أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: القاعدة الستون: أنواع التعليم القصصي في القرآن. الجمعة 07 ديسمبر 2012, 11:03 pm | |
| القاعدة الستون:
أنواع التعليم القصصي في القرآن.
من قواعد التعليم التي أرشد الله إليها في كتابه، أن القصص المبسوطة يجملها في كلمات يسيرة ثم يبسطها، وأن الأمور المهمة ينتقل في تقريرها نفياً وإثباتاً من درجة إلى أعلى أو أنزل منها.
وهذه قاعدة نافعة:
فإن هذا الأسلوب العجيب يصير له موقع كبير، وتتقرر فيه المطالب المهمة، وذلك أن القصة إذا أجملت بكلام يكون لها كالأصل والقاعدة، ثم يقع التفصيل لذلك الإجمال، يحصل به الإيضاح والبيان التام الكامل الذي يقع ما يقاربه لو فصلت القصة الطويلة من دون تقدم صورة إجمالية لها، فإن الصورة تشوق إلى التفصيل.
وقد ورد هذا في القرآن في مَواضع:
منها:
في قصة يوسف عليه الصلاة والسلام:
في قوله: { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ }، [ يوسف: 3 ]، ثم أخذ في تفصيلها: { لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ }، [ يوسف: 7 ]، ثم ساق القصة بتمامها.
وكذلك قصة أهل الكهف:
قال في تصويرها الإجمالي: { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً {9} إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً {10} فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً {11} ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً } [ الكهف: 9-12 ]، فهذه الكلمات القليلة قد حوت مقصودها وزبدتها، ثم بسطها بقوله: { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقّ }، [ الكهف: 13 ]، الآيات إلى آخر القصة.
وكذلك قصة موسى:
قال: { نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }، { القصص: 3 ]، إلى قوله: { يَحْذَرُونَ }، [ القصص: 6 ]، ثم أتى بعد ذلك بالتفصيل.
وقال في قصة آدم:
{ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً }، [ طه: 115 ]، ثم أتى بعد ذلك بالقصة.
وأما التنقل في التقرير الأشياء من أمر إلى ما هو أولى منه، فكثير.
منه:
قوله تعالى في الإنكار على من جعل مع الله إلهاً آخر، وإبطال زعمه الكاذب الذي هو أساس الوثنية: أن هؤلاء الأولياء والآلهةأبناء الله؛ لأنهم النور الذي انبثق منه تجسدوا بشراً ثم عادوا إلى النورانية، فيقول: { مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ }، [ الكهف: 5 ]، فأبان أن قولهم هذا بلا علم ومن المعلوم: أنه كل قول بلا علم من الطرق الباطلة.
ثم صرح بقبحه قولُه:
{ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ }، [ الكهف: 5 ].
ثم ذكر له مرتبة من البطلان أسفل:
{ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً }، [ الكهف: 5 ].
وقال في حق المنكرين للعبث:
{ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ }، [ النمل: 66 ]، أيْ علمهم فيها علم ضعيف سافل إلى أحط الدركات، لا يعتمد عليه إلا سفيه.
ثم انتقل إلى ما هو ابلغ منه:
فقـال: { بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ }، [ النمل: 66 ]، والعمى آخر مراتب الحيرة والضلال.
وقال عن نوح في تقرير رسالته وإبطال قول من كذبه، وزعم أنه في ضلال مبين:
{ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ }، [ الأعراف: 61 ].
ثم لما نفى الضلالة من كل وجه أثبت الهدى الكامل له، فقال:
{ لَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ }، [ الأعراف: 61 ].
ثم انتقل إلى ما هو أعلى منه، وأن مادة هذا الهدى الذي جئت به من الوحي الذي هو أصل الهدى ومنبعه، فقال:
{ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }، [ الأعراف: 61 ].
وكذلك هود عليه الصلاة والسلام، وقال في تقرير رسالة أفضل الرسل وخاتمهم:
{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى {1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى }، [ النجم: 1-2 ].
فنفى عنه ما ينافي الهدى من كل وجه ثم قال:
{ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى }، [ النجم: 4 ]، الآيات.
وهو في القرآن كثير جداً:
كانتقاله من ذكر هبة الولد لزكريا على كبره وعقم زوجته، إلى ذكر مريم وعيسى، وكذلك أمر بالتوجيه إلى الكعبة بعد أن قرر في الآيات السابقة حرمتها وعظمتها، وهذا في القرآن كثير.
|
|