الاستيلاء على القيادة
يروي البكباشي يوسف صديق:
"كانت الخطة الأصلية تتضمن قيام الكتيبة الثالثة عشرة باحتلال مبنى القيادة القديم، وتكون مقدمة الكتيبة الأولى مدافع ماكينة التي أقودها، احتياطياً للقوة الأساسية المكلفة بمهاجمة رئاسة الجيش وهي الكتيبة الثالثة عشرة، بعد احتلال مبنى قيادة الجيش".
"وعندما توجهت إلى قيادتي، في صباح 22 يوليه، عرفت من أركان حربي، اليوزباشي عبد المجيد شديد، أن الضابط النوبتجي لم ينم في المعسكر، وإن حادثاً قد وقع لأحد الجنود، ففكرت على الفور في استغلال هذا الموقف، حتى يقضي جميع الضباط هذه الليلة بالكتيبة، من دون أن يعلموا بساعة الصفر، حرصاً على زيادة الكتمان والسرية، فعقدت اجتماعاً لضباط الكتيبة قلت فيه: "عقاباً لكم على غياب الضباط ستنامون جميعاً هذه الليلة بالمعسكر، وسأكون معكم حتى لا يتخيل أحدكم أنني سأكون بعيداً في بيتي".
"وفي المساء، كان معي في المعسكر ضباطي وجنودي الستين، وجميع ضباط الكتيبة، الذين كانوا بالقاهرة في فرق تعليمية، منهم محمود حسني عبد القادر وحسن شكري، وكذلك ثلاثة ضباط جدد كانوا متخرجين من المدرسة الحربية، ووصلوا يوم 22 يوليه، لتقديم أنفسهم لأول مرة لمقر الكتيبة، المعينين بها وفضلت إشراكهم في العملية (محمد أحمد علي غنيم ـ جاد ـ محمود عباس عبد الهادي).
وفي ذلك الوقت وصل إلى المعسكر، الصاغ زغلول عبد الرحمن، رسول جمال عبد الناصر، يحمل كلمة السر وهى "نصر"، وساعة الصفر، هي الواحدة صباحاً؛ ولكن فهم أنها الثانية عشر، وحوالي الساعة الحادية عشرة والنصف، اتصلت بالصاغ عبد القادر مهنا، لتجهيز اللواري، وكان يشغل منصب أركان حرب الفرقة الثانية مشاة، ومن الضباط الأحرار، وبقي الصاغ زغلول عبد الرحمن بالمعسكر، حتى موعد التحرك، ولم يعترض حين رآني أتأهب للتحرك".
"كان القول (مقدمة الكتيبة) يتألف من 40 لوري، اللوريات الثلاثة الأولى محملة بالضباط والجنود، والأخرى لا تحمل إلا سائقها، وفي المقدمة، سيارة جيب أجلس فيها، ومعي ضابطان وجنديان وفي مؤخرة القول يسير أركان حرب مقدمة الكتيبة اليوزباشي عبد المجيد شديد، بسيارة حربية وكان يصحبه زغلول عبد الرحمن"[7]. لما بقيت نصف ساعة على ساعة الصفر رأيت أن أجمع الضباط، وأن أبوح لهم بالسر، ثم أمرتهم بالتوجه إلى جنودهم، لإيقاظهم وتوزيع الذخيرة عليهم، وحددت لهم مكاناً للتجمع بجوار اللوري.
وتوجه اليوزباشي عبد المجيد شديد، لاستلام اللواري وعاد يقول أنها جاهزة تحت أمرنا.
ولما اكتمل الجمع، رأيت أن أثير هممهم بكلمة، ألقيتها فيهم خلاصتها أنهم سيقومون اليوم، بعمل وطني خطير وجليل، سيفتخر كل منهم مادام حياً بأنه ساهم فيه، عمل كبير في سبيل الوطن العزيز، وأنني على ثقة تامة، بأنهم أهل لهذا العمل الخطير".
هكذا قرر يوسف صديق التحرك بقواته، قبل الميعاد المحدد لقيام الثورة، وقبل وصول اللواء عبد الرحمن مكي، قائد الفرقة، الذي اتصل به الفريق حسين فريد، وأمره بقطع إجازته، والتوجه، فوراً، إلى مقر القيادة، حتى لا تفسد الخطة ويتعذر عليه التحرك بقواته.
فألقى يوسف صديق القبض على ضابط عظيم محطة هايكستب، البكباشي المعتز بالله الكامل، وأمر ضباطه الأحرار بالخروج بالقوة التي كانت تحت أيديهم، قبل الميعاد فخرجوا.
وتحرك طابور مدافع الماكينة من المعسكر، عند منتصف الليل، وما كادت مقدمة الطابور تجتاز بوابة المعسكر، حتى شوهدت سيارة اللواء عبد الرحمن مكي، قادمة بأقصى سرعة، وما كاد يرى العربات أمامه، حتى أخذ ينادي بصوته الجهوري: "وقف عندك انت وهو"..
واعترض يوسف عربة اللواء عبد الرحمن مكي، بعربته الجيب وفتح السائق عليها النور المبهر، ونزل الضابطان المرافقان ليوسف وهما يصوبان سلاحهما نحو القائد الذي ما كاد يتبين شبح يوسف خلفهما، وكان يعرفه جيداً حتى صاح بصوت، امتزج فيه الخوف بالدهشة: "مين.. يوسف!!".
واستسلم قائد الفرقة، بعد أن رأى الأسلحة مشهرة في وجهه، وكان طلبه الوحيد أن يؤمنوه على حياته، فوعده يوسف بذلك ما دام يطيع الأوامر.
وأدخل يوسف عربة اللواء مكي ضمن عربات الطابور، خلف عربته الجيب مباشرة بعد أن أصدر أوامره بإطلاق النار عليها، إن حاولت الخروج من خط السير.
وفات يوسف أن ينزع عن مقدمتها، علم القيادة ثم استأنف سيره.
ويقول يوسف صديق:
"استأنفنا السير، وأخذت أفكر كيف أمكن للواء مكي أن يمرق، من دون أن يعرف كلمة السر، ولا يعترضه أحد من الأحرار، لمدة خمس أو ست دقائق بعد ساعة الصفر، فضلاً عن أن القول لم يقابل أحداً في الطريق، أي أن الخطة لم تنفذ، وفي أول مصر الجديدة التقى القول بسيارة الأميرالاي عبد الرؤوف عابدين، قائد ثان الفرقة. وكان في طريقه إلى المعسكر، فلما رأى القوة قادمة، نزل من سيارته وتوجه إلى أول لوري، وسأل الضباط الذين كانوا يركبون بجوار السائق، عن وجهتهم فأجابوه بأنهم طوارئ وأشاروا له على سيارة اللواء، التي كانت أمامهم وعندما وصل إلى سيارة اللواء عبد الرحمن مكي، أدى له التحية وحاول الرجوع إلى عربته، ولكن قائد الفرقة سهل الأمر، ففتح باب عربته وأجلسه إلى جانبه.
"ومع أنني كنت أسير في يسر وبساطة، من نصر إلى نصر، لا أدري لماذا أحسست بعد هذا اللقاء الثاني -يقصد لقاءه بالأميرالاي عابدين واعتقاله- بحاجتي الملحة للاتصال بقيادة الأحرار، لعلها تجلي بعض الغموض الذي أسير فيه، تُرى أين يكون جمال الآن؟ أمرت السائق بتغيير اتجاهه إلى اليمين، قبل المكان الصحيح، وتردد السائق، الذي يعرف الطريق مثلي، وربما أكثر، فنهرته بلهجة القائد في المعركة، لا يريد مناقشة، ولا يتحمل تردداً، فصدع للأمر، وما أن دخلت إلى الشارع، الذي انحرفنا إليه، حتى تبينت أنني أخطأت الطريق، وأن السائق كان على حق".
"ولم أكد أصل المكان المناسب، وأهم بتغير اتجاهي، لتصحيح وضعي على الطريق، حتى أخبرني الضابط المراقب للخلف، أن القوة توقفت عن السير.
فترجلت وأسرعت للخلف، ولاحظت أمام اللوري الأول التابع لعربة الأسرى -يقصد هنا عبد الرحمن مكي وعبد الرؤوف عابدين- بعضاً من رجالي، وقد وقفوا من دون أوامر، وترجلوا، وأحاطوا برجلين، ودارت بينهم مناقشة حادة، يعلو صوتها، ويحتد في سكون الليل الرهيب.
كان الرجلان هما جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر"[8].
علم يوسف منصور، من جمال عبد الناصر، أن أمر الحركة قد انكشف للملك، في الإسكندرية، وأنه تم الاتصال بالقيادة في القاهرة، وأن هذه القيادة مجتمعة في مقرها، بمبنى قيادة الجيش بكوبري القبة، لاتخاذ إجراءات عاجلة.
عدل يوسف منصور صديق خطته، بالاتفاق مع جمال عبد الناصر، وبدلاً من أن تكون قوته قوة احتياطية، لسرية الكتيبة 13؛ فقد أصبحت، منذ هذه اللحظة، هي القوة الأساسية المكلفة بواجب اقتحام مبنى رئاسة الجيش، واعتقال الفريق حسين فريد، وكل من معه من القادة.
وأعد يوسف صديق، في خلال طريقه إلى كوبري القبة، الذي لم يستغرق بضع دقائق، خطته للهجوم على مبنى القيادة.
ولم تكد قوة مدافع الماكينة تصل بعرباتها إلى منطقة الكوبري، الذي يواجه المستشفى العسكري العام، حتى فوجئت بوجود تروب من السيارات المدرعة في مواجهتها، وخشي يوسف صديق في بادئ الأمر أن يكون ما اعترضه هو قوة معادية وكاد يحدث اشتباك، بين القوتين، لولا أن تدارك قائد التروب المدرع، الملازم أول فاروق الأنصاري، الموقف، وذكر كلمة السر "نصر"، واتضح أن سلاح الفرسان خصص هذه القوة لمعاونة المشاة في اقتحام مبنى رئاسة الجيش.
وكانت الخطة التي أعدها يوسف صديق للاقتحام، كما ورد في مذكراته، تتميز بالبساطة؛ فقد عين الفصيلة الثالثة لقطع الطريق، عند الكوبري، أمام مستشفى الجيش لمنع تدخل أية قوات، من ناحية مصر الجديدة، كما عين الفصيلة الأولى لقطع الطريق، عند كوبري السيوفي، لمنع تدخل أية قوات من ناحية العباسية.
وقرر يوسف مهاجمة مبنى رئاسة الجيش، على رأس الفصيلة الثانية، ولم يكن لديه، بعد ذلك، أية قوة أخرى ليحتفظ بها كاحتياط، كما هو المفترض، في مثل هذه العمليات.
ووفقاً لمذكرات يوسف صديق، وطبقاً لكل ما نشر من روايات، عن عملية اقتحام الرئاسة، طوال الثلاثين عاماً الماضية.
اتفق الجميع على أن يوسف صديق هو بطل عملية الاقتحام الشجاع وذلك واضح من روايته شخصياً، كالتالي:
"سرت بقوتي نحو مبنى القيادة، ففوجئت بنيران توجه إلينا.
لم يكن، في أرض المعركة، ما نحتمي به من هذه النيران سوى سور من أشجار الدورنتا، لا يكاد ارتفاعه يبلغ المتر، وهو يحمي من النظر ولكن لا يحمى من النيران ـ ولما ردت قوتنا على نيران الحرس بنيران حامية، عرف الحرس أنه أمام قوة تفوقه عدداً؛ فبدأ يتراجع، وبعد لحظات توقفت نيرانه تماماً، فعرفت أن ذخيرته قد نفذت؛ فأمرت بإيقاف النيران، ثم أصدرت أمري إلى قوة الحرس، بأن تلقي بأسلحتها على الأرض، ففعلت، من دون تردد، ثم أمرتها بالاتجاه للخلف، ففعلت، ثم أمرتها بالسير بعيداً عن الأسلحة، فنفذت الأمر، وتركت حراسة عليها، وعلى المدخل، ولم يبق، أمامي، سوى الصعود إلى الطابق العلوي، لمهاجمة الاجتماع.
لم يدم الاشتباك أكثر من دقيقة، أو دقيقتين، على الأكثر، وأسفر عن أربعة قتلى من كل جانب.
وأطفأت الأنوار، في الدور العلوي.
وإطفاء الأنوار يعني المقاومة، تُرى كم عدد ضباط الاجتماع، الذين قرروا المقاومة؟ وما تسليحهم؟
وتلفتُّ فيمن حولي؛ فإذا بهم لا يتجاوزون الخمسة أفراد.
في الواقع أنني أحسست بالفزع يتملكني، وأنا أهم باتخاذ الخطوة الأخيرة، نحو الهدف، خصوصاً بعد أن وضعني القائد في النور، ووضع نفسه في الظلام، وأشفقت على من معي من ذلك المصير المجهول في اللحظة الأخيرة، فكرت أن أزيد من قوتي، على حساب الحراسات في الطابق الأرضي" -كان يوسف صديق قد قسم قواته إلى أقسام مختلفة- وفي هذه اللحظة بالذات، في أحرج لحظة، أرسل الله لي مدداً!
فوجئت بالصاغ "حسن أحمد الدسوقي" على رأس قوة، قوامها نحو العشرين جندياً، ومعه "اليوزباشي عمر علي"، من ضباط الكتيبة الثالثة عشرة.
تقدمت بقلب قد زاد قوة وإيماناً، نحو الهدف الأصلي.
رأى القائد، الفريق حسين فريد، أنه قد أدى واجبه كاملاً، وأنه لا جدوى من المقاومة، فاستسلم.
استسلم في رباطة جأش كاملة.
أضيء النور في الداخل، وفتحت الباب، فخرج القائد، وعلى ثغره ابتسامة رياضية، وحياني بصوته القوي الثابت قائلاً:
ـ سعيدة يا يوسف.
فقلت، في أدب التلميذ أمام أستاذه: سعيدة مبارك يافندم، ويؤسفني أن أؤدي واجبي على هذه الصورة، تفضل".
ارتميت على الدرج، وجلس "حسن الدسوقي" بجانبي، في صمت، ظل فترة، قطعتها بسؤالي:
ـ ولكن كيف علم "زكريا محيي الدين" بوجودي هنا، ولم أقابله تلك الليلة؟
قال: إن زكريا لم يذكر لي أنك هنا، إنما أرسلني لاحتلال القيادة، ولكن الذي أخبرني بأنك مشتبك هنا، هو "عبد الحكيم عامر"، الذي قابلني عند المستشفى العسكري، وقال لي: أسرع لأن يوسف صديق مشتبك مع حرس القيادة، وفي حاجة إلى إمداد سريع.
وهنا يثور تساؤل:
كيف تكون قوة حراسة المجمع العسكري، الذي يضم رئاسة الأركان، وإدارة الجيش، وإدارة العمليات، وإدارة المخابرات، وغيرها، من سبعة أفراد فقط، لاسيما في هذه الليلة، التي تردد فيها، على المبنى، لواءات الأسلحة للاجتماع برئيس الأركان، والذي كان مازال ساهراً في مكتبه؟.
ثم كيف استسلم مائة وعشرون، من أفراد البوليس الحربي، لعشرين يمثلون ثلث السرية المهاجمة، بمجرد إطلاق بعض أعيرة نارية في الهواء؟ حتى بعد أن انضم إلى السرية المدد، الذي أُرسل من مركز تدريب المشاة، وكان يتألف من عشرين آخرين، ثم كيف تُترك البوابة الحديدية للقيادة مفتوحة، في مثل هذه الساعة المتأخرة من الليل؟.
لعل مما يجيب على هذا التساؤل الرواية المقابلة من الصاغ صلاح السيد علي، أركان حرب إدارة الجيش، التي كانت تحتل الطابق الأرضي من المبنى، قال: "وصلت القوة المتحركة، سرية يوسف صديق ودخلت شارع الخليفة المأمون، ومرت أمام مبنى رئاسة الجيش، ثم انحرفت يمينا، في الشارع الجانبي، الموصل إلى كوبري السيوفي، بين رئاسة الجيش والمساحة العسكرية، وأنزلت القوات في هذا الشارع، وشكلت تشكيل الهجوم على المبنى، من الباب الخلفي الخشبي، بدلاً من البوابة الحديدية الرئيسية، وكانت القوة الداخلية للرئاسة تتألف من نحو 150 صف وعسكري.
وكان الضابط العظيم في تلك الليلة، حسن سري، قد أصدر أمره، إلى أقدم الرتب، وهو جاويش مصطفى العدلي، أن يتخذ مواقعه للدفاع؛ فاحتل نحو 60 من أفراد القوة أسطح الغرف الخلفية للمبنى، التي يمكن الإشراف منها على الشارع، وتكون بمثابة مواقع حاكمة".
"ولما كانت المسافة، من أول شارع كوبري السيوفي والبوابة الخشبية، نحو 300 متر؛ لهذا لم تصل القوة المهاجمة إلى البوابة الخشبية، عندما بدأ تبادل إطلاق النار.
وكانت البداية من القوة المهاجمة، مما دعا القوات المحاصرة للرد عليها، وبعد ربع ساعة من الاشتباك، أصُيب أحد أفراد القوة المهاجمة، وهو أمباشي عبدالحليم محمد أحمد، (من منقباد)، إصابة قاتلة؛ فتوقف ضرب النار؛ إذ كان لإصابته تأثير شديد على القوة المهاجمة، وفي خلال ذلك، ظهر الصول محمد شوقي، حكمدار خدمات رئاسة الجيش، في تلك الليلة، فأمر العدلي بوقف إطلاق النار دون أن يرجع، في ذلك، إلى الضابط العظيم.
وعلى أثر ذلك، تمكنت القوة المهاجمة من الاندفاع، واقتحام الباب الخشبي، والدخول إلى فناء القيادة").
"على الفور، اندفع البكباشي يوسف صديق، ومعه حسن الدسوقي، ومحمود عباس، إلى السلم الخلفي وارتقوه إلى الدور العلوي، صوب مكتب الفريق. وبعد تفتيش الدور، تأكد لهم أنه لا يوجد به سوى الفريق حسين فريد، ومعه حسن سري، ثم القائمقام عبد العزيز فتحي، في الغرفة المجاورة، وفي أثناء صعودهم، اعترض طريقهم الأنباشي عطية السيد دراج، (من نهطاي غربية)، من حرس الرئاسة، فأصابه البكباشي يوسف صديق، إصابة قاتلة، فكان ثاني اثنين استشهدا في هذا اليوم، أما عن قوة البوليس الحربي، فكانت تتألف من 60 من الأفراد وقد وصلت بعد أن استسلمت قوة الرئاسة للمهاجمين، ويعني هذا أن اقتحام القيادة ما كان ليتم لولا تدخل الصول شوقي الذي أمر، من دون الرجوع إلى قائده، قوات الرئاسة، التي تقدر بستين من الأفراد المسلحين، المحصنين في أعلى المبنى، بوقف إطلاق النار".
وأيا كان الخلاف في الرواية، فإن البكباشي يوسف صديق كان بطل ليلة 23، بلا منازع.
يقول يوسف صديق:
في الحادية عشرة مساءً، كان قادة الأسلحة، من باشوات الملك، على مائدة واحدة، بمقر قيادة الجيش بكوبري القبة، يضعون خطة قيام ثورة مضادة لثورة الضباط الأحرار، وفي دقائق، انتهى الاجتماع، وانصرف كل قائد إلى مقر قيادته للسيطرة عليه، ومنع الضباط والجنود من التحرك.
وعندما تحركنا، وبعد 80 متراً من الهايكستب، التقينا "اللواء عبد الرحمن مكي باشا"، في الطريق إلينا، وعلى الفور قبضنا عليه، وكانت مفاجأة شديدة له، لو تأخرنا قليلاً، لدخل المعسكر، وقبض علينا.
ومضينا في طريقنا، فالتقينا القائد الثاني "أميرالاي عبد الرؤوف عابدين بك"، وكان يحاول اللحاق بمكي باشا، فقبضنا عليه هو الآخر، وركب بجانب قائده، وفي تلك اللحظة، عرفت أننا نواجه ثورة مضادة يقوم بها الملك وقادته.
ثم وصلنا منطقة "الكربة" بمصر الجديدة، وتوقفت قليلاً فثمة مفاجأة اعترضتني بل وأذهلتني تماماً!.
كان مفروضاً، كما فهمت من جمال عبد الناصر، أنني سألتقي قوات أخرى، تقتحم قيادة الجيش وتسيطر عليها، ثم ننضم لها ندعمها ونؤيدها، وكانت هذه القوات تمثل المدفعية، والدبابات، والكتيبتين [13،17] مشاة، ولكني وجدت مصر الجديدة، حتى مشارف كوبري القبة، صامتة هادئة، يلفها الليل والهدوء، ولا مظهر واحد من مظاهر الثورة.
وتجمدت قليلاً والحيرة تدور برأسي، ثم هداني التفكير إلى الدخول بشارع جانبي، ربما هو شارع السلطان حسين، إذا لم تخني الذاكرة، وفكرت في جمال عبد الناصر، وكيف أعثر عليه، ثم ذهبت إلى مطعم "بالميرا" سعياً وراء التليفون. وعدت إلى رجالي، وسمعت صخباً، في مقدمة اللوريات، وكنت بالخلف، أتحدث إلى الضباط والجنود بشأن التقدم لا التراجع ومهاجمة قيادة الجيش والاستيلاء عليها حتى تصل بقية القوات، وتوقفت على صوت يناديني، وإذا بي أتبين صوت جمال عبد الناصر، فتوجهت إليه فوراً، فرأيت أحد ضباطي وكان برتبة ملازم ثان، "أحمد متولي غنيم"، يحاول القبض على جمال عبد الناصر؛ لأنه برتبة بكباشي، وكانت التعليمات إلي أعطاها لنا جمال عبد الناصر، من قبل، هي القبض على كل ضابط، يحمل رتبة بكباشي فما فوق، ولكن سلامة العمل في الخلايا السرية لتشكيل الضباط الأحرار لم تكن تسمح لكل الضباط بمعرفة جمال عبد الناصر، أو قائد الثورة، حتى ليلة الثورة نفسها.
وشرح لي الوضع، والموقف بأكمله، وعرفت منه أنني جئت بقواتي، مبكراً ساعة عن موعدي، وأن السراي عرفت بالثورة، وأن اجتماعاً مضاداً عقد برئاسة الجيش، ولا يزال "حسين فريد باشا" هناك، بعد أن انصرف أكثر قواده، وقد حملوا أوامرهم بإجهاض الثورة.
ورغم أن الموقف كان يوحي باليأس، بل بفشل الثورة، واحتمال عدم مجيء بقية القوات، أو خروجها في ساعة الصفر، إلا أن ثقته بنفسه وبنا، كانت أكبر من المفاجأة، فتجاوزنا جميعاً تلك المحنة، واتفقنا على التقدم، واقتحام القيادة دون إبطاء".
وتقدمنا جمال عبد الناصر في سيارته الأوستن يضئ لنا الطريق وعلى مسافة كيلو متر من مقر رئاسة الجيش بكوبري القبة توقفنا.
وضعنا خطة فورية كالآتي:
مجموعة أمام المستشفى العسكري العام، مجموعة ثانية أمام كوبري السيوفي، لقطع الطريق، من مصر الجديدة والعباسية، أمام أي قوات مضادة، ومجموعة تهاجم القيادة، وتحتلها، وقد واجهنا، في البداية، وعند المدخل، قوة بوليس حربي كانت قد جاءت لتدعيم وحماية القيادة القديمة، ولما عرفوا بالثورة، قدموا لنا أسلحتهم وانضموا إلى بقية الجنود.
وفي الداخل، دارت معركة بالرشاشات واستشهد جندي من رجالي اسمه "سيد عبد الحليم الشرطي"، وقام النقيب عبد المجيد شديد بتسليم جثمانه إلى أسرته بمنقباد، ثم ظهرت العربات المدرعة، والدبابات، والمدفعية، وتنفسنا جميعاً الصعداء، وأحسسنا بنجاح الثورة، وكنا قد قبضنا على "حسين فريد باشا"، وثلاثة من ضباطه، من بينهم "قائد الطيران شعراوي باشا"، وبناءً على تعليمات جمال عبد الناصر، نقلنا كل القادة القدامى، من المعتقلين، إلى مبنى الكلية الحربية القديم المواجه لرئاسة الجيش، كاعتقال وقتي، وتم التنسيق بين مختلف الأسلحة، وعرفت، ساعتها، أن قوات الثورة استطاعت أن تنتصر على الثورة المضادة، وأن تخرج، في ساعة الصفر، وتشترك بواجباتها، وأن تتجاوز العقبات، والمفاجآت، ولم نهدأ حتى سمعنا صوت أنور السادات، وهو يذيع بيان الثورة الأول.
رواية أنور السادات
وربما كانت أكثر الروايات غرابة، وبعداً عن الحقيقة، هي الرواية التي ذكرها أنور السادات، عن معركة رئاسة الجيش، والتي وردت في كتابه "قصة الثورة كاملة" في الصفحات (98، 102، 103)، يقول: "لم يقل لي عبد الحكيم، في تلك اللحظة، أنه هو الذي قاد معركة رئاسة الجيش، وأنه هو الذي احتلها بجنوده، أو هو الذي قاد الجنود، ثم تقدمهم واقتحم بهم المبنى، وهو يحمل طبنجته تماماً مثلما فعل، ذات يوم في فلسطين، إنه في يوم نيتساليم (بفلسطين) بمسدسه وعساكره خلفه، وفي يوم رئاسة الجيش بمسدسه وعساكره من خلفه.
وانطلقت رصاصات جنود عبد الحكيم عامر حول مبنى رئاسة الجيش وسقطت القلعة المنيعة في ثوان، وبقوادها.
لقد وفر لنا كشف المخابرات لخطتنا وقتاً طيباً، كما وفر علينا جهوداً ضخمة، في الوقت نفسه، بعد أن علم جمال عبد الناصر باجتماع قواد الوحدات، لمواجهة الثورة، وإخمادها، قرر القبض على هؤلاء القادة في مبنى رئاستهم، وبهذا يوفر التنظيم جهوداً ضخمة في الرجال والوقت، كانت ستبذل للقبض على هؤلاء القواد، في منازلهم، كل على حده.
لقد اصطاد جمال عصافير عديدة بحجر واحد. أما الحجر فكان عبارة عن مجموعة من الجنود، فوجئ جمال بهم ليلة الثورة، وهم يتقدمون تحت رئاسة ضابطهم، النقيب محمد شديد نحو مراكز تجميع قوات الضباط الأحرار.
ويعرف جمال أن النقيب شديد جاء بتلك القوة، التي تعمل تحت رئاسته، من تلقاء نفسه وبلا أوامر من أحد، عندما علم بأنباء الثورة؛ فقرر أن يشترك بجنوده في المعركة؛ قبل موعد بدئها بساعة".
"واتُخذ القرار في الحال، بعد وصول قوة الضابط شديد، بأن نتوجه بالقوة نفسها، برئاسة عبد الحكيم عامر وتحتل مبنى رئاسة الجيش، وتلقى القبض على القادة، أثناء اجتماعهم العاجل.
وفعلاً قاد عبد الحكيم عامر، وهو يشهر مسدسه، وتقدم الجنود ثم اقتحم بهم مبنى الرئاسة، وانتصر التنظيم، في المعركة الأولى، وكانت أول معركة حاسمة تكسبها الثورة"!
يقول جمال حماد معلقاً على رواية السادات:
"ولا يحتاج الأمر، إلى عناء كبير، لإثبات مدى بُعد هذه الرواية عن الحقيقة إذ يكفي إغفالها لاسم يوسف منصور صديق، وطمس معالم دوره طمساً تاماً، رغم ما يعلمه الجميع من أنه قائد العملية، بل وبطلها دون منازع.
والذي يستلفت النظر، هو إقحام اسم عبد الحكيم عامر في هذه العملية إقحاماً، لا شك أن عبد الحكيم عامر قد خجل منه، إذ نسبت إليه بطولة لا يستحقها، إذ كيف يرضى أن يُكتب عنه أنه هو، الذي قاد المعركة، وهو يحمل مسدسه، على رأس جنوده واقتحم مبنى الرئاسة، وألقى القبض على حسين فريد، والقادة الذين معه، في الوقت الذي كان فيه عبد الحكيم عامر أول من يعلم، أنه لم يشترك، في هذه المعركة، إطلاقاً؛ لأنه كان واقفاً، مع عبد الناصر، يراقبان الموقف، من موقع مجاور لمبنى رئاسة الجيش، كما أن عبد الحكيم عامر لم يكن يحمل مسدساً، في تلك الليلة، فقد كان مسدسه في مخزن السلاح، برئاسة الفرقة الأولى برفح، التي كان يعمل بها، وكان في القاهرة، وقتئذ، في إجازة ميدان.
أما تلك المجموعة المجهولة من الجنود، التي كان يقودها النقيب محمد شديد، والتي فوجئ جمال عبد الناصر بوصولها إلى مراكز تجمع الضباط الأحرار، والتي أحضرها قائدها، من تلقاء نفسه، وبلا أوامر من أحد، عندما علم بنبأ الثورة فهذه عبارة بعيدة عن الحقائق التاريخية، فإن الضابط، المقصود في العبارة، اسمه النقيب عبد المجيد شديد محمد رضوان، وليس محمد شديد، ولم يحضر هذا الضابط، من تلقاء نفسه، وبلا أوامر، بل جاء ضمن طابور قوة مدافع الماكينة، من الهايكستب، بأمر من قائده يوسف صديق، وكان هدف القوة التقدم إلى مبنى رئاسة الجيش، وليس إلى مراكز تجمع الضباط الأحرار؛ لأنه لم يكن في الخطة ذكر لأية مراكز بهذه الصفة.
تحرك باقي قوات المشاة
كانت قوات المشاة المتوفرة والمضمونة، للقيام بالانقلاب [9]، هي كتيبة المشاة رقم (13)، وكان معظم ضباطها، من تنظيم الضباط الأحرار، وحتى قائدها الرسمي، القائمقام أحمد شوقي، فقد انضم، ليلة الانقلاب، للضباط الأحرار.
وكذلك كانت مقدمة كتيبة مدافع ماكينة، عبارة عن سرية الرئاسة، وسرية أخرى، تحت قيادة يوسف منصور صديق، ومعه النقيب عبدالمجيد شديد. وكلا القوتين كانت من دون سيارات، أو ذخائر كافية، ولذلك فقد تم استكمال احتياجاتهما، من ضباط أحرار خدمة الجيش، بعد غروب شمس يوم 22 يوليه، ومن مركز تدريب المشاة.
قامت قوة سرية يعاونها تروب دبابات، بالتحرك ساعة الصفر، تحت قيادة صلاح سعدة، إلى مبنى سلاح الحدود، في كوبري القبة، لمحاصرته، ومنع أي تحرك منه، خشية إمكان سيطرة اللواء حسين سري عامر مدير السلاح، واستخدامه لقوات الحدود ضد الانقلاب، كما قامت سرية مشاة، بقيادة اليوزباشي عمر محمود علي، ومعه ثلاثة ملازمين، بالتحرك إلى رئاسة أركان حرب الجيش، (بمبنى القيادة العامة)، ولكنه وصل بعد أن تمكن القائمقام يوسف منصور صديق من اقتحامه، وساعد في السيطرة عليه، وبخاصة أن جانباً من المدرعات كان يتعاون معه.
توجهت قوة فصيلة إلى مبنى الإذاعة، وسيطرت عليها، بالتعاون مع قوة المدرعات.
كما قامت سرية أخرى بتوزيع فصائلها على بوابات معسكر العباسية، لمنع دخول، أو خروج، أي أفراد عسكريين، لا ينتمون إلى الضباط الأحرار، وكانت تحركات واستعدادات جنود الكتيبة (13)، بحجة أن الإنجليز يتحركون، من منطقة القناة، وأن الكتيبة مكلفة بواجب دفاعي عن البلاد، وتقبل الجنود هذا التفسير بحماس.
وصلت السيارة الجيب، التي تقل أحمد شوقي، وزكريا محيي الدين وجمال حماد إلى بوابة معسكر العباسية، من ناحية كلية البوليس، فساد الاطمئنان لنجاح الفصيلة المشاة، المعينة من الكتيبة 13، في احتلالها. واتجه أحمد شوقي، بعد ذلك بالعربة، إلى البوابة الرئيسية للمعسكر، وأشد ما كانت دهشة راكبي السيارة، عندما وجدوا رجال البوليس الحربي مازالوا يحتلونها، بقوة كبيرة، أي أن قوة الكتيبة (13)، التي أُرسلت لاحتلالها لم تصل إليها بعد.
ومرت بالضباط الثلاثة، لحظات رهيبة فقد، خشوا إذا هم عادوا بالعربة، أن يثيروا شكوك رجال البوليس الحربي، فيتعرضوا لإطلاق النار عليهم، كما قدروا، إذا هم تابعوا السير، فسوف يتعرضون حتماً لإلقاء القبض عليهم.
وتمهل أحمد شوقي، على مقربة من البوابة، وإذا بالبكباشي حسن عبد الوهاب قائد البوليس الحربي، يتقدم نحو العربة، مبتعداً قليلاً عن رجاله.
وأسرع زكريا في اقتناص الفرصة، التي سنحت أمامه، عندما رأى حسن عبد الوهاب زميله، ودفعته بالكلية الحربية، فصاح بلهجة أخوية، مليئة بالحفاوة والترحيب: "أهلاً يا حسن، أنا زكريا، تعالى اركب معانا".
وتأثر حسن بدعوة زميله الحارة، وسرعان ما وجد نفسه، بحركة لا شعورية واقفاً على سلم العربة، التي انطلق بها أحمد شوقي يسابق الريح.
ومرت السيارة بنطاق البوليس الحربي، من دون أن يعترضها أحد، بعد أن رأوا قائدهم بنفسه واقفاً على سلمها.
وكان قائد البوليس الحربي لا يكف، طوال تحرك السيارة، عن الصياح: "يا اخوانا بس فهموني إيه الموضوع"، ولكن العربة استمرت في سيرها، من دون توقف، حتى وصلت إلى قرب بوابة سلاح الفرسان.
ونزل حسن عبد الوهاب ليفاجأ بركاب السيارة، وليذهله مشهد الدبابات والسيارات المدرعة، التي كانت منتشرة بجوار البوابة.
ولما استفسر منه زكريا عن سر وجوده، في هذه الساعة، عند مدخل معسكر العباسية، أجاب في اضطراب، أنه علم من الفريق حسين فريد، أن هناك دوشة من بعض الضباط الصغار، ولكنه لم يطرأ على باله، أنها بكل هذه القوة والتنظيم، وأنه بناء على الأوامر الصادرة إليه، أرسل قوات كبيرة من البوليس الحربي إلى سراي عابدين، التي كانوا يتوقعون أن تحرك المتمردين سيكون إليها، ولما أحسوا أخيراً، أن الحركة ستكون قريباً من رئاسة الجيش، بكوبري القبة، أصدروا الأمر لقواته بالتوجه، من عابدين إلى مدخل معسكر العباسية، حيث كان واقفاً هناك، في انتظار وصول القوة.
وعندما أبدى حسن عبد الوهاب استعداده للتعاون مع الضباط الأحرار قال له زكريا أن خير معاونة يسديها للحركة هو أن يسرع بالاتصال بقواته في سراي عابدين، ويصدر لها الأمر بالبقاء في مكانها.
ويبدو أن قائد البوليس الحربي أصابته الحيرة، بشأن الموقف الذي يتخذه، والجانب الذي ينضم إليه، فاستقر رأيه على أن أحسن الحلول، هو أن يتوجه إلى بيته، ويبتعد عن جميع هذه المشاكل. ولو كان حسن قد أطاع نصيحة زكريا، وأمر قواته بالبقاء في عابدين، لجنب هذه القوة ما حاق بها، بعد ذلك، حينما تقدمت، بقيادة المقدم عبد الهادي ناصف، في اتجاه رئاسة الجيش، حيث أوقفتها قوة من السيارات المدرعة، بالقرب من بوابة سلاح الفرسان وجردت أفرادها من أسلحتهم، واحتجزتهم أسرى، في عنابر الفرسان.
ولم يغب عن بال زكريا محيي الدين أمر اللواء السابع، الذي كان قائده يعده للقضاء على الحركة، ولا توجد قوة كافية، من المشاة لصده؛ فطلب من ثروت عكاشة، تخصيص وحدة من السيارات المدرعة، لهذا الغرض، على أن تكون جاهزة، في مدى نصف ساعة، للتحرك فوعد ثروت عكاشة بإعدادها في الموعد.
واستمرت السيارة الجيب في طريقها إلى مبنى رئاسة الجيش، حتى وصلت إلى البوابة الرئيسية للمبنى، ونزل الضباط الثلاثة، حيث التقوا بمجموعة كبيرة من الضباط الأحرار، ومنهم جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، والبغدادي وحسن إبراهيم وبعض ضباط قوة مدافع الماكينة. ولم يكادوا يصافحون زملاءهم، حتى شاهدوا الفريق حسين فريد، رئيس هيئة أركان حرب الجيش، يهبط سلم المبنى الرئيسي، في خطوات ثابتة، وبجواره الأميرالاي حمدي هيبة، مدير كلية أركان الحرب، والبكباشي نائب أحكام حسن سري، الضابط العظيم المنوب لرئاسة الجيش، في تلك الليلة، وخلفهم بقليل كان يسير البكباشي، يوسف صديق، وبعض الجنود شاهرين السلاح. وعندما وصل الفريق حسين فريد ورفاقه، إلى الباب الخارجي، اصطف جميع الضباط الأحرار الموجودين، وأدوا له التحية العسكرية، في آخر لحظة من رئاسته، والتفت الفريق حسين فريد إلى الضباط، ورد التحية العسكرية.
يتبع إن شاء الله....