الرفيق في فقه الحج والعمرة للبيت العتيق
مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية
جمع وإعداد...
سيد مبارك
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
مقدمة الباحث
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران: 102).
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ (النساء: 1).
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِح لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهْ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ (الأحزاب: 70، 71).
أما بعد.. فأن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمداً وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد..
هذه البحث على الرغم من صغر حجمه إلا أنه عظيم النفع إن شاء الله تعالى.. لماذا؟
لأنه يعالج موضوع الركن الخامس من أركان الإسلام وهو موضوع على درجة عظيمة من الأهمية لأن أمة الإسلام في حاجة لرسالة وجيزة تبين بلا تطويل أو تعقيد كيفية أداء هذا الركن العظيم من أركان ديننا، وهناك الكثير من المطولات والمختصرات لعلماء أفاضل جهابذة وضحت للعامة والخاصة فقه الحج حتى صار أمره جلياً لا لبس فيه ولا غموض، ولكن رأيت أن أساهم بجهد متواضع وبأسلوب حرصت أن يكون يسيرا وبسيطا لعل وعسى أن يلقى القبول عند العامة والخاصة، ويكون لي شرف الكتابة في هذا الموضوع الهام بجوار شيوخنا الأفاضل لعلنا ننال منهم دعوة بظهر الغيب فيستجيب الله تعالى فتكون بها نجاتنا وفلاحنا.
ومن ثم استعنت بالله على المضي قدما في بيان هذا الموضوع القيم من جميع نواحيه وبإيجاز شديد بلا تطويل أو حشو للآراء والاختلافات بل جعلت الدليل من الكتاب وصحيح السنة ثم أقوال العلماء الثقات من خلال مؤلفاتهم من أهل السنة والجماعة هو فصل الخطاب في هذا البحث وقد جعلت عنوانه " الرفيق في فقه الحج والعمرة للبيت العتيق"، وذكرت المراجع وخرجت الأحاديث وأعطيت لكل ذي حق حقه, وحرصت على تسجيل الكثير من التنبيهات والملاحظات والمحظورات..الخ.
التي توضح مناسك الحج والعمرة علي الأسس الشرعية وتحذر من البدع والمعتقدات الفاسدة التي قد تؤدي إلى التنطع والتشدد وربما لإحباط هذه الفريضة العظيمة بسبب الجهل أو التعصب.
وليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة هذا وقد راعيت في البحث إلقاء الضوء على النقاط التالية:
1-ثواب الحج والعمرة في الكتاب وصحيح السنة
2-آداب الحاج والمعتمر للبيت العتيق
3- مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية
4-الإحرام ومحظوراته ومباحاته
5- العمرة وأركانها وواجباتها
6- أركان وواجبات وشروط الحج
7- أنواع الأنساك وأفضله شرعا
8- فقه الحج وأيامه حتى طواف الوداع
9-أحكام الفدية وجزاء الصيد
وبعد..
أسأل الله تعالى أن يكون هذا البحث خالصا لوجهه الكريم ولا يكون للشيطان فيه حظاً ولا نصيباً، والله من ِالقصد وهو يهدي السبيل.
المعنى اللغوي والشرعي للحج
الحَجّ في الأَصل القَصْد وفي العُرْف قَصْد مَكَّةَ للنُّسُك وبابه ردّ فهو حاجٌّ وجَمْعُه حُجٌّ بالضم كبازِل وبُزْل[1].
وقال ابن عثيمين- رحمه الله-الحج لغة: القصد. وشرعاً: التعبد لله بأداء المناسك علي ما جاءت به السنة [2].
ثواب الحج والعمرة في الكتاب وصحيح السنة
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾[3].
والحج فرض في السنة التاسعة علي الراجح والتي تؤيده الأدلة وهو فرض مرة واحدة في العمر على كل مسلم ومسلمة عند الاستطاعة.
وكذلك العمرة فهي واجبة مرة واحدة في العمر.
هذا وقد وردت أحاديث كثيرة في بيان فضل الحج والعمرة أذكر منها:
أولا: الحج والعمرة يكفران للذنوب
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" [4].
- وقال -صلى الله عليه وسلم-: " تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة ".[5].
ثانيا:الحج والعمرة جهاد في سبيل الله
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد قال: "لا لكن أفضل الجهاد حج مبرور"[6].
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جهاد الكبير والضعيف والمرأة الحج والعمرة ".[7].
ثالثا: الحج ثوابه الجنة والعمرة كفارة للذنوب
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" [8].
رابعا: الحج أفضل الأعمال:
عن أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أفضل فقال إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا قال الجهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا قال حج مبرور"[9].
خامساً: الحاج في ضمان الله
عن أبي هريرة-رضي الله -عنه" ثلاثة في ضمان الله عز وجل: رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله عز وجل و رجل خرج غازيا في سبيل الله ورجل خرج حاجا ".[10].
سادسا: الحاج والمعتمر وفد الله
- وعن أبي هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وفد الله عز وجل ثلاثة الغازي والحاج والمعتمر. "[11].
هذا عن ثواب الحج والعمرة وما ذكرناه من أدلة هنا علي سبيل المثال لا الحصر
آداب الحاج والمعتمر للبيت الحرام
هناك آداب كثيرة قبل السفر وبعده وأثناء تأدية المناسك نوضحها فيما يلي:
1- ينبغي له المبادرة بالتوبة والاستغفار.
لأنه ذاهبا للوقوف بين يدي ربه في أشرف بقعة وأطهر أرض والطواف ببيته ولا ريب أنه يبتغي مرضاة ربه ورحمته ومغفرته وضحى من أجل ذلك بالمال والجهد وترك أهله وأولاده وأحبابه وبلده من أجل أداء فريضة الحج تلبية لأمر الله تعالي ليعود يوم يعود كما ولدته أمه.
إذا يكون من الطبيعي أن يستجيب لقوله تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].
- ووصية النبي -صلي الله عليه وسلم- له ولغيره من الناس عندما قال: (يأيها الناس توبوا إلي ربكم واستغفروه أني أتوب إليه في اليوم مائة مرة) [12].
2- ينبغي للحاج أن يرد مظالم العباد أو يتحلل من تبعاتها سواء كانت مظالم مالية أو معنوية لقول النبي -صلي الله عليه وسلم- "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه) [13].
3-يستحب له أن يوصي أهله وأحبابه بتقوى الله تعالي وعدم إهمال حقوقه عليهم.
كما قال جل شأنه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19﴾ [الحشر].
4- ينبغي أن يكتب وصيته قبل حجه وما له وما عليه ويشهد على ذلك من يأتمنه من أهله وأصحابه ليتبرأ في حالة موته من كل ما يخالف الشرع المطهر ولقول النبي -صلي الله عليه وسلم-: " ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا و وصيته مكتوبة عنده "[14].
5- ينبغي أن يكون ماله حلالاً لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وعليه أن يسدد ديونه فلا يضمن عودته من حجه هذا لحديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بجنازة ليصلي عليها فقال هل عليه من دين قالوا لا فصلى عليه ثم أتي بجنازة أخرى فقال هل عليه من دين قالوا نعم قال صلوا على صاحبكم قال أبو قتادة علي دينه يا رسول الله فصلى عليه"[15].
6- ينبغي أن يحرص على ترك ما يعين أهله علي العيش حتى عودته ولا يتركهم عالة علي الناس لأنهم أمانة في رقبته.
7-عليه أن يخلص النية لله لا لكي يرائي الناس ويحفظ لسانه وجوارحه في طريقه للحج وأثنائه ليكون حجه مبرورا, وليتذكر قوله تعالي: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: 5]
ولقوله -صلي الله عليه وسلم- " أنما الأعمال بالنيات"[16].
8- ينبغي أن يتعلم ويسأل أهل العلم عن مناسك الحج ليحذر من البدع والمخالفات ليكون حجه مقبولا عند الله تعالى.
9- ينبغي أن يحرص علي الرفقه الصالحة لتعينه علي أمر دينه ودنياه.
لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل "[17].
وقال صاحب السراج [18]:
وعلى الحاج أن يحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك؛ لأن ذلك مما يحبط العمل والعياذ بالله، قال -تعالى-: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ *أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (سورة هود الآية:15-16).اهـ.
8-عليه أن يتعلم قبل سفره كيفية أدائه للحج والعمرة في إطار الشرع بعيدا عن البدع والعادات والمخالفات التي تفسدهما.
9-يمتنع عن الرفث والفسوق والجدال في الحج ولا يجادل إلا في رد الحقوق وتغيير المنكر.
10-ينبغي على المرأة التي تريد الحج أن تحتشم وتستتر بالحجاب الشرعي كما يحرم عليها السفر للحج بدون محرم معها ويكون بالغا عاقلا ومسلما, والمقصود بالمحرم الزوج، أو من تحرم عليه علي التأييد بنسب-يعني قرابة-, أو سبب مباح كالرضاع والمصاهرة.
والذين يحرمون بالنسب سبعة:
الأب, والابن والأخ, وابن الأخ, وأبن الأخت, والعم، والخال.
والذين يحرمون بسبب الرضاع: ما ثبت في الحديث"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" [19].
والذين يحرمون بسبب المصاهرة أربعة وهم:
أو زوجها" حماها"وابن زوجها, وزوج بنتها- وهؤلاء الثلاثة محارم بمجرد العقد- والرابع زوج أمها" ولا يحرم إلا بعد الدخول".
وعلى هذا لا يكون محرمًا لها أخا الزوج وخاله وعمه, وكذلك زوج الأخت وأبناء العم وأبناء الخال.
مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية
للحج مواقيت زمانية ومكانية، ينبغي مراعاتها واليك المقصود من كل منهما:
أولاً المواقيت الزمانية:
الميقات الزماني هو الوقت الذي لا يصح شيء من أعمال الحج إلا فيه, وهو معني قوله تعالي: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: 197].
وهذه الشهور هي: شوال, ذو القعدة, ذي الحجة كله وقيل العشرة الأولى منه ولكن الأول هو الصحيح بدليل قول الله ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ - فأن أقل الجمع ثلاث كما إن هناك أعمال يفعلها الحاج يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر مما يضعف قول من قال "والعشر الأولي من ذي الحجة "وهذا ما رجحه ابن العثيمين- رحمه الله في الشرح الممتع.
ويلاحظ أن:
- العمرة تجوز في أي وقت من أوقات السنة.
- لا يجوز لأحد أن يحرم قبل أشهر الحج فلو أحرم قبلها لا ينعقد الحج.
- لا يجوز تأخير شيئاً من أعمال الحج عن هذه الشهور إلا لضرورة كأن تصاب المرأة بحيض أو نفاس ولم تتمكن من طواف الإفاضة فلها أن تطوف عند الطهر ولو كان بعد انتهاء اشهر الحج.
ثانياً: المواقيت المكانية:
المواقيت المكانية التي حددها النبي r خمسة وهي:
-ذو الحليفة: لأهل المدينة ولمن جاء عن طريقهم ويسمي اليوم أبيار علي ويبعد 450كم شمال مكة.
-يَلمْلَمْ: ميقات أهل اليمن ومن جاء عن طريقهم ويسمي اليوم السعدية ويبعد 54كم جنوب مكة.
- قرن المنازل: ميقات أهل نجد ومن جاء عن طريقهم ويسمي اليوم السيل الكبير ويبعد 94كم شرقي مكة.
-الجحفة[20]: ميقات أهل الشام والمغرب ومصر ومن جاء عن طريقهم والناس تحرم من راغب الآن, وتبعد 200كم من الشمال الغربي من مكة.
-ذات عرق: يقات اهل العراق ومن جاء عن طريقهم ويسمي اليوم الضريبة.
وتبعد 94 كم من الشمال الشرقي من مكة.
أما ميقات أهل مكة ومن فيها من غير أهلها فهو من مساكنهم للحج، أما العمرة فيحرمون من الحل خارج حدود الحرم مثل التنعيم, وكذلك الذين يسكنون بين هذه المواقيت وبين مكة ميقاتهم من مساكنهم.
ولينتبه الحاج لما يلي:
-يحرم أن يجاوز الحاج الميقات المكاني له متعمداً ويلزمه الرجوع إليه وإلا عليه دم-أي شاه يذبحها في مكة ويوزعها علي فقرائها.
-حجاج الطائرات ينبغي ارتدائهم ملابس الإحرام في المطار أو في منازلهم فإذا مروا علي الميقات أحرموا أما لبس ملابس وقت مرورهم ففيه فوات الميقات لأن الطائرة سريعة فلينتبه إلي ذلك ويستعد.
-من كان لا يريد الحج أو العمرة وإنما جاء لعمل أو دراسة لا يجب عليه الإحرام، ولكن أن كان لم يؤدي الفريضة فيجب أن يحرم لوجوبها في حقه وهذا ما رجحه ابن عثيمين في الشرح الممتع [21].
الإحرام ومحظوراته ومباحاته
- إذا احرم الحاج أو المعتمر من الميقات فإن هناك محظورات عليه أن يتجنبها ومباحات مسموح بها يحل له أن يفعلها وذلك علي النحو التالي:
يبدأ الحاج أو المعتمر إحرامه بالغسل وهو سنة مستحبة وأن أحرم بدون غسل فأن إحرامه صحيح ولا شيء عليه وهذا عام للرجل والمرأة وهو في حقها إن كانت نفساء واجب وليس بمستحب لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه وفيه"... حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع قال اغتسلي واستنفري بثوب وأحرمي"[22].
لا يجوز للحاج إزالة شيء من الشعر أو الأظفار متعمدا أما لو كان ناسيا أو جاهلا فلا إثم عليه، وكذلك أن وقع منه من غير قصد بسبب الاستحمام أو حك الرأس أو ما أشبه ذلك فلا باس.
- والتلبية مشروع في العمرة من الإحرام إلى أن يبتدئ بالطواف, وفي الحج من الإحرام إلى أن يبتدئ برمي جمرة العقبة يوم العيد.
- لا يجوز للمحرم لبس المخيط[23] على الجسم أي لا يلبس ماهو مصنوع للعضو كالقميص والسراويل والجبة، ولا يجوز ارتداء ما يسمي بالساتر وهو خرقة يلبسها المحرم ستراً لفرجه " أشبه بحفاضة الأطفال " لأنها في معني الملابس وإن، لم يدخلها مخيط [24].
المرأة لها أن ترتدي جميع ملابسها العادية وليس هناك ملابس خاصة للإحرام لها, فالنهي عن المخيط للرجال فقط، ولكن لا يجوز لها لبس النقاب والقفازين لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وفيه قال النبي r" ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين "[25], ولها أن تستر وجهها بغير النقاب بأن تسدل الثوب علي وجهها عند وجود رجال ينظرون إليها، وإن لامس وجهها ولكن لا تشده على وجهها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- والقول بأنه لا يجوز أن يلامس وجهها يخالف حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا جاوزوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه [26].
-يجوز ارتداء ما ليس بمخيط كالساعة أو السماعة للأذن أو النظارة والخاتم وطقم الأسنان وحمل الحقيبة علي كتفه وجاز للمرأة لبس الحلي ونحو ذلك وما أشبه.
- لا يجوز له استعمال الطيب في البدن أو الثوب بعد إحرامه من الميقات وجاز له ذلك قبل الإحرام وإن بقي أثر له بعد إحرامه فلا شيء عليه.
وقد تطيب النبي قبل إحرامه كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت" كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك "[27].
قال الألباني -رحمه الله [28]:
وأن يدهن ويتطيب في بدنه بأي طيب شاء له رائحة ولا لون له إلا النساء. فطيبهن ما له لون ولا رائحة له وهذا كله قبل أن ينوي الإحرام عند الميقات وأما بعده فحرام.اهـ.
ولينتبه أن هذا للبدن فقط ولا يجوز تطييب ثياب الإحرام لا قبل الإحرام ولا بعده لنهيه r في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما يلبس المحرم فقال لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس ولا ثوبا مسه الزعفران ولا ورس فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين"[29].
- لا يجوز للمحرم تغطية الرأس بملاصق لها كالعمامة والطاقية أما غير اللاصق كالشمسية للاستظلال بها أو تحت سقف السيارة أو حمل متاعه علي رأسه أو عصب الرأس لصداع أو وضع الثلج للتبرد فلا بأس بهذا وغيره.
- من الخطأ الاضطباع -أي كشف الكتف الأيمن مع وضع الرداء على كتفه الأيمن- عند ارتداء ثياب الإحرام فهذا لا يجوز إلا في طواف القدوم فقط.
- من الخطأ الظن أن للإحرام صلاة مخصوصة فهذا لا أصل له،والصحيح أن وافق ذلك صلاة مكتوبة أحرم بعدها كما فعل النبي -صلي الله عليه وسلم-.
- يجوز للمحرم الذي يريد حجاً أن يشترط لخوف من مرض أو عائق يعوقه عن إتمام الحج لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية فقال النبي صلى الله عليه وسلم حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني"[30] وفائدة الاشتراط عند الخوف أن الحاج يتحلل من إحرامه وليس عليه شيء، ودليل مشروعيته قوله تعالي ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: 196].
وأما إذا لم يشترط وعاقه عائق فأنه يكون محصرًا-أي ممنوعًا من إتمام النسك
وعليه القضاء أن كان حجه واجبا وليس تطوعا, والراجح ليس عليه هدي إلا لمن ساقه فيجب عليه ذبحه ولا يأكل منها شيئاً
ولا يكون الاشتراط مشروعا إلا في حالة الخوف فقط لأنه رخصة في حالة الخوف من مرض أو عدو ولم يأمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- الجميع.
***************************************************
[1] - أنظر مختار الصحاح للرازي باب " حجل"
[2] - أنظر الشرح الممتع لأبن العثيمين(7/7)
[3] - سورة آل عمران الآية 97
[4] - أخرجه البخاري ح/1691
[5] صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1200) ، والمشكاة (2524)
[6] - أخرجه البخاري ح/ 1423
[7] - رواه النسائي وحسن الألباني إسناده في صحيح الترهيب والترغيب ح/ 1100
[8] -أخرجه البخاري ح/1650¸ومسلم ح/ 2403
[9] -أخرجه البخاري ح/ 1422, ومسلم ح/ 118
[10] -صحح الألباني إسناده في صحيح الجامع انظر حديث رقم : 3051 .
[11] - صحح الألباني إسناده في المشكاة (ح/2537) وهو في الصحيحة (ح/1820)
[12] -أخرجه مسلم ح/ 4871
[13] -أخرجه البخاري ح/ 2269
[14] - انظر حديث رقم : 5614 في صحيح الجامع .
[15] - أخرجه البخاري ح/ 2131
[16] - أخرجه البخاري ح/1
[17] - رواه أحمد والترمذي وأبو داود وقال النووي : إسناده صحيح ,وقال الألباني في تخريج المشكاة حسن غريب
[18] - السراج الوهاج للمعتمر والحاج للعلامة عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن جبرين
[19] -البخاري(2646ومسلم(1444)
[20] - الجحفة مدينة قديمة اجتحها السيل وصارت غير مناسبة للحجاج, فجعل الناس (راغباً) وهي قبل الجحفة بنحو 13كيلو هي الميقات الآن.
[21] - أنظر الشرح الممتع (7/58)
[22] - أخرجه مسلم ح/2137
[23] -ليس المقصود بالمخيط كل ما يخاط بل المقصود الملابس المفصله علي قدر العضو دخل فيها خيط أم لا, بل لوا خاط ملابس الإحرام ليسد خروق لأبأس بذلك وكذل لو أوصل رداءين قصيرين بخيط بينهما لا يضر طالما أنه لم بفصل كملابس الحل
[24] - انظر تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح ال