منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 مَنْ هُوَ المُسْلِمْ؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

مَنْ هُوَ المُسْلِمْ؟ Empty
مُساهمةموضوع: مَنْ هُوَ المُسْلِمْ؟   مَنْ هُوَ المُسْلِمْ؟ Emptyالسبت 02 فبراير 2013, 8:22 am

من هو المسلم؟


رسالة لكل إنسان مسلماً كان أو يهودياً أو نصرانياً
أو مجوسياً أو صابئياً أو غير ذلك.



تأليف:
الفقير إلى عفو ربه
أبي أنس
ماجد إسلام البنكاني
حقوق الطبع والترجمة للجميع


عن ابن عمر عن أبيه رضي الله عنهما، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في سؤال جبرائيل إياه عن الإسلام، فقال: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وأن تتم الوضوء، وتصوم رمضان، قال فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: نعم، قال: صدقت". رواه ابن خزيمة في صحيحه هكذا وهو في الصحيحين وغيرهما بنحوه بغير هذا السياق. صحيح الترغيب.


إنَّ الحمدَ لله نحمَدُه، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أنّ لا إله إلاّ اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسولُه.


أما بعد:


فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدى هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


الإسلام هو دين الله تعالى الذي ارتضاه لعباده وتعبدهم به، قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} .


بل الذي لا يدين بدين الإسلام لن يقبل منه أي عمل في الآخرة ويكون من الخاسرين .


قال الله تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} . سورة آل عمران آية (85) .


والله سبحانه وتعالى سمانا مسلمين من قبل نزول القرآن الكريم .


قال الله تعالى : { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ}.


عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {هو سماكم المسلمين} يقول الله سماكم المسلمين من قبل يعني من قبل الكتب كلها ومن قبل الذكر وفي هذا يعني القرآن.


فإذا عرف هذا فعلى العباد أن يدينوا بدين الإسلام ، ويتبعوا سيد الأنام عليه الصلاة والسلام .


تعريف المسلم لغة واصطلاحا :


المسلم لغة يطلق على معانٍ كثيرة: منها المستسلم ، المستسلم لغيره يُقال له مسلم ، ومنه على أحد التفسيرين قوله تعالى : {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}. أي قولوا: استسلمنا ، ولم نقاتلكم .


والقول الثاني في الآية يبين تعريف المسلم اصطلاحا : إن المراد بالإسلام الإسلامُ لله عزّ وجلّ وهو الصحيح.


ولتوضيح القول الثاني يطلق الإسلام على الأصول الخمسة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام حين سأله عن الإسلام ، فقال: " أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت".


ويطلق الإسلام على السلامة، يعني أن يسلم الناس من شر الإنسان، فيقال: أسلم بمعنى دخل في السلم أي المسالمة للناس، بحيث لا يؤذي الناس ، ومنه الحديث :" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".


ما هي أركان الإسلام ؟


في حديث جبريل عليه السلام: " ... وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ، قال صدقت...". رواه مسلم برقم (8)، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى.


أولاً: الإقرار بالشهادتين:


من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل في الإسلام ، و لا إله إلا الله مفتاح الجنة .


قال الله تعالى: "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون". سورة الأنبياء الآية (25).


وعن أنس، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعاذ رديفه على الرحل قال: "يا معاذ بن جبل" قال: لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثاً قال: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صادقاً من قلبه إلا حَرَّمه الله على النار".


وعن عمرو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقاً من قلبه فيموت على ذلك إلا حَرُمَ على النار، لا إله إلا الله".


"قيل لوهب بن منبه أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال بلى، ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك". صحيح البخاري (1/415).


والمفتاح: فعل ما أمر الله تعالى به وترك ما نهى الله عنه.


ثانياً: إقامة الصلاة:


قال الله سبحانه وتعالى: "والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سيؤتيهم أجراً عظيماً".


وعن طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خمس صلوات في اليوم والليلة" قال: هل عليَّ غيرهن؟ قال: "لا، إلا أن تطوع" فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وصيام شهر رمضان" قال: هل عليَّ غيره؟ قال: "لا، إلا أن تطوع". قال الحديث.. فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فقال رسول -صلى الله عليه وسلم-: "أفلح إن صدق".


وعند مسلم رواية" "أفلح وأبيه إن صدق" أو "دخل الجنة وأبيه إن صدق".
ثائر الرأس: منتثر شعر الرأس، أو قائم شعره منتفشة.
نسمع دوي صوته: صوت مرتفع متكرر لا يفهم وذلك لأنه نادى من بعد.


وترك الصلاة خروج من ملة الإسلام كما جاءت النصوص في كتاب الله تعالى، وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكلام الصحابة الكرام، وأرجح قولي العلماء الأجلاء.


وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن كان أتمها كتبت له تامة وأن لم يكن أتمها قال الله لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته؟ ثم الزكاة كذلك ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك".‌ صحيح الجامع رقم (2574) .


وعن ابن مسعود، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أول ما يحاسب به العبد الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء".‌صحيح الجامع (2572).‌


وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". صححه الألباني في صحيح الترغيب برقم (564).


وعن عبدالله بن شقيق العقيلي قال: "كان أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يَرونَ شيئاً من الأعمال تركُه كُفر، غيرَ الصلاة". صحيح الترغيب (565).


ومفتاح الجنة الصلاة لأن أبواب الجنة مغلقة يفتحها الطاعات، وركن الطاعات الصلاة. عون المعبود (1/60).


ثالثاً: إيتاء الزكاة، لمن كان له مال وبلغ النصاب وحال عليه الحول:


عن أبي هريرة: أن أعرابياً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال: "تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان" قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا، فلما ولى قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا".


وعن معاذ بن جبل قال: قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال: "لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت".


وقال الله تعالى: "وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون". فصلت (6-7).


وقال تعالى: "والذين يكنـزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنـزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنـزون". التوبة (34-35).


وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي منها زكاتها إلا بُطح لها يوم القيامة بقاع قرقر تنطحه بقرونها وتطؤه بأخفافها كلما نفدت عليه أخراها عادت عليه أُولاها حتى يُقضى بين الناس في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار وما من صاحب كنـز لا يؤدي زكاته إلا مثل له كنـزه يوم القيامة شجاعاً أقرع".


وقد قاتل أبو بكر الصديق مانعي الزكاة وقال: والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها.


رابعاً: صوم رمضان:


قال الله تعالى: "والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرةً وأجراً عظيماً". الأحزاب (35).


وقال تعالى: "كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية". الحاقة (24).


قال وكيع وغيره: هي أيام الصوم إذ تركوا فيها الأكل والشرب.


وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الصوم جنة يستجن بها العبد من النار".


وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قال الله تبارك وتعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك وللصائم فرحتان: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي الله تعالى فرح بصومه".


"كل عمل ابن آدم له" أي: له أجر محدود (إلا الصوم) فأجره بدون حساب.


قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون، أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر". البقرة (183 - 184).


قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهم ما اجتنبت الكبائر".


وقال عليه الصلاة والسلام: "رغم أنف امرئٍ أدرك شهر رمضان فلم يغفر له".


قال الذهبي رحمه الله تعالى: وعند المؤمنين أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا عذر أنه شر من المكاس والزاني بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال.


خامساً: حج البيت، إذا كان مستطيع له:


قال الله تبارك وتعالى: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين".


وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان".


وعن أبي هريرة قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيومَ ولدته أمه".


ورواه الترمذي إلا أنه قال: "غفر له ما تقدم من ذنبه".


وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".


الرفث: الجماع، ويطلق على التعريض به وعلى الفحش في القول وهو أسم جامع لكل ما يريده الرجل من المرأة.


الحج المبرور من مكفرات الذنوب والخطايا:


عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه".


وقال عمر بن الخطاب: من ملك زاداً أو راحلة تبلغه حج بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً.


توحيد الله تعالى وصرف العبادة له:


على العبد أن يوحد الله تعالى في السر والعلن ولأجل هذا المقصد خلقنا الله سبحانه وتعالى، فقال: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ". سورة الذاريات الآية (56) .


وعن رفاعة الجهني قال: أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كنا بالكديد أو بقديد فحمد الله وقال: خيراً، وقال: "أشهد عند الله لا يموت عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله صدقاً من قلبه ثم يُسَدِّدُ إلا سلك في الجنة".


وفي رواية لمسلم: "من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم الله عليه النار".


وقال الله تعالى: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء". سورة البينة الآية (5).


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء"، قال: وهذا هو حقيقة قول لا إله إلا الله وبذلك بعث جميع الرسل، قال تعالى: "وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون". أ.هـ.


وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروحٌ منهُ، والجنة حقٌ، والنارَ حق، أدخله الله الجنة على ما كانَ من العمل".


قال القرطبي في المفهم على صحيح مسلم: باب لا يكفي مجرد التلفظ بالشهادتين، بل لا بد من استيقان القلب -هذه الترجمة تنبيه على فساد مذهب غلاة المرجئة، القائلين بأن التلفظ بالشهادتين كاف في الإيمان، وأحاديث هذا الباب تدل على فساده، بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها، ولأنه يلزم منه تسويغ النفاق، والحكم للمنافق بالإيمان الصحيح. وهو باطل قطعاً. أ.هـ.


وقال القاضي عياض: ما ورد في حديث عبادة يكون مخصوصاً لمن قال ما ذكره -صلى الله عليه وسلم- وقرن بالشهادتين حقيقة الإيمان والتوحيد الذي ورد في حديثه، فيكون له من الأجر ما يرجح على سيئاته ويوجب له المغفرة والرحمة ودخول الجنة لأول وهلة. أ.هـ.


وعن محمود بن الربيع قال: قدمت المدينة فلقيت عتبان فقلت له: حديث بلغني عنك قال: أصابني في بصري بعض الشيء فبعثت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني أحب أن تأتيني تصلي في منـزلي فأتخذه مصلى قال فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن شاء الله من أصحابه فدخل فهو يصلي في منـزلي وأصحابه يتحدثون بينهم ثم أسندوا عظم ذلك وكبره إلى مالك بن دخشم قال: ودوا أنه دعا عليه فهلك ودوا أنه أصابه شر فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة وقال: "أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟" قالوا: إنه يقول ذلك وما هو في قلبه، قال "لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه" قال أنس: فأعجبني هذا الحديث فقلت لابني: اكتبه فكتبه.


وفي الحديث جواز تمني هلاك أهل النفاق والشقاق ووقوع المكروه بهم، وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى: وفيه التبرك بآثار الصالحين.


قال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى في تعليقه على فتح الباري (552/1): (هذا فيه نظر -أي كلام النووي- والصواب أن مثل هذا خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لما جعل الله فيه من البركة وغيره لا يقاس عليه لما بينهما من الفرق العظيم ولأن فتح هذا الباب قد يفضي إلى الغلو والشرك كما قد وقع من بعض الناس نسأل الله العافية. أ.هـ.


"فخط لي مسجداً" أي: أعلم لي على موضع لأتخذه مسجداً أي موضعاً أجعل صلاتي فيه متبركاً بآثارك والله أعلم.


وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله يستخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر ثم يقول أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب فيقول أفلك عذر؟ فقال: لا يا رب فيقول الله تعالى بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله فيقول: أحضر وزنك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: فإنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفةٍ والبطاقة في كفةٍ فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء".


قال ابن القيم: فالتوحيد يفتح للعبد باب الخير والسرور واللذة والفرح والابتهاج والتوبة استفراغ للأخلاط والمواد الفاسدة التي هي سبب أسقامه وحمية له من التخليط فهي تغلق عنه باب الشرور فيفتح له باب السعادة والخير بالتوحيد ويغلق باب الشرور بالتوبة والاستغفار.



النهي عن الشرك بالله تعالى:


قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ".


وقال تعالى: "إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ".


وقال تعالى: "إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ". والآيات في الباب كثيرة.


فالشرك هو أن تجعل لله نداً وهو خلقك وتعبد معه غيره وتصرف العبادة لغيره سبحانه وتعالى من شجر، أو حجر، أو بشر، أو قمر، أو نبي، أو شيخ، أو جني، أو نجم، أو مَلَكٍ وغير ذلك.


وسُئل -صلى الله عليه وسلم-: أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك".


و (الند) هو: المثل. قال تعالى: "فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ".


وقال تعالى: "وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ".


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فمن جعل لله نداً من خلقه فيما يستحقه عز وجل من الإلهية والربوبية فقد كفر بإجماع المسلمين. أ.هـ


وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى -في معرض كلامه على أنواع الشرك-:


النوع الأول: شرك أكبر مخرج عن الملة؛ وهو: "كل شرك أطلقه الشارع وهو مناف للتوحيد منافاة مطلقة" مثل أن يصرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله؛ بأن يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله، أو ينذر لغير الله، أو أن يدعو غير الله تعالى؛ مثل أن يدعو صاحب قبر، أو يدعو غائباً لإنقاذه من أمر لا يقدر عليه إلا الحاضر. أ.هـ


فالذي يموت مشركاً بالله تعالى والعياذ بالله فهو من أهل النار خالداً فيها.


وعن بن عباس رضي الله عنهما، قال: "شهدت الصلاة يوم الفطر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان، فكلهم يصليها قبل الخطبة ثم يخطب بعد، فنـزل نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فكأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال، فقال: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ". حتى فرغ من الآية كلها، ثم قال حين فرغ: "أنتن على ذلك"، وقالت امرأة واحدة لم يجبه غيرها: نعم يا رسول الله لا يدري الحسن من هي، قال: "فتصدقن، وبسط بلال ثوبه فجعلن يلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلال".


و عن أبي بكر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور"، قال: فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.


وعن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: "الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا، وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".


قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك والإخلاص يعافيك منها.


قال ابن مسعود: "من الكبائر أربعة هي في القلب: الشرك بالله، والإصرار على معصيته، والقنوط من رحمته، والأمن من مكره".


وعن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار".


ومن أنواع الشرك المنتشرة في كثير من بلاد المسلمين:


عبادة القبور: واعتقاد أن الأولياء الموتى يقضون الحاجات ويفرجون الكربات والاستعانة والاستغاثة بهم.


يقول الله عز وجل: "وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ".


وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار".


وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الكبائر سبعٌ أولُهُنَّ الإشراك بالله، وقتل النفس بغير حقِّها، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وفرارُ يومِ الزحفِ، وقَذفُ المحصناتِ، والانتقالُ إلى الأعرابِ بعدَ هجرتِهِ".


وكذلك من أنواع الشرك الأكبر الذبح لغير الله:


قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لعن اللهُ من ذبح لغير الله".


وكذلك السحر والكهانة والعرافة:


قال الله تعالى: "وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ".


فالسحر كفر، والساحر كافر وحكمه القتل وكسبه حرام.


وأما الكاهن والعراف فكلاهما كافر بالله العظيم إذا ادَّعيا علم الغيب ولا يعلم علم الغيب إلا الله تعالى:


قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد".


وأما الذي يذهب إليهم غير مصدق بأنهم يعلمون الغيب لا يكفر ولكن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً كفارة لما فعل.


قال النبي ": "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً".


وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر ولا مؤمن بسحر".


ومن أنواع الشرك: الاعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحوادث وحياة الناس:


عن زيد بن خالد الجهني قال: صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليلة فلما انصرف أقبل على الناس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب، وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب".


وهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه.


قال تعالى: "قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف" -الأنفال (32)- وهذا هو الذي قاتل عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مشركي العرب لأنهم أشركوا في الإلهية.أ.هـ.


فمن أشرك بربوبية الله فزعم أن شيئاً في الوجود يشارك الله في الخلق والتدبير، والحياة والموت والرزق، والنفع والضر، وغير ذلك من خصائص الرب الخالق، فهو كافرٌ ومن أشرك بألوهية الله فزعم أن أحداً غير الله يستحق أن يُعبد من دون الله، أو عَبَدَ مع الله إلهاً آخر، أو تقرب إلى غير الله عز وجل بالعبادة، فهو كافر.


الامتثال لأوامر الله تعالى وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام:


قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}. سورة البقرة آية (208)


أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: السلم الطاعة لله، وكافة يقول: جميعاً.


وقال ابن كثير: يقول الله تعالى آمرا عباده المؤمنين به المصدقين برسوله أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه والعمل بجميع أوامره وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك.


وقال مجاهد: ادخلوا في السلم كافة يعني في الإسلام جميعا.


وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}. سورة الأحزاب آية (36).


قال القرطبي: وهذا أدل دليل على ما ذهب إليه الجمهور من فقهائنا وفقهاء أصحاب الإمام الشافعي وبعض الأصوليين من أن صيغة أفعل للوجوب في أصل وضعها لأن الله تبارك وتعالى نفى خيرة المكلف عند سماع أمره وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- ثم أطلق على من بقيت له خيرة عند صدور الأمر اسم المعصية ثم علق على المعصية بذلك الضلال فلزم حمل الأمر على الوجوب والله أعلم.


وقال ابن كثير: فهذه الآية عامة في جميع الأمور وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هنا ولا رأي ولا قول كما قال تبارك وتعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}، وفي الحديث "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به" ولهذا شدد في خلاف ذلك فقال {ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} كقوله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.


وقال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.


المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده:


عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال: "مَن سلم المسلمون مِن لسانه ويده".


قالوا قيل السائل هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه نفسه وقيل هو وغيره.


أي الإسلام أفضل: أي الأعمال في الإسلام أعظم أجرا وأعلى مرتبة. سلم المسلمون من لسانه: فلا يسبهم، ولا يلعنهم، ولا يغتابهم، ولا ينم بينهم، ولا يسعى بينهم بأي نوع من أنواع الشر والفساد، فهو قد كفّ لسانه، وكف اللسان من أشد ما يكون على الإنسان، وهو من الأمور التي تصعب على المرء وربما يستسهل إطلاق لسانه.


ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل: "أفلا أخبرك بملاك ذلك كله"؟ قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه وقال:" كفّ عليك هذا" قلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟، يعني هل نؤاخذ بالكلام؟ فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم -أو قال على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم".


فاللسان من أشد الجوارح خطراً على الإنسان، ولهذا إذا أصبح الإنسان فإن الجوارح: اليدين والرجلين والعينين، كل الجوارح تكفر اللسان، وكذلك إيضاً الفرج، لأن الفرج فيه شهوة النكاح، واللسان فيه شهوة الكلام، وقلَّ مَن سلم مِن هاتين الشهوتين.


من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه:


عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".


وعن أبي عليّ الفُضَيْل بن عياض رضي اللّه عنه قال: مَنْ عَدّ كلامَه من عمله قلّ كلامُه فيما لا يعنيه.


وقال الإِمامُ الشافعيُّ رحمه اللّه لصاحبه الرَّبِيع: يا ربيعُ لا تتكلم فيما لا يعنيك فإنك إذا تكلَّمتَ بالكلمة ملكتكَ ولم تملكها. الأذكار للنووي (1/729).


وروينا عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: ما من شيء أحقُّ بالسجن من اللسان. وقال غيرُه: مَثَلُ اللسان مَثَلُ السَّبُع إن لم تُوثقه عَدَا عليك.


مثل المؤمن مثل النخلة:


عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟" فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبد الله ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: "هي النخلة"... قوله: "فوقع الناس": ذهبت أفكارهم وجالت، وقوله: "البوادي": جمع بادية وهي خلاف الحاضرة من المدن، وقوله: "فاستحييت" أي أن أقول هي النخلة توقيرا لمن هم أكبر مني في المجلس، وقوله: مثل المسلم: قال العلماء شبه النخلة بالمسلم في كثرة خيرها ودوام ظلها وطيب ثمرها ووجوده على الدوام فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى يبس وبعد أن ييبس يتخذ منه منافع كثيرة ومن خشبها وورقها وأغصانها فيستعمل جذوعاً وحطباً وعصيا ومخاصر وحصراً وحبالاً وأواني وغير ذلك ثم آخر شيء منها نواها وينتفع به علفاً للإبل ثم جمال نباتها وحسن هيئة ثمرها فهي منافع كلها وخير وجمال كما أن المؤمن خير كله من كثرة طاعاته ومكارم أخلاقه، "فوقع الناس في شجر البوادي" أي ذهبت أفكارهم إلى أشجار البوادي وكان كل إنسان يفسرها بنوع من أنواع شجر البوادي وذهلوا عن النخلة.


قال النووي: قال العلماء وشبه النخلة بالمسلم في كثرة خيرها ودوام ظلها وطيب ثمرها ووجوده على الدوام فانه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى ييبس وبعد أن ييبس يتخذ منه منافع كثيرة ومن خشبها وورقها وأغصانها فيستعمل جذوعا وحطبا وعصيا ومخاصر وحصرا وحبالا وأواني وغير ذلك ثم آخر شيء منها نواها وينتفع به علفا للإبل ثم جمال نباتها وحسن هيئة ثمرها فهي منافع كلها وخير وجمال كما أن المؤمن خير كله من كثرة طاعاته ومكارم أخلاقه ويواظب على صلاته وصيامه وقراءته وذكره والصدقة والصلة وسائر الطاعات وغير ذلك فهذا هو الصحيح في وجه التشبيه قيل وجه الشبه أنه إذا قطع رأسها ماتت بخلاف باقي الشجر وقيل لأنها لا تحمل حتى تلقح والله أعلم، وقوله: (فوقع الناس في شجر البوادي) أي ذهبت أفكارهم إلى أشجار البوادي وكان كل إنسان يفسرها بنوع من أنواع شجر البوادي وذهلوا عن النخلة، وقوله: "قال بن عمر وألقى في نفسي أو روعي أنها النخلة فجعلت أريد أن أقولها فإذا أسنان القوم فأهاب أن أتكلم".


مثل المؤمن كمثل النحلة:


شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمن الذهب في النقاء والصفاء، وشبهه بالنحلة في الرقة، واللطف، ولين الجانب، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن مثل المؤمن كمثل القطعة من الذهب نفخ فيها صاحبها فلم تغير ولم تنقص والذي نفس محمد بيده إن مثل المؤمن كمثل النحلة أكلت طيباً ووضعت طيباً ووقعت فلم تكسر ولم تفسد".


قال المناوي: يريد نحلة العسل ووجه الشبه حذق النحل وفطنته وقلة أذاه وحقارته ومنفعته وقنوعه وسعيه في الليل وتنـزهه عن الأقذار وطيب أكله وأنه لا يأكل من كسب غيره وطاعته لأميره وأن للنحل آفات تقطعه عن عمله منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار وكذلك المؤمن له آفات تفقره عن عمله ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام ونار الهوى.اهـ.


وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: مثل المؤمن والإيمان كمثل الفرس في آخيته يجول ما يجول ثم يرجع إلى أخيته وكذلك المؤمن يفترق ما يفترق ثم يرجع إلى الإيمان، وقال مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى شيء منه تداعى سائره بالسهر والحمى، وقال مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تكر إلى هذه مرة وإلى هذه مرة، وقال مثل القرآن كمثل الإبل المعلقة إن تعهد صاحبها عقلها أمسكها وإن أغفلها ذهبت وإذا قام صاحب القرآن به ذكره وإذا لم يقم به نسيه، وقال موسى بن عبيدة عن ماعز بن سويد العرجي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال مثل المؤمن الذي لا يتم صلاته مثل المرأة التي حملت حتى إذا دنا نفاسها أسقطت فلا حامل ولا ذات رضاع ومثل المصلي كمثل التاجر لا يخلص له الربح حتى يخلص له رأس المال وكذلك المصلي لا يقبل الله له نافلة حتى يؤدي الفريضة.


وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مقال:" إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض: السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعةٌ حُرم: ثلاثةٌ متوالياتٌ: ذو القعدة وذو الحجة، والمحرم، ورجبُ مُضرَ الذي بين جمادى وشعبان، أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم " فسكت حتى ظننا أنهُ سيسميه بغير اسمه، قال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى: قال: "فأي بلد هذا؟: قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنهُ سيسميه بغير اسمه قال: "أليس بالبلدة"؟ قلنا بلى. قال: "فيُ يوم هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: "أليس يوم النحر؟" قلنا: بلى قال: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه" ثم قال ألا هل بلغت؟، ألا هل بلغتُ؟ قلنا نعم. قال: " اللهم اشهد" متفق عليه. إعلام الموقعين.

يتبع إن شاء الله...


مَنْ هُوَ المُسْلِمْ؟ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

مَنْ هُوَ المُسْلِمْ؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: مَنْ هُوَ المُسْلِمْ؟   مَنْ هُوَ المُسْلِمْ؟ Emptyالسبت 02 فبراير 2013, 9:13 am

باب تعظيم حُرمات المُسلمين وبيان حقوقهم:


الواجب على المسلم أن يعظم حرمات الله تعالى وشعائره، وتعظيمها من تقوى القلوب.


قال الله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}.


وقال تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}.


وقال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ}.


وعن أبي مُوسى -رضي الله عنهُ- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" وشبك بين أصابعه، متفق عليه.


قوله تعالى ومن يعظم حرمات الله: أي ما جعله محترماً من الأماكن أو الأزمان أو الأشخاص، فالذي يعظم حرمات الله فهو خيرٌ له عند ربه، ومن كان يكره أو يشق عليه تعظيم هذا المكان كالحرمين مثلاً والمساجد، أو الزمان كالأشهر الحرم "ذي القعدة وذي الحجة والمحرم ورجب" وما أشبه ذلك، فليحمل على نفسه وليكرهها على التعظيم.


ومن ذلك تعظيم إخوانه المسلمين، وتنـزيلهم منـزلتهم، فإن المسلم لا يحل له أن يحقر أخاه المسلم، قال النبي عليه الصلاة والسلام: "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم".


"بحسب" الباء هنا زائدة والمعنى: حسبه من الشر أن يحقر أخاه المسلم بقلبه، أو أن يعتدي فيوق ذلك بلسانه أو بيده على أخيه المسلم، فإن ذلك حسبه من الإثم والعياذ بالله، وكذلك أيضاً تعظيم ما حرمه الله عزّ وجلّ في المعاهدات التي تكون بين المسلمين وبين الكفار، فإنه لا يحل لأحد أن ينقض عهداً بينه وبين غيره من الكفار.


ولكن المعاهدون ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:


القسم الأول: الذين أتموا عهدهم فهؤلاء نتمم عهدهم:


القسم الثاني: الذين خانوا أو نقضوا، قال الله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}. التوبة 7، فهؤلاء ينتقض عهدهم كما فعلت قريش في الصلح الذي جرى بينها وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديبية، فإنهم وضعوا الحرب بينهم عشر سنين، ولكن قريشاً نقضوا العهد، فهؤلاء ينتقض عهدهم ، ولا يكون بيننا وبينهم عهد، وهؤلاء قال الله فيهم: (أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَأُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةَ) (التوبة: 13).


والقسم الثالث: من لم ينقض العهد لكن نخاف منه أن ينتقض العهد، فهؤلاء نبلغهم بأن لا عهد بيننا وبينهم، كما قال تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (الأنفال :58) .


فهذه من حرمات الله عزّ وجلّ، وكل من عظمَ اللهُ من زمان أو مكان أو إيمان فهو من حرمات الله عز وجل فإن الواجب على المسلم أن يحترمه ، ولهذا قال الله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه) (الحج30)، وقال: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج:32) .


الشعائر: العبادات الظاهرة سواء كانت كبيرة أم صغيرة؛ مثل الطواف بالبيت، والسعى بين الصفا والمروة، والأذان والإقامة، وغيرها من شعائر الإسلام فإنها إذا عظمها الإنسان كان ذلك دليلاً على تقواه، فإن التقوى هي التي تحمل العبد على تعظيم الشعائر.


أما ألاية الثالثة فهي قوله تعالي: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الحجر: 88) وفي الاية الأخرى: (لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (الشعراء: 215)، والمعني تذلل لهم لهم في المقال والفعال؛ لأن الؤمن مع أخيه رحيم به، شفيق به، كما قال تعالي في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )الفتح: 29.


وفي قوله تعالى: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الحجر: 88)، دليلٌ على أن الإنسان مأمور بالتواضع لإخوانه وإن كان رفيع المنـزلة، كما يرتفع الطير بجناحه، فإنه وإن كان رفيع المنـزلة فليخفض جناحه وليتذلل وليتواضع لإخوانه.


وليعلم أن من تواضع لله رفعه الله عزّ وجلّ، والإنسان ربما يقول لو تواضعت للفقير وكلمت الفقير، أو تواضعت للصغير وكلمته أو ما أشبه ذلك، فربما يكون في هذا وضع لي، وتنزيل من رتبتي، ولكن هذا من وساوس الشيطان، فالشيطان يدخل على الإنسان في كل شيء، قال تعالى عنه: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (الأعراف: 16-17).


فالشيطان يأتي الإنسان ويقول له: كيف تتواضع لهذا الفقير؟ كيف تتواضع لهذا الصغير؟ كيف تكلم فلاناً؟ كيف تمشي مع فلان؟ ولكن من تواضع لله رفعه الله عزّ وجلّ، حتى وإن كان عالماً أو كبيراً أو غنياً، فإنه ينبغي أن يتواضع لمن كان مؤمناً، أما من كان كافراً فإن الإنسان لا يجوز له أن يخفض جناحه له، لكن يجب عليه أن يخضع للحق بدعوته إلى الدين، ولا يستنكف عنه ويستكبر فلا يدعوه، بل يدعوه ولكن بعزة وكرامة، ودون إهانة له، فهذا معنى قوله: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الحجر: 88).


وفي الآية الثانية: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (الشعراء:215)، فهذه وظيفة المسلم مع إخوانه، أن يكون هيناً ليناً بالقول وبالفعل؛ لأن هذا مما يوجب المودة والألفة بين الناس، وهذه الألفة والمودة أمرٌ مطلوب للشرع، ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن كل ما يوجب العداوة والبغضاء، مثل البيع على بيع المسلم [353]، والسوم على سوم المسلم، وغير ذلك مما هو معروف لكثير من الناس، والله الموفق.


ومن جملة الآيات التي فيها بيان تعظيم حرمة المسلم، والرفق به والإحسان إليه قوله تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}.


بين الله في هذه الآية أن مَن قتل نفساً بغير نفسه أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً؛ لأن حرمة المسلمين واحدة، ومن انتهك حرمة شخص من المسلمين ، فكأنما انتهك حرمة جميع المسلمين، كما أن من كذب رسولاً واحداً من الرسل، فكأنما كذب جميع الرسل.


ولهذا أقرأ قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) (الشعراء: 105، مع أنهم لم يكذبوا إلا واحداً، فإنه لم يُبعث رسولٌ قبل نوح، وما بعد نوح لم يدركه قومه، لكن من كذب رسولاً واحداً فكأنما كذّب جميع الرسل، ومن قتل نفساً محرمة، فكأنما قتل الناس جميعاً ؛ لأن حرمة المسلمين واحدة، ومن أحياها أي سعى في إحيائها وإنقاذها من هلكة؛ فكأنما أحيا الناس جميعاً.


وإحياؤها وإنقاذها من الهلكة تارة يكوم من هلكة لا قبل للإنسان بها فتكون من الله، مثل أن يشبّ حريق في بيت رجل، فتحاول إنقاذه، فهذا إحياء للنفس.


وأما القسم الثاني فهم ما للإنسان فيه قبلٌ، مثل أن يحاول رجل العدوان على شخص ليقتله، فتحول بينه وبينه وتحميه من القتل، فأنت الآن أحييت نفساً.


ومن فعل ذلك فكأنما أحيا الناس جميعاً؛ لأن إحياء شخص مسلم كإحياء جميع الناس.


فالمسلم له حق على أخيه المسلم، بل له حقوق متعددة، بيَّنها النبي -صلى الله عليه وسلم- في مواضع كثيرة:


منها: إذا لقيه فليسلم عليه، يلقي عليه السلام، يقول: السلام عليكم، ولا يحل له أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.


ولكن لك أن تهجره لمدة ثلاثة أيام، إذا رأيت في هذا مصلحة، ولك أن تهجره أكثر إذا رأيته على معصية أصرّ عليها ولم يتب منها، فرأيت أن هجره يحمله على التوبة، ولهذا كان القول الصحيح في الهجر أنهم رخصوا فيه خلال ثلاثة أيام، وما زاد على ذلك فينظر فيه للمصلحة؛ إن كان فيه خيرٌ فليفعل، وإلا فلا، حتى لو جاهر بالمعصية، فإذا لم يكن في هجره مصلحة فلا تهجره.


الواجب على المسلم:


قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}.


وقال الله تعالى: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.


فالذي يجب على المسلم هو طاعة الله جل وعلا، وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والعلماء العاملين بالكتاب والسنة، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.


وإذا نزلت بالمسلم نازلة فإنه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان، ولا يجب عليه التزام مذهب معين لأن كل واحد يؤخذ من قوله ويترك إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.


واتباع الشخص لمذهب معين لعجزه عن معرفة الشرع من جهته هو مما يسوغ، وليس مما يجب على كل أحد إذا أمكنه معرفة الشرع بغير ذلك الطريق.


والواجب على المسلم هو العمل بكتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وعدم التعصب لمذهب معين، أو قول مهما كانت جلالة قائله إذا كان الراجح من حيث الدليل خلافه.


والواجب على المسلم هو امتثال أمر الله تعالى، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". متفق عليه.


والواجب على المسلم هو أن يحب الخير لأخيه المسلم، كما يحبه لنفسه، وأن يكره له من الشر ما يكره لنفسه، هذا هو مقتضى كمال الإيمان، والاتصاف بصفات المؤمنين الذين هم أهل تواد وتراحم وتعاطف.


فالذي يجب على المسلم هو أن يتقي الله تعالى ويمتثل أوامره ويجتنب نواهيه.


وأن يثق بما عند الله تعالى، وأن لا يجعل من فساد الزمان وجشع الناس وتنافسهم على جمع الأموال المحرمة مسوغاً أو ذريعة للمخالفات، فالمسلم مطالب بالالتزام والاستقامة في كل زمان وفي كل مكان.


نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.


والواجب على المسلم هو أن يتحرى الكسب الحلال، ويتجنب الكسب المحرم.


والواجب على المسلم هو أن يحاول أن يصبغ المجتمع الذي يعيش فيه بصبغة الإسلام، وأن يكون فرداً فعالاً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، ومن هنا فالواجب على الطالبات هو السعي في تأخير المحاضرات حتى لا تتعارض مع وقت صلاة من الصلوات، وذلك برفع شكوى إلى المختصين، فإن عجزن عن ذلك، وأمكنهن الصلاة بداخل قاعة الدراسة وجب ذلك، ولم يكن لهن تأخير الصلاة، فإن عجزن عن ذلك وأمكنهن الحصول على مادة المحاضرة مصورة أو مسموعة ولم يكن في غيابهن حرمان لهن، وجب عليهن الغياب لإدراك وقت الصلاة، فإن عجزن عن ذلك كله، وترتب الضرر على غيابهن فيجوز لهن الجمع تقديماً .


منهاج حياة المسلم:


ومنهاج حياة المسلم هو كتاب الله تعالى وسنّة سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وغلى آله وصحبه أجمعين ففي التمسك بهما الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة جعلني الله وإياكم من المفلحين فيهما , ومما أسف له أن يكون من أبناء هذه الأمة من يرد بعض هذه الدلائل إما جملةً وإما تفصيلاً وإما كليهما معاً دون والله المستعان.


لقد حمل المسلمون من كل الاجيال هذا الدين وأظهروا عجائبه في النفس والمجتمع، حتى دخل الناس في دين الله أفواجا، وحتى من قبل أن يسمع الناس النصوص أو يروها، لقد كانوا صنائع ربانية بمنهج الله وحده، وصنعوا التاريخ بسلوكهم وتفانيهم في التحقق بروح هذا الدين .


ومهما رأيتم اليوم من العداء، والتجريح، والتشويه لهذا الدين، ومهما لاقيتم من الصعاب والمحن، فاعلموا أن المستقبل ليس لهذا الدين، ولكن المستقبل هو هذا الدين.


وانه ما من شيء سوف يهدم الحجب بين الناس وبين الإسلام إلا سلوك أبنائه، سلوك المسلم هو الرسالة الوحيدة التي فهمتها الإنسانية عن الإسلام على مر العصور, وسلوك المسلم سيكون الرسالة الوحيدة التي ستفهمها الإنسانية اليوم عن الإسلام والمسلمين.


وكما يعلمنا تاريخنا , فانه لم تكن هناك من أمة على وجه الأرض، أرادت إفناء الإسلام بإفناء أهله أو تشويه تاريخه، إلا ودخلت في دين الله أفواجا، وانه ما من قوم درسوا التاريخ الإسلامي اليوم واطلعوا على عجائبه إلا ودخل الإسلام قلوبهم وان لم يسلموا لله.


لقد اجتهد كثيرون ليظهروا لنا أن المسلم هو ذلك الإرهابي الذي يحمل سيفا يقطر دماً، بينما المسلم لم يحمل السيف على مر التاريخ إلا ليدافع عن نفسه أو لينشر الخير في الأرض , ويدافع عن البشرية.


فعلى المسلم أن يطبق الإسلام بالشكل الصحيح، ويتبع فيه سيد المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام، وأن يتقي الله في السر والعلن.


ثمرات عمل المسلم:


لعمل المسلم ثمرات لا تقارن بثمرات عمل الكافر، وذلك لمضاعفة أجور المسلم عند الاحتساب.


حيث إن عمل المسلم على قسمين:


عمل عبادة محضة، وعمل عادة وعبادة، وهذا ما أزيده بيانا في المطلبين الآتيين:


المطلب الأول: العبادة المحضة:


أجل وأعظم عمل يعمله المسلم هو العبادة الخالصة لله تعالى، كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، وغيره من العبادات المحضة.


ويجني المسلم ثمرات هذه الأعمال الصالحة الخالصة مرتين:


مرة عاجلة في دنياه، وأخرى آجلة في أخراه.


فالعاجلة هي ما يجده المسلم من طيب العيش في الحياة الدنيا بسبب هذه الأعمال الصالحة، كما أخبر الله تعالى بقوله في سورة النحل الآية 97: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".


ومن ذهاب الخوف عنه والحزن، وتبشيره بالنعيم المقيم قبل مغادرته الحياة الدنيا، كما قال الله تعالى: في سورة يونس الآية 62 "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" سورة يونس الآية 63: "الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ" وسورة يونس الآية 64: "لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".


وتبشيره بالنعيم قد يكون بالرؤيا الصالحة يراها أو ترى له، أو بشرى الملائكة له بالجنة والمغفرة عند احتضاره ينظر. (تفسير القرآن العظيم) لابن كثير (2 / 423، 424).


كما قال تعالى: سورة فصلت الآية 30 "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ" ويجني المسلم ثمار عمله الصالح مرة أخرى في الآخرة".


وهي الثمرة العظمى التي ينتظرها المنتظرون، ويتنافس فيها المتنافسون، تلك الثمرة هي جنات النعيم، جنات تجري من تحتها الأنهار: سورة الحديد الآية 12: "بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ"، لهم في هذه الجنات ما يشتهون، ولهم فيها ما يدعون، ولهم فيها من قرة الأعين ما لا يعلمه إلا رب العالمين: سورة السجدة الآية 17: "فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"، نسأل الله من فضله.


المسلم هو الذي يطبق أحكام الإسلام بفعل الأوامر واجتناب النواهي, والأحكام الشرعية لا تعرف إلا بالأدلة الشرعية وقد دلت النصوص النبوية والأدلة العقلية وإجماع الصحابة الذين عاشوا أيام الرسالة على أنه لا يجوز العمل بحكم مّا إلا إذا كان له أصل يدل عليه دَليل من الأدلة التي قررها أئمة الفتوى مصدراً للاستدلال.


الأخلاق والمعاملة:


سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله، -صلى الله عليه وسلم- فقالت: "كان خلقه القرآن".


وقد أثنى الله على رسوله، -صلى الله عليه وسلم- فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.


أما المعاملة فهي قرينة الأخلاق، حيث إن معاملة المرء نتاج طبيعي لأخلاقه، ولقد رسم القرآن المنهج السوي لما يجب أن تكون عليه أخلاق المسلم ومعاملاته.


وهذا الباب يسوده الغلو والجفاء، ويندر فيه المنهج الوسط، ولذلك فقد عني القرآن الكريم به عناية خاصة، وجاءت الآيات تترى توضح هذا المنهج، وتدعو إليه، وتربي الأمة عليه، وتحذر مما يضاده غلوًا أو جفاء، إفراطًا أو تفريطًا.


وكذلك أمر الله بالوفاء بالعهود والمواثيق والعقود، وذلك من صميم المعاملة التي يجب أن تكون بين المسلمين، بل حتى ولو كانت مع الكافرين، فقال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)المائدة، وقال: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ}. سورة التوبة آية (4)


ومن الأخلاق التي أمر الله بها، ما أمر به الزوج عندما يطلق زوجته طلاقًا رجعيًا، حيث قال: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}.


وكذلك من العدل وحسن الخلق في المعاملة ما جاء بالأمر بالوفاء بالكيل، قال سبحانه: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ}. سورة الإسراء آية (35) .


ولذلك شنع الله على أولئك الذين حادوا على المنهج الوسط في الكيل والميزان، فقال: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) (المطففين:1-5).


ومن الخلق التي أمر الله بها ما جاء في سورة المجادلة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا}. المجادلة آية (11).


وإذا تأملنا سورة الحجرات وما فيها من أخلاق عالية أمر الله بها، ونهى عن سيئ الأخلاق وأرذلها، علمنا الجهد المبذول لتربية هذه الأمة على الأخلاق القويمة، وتجنيبها ما وقعت فيه بعض الأمم السابقة من أراذل الأخلاق وسفسافها كأهل الكتاب عمومًا واليهود خصوصًا.


فالمسلم هو: الذي يشهد أنْ لا إله إلَّا الله، وأنَّ محمَّداً رسول الله، ويقيمُ الصَّلاة، ويؤتي الزَّكاة، ويصومُ رمضانَ، ويحجُّ البيتَ.


هذا هو المسلم الكامل الإسلام، ولكن المراد بالمسلم هنا: من يشهد أن لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسول الله؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل: «إنك تأتي قوماً من أهلِ الكتاب، فادْعُهُمْ إلى شهادة أنْ لا إله إلا الله، وأنِّي رسولُ الله، فإن هم أطاعُوا لذلك؛ فأعْلِمْهُم أنَّ الله افترض عليهم خمسَ صلوات...». الحديث.


والمسلم من سلم المسلمون من لسانه أي كف عنهم؛ لا يذكرهم إلا بخير، ولا يسب، ولا يغتاب، ولا ينم، ولا يحرش بين الناس، فهو رجلٌ مسالم، إذا سمع السوء حفظ لسانه، وليس كما يفعل بعض الناس -والعياذ بالله- إذا سمع السوء في أخيه المسلم طار به فرحاً، وطار به في البلاد نشراً عافنا الله من هذا الشر.


الثاني: من سلم المسلمون من يده، فلا يعتدي عليهم بالضرب، أو الجرح، أو أخذ المال، أو ما أشبه ذلك، قد كف يده لا يأخذ إلا ما يستحقه شرعاً، ولا يعتدي على أحد، فإذا اجتمع للإنسان سلامة الناس من يده ومن لسانه، فهذا هو المسلم.


وعلم من هذا الحديث أن من لم يسلم الناس من لسانه أو يده، فلا يكون عمله من عمل المسلم، فمن كان ليس لهم همٌ إلا القيل والقال في عباد الله، وأكل لحومهم وأعراضهم، وذلك من كان ليس لهم همٌ إلا الاعتداء على الناس بالضرب، وأخذ المال، وغير ذلك مما يتعلق باليد، يكون هذا من الكفر العملي الذي أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".


هكذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام، وليس إخبار النبي صلى الله عليه وسلم لمجرد أن نعلم به فقط، بل لنعلم به ونعمل به، وإلا فما الفائدة من كلام لا يعمل به، إذا فاحرص إن كنت تريد الإسلام حقاً على أن يسلم الناس من لسانك ويدك، حتى تكون مسلماً حقاً، أسال الله تعالى أن يكفنا ويكف عنا، ويعافنا ويعفو عنا، إنه جواد كريم.


الخاتمة:


وأختم بباقة مِن أحاديث مَن أوتي جوامع الكلم وخاتم الأنبياء والرسل -صلى الله عليه وسلم- وأفضل من مشى على هذه البسيطة:


عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن ستر عورة أخيه، ستر الله عورته يوم القيامة، ومَن كشف عورة أخيه المسلم، كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته".


ورواه ابن حبان في صحيحه إلا أنه قال فيه: "يا معشر مَن أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه! لا تؤذوا المسلمين ولا تعيِّروهم ولا تطلبوا عثراتهم".


وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قيل يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل أخيه".


وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال عليه الصلاة والسلام: "لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً".


وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض".


وعن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أتدرون ما المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار". رواه مسلم.


وفي صحيح البخاري برقم (7152) عن خَالِدٌ عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنِ طَرِيفٍ أَبِى تَمِيمَةَ قَالَ شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَبًا وَأَصْحَابَهُ وَهْوَ يُوصِيهِمْ فَقَالُوا هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ -قَالَ- وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَقَالُوا أَوْصِنَا. فَقَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإِنْسَانِ بَطْنُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ إِلاَّ طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ». قُلْتُ لأَبِى عَبْدِ اللَّهِ مَنْ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جُنْدَبٌ قَالَ نَعَمْ جُنْدَبٌ.


نسأل الله لنا ولكم الإخلاص والقبول في العمل وتطبيق شرع ربنا كما علمنا نبينا وعلى فهم سلفنا رضوان الله عليهم جميعاً.


وبهذا تم الكتاب والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأرجو الله أن تكونوا قد انتفعتم به، وأن تعملوا به، وأن يعم به النفع.


وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد إن لا إله ألا أنت أستغفرك وأتوب إليك.


وكتبه الفقير إلى عفو ربه
ماجد بن خنجر البنكاني
أبو أنس العراقي
11/ربيع الأول/1430هـ .
الموافق 8/3/2009 م


مصادر البحث:


1- القرآن الكريم .
2- مسند الإمام أحمد .
3- صحيح البخاري .
4- صحيح مسلم .
5- معجم الطبراني الكبير .
6- مصنف ابن أبي شيبة .
7- تفسير الطبري .
8- تفسير القرطبي .
9- تفسير ابن كثير .
10- فتح الباري .
11- شرح صحيح مسلم للنووي .
12- مستدرك الحاكم .
13- فيض القدير .
14- سنن النسائي .
15- السلسلة الصحيحة .
16- صحيح ابن خزيمة .
17- مشكاة المصابيح .
18- مجموع الفتاوى .
19- زاد المعاد .
20- الترغيب والترهيب .
21- صفة الصفوة .
22- لسان العرب .
23- النهاية في غريب الحديث.


مَنْ هُوَ المُسْلِمْ؟ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
مَنْ هُوَ المُسْلِمْ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـعــقـيــــــــدة الإســــلامـيــــــــــة :: كتابات في العقيدة-
انتقل الى: