وضم أصابعه، أي معاً.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: "سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء".
قال الألوسي رحمه الله: "المعهود من ذوي المروءة جبر قلوب النساء لضعفهن، ولذا يندب للرجل إذا أعطى شيئاً لولده أن يبدأ بأنثاهم ".
وقال واثلة بن الأسقع: إن من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، وذلك أن الله تعالى قال: {يهب لمن يشاء إناثاً، ويهب لمن يشاء الذكور} فبدأ بالإناث.
وقد ذكر في بعض الكتب أن رجلاً سخط على امرأته وهجرها لأنها مئناث لا تلد إلا البنات وتزوج من أخرى فأنشأت أبياتاً تقولها وهي ترقص إحدى بنياتها وتبين أنه لا مجال للسخط عليها:
ما لأبي حمزة لا يأتينا
غضبان ألا نلد البنينا
يظل في البيت الذي يلينا
تالله ما ذاك في أيدينا
وإنما نحن كالأرض لزارعينا
تنبت ما قد زرعوه فينا.
فأدرك الزوج خطأه، وعاد إلى زوجته وعاشرها بالمعروف.
وقال صالح بن أحمد بن حنبل: كان أبي إذا ولد له ابنة يقول: الأنبياء كانوا آباء بنات، ويقول قد جاء في البنات ما قد علمت.
وقال يعقوب بن بختان: ولد لي سبع بنات، فكنت كلما ولد لي ابنة دخلت على أحمد بن حنبل فيقول لي: يا أبا يوسف الأنبياء آباء بنات فكان يذهب قوله همي.
فصول نافعة ومفيدة:
ينبغي أن يكون رضاع المولود من غير أمه بعد وضعه بيومين أو ثلاثة، وهو الأجود، لما في لبنها ذلك الوقت من الغلظ والأخلاط، بخلاف لبن من قد استقلت على الرضاع، وكل العرب تعتني بذلك حتى تسترضع أولادها عند نساء البوادي، كما استرضع النبي صلى الله عليه وسلم في بني سعد.
فصل:
وينبغي أن يمنع حملهم، والطواف بهم حتى يأتي عليهم ثلاثة أشهر فصاعداً لقرب عهدهم ببطون الأمهات، وضعف أبدانهم.
فصل:
وينبغي أن يقتصر بهم على اللبن وحده إلى نبات أسنانهم لضعف معدتهم وقوتهم الهاضمة عن الطعام، فإذا نبتت أسنانه قويت معدته، وتغذى بالطعام فإن الله سبحانه أخر إنباتها إلى وقت حاجته إلى الطعام لحكمته ولطفه، ورحمة منه بالأم وحلمة ثديها، فلا يعضه الولد بأسنانه.
فصل:
وينبغي تدريجهم في الغذاء، فأول ما يطعمونهم: الغذاء اللين، فيطعمونهم الخبز المنقوع في الماء الحار، واللبن والحليب، ثم بعد ذلك الطبيخ، والأمراق الخالية من اللحم، ثم بعد ذلك ما لطف جداً من اللحم بعد إحكام مضغه أو رضه رضاً ناعما.
فصل:
فإذا قربوا من وقت التكلم، وأريد تسهيل الكلام عليهم، فليدلك ألسنتهم بالعسل والملح الأندراني لما فيهما من الجلاء للرطوبات الثقيلة المانعة من الكلام، فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه، وتوحيده وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم، ويسمع كلامهم، وهو معهم أينما كانوا، وكان بنو إسرائيل كثيراً ما يسمون أولادهم ب "عمانويل" ومعنى هذه الكلمة: إلهنا معنا، ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله: عبدالله وعبد الرحمن، بحيث إذا وعى الطفل وعقل، علم أنه: عبدالله وإن الله هو سيده ومولاه.
فصل:
فإذا حضر وقت نبات الأسنان، فينبغي أن يدلك لثاهم كل يوم بالزبد والسمن ويمرخ خرز العنق تمريخاً كثيراً، ويحذر عليهم كل الحذر وقت نباتها إلى حين تكاملها وقوتها من الأشياء الصلبة، ويمنعون منها كل المنع، لما في التمكن منها من تعريض الأسنان لفسادها وتعويجها وخللها.
فصل:
ولا ينبغي أن يشق على الأبوين بكاء الطفل وصراخه، ولا سيما لشربه اللبن إذا جاع، فإنه ينتفع بذلك البكاء انتفاعاً عظيما، فإنه يروض أعضاءه ويوسع أمعاءه، ويفسح صدره، ويسخن دماغه، ويحمي مزاجه ويثير حرارته ويحرك الطبيعة لدفع ما فيها من الفضول، ويدفع فضلات الدماغ من المخاط وغيره.
فصل:
وينبغي ألا يهمل أمر قماطه ورباطه، ولو شق عليه، إلى أن يصلب بدنه، وتقوى أعضاؤه، ويجلس على الأرض، فحينئذ يمرن، ويدرب على الحركة والقيام قليلاً قليلاً إلى أن يصير له ملكة وقوة يفعل ذلك بنفسه.
فصل:
وينبغي أن يوقى الطفل كل أمر يفزعه: من الأصوات الشديدة الشنيعة والمناظر الفظيعة والحركات المزعجة، فإن ذلك ربما أدى إلى فساد قوته العاقلة لضعفها، فلا ينتفع بها بعد كبره، فإذا عرض له عارض من ذلك فينبغي المبادرة إلى تلافيه بضده، وإيناسه بما ينسيه إياه، وأن يلقم ثديه في الحال، ويسارع إلى رضاعه ليزول عنه ذلك المزعج له، ولا يرتسم في قوته الحافظة، فيعسر زواله، ويستعمل تمهيده بالحركة اللطيفة إلى أن ينام، فينسى ذلك، ولا يهمل هذا الأمر، فإن في إهماله إسكان الفزع والروع في قلبه، فينشأ على ذلك، ويعسر زواله ويتعذر.
فصل:
ويتغير حال المولود عند نبات أسنانه، ويهيج به القيء والحميات وسوء الأخلاق ولا سيما إذا كان نباتها في وقت الشتاء والبرد.
فصل:
وينبغي للمرضع إذا أرادت فطامه أن تفطمه على التدريج، ولا تفاجئه بالفطام وهلة واحدة، بل تعوده إياه، وتمرنه عليه لمضرة الانتقال عن الإلف والعادة مرة واحدة.
فصل:
ومن سوء التدبير للأطفال، أن يمكنوا من الامتلاء من الطعام وكثرة الأكل والشرب، ومن أنفع التدبير لهم أن يعطوا دون شبعهم ليجود هضمهم وتعتدل أخلاطهم، وتقل الفضول في أبدانهم، وتصح أجسادهم وتقل أمراضهم لقلة الفضلات في المواد الغذائية.
وقال بعض الأطباء:
وأنا أمدح قوماً، ذكرهم حيث لا يطعمون الصبيان إلا دون شبعهم، ولذلك ترتفع قاماتهم، وتعتدل أجسامهم، ويقل فيهم ما يعرض لغيرهم من الكزاز ووجع القلب وغير ذلك، قال: فإن أحببت أن يكون الصبي حسن الجسد، مستقيم القامة، غير منحدب، فقه كثرة الشبع، فإن الصبي إذا امتلأ وشبع، فإنه يكثر النوم من ساعته ويسترخي ويعرض له نفخة في بطنه، ورياح غليظة.
فصل:
ومما ينبغي أن يحذر، أن يحمل الطفل على المشي قبل وقته لما يعرض في أرجلهم بسبب ذلك من الانفتال والاعوجاج بسبب ضعفها وقبولها لذلك، واحذر كل الحذر أن تحبس عنه ما يحتاج إليه في قيء أو نوم أو طعام أو شراب أو عطاس أو بول أو إخراج دم فإن لحبس ذلك عواقب رديئة في حق الطفل والكبير.
فصل:
ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خلقه، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره: من خرب وغضب، ولجاج، وعجلة، وخفة مع هواه، وطيش، وحده، وجشع، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له، فلو تحرز منها غاية التحرز، فضحته ولابد يوماً ما، ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم، وذلك من قبل التربية التي نشأ عليها، وكذلك يجب أن يجتنب الصبي إذا عقل: مجالس اللهو، والباطل، والغناء وسماع الفحش والبدع ومنطق السوء، فإنه إذا علق بسمعه، عسر عليه مفارقته في الكبر، وعز على وليه استنقاذه منه، فتغيير العوائد من أصعب الأمور، يحتاج صاحبه إلى استجداد طبيعة ثانية والخروج عن حكم الطبيعة عسر جداً.
وينبغي لوليه أن يجنبه الأخذ من غيره غاية التجنب، فإنه متى اعتاد الأخذ صار له طبيعة، ونشأ بأن يأخذ، لا بأن يعطي، ويعوده البذل والإعطاء، وإذا أراد الولي أن يعطي شيئاً أعطاه إياه على يده ليذوق حلاوة الإعطاء، ويجنبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبه السم الناقع، فإنه متى سهل له سبيل الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة وحرمه كل خير.
ويجنبه الكسل والبطالة، والدعة، والراحة، بل يأخذه بأضدادها، ولا يريحه إلا بما يجم نفسه وبدنه
للشغل، فإن للكسل والبطالة عواقب سوء، ومغبة ندم، وللجد والتعب عواقب حميدة، إما في الدنيا، وإما في العقبى، وإما فيهما، فأروح الناس أتعب الناس، وأتعب الناس أروح الناس، فالسيادة في الدنيا، والسعادة في العقبى لا يوصل إليها إلا على جسر من التعب، قال يحيى بن أبي كثير: لا ينال العلم براحة الجسم، ويعود الانتباه آخر الليل، فإنه وقت قسم الغنائم، وتفريق الجوائز فمستقل، ومستكثر، ومحروم، فمتى اعتاد ذلك صغيراً سهل عليه كبيراً.
فصل:
ويجنبه فضول الطعام، والكلام، والمنام، ومخالطة الأنام، فإن الخسارة في هذه الفضلات، وهي تفوت على العبد خير دنياه وآخرته، ويجنبه مضار الشهوات المتعلقة بالبطن والفرج غاية التجنب، فإن تمكينه من أسبابها والفسح له فيها يفسده فساداً يعز عليه بعده صلاحه، وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه، وإعانته له على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه وحرمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء.
فصل:
والحذر كل الحذر من تمكينه من تناول ما يزيل عقله من مسكر وغيره أو عشرة من يخشى فساده، أو كلامه له، أو الأخذ في يده، فإن ذلك الهلاك كله.
ويجنبه لبس الحرير، فإنه مفسد له، ومخنث لطبيعته، كما يخنثه اللواط وشرب الخمر، والسرقة، والكذب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يحرم الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم "، والصبي وإن لم يكن مكلفاً، فوليه مكلف لا يحل له تمكينه من المحرم، فإنه يعتاده، ويعسر فطامه عنه.
العودة إلى الزوج!
أيتها الزوجة:
وانتهت فترة الولادة وها أنت اليوم عائدة إلى زوجك الذي أصبح أباً، وبمناسبة العودة إلى زوجك وإلى مملكتك الإيمانية التي ترفرف بالسعادة والوئام يطيب لي أن أقترح عليك بأن تجددي حياتك مع زوجك، فإذا كنت مقصرة معه في بعض الحقوق فينبغي لك، من الآن أن تكوني في حياتك زوجة جديدة، زوجة حنونة، زوجة صالحة، تتقرب إلى الله بخدمة زوجها فتمنحه السعادة والاحترام وتجعل من بيتها جنة له، فتتجنب كل ما يسخطه وتتقرب إلى ما يسعده لتفوز في النهاية ببشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم:- "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " ومما ينبغي التنبيه عنه في الختام " الصلاة" فيجب عليك أختي المسلمة المحافظة عليها وأداؤها في وقتها، وحث الزوج وتذكيره بأداء الصلاة جماعة مع المسلمين في المسجد، لأن تركها كفر والعياذ بالله كما أفتى بذلك علماؤنا.
هذا ما يسر الله لي جمعه في هذه الرسالة فإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وإن أصبت فمن الله وحده، أسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح والذرية الصالحة الناصحة والله الموفق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.