منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الفصل الرابع تحديد موعد الحركة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل الرابع تحديد موعد الحركة Empty
مُساهمةموضوع: الفصل الرابع تحديد موعد الحركة   الفصل الرابع تحديد موعد الحركة Emptyالخميس 04 يوليو 2013, 5:43 am

الفصل الرابع
الفصل الرابع تحديد موعد الحركة 60014410
تحديد موعد الحركة
        خلال وزارة علي ماهر (تولت في 27 يناير عام 1952 حتى 1 مارس 1952) نشطت عملية إصدار المنشورات؛ فأصدر تنظيم الضباط الأحرار منشوراً يدين فيه سياسة علي ماهر الرامية إلى تصفية الكفاح المسلح، ومطالبته بإلغاء الأحكام العرفية. 
وكان تنظيم الضباط الأحرار قد قرر، من قبل، تأجيل قيام الثورة عامين، على الأقل، عن موعد قيامها (انظر ملحق تشكيل وزارة علي ماهر وكذا وثائق استقالتها).
        وفي الأول من مارس 1952 استقال علي ماهر، وكُلِف أحمد نجيب الهلالي بتشكيل الوزارة. 
وقبل صدور خطاب تشكيل وزارته (أواخر فبراير)، زار جمال عبدالناصر وكمال الدين حسين خالد محيي الدين، في منزله بمصر الجديدة، من دون موعد سابق، وجلس جمال عبدالناصر متوتراً وأفضى لخالد بهواجسه قائلاً: "لابد من التحرك فوراً لأن الهلالي سوف يعطل الدستور، ويحل البرلمان، وأنه سيحرف المعركة الوطنية إلى معركة ضد فساد الحكم، وسوف يؤجل المواجهة مع الإنجليز، ومن ثم فلابد أن نتحرك فوراً بعمل انقلاب قبل تولي نجيب الهلالي الحكم".
        إلا أن خالد محيي الدين طلب من جمال عبدالناصر استطلاع رأي الضباط قبل تقرير أي شئ. 
وذهب جمال عبدالناصر إلى مجموعة المدفعية، وصارحهم برأيه ولكن ضباط المدفعية أكدوا أن عددهم غير كاف للتحرك. 
وكذلك لم تتحمس مجموعة الفرسان لعمل انقلاب يؤدي إلى عودة الوفد للحكم.
        وعندما ألف الهلالي وزارته (انظر ملحق تشكيل وزارة أحمد نجيب الهلالي باشا) أصدر تنظيم الضابط الأحرار منشوراً جاء فيه:
        "توالت مؤامرات الاستعمار الأنجلو ـ أمريكي في الفترة الأخيرة في مصر لمحاولة القضاء على الحركة الوطنية، وصرف أنظار الشعب عن الكفاح المسلح ضد الاستعمار في القناة، إلى المشاكل الداخلية في القاهرة، فبعد أن أعلنت حكومة الوفد قطع المفاوضات وإلغاء المعاهدة، ورفض حلف الشرق الأوسط الرباعي الاستعماري، وتكوين الكتائب الوطنية، وبعد أن اشتدت جذوة الوطنية في البلاد حتى كادت مصر أن تصل إلى حقوقها كاملة، دبر الاستعمار وأذنابه انقلاب 26 يناير الماضي (حريق القاهرة)، وجاءت حكومة علي ماهر، وبدأت المفاوضات من جديد، وكان الاستعمار والخونة المصريون يؤملون كثيراً في علي ماهر، وفي تسليمه تسليماً كاملاً بمطالبهم بقبول الحلف الرباعي، وحل البرلمان واعتقال آلاف الوطنيين واستعمال الأحكام العرفية للتنكيل تنكيلاً واسعاً بالشعب، ولكن خاب رجاؤهم ولم يجبهم علي ماهر إلى كل مطالبهم فكان لابد من انقلاب جديد لتحقيق الأهداف الاستعمارية، لابد من انقلاب جديد وتحويل الحركة إلى الداخل، والقيام بحركة تطهير واسعة بحجة تقوية الصفوف قبل مجابهة الاستعمار. 
وهكذا وصل الهلالي إلى الحكم وأعلن بصراحة أن مهمة وزارته الرئيسية هي التطهير والقضاء على الفساد، وقد تناسى أن الفساد الأكبر مصدره الاستعمار، وأنه لا يمكن القضاء على الفساد الداخلي إلا إذا قضي على أسبابه ومصدره. إن من أهداف الضباط الأحرار الكفاح ضد الفساد بكل مظاهره، وضد الرشوة وضد المحسوبية، وضد استغلال النفوذ، لكننا لا يجب أن نتجه إلى ذلك إلا بعد القضاء على الاستعمار، وإن أي اتجاه غير ذلك هو خيانة وطنية".
        كان الاستعمار يؤمل في أن يتمكن الهلالي من القيام ببعض الإصلاحات الداخلية، في مواجهة الفساد، وتحسين الأوضاع بهدف إعطاء دفعة للنظام ككل، وتمكينه من مواصلة الحياة. لكن الهلالي فشل فشلاً ذريعاً. 
وفي هذه الأثناء، كانت منشورات الضباط الأحرار تتوالى بصورة لافتة للنظر (انظر ملحق منشورات الضباط الأحرار خلال فترة ما قبل الثورة)، وكان الجميع يعلمون بوجود "الضباط الأحرار"، وإزاء فشل الحكم في إصلاح نفسه من داخله، تطلع الإنجليز والأمريكيون إلى محاولة الاتصال "بالضباط الأحرار" وإقامة علاقة ما معهم، فهم إزاء حكم يتداعى، ومن الناحية الأخرى هناك تنظيم قائم ونشيط في القوات المسلحة ويمكنه أن يصل إلى السلطة، فلم لا يتصلون به ليضمنوا حماية مصالحهم، أو حتى قدراً منها؟.
ويذكر خالد محيي الدين في مذكراته
        "كان وجود جمال سالم معنا، في "لجنة القيادة"، قد أضاف عنصراً جديداً، فجمال سالم، بطبيعته، كان معجباً بأمريكا، وقضى هناك فترة للعلاج، على نفقة الدولة، بعد إصابته في حادث سقوط طائرة، وعاد، من أمريكا، معجباً ومبشراً بنظام الحياة فيها، وبدأ ينتقد الإشارة، في منشوراتنا، إلى الاستعمار الأنجلو ـ أمريكي، وطالب باستبعاد "الأمريكي"، والاكتفاء بمهاجمة الإنجليز، فلا فائدة لنا في مناصبة الأمريكان العداء، وسانده جمال عبدالناصر، في ذلك، ثم طالب بأن نرفض "الشيوعية"، باعتبارها خطراً يهدد مصر كذلك، ورفضتُ ذلك بشدة، وبصعوبة أقنعتهم بأن نستمر كما نحن، لكنني بدأت ألاحظ متغيرات مهمة في فكر جمال عبدالناصر، فقد بدأ، في أحاديثه معنا، ينتقد الشيوعية، ويقول إن نظريتها، القائلة بأن العوامل الاقتصادية هي المحرك الأساسي للأحداث السياسية، نظرية خاطئة، وأن الصراع السياسي، في جوهره، هو صراع على السلطة".
ويستطرد خالد محيي الدين
        عندما تحركنا، تحركاً فعلياً، من أجل الإعداد للانقلاب، كانت تساورني أنا، وعديد من ضباط الفرسان، مخاوف حقيقية من إمكانية تدخل القوات الإنجليزية ضدنا، وكنا نناقش هذا الأمر بجدية، وكان ثروت عكاشة هو أكثر من توقف عند هذا الموضوع، طالباً التأني في فعل أي شئ، خوفاً من أن نتحرك فتؤدي حركتنا إلى عودة الإنجليز لاحتلال كامل البلاد من جديد، لكن عبدالناصر كان يتلقى هذه المخاوف بهدوء غريب. 
وعندما اجتمعنا لإنجاز خطط التحرك الفعلي كنا في منزل حسن إبراهيم، وتحدثت طويلاً عن مخاوف ثروت عكاشة من تدخل الإنجليز، وكان جمال عبدالناصر هادئاً وعلق على كلامي بكلمة واحدة هي: "طيب". 
ثم قال إذا كان ثروت عكاشة قلقان بلاش يشتغل، ثم التفت إلى بغدادي وسأله: إيه أخبار علي صبري؟ كانت المرة الأولى التي أسمع فيها هذا الاسم، وسألت: من هو علي صبري؟ وأجاب بغدادي: إنه مدير مخابرات الطيران وهو معنا، وقد أخذ بعثة في أمريكا وهو على علاقة حسنة بالأمريكان، وإنه من خلال علاقته بالملحق الجوي، في السفارة الأمريكية، سمع منه تلميحات بأنه في حالة تحرك الجيش فإنهم سيطلبون من الإنجليز عدم التدخل، إذا كانت الحركة غير شيوعية ولا تهدد مصالحهم. وانتهز بغدادي الفرصة ليعود إلى المطالبة بعدم مهاجمة الأمريكان، وذلك أنه لا داعي لإثارة عداء الأمريكان، وعندما حاولت الرد عليه، قال جمال عبدالناصر: معلهش، بلاش حكاية الأمريكان دي حتى تنجح حركتنا، وبعدها نقول ما نريد، ونفعل ما نريد.
        ثم ألقى جمال عبدالناصر في الاجتماع بقنبلة جديدة فقال إن حسن عشماوي من قادة الإخوان عاود الاتصال به. 
وأبلغه أن الإنجليز يريدون التخلص من الملك فقد أصبح مكشوفاً ومكروهاً من الشعب، ولم يعد قادراً على ضمان مصالحهم، وأنهم يرون أن الشعب لن يقبل باستمرار هذا الملك المنحل والضعيف، ثم قال إن عشماوي أكد له أن الإنجليز طلبوا من الإخوان اغتيال الملك، لكن الإخوان رفضوا خوفاً من عواقب ذلك ضدهم. 
لقد كان حقاً يوم المفاجآت بالنسبة لي.
استمرار توزيع المنشورات
        تواصلت مسيرة الضباط الأحرار وفي كل يوم كانوا يقتربون من نقطة التصادم. 
ففي أوائل أبريل عام 1952 وزع مصطفي كمال صدقي وعبد القادر طه منشوراً هاجما فيه الملك فاروق وشبهاه بأنه مثل الخديوي توفيق الخائن، وشبها حريق القاهرة بمذبحة الإسكندرية أيام الثورة العرابية، وكان مصطفى كمال صدقي معروفاً لدى الملك، فقد كان لفترة من الوقت محسوباً من رجاله (ضمن الحرس الحديدي)، وقرر الملك قتل عبد القادر طه، واغتاله شخص يدعى علي حسنين.
        وأصدر تنظيم الضباط الأحرار في 18 أبريل منشوراً يتهم فيه حسين سري عامر صراحة بأنه مسؤول عن اغتيال عبد القادر طه، ويتهم مرتضى المراغي وزير الداخلية بالتستر على الجريمة. 
وفي هذه الأثناء حاول الوفد أن يمد يده داخل الجيش، فقد قُبض على ضابط وفدي هو حسن علام وهو يطبع منشورات لحساب الوفد في مدرسة المعادي للأسلحة والمهمات، وكان رد الحكم صاعقاً فقد حُدِدَتْ إقامة كل من فؤاد سراج الدين وعبدالفتاح حسن. 
وشعر الضباط الأحرار بأن الملك بدأ يشعر بحركتهم، ولابد من التحرك، وإلا فإن الملك سوف يوجه لهم ضربة قاصمة.
        وفي مايو 1952 عقد التنظيم اجتماعاً في بيت عبدالحكيم عامر بالعباسية، وكان بغدادي متغيباً عن الاجتماعات منذ مدة احتجاجاً على عدم تحرك التنظيم، لكنه حضر هذا الاجتماع قائلاً: لقد أتيت لأنكم قررتم عمل شئ. 
وفي هذا الاجتماع وضع التنظيم خطاً فاصلاً في العلاقة مع عبدالمنعم عبدالرؤوف، فقد عاود الإلحاح على ضرورة الارتباط بالإخوان، ولما رفضنا قال: "بالعربي أنا مرتبط بالإخوان ولن أتركهم"، وقرر التنظيم إبعاده. 
وتم تحديد موعد نهائي للتحرك في نوفمبر 1952.
        وكان السر في اختيار نوفمبر هو شائعات، تواترت للضباط الأحرار، مفادها أن النواب الوفديين ينوون اقتحام البرلمان، وعقد جلساتهم عنوة، إعمالاً لأحكام الدستور، معيدين بذلك تجربة سابقة في العشرينات. 
وكان الملك يدفع الأمور للتصادم بصورة خالية من أي ذكاء، فعندما عقدت الجمعية العمومية الطارئة لنادي الضباط، كان الضباط مشحونين تماماً ضد الملك، وبناء على اقتراح الضابط جمال علام (عضو حدتو، وعضو الضباط الأحرار) وقف المجتمعون خمس دقائق حداداً على الشهيد عبدالقادر طه، وكان ذلك تحدياً صارخاً للملك، ثم واصل الضباط التحدي فصدر قرار، بالإجماع برفض تمثيل سلاح الحدود في مجلس إدارة النادي. 
وهكذا وجه الضباط صفعتين للملك في وقت واحد.
        واستقال الهلالي في 28 يونيه 1952، وجاءت حكومة حسين سري (انظر ملحق وزارة حسين سري باشا أمر ملكي بتشكيل الوزارة وجواب حسين سري باشا) في 2 يوليه 1952، وتوقع الناس تكرار ما حدث في عام 1949، حيث أجرى "حسين سري" انتخابات انتهت بمجيء حكومة للوفد. 
وهكذا توالت الأحداث سريعاً، وفي أواخر يونيه 1952 صدرت الأوامر إلى الكتيبة الثالثة عشر مشاة[1]، بالتحرك من العريش إلى معسكر العباسية بالقاهرة، بعد انتهاء مدة خدمتها في سيناء. 
وكان من المفروض، وفقاً لتنقلات وحدات الجيش، أن تبقى الكتيبة في هذا المعسكر شهرين ريثما تستعد للتحرك إلى السودان، لحل محل كتيبة أخرى انتهت مدة خدمتها بالسودان. 
وكان العرف أن تقوم الكتيبة المنقولة إلى السودان بتسليم جميع معداتها عدا البنادق والرشاشات الخفيفة وذخيرة الخط الأول، وحينما تصل الكتيبة إلى الخرطوم تتسلم معدات الكتيبة، التي ستغيرها، وتعود الكتيبة الأخرى من السودان ببنادقها ورشاشاتها فقط. لذلك صدرت التعليمات لقيادة الكتيبة (13) من رئاسة الجيش بتسليم حملة الكتيبة، وعرباتها المجنزرة، ومدافعها، واحتياطي ذخيرتها.
        فيما يلي سرد للأحداث المهمة ابتداءً من يوم الخميس 10 يوليه 1952، وحتى الثلاثاء 22 يوليه 1952.
الخميس 10 يوليه 1952
        في هذا اليوم استقبل رئيس الوزراء الدكتور حافظ عفيفي باشا، رئيس الديوان، ومعه مذكرة بالقلم الأحمــر (بخط الملك، أو الشماشرجي عزيز) جاء فيها: يُعتبر حيدر باشا (القائد العام) معفياً من منصبه، إذا لم يعمل الآتي في خلال خمسة أيام: (أولاً) حل مجلس إدارة النادي (ثانياً) نقل (12) ضابطاً، ولما ذكر رئيس الديوان أنه لا يعرفهم تساءل حسين سري باشا كيف يمكن مناقشة موضوع عن مجهولين، كذلك اعترف حيدر باشا بأنه لا يعرف أسماء هؤلاء الضباط.
        كان حسين سري باشا على علم بحالة التذمر التي تسود الجيش وذلك عن طريق صهره محمد هاشم باشا الذي كان قد جمعته الصدفة قبل تشكيل الوزارة، بنحو شهر، باللواء محمد نجيب في منزل صديق للطرفين فأفضى بما علمه إلى حسين سري باشا، وعندما دعا الملك حسين سري باشا لتشكيل الوزارة، في الأول من يوليه، تكلم إليه عن خروج حيدر من منصبه ففهم سري أن الهدف هو التمهيد لإسناد منصب القائد العام للفريق حسين فريد، وكذلك منصب رئيس الأركان للواء حسين سري عامر، ولم يعط سري باشا وعدا الملك بل طلب مهلة، فلما شكل حسين سري باشا وزارته في اليوم التالي وضمنها اسم اللواء محمد نجيب وجد اسمه مشطوباً بعد عرضه على الملك، بل كرر سؤال رئيس الوزراء أكثر من مرة عما تم بشأن حيدر باشا الذي رفع مظلمة إلى الملك عن طريق رئيس الديوان.
الاثنين 14 يوليه 1952
        أعلن رئيس الوزراء أن الحالة الاقتصادية بلغت درجة لا يمكن إهمالها لحظة بعد اليوم، كما أعلن أن حكومته متمسكة بالأحكام العرفية لتهدئة الحالة، وتجنب أي احتكاك داخلي.
        في صباح هذا اليوم ذهب القائد العام الفريق محمد حيدر باشا إلى مجلس الوزراء، وأحاطه علماً بأنه نفذ رغبة الملك بحل مجلس إدارة نادي ضباط الجيش، فاعترض حسين سري باشا على تصرفه، ولفت نظره إلى أنه لم يطلب منه حل المجلس، بل طلب دراسة المذكرة الخاصة بالموضوع، فكان رد حيدر باشا بأن هذا اليوم الخامس الذي منحه الملك له لحل موضوع النادي، ومنذ هذه اللحظة بدأ رئيس الوزراء التفكير في الاستقالة بسبب تدخل موظفي القصر في شؤون الحكم.
الثلاثاء 15 يوليه
        استقبل رئيس الوزراء كبار قيادات الجيش وخطبهم ومما قاله: "كنا نعرف اهتمام جلالة القائد الأعلى بالقوات المسلحة في البر والبحر والجو، فأرجو منكم أن تعملوا على الاحتفاظ بالسمعة التي تتمتع بها القوات المحاربة، وأن تحققوا ما يعقده عليكم الوطن، من آمال" وأنهى خطابه بتوصيتهم بالتضافر والتعاون، مستنيرين بخبرة الفريق محمد حيدر باشا القائد العام للقوات المسلحة.
    ويذكر صلاح نصر: "زارني جمال عبد الناصر وعبدالحكيم عامر في منزلي في منتصف يوليه عام 1952 وناقشنا الموقف.. ووصلنا إلى ضرورة القيام بعمل إيجابي والتحرك للاستيلاء على السلطة. 
وسألني جمال عبدالناصر عن مدى استعداد الضباط.. قلت له: أننا جميعاً مستعدون للتحرك".
    تأكد أن اللواء محمد نجيب أعد استقالته كتابة؛ بسبب حل مجلس إدارة النادي، الذي يرأسه والتفكير في نقله كما أشيع قائداً للمنطقة الجنوبية بمنقباد.
الأربعاء 16 يوليه 1952
        شكل اللواء علي نجيب قائد قسم المحروسة (المنطقة المركزية) لجنة لتسلم مفاتيح نادي الضباط بالزمالك تنفيذاً لقرار القائد العام، الأمر الذي أشاع بلبلة بين صفوف القوات المسلحة.
    تأكدت الوزارة من مصادر مختلفة من أن حالة من التذمر والسخط والثورة تسود الجيش، بسبب حادث النادي، ونقل رئيسه بعيداً عن القاهرة، ففي المساء اتصل وزير الداخلية محمد هاشم باشا برئيس الأركان الفريق حسين فريد، باسم رئيس الوزراء، ووزير الحربية، وسأله عما إذا كانت قد صدرت أوامر بنقل اللواء محمد نجيب إلى منقباد، فأجاب بالنفي، فطلب منه هاشم باشا عدم اتخاذ أي إجراء كهذا، إلا بعد الرجوع إلى الوزير، وفي الوقت نفسه استدعى الوزير وكيل المخابرات الحربية (أميرالاي حسن النجار) إلى وزارة الداخلية، وكان في إجازة مرضية، فطلب منه البحث عن مدير المخابرات (لواء أحمد سيف اليزل) الذي حضر إلى منزل الوزير، بعد منتصف الليل، والذي أجاب بأن لا علم له بهذه الأوامر وأن لا صحة للأنباء القائلة بوجود تذمر بالجيش. 
قرر وزير الداخلية الاتصال رأساً باللواء محمد نجيب.
    في المساء نفسه اجتمع بمنزل الصاغ محمد عبدالعزيز هندي عدد من الضباط الأحرار هم: [جمال عبدالناصر، وشمس بدران، وعبد القادر مهنا، وأحمد عبدالرحمن نصير، وجمال القاضي، وزغلول عبدالرحمن، وأقسموا، على المصحف، على الوفاء بما عاهدوا عليه أنفسهم من القيام بالثورة، وأن تكون الشريعة الإسلامية رائدهم، وبعد أن تردد جمال عبدالناصر لحظة (كما يقول الصاغ هندي) وافق وأقسم في النهاية.
الخميس 17 يوليه 1952
        اتصل محمد نجيب بإبراهيم عاطف، وكلفه بتنفيذ التعليمات بالتسليم، وكلفه كذلك بمقابلة شقيقه علي نجيب، بقسم القاهرة. 
وانتشر خبر محاولة حل مجلس الإدارة، بين جميع ضباط الجيش، بسرعة مذهلة، وقابله في النادي يوم 17 يوليه 1952 ومعه اللجنة السابق ذكرها عدا قائد الأسراب علي صبري وتم تسليم أعمال مجلس الإدارة لهذه اللجنة وبذلك تمت إجراءات حل مجلس إدارة نادي ضباط الجيش بتحد سافر من الملك.
        استعرض وزير الداخلية الفرقة البوليسية المدرعة، التي كان قد أمر بتشكيلها وزير الداخلية السابق محمد مرتضى المراغي باشا لقمع المظاهرات، واستوردت أجهزتها من الولايات المتحدة (ويقال أنها منحة منها) وذلك بدعوة من حكمدار العاصمة اللواء أحمد طلعت بك.
        في مساء 17 يوليه 1952 عقدت اللجنة القيادية للضباط الأحرار اجتماعاً عاجلاً، حضره الجميع عدا السادات، وصلاح سالم، وذلك بعد وصول معلومات عن نية الملك حل مجلس إدارة النادي، تحدياً لهم، وعلم كذلك، أن هناك أخباراً تسربت بأن الحكومة سوف تعتقل أي ضابط يعارض قرار الحل، وأقترح سرعة التحرك بالقيام بعدة اغتيالات لشخصيات عسكرية منها،  حسين سري عامر، وحسين فريد رئيس أركان حرب الجيش، وحسن حشمت قائد المدرعات، وكلهم رجال الملك وانصرف المجتمعون على أن يجهزوا أنفسهم لهذه العملية، واقتصر الاجتماع، في اليوم التالي، على مناقشة الخطة والإمكانيات، قبل التنفيذ.
        تم لقاء في ساعة متأخرة من الليل بين وزير الداخلية هاشم باشا، بتكليف من رئيس الوزراء، الذي كان بالإسكندرية، واللواء محمد نجيب، وفي رواية هاشم باشا أن المقابلة تمت يوم 17 ويقول "كانت الثانية بعد منتصف الليل "قلت لنجيب: هل تثق بي؟ قال نجيب: أثق بك. قلت: إذا طلع النهار فوجدت نفسك، أو أي ضابط آخر، قد نُقل، أو فُصل، فإني أرجوك أن لا تنفذوا النقل، ولا تتحركوا إلا إذا جلسنا جلسة أخرى كهذه".
        هذه رواية هاشم باشا وإن المقابلة تمت بعد منتصف يوم 16 أو 17، وإنه في صباح اليوم التالي اتصل تليفونياً برئيس الوزراء في الإسكندرية وأحاطه علماً بكل ما تم فرد حسين سري باشا بأنه سيحاول المحاولة الأخيرة بعرض الطلبات الآتية: فصل اللواء حسين سري عامر فوراً، تعيين اللواء محمد نجيب وزيراً للحربية، تكوين لجنة تطهير في الحربية.
الجمعة 18 يوليه 1952
        في صباح هذا اليوم زار جمال عبد الناصر، وخالد محيي الدين، ثروت عكاشة في منزله، بثكنات العباسية، ليحيطاه علماً بأن الرأي استقر على أن يكون تنفيذ الانقلاب يوم 5 أغسطس بالتحديد، وليس في نوفمبر، كما سبق أن تقرر، في حالة عدم اجتماع البرلمان، في موعده، في نوفمبر، ثم توجه الثلاثة إلى منزل حسين الشافعي، لإبلاغه بموعد الانقلاب، وصلى الجميع صلاة الجمعة، على صوت الراديو، في شرفة الفيلا!.
        بعد ذلك، اجتمعت لجنة القيادة وقد حضر هذا الاجتماع، لأول مرة، القائمقام يوسف منصور صديق، قائد ثاني كتيبة مدافع الماكينة الأولى، وبعد مناقشات طويلة، صُرف النظر كلية عن عمليات الاغتيال. 
واقترح جمال عبدالناصر وضع خطة تفصيلية لبدء التحرك الإيجابي بالسيطرة على القوات المسلحة. 
وحدد الهدف بالاستيلاء على المنطقة العسكرية (رئاسة الجيش)، وتحدد توقيتاً لذلك يوم 2 أو 3 أغسطس عام 1952.
        ويذكر اللواء محمد نجيب في مذكراته: "وكنت على ثقة تامة من أن الشعب والجيش معاً ينتظران حركة تغيير الأوضاع القائمة. 
وكان عجز الوزارات، التي شُكلت، بعد حريق القاهرة، حافزاً لنا على تحقيق خطتنا. 
كنا نلعب لعبة مكشوفة، الكل يلمس أن شيئاً ما يحدث في صفوف الجيش، يعبر عن ذلك انتظام منشورات الضباط الأحرار، ولكن التفاصيل، والأسماء، كانت، إلى حد ما، مجهولة".
        جرت، في مساء هذا اليوم، المقابلة بين هاشم باشا، وزير الداخلية، ممثلاً لرئيس الوزراء، واللواء محمد نجيب، الذي يرويها على النحو التالي:
        "جاء إلى البيت المدعو غرس الدين (وهو مخبر أو كاتب كان يعمل سابقاً مع وكيل الداخلية القيسي باشا، الذي تربطني به علاقة عائلية) وذلك عند الغروب وقال لي: إن هاشم باشا يريد مقابلتك بمنزله، فوافقت وذهبت، في الساعة نفسها، دون طبنجة، ودون احتياط، إلى الزمالك، فلم أجد أحداً سوى شرطي في الخارج، وفتح الباب شخص، لعله مخبر، وانتظرت في غرفة الصالون، حتى الساعة 45, 1 صباحاً بسبب وجوده (أي الوزير) بمجلس الوزراء (مجلس الوزراء انتقل إلى الإسكندرية منذ شهر مايو)، واعتقدت أن هذه قد تكون مؤامرة لاغتيالي، ولم أحضر مسدسي، وجلست بجوار فازة نحاس، قد أضطر لاستخدامها في الدفاع".
        "حضر هاشم باشا، واعتذر، وسأل عن سبب تذمر رجال الجيش، فلم أرد أن أتوسع معه، ولكني أشرت إلى انتخابات النادي، وفشل حملة فلسطين، مما يعلمه الجميع وطلبت إصلاح الفساد، ومنـع التجـارة في الأسلحة، كما أشرت إلى أن الملك سحب إعانـة النادي، ولمَّحت له بأن سبق أن عُرض علي منصب وكيل وزارة الحربية (والمقصود كان إبعادي من الجيش). 
وسألني، (أي هاشم): ما رأيك في منصب وزير حربية. فضحكت. وقلت: إنني سأكون سبباً في إقالة الوزارة بعد 24 ساعة (حيث أنني وهاشم من رجال الحقوق؟)".
        "وكان رفضي في الحقيقة مستنداً إلى شعوري بأنهم يقومون بمناورة لإبعادي عن الجيش. 
وخلال هذا الحديث الذي امتد حتى الثانية بعد منتصف الليل، أبلغني هاشم باشا، بطريقة عابرة، أن هناك قائمة بأسماء (12) شخصاً عرفت الجهات المسؤولة أسماء ثمانية منهم، ثم لم يشأ أن يصرح بشيء. 
وأبديت له عدم الاكتراث بمثل هذا الحديث، مؤكداً له أن هناك شعوراً عاماً وجارفاً، في صفوف الجيش، ضد كثير من تصرفات رجال السرايَّ. 
وأثناء عودتي إلى منزلي في الزيتون، وكان ليل القاهرة هادئاً صافياً استرجعت ما دار من حديث، وأدركت أن الموقف خطير".
السبت 19 يوليه 1952
        يذكر اللواء محمد نجيب: "وفي صباح هذا اليوم، وقبل أن أخرج من المنزل، حضر الصاغ جلال ندا، الضابط السابق، الذي كان يعمل محرراً عسكرياً بدار أخبار اليوم، ومعه محمد حسنين هيكل رئيس تحرير آخر ساعة (وقتئذ)، لسؤالي عما تم في مقابلتي مع محمد هاشم باشا وزير الداخلية. 
واستبدت بي الدهشة عن سر معرفة المقابلة. وأثناء جلستنا، فوجئت بحضور جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر على غير موعد، ولما وضح، من حركتهما، أنهما يريدان أن يسرّا إليّ بشيء ما أخذتهما من الصالون إلى غرفة الطعام المجاورة، ولكن بعد أن طلب هيكل أن أقدمه لهما، وكان لقاءه الأول لهما، وفي هذه الجلسة تحدد موعد الثورة".
        "كان جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر يريدان أن تكون الحركة يوم 4 أغسطس لسببين:
        أولهما: اكتمال وصول الكتيبة 13 مشاة إلى القاهرة، في حركة التنقلات العادية.
        وثانيهما: هو أن يكون الضباط قد حصلوا على مرتباتهم في أول الشهر. 
ورفضت السببين، فإن القوات، التي كانت معنا، تعد كافية لإنجاز مهمتنا، وليس هناك مبرر للتأجيل من أجل استلام المرتبات. 
وحسمت الأمر بتوضيح الخطر، الذي يهددنا جميعاً، والذي لمح له وزير الداخلية، في جلستي معه الليلة الماضية. 
واتفقنا على أن تحركنا يجب أن يتم، خلال أيام محدودة، حتى نحقق عنصر المفاجأة". 
وفور سماع جمال عبدالناصر، وعبدالحكيم عامر، قصة قائمة الضباط الاثنى عشر، دُعيت لجنة القيادة إلى اجتماع لتقرير التحرك الفوري".
سباق مع الزمن
        وتقرر أن تكون الحركة ليلة 21 يوليه، ثم تأجلت يوماً، لإبلاغ أكبر عدد من الضباط الأحرار، وتجهيز الوحدات، وإبلاغ المناطق الخارجية. 
يقول البغدادي: أي حتى منتصف ليلة 22/23 يوليه، ليتم استكمال دراسة  الخطة التفصيلية للتنفيذ، وتحديد مهمة كل وحدة، من الوحدات العسكرية، التي ستساهم بدور في الانقلاب، ودور كل ضابط سيشترك بها. 
وكذا لإبلاغ جمال سالم، وصلاح سالم، ومحمد أنور السادات، الموجودين بمنطقة العريش ورفح، بالموعد الذي حددناه للتنفيذ، وحتى تتاح لهم الفرصة كذلك لإعداد أنفسهم، في منطقتهم، والتنبيه عليهم بعدم التحرك، إلا بعد أن نكون قد تحركنا في القاهرة، وحققنا، بنجاح، الخطوة الأولى. 
وأنه سيتم إخطارهم تليفونياً بذكر كلمة السر، والتي كنا قد اتفقنا عليها وهي كلمة (نصر)، وسافر إليهم حسن إبراهيم، يوم 19 يوليه، بالطائرة، ليطلعهم على الموقف، وما قررناه ودورهم. 
ولإبلاغ محمد أنور السادات، كذلك، بالنزول إلى القاهرة، قبل الموعد المحدد للتنفيذ، ليشترك معنا، عند التحرك، وليقوم بالدور الذي كان قد حُدد له في الخطة. 
وهو العمل على تعطيل شبكة التليفونات الموصلة بين القيادة العسكرية ووحدات الجيش المختلفة، ثم يعاد تشغيلها لصالحنا، والاستفادة بها".
        وفي هذا اليوم، 19 يوليه، اجتمعنا لمناقشة الخطوط الأساسية لخطة الانقلاب. 
وكان وجود (80.000) جندي بريطاني، في منطقة قناة السويس، يشغل بالنا وتفكيرنا باستمرار، خشية تدخلهم عسكرياً عندما نتحرك، ولكن لم يكن أمامنا من مفر غير قبول هذا الخطر، وإلا جمدنا موقفنا حتى يتم جلاؤهم عن بلادنا. 
وموعد جلائهم غير معروف ولا محدد. 
والموقف والظروف، التي يمر بها وطننا، لا تتحمل هذا التأجيل غير المحدد. 
ورأينا أن نضع في اعتبارنا، عند وضع خططنا التفصيلية، احتمال هذا التدخل منهم. 
وأن نحسب حسابه. 
وأن نعد أنفسنا له وذلك بالتصدي لهم بقوات عسكرية، عند مدخل القاهرة الشرقي، وأن نعمل على التعاون مع المنظمات الشعبية، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، لمقاومة هذا التدخل منهم، لو حدث".


الفصل الرابع تحديد موعد الحركة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الفصل الرابع تحديد موعد الحركة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الرابع تحديد موعد الحركة   الفصل الرابع تحديد موعد الحركة Emptyالخميس 04 يوليو 2013, 5:45 am

الخطــــة
يقول البغدادي: "وكانت خطة الانقلاب قد بنيت أساساً على ثلاث مراحل (انظر ملحق خريطة المنطقة التي شبَّت فيها ثورة 23 يوليه)
1. المرحلة الأولى منها
هي العمل على السيطرة على القوات المسلحة، بالاستيلاء، أولاً، على مبنى القيادة العسكرية، بمنطقة كوبري القبة. 
وعلى أن يقوم باقتحامها والاستيلاء عليها بعض من أعضاء اللجنة التأسيسية وهم: جمال عبد الناصر، عبدالحكيم عامر، حسن إبراهيم، البغدادي. 
ويعاونهم في ذلك إحدى الوحدات العسكرية. 
ويعمل، في الوقت نفسه، على اعتقال بعض كبار ضباط الجيش والطيران، من قيادات الأسلحة المختلفة، حتى نضمن بذلك عدم إمكانية تحريك قوات عسكرية للتصدي لنا. 
ويقوم بتنفيذ عملية الاعتقال مجموعات من الضباط، محددة لهذا الغرض. 
وتقوم وحدات عسكرية، من سلاح المدفعية، بالسيطرة على مداخل القاهرة الشرقية، وكذا الطرق داخل مدينة القاهرة الموصلة إلى مبنى القيادة العسكرية بكوبري القبة. 
والطرق الموصلة، كذلك، إلى وحدات الجيش المختلفة، والتي تتمركز أساساً في شرق وجنوب القاهرة. 
ويعاون سلاح المدفعية في هذا وحدات من سلاح الفرسان بدباباتهم وسياراتهم المصفحة، والقيام كذلك بمحاصرة قصر عابدين، مقر الملك، وكان كمال الدين حسين مسؤولاً، مع عبدالمنعم أمين، عن تحريك قوات المدفعية، يعاونهما، في ذلك، مجموعة ضباط منهم: مصطفي مراد، أحمد أبو الفضل الجيزاوي، فتح الله رفعت، محسن عبد الخالق، محمد حمدي محمود. 
وأما سلاح الفرسان فكانت تقع مسؤولية تحركه على كل من: خالد محيي الدين، حسين الشافعي، ثروت عكاشة، وقد حدد دور وحدات المشاة كذلك في الخطة.
أما سلاح الطيران فكانت السيطرة ستتم على مطاراته الثلاثة الرئيسية حول القاهرة (ألماظة، مصر الجديدة، غرب القاهرة) ليلة 23 يوليه، وعلى أن يبدأ دور الطائرات، واستخدامها، في صباح يوم 23 يوليه، للطيران فوق القاهرة والإسكندرية، ومنع الملك فاروق من الهروب، عن طريق الجو، أو البحر، مع استخدام القوة، لو حاول ذلك.
وعلى القوات الجوية، كذلك، أن تقوم بعمليات استكشاف لتحركات أية قوات بريطانية، والتصدي لها، عند أي بادرة منها للعمل ضدنا، وهذه المسؤولية كانت تقع على عاتق البغدادي، وحسن إبراهيم، وبعض ضباط آخرين، منهم عمر الجمال، ومحمد شوكت، ووجيه أباظة، وصادق القرموطي، وحمدي أبو زيد، وغيرهم. 
ويُضاف إلى هذا، في الخطة، ضرورة قيام وحدات من المشاة بالسيطرة على محطة الإذاعة، وشبكة التليفونات، حتى يمكن لنا مخاطبة الشعب، عن طريق الإذاعة، بإلقاء بيان عن قيام الانقلاب وأهدافه. 
وحُدد موعد إذاعة البيان الساعة السابعة من صباح يوم 23 يوليه. 
أما عن شل شبكة التليفونات، فكانت تقع مسؤوليتها على عاتق محمد أنور السادات، أثناء المرحلة الأولى من الخطة.
وكانت هذه المرحلة من الخطة من أهم مراحلها الثلاث. 
ونجاحها يساعد على نجاح المرحلتين التاليتين لها. 
وبنجاحها سيتم لنا السيطرة على القوات المسلحة. 
وتلك السيطرة لها أهميتها القصوى.
2.  المرحلة الثانية
تتلخص في العمل على السيطرة على جهاز الحكومة المدني، وذلك عن طريق تعيين وزارة مدنية، نضمن ثقة الشعب فيها، وولاءها كذلك للانقلاب.
3.  المرحلة الثالثة
تتلخص في التخلص من الملك نفسه. 
وكان لابد من أن نعمل على إخفاء هذا الغرض الأخير، حتى آخر لحظة، قبل اتخاذ الخطوات التنفيذية لهذا، خوفاً من أن يكون ذلك مبرراً للقوات البريطانية للتدخل. 
أو أن يلجأ، هو نفسه، إليها، طالباً منها التدخل لحمايته. 
وما يترتب على هذا التدخل منها من أخطار، نحاول، بقدر استطاعتنا العمل على تفاديها، وتجنبها.
تلك كانت الخطوط العريضة والأساسية لتنفيذ الانقلاب، وقد وُضع لها خطة تفصيلية. 
وكان قد اُتفق على أن يقوم بوضعها كل من جمال عبدالناصر، وكمال الدين حسين، وعبدالحكيم عامر، وعلى أن نجتمع الساعة الثانية، بعد ظهر يوم 22 يوليه، في منزل خالد محيي الدين لاستعراضها، بصورتها النهائية. 
وحتى يلم كل منا بدوره، ودور الوحدات التابعة له. 
وعلى كل منا، بعد ذلك، أن يقوم بترتيب الدور المسؤول منه مع ضباطه ووحداته. 
وعلى ألا تصدر إليهم الأوامر النهائية، والتفصيلية، للبدء في التنفيذ، قبل الساعة الثامنة من مساء يوم 22 يوليه، ضماناً للسرية، وعدم تسرب أية معلومات عنها للمسؤولين، وحتى يكون الوقت المتبقي، على بداية التنفيذ، ساعات قليلة لا تسمح باتخاذ إجراءات تحريك قوات مضادة لإحباط مهمتنا، إن تسرب الخبر، وكان من الضروري وجود الضباط، الذين سيوكل إليهم تنفيذ الخطة، يوم 22 يوليه في الساعة الثامنة مساء. 
وفي مكان محدد حتى يمكن إبلاغهم بالقرار، ودورهم التفصيلي. 
لذا فقد سبق واتفقنا، مع جميع الضباط الأحرار، على ضرورة استعدادهم، وإعداد وحداتهم، ولكن من دون أن نذكر لهم أية تفصيلات عن نياتنا وأهدافنا. 
واقتصر الأمر على ضرورة وجودهم، بمنازلهم، ويومياً، قبل الساعة الثامنة مساءاً، وذلك ابتداءً من يوم 21 يوليه حتى يمكن الاتصال بهم.
الأحد 20 يوليه
        قدم حسين سري باشا استقالته، بعد 18 يوماً من الحكم، وقد سلم رئيس الوزراء كتاب الاستقالة، في بيته، إلى رئيس الديوان، الدكتور حافظ عفيفي باشا، وسبق تقديم الاستقالة، مقابلة رئيس الوزراء للقائد العام للجيش، الفريق محمد حيدر، وكان سري باشا قد صرح بأن الموقف خطير وتذمر الجيش قد يتحول إلى ثورة، ولكن لم تُقبـل الاستقالة، ولم يجـر ترشيح رئيس لتأليف وزارة جديدة، وقد هاجم الأستاذ عباس محمود العقاد مقابلة سري باشا للسفير الأمريكي والتفكير في عقد معاهدة مصرية أمريكية حتى لا تكون قيداً للأقوياء على الضعفاء.
اجتماع لجنة القيادة (اللجنة التأسيسية):
        في اجتماع لجنة القيادة، حكى جمال عبدالناصر ما قاله له اللواء محمد نجيب عن قصة قائمة الإثنى عشر ضابطاً، ثم حكى حكاية أخرى، وهي أن ثروت عكاشة أبلغه أن أحمد أبوالفتح اتصل به، من الإسكندرية، ليبلغه تليفونياً أن حكومة حسين سري باشا ستُقصى عن الحكم، وأن الهلالي سوف يشكل وزارة جديدة، وسيكون وزير الحربية فيها حسين سري عامر، العدو اللدود لحركتنا، وأفهمه، بصورة ملتوية، ضرورة عمل شيء قبل أن يقبضوا علينا.
ويذكر خالد محيي الدين
        "تطابقت الروايتان وعززت كل منهما الأخرى، فتولي حسين سري عامر وزارة الحربية يعني الهجوم المباشر علينا وفوراً. وقررنا أن نتحرك فوراً خلال 48 ساعة.. وتحددت ليلة 22 يوليه موعداً للعملية. 
وأسرعنا إلى ضباطنا لنبلغهم بالاستعداد للتحرك ليلة 22 يوليه، وكم دهشت إذ تفجرت مشاعرهم بحماس دافق، وروح لا تهاب المخاطر. 
ولكن يأتي يوم 21 يوليه ليبلغنا جمال عبدالناصر أنه يرى التأجيل ليلة أخرى انتظاراً لحشد قوات أكبر. 
وأحسست بما انتاب الضباط من فتور عندما أبلغتهم بالتأجيل، وقررت في دخيلة نفسي أن يكون هذا هو آخر تأجيل. 
وتحددت ليلة 23 يوليه كموعد نهائي.
        أُعلنت حالة الطوارئ، ابتداءً من الساعة السابعة مساءً إلى صباح اليوم التالي.
        اجتمع جمال عبدالناصر، للمرة الثانية، بممثل جماعة الإخوان، بعد يومين من الاجتماع الموسع، الذي حضره خمسة من الجماعة، في شأن معاونة الجماعة في حماية المرافق العامة، عند قيام الحركة.
        وفي مساء يوم 20 يوليه عقد اجتماع موسع في منزل الصاغ صلاح نصر رقم 20 شارع الدويدار بحدائق القبة، حضرة ما يزيد على خمسة عشر ضابطاً من التنظيم منهم جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر ويوسف منصور صديق وزكريا محيي الدين وصلاح سعده وعمر محمود وبعض ضباط الكتيبة الثالثة عشر من التنظيم وصلاح نصر.
     وشرح جمال عبدالناصر الموقف العام وقال: 
إن نسبة النجاح ضئيلة جداً فالملك متربص بنا، والإنجليز في منطقة قناة السويس قد يتدخلون لضرب الثورة، وأمريكا قد تتدخل بجانب الملك.
وقد يحدث تدخل من بعض وحدات الجيش، ولكن لابد أن نتحرك. 
واستطرد جمال عبدالناصر يقول: حتى لو أخفقنا وأعدمنا الملك، فإننا نكون قد مهدنا السبيل لغيرنا كي يعرفوا طريق الثورة. 
ثم شرح جمال عبد الناصر دور الكتيبة الثالثة عشر.
على أن ثمة حادثاً كاد يفشي هذا الاجتماع، إذ كان يقطن في منزل قريب من منزل الصاغ صلاح نصر ضابط برتبة الصاغ يدعى محمود الجوهري ولم يكن ينتمي إلى التنظيم. 
ويبدو أنه رأى بعض الضباط الذين كانوا مجتمعين لدى صلاح نصر. 
وبعد انصرافهم مر عليه يسأله: مَن الذي كان عندك؟ فقال له: لقد كنت أعرض سيارتي الخاصة للبيع، وحضر من يريد شراءها لمعاينتها. 
وتقرر عقد اجتماع عصر يوم 22 يوليه في بيت الصاغ صلاح نصر.
الاثنين 21 يوليه عام 1952
        كُلف الهلالي باشا بتأليف الوزارة بعد أن أكد له رئيس الديوان الدكتور حافظ باشا عفيفي بأن الملك سيلتزم بحدود الدستور ولا يمكن غير المسؤولين من شؤون الحكم، فعكف الهلالي بعد تناول الغداء بمنزل محمد فريد زعلوك باشا (وزير الدعاية في وزارته السابقة) على تحديد شروط قبول الوزارة الحكم واختيار أعضائها.
ـ أعلنت حالة الطوارئ في الإسكندرية في الساعة الثامنة مساءً حتى الصباح. 
ويذكر اللواء محمد نجيب: "وكانت دهشتي بالغة عندما أذيعت أنباء استقالة وزارة حسين سري باشا وعودة نجيب الهلالي. 
ولم أكن أعتقد أن أمور السلطة قد وصلت إلى هذا الحد من الاهتزاز. 
ووصلتني أخبار مؤكدة بأن الملك أراد أن يفرض حسين سري عامر وزيراً للحربية ولكن نجيب الهلالي لم يوافق، فقرر تعيين صهره زوج الأميرة فوزية الأميرالاي إسماعيل شرين، وكان يعمل مديراً لشؤون فلسطين تحت رئاستي بسلاح الحدود وكان يعاونه البكباشي محمود رياض".
ـ عقد اجتماع ثالث، بين جمال عبد الناصر وممثلي جماعة الإخوان، بمنزل عبدالقادر حلمي حضره صالح أبو رقيق وحسن العشماوي وفريد عبدالخالق وصلاح شادي، وأعلنوا موافقة المرشد العام على معاونة الحركة، عند قيامها، مع تحفظات معينة.
ـ في الساعة العاشرة والنصف مساءً ذهب لزيارة البكباشي عبدالمنعم أمين، في شقته على شارع النيل بالجيزة، كل من جمال عبدالناصر جمال الدين حسين، وكان الأخير قد اتصل به تليفونياً بهذا الخصوص، وكان عبدالمنعم أمين، في هذا التاريخ، قائداً ثانياً للمدفعية المضادة للطائرات، ومقره العباسية.
وقال جمال له: "الحالة في البلد أصبحت سيئة لدرجة لا تحتمل الانتظار أكثر من ذلك، وبحثنا في التنظيم فوجدنا أن هذا الوقت أنسب ما يكون للقيام بحركة لتغيير الأوضاع، وانتهت المقابلة في الثانية صباحاً، بالموافقة على الاشتراك في الحركة من الغد".
ـ  تعددت اجتماعات الضباط الأحرار، طوال هذا اليوم، ففي الصباح اتصل جمال عبدالناصر بثروت عكاشة، في مكتبه الواقع بالمبنى نفسه للاطمئنان، على مدى الاستعدادات، وفي سلاح المدفعية، قام اليوزباشي محمد أبو الفضل الجيزاوي بتجميع أكبر عدد من الضباط، بعد الظهر، وكانوا نحو ثلاثين للتحكم في مداخل المنطقة العسكرية، والسيطرة على ألماظة، وإعداد عربات من خدمة الجيش لنقل الجنود، وعقد اجتماع للمشاة، في أحد منازل الضباط، حضره عبدالحكيم عامر، وكمال رفعت، وعبدالحليم عبدالعال، وإسماعيل فريد وعباس رضوان، لتوزيع الواجبات عليهم، حيث أنهم كانوا يمثلون مجموعة الانتقالات، وهي التي عُهد إليها باعتقال كبار الضباط بالكلية الحربية، كما عقد اجتماع لضباط الفرسان، في منزل حسين الشافعي، لتدوين كشوف بأسماء الضباط المشتركين في العملية، ووحداتهم، واستبعاد المشكوك فيهم، واشترك في الاجتماع حسين الشافعي، وثروت عكاشة، وعثمان فوزي.
ـ زار جمال عبدالناصر، ومعه عبدالحكيم عامر، البكباشي يوسف منصور صديق، في منزله، بحلمية الزيتون ونصحاه بعدم الاشتراك في العمل، مراعاة لحالته الصحية، لأنه كان مريضاً يعاني نزيفاً في الرئة اليمنى. 
إلا أن يوسف منصور صمم على الاشتراك وأبلغهما أن قواته على استعداد للتحرك وعرف من جمال عبدالناصر أنه سيرسل له برسول يبلغه بساعة الصفر.
يقول يوسف منصور: 
"وكان واجبنا نحن الضباط، وجنود مقدمة كتيبة مدافع الماكينة المشاة، تتلخص في الآتي:
    نتوجه إلى المعسكر، مساء يوم 22 يوليه، ونبقى هناك حتى تصلنا الأوامر النهائية، التي تُحمل إلينا والخاصة بكلمة السر، وساعة الصفر.
    عند حلول ساعة الصفر، نتحرك إلى مبنى القيادة العامة، حيث نصلها، بعد احتلالها، بقوات الأحرار ـ هذه نقطة مهمة أي أن قوات يوسف صديق لم تكن هي المنوط بها احتلال مبنى القيادة العامة.
    وكان علينا أن نصحب معنا عشرين لوري، سيقوم الضابط المسؤول عنها في قيادة الفرقة الثانية، بمعسكر "هايكستب"، بتسليمها لي عند طلبي، لتكون في خدمة الثورة، وكانت هذه اللواري خالية إلا من سائقيها".
        وواضح أن العملية المسندة إلى البكباشي يوسف منصور صديق كانت عملية هامشية. 
وهي المشاركة في قفل الطرق المؤدية إلى جميع المعسكرات والثكنات لمنع تسرب أي ضابط من غير الأحرار إلى الوحدات، والمشاركة في عدم السماح لأية قوات غير قوات الأحرار بالتحرك، وذلك لتتمكن قوات الأحرار من استمرار احتلال القيادة العامة والإذاعة. 
وكان يوسف صديق مسؤولاً عن نشاط مقدمة كتيبة مدافع الماكينة في تنظيم الضباط الأحرار.
        ويحدثنا البكباشي يوسف منصور صديق في مذكراته عن قوة كتيبة مدافع الماكينة الأولى المشاة: 
"تشمل هذه الكتيبة قوة نيران رهيبة فقد كان تسليحها يشمل 48 مدفع ماكينة والمدفع الواحد من هذه المدافع يطلق نيراناً بمعدل 600 طلقة في الدقيقة الواحدة. 
وكان الملازم مدبولي أحمد عبدالعزيز قد انتهز فرصة وجودنا بالعريش وتفرغ بكل طاقاته لجعل الحملات المدرعة التي تتحرك عليها هذه المدافع على خير حال".
        وشاء الحظ أن تحرم حركة الضباط الأحرار من هذه الكتيبة ليلة 23 يوليه وأن تشارك فيها فقط مقدمة الكتيبة. 
وطبيعة عمل مقدمة الكتيبة يوضحها البكباشي يوسف منصور في مذكراته بقوله: 
"في يوم 13 يوليه تحركت على رأس مقدمة كتيبة إلى القاهرة ـومقدمة الكتيبة في مثل هذه التحركات تتشكل مما يمكن تسميته بقوة إداريةـ فهي تسبق الكتيبة إلى مقرها الجديد لتهيئ لها أسباب الإعاشة في هذا المقر وتقوم باستلام المعسكر الجديد والتموين وكان اليوزباشي عبدالحميد شديد هو قائد ثاني هذه المقدمة، وكان يوم 26 يوليه 1952 هو اليوم المحدد لوصول الكتيبة".
الثلاثاء 22 يوليه 1952
ـ أصبح مقرراً أن يبدأ التحرك  في منتصف الليل، وأطلق على الحركة الاسم الكودي مصر ثم اسم نصر.
ـ في الساعة الرابعة بعد الظهر، حلفت الوزارة الجديدة، برياسة أحمد نجيب الهلالي باشا، اليمين الدستورية، أمام الملك بقصر المنتزه، وتولى منصب وزير الحربية، المختلف عليه، إسماعيل شرين بك، زوج الأميرة فوزية. 
وتضمن النطق الملكي قوله: 
"إن شاء الله تتم الوزارة ما بدأته من قبل من أعمال وأن تمضي في خدمة البلاد بما يعود عليها بالخير".
ـ عقدت في هذا اليوم المحكمة العسكرية للنظر في قضية التحريض على حريق القاهرة، وكان، بين الشهود، الذين حضروا الجلسة، رئيس الوزارة السابق علي ماهر باشا، وهي آخر جلسة للمحكمة قبل ليلة 23 يوليه.
ـ حفل اليوم بتحركات نشطة من جميع الذين اشتركوا في حركة الجيش، ففي الصباح، ذهب اللواء محمد نجيب، في سيارته العسكرية، إلى بيت جمال عبدالناصر، (شقة في الدور الأول في منزل بشارع والى فوق دكان مكوجي)، واعتلى درجات السلم مسرعاً مما تسبب في قطع بنطلونه، فلم يجده، فذهب إلى كلية أركان الحرب، حيث قابله، مع عبدالحكيم عامر، للتأكد من التنفيذ في الليلة نفسها. 
وقال جمال عبدالناصر أنه أرسل إلى محمد أنور السادات، في العريش، بصفته ضابط إشارة، لكي يسيطر على الإذاعة وعلى التليفونات، وفي الوقت نفسه حضرت مجموعة الاعتقال إلى منزل عبدالحكيم عامر للتأكد من ساعة الصفر على أن يعودوا إلى الاجتماع في الساعة الثالثة، بمنزل البلتاجي، في العباسية، ولكن عبدالحكيم عامر لم يحضر إلا بعد الساعة السابعة مساءً وعلى إثرها توجهوا للمرور على منازل الضباط الأحرار، لتبليغهم بآخر التعليمات.
ـ في صباح اليوم، اجتمع جمال عبد الناصر، وجمال الدين حسين، بصلاح أبو رقيق ممثل جماعة الإخوان، وأخطره بساعة الصفر.
ـ في الساعة الرابعة، حضر إلى منزل اللواء محمد نجيب الزعيم السوداني محمد أحمد محجوب (رئيس الوزراء فيما بعد) وذكر أنه على موعد في نادي التجديف بالجيزة". 
ويقول محمد نجيب: 
"ودعاني أن أصحبه، فقبلت حرصاً مني على التعرف بما جد من أخبار، حيث أنني كنت تحت مراقبة شديدة، وبعد خمس دقائق، حضر الأستاذ محمد حسنين هيكل، المحرر بدار أخبار اليوم، ونحاني جانباً، وأسر إلى بالآتي: إنني الآن قادم من سراي عابدين، وعلمت بأن الملك قد وقع قراراً بالاستغناء عن خدماتك في الجيش (أي الفصل أو الإحالة إلى المعاش)، وأن القرار سيعلن صباح باكر، في الصحف، (ويقول نجيب) إنني تمعنت في عيني محدثي لأتأكد عما إذا كان يعرف أن تنفيذ الحركة سيتم، بعد ساعات فقط، فتبينت أنه لا يعرف، كما فكرت عما إذا كان المقصود من روايته جس النبض، لاسيما، وأنا أعرف أنه له صلة خاصة بالأمريكان".
        "وحوالي الساعة السادسة مساءً حضر جمال عبد الناصر، ومعه عبد الحكيم عامر، وزكريا محيي الدين، وجمال حماد، وأخذنا نتحدث في الوضع الراهن للبلد، بصفة عامة، وتطرق الكلام إلى الجيش فسألت جمال عبد الناصر: حتعمل إيه؟ وحدد لي هدفه بأنه عازم على القيام بانقلاب، في الليلة نفسها، والاستيلاء على القيادات لتصحيح الأوضاع، وعرض علي الاشتراك معه، وفهمت منه أن ساعة الصفر هي منتصف الليل، أو الواحدة صباحاً، فوافقت واقترحت أن نقول لقواتنا (أي الكتيبة 13 أركان حربها صلاح نصر من الضباط الأحرار) بأن الإنجليز وصلوا في طريق السويس إلى الكيلو 45 فعلينا أن نوقف هجوم الإنجليز على القاهرة، وحددنا مهام الكتيبة وهي: احتلال المواقع الآتية، بمساعدة المدرعات (بقيادة حسين الشافعي، وثروت عكاشة، وخالد محيي الدين) والمدفعية (كمال حسين، وأبو الفضل) وسلاح خدمة الجيش (الطحاوي، ومجدي حسنين)، لتجهيز العربات للنقل، حيث أن كتيبتي لم تكن مجهزة تماماً، وكانت قد وصلت إلى هايكستب من العريش في 6 يوليه حيث أنني على سفر إلى السودان". 
وتشمل المهام المطلوبة:
    مداخل قشلاق العباسية (البوابة القريبة من كلية الشرطة، البوابة البحرية الرئيسية عند مدخل العباسية، البوابة الشرقية خلف المدفعية).
    احتلال رياسة الجيش.
    تأمين سلاح الحدود.
    احتلال دار الإذاعة بشارع علوي.
    احتلال محطة الإرسال الإذاعي في أبو زعبل.
    معتقل المدرسة الحربية.
    .. انتهى الاجتماع بتوقيت العملية، والذهاب إلى منزل صلاح نصر بحدائق القبة، الذي فوجئ بي إذ أنني قائده، ويعمل هو أركان حرب الكتيبة، واشترك جمال عبدالناصر، وزكريا محيي الدين، وأحمد شوقي، وصلاح نصر، لوضع خطة نهائية ثم انتقلوا إلى منزل صلاح سعده، بالمنيل، وكان مجتمعاً به نحو عشرة ضباط، من الكتيبة 13، وكان منهم فؤاد عبدالحي، وسيد عبدالحليم، وجمال القاضي، وعمر محمود علي، وتم الاتفاق على أن يكون الاجتماع بقشلاق الكتيبة في الساعة 10 مساءً، على أن نذهب متفرقين، وأن يفهم العساكر بأنها عملية ضد الإنجليز..".
        وكان أحمد شوقي يمت بصلة قرابة إلى اللواء أحمد طلعت، حكمدار العاصمة، وخشي جمال عبدالناصر أن يبلغ أحمد شوقي عن التنظيم، فعين معه جمال حماد، وجمال القاضي وأمرهما بألا يتركاه حتى ساعة الصفر المحددة لتحرك القوات. 
وكان أحمد شوقي ذكياً فلم يدع أدنى شك يتطرق إليهما، فاصطحبهما إلى منزله، وما كان يتحرك أنملة، إلا برفقة أحدهما. 
ووضعت اللمسات الأخيرة للخطة، وانصرف الجميع، كي يتجمعوا فرادى، في وحداتهم، قبل الساعة التاسعة مساء، قبل ساعة الصفر بثلاث ساعات، لقد كانت ساعة الصفر منتصف ليلة 22/ 23 يوليه 1952.
        ويذكر قائد جناح عبداللطيف بغدادي (عضو مجلس القيادة فيما بعد):
أن الخطة النهائية للانقلاب تم وضعها في عصر هذا اليوم بمنزل الصاغ خالد محيي الدين، 
ويقول البغدادي:
        "وفي هذا الاجتماع تحدد واجب سلاح الطيران، وهو حماية المطارات، ليلاً، مع التحليق صباحاً مع أول ضوء للنهار في شبه مظاهرة جوية".
        سافر محمد أنور السادات إلى القاهرة في صباح يوم 22 قادماً من رفح، وذهب إلى منزله، بالروضة، ليفاجئ أسرته، بعودته غير المنتظرة، إذ كان، قبل أيام، في القاهرة، في إجازته الاعتيادية، وصحب زوجته إلى سينما الروضة الصيفي، التي تبدأ العرض في الساعة الثامنة مساء، حتى الواحدة صباحاً، وكانت في تلك الليلة تعرض ثلاثة أفلام هي: (القطة المتوحشة، غرام ثائر، لعبة الست)، وعند عودته، بعد منتصف الليل، كما يقول الرئيس محمد أنور السادات: "وعلمت من البواب، الذي سلمني هذه البطاقة، أن جمال عبدالناصر، قبل أن يترك البطاقة، أتى إلى بيتي، مرتين، مرة في الساعة الثالثة مساء، ومرة أخرى في العاشرة"، ويبدو أن البواب، بعد عودة محمد أنور السادات، من المحطة، لم يبلغه بأن جمال عبدالناصر جاء للسؤال عنه، في الساعة الثالثة، أي قبل وصول قطار غزة، ولعل هذا ما ضيع على محمد أنور السادات فرصة الاتصال بجمال عبدالناصر، أو بغيره، من رفاق الحركة، ليستوثق من ساعة الصفر، فأضاع عليه فرصة القيام بالدور، الذي خطط له كاملاً، لأنه لم يصل إلى مبنى القيادة، إلا بعد الاستيلاء عليها، بنحو ساعة ونصف الساعة.
ويذكر خالد محيي الدين في مذكراته بخصوص الانقلاب:
        "وفي الساعة الثانية، بعد ظهر 22 يوليه، عقدت "لجنة القيادة"، اجتماعها الأخير، في بيتي، التقينا: جمال عبد الناصر، حسن إبراهيم، عبد الحكيم عامر، كمال الدين حسين، عبداللطيف البغدادي وخالد محيي الدين. 
وتغيب جمال سالم وصلاح سالم، وأنور السادات، وحضر معنا زكريا محيي الدين وحسين الشافعي وعبد المنعم أمين وإبراهيم الطحاوي.. 
وكان حضورهم مبرراً ومنطقياً، وإن كان جمال قد دعاهم بالحضور بمبادرة منه، فزكريا شارك في إعداد خطة التحرك، ومن الطبيعي أن يحضر ليشرحها لنا، والطحاوي كان سيقود تحرك سلاح خدمة الجيش، والشافعي سيقود تحرك الفرسان. صحيح أنني كنت مسؤول مجموعة الفرسان، لكن الشافعي كانت رتبته أعلى، فقد كان "بكباشي"، وعبدالمنعم سيقود تحرك المدفعية.
        عندما تحدثنا عن خطة التحرك التفت بغدادي إلى زكريا محيي الدين وقال له: اقرأ الخطة. 
وعرض زكريا محيي الدين الخطة، وكانت الخطة بسيطة للغاية، ويمكن القول إنها اكتسبت عناصر نجاحها من بساطتها، وكانت تنقسم إلى ثلاث مراحل:
    المرحلة الأولى :
السيطرة على القوات المسلحة، وتحريك بعض القوات إلى مبنى القيادة في كوبري القبة، وأن يتم اقتحامه والاستيلاء عليه، على أن يتم في الوقت نفسه، اعتقال بعض كبار ضباط الجيش والطيران، وقادة الأسلحة المختلفة، حتى نضمن عدم تحريك أية قوات عسكرية للتصدي لنا.
وحددت الخطة في مرحلتها الأولى مهام الأسلحة المختلفة:
أ. الفرسان:
مسؤولية إغلاق المنطقة، عند شارع الخليفة المأمون، بجوار محطة البنزين، وإغلاق المنطقة عند المستشفي العسكري، وعند باب ستة، بالعباسية، وباب العباسية.
ب. المدفعية:
عزل منطقتي ألماظة والهايكستب، والطرق المؤدية لمبنى القيادة، بكوبري القبة، والطرق المؤدية لوحدات الجيش المختلفة.
وتقرر أن يعاون المدفعية، في هذه المهمة، وحدات من الفرسان، بدبابات وعربات مصفحة، وتحدد المسؤولون عن تحريك القوات في المرحلة الأولى كما يلي :
(أ) الفرسان:
حسين الشافعي، خالد محيي الدين، ثروت عكاشة.
(ب) المدفعية:
كمال الدين حسين، عبدالمنعم أمين.
(ج) الطيران:
حسن إبراهيم، عبد اللطيف البغدادي.
وكانت مهمة الطيران تالية لتحركنا في المرحلة الأولى، وكلفت مجموعة، من المدرعات، بالسيطرة على مطارات ألماظة، ومصر الجديدة، وغرب القاهرة، وتحددت مهمة الطيران، بعد ذلك، في طلعات استكشاف، للتأكد من عدم تحرك قوات بريطانية من قاعدة القناة، وطلعات استكشاف فوق القاهرة والإسكندرية، ومنع الملك فاروق من الهرب سواء عن طريق الجو، أو البحر.
2.   المرحلة الثانية:
إنزال قوات إلى الشوارع للسيطرة على عدد من المواقع المدنية: الإذاعة، التليفونات، قصر عابدين… إلخ.
3.   المرحلة الثالثة:
التحرك لعزل الملك.
        تحدث حسين الشافعي في الاجتماع وأعلن أن سلاح الفرسان جاهز، وأن لدينا (32) ضابطاً جاهزين لتحريك قواتهم، وإننا نسيطر على (48) دبابة و(48) سيارة مدرعة، وعلى الكتيبة الميكانيكية وآلاي الخيالة: وذكر خالد محيي الدين أن قوات الفرسان كفيلة بإنجاح الحركة، دونما حاجة لانتظار وحدات مشاة، أو انتظار وصول بقية كتيبة يوسف صديق.
        وتحدث عبدالناصر عن المدفعية والمشاة، وقال إنه مسؤول عن تدبير وحدات منها.
        وعندما انتهى الاجتماع كانت الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، وتقرر ألا نتصل مع بعضنا تليفونياً.. 
وأن تعد كل مجموعة نفسها للتحرك. 
واتفقنا أن تكون كلمة السر (نصر).
        ويقول خالد محيي الدين:
قال جمال: "ثروت عاطفي خليه يخلي باله". 
ربما كان جمال يلمح إلى تكرار ثروت لمخاوفه من تدخل الإنجليز، لكن الحقيقة أن ثروت كان رجلاً شجاعاً، وكانت مخاوفه مبنية على حقائق واقعية، وعندما قررنا التحرك نسى كل مخاوفه وكان حاسماً وتصرف بشجاعة تستحق الإعجاب، وعندما أتى اللواء حشمت، إلى القشلاق، قبل تحركنا، أصبح كل شيء مهدداً لولا أن ثروت اندفع نحوه، حاملاً مدفعاً رشاشاً، وألقى القبض عليه. 
إنها ليست مسألة سهلة أن يقوم ضابط برتبة صاغ، داخل القشلاق، بالقبض على لواء. 
لكن ثروت فعلها وبعدها اكتشف أن مدفعه الرشاش كان خالياً من الطلقات!
ويستطرد خالد محيي الدين:
      وفي الساعات الأخيرة من عملية الاستعداد الختامي ذهبت لحسين الشافعي لأبلغه بأن كتيبتي ليس بها ذخيرة كافية، فقد كانت تحت الإنشاء، ولم يكن مع كل عسكري سوى خمسين طلقة. ووعدني حسين الشافعي بأن تصلني ذخيرة كافية قبل تحرك قواتي، وقد أنجز وعده.
        حضر أحمد حمروش ليقابل جمال، عصر يوم 22 يوليه، وأبلغه جمال بأن "الضباط الأحرار" سيتحركون الليلة، وطلب منه الاتصال "بالضباط الأحرار" في الإسكندرية بهدف تأمين المنطقة هناك، وكنا نستشعر خطراً من وجود الملك هناك، ومعه قوات من الحرس الملكي، وخشينا من أن يجمع حوله قوات أخرى ليتقوى بها كما فعل الخديوي توفيق إبان الثورة العرابية.
        ولابد أن نتساءل: 
لماذا اختار جمال عبدالناصر حمروش بالذات؟ ولعل الإجابة الأكثر منطقية هي أن جمال عبد الناصر قد أراد أن يبلغ "حدتو" بموعد الحركة، كما أبلغ الإخوان، ليضمن إمكانية مساندتها له. وبالفعل أسرع حمروش إلى أحمد فؤاد، وأسرع الاثنان لمقابلتي، ثم توجه حمروش ليبلغ النبأ إلى الرفيق بدر سكرتير عام "حدتو". 
وهكذا أتم جمال عبدالناصر تحصين الحركة سياسياً.
        ويستطرد خالد محيي الدين قائلاً: 
"وفي الساعة الثامنة، خرجت إلى بيت ثروت عكاشة حيث تناولنا عشاءنا بهدوء. 
ونزلنا في التاسعة والنصف، ثروت توجه إلى قواته، واتجهت أنا إلى الكتيبة الميكانيكية، ولأنها كانت كتيبة تحت الإنشاء فقد كان الضابط النوبتجي (باشجاويش) وكنت أنا ضابط عظيم المنطقة. 
ناديت الباشجاويش وأعطيته أمراً بإعداد الكتيبة للطوارئ، وتجهيز كل شئ للتحرك في تمام الساعة الثانية عشر، وكان حاضراً معي الملازم وجيه رشدي، وكان من "الضباط الأحرار"، وبدأ وجيه رشدي التفتيش على الجنود، والتأكد من الأسلحة والذخيرة، وكانت مهمته أن يأخذ ثلث القوة ليسد بها الطريق والكوبري، الذي يفصل المستشفي العسكري، عن منطقة كوبري القبة، والحدائق. 
ومن هذه المنطقة عبر محمد نجيب، وأنور السادات، بعد حضورهما، لأن هذه المنطقة كانت تمثل نقطة حاكمة في المنطقة العسكرية. 
وقبل أن أتحرك بقليل أتاني عثمان فوزي مسرعاً، وقال أن اللواء حشمت قائد اللواء المدرع قد حضر إلى السلاح، وأنه من الضروري أن أتحرك دون انتظار لساعة الصفر.
        كان الجنود قد تم إيقاظهم في الساعة العاشرة والنصف وجهزت اللواري والأسلحة والذخيرة، وفيما أشعر بحيرة بسبب نقص الذخيرة، كان حسين الشافعي يحقق وعده لي.. ففي الساعة الحادية عشر تقريباً حضر الضابط ممدوح إسماعيل ومعه الذخيرة المطلوبة، وقال بالإنجليزية حتى لا يفهم الجنود: "اللواء حشمت تم القبض عليه".
وأصدرت الأمر تحرك:
        وما أن سمعت صوت الموتورات حتى انتظمت معه دقات قلبي وكأنها تتحرك معه، ومعها دقات قلوب أربعمائة جندي هم قوتي التي أتحرك بها ومن بعيد أتي صوت طلقات رصاص. كان يوسف صديق قد تحرك مبكراً واقتحم مقر قيادة الجيش في كوبري القبة، وألقى القبض على قيادات الجيش المجتمعة هناك.
        وتحركت القوة ومعي وجيه رشدي، وانفصلنا عن بعضنا، في شارع الخليفة المأمون، كل في اتجاهه، ووصلت القوة، التي أرأسها، إلى مدخل مصر الجديدة، أمام محطة بنزين "موبيل أويل" بمحاذاة خط المترو لتسد الطريق القادم من مصر الجديدة، الذي يمر أمام نادي سبورتنج، بوحدات الكتيبة الميكانيكية، وعربتين مصفحتين من الآلاي الأول سيارات مصفحة، وفصيلة خيالة.
        وبعد وصولها بحوالي نصف ساعة، واستقرار الوضع، وانقطاع المواصلات، وعزل المنطقة العسكرية عن مصر الجديدة، قلت للجنود: أنتم عارفين إحنا بنعمل إيه؟
        فأجابوا: إحنا طوارئ يا فندم، قلت: لا، هي حركة عسكرية ضد قادة الجيش، ومن أجل الوطن والشعب.
        وتقبل الجنود كلماتي بارتياح، فلقد عملنا نحن "الضباط الأحرار" ولأمد طويل على كسب احترام وحب جنودنا؛ ولهذا أحس جنودي جميعاً أنني بالقطع أقودهم من أجل شيء جيد ومفيد.
وبدأت أحداث الليلة العظيمة:
        ويذكر اللواء محمد نجيب: "وعلمت من شقيقي اللواء علي نجيب أن مؤتمراً سوف يعقد في القيادة العامة يحضره اللواء حسين فريد وقادة الأسلحة والخدمات في العاشرة مساء. فأبلغت هذا الخبر إلى عبد الحكيم عامر الذي كانت اتصالاته بي لا تثير الشبهات لأنه من أركان حربي السابقين، وقررت أن يتم اعتقالهم أثناء وجودهم في المؤتمر حقناً للدماء، وأعطيت تعليمات بذلك لعبد الحكيم عامر".
        "وكانت خطة العمليات التي وضعها زكريا محيي الدين المدرس بكلية أركان الحرب في ذلك الوقت تقضي بأن أبقى في المنزل حتى تتم التحركات العسكرية ثم أذهب إلى رئاسة أركان الحرب لتولي القيادة لأن اعتقالي أو إثارة الشبهات حولي يفسد الخطة".
        "وعند منتصف الليل اتصلت بنا زوجة شقيقي اللواء علي تسأل عنه وتقول إنه ليس من عادته التأخر دون إبلاغها، وطمأنتها قائلاً إني سأبحث عنه. 
ولم يكن اللواء علي يعرف شيئاً عن الحركة، ولم أحدثه عنها مطلقاً، رغم ثقتي به، لأني خشيت أن يتعارض ذلك مع واجبه باعتباره قائداً لحامية القاهرة والمسؤول عن الأمن والنظام بها، وإن كنت قد نصحته من طرف خفي بأن يجري تدريبات للجنود على التحرك إلى أماكن مختارة باعتبارنا في حالة طوارئ.. 
وذلك تسهيلاً لمأمورية الضباط الأحرار في تحريك قواتهم بدلاً من أن يفاجئوهم بالحركة لأول مرة .. لأنهم ربما لو عرفوا أنهم يتحركون لانقلاب لأحجم بعضهم أو أفشى السر".
      وبعد دقائق طلبني اللواء علي تليفونياً وكأنما ليستوثق من وجودي أولاً.. ثم أبلغني أن بعض ضباط البوليس قد أبلغوه أن قوات الجيش تتحرك إلى قصر عابدين.. 
ولكنني طمأنته طالباً منه إلا يثق بهم وأن عليه أن يتحرك بنفسه إلى عابدين للتأكد من صحة ذلك.. وكنت أعرف أن قصر عابدين كان خارج خطة التحركات في هذه الليلة.. 
ثم أبلغته عن سؤال زوجته عنه".
***********************
[1]  كان تنظيم الضباط الأحرار مسيطراً على هذه الكتيبة عن طريق الصاغ صلاح نصر.. وكانت الكتيبة تضم أكبر عدد من الضباط الأحرار وتعتبر القوة الرئيسية التي اعتمد عليها التنظيم في الاستيلاء على السلطة مع كتيبة مدافع الماكينة بقيادة القائمقام يوسف منصور صديق.


الفصل الرابع تحديد موعد الحركة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل الرابع تحديد موعد الحركة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الرابع
»  الفصل الرابع
» الفصل الرابع عشر
» الفصل الرابع
» الفصل الرابع عشر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: ثورة يوليو ١٩٥٢م :: ثورة 23 يولـيو 1952م-
انتقل الى: