في بيتنا مشكلة.. (4)
قاعدتان في دعوة الأقارب
س: أنا فتاة ملتزمة.. ولله الحمد.. وزوجي كذلك، المشكلة التي تواجهني أن أهلي وأقاربي أناس غير حريصين، فوضع الحجاب مثلاً عند الكثيرات غير مضبوط إضافة لتساهلات كثيرة كركوب المرأة مع السائق وحدها بدون محرم إضافة لنوعية الاهتمامات المحصورة في الأفلام والمجلات والسفر للخارج..
فتجد مجالسهن تدور حول هذه الأمور وأنا أحاول دائماً أن أنصح وأوجه وأعمل بعض النشاطات كالمسابقات التي تتخللها أسئلة مفيدة وكذلك توزع فيها الأشرطة والكتيبات ولكن الفائدة ضئيلة..
فالاهتمامات ذاتها والمنكرات كما هي.. على الرغم من مرور فترة ليست قليلة على هذا وأنا أشعر أن مخالطتي لهم تؤثر في أحياناً سلباً وأحياناً إيجاباً فحينما أرى منكراً كالتساهل بالحجاب مثلاً - أتحمس لدعوتهن والبحث عن الطرق المعينة على التأثير بهن وتارة أجد حسي متبلدة وكأن هذا التساهل أصبح أمراً عادياً لا إنكار فيه..
إنني في حيرة من أمري فأنا أحمل هم دعوة الأقارب ولكن أخشى على نفسي من كثرة المنكرات.
ج: هناك قاعدتان في الدعوة لا بد أن تكونا حاضرتين في خلد كل داعية حتى لا يشعر بالفتور أو يقع في المحظور..
القاعدة الأولى:
تحمي قلبه من الإحباط واليأس الناشئين من إعراض الناس عنه وعدم استجابتهم له، حيث يقول الحق -عز وجل- في تقريرها: (إنك لا تهدي مَنْ أحببت ولكن الله يهدي مَنْ يشاء) القصص: 56.
فجعل الله أمر هداية الخلق إليه وحده سبحانه، وما على الداعية إلا الاجتهاد في البلاغ والإخلاص فيه بالأسلوب السليم كما قال تعالى: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة..) النحل: 125.
وهنا نُذكر كل داعية أن العديد من أنبياء الله ورسله -عليهم صلوات الله وسلامه- لم يستطيعوا هداية بعض أقربائهم على الرغم من بذلهم الجهود الكبيرة في دعوتهم، والقرآن الكريم يعرض علينا أمثلة كثيرة من ذلك، فهذا نوح -عليه السلام- يعرض دعوته على ابنه وفلذة كبده ولكن دعوته لم تجد القبول في قلب هذا الابن الشقي، ومن بعد نوح، إبراهيم -عليه السلام- حيث كانت نتيجة محاولاته في دعوة أبيه وبني قومه ما أخبرنا الله عنه حيث قال الله -عز وجل- على لسان أب إبراهيم: (قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني ملياً) مريم: 46.
ومن بعدهما سيد الأنبياء وخاتم المرسلين -عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم فقد حاول مراراً وتكراراً هداية عمه أبي طالب ولكنه أبى إلا أن يموت على كفره، فأنزل الله تعالى: (إنك لا تهدي مَنْ أحببت ولكن الله يهدي مَنْ يشاء)..
إذا ثبت هذا، فاعلمي أن عدم استجابة أهلكِ وأقربائكِ للدعوة لا ينقص من أجركِ شياً بإذن الله، وهذا الأمر ينبغي أن يدفعكِ للصبر على دعوتهم لعل الله يكتب الهداية على يديكِ، ولكي في رسل الله -عليهم صلوات الله وسلامه- أسوة حسنة في صبرهم واحتسابهم وثباتهم على دعوتهم.
وأما القاعدة الثانية:
فهي تحفظ قلبكِ من لوثة المنكرات التي يقترفها مَنْ تحرصين على هدايته، وقد قال الله -تعالى- في تقريرها: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) الأنعام: 68.
وفي هذه الآية يأمر الله -عز وجل- كل داعية أن لا يجلس في مجلس فيه منكر إلا إذا قام بإنكاره وحاول تغييره وإلا وجب عليه الإعراض عنه والتحول إلى موضع آخر يكون فيه بعيداً عن رؤية المنكر.
وبهذه القاعدة تدركين -أيتها الأخت- أنه يجب عليكِ أن تنكري ما ترينه من المنكرات (بأسلوب الحكيم) حتى لا يتبلد الإحساس من كثرة ما ترين من المنكرات، فإن لم تستطيعي الإنكار فعليكِ بالإعراض..
فإن وسوس الشيطان في قلبكِ قائلاً: إن تركتِ المجلس فسيغضب عليكِ بعض الأهل والأقرباء، فقولي له: "مَنْ التمس رضا الله بسخط الناس، كفاه الله مؤنة الناس، ومَنْ التمس رضا الناس بسخط الله، وكَّله الله إلى الناس" صححه الألباني.
وفقكِ الله وسددكِ وزادكِ إيماناً وثباتاً على الحق، والله الموفق.