الفَصْلُ الثَّاني: مَعْرِفَةُ الرِّجَالِ السِّتَّةِ الَّذِيْنَ تَدُوْرُ عَلَيْهِمُ الأسَانِيْدُ
إنَّ عَامَّةَ أسَانِيْدِ الكُتُبِ السِّتَّةِ تَدُوْرُ حَوْلَ الأئِمَّةِ السِّتَّةِ، وهُم :
1ـ قَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ السَّدُوسيُّ .
2ـ مُحَمَّدُ ابنُ شِهَابٍ الزُّهْريُّ .
3ـ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ المَكِّيُّ .
4ـ عَمْرُو بنُ عَبْدِ اللهِ السَّبِيعيُّ .
5ـ يَحْيَى بنُ أبي كَثِيْرٍ الطَّائيُّ .
6ـ سُلَيْمَانُ بنُ مِهْرَانَ الأعْمَشُ .
وكُلُّ هَؤلاءِ الحُفَّاظِ مَعْدُوْدُوْنَ مِنَ التَّابِعِيْنَ بلا خِلافٍ بَيْنَ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ .
قُلْتُ : إنَّ تَحْقِيْقَ أسْمَاءِ الرُّوَاةِ الَّذِيْنَ تَدُوْرُ عَلَيْهِمُ أسَانِيْدُ الكُتُبِ السِّتَّةِ هُو مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ البُخَاريِّ الإمَامُ الحَافِظُ عليُّ بنُ المَدِينيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى كِتَابِهِ «العِلَلِ» (36) : «نَظَرْتُ فَإذَا الإسْنَادُ يَدُوْرُ على سِتَّةٍ : فَلأهْلِ المَدِيْنَةِ : ابنُ شِهَابٍ، ولأهْلِ مَكَّةَ : عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، ولأهْلِ البَصْرَةَ : قَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ، ويَحْيَى بنُ أبي كَثِيْرٍ، ولأهْلِ الكُوْفَةِ : أبو إسْحَاقَ عَمْرُو بنُ عَبْدِ اللهِ (السَّبِيعيُّ)، وسُلَيْمانُ بنُ مِهْرَانَ (الأعْمَشُ).
ثُمَّ صَارَ عِلْمُ هَؤلاءِ السِّتَّةِ إلى أصْحَابِ الأصْنَافِ ممَّنْ صَنَّف :
فَلأهْلِ المَدِيْنَةِ : مَالِكُ بنُ أنَسٍ، ومُحَمَّدُ بنُ إسْحَاقَ.
ومِنْ أهْلِ مَكَّةَ : عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ جُرَيْجٍ، وسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ.
ومِنْ أهْلِ البَصْرَةِ : سَعِيْدُ بنُ أبي عَرُوْبَةَ، وحمَّادُ بنُ سَلَمَةَ (2)، وأبو عَوَانَةُ، وشُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ، ومَعْمَرُ بنُ رَاشِدٍ.
ومِنْ أهْلِ الكُوْفَةِ : سُفْيَانُ الثَّوْريُّ.
ومِنْ أهْلِ الشَّامِ : عَبْدُ الرَّحمَنِ بنُ عَمْرٍو الأوْزَاعِيُّ.
ومِنْ أهْلِ وَاسِطٍ : هُشَيْمُ بنُ بَشِيْرٍ.
ثُمَّ انْتَهَى عِلْمُ الإثْنَيْ عَشَرَ إلى سِتَّةٍ :
يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، ويَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا بنِ أبي زَائِدَةَ، ووَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ، وعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، وعَبْدِ الرَّحمَنِ بنِ مَهْديِّ، ويَحْيَى بنِ آدَمَ» . وفي رِوَايَةٍ عَنْهُ : «حَفِظَ العِلْمَ عَنْ أمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم سِتَّةٌ : فَلأهْلِ مَكَّةَ : عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، ولأهْلِ المَدِيْنَةِ : ابنُ شِهَابٍ الزُّهْريُّ، ولأهْلِ الكُوْفَةِ : أبو إسْحَاقَ السَّبِيْعيُّ، وسُلَيْمانُ بنُ مِهْرَانَ الأعْمَشُ، ولأهْلِ البَصْرَةِ : يَحْيَى بنُ أبي كَثِيْرٍ نَاقِلَةً (أيْ : مُتَنَقِّلٌ)، وقَتَادَةُ» انْتَهَى .
وقَالَ أبو دَاوُدَ الطَّيالِسيُّ رَحِمَهُ اللهُ : «وَجَدْنَا الحَدِيْثَ عِنْدَ أرْبَعَةٍ : الزُّهْريِّ، وقَتَادَةَ، والأعْمَشِ، وأبي إسْحَاقَ (السَّبِيعيِّ) .
قَالَ : وكَانَ قَتَادَةُ أعْلَمَهُم بالاخْتِلافِ، وكَانَ الزُّهْريُّ أعْلَمَهُم بالإسْنَادِ، وكَانَ أبو إسْحَاقَ أعْلَمَهُم بحَدِيْثِ عَليٍّ، وكَانَ عِنْدَ الأعْمَشِ مِنْ كُلِّ هَذَا» انْتَهَى، انْظُرْ : «الجَامِعَ» للخَطِيْبِ البَغْدَاديِّ (2/293) .
ومِنْ هُنَا كَانَ مِنَ الخَطأ البَيِّنِ أنْ يَجْهَلَ طَالِبُ العِلْمِ، ولاسِيَّما طَالِبُ الحَدِيْثِ مَعْرِفَةَ هَؤلاءِ الحُفَّاظِ السِّتَّةِ، بَلْ إنِّي أرَى أنَّ مَعْرِفَتَهُم تُعَدُّ مِنَ العِلْمِ الَّذِي لا يَسَعُ طَالِبَ العِلْمِ جَهْلُهُ، والله تَعَالى أعْلَمُ .