فضل الدعاء والحث عليه
قد وردت نصوص كثيرة في الحث على الدعاء وفضله والترغيب فيه نذكر منها ما يلى:
1 - قال الله تعالى: *وقال ربكم ادعوني أستجب لكم* [سورة غافر آية: 60] فقد أمر الله تعالى بالدعاء وتكفل بالإجابة.
2 - وقال تعالى: *ادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين* [سورة الأعراف آية: 55]
__________________________
*1* تفسير آيات الأحكام للصابوني جزء 1 ص 192.
*2* تفسير ابن كثير جزء 1 ص 218.
*3* المصدر السابق ص 219.
*4* تفسير ابن كثير جزء 1 ص 218.
-------------------------------------
والمعنى:
ادعوا الله تذللاً وسرًا بخشوع وخضوع *إنه لا يحب المعتدين* أي لا يحب المعتدين في الدعاء وغيره.
أي المتجاوزين للحد في كل الأمور، ومن الاعتداء في الدعاء كون العبد يسأل الله مسائل لا تصح له أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء،.
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس: أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا إن الذي تدعون سميع قريب» الحديث.
3 - وقال تعالى: *أمَّن يُجيبُ المضطرَّ إذا دعاهُ ويكشف السوء* [سورة النمل آية: 62].
أي: هل يجيب المضطر الذي أقلقته الكروب وتعسر عليه المطلوب واضطر للخلاص مما هو فيه إلا الله وحده، ومن يكشف السوء -أي البلاء- والشر والنقمة إلا الله وحده.
4 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم* قال «الدعاء هو العبادة» رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
5 – وعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم»، فقال رجل من القوم: إذًا نُكثر، قال: «الله أكثر» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح*1*.
_________________
*1* الصحيح المسند من أسباب النزول ص9.
--------------------------
ثم قال تعالى:
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلهُمْ يَتَّقُونَ* [سورة البقرة آية: 187].
سبب النزول:
روى البخاري عن البراء بن عازب أنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا وكان يعمل بالنخيل في النهار فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها أعندك طعام؟ قالت له: ولكن أنطلق فأطلب لك فكان يومه يعمل فغلبته عيناه فجاءته امرأته فلما رأته قالت خيبت لك فلما انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية *أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ* ففرحوا بها فرحًا شديدًا فنزلت: *وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ**1*.
_____________________
*1* الصحيح المسند من أسباب النزول ص9.
*******************
التفسير:
يقول تعالى ميسرًا على عباده ومبيحًا لهم التمتع بالنساء في ليالي رمضان كما أباح لهم الطعام والشراب: *أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ* الآية.
والرفث:
الجماع ودواعيه وقد كان ذلك من قبل محرمًا عليهم ولكنه تعالى أباح لهم الطعام والشراب والشهوة الجنسية من الاستمتاع بالنساء ليظهر فضله عليهم ورحمته بهم، وقد شبه المرأة باللباس الذي يستر البدن فهي ستر للرجل وسكن له وهو ستر لها.
قال ابن عباس معناه: «هن سكن لكم وأنتم سكن لهن».
وأباح معاشرتهن إلى طلوع الفجر ثم استثنى من عموم إباحة المباشرة مباشرتهن وقت الاعتكاف لأنه وقت تبتل وانقطاع للعبادة ثم ختم تعالى هذه الآيات الكريمة بالتحذير من مخالفة أوامره وارتكاب المحرمات والمعاصي التي هي حدود له وقد بينها لعباده حتى يجتنبوها ويلتزموا بالتمسك بشريعة الله ليكونوا من المتقين*1*.