أحـكام الهـمـزة :
لما كانت الهمزة أبعدّ الحروف مخرجاً و أثقلّها نطقاً, سهّلتها العرب, و أحكامها عند ورش كالتالي :
1 .الهمز المزدوج من كلمة :
و تأتي الأولى منها همزة زائدة للإستفهام و لغيره و لا تكون إلا متحركة, ولا تكون همزة الإستفهام إلا مفتوحة و تأتي الثانية منها متحركة و ساكنة, فالمتحركة همزة قطع والساكنة همزة و صل, فأمّا همزة القطع المتحركة بعد همزة الاستفهام فتأتي على ثلاث أقسام : مفتوحة و مكسورة و مضمومة ( أَ أَ , أَ إِ , أَ أُ ) .
أَ أَ , نحو : ( أَ أَنذَرْتَهُمْ , أَ أَنتُمْ , أَ أَلِدُ …)
إذا جاء بعد الثانية حرف ساكن نحو: ( أَ أَنذَرْتَهَمْ, أَ أَقْرَرْتُمْ, أَ أَسْلَمْتُمْ…) حكمها : تحقيق الهمزة الأولى, و تسهيل الثانية بين بين, أو إبدالها ألفاً خالصةً طولاً
إذا جاء بعد الثانية حرف متحرك ( و لا يكون إلا مكسوراً ) في موضعين [ أَ أَلِدُ: هود72 ], [ أَ أَمِنتُمْ : الملك 16 ] فقط.
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى, و تسهيل الثانية بين بين, أو إبدالها ألفا خالصة قصرا .
أمّا : [ أَ آمَنتُمْ : الأعراف 123 , طه 71 , الشعراء 49 ] , و [ أَآلِهَتُنَا : الزخرف 58 ] .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى, و تسهيل الثانية بين بين مع ثلاثة البدل, و يمتنع الإبدال خوف الالتباس بالخبر .
أَ إِ , نحو : ( أَئِنَّا, أَئِفْكًا, أَئِذَا …) .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى و تسهيل الثانية بين بين فقط .
أَ أُ , نحو : ( أَ أُنَبِّئُكُمْ, أَ أُنْزِلَ, أَأَلْقِيَ…) .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى و تسهيل الثانية بين بين فقط .
أما ما كان وراء الهمزة الأولى همزة و صلية في ستة مواضع [ أَالذَّكرَين : الأنعام 143 ـ144 ], [ أَاللَّهُ : يونس 59 ـ النمل 59 ], [ أالن: يونس 51ـ 91 ] فحكمها : تحقيق الهمزة الأولى و تسهيل الثانية بين بين, أو إبدالها ألفا خالصة طولا باعتبار السكون بعدها, بالإضافة إلى إبدالها ألفا خالصة قصرا باعتبار حركة اللام العارضة في ( أالن ).
ملاحظة :
يمتنع قصر البدل مع تسهيل الهمزة في [ أالذكرين , النعام 143 ـ 144 ] .
أما همزة الوصل المكسورة بعد همزة الاستفهام فإنها تحذف في الدرج بعدها للاستغناء عنها .
و يؤتى بهمزة الاستفهام و حدها في سبع مواضع : [ أَ اتَّخَذْتُّم : البقرة 80 ], [ أ اطَّلَعَ: مريم 78 ], [ أ افْتَرَى : سبأ 108 ], [ أَ اصْطَفَى: الصافات 153 ], [ أَ اتَّخَذْنَهُمْ : ص 63 ], [أَ اسْتَكْبَرْتَ : ص 75 ],[ أَ اسْتَغْفَرْتَ : المنافقون 6 ] .
أما إذا كانت الهمزة الأولى لغير الاستفهام, و الثانية متحركة بالكسر في كلمة واحدة في خمس مواضع [ أَئِمَّة : التوبة 12 , الأنبياء 73 , القصص 5 ـ 41 , السجدة 24 ] فحكمها تحقيق الهمزة الأولى و تسهيل الثانية بين بين , أو إبدالها ياء مكسورة مختلسة الحركة .
2. الهمز المزدوج من كلمتين :
الهمزتان المجتمعتان في كلمتين على ضربين, متفقين, و مختلفين .
فأما المتفقان فعلى ثلاثة أنواع : مفتوحتين و مكسورتين و مضمومتين .
و اما المختلفتان فعلى خمسة أضرب كما سيأتي بيانه :
أ- المتفقتان : أَ أَ , إِ إِ , أُ أُ :
أَ أَ : نحو [ السُّفَهَآءَ أَمْوَالَكَمْ , جَآءَ أَمْرُنَا , جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ …] .
إذا جاء بعد الثانية حرف ساكن نحو [ السُّفَهَآءَ أَمْوالَكُمْ , جَاءَ أَمْرُنَا ..] .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى , و تسهيل الثانية بين بين أو إبدالها ألفا خالصة طولا.
إذا جاء بعد الثانية حرف متحرك ( و لا يكون إلاّ بالفتح ) نحو [ جَآءَ أَحَدُكُمْ, جَآءَ أَجَلُهُمْ …] .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى, و تسهيل الثانية بين بين أو إبدالها ألفا خالصة قصرا .
أما : [ جَآءَ ءَالَ: الحجر 61 , القمر 41 ] :
حكمها: تحقيق الهمز ة الأولى, و تسهيل الثانية بين بين مع ثلاثة البدل, أو إبدالها ألفا خالصة قصرا باعتبار حركة اللام أو إبدالها ألفا خالصة طولا باعتبار الألف الساكنة المبدلة عن همزة ساكنة .
إِ إِ : نحو [ مِنَ السَّمَاءِ إِلهٌ , هَؤُلاَءِ إِلاَّ…] .
1. إذا جاء بعد الثانية حرف ساكن نحو [ هَؤُلاَءِ إِنْ , بِالسُوءِ إِلاَّ,عَلَى البِغَآءِ إِنْ ] .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى و تسهيل الثانية بين بين , أو إبدالها ياء مدّية طولا .
2. إذا جاء بعد الثانية حرف متحرك بحركة : لازمة أو عارضة .
بحركة لازمة نحو [ فِي السَّمَآءِ إِلَهٌ . مِنَ السَّمَآءِ إِلَى…]
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى و تسهيل الثانية أو إبدالها ياء مدّية قصرا .
بحركة عارضة : نحو [ عَلَى البِغَآءِ إنَ اردْنَ, لِلنَّبِيءِ إِنَ ارَادَ… تحركت النون فيها بحركة النقل ] , [ مِنَ النِسَّآءِإِنِ اتَّقَيْتُنَّ , تحركت النون لالتقاء الساكنين ] .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى و تسهيل الثانية بين بين , أو إبدالها ياء مدّية قصرا ,
( باعتبار حركة النون العارضة ) أو طولا ( باعتبار حركة النون الأصلي ) .
ملاحظة :
[ عَلَى الْبِغَآءٍ إِنَ اَرَدْنَ, النور 33 ] و [ هَؤُلآَءِ إِن كُنْتُّم, البقرة 31 ] للهمزة الثانية فيها بحكم آخر هو إبدالها ياء مكسورة .
أ أُ : توجد في موضع واحد , [ أَوْلِيَاءُ أُوْلَئِكَ : الأحقاف 32 ] .
حكمها :تحقيق الهمزة الأولى و تسهيل الثانية بين بين أو إبدالها واوا مدّيّة قصرا ( لتحرك الحرف بعدها ) .
ب- المختلفتان : أَ أُ , أَ إِ , إِ أَ , أُ أَ , أُ إِ :
أَ أُ : في موضع واحد [ جَآءَ أُمَّةً : المؤمنون 44 ] .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى و تسهيل الثانية بين بين فقط .
أَ إِ : نحو [ الشُهَدَآءَ إِذَا , البَغْضَآءَ إِلَى …] .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى و تسهيل الثانية بين بين فقط .
إِ أَ : نحو : [ مِنْ وِّعَآءِ أَخِيهِ , مِنَ الشُّهَدَآءِ أَن…] .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى و إبدال الثانية ياءً خالصةً مفتوحةً , ( و مع ثلاثة البدل
في : هَؤُلآَءِ ءَالِهَةً , مِنَ السَّمَآءِ ءَايَةً ..) .
أُ أَ : نحو : [ النَِّبيءُ أَوْلىَ , سُوءُ أَعْمَالِهِمْ , يَشَآءُ أَيُّكُمْ …] .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى,و إبدال الثانية واوًا خالصةً مفتوحةً .
أُ إِ : نحو : [ مَا يَشَآءُ إِذَا , الْعُلَمَآءُ إِنَّ , الْمَلَؤُ إِنىِّ … ] .
حكمها : تحقيق الهمزة الأولى و تسهيل الثانية بين بين أو إبدالها واوًا خالصةً مكسورةً
أما ( إِ أُ ) , فلم يرد في القرآن لفظه و إنما ورد معناه في صورة القصص 23 [ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً ] بمعنى " وجد على الماءِ أُمّة " .
ملاحظات :
1. معنى التسهيل بين بين أن تجعل الهمزة بين الهمزة و الحرف الذي تولّدت منه حركة الهمزة فتسهّل الهمزة المفتوحة بين الهمزة و الألف,و تسهِّل المكسورة بين الهمزة و الياء,و تسهِّل المضمومة بين الهمز و الواو .
2. إعلم أخي القارىء أن التسهيل أو الإبدال فيما تقدم لا يكون إلا في حالة الوصل,فإذا وقفت على الكلمة الأولى و بدأت بالثانية حققت الهمزَ .
3. الهمز المفرد :
قرأ ورش ـ رحمه اللّه ـ بإبدال كل همزة ساكنة ( ءْ ) حرف مدٍّ من جنس حركةِ ما قبلها قصرًا,إذا وقعت فاءً من الفعل نحو [ يَأْلَمُونَ,مَأْمَنَهْ,مُؤْمِنُونَ,لِقَاءَنَا ائْت …] فتصبح بعد الإبدال [ يَالمون,مَامنه,مُومنون,لقاءنا ايت …],و استثنى من ذلك ما جاء من باب ( الإيواء ) نحو [ المأوى,تؤوى,فأووا …] .
لم يبدل ورش الهمزة الساكنة إذا وقعت عينًا من الفعل سوى في ثلاث كلمات هي ( بئس,بئر,الذئب ) فأصبحت ( بيس,بير,الذيب ) .
قرأ ورش بإبدال الهمزة المفتوحة بعد ضمّة واوًا مفتوحةً إذا وقعت فاءً من الفعل نحو : [ مُؤَذِّن,مُؤَجَّلاً,يُؤَلِّفُ…] .
يسهّل ورش الهمزة المفتوحة بعد فتح بين بين أو يبدلها ألفًا خالصةً طولاً في ( رَأَيْت ) إذا دخلت عليه همزة الاستفهام نحو : [ أَرَأَيْتُم,أَفَرَأَيْتُم …] في حالة الوصل بما بعده,أمّا في حالة الوقف عليه فيتعيّن التسهيل بين بين من أجل اجتماع ثلاث سواكن ظواهر,و هو غير موجود في كلام العرب .
قرأ ورش بتسهيل الهمزة [ هَأَنتُمْ ] أو إبدالها ألفًا خالصةً طولاً لأجل سكون النون بعدها,مع العلم أن هاء [ هأنتم ] : ( آل عمران 119,النساء 109,محمّد 38 ) مبدلةٌ عن همزةٍ,و أصل الكلمة [ أَ أَنتُم ] .
أمّا [ اللاَّئِى : الأحزاب 4,المجادلة 2,موضعان في الطلاق 4 ] فورش يقرأ بحذف يائها الساكنة بعد الهمزة,و له في هذه الكلمة :
أ. في حالة الوصل بما بعدها : تسهيل الهمزة بين بين مع الطول,و القصر في الألف .
ب. في حالة الوقف عليها : - القصر في الألف و تسهيل الهمزة بين بين مع الرَّوْم
- الطّول في الألف و تسهيل الهمزة بين بين معه الرّّوْم .
- الطول في الألف مع إبدال الهمزة ياء ساكنة .
قرأ ورش بإبدال همزة [ لِئِلاَّ ] و [ لأَِهَبَ: مريم 19 ] ياءً مفتوحةً,و قرأ بإبدال همزة [ النَّسِيءُ : التوبة 37 ]
بإبدالها ياءً مضمومةً و إدغام الياء السَّاكنة قبلها فيها فصارتا ياء واحدة مشددة مضمومةً ( النَّسِيُّ ).
إذا اجتمعت همزتان أصليتان في كلمة,و كانت الأولى متحركةً و الثانيةُ ساكنةً,فورش يبدل الثانية الساكنة حرف مدٍّ من جنس حركة الهمزة الأولى نحو [ أَ أْمَنُوْا,إِئْمَان,أُؤْتُوا…] فتصبح بعد الإبدال [ ءَامَنُوا,إِيمَان,أُوتُوا …] .
يبدل الإمام ورش الهمزة الساكنة في نحو [ الهُدَى ائْتِنَا,قَالَ ائْذَن لِّى,المَلِكُ ائْتُونِي…] ياءً مدّيةً عند الابتداء,و واوًا في [ الذِي اؤْتُمِنَ ],أمّا عند وصلها بما قبلها فتبدل الهمزة السّاكنة حرف مدٍّمن جنس حركة ما قبلها نحو [ يَقُولُ ائْذَنْ لِّي : فتلفظ : يَقُولُو ذَلِّي ] .
4. نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها :
و هو نوع من أنواع تخفيف الهمز المفرد لغة لبعض العرب,اختص بروايته ورش بشرط أن يكون الساكن آخر كلمة,و أن يكون غير حرف مدّ,و أن تكون الهمزة أول الكلمة الأخرى سواء كان ذلك الساكن تنونيًا أو لام التعريف أو غير ذلك,فيتحرك ذلك الساكن بحركة الهمزة و تسقط هي في اللفظ لسكونها,و تقدير سكونها,و ذلك نحو : [ مَتَاعٌ إلَى,بِعَادٍ إِرَمَ …] و نحو [ الأَخِرَةِ,الإِنسَان …],و نحو [ مَنْ آمَنَ,مَنْ إِلهٌ…] و نحو ذلك,فإن كان الساكن حرف مدٍّ تركه نحو : [ وَ فِي أَنفُسِكُم,قَالُوا آمَنَّا …] .
أمّا : [ كِتَابِيَهْ إِنِّي : الحاقة 19. 20 ] ففيها الوجهان : النقل و تحقيق الهمزة على مراد القطع و الاستئناف من أجل أنها هاءُ سكتٍ .
أما : [ عَادًا الأُولى : النجم 50 ] فتنقل حركة الهمزة المضمومة بعد اللام و يدغم التنوين قبلها في حالة الوصل .
أما : [ رِدْءًا يُصِدِّقُنِي : القصص 34 ] فقرأ ورش بالنّقل فأصبحت [ رِدًا يُصِدِّقُنِي ] .
ملاحظة :
1. إذا نقلت حركة الهمزة إلى لام التعريف في نحو [ الأَرْضِ, الآخِرَة ] و قُصدَ الإبتداء فإما أن يجعل حرف التعريف ( اَل ) أو اللام فقط :
فإن جعلت ( اَل ) ابتديء بهمزة الوصل و بعدها اللام المتحركة بحركة همزة القطع فنقول : [ أَلَرْض, أَلاَخِرَة …] .
و إن جعلت اللام فقط فإمّا أن يعتدّ بالعارض و هو حركة اللام بعد النقل, أو لا يعتدّ بذلك و يعتبر الأصل :
فإذا اعتددنا بالعارض حذفنا الهمزة الوصلية و قلنا [ لَرْض, لاَخِرَة …], و إن لم يعتدّ بالعارض و اعتبرنا الأصل جعلنا همزة الوصل على حالها و قلنا [ أَلَرْض, أَلاَخِرَة …] كما قلنا على تقدير أن حرف التعريف ( اَلْ ), و هذان الوجهان صحيحان .
2. إذا كان قبل لام التعريف المنقول إليها حرف من حروف المدّ أو ساكن غيرهن لم يَجُزْ إثبات المدّ و لا ردّ سكون الساكن مع تحريك اللام لأن التحريك في ذلك عارض فلم يعتد به,و قدّر السكون إذ هو الأصل,و لذلك حذف حرف المدّ و حرّك الساكن حالة الوصل و ذلك نحو [ أَلْقَى اَلأَلْوَحَ, سِيرَتَهَا اَلأُولى ] تلفظ [ أَلْقَلَلْوَاح, سِيرَتَهَلُولى ] و نحو [ فَمَنْ يَسْتَمِعِ اِلآنَ, بَلِ اِلإنسَانُ …] تلفظ [ فَمَن يَسْتَمِعِلاَنَ, بَلِلِنسَانُ …], و كذلك لو كان صلةً أو ميم جمعٍ نحو [ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ,وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ …] تلفظ [ وَبِدَارِهِلَرْضَ, وَأَنتُمُلَعْلَوْنَ …] .
الفـتح و الإمـالة :
الفتح :
هنا عبارة عن فتح القارئ فاه, و هو فيما بعده ألفٌ أظهرُ,و ينقسم إلى قسمين : شديد و متوسط,أما الشديدُ فهو نهاية فتح الفم, و هو معدوم في كلام العرب و لا يجوز في القرآن, و المتوسط هو ما بين الفتح الشديد و الإمالة المتوسطة .
الإمالة :
أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة و بالألف نحو الياء :
ـ كثيرا :و هو المحضُ و يقال له الإضجاع و البطح, و هو عند ورش في موضع واحد [ الهاء من : طه :1 ] .
ـ قليلا : و هو بين اللفظين ( بين الفتح المتوسط و الإمالة المحضة ), و يقال له أيضا التقليل و التلطيف و بين بين… و كلا القسمين موجودٌ في لغة العرب جائز في القراءة .
ذوات الياء : قرأ ورش بتقليل كل ألف منقلبة عن ياء, حيث وقعت في القرآن, و تعرف ذوات الياء من الأسماء بالتثنية,و من الأفعال بردّ الفعل إليك فإذا ظهرت الياء فهي الأصل و إن لم تظهر الواو فهي الأصل,فنقول في الياء مع الأسماء نحو [ المولى, الفتى, المأوى …] : [ موليَان, فتيَان, مأْوَيَان …], و نقول في الواوي من السماء نحو [ الصفا, شفا عصا …] : [ صفوان, شفوان, عصوان …].
و تقول في اليائي من الأفعال نحو [ أتى, هدى, سعى …] : [ أتيتُ, هديتُ, سعيتُ …], وتقول في الواوي من الأفعال نحو [ دعا, دنا, عفا …] : [ دعوت, دنوت, عفوت …], إلا إذا زاد الواو عل ثلاث أحرفٍ فإنه يصير بتلك الزيادة يائياً,و ذلك كالزيادة في الفعل بحروف المضارعة و آلة التعدية و غيرها نحو [ ترضى,يتلى,زكّاها,فأنجاه,فتعالى اللّه …] و من ذلك ( أفعل ) في الأسماء نحو [ أدنى, أزكى, أعلى…] لأن لفظ الماضي من ذلك كله تظهر فيه الياء إذا رددت الفعل إلى نفسك نحو ( زكيتُ, انجيتُ, ابتليتُ..) .
أما فيما لم يسمّ فاعله نحو ( يدعي ) فلظهور الياء في ( دعيت و يدعيان ) فظهر أن الثلاثيّ المزيد يكون اسما نحو ( أدنى ),و فعلا ماضيا نحو ( ابتلى,أنجى ),و مضارعا مبنيًّا للفاعل نحو ( يرضي ) و للمفعول نحو ( تدعي ) .
و قرأ ورش بتقليل كل ألف تأنيث جاءت من ( فعلى ) مفتوح الفاء أو مضمومها أو مكسورها نحو: ( مرضى,السلوى,الدنيا,قصوى,إحدى,ضيزى …) و ألحقت بذلك: ( يحي, موسى, عيسى ).
كذلك قرأ ورش بتقليل الألف فيما كان على وزن ( فعالى ) مضموم الفاء أو مفتوحها نحو : ( كُسالى,فرادى,يتامى,الايامى …) و ما رسم في المصاحف بالياء نحو ( متى, بلى, يأسفى, ياويلتى, أنّى, كفى …) و استثنى من ذلك ( حتى, إلى, على, لدى, ما زكى منكم ) .
حكم ما سبق :
لورش رحمه اللّه في ما سبق ذكرها الوجهان:
الفتح و التقليل, و له علاقة بالبدل [ انظر جدول وجوه القراءة ص 39 ] قرأ ورش بالتقليل و جها واحدا, ذوات الواو و ذوات الياء رؤوس الآي في السور الإحدى عشر التالية:
[ طه, النجم, المعارج, القيامة, النازعات, عبس, الأعلى, الشمس, الليل, الضحى, العلق ], أما ما كان على لفظ ( ها ) في النازعات و الشمس : الفتح و التقليل على الخيار أي لا علاقة له بالبدل .
ذوات الراء :هو ما كان فيه راء بعدها ألف ممالة بين بين, بأي وزن كان نحو ( ذكرى, بشرى, سكارى, اشترى, فأراه, أدراك …) .
أما [ أراكهم : الأنفال 43 ] فألفها فيها الوجهان الفتح و التقليل .
أما [ تراءا : الشعراء61 ] فأمليت ألفها الأولى بين بين من أجل إمالة ألفها الثانية بين بين,و قفا .
أما [ بأي ] فإما أن يكون بعده متحرك أو ساكن :
فالذي بعده متحرك نحو : [ رأى كَوكبًا, رأى قَميصه, رءاكَ الذين كفروا, ورءاها تهتز …] أمليت راؤه و همزته بين بين وصلا و وقفاً .
و الذي بعده ساكن نحو : [ و إذا رأى الَّذين أشركوا , ورءا الْمجرمون …] أمليت راؤه و همزته بين بين و قفاً .
إمالة الألف التي بعدها راء متطرفة مكسورة : أمال الإمام ورش الألف التي بعدها راء متطرفةٌ مكسورة بين بين نحو [ الدّار,النّار,القهّار,الفجّار …] و خرج من ذلك كلمتان هما : [ الجار : النساء 37 ] و [ جَبَّارِينَ : المائدة22 . الشعراء 130 ] ففي الألف الوجهان : الفتح و التقليل .
إمالة حروف مخصوصة من الحروف فواتح السور بين بين هي :
ـ الراء في [ ألمر : الرعد , ألر : يونس,هود,يوسف,إبراهيم,الحجر ] .
ـ الهاء في [ كهيعص : مريم ] .
ـ الياء في [ كهيعص : مريم ] .
ـ الحاء في [ حم : في سبع سور ] .
أما الهاء من ( طه ) فإمالتها محضة ( كبرى ) كما تقدم .
ملاحظات :
1. كل ما يقلل و جها واحدا في الوصل يوقف عليه كذلك نحو [ النّار, قرار, الانهار …]
2. إذا وقع بعد الألف المقلّلة ساكن, فإن تلك الألف تسقط لسكونها و بقي ذلك الساكن, حينئذ تذهب الإمالة بين بين لأنها إنما كانت من أجل وجود الألف لفظا فلما عدمت فيه امتنع التقليل بعدها, فإن وقف عليها انفصلت من الساكن تنوينا كان أو غير تنوين, و عادت الإمالة بين بين نحو :
التنوين : نحو [ هدًى لّلمتّقين, وأجل مسمّىً, و لا يغني مولًى عن مولًى ].
غير التنوين : ( لهمزة الوصل ) نحو [ موسى الكتاب, عيسى ابن مريم …] .
و بالتالي يكون حكمها الفتح فقط في الوصل و الوجهان : الفتح و التقليل في الوقف .
أمّا نحو [ قرّى ظاهرة, قرّى محصنة, سحر مفترًى, القرى الّتي … ] فحكمها في الوصل الفتح فقط, و التقليل وجها واحدا في الوقف لأنها ذات راء .
3. إذا وقف على ( كلتا ) من [ كلتا الجنتين : الكهف 33 ] فالوقف عليها يبنى على معرفة ألفها, و قد اختلف فيها على قولين : ـ ألف تثنية, و واحد كلتا : كلت .
ـ ألف تأنيث, ووزن كلتا : فعلى كإحدى .
فإذا اعتبرناها ألف تثنية فلا تقليل فيها, أما إذا اعتبرناها ألف تأنيث فنقف عليها بين اللفظين ( التقليل ), و فيها الفتح في كلتا الحالتين .
4. لا تقليل في ألف [ فلا تمار : الكهف 22 ] لأن أصل الكلمة " تماري ", و قد حذفت الياء جزما بلا النهاية, و بالتالي فالرّاء ليست متطرفة .
5. لا تقليل في ألف [ مُضَارٍّ : النساء 12 ] لأن الراء الساكنة المدغمة فصلت بين الألف و الراء المتطرفة المكسورة .
الوقف على أواخر الكلم : الإسكان ـ الرَّوْم ـ الإشمام :
1. الوقف على السكون : هو الأصل في الوقف على الكلم المتحركة وصلا لن الوقف و الترك من قولهم : وقفت عن كلام فلان أي تركته,و لأن الوقف أيضا ضد الابتداء, فكما يختصّ الابتداء بالحركة كذلك يختصُّ الوقف بالسكون,فهو عبارة عن تفريغ الحرف من الحركات الثلاث,و ذلك لغة أكثر العرب و هو اختيار كثير من القراء و جماعة من النحاة .
2. الوقف بالرَّوْم : هو عند القراء عبارة عن النطق ببعض الحركة,و قال بعضهم هو تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب معظمها,فيسمع لها صوت خفيٌّ يسمعه القريب المصغِّي دون البعيد لأنها غير تامّة, و لا يكون الرّوم إلا في المكسور و المضموم .
3. الوقف بالإشمام : هو ضمّ الشفتين بعيد إلاسكان إشارة إلى الضمّ مع بعض انفراج بينهما ليخرج منه النفس ( و لابد من اتصال ضمّ الشفتين بالإسكان, فلو تراخي فإسكان مجرّد من الإشمام ) و لا يدرك الإشمام لغير البصير, أي أنه يرى رؤية و لا يسمع له صوت .
ينقسم الوقف على أواخر الكلم إلى ثلاثة أقسام :
أ. قسم لا يوقف عليه إلا بالسكون : و هو خمسة أقسام :
ما كان ساكن في الوصل نحو [ فلا تنهر, فيقتل… ] .
ما كان في الوصل متحركا بالفتح غير منّون, و لم تكن حركته منقولة نحو [ لا ريبَ, إنّ اللّهَ ..] .
الهاء التي تلحق الأسماء في الوقف بدلا من تاء التأنيث نحو [ الجنّة, الملائكة …] .
ميم الجمع نحو [ و منهم, على قلوبهم …] .
المتحرك في الوصل بحركة عارضة إمّا للنقل نحو [ وانحرِ اِنَّ, منِ استبرق, منَ امَنَ…], و إمّا لالتقاء الساكنين نحو [ قُمِ اللَّيلَ, و أنذر النّاس …] و منه [ يومئذٍ, حينئذٍ ] لأن كسرة الذال إنما عرضت عند لحاق التنوين فإذا زال التنوين في الوقف رجعت الذال إلى أصلها, و هذا بخلاف كسرةِ [ هؤلآء ] و ضمّةِ [ من قبلُ, من بعدُ ], فإن هذه الحركة و إن كانت لالتقاء الساكنين لكن لا يذهبُ ذلك الساكن لأنه منْ نفس الكلمة .
ب. قسم يجوز الوقف عليه بالسكون و بالروم و لا يجوز فيه الإشمام : و هو ما كان في الوصل متحركا بالكسر سواء كانت الكسرة للإعراب أو للبناء نحو [ بسم اللّه الرحمن الرحيمِ, ملك يوم الدينِ …] .
ج. قسم يجوز الوقف عليه بالسكون و بالرَّوْم و بالإشمام : و هو ما كان في الوصل متحركا بالضمّ, و لم تكن الضمّة منقولة من كلمة أخرى أو لالتقاء الساكنين,و هذا يستوعب حركة الإعراب و حركة البناء, فمثل حركة الإعراب [ اللّهُ الصمدُ, يخلقُ …] و مثال حركة البناء [ من قبلُ, من بعدُ, يا صالحُ …], و مثال الحركة المنقولة من كلمة أخرى ضمة اللام في [ قُلُ اوحِيَ ], و ضمة النون في [ مَنُ اوُتِيَ ], و مثال التقاء الساكنين ضمّة التاء في [ و قالتُ اخرُج ] .
ملاحظات :
1. فائدة الإشارة في الوقف بالرّوم و الإشمام هو بيان الحركة في الوصل للحرف الموقوف عليه ليظهر للسامع أو للناظر كيف تلك الحركة الموقوف عليها,لذا يستحسن الوقف بالإشارة إذا كان بحضرة القاريء من يسمع قراءته خاصة في قوله تعالى : [ و فوق كلِّ ذي علمٍ عليمٌ : يوسف 76 ],و قوله تعالى : [ قال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقيرٌ : القصص 24 ], خوف الالتباس .
2. لا يدخل الرّوم على حركة الفتح لأن الفتحة خفيفة فإذا خرج بعضها خرج سائرها لأنها لا تقبل التبعيض كما يقبله الكسر و الضمّ بما فيهما من النقل .
3. يتعيّن التحفظ في الوقف على المشدد المفتوح نحو [ و يُحقُّ الحقَّ,من صدَّ …] فيوقف بالسكون مع التشديد .
4. الإشمام يكون في الأوخر نحو [ نعبدُ ], و الأوساط في [ تامنَّا : يوسف 11 ] فقط,و الأوائل في [ سيء : هود 77 ], [ سيئت : الملك 27 ], و لا يجوز الرّوم إلا في الأواخر نحو [ خبيرٌ ], و الأوساط في [ تامنّا : يوسف 11 ] .
5. الوقف على مرسوم الخط : هو أن نقف على الكلمة كما رسمت في المصحف نحو [ جنّت, نعمت …] تقف عليها بالتاء لا بالهاء أما [ مالِ هَؤلآء, مالِ هذا الكتاب …] فيجوز الوقف على ( مَا ), و كذلك على اللام فتقرأ ( مَالِ ) .
إدغام المثلين و الجنسين :
كل حرفين التقيا أولهما ساكن وكانا مَثُلين ( أي متماثلين ) أو جنسين ( هما كل حرفين اتفقا مخرجا و اختلفا صفة مثل التاء و الطاء ) و جب إدغام الأول منهما لغةً و قراءةً, فالمثلان نحو :[ ربحت تِّجارتهم, و قد دَّخلوا,يوجههُّ …], و الجنسان نحو [ قالت طَّآئِفة, إذ ظَّلمتم, بل رّان …], ما لم يكن أول المثلين حرف مدّ ٍنحو [ الذي يوسوس, قالوا وهم …], أو أول الجنسين حرفَ حلق ٍنحو [ فاصفحْ عَنهم, وسبِّحْهُ …] إذا التقت الطاء بالتاء, و كانت الطاء ساكنة أدغمت الطاء في التاء مع بقاء إطباق الطاء في [ فرّطْتُّ: الزمر 56 ], [ أحطْتُّ: النمل 22 ] …, أما في [ ألم نخلقكُّم: المرسلات 20 ] تدغم القاف في الكاف مع بقاء صفة الاستعلاء في القاف.
يتبع إن شاء الله...