المبحث الثاني
اختيار الزوجة في الإسلام
أولاً: حُكم الزواج
قد يراوح حكم الزواج بالنسبة للفرد الواحد بين الوجوب، والاستحباب، والكراهة، والتحريم، على النحو التالي:
· الزواج الواجب:
يجب على من قدر عليه وتاقت نفسه إليه وخشي على نفسه الزنى؛ لأن صيانة النفس وإعفافها عن الحرام واجب، ولا يتم ذلك إلا بالزواج.
· الزواج المستحب:
أما من كان تائقاً وقادراً عليه ولكنه يأمن على نفسه من اقتراف ما حرم الله فإن الزواج يستحب له ويكون أولى من التخلي للعبادة، قال ابن عباس: "لا يتم نسك الناسك حتى يتزوج".
· الزواج الحرام:
في حق من يخل بالزوجة في الوطء والإنفاق، مع عدم قدرته عليه وتوقانه إليه.
· الزواج المكروه:
وهو في حق من يخل بحقوق الزوجة في الوطء والإنفاق. حيث لا يقع ضرر بالمرأة؛ بأن تكون غنية مثلاً وليس لها رغبة قوية في الوطء. فإن انقطع الزوج، بسبب هذا الزواج عن شيء من الطاعات أو الاشتغال بالعلم، اشتدت الكراهة.
· الزواج المباح:
إذا انتفت الدواعي والموانع وتساوت المضار والمنافع.
· يعد اختيار الزوجة هو أهم مرحلة في بداية الحياة الزوجية.
وقد وضع الإسلام قواعد لاختيار الزوجة المناسبة هي:
1. أن تكون ذات دين؛ لأن المتدينة يمنعها دينها من طلب ما ليس لها، ويدفعها إلى أداء ما عليها من حقوق. وقد وصفها لله تعالى بقوله ]فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه[ُ (سورة النساء: الآية 34). ووصفها نبيه -صلى الله عليه وسلم- بقوله ]تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 4700)، وذات الدين يطمئن إليها القلب، ويأمنها المرء على نفسه وماله ونفسها.
2. أن تكون ذات خلق حسن؛ لتستطيع التودد إلى زوجها والتحبب إليه، فقد وصف الله عز وجل نساء الجنة بأنهن عرباً أترابا، أي متوددات لأزواجهن، وقد وصفها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: تزوجوا الودود، فإذا كانت عاقلة حسنة الخلق هادئة الطبع عاملت زوجها معاملة حسنة، وجنبته المشكلات والنزاع. وهيأت له حياة مريحة، وبالعكس فالحمقاء تقلب البيت إلى جحيم لا يطاق بسوء تصرفها وقبيح فعلها.
3. أن تكون من أسرة كريمة؛ لأنها ترث الأخلاق وتأخذ الطباع من بيتها، فإذا كان بيتها معروفاً بالصلاح والشرف والوقار كانت حرية بالكمال والعقل والاتزان.
4. يستحب أن تكون بكراً؛ وخاصة للشاب الذي لم يتزوج بعد لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لجابر: هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك. وذلك ما لم يكن هناك مصلحة من التزوج بالثيب من توفر الشروط فيها، وملاءمتها لسنه ووضعه الاجتماعي، فإنها تكون أفضل في هذه الحال.
5. يستحب أن تكون جميلة مقبولة؛ حتى يحصل بها الإعفاف والإحصان، وغض البصر وسكون النفس، وكمال المودة. ]عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ قَالَ كَبُرَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا أُفَرِّجُ عَنْكُمْ فَانْطَلَقَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهُ كَبُرَ عَلَى أَصْحَابِكَ هَذِهِ الآيَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ الزَّكَاةَ إلاّ لِيُطَيِّبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ وَإِنَّمَا فَرَضَ الْمَوَارِيثَ لِتَكُونَ لِمَنْ بَعْدَكُمْ فَكَبَّرَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَلاّ أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 1417).
ثانياً: الخطبة
الخِطبة: بكسر الخاء؛ هي طلب نكاح المرأة من نفسها أو من وليها، أو هي: طلب المرأة للزواج بالوسيلة المعروفة بين الناس، وحكمها: الإباحة، وقال الشافعي إنها مستحبة.
1. رؤية المخطوبة
من العجيب أن الذين يمانعون في رؤية المخطوبة ليس لديهم دليل على ذلك، بل إن الإسلام صريح في أن للخاطب أن يرى من مخطوبته ما يدعوه إلى نكاحها، وهذا من مناقب الإسلام وفضله؛ لأن العين دائماً رسول القلب، توصل إليه ما يهمه، فإن اطمئن تم ما عزم عليه، وإن داخله شك أو فتور امتنع، وذلك خير للطرفين، فالوقاية خير من العلاج.
أ. أدلة مشروعية الرؤية
]عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ قَالَ فَخَطَبْتُ جَارِيَةً مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَكُنْتُ أَخْتَبِئُ لَهَا تَحْتَ الْكَرَبِ حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا بَعْضَ مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 14059).
]عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 1007).
ب. المواضع التي ينظر إليها
ذهب جمهور العلماء إلى أن الرجل ينظر إلى الوجه والكفين لا غير. لأنه يستدل بالنظر إلى الوجه على الجمال والدمامة، وإلى الكفين على خصوبة البدن أو عدمها، فالوجه والكفان عنوان الجسم ودليل على ما ورائهما.
والأحاديث لم تعين مواضع النظر، بل أطلقت لينظر إلى ما يحصل له المقصود بالنظر إليه.
وإذا نظر إليها ولم تعجبه فليسكت ولا يقل شيئاً؛ حتى لا تتأذى بما يذكر عنها، ولعل الذي لا يعجبه منها قد يعجب غيره.
2. نظر المرأة إلى الرجل
للمرأة أن تنظر إلى خاطبها فإنه يعجبها منه مثل ما يعجبه منها.
قال عمر: لا تزوجوا بناتكم من الرجل الدميم، فإنه يعجبهن منهم ما يعجبهم منهن.
3. حكمة تشريع الخطبة
شرعت الخطبة لأن فيها إعطاء فرصة كافية للمرأة وأهلها وأوليائها للسؤال عن الخاطب، والتعرف على ما يهم المرأة وأهلها معرفته من خصال الخاطب مثل: تدينه، وأخلاقه، وسيرته، ونحو ذلك. كما أن فيها تمهيد لإظهار الزواج، وفيها كذلك فرصة للخاطب ليعرف عن المرأة، التي يريد الزواج منها، ما لم يعرفه عنها قبل الخطبة، ويكون الإقدام على الزواج على هدى وبصيرة.
4. من تباح خطبتها
تباح خطبة امرأة إذا توافر فيها شرطان:
أ. أن تكون خالية من الموانع الشرعية التي تمنع زواجه منها في الحال.
ب. ألا يسبقه غيره إليها بخطبة شرعية.
فإن كان ثمة موانع شرعية، كأن تكون محرمة عليه بسبب من أسباب التحريم المؤبدة أو المؤقتة كما سيأتي، أو كان غيره قد سبقه بخطبتها، فلا يباح له خطبتها.
5. خطبة معتدة الغير
تحرم خطبة المعتدة. سواء أكانت عدتها عدة وفاة أو عدة طلاق، وسواء كان الطلاق طلاقاً رجعياً أو بائناً. فإن كانت معتدة من طلاق رجعي حرمت خطبتها، لأنها لم تخرج من عصمة زوجها. وله مراجعتها في أي وقت تشاء.
وإن كانت معتدة من طلاق بائن حرمت خطبتها بطريق التصريح إذ حق الزوج لا يزال متعلقاً بها، وله حق إعادتها بعقد جديد.
وإن كانت معتدة من وفاة يجوز التعريض لخطبتها أثناء العدة دون التصريح؛ لأن صلة الزوجية قد انقطعت بالوفاة، فلم يبق للزوج حق يتعلق بزوجته التي مات عنها. وإنما حرمت خطبتها بالتصريح، رعاية لحزن الزوجة وحدادها من جانب، ومحافظة على شعور أهل الميت وورثته من جانب آخر.
قال تعالى: ]وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ[ (سورة البقرة: الآية 235).
قالت سكينة بنت حنظلة: استأذن عليَّ محمد بن علي ولم تنقض عدتي من مهلك زوجي. فقال: قد عرفت قرابتي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقرابتي من علي، وموضعي في العرب، قلت: غفر الله لك يا أبا جعفر، إنك رجل يؤخذ عنك… تخطبني في عدتي؟.. قال: إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن علي. وقد دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أم سلمة وهي متأيمة من أبي سلمة، فقال: لقد علمتِ أني رسول الله وخيرته، وموضعي في قومي وكانت تلك الخطبة.
6. الخطبة على الخطبة
يحرم على الرجل أن يخطب على خطبة أخيه، لما في ذلك من اعتداء على حق الخاطب الأول، وقد ينجم عن هذا التصرف التباغض والشقاق بين الأسر]إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَر[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 2536).
وتجوز الخطبة لو وقع التصريح بالرد، أو لم يعلم الثاني بخطبة الأول، أو أذن الخاطب الأول للثاني. وإذا خطبها الثاني بعد إجابة الأول وعقد عليها أثم والعقد صحيح .
7. استشارة المخطوبة
يحتم الإسلام استشارة المخطوبة، والالتزام برأيها، في قبول أو رفض من تقدم لخطبتها؛ وكان هذا أمر يحدث لدى شرفاء الناس وسادتهم في العرب قبل الإسلام، مثل ما حدث مع أوس بن حارثة وأبي سفيان بن حرب. وهو الذي استقر عليه الأمر في الإسلام، ومن أمثلة ذلك أن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، كانت له ابنتان من أجمل النساء هما: فاطمة وسكينة. تقدم إليه ابن أخيه (الحسن بن الحسن) يخطب إحداهما فقال له الحسين: يا ابن أخي، قد كنت أنتظر هذا منك، انطلق معي، فخرج حتى أدخله منزله فخيره في بنتيه فاطمة وسكينة، فاختار فاطمة فزوجه إياها. وكان يقال أن امرأة تختار على سكينة لمنقطعة القرين في الحسن، ويقال أنه لما اختار فاطمة قال الحسين: قد اخترتها لك فهي أكثر شبهاً بأمي فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
8. حظر الخلوة بالمخطوبة
يحرم الخلوة بالمخطوبة؛ لأنها محرمة على الخاطب حتى يعقد عليها، ولم يرد الشرع بغير النظر؛ فبقيت على التحريم، ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة ما نهى الله عنه. فإذا وجد محرم جازت الخلوة، لامتناع وقوع المعصية مع حضوره. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ] مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلا يَدْخُلْ الْحَمَّامَ إِلا بِمِئْزَرٍ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَان[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 14124).
9. العدول عن الخطبة وأثره
إن الخطبة مجرد وعد بالزواج، وليست عقداً ملزماً.
ولم يجعل الشارع لإخلاف الوعد عقوبة مادية يجازي بمقتضاها المخلف، وإن عد ذلك خلقاً
ذميماً، ووصفه بأنه من صفات المنافقين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ ]آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 32)، إلا إذا كانت هناك ضرورة ملزمة تقتضي عدم الوفاء.
وما قدمه الخاطب من المهر فله الحق في استرداده؛ لأنه دفع في مقابل الزواج، عوضاً عنه. وما دام الزواج لم يوجد، فإن المهر لا يستحق شيء منه، ويجب رده إلى صاحبه. وأما الهدايا فحكمها حكم الهبة فلا يجوز فيها الرجوع إذا كانت تبرعاً لا لأجل العوض؛ لأن الموهوب له حين قبض العين الموهوبة دخلت في ملكه وجاز له التصرف فيها؛ فرجوع الواهب فيها انتزاع لملكه منه بغير رضاه وهذا باطل شرعاً وعقلاً ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ يَرْفَعَانِ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ قَالَ: ]لاّ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعَ فِيهَا إِلاّ الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَه[ (رواه ابن ماجه، الحديث الرقم 2368).
ثالثاً: زيجات إسلامية شهيرة
حفل التاريخ الإسلامي بقصص زيجات شهيرة صارت مضرباً للأمثال، ومنها:
1. قصة زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلم بعائشة
]عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي فَوَفَى جُمَيْمَةً فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ وَإِنِّي لَأُنْهِجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِين[ (رواه مسلم، كتاب النكاح: الحديث الرقم 2547).
2. قصة زواج علي من فاطمة رضي الله عنها
]عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَمَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي شَيْءٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَعْطِهَا دِرْعَكَ فَأَعْطَاهَا دِرْعَهُ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا[ (أبو داود، كتاب النكاح: الحديث الرقم 1816).
3. قصة زواج عثمان بن عفان من أم كلثوم وذلك بعد عرض عمر حفصة عليه
]عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ شَهِدَ بَدْرًا تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ قَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَقَالَ قَدْ بَدَا لِي أَنْ لا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ ذَكَرَهَا فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا[ (صحيح البخاري، كتاب المغازي: الحديث الرقم 3704).
4. قصة تزويج سعيد بن المسيب ابنته لتلميذه أبي وداعة
كان لدى التابعي المعروف سعيد بن المسيب ابنة تناقل الناس جمالها، وبهاءها، وعلمها ورجاحة عقلها، فبعث إليه الخليفة عبدالملك بن مروان يخطبها إلى ابنه الوليد ولي عهده، فأبى سعيد ورد رسول عبدالملك، وما زال الخليفة يراجع ويلح عليه حتى آل به الحال إلى ضربه. وعجب الناس من رفض سعيد لهذه الخطبة، وصاروا ينتظرون ما يؤول إليه أمر هذه الفتاة.
وكان لسعيد بن المسيب تلميذ يدعى ( أبا وداعة )، قال أبو وداعة ( كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً فلما جئته قال: أين كنت؟ قلت: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال: هلا أخبرتنا فشهدناها. قال: ثم أردت أن أقوم، فقال: هلا أحدثت امرأة غيرها؟ فقلت: يرحمك الله ومن يزوجني، وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة، فقال: إن أنا فعلت تفعل؟، قلت: نعم. ثم حمد الله تعالى وصلى على النبي r وزوجني على درهمين أو قال على ثلاثة، قال: فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر ممن آخذ وأستدين، وصليت المغرب وكنت صائماً، فقدمت عشاي لأفطر وكان خبزاً وزيتاً. وإذا بالباب يقرع، فقلت من هذا؟ قال: سعيد. ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب، فإنه لم ير منذ أربعين سنة إلا ما بين بيته والمسجد، فقمت وخرجت، وإذا بسعيد بن المسيب فظننت أنه قد بدا له ـ أي ظهر له رأي غير الرأي الذي رآه من قبل، أي أنه يريد أن يرجع ـ فقلت: يا أبا محمد هلا أرسلت إليّ فآتيك؟ قال: لا، إنك أحق أن تُؤتى، فقلت: فما تأمرني؟ قال: رأيتك رجلاً عزباً قد تزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك؛ فإذا هي قائمة خلفه في طوله، ثم دفعها في الباب ورد الباب فسقطت المرأة من الحياء. فاستوثقت من الباب ثم صعدت إلى السطح فناديت الجيران فجاؤوني وقالوا: ما شأنك؟ فقلت: زوجني سعيد بن المسيب ابنته وقد جاء بها على غفلة وهاهي في الدار فنزلوا إليها، وبلغ أمي فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها ثلاثة أيام، فأقمت ثلاثاً ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل الناس وأحفظهم لكتاب الله، وأعلمهم بسنة رسول الله r وأعرفهم بحق الزوج. قال: فمكثت شهراً لا يأتيني ولا آتيه. ثم أتيته بعد شهر وهو في حلقته، فسلمت عليه فرد عليّ ولم يكلمني حتى انفض من المسجد، فلما لم يبق غيري. قال: ما حال ذلك الإنسان؟ قلت: هو على ما يحب الصديق، ويكره العدو. قال: إن رابك شيء فالعصا، وفي رواية القضاء، فانصرفت إلى منزلي.
5. قصة زواج القاضي شريح
قال عامر الشعبي: قال شريح بن الحارث: يا شعبي، عليكم بنساء بني تميم، فإنهن النساء! قلت: وكيف ذاك؟ قال: انصرفت من جنازة ذات يوم ظُهراً، فمررت بدور بني تميم، فإذا امرأة جالسة في سقيفة على وسادة وتجاهها جارية، ولها ذؤابة على ظهرها كأحسن من رأيت من الجواري، فاستسقيت ـ وما بي من عطش ـ فقالت: أي الشراب أعجب إليك؟ الماء أم اللبن؟ قلت: أي ذلك تيسر عليكم. قالت: اسقوا الرجل لبناً فإني أخاله غريباً. فلما شربت نظرت إلى الجارية فأعجبتني، فقلت: من هذه؟ قالت: ابنتي، فقلت: وممن؟ قالت: زينب بنت حدير، إحدى نساء بني تميم. قلت: أفارغة أم مشغولة؟ قالت: بل فارغة، قلت: أتزوجينيها؟ قالت: نعم. إن كنت كفئا ولها عم فاقصده.
وانصرفت إلى منزلي لأقيل فيه، فامتنعت مني القائلة؛ فأرسلت إلى إخواني القراء، ووافيت معهم صلاة العصر، فإذا عمها جالس، فقال: أبا أمية: حاجتك قلت: إليك. قال: وما هي؟ قلت: ذكرت لي بنت أخيك زينب، فقال: وما بها عنك رغبة، ثم زوجنيها. وما بلغت منزلي حتى ندمت وقلت: تزوجت إلى أغلظ العرب وأجفاها. ثم هممت بطلاقها، ولكن قلت أجمعها إليّ فإن رأيت ما أحب وإلا طلقتها.
ثم مكثت أياماً حتى أقبل نساؤها يهادينها، ولما أدخلت قلت: يا هذه إن من السنة إذا دخلت المرأة على الرجل أن يصلي ركعتين وتصلي ركعتين، ويسألا الله خير ليلتهما ويتعوذا به من شرها. فتوضأت فإذا هي تتوضأ بوضوئي، وصليت فإذا هي تصلي بصلاتي، ولما قضينا الصلاة قالت لي: إني امرأة غريبة، وأنت رجل غريب، لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما أحب فآتيه، وما تكره فأنزجر عنه، فقلت: قدمت خير مقدم، قدمت على أهل دار، زوجك سيد رجالهم، وأنت سيدة نسائهم، أحب كذا وأكره كذا، وما رأيت من حسنة فأبثثيها، وما رأيت من سيئة فاستريها.
قالت: أخبرني عن أختانك، أتحب أن يزوروك؟ فقلت: إني رجل قاض وما أحب أن يملوني. قالت: فمن تحب من جيرانك يدخل دارك آذن له ومن تكرهه؟ قلت: بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم سوء.
وأقمت عندها ثلاثاً، ثم خرجت إلى مجلس القضاء، فكنت لا أرى يوماً إلا وهو أفضل من الذي قبله، حتى إذا كان رأس الحول دخلت منزلي امرأة عجوز تأمر وتنهى. قلت: يا زينب من هذه؟ قالت: أمي فلانة قلت: حياك الله بالسلام، قالت: أبا أمية، كيف أنت وحالك؟ قلت: بخير، أحمد الله، قالت: أبا أمية، كيف زوجك؟ قلت: كخير امرأة، قالت: إن المرأة لا تُرى في حال أسوأ خلقاً منها في حالتين: إذا حظيت عند زوجها، وإذا ولدت غلاماً، فإن رابك منها ريب فالسوط، فإن الرجال ما حازت ـ والله ـ بيوتهم شراً من الورهاء المتدللة. قلت: أشهد أنها ابنتك، فقد كفيتني الرياضة، وأحسنت الأدب، قالت: أتحب أن يزورك أختانك؟ قلت: متى شاؤوا.
قال شريح: فكانت كل حول تأتينا وتوصي تلك الوصية ثم تنصرف ومكثت مع زينب عشرين عاماً، فما غضبت عليها إلا مرة كنت لها فيها ظالماً.
6. زواج من تايلاند
نقلت إحدى الصحف هذا الخبر"إن حفل الزواج في جنوب تايلاند شرعي جداً يبدأ بتلاوة القرآن الكريم ثم تلقين العروسين الشهادتين. ثم يقرأ كل منهما بعض الآيات في المصحف. وبعد ذلك يصطف الرجال في جانب والنساء في جانب آخر، ويتوجه الجميع إلى الله يقرؤون المعوذتين وآية الكرسي والفاتحة، وبعدها يطلب الجميع من الله أن يرزق العروسين الذرية الصالحة والتوفيق في حياتهما الزوجية".
المصدر:
http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Denia9/ALZwag/sec03.doc_cvt.htm