الشيخ المقرئ محمد طه سكّر الدمشقي
( مقرئ ، حافظ ، فقيه ، جامع )
رحمه الله تعالى
( 1340ـ 1429هـ / 1922ـ 2008م )
اسمه ونسبه:
فضيلة الشيخ العالم المربي المقرئ الجامع الحافظ المتقن أبو هشام محمد بن طه سكر الدمشقي ، الصيّاديّ الرفاعي الحسيني ، عالم جليل من كبار علماء القراءات ومشايخ القراء بدمشق .
مولده ونشأته:
ولد في دمشق في حي العفيف، بمنطقة الصالحية سنة « 1340هـ ــ 1922 م » نشأ يتيماً في حضن والدته الكريمة التي وهبته أحسن ما عندها، وهو كتاب الله تعالى، الذي حفَّظته إياه منذ نعومة أظفاره، وهو في السن العاشرة من العمر، وختمه في الخامسة عشرة .
دراسته وشيوخه:
عكف الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ منذ صغره على حلقات العلم، فقرأ على الشيخ محمود فايز الدير عطاني (ت 1385) ختمة كاملة برواية حفص عن عاصم، وكان خلال هذه الختمة يحفظ متون القراءات، فما إن ختم تلك الرواية حتى أسمعه الشاطبية والدرة كاملتين، وشرع في الإفراد لكل راوٍ ختمة كاملة، فقرأ نحو عشرين ختمة متنوعة الروايات، ثم شرع بالجمع الكبير، الذي انتهى منه في سنّ الخامسة عشرة .
وكان خلال ذلك يقوم الشيخ الدير عطاني بالاستبيان منه (مواطن الشاهد) تلك القراءة من الشاطبية أو الدرة، أو إثارة مسألة نحوية وغيرها من مسائل ذات أهمية في هذا المجال، حضر دروس العلامة الشيخ علي التكريتي (ت 1361)، وقرأ عليه بعض العلوم، ومنها كتاب (مشكاة المصابيح) للتبريزي في الحديث.
مجلس القراء:
وانضم مع قرينه الشيخ أبي الحسن محيي الدين الكردي إلى مجموعة القرّاء الذين كانوا تحت إشراف الدكتور محمد سعيد بن محمد سليم الحلواني (ت 1389)، فأقاموا جلسة للإقراء يحصل بها مدارسة القرآن الكريم ووجوهه ورواياته، وما زالت قائمة حتى الآن بما يُعرف بمجلس القرّاء.
ويضم مجلس القراء ، كبار شيوخ القراء في بلاد الشام وهم:
الشيخ أبي الحسن محيي الدين الكردي حفظه الله تعالى.
الشيخ كريِّم راجح شيخ القراء في بلاد الشام حفظه الله تعالى .
الشيخ عبد الرزاق الحلبي حفظه الله تعالى .
الشيخ محمد طه سكر (1340ـ1429)رحمه الله تعالى .
الشيخ خليل هبا (1343ـ1428) رحمه الله تعالى.
الشيخ بكري الطرابيشي صاحب أعلى سند في العالم حفظه الله تعالى والشيخ شكري اللحفي حفظه الله تعالى.
أسلوبه ومنهجه في التعليم:
وأمّا منهجه في التعليم، فهو على طريقة وسنن شيخه في القراءة والإقراء، محمود فايز الدير عطاني فهو محرّر مدقّق لا يرضى من القراءة إلا ما يَصحّ ويُقبل، لذا فإنّه يتشدّد في ضبط القراءة لتلامذته، فمنهم من يبقى ويعبر حتى يختم، ومنهم من تقصر همته عن ذلك.
وطريقته مع المبتدئ بإقرائه جزء «عمّ»، يتمرّن الطالب على القراءة المجوّدة، ثم يبدأ من الأول، ويلقي أحكام التجويد ويصحّحها على الطالب دون تجزئة لها بل جملة واحدة، لا يترك له شيئاً، وإن استدعى الأمر إعادة شيء من ذلك أعاده، حتى يتقن القراءة .
وعندما يدخل عليه الطالب للمرّة الأولى يملي عليه الشيخ جميع ما تتطلبه منه القراءة من شروط كالالتزام بالأوقات والآداب والمحافظة على أحكام التجويد وغير ذلك.
وقد قرأ رحمه الله في أماكن متعددة، منها منزله في حي العفيف، ومسجد الشيخ محي الدين بن عربي، ومسجد الخياطين، ومسجد نور الدين الشهيد، وجامع التوبة.
أولاده:
وهو والد كل من القراء الشيخ هشام سكر والشيخ طه سكر ووالد زوجة الدكتور الشيخ القارئ سامر النص .
تلامذته:
عاش مع القرآن وللقرآن وفي رحابه يتفيؤ ظلاله ، قارئا ومقرئا للقرآن ، وعلم وخرج أجيالا عبر عقود طويلة كلهم من حفظة كتاب الله المتقنين بمختلف القراءات فقد تخرج به وعلى يديه العديد من الحفظة المتقنين ، و( خيركم من تعلم القران وعلمه ).
وفاته ودفنه:
توفي فجر يوم الأربعاء12 شعبان 1429هـ / الموافق 13 / 8 / 2008 م، وصلي على جثمانه الطاهر بعد صلاة عصر يوم الأربعاء ، بالجامع الأموي الكبير بدمشق ، واجتمعت رجالات دمشق وعلماؤها وقراؤها وصلى عليه فضيلة المقرئ الشيخ أبو الحسن الكردي بارك الله في عمره، وألقى بعد الصلاة فضيلة شيخ قراء دمشق الشيخ محمد كريم راجح كلمة القراء وكانت مؤثرة جدا.
ووري الثرى في مقبرة الشيخ محي الدين ، بعد رحلة مباركة وصحبة طيبة عاشها مع القرآن وللقرآن ، تعلما وتعليما وقراءة وإقراء ، أكثر من 70 سنة وهو يعلم كتاب الله للأجيال ، فهو من أهل القرآن ، الذين هم أهل الله وخاصته من خلقه ، وأقيم له مجلس عزاء في جامع العثمان ( الجامع الكويتي ) بدمشق ، رحم الله الشيخ محمد سكر تاجراً صادقاً ضرب المثل الأعلى للناس كيف يمكن أن يكون الشيخ عالماً وقارئاً وتاجراً صدوقاً، رحمه الله و جعل الجنة مثواه... وبارك في أبنائه وذريته وتلامذته ...
وهذا نص إجازة الشيخ محمد سكر لأحد تلامذته وهو العالم القارئ المتقن خالد بن عبد السلام بركات ، المدرس في جمعية الاتحاد الإسلامي ببيروت:
بسم الله الرحمن الرحيم
الرحمن علم القرآن
إجازة بقراءة القرآن الكريم وإقرائه بالقراءات المتواترة
نص السند المتصل بالقراءات المتواترة إلى سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رب العزة جل جلاله وعظمت آلاؤه.
الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى للناس وبينات، وجعله مقروءاً بالأحرف السبعة الميسرات، وأبلغه إلينا بالقراءات المتواترات. وصلى الله على سيدنا محمد الذي بيّن للناس ما نزل إليهم بأفصح العبارات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأخيار ومن تبعهم صلاة دائمة ما دامت الأرض والسموات وبعد:
فلما كان القرآن الكريم أعظم كتاب أنزل، كان سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه الذي أنزل عليه القرآن أعظم الأنبياء. وكان الذين يقرؤون القرآن الكريم ويقرئونه من أمته أشراف الناس بلا مراء. تصديقا للحديث الشريف " أشراف أمتي حملة القرآن"، وكانوا خير الأمة المحمدية بلا استثناء للحديث الشريف : " ;خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف فاقرؤوا ما تيسر منه ".
هذا وقد أكرمني الله تعالى منة منه وفضلا فجعلني من خدام كتابه الكريم وممن شملتهم عنايته جل جلاله فقرأت القرآن الكريم مرتلا مجودا، ونقلته بقراءاته العشر متواترا بالسند المتصل إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى أمين الوحي سيدنا جبريل عليه السلام إلى رب العزة جل جلاله وعظمت آلاؤه.
وهذا هو نص السند المتصل بالقراءات العشر المتواترة إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى رب العزة جل جلاله كما تلقيناه.
قرأت بحمد الله وتوفيقه ختمة كاملة برواية حفص بن سليمان الكوفي عن الإمام عاصم بن أبي النجود بالسند المتصل إلى سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتجويد والإتقان.
ثم قرأت ختمة ثانية كاملة للقراءات العشر المتواترة بمضمن الشاطبية والدرة على العالم العلامة والحبر الفهامة المقرئ الفقيه النحوي الأصولي أستاذي وشيخي الشيخ محمود فائز الديرعطاني جزاه الله عني خير الجزاء.
أخبرني رحمه الله تعالى أنه قرأ القراءات السبع بمضمن الشاطبية على شيخه الشيخ محمد القطب رحمه الله تعالى وقد أجازه بها.
ثم أنه قرأ ختمة ثانية بالقراءات العشر بما تضمنته الشاطبية والدرة بطريقة الشيخ سلطان على شيخه شيخ القراء بدمشق الشيخ محمد سليم الحلواني الرفاعي وأجازه.
ثم أنه قرأ ختمة ثالثة بالقراءات العشر من طريق طيبة النشر على شيخه وأستاذه الشيخ محمد ياسين الجويجاتي رحمه الله تعالى وأجازه.
ثم ان كلاً من الشيخ محمد القطب والشيخ محمد سليم الحلواني قد قرأ على شيخ المقارىء بالديار الشامية وحيد عصره وملاذ دهره الشيخ أحمد الحلواني الرفاعي رحمه الله تعالى وأجازهما.
هذا وأن الشيخ أحمد الحلواني الرفاعي قد قرأ على شيخه فريد عصره العالم الرباني والهيكل الصمداني الشيخ السيد أحمد المرزوقي شيخ القراء في الديار المصرية ثم في بلد الله الحرام مكة المكرمة وأجازه.
وأخبره أنه قرأ ذلك على الشيخ إبراهيم العبيدي.
وأخبره أنه قرأ ذلك على الشيخ علي البدري.
وأخبره أنه قرأ ذلك على الحاج محمد الشهير بيوسف أفندي زاده شيخ القراء بالديار القسطنطينية.
وأخبره أنه قرأ ذلك على الشيخ علي المنصوري.
وأخبره أنه قرأ ذلك على الشيخ أحمد سلطان المزاحي محرر الفن.
وأخبره أنه قرأ ذلك على الشيخ سيف الدين الفضالي.
وأخبره أنه قرأ ذلك على الشيخ شحاذة اليمني.
وأخبره أنه قرأ ذلك على الشيخ ناصر الدين الطبلاوي.
وهو على شيخ الإسلام الشيخ زكريا الأنصاري.
وهو على الشيخ محمد العقيلي النويري شارح طيبة النشر.
وهو على إمام القراء والمحدثين المحقق الإمام الشيخ محمد بن محمد بن محمد بن يوسف الجزري نفعنا الله تعالى ببركة علومه في الدنيا والآخرة.
وهو على الإمام العالم الصالح عبد الرحمن المبارك شيخ القراء بالديار المصرية.
وهو على الإمام الشيخ محمد بن أحمد بن عبد الخالق المصري المعروف بابن الصائغ.
وهو على الإمام الشيخ علي بن شجاع العباسي صهر سيدنا الإمام الشاطبي قدس الله سره.
وهو عن ولي الله الإمام أبي القاسم القاسم بن فيّره بن خلف الشاطبي الرعيني الشافعي شيخ القراء بالديار المصرية قدس الله روحه الشريفة.
وهو عن الإمام أبي الحسن علي بن هذيل.
وهو عن أبي داود سليمان بن نجاح.
وهو عن الحافظ الكبير أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عمر الأموي المعروف بالداني.
وهو عن أبي القاسم خلف بن إبراهيم بن خاقان المقرىء المصري.
وهو عن أبي جعفر أحمد بن أسامه بن أحمد التجيبي.
وهو عن أبي الحسن إسماعيل بن عبد الله بن عمرو النحاس المصري.
وهو عن أبي يعقوب يوسف بن عمرو بن يسار المدني ثم المصري المعروف بالأزرق.
وهو عن أبي سعيد عثمان بن سعيد المصري الملقب بورش.
وهو عن الإمام نافع المدني. وهو عن عبد الرحمن بن هرمز.
وهو عن الصحابي الجليل سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وهو عن الصحابي الجليل سيدنا أبيّ بن كعب الأنصاري الخزرجي رضي الله تعالى عنه.
وهو عن سيدنا ومولانا نبي الرحمة وحبيب ربّ العالمين سيدنا محمد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
وهو عن أمين الوحي سيدنا جبريل عليه السلام.
وهو تلقاه عن رب العزة جل جلاله وعظمت آلاؤه.
وهذا وممن لاحظتهم العناية الربانية والتوفيق الإلهي الشيخ خالد بن عبد السلام بركات فقد قرأ عليّ ختمة كاملة للقرآن الكريم برواية حفص بقراءة الإمام عاصم بن أبي النجود بالضبط والإتقان. ثم قرأ عليّ ختمة كاملة بالقراءات العشر المتواترة بمضمن الشاطبية والدرة بطريقة الشيخ سلطان بالإسناد المتصل إلى سيدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم....
كل راو من القراء العشرة كاملة. كما أرجو الله تعالى أن يلهمه المحافظة على أمانة النقل، وأن يحافظ مع إخوانه الذين يتلقون عنه كما تلقاها مشافهة عنا، وأوصيه أيضا بالمداومة على كثرة تكرار تلاوة القرآن الكريم خوفا عليه من النسيان، وأن لا ينسانا من الدعاء عقب انتهاء كل ختم، وأن يراقب الله تعالى في أثناء التلاوة واستماعه من الإخوان الذين يتلقون عنه، والله ولي التوفيق.
وكان الانتهاء من هذا الختم الشريف في مدينة دمشق العامرة في منزلنا في حي الصالحية يوم الأربعاء الواقع في 13 ذي القعدة سنة 1418 هـ، الموافق 11/3/1998 م .
خادم القرآن الكريم
محمد طه سكر الحسيني
(الختم والتوقيع)
أجيز من إجازة المقرئ المتقن
الشيخ محمد طه سكر حفظه الله تعالى
شيخ القراء في الشام
محمد كريم راجح
(الختم والتوقيع)