منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين Empty
مُساهمةموضوع: يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين   يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين Emptyالأربعاء 12 ديسمبر 2012, 10:42 pm

مقالات في الثورات العربية

تأليف/ د. وسيم فتح الله

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

الحمد لله المحمود بكل لسان، حيٌ قيومٌ لا يشغله شأنٌ عن شأن، أنزل القرآن
والحديد ليسوس الحكام الناس بالدين الحق والحكم السديد، والصلاة والسلام على رسول
الله خاتم النبيين وإمام الغر المحجلين، ومن التزم سنته واهتدى بهداه إلى يوم
الدين، وبعد؛


إن أعداء الإسلام ما برحوا يشككون في دين الله ليفتنوا الناس عن عبادة
الرحمن إلى عبادة الشيطان، وإن المنافقين المندسين في جنبات المجتمع المسلم ما
برحوا يسمعون لهم ويبثون شبهاتهم وينفخون سمومهم حتى روجوا لأفراد هذه الأمة
العظيمة أنها أمة ميتة، وأن تاريخها المجيد ليس سوى حشو ورقات في كتب التاريخ التي
أكلها العث والغبار، حتى ظن بل أيقن كثير من أبناء الأمة أن الأمر محسوم، وأن
قائمةً لهذه الأمة لا يمكن أن تقوم، كيف وقد تسلط على حراسة مصالح أعدائها وحماية
حالة التخلف فيها حراسٌ أوفياء، عطلوا الحكم بشرع الله ليحكموا بزبالات عقولهم،
ومسخوا منابر المساجد أبواقاً لترويج باطلهم، واتخذوا من عمائم علمائها ستراً
لعارهم، وأخرسوا كل لسانٍ ناطق بحقٍ كي لا يفضح كذبهم، وهجروا عقول الأمة إلى بلاد
عدوهم، ووجهوا بنادق جيوشهم إلى أبناء أمتهم، حتى إذا اطمأن عدو الخارج والداخل
إلى استقرار الحال أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، فثارت الثورات وزلزلت العروش
وتحطمت نصبٌ وأوثان وإن بقي غيرها كثير، ورغم اشتباه كثير من الأمور وعدم تمحضها
على وزان الشرع، فإن الواقع المهم الذي تحقق اليوم هو وجود حركة تغيير لدى الشعوب
العربية المسلمة لعلها تستدر لطف الله ورحمته بتغيير أحوالها إلى الخير والصلاح،
فإن الفأل الحسن سنة، وإن دخولنا في قوله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى
يغيروا ما بأنفسهم) [1] أحب إلينا من الدخول في قوله تعالى: (وإن تتولوا يستبدل
قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) [2
].


ولقد كنت سطرت بعض المقالات في الفترة السابقة والمواكبة لبعث الثورات
العربية، منها ما هو أقرب إلى التأصيل المنهجي، ومنها ما هو أقرب إلى النظر
السياسي الشرعي، ومنها ما هو تهييج وتحضيض لبعث الأمة من ركام الجاهلية المعاصرة،
فرأيت استخارة الله تعالى في جمعها في موضع واحد عسى أن يكون فيها من النفع
لكاتبها بالنصيحة لله وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم، ولقارئها باتباع ما
وافق الحق منها مستنبطاً من نصوص الوحي وأصول الشرع ومتحرياً سنة السلف ما وسع
الجهد، وأنبه إلى أن بعض المقالات تتعلق بأحداث معينة فالنظر السياسي الشرعي متعلق
بسياق هذه الأحداث فربما لا يصلح تعديته عن موضعه، وهذا شأن أمور السياسة الشرعية،
وأياً ما كان فإن ما كتبته يمثل رأيي ولا أنسب منه إلى الله ورسوله صلى الله عليه
وسلم إلا ما وافق الحق في نفس الأمر، متردداً بآمالي وطمعي في كرم الله بين الأجر
والأجرين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
.


وكتب أفقر خلق الله

وسيم فتح الله

10 جمادى الأولى 1432هجرية

13 نيسان 2011 ميلادية

يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين

الحمد لله العزيز الجبار، والصلاة والسلام على رسوله ما تعاقب الليل
والنهار، وعلى آله وأزواجه وصحابته الأخيار، ومن اتبع هديهم وسار على سننهم ما بقي
في الأرض مؤمنون وكفار، وبعد،


فإن قضية الولاء والبراء هي قضية اليوم، وإن رحى الحرب اليوم لا تدور على
شيء كما تدور على قضية الولاء والبراء، يستوي في ذلك الحرب العلنية من جبهات الكفر
الصهيوصليبي العالمي على دار الإسلام، والحرب الخفية التي يخوضها الزنادقة
والمنافقون من بني جلدتنا المتسترين بالشهادات الجامعية تارة، وبالعمائم ومنابر
الجمعة تارة، وبوسائل الإعلام العميل تارة، وبأوكار التعامل الاستخباراتي الخسيسة
المجندة لخدمة أعداء الله ورسوله تارة أخرى
.


ولقد نهى سبحانه وتعالى عباده المؤمنين عن اتخاذ فريق الشقاء أولياء وقد
حاربوا الله ورسوله، فقال عز وجل: (يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم
أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يُخرجون الرسول وإياكم أن
تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة
وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل)[68]، وإن
القلب ليطير فرحاً بهذه الآية التي جعل الله تعالى فيها عدوَّنا عدوَّه وعدوَّه
عدوَّنا، تأمل أيها العبد وأنت في فسطاط ربك الملك الجبار عزيزاً بالتذلل بين
يديه، غنياً بالافتقار إليه، فكيف تفر من فسطاط الملك إلى فسطاط العدو الخسيس
ملقياً إليه حبال الود والمحبة، إنه والله الضلال عن سواء السبيل نسأل الله
السلامة من ذلك
.


وسر مسألة الولاء والبراء أنه يدور حول حقيقة التوحيد الخالص ألا وهو حب
الله تعالى وحده لا شريك له، فمن وفقه الله تعالى لفهم هذا السر سهل عليه فهم كل
ما يترتب على هذا الحب، ومن استعصى عليه هذا الفهم ولم يوفق لذوق لحظة من ذلك الحب
الخالص للمولى عز وجل لم يتجاوز مرارة قطع حبال الود مع المخلوقين، وظلَّ صريعاً
لشبهات المضللين، وأسيراً لتزييف إبليس اللعين.


وأي شيء تساوي الدنيا بأسرها إذا
ما عاشها العبد ثم خرج منها ولم يتذوق أجمل ما فيها ألا وهو حب الله تعالى، أي
شيء؟


إن هذا النداء الإيماني الذي نعيش في ظلاله في هذه الرسالة هو نداء
التوحيد، وهو لب العقيدة الإسلامية، وإن التوفيق للحظة منه لا يدانيها شيء، وإن
فواتها لا يعوض عنه شيء البتة.

فلنعرج على بعض معالم عقيدة الولاء والبراء، عقيدة
الحب الخالص لله وقطع حبال وُدِّ كل من سواه، رب يسر وأعن؛


أولاً: الإيمان والكفر من أسماء
الدين الخالدة
:

لقد فرق الله تعالى ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم بين الناس؛ فكافرٌ
ومؤمن، وشقيٌ وسعيد، قال عز وجل: (هو الذي خلقكم فمنكم كافرٌ ومنكم مؤمن والله بما
تعملون بصير)[69]، وإن هذه الحقيقة الدينية حقيقةٌ خالدةٌ خلود هذا الدين، لا
تندرس أسماؤها كما لا تندرس مسمياتها. وهل درات رحى الدعوة إلى الله إلا على
الفرقان بين الحق والباطل، بين الكفر والإيمان؟ قال تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من
شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم
آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء
قدير)[70]، فالقرآن هو الفرقان الذي فرق الله تعالى به بين الجمعين؛ جمع الحق
والباطل، جمع الإيمان وجمع الكفر، فأين تلك الفئران المعترضة على حكم الله، وأين
تلك الخفافيش التي تحاول الخروج من مغارات الجهل لتشوش على نور القرآن الذي لا
تطيقه أمثالها من كائنات الظلام، ألا فلتقبع تلك الخفافيش في مغاراتها، فإن نور
القرآن لأمثالها نارٌ حارقة
...


اعلم إذاً أيها المؤمن أن محالاوت المرجفين تعطيلَ أسماء الدين لن تبوء إلا
بالخسران المبين، واعلم أن بقاء هذه الأسماء يستلزم بقاء أحكامها، وإن هذه الأحكام
محكمةٌ باقية إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، لا تعطيل ولا تحريف، لا طمس
ولا شطب.


نعم هم سيحاولون التحريف كما يأمرهم أسيادهم من اليهود، فإن التحريف من
سنن اليهود عليهم لعائنُ اللهِ المتتابعة كما قال تعالى: ( قل من أنزل الكتاب الذي
جاء به موسى نوراً وهدى للناس تجعلونه قراطيس تُبدونها وتُخفون كثيراً) [71]،
فالذين يريدون طمس أسماء الدين وإخفاء أحكامه اليوم إنما يسيرون على سنن أوليائهم
من اليهود، فلتختر لنفسك سبيلاً أيها المسلم تفارق به هؤلاء، وتعلن به منهم البراء
.


ثانياً: توحيد الحب لله تعالى حقيقة الإيمان:

لقد جعل الله تعالى الحبَّ الخالص له عز وجل علامةَ الفصل بين عباده
المؤمنين وعبدة الطواغيت والشياطين، حيث قال الله تعالى: (ومن الناس مَن يتخذ مِن
دون الله أنداداً يُحبّونهم كَحُبِّ الله والذين آمنوا أشدُّ حُباً لله) [72]، فكل
من عبد معبوداً فإنه يجد في نفسه جنسَ محبةٍ لهذا المعبود، ولكن الحبَّ الأكمل
والحب الصحيح الموافق للحق المصروف إلى من يستحقه فعلاً بل لا يستحقه أحد على
الحقيقة سواه هو حب المؤمنين لله رب العالمين، وهذا الحب الأشد لله تعالى هو
الفيصل بين المؤمنين والمشركين، وهذا الحب الخالص هو التوحيد الذي لا ينشأ إلا عن
معرفة الله تعالى حق المعرفة بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وأنه وحده المتفرد
بصفات الكمال ونعوت الجلال لا إله غيره ولا معبود بحق سواه
.


فمن عرف الله تعالى أحبه، ومن أحب الله استحال أن يجتمع في قلبه حب من
سواه، وإن من لوازم هذا الحب الصحيح الخالص حب ما يحبه اللهُ تعالى وبغض ما يبغضه،
وتولي من يحب اللهَ ويحبه اللهُ، والتبرؤ ممن يبغض اللهَ ويبغضه اللهُ.

وأنت تجد
محبي الأنداد لما كانوا متوالين في الدنيا داخلين في طاعتهم وولائهم لمصالحَ لهم
موهومة ولأوصاف لآلهتهم مزعومة تجدهم تتقطع بينهم علائق الولاء هذه في الآخرة، حيث
تتبدد الأوهام وتنفضح المزاعم الباطلة، فتتبرأ الآلهة المزعومة من عُبّادها،
ويتمنى الأتباع لو تبرءوا منهم ولكن حيل بينهم وبين ما يشتهون.

تأمل قوله تعالى:
(إذ تبرَّأ الذين اتُبعوا من الذين اتَبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال
الذين اتَبعوا لو أن لنا كَرَّة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم
حسراتٍ عليهم وما هم بخارجين من النار) [73]، فهلا كانت البراءة من الكفر
وأئمة الكفر وآلهة الكفر وسدنة الكفر في الدنيا حيث
العمل يسبق الجزاء، قبل أن تكون مشاهد الحسرة والخسران حيث الجزاء ولا عمل
...


واعلم أخي المسلم أنك إذا وفقت إلى فهم هذه المسألة فقد رزقت خيراً عظيماً،
وأصبحت آيات الولاء والبراء لديك محكمةً لا لبس فيها ولا غموض، كمثل قوله تعالى: (
لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدّون من حآدّ الله ورسوله ولو كانوا
آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيَّدهم
بروحٍ منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا
عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) [74]، فلا تستشكل بعد ذلك ما
تراه ممن يُظهر الإسلام وهو يواد ويوالي ويناصر أعداء الله وأعداء رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فإن الذين تراهم يقومون بذلك ليسوا بمؤمنين على الحقيقة كما هو نص
الآية الكريمة، إذ كيف تربط المؤمنَ بالله والمعادي لله علاقةُ مودة، أم كيف يستقر
في القلب مودةُ من حادَّ الرسول صلى الله عليه وسلم بالقول أو الفعل أو بهما معاً،
كيف
...


إن المؤمن بالله إذاً من وحَّد حبَّه لله تعالى، ومن وحَّد حبَّه لله تعالى
قطع كل حبٍ لما سواه، فكيف بمن حاد الله وكفر به وحاربه وعاداه وعادى رسله
وأولياءه وعباده الصالحين، أليس أولئك أولى من تقطع العلائق معهم ويُعلن البراءة
منهم؟
!


ثالثاً: من تولَّى قوماً ووالاهم فهو منهم:

هذه حجة الله تعالى على خلقه وعباده المؤمنين، فقد أعذر الله تعالى إلى
عباده حين بين لهم سبيل الحق وسبيل الباطل، ومايز بين أهل الإسلام وأهل الأوثان،
وفرق بين فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر والطغيان،


قال الله تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين
أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً) [75]، نعم إن من اتخذ الكافرين
أولياء من غير المؤمنين فقد التحق بفسطاطهم وفارق جماعة الإيمان، وتأمل الآية
التالية لهذه الآية: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً) [76]،
فكما قطع أهل النفاق نصرتهم عن أهل الإيمان وصرفوها إلى الكفار الذين اتخذوهم
أولياء من دون المؤمنين استحقوا أن تنقطع عنهم نصرة الله تعالى يوم القيامة وأن
يلتحقوا بإخوانهم الكفار في دركات النار
.


ولقد حذر القرآن الكريم في موضع آخر من مغبة هذه الموالاة الباطلة في آيات
قارعات وصواعق مرسلات على كل من تسول له نفسه نصرة فسطاط الكفرة المعادين لله
تعالى المستهزئين بدينه وبشعائر دينه حيث وصفهم سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين
آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم
والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين. وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً
ولعباً ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) [77]، فهؤلاء الذين يستهزئون بدين الله ويتخذونه
لعباً، ويسخرون من ركن الإسلام الأعظم بعد الشهادتين وهو الصلاة ويتخذونها لعبا،ً
كيف يتصور امرؤ مسلم أن يناصرهم ويحبهم ويوادهم ويواليهم؟


اللهم إن من فعل ذلك لا يمكن إلا أن يكون هو نفسه ممن يتخذ دين الله هزواً
ولعباً، ويتخذ عبادات وشعائر الإسلام لهواً ولعباً، فهو يهوديٌ كاليهود، وهو
نصرانيٌ كالنصارى، وهو كافرٌ
كالكفار، وهذا نص كلام
الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء
بعض ومن يتولَّهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) [78]، فهذا حكم
الله تعالى ولا مقعب لحكمه: ومن يتولهم منكم فهو منهم،


قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله: "فإن من تولاهم ونصرهم
على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولٍّ أحداً إلا وهو به
وبدينه وما هو عليه راضٍ، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه
حكمه" [79
]،


وعن محمد بن سيرين قال: قال عبد الله بن عتبة: ليتقِ أحدُكم أن يكون يهودياً
أو نصرانياً وهو لا يشعر قال: فظنناه أنه يريد هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا لا
تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) [80
].


رابعاً: البراءة من اليهود والنصارى ضرورةٌ إيمانية، وتوليهم محرمٌ ناقض
للإيمان
:

إن عقيدة التوحيد عند كل مسلم تستلزم منه أن يتبرأ إلى الله تعالى من كفر
اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار، وأن يبغض ما هم عليه من كفر، ويبغضهم لكفرهم
بغضاً شرعياً لا بغضاً شخصياً لمجرد دواعي الهوى، أي أنك تبغضه لمجرد كفره، لا
لأنه حرمك أو ظلمك في مصالحك الشخصية
.


والدليل على وجوب ذلك قوله تعالى: (قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم
والذين معه إذ قالوا لقومهم إنَّا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم
وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم
لأبيه لأستغفرنَّ لك وما أملك لك من الله من شيء) [81]، وقد بينت الآية الأخرى أن
استثناء إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه كان لشبهة أنه يتوب، فلما زالت
الشبهة عاد إلى أصل البراءة من الكفار،
قال تعالى: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إياه فلما تبين
أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأوّاهٌ حليم)[82].


ولقد تقدمت معنا آيةٌ أخرى تؤكد هذا الحكم في اليهود والنصارى خاصة حيث قال
عز وجل: (يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض
ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) [83]، وهكذا فإن لازم
البغض والعداء في الله تحريم تولي أعداء الله من اليهود والنصارى؛ فمن تولى
اليهودي فهو من اليهود، ومن تولى النصراني فهو من النصارى بنص القرآن الكريم: (ومن
يتولهم منكم فإنه منهم)، ومعنى التولي يشمل الحب والمودة والإعجاب والنصرة
والمظاهرة -أي المساعدة- على المسلمين وحب الإقامة بينهم لما هم عليه من كفر وحب
الاقتداء بهم وحب رياستهم وفعل ذلك كله مما هو مبسوط في مقالات أهل العلم ومجمع
عليه بينهم
.


خامساً: موالاة اليهود والنصارى علامة مرض القلب:

إن موالاة أعداء الله تعالى والتقرب إليهم بالمودة والمحبة وتقديم قرابين
الطاعة والانقياد لهم لا يمكن أن يصدر عن قلبٍ عامرٍ بالإيمان متذوقٍ لحلاوته، وإن
ظهور معالم الموالاة بين مدعي الانتساب للإسلام وبين أعداء الإسلام من الكفار
واليهود والنصارى لا يمكن أن يدل إلا على شيءٍ واحد ألا وهو مرض القلب؛ ونحن لا
نأتي بهذا التشخيص من عند أنفسنا بل هو تأويل قول الله تعالى: (فترى الذين في
قلوبهم مرضٌ يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح
أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسرَوا في أنفسهم نادمين)[84
].


نعم؛ لقد فضح الله تعالى مرضى القلوب هؤلاء وبيَّن أن توليهم أعداء الإسلام
ليس له معنى سوى أنهم هم أنفسهم من أعداء الإسلام، وأن الإيمان لم يستقر في قلوبهم
قط، فلا عجب ألا يطمأنوا إلا إلى أمثالهم، ولا غرابة من أن يلتحق معسكر النفاق مع
معسكر الكفر الظاهر في الدنيا كما قال الله تعالى في الآية التالية: (ويقول الذين
آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا
خاسرين) [85
].


لقد كانت تلك الأيمان إذاً أيماناً كاذبةً، ولقد كان مرض القلب كامناً عند
أولئك الذين يظنون أنهم بموالاة أعداء الله تعالى قد آووا إلى ركنٍ شديد، وأنهم قد
أمنوا على أنفسهم وأموالهم ورياساتهم ومناصبهم، فيا لخسارة هؤلاء الذين ابتغوا
العزة في غير موضعها، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، قال الله تعالى:
(بشِّر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً. الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون
المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً. وقد نزَّل عليكم في الكتاب أن
إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ
غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً) [86
].


فليتأمل هذه الآيات من يسمي أمريكا وروسيا وبريطانيا وغيرها دولاً صديقة،
وليتأمل هذه الآيات من يجالس أئمة الكفر على موائد الخمر المترعة من دماء المسلمين
حيث يتقاسمون على الكفر، ليتأمل قوله تعالى: (إنكم إذاً مثلهم)، نعم والله إنكم
مثلهم
...


وكما أن موالاة أعداء الله مرض في القلب فإنه خلل في العقل، إذ كيف يوالي
المسلم قوماً فضحهم الله تعالى بقوله: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن
مريم) [87]، وقوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالثُ ثلاثة) [88]، وقوله
تعالى: (وقالت اليهودُ يدُ الله مغلولة غُلَّت أيديهم ولُعنوا بما قالوا بل يداه
مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدنَّ كثيراً منهم ما أُنزل إليك من ربك طغياناً
وكفراً) [89]، وهذا من جهة حق الله تعالى
.


وأما من جهة مصالح النفس وحظوظها فإن تولي ومناصرة ومظاهرة وموادة من سبقت
منه الإساءة والظلم والعدوان واستباحة الدماء والأموال والأعراض هي غاية السفه، إذ
كيف تركن الضحية إلى السفاح، وكيف يرجو المعتدَى عليه الأمن والأمان عند المعتدِي؟
وقد قال الله تعالى محذراً منهم: (إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم
أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون) [90
].


فاعلم أن من ينتظر تحرير شبرٍ من أراضي المسلمين عن طريق موالاة أعداء الله
مختلُ العقل فضلاً عن كونه معتلَّ القلب، ثم تأمل علماء السوء الذين يريدون أن
يروجوا على عامة المسلمين أكاذيب هؤلاء وأباطيلهم بإيهام المسلمين أن هؤلاء هم
ولاة أمر المسلمين وحماة ديارهم والمنافحين لدرء الخطر عنهم، وما ذلك إلا كمن ينظر
إلى المزابل فيسميها بساتين أو يشتم ريحها الخبيثة فيوهم أن فيها ريح المسك
والياسمين، ولكن ذلك لا يروج إلا على كل أعمى متبلد الحس مزكوم الأنف فهو لا يقوى
على تمييز الحق من الباطل، ولا يميز بين عبق الزهور واستكناه الأفواه المترعة
بالخمور
...


سادساً: موالاة الله ورسوله والمؤمنين موالاة حصرية لا تقبل الشركة:

لم يأت في شريعتنا الغراء نهيٌ عن الحرام الخبيث إلا وقد دلت على البديل
عنه من الحلال الطيب، وإن التحريم القاطع لتولي ومناصرة ومظاهرة الكفار أعداء الله
وأعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعداء الإسلام وأعداء المسلمين قد شرع
البديل عنه وهو الموالاة الإيمانية لله ولرسوله وللمؤمنين؛


موالاة الله تعالى القائمة على توحيد محبته ومعرفة أسماء كماله ونعوت جلاله
وكريم فضله وإحسانه،


وموالاة رسوله صلى الله عليه وسلم القائمة على تجريد متابعة سنته صلى الله
عليه وسلم والاقتداء به، وتفدية شخصه الكريم بالمهج والأرواح والغالي والنفيس،
والدفاع عن سنته المطهرة دفاع المستميت في الدفاع عن عرضه ونفسه وماله،


وموالاة المؤمنين القائمة على النصرة والمحبة في الله تعالى، فلا يهدأ
لمسلمٍ بالٌ وهو يعلم أن أخاً له في أقصى الأرض في ضيق أو شدة، ولا تسكن له جارحة
وهو يسمع أن أختاً له قد أُهينت، أو أن أمّاً قد ثكلت، أو أن طفلاً قد تيتم، أو أن
شيخاً مسناً قد أُهين، أو أن مسجداً قد دُنِّس، أو أن مجاهداً قد وقع في الأسر.


نعم إن المسلم حق المسلم لا يهنأ له عيش ولا تسكن له جارحة وهو يسمع بحادثة
منفردة من ذلك كله، فكيف بنا اليوم وهذه الأحداث هي واقع الملايين من المسلمين
المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، كيف
...


لقد قال الله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون
الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.

ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) [91]، هذا هو
منهج الولاء والبراء في الإسلام، وهو منهجٌ حصريٌ لا مدخل فيه لطرف آخر غير الله
ورسوله والمؤمنين، ولا مدخل فيه لعلاقة أخرى غير علاقة الإيمان فالوطن والقبيلة
والعرق والجنس وكل وشائج الدنيا وعلائقها موضوعة تحت الأقدام، وما تلك الرايات
الغبية التي يتجمع حولها الناس اليوم إلا شروخ في علاقة العبد بربه وعلاقته برسوله
صلى الله عليه وسلم وعلاقته بإخوانه من المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات
.


فلتحذر أيها المسلم فإن الله تعالى غنيٌ عنك، وهو سبحانه وتعالى أغنى
الشركاء عن الشرك، فتلختر لنفسك ولياً الله أو طواغيت الكفر وسدنة الطاغوت ممن
سواه، ولتختر لنفسك أسوةً الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام أو غيره من أئمة
الكفر وأحبار السوء والرهبان، ولتختر لنفسك أولياء أولئك الذين يقيمون الصلاة
ويؤتون الزكاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أو غيرهم ممن يستهزئ بالصلاة
ويمنع الزكاة ويأمر بالمنكر وينهى عن المعروف ويحادّ الله ورسوله ويذبح من
المسلمين كل يوم في القدس وغزة وبغداد والفلوجة وغروزني وقندهار وكابل ووزيرستان
وكشمير ومقديشو والبوسنة وكوسوفا وجزر الملوك وماندناو وتيمور وتايلاند وغيرها
وغيرها وغيرها من موائد اللئام وسدنتهم من عملاء الطاغوت
...


سابعاً: دفع بعض الشبهات المتعلقة بالولاء والبراء من الكفار:

أعرج هنا على مسألتين قد تلتبسان على المسلم الصادق فنوضحهما بإيجاز، أما
الشبهات الواردة على قلوب المنافقين وعبدة الشياطين فلا حاجة لنا في عرضها بل
يكفينا فيها تلك الآية الجامعة حيث قال تعالى: (والذين يُحاجُّون في الله من بعد
ما استُجيب له حجتهم داحضةٌ عند ربهم وعليهم غضبٌ ولهم عذابٌ شديدٌ). [92
]


الشبهة الأولى
حول مدح أهل الكتاب في القرآن:

قد يستشكل البعض ورود المدح في القرآن لأهل الكتاب، فكيف تستقيم هذه
العداوة الدينية مع من مدحه الله تعالى؟


والحق الذي لا مرية فيها هو أن أهل الكتاب الوارد مدحهم في القرآن إنما هم
الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، فإن ما ورد في بعض آيات القرآن الكريم مما
فيه مدح بعض أهل الكتاب كقوله تعالى: (لتجدنَّ أشد الناس عداوةً للذين آمنوا
اليهودَ والذين أشركوا ولتجدنّ أقربهم مودةً للذين آمنوا الذين قالوا إنَّا
نصارى... ) [93].


هو في مَنْ آمن وأسلم منهم كالنجاشي وعبد الله بن سلام وغيره من
مؤمني أهل الكتاب الذين شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأنه لا
يجوز أن يُقتطع مثل هذا النص من سياقه الكامل الذي يدل على أن الممدوح منهم من
استجاب للحق وآمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما تدل عليه بقية الآية حيث
قال تعالى: (... ذلك بأن منهم قِسِّيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون. وإذا سمعوا
ما أُنزل إلى الرسول ترى أعينَهم تفيضُ من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا
آمنَّا فاكتبنا مع الشاهدين" [94]، فإذا عُلم هذا فلتوقن أيها المسلم أن
القرآن الكريم لا يمدح الكفار يهوداً كانوا أم نصارى أم غير ذلك من أتباع الشرائع
المبدلة أو الأهواء المضلة
.


الشبهة الثانية:

حول كون التبرء من الكفار ظلم وعدوان عليهم:

قد يتوهم البعض أن التبرؤ من الكفار وتحريم موالاتهم وتشريع بغضهم في الله
يفضي إلى ظلمهم والعدوان عليهم
..


والجواب:

أن هذا الوهم باطل، فقد أمر الله تعالى بالمعاملة بالبر والقسط دون ظلم أو
اعتداء لمن لم يظلم ولم يعتدي، وإن البغض والعداء الديني ليس مبرراً للعدوان
والإجحاف بحقوق الناس أبداً
.


وإن أول حقٍ لأهل الكتاب علينا هو تبليغ رسالة الإسلام، وإن الضابط
والمعيار الصحيح لكون بُغضهم في الله هو أن نحب لهم الهداية والخير كما نحبه
لأنفسنا، وأن نحرص على أن ندلهم على الخير كما نحرص عليه لأحب الناس إلينا، قال
تعالى: (قل يأيها الناس إني رسولُ الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض
لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته
واتبعوه لعلكم تهتدون) [95]، وقال تعالى: ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمةٍ
سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً
أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) [96]، فهذا بالنسبة إلى
مناط البغض
.


وأما بالنسبة إلى المعاملة فحسبك فيها آيتا سورة الممتحنة حيث قال تعالى:
(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم
وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين
وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولَّوهم ومن يتولَّهم فأولئك هم
الظالمون) [97]، فهاتان الآيتان هما المنهج القرآني في التعامل مع الكفار، وانظر
إلى سمو التشريع الإسلامي وروعة الهدي القرآني حيث إن الآية الآمرة أمرت بالبر في
حين أن الآية الناهية لم تنه عن البر وإنما نهت عن التولي، (وتلك الأمثال نضربها
للناس وما يعقلها إلا العالمون). [98
]


الخلاصة:

يمكننا مما سبق أن نستخلص بعض الفوائد في مسألة الولاء والبراء الواردة في
هذه النداءات الإيمانية السامية لعباد الله وهي
:


1. إن
الولاء والبراء من مسائل العقيدة الإسلامية المحكمة، ولا سلامة لمعتقد الإيمان دون
سلامة معتقد الولاء والبراء، ثم يكون نصيب العبد منه زيادة ونقصاً بحسب استيفائه
مظاهر الولاء والبراء الإيماني أو تفويته
.


2. إن سر
الولاء لله تعالى والبراءة من أعدائه الكفار يدور حول توحيد حب الله تعالى، فمن
أحب الله تعالى وحقق الحب ووحَّده له سبحانه وتعالى امتنع أن يجتمع في قلبه حب ما
سواه، فضلاً عن أن يجتمع فيه حب من حادّه وحارب دينه وعاداه
.


3. إن
التبرء من الكفر والكفار أصلٌ إيماني مَن حققه فقد حقق الاقتداء بأبي الأنبياء،
ومن ضيعه فإنه يُخشى عليه حال الأشقياء ودرك الشقاء
.


4. إن
الموالاة المشروعة وهي موالاة الله ورسوله والمؤمنين موالاةٌ حصرية لا تقبل
الشركة، فلا يمكن أن يدعي المرء الإيمان وحب الله ومتابعة رسول الله صلى الله عليه
وسلم ومناصرة المسلمين وهو في ذات الوقت يوالي ويواد ويناصر ويظاهر ويحب ويصادق
أعداء الله الكفرة كائناً من كانوا
.


5. إن معركة
المسلمين اليوم ليست معركة طائرات وقاذفات ودبابات، بل إنها معركة ولاءات وبراءات؛
فالفائز الرابح من اتخذ معاقد ولائه وبرائه عقيدة الإيمان بالله وحده، والمهزوم
الخاسر من اتخذ معاقد ولائه وبرائه عصبيات وقوميات ووطنيات ووثنيات ومسارعة في رضا
وود وطاعة أئمة الكفر المحاربين لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم
.


6. إن الذين
يشهدون ويساهمون في تقديم قرابين الولاء لأعداء الله ودول الكفر المحاربة على حساب
دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وديارهم لا يمكن أن يكونوا هم المدافعين عن
الإسلام وأهله مهما حاول علماء السوء تجميلَ قُبحهم وسترَ سوآتهم وتنزيلَ أحكام
الطاعة الشرعية لهم.


لقد زال زمن الغفلة، ولم يبق غبياً إلا من أراد أن يبقى غبياً فلا شأن لنا
به، وإن لنا مع علماء السوء شأنٌ آخر، فكما فضح في الأمس القريب علماءُ الجرح
والتعديل الكذابين الوضاعين على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه وهم
يتسترون بعباءة رواية الحديث والسنة، فإننا سنفضح اليوم علماء السوء الكذابين
الوضاعين على دين الله وهم يتسترون بعباءة الفتوى الرسمية ومؤسسات التدجين
الدينية، نعم سنفضحهم وسنحيي لهم علم الجرح والتعديل لنفضح كل كذاب يريد أن يُوَقِّعَ
عن الله تعالى توقيعاً مزوراً ليدلس على
الأمة،
فإلى هؤلاء نحن لكم بالمرصاد
...


وختاماً، أسأل الله تعالى أن يجعل هذه الرسالة الموجزة خالصة لوجهه الكريم
موجبة لرضوانه العظيم، وأن يدخلنا بها في فسطاط أهل الإيمان ويخرجنا من فسطاط
المنافقين، ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز
الحكيم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
.


يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» طرق و أساليب تعذيب المجاهدين في سجون الكافرين
» القسم الثاني:‏ سقوط خلافات ودول شرقية
» مَنْ هم السَّبعون ألفاً الذين يدخلون الجنَّة
» ذكر من كان بمصر من مشاهير التابعين الذين رووا الحديث
» الذين يجوز للمسلمة أن تخلع حجابها أمامهم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحداث الفارقة في حياة الدول :: ثـورة 25 ينـاير 2011م :: مقالات في الثورات العربية-
انتقل الى: