أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: أزمة تخصيب الوقود النووي الإيراني الجمعة 15 يونيو 2012, 1:16 am | |
| مقدمة
يمثل البرنامج النووي الإيراني لغزاً كبيراً، وورقة سياسية تستغلها أطراف إقليمية وعالمية للتلاعب بأنظمة المنطقة وشعوبها، ورسم إستراتيجيات وإثارة أزمات لزعزعة استقرار الشرق الأوسط، ووضع العالم العربي عامة ـ ومنطقة الخليج العربي خاصة ـ في توترات شبه دائمة، تحقق من خلالها هذه القوى العالمية والإقليمية مصالح ذاتية على حساب شعوب المنطقة نفسها.
لقد مرت إيران منذ بداية التفكير في امتلاك برنامج نووي، وبدأ مع بداية عقد الستينيات من القرن العشرين، بأربع مراحل متصادمة أثرت على مسيرة برنامجها النووي ذاته، وأدت إلى أزمات إقليمية وعالمية في كل مرحلة منها، وانعكست آثار تلك الأزمات على علاقات إيران بالعالم الخارجي، وهذه المراحل هي:
1. مرحلة التحالف مع الغرب
إبان عهد الشاه "محمد رضا بهلوي"، وفيه وصلت إيران إلى مستوى عال من الثقة المتبادلة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، التي أفاضت عليها بنظم تسليح وتكنولوجيا متقدمة، بما في ذلك التوجه لبناء برنامج نووي إيراني مرتبط بالتكنولوجيا الغربية.
2. مرحلة التحول الأيديولوجي إلى النظام الإسلامي
بدءاً من عام 1979، تصادم مع الغرب، فأوقف البرنامج النووي، وفى الوقت نفسه تصادم مع النظام العراقي، واشتعلت حرب قوامها ثماني سنوات، اكتشفت خلالها إيران القدرة المتنامية العراقية خاصة في مجال الأسلحة فوق التقليدية، وفى مقدمتها البرنامج النووي العراقي.
وعندما توقفت الحرب، بإعلان المرشد العام للثورة الإمام الخميني قبول قرار مجلس الأمن الرقم 598 بإيقاف إطلاق النيران، في 8 أغسطس 1988، فإن خطابه للشعب الإيراني تضمن ضرورة بناء نظم تسليح قوية لتحقيق الأمن الوطني الإيراني، وأشار في ذلك إلى البرنامج النووي الذي طالب قائد الحرس الوطني وقتها ضرورة تفعيله لكسب الحرب القادمة مع العراق.
3. مرحلة التحول الإصلاحي
خلال عقد التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، بدأت التهدئة من أجل استعادة القدرة الإيرانية، وتخفيف حدة التوتر مع الغرب وامتازت هذه المرحلة، بمواصلة تطوير البرنامج النووي الإيراني في سرية تامة.
4. مرحلة التيار المتشدد
لما صعد الرئيس "محمود أحمدي نجاد" إلى سدة الحكم، في العام 2005، ثم تجددت رئاسته العام 2009، أشهر عداءه للغرب، وتمادى في تهديداته للمنطقة، ففتح بذلك مجالاً واسعاً لأن تكون إيران مستهدفة من النظام العالمي الجديد، وكان برنامجها النووي على رأس الذرائع التي يبني عليه الغرب أساليب حصاره لإيران.
إن الحقائق على أرض الواقع تشير إلى أن البرنامج النووي الإيراني، ليس هو المطلب الشعبي الأول في إيران، على الرغم مما يروج لذلك النظام الإيراني، فهذا البرنامج لم يجمع عليه الشعب الإيراني بكامل فئاته، لا سيما فئات الشباب الذين يرون في الاستمرار في هذا البرنامج عقبة أمام الانفتاح على العالم الخارجي، وتقييد حريتهم في الاتصال مع شعوب العالم في عصر العولمة.
صحيح أن الإيرانيين يبدون سعادتهم عندما تعلن الحكومة عن أي تقدم في البرنامج النووي، ولكن هذا يجب ألا يؤخذ دليلاً على مشاركة الشعب الإيراني في وجهة نظر الحكومة، لأن معظم الشباب الإيراني لا يرون أن القضية النووية تمثل لإيران مسالة حيوية؛ لأنها لن تحل لهم المشكلات اليومية التي يعاني منها الشباب، وفي مقدمتها البطالة، والقيود على السفر للخارج، وعدم إشباع حاجة الجماهير، هذا إلى جانب القلق من أن هذا البرنامج قد يجر إيران إلى حرب جديدة. حيث مازالت آثار الحرب العراقية ـ الإيرانية في الذاكرة.
في الوقت نفسه فإن مؤيدي البرنامج النووي بدعوى الفخر الوطني، أو تحقيق المجد للأمة الإيرانية ليس لديهم الخلفية الكافية عن البرنامج النووي من الناحية التقنية، ومن ثم ليس لديهم الإدراك، إلى أين هو ذاهب أو ما هو الهدف النهائي لهذا البرنامج.
قانونياً تستند إيران في برنامجها النووي إلى المادتين الأولى والثانية من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية؛ ولذلك فهي دائبة الإعلان أن برنامجها النووي يسير في المجال السلمي، دون التوجه إلى صناعات نووية عسكرية، بينما تتشكك معظم القوى الكبرى في ذلك، وتشير إلى أن هدف إيران النهائي هو امتلاك أسلحة نووية، ويدللون على ذلك بإصرار إيران على الخداع والسرية فيما يخص هذا البرنامج وأنها أخفته عن وكالة الطاقة النووية على مدى 18 عاما كاملة. (اُنظر ملحق المعاهدات والاتفاقيات الدولية بحظر الانتشار النووي)
على الرغم من التشدد الإيراني، فإن واشنطن ـ بعد قدوم الرئيس "باراك أوباما" للحكم ـ توجهت إلى محاولة المصالحة مع طهران، وتهذيب موقفها تجاه النظام العالمي الجديد، وقد استغل الرئيس أوباما مناسبة عيد النيروز في إيران (20 مارس 2009)، لتوجيه رسالة إلى الشعب الإيراني، عرض فيها فتح صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية.
ونص خطاب أوباما على عدم التعرض لبرنامج نووي إيراني سلمي، إذا ما تخلت إيران عن سياستها العدائية تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل، كما عرض التفاهم المباشر بين أمريكا وإيران، ليس فقط في مجال برنامج إيران النووي، ولكن في كل الملفات الشائكة، في حالة استجابة إيران لمطالب وكالة الطاقة الذرية العالمية.
وقابلت إيران موقف الولايات المتحدة بموقف مضاد تماما، نتيجة حسابات إيرانية ذاتية بامتلاك القوة، وحرية الحركة على مستوى المنطقة والعالم، وتقديرها أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتورط في حرب جديدة في المنطقة، هذا إلى جانب تخطيط إيراني إستراتيجي لوضع منطقة الخليج العربي والعراق رهينة، توجه إليها آلاتها العسكرية في حالة عدوان أمريكي ـ إسرائيلي عليها كذلك نجاحها في إقامة تحالفات مع بعض النظم والمنظمات العربية التي تشكل نطاقاً أمنياً حول إسرائيل. ***************************
المبحث الأول
خلفية تاريخية عن البرنامج النووي الإيراني
أولا: مراحل بناء البرنامج النووي الإيراني
يرجع تاريخ بناء البرنامج النووي الإيراني إلى العام1960، حين كانت إيران على علاقة قوية بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث أنشأ الشاه "محمد رضا بهلوي" منظمة الطاقة النووية الإيرانية" بدعم وتخطيط من الولايات المتحدة الأمريكية، كما ألحق بها "مركز طهران للبحوث النووية"، وقامت إيران بتدريب الكوادر العلمية التي ستعمل في هذا المجال في المراكز المتخصصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
عام 1967، وبعد استكمال إنشاء المركز ألحق بجامعة طهران، مع بقاء إشراف "منظمة الطاقة النووية الإيرانية". عليه في الوقت نفسه قامت الولايات المتحدة بتشجيع البرنامج النووي الإيراني، من خلال إهداء المركز مفاعل أبحاث نووية بقدرة 5 ميجا وات، وكان لهذا المفاعل البحثي القدرة على إنتاج 600 جرام من البلوتونيوم سنوياً وذلك من وقوده النووي المستهلك.
في أول يوليه 1968 وقعت إيران على معاهدة الحد من تجارب الأسلحة النووية وإنتاجها، وأصبح التوقيع ناقذاً من 5 مارس1970، وقد جاء في نص القرار، في الفقرة الرابعة منه، "أن إيران لها الحق في تطوير وإنتاج واستعمال الطاقة النووية الذي وقعته إيران للأغراض السلمية دون تمييز يذكر، وامتلاك الأجهزة والمواد والمعلومات التكنولوجية والعلمية".
وبهذا فقد كانت إيران من أوائل دول المنطقة التي وقعت على تلك المعاهدة ولم يسبقها في ذلك سوى سورية والعراق، اللتان وقعتا على الاتفاقية قبل إيران بعام واحد.
واستناداً إلى تلك المعاهدة تمكنت إيران من استيراد ما تحتاجه من مختلف المصادر لبناء مفاعلات نووية وللأغراض التي حددتها في الاتفاق الذي وقعت عليه، كما اتخذت من هذا التوقيع مسوغاً لتطور التكنولوجيا النووية.
بدا التفكير الإيراني الجاد في امتلاك مفاعلات طاقة كبيرة منذ أوائل العام 1972 في نطاق رؤية إستراتجية للشاه تهدف إلى تطوير قدرات إيران العسكرية والعلمية بما يحقق لها القيام بدور القوة المهيمنة في الخليج، ومنع أي دولة من ملء الفراغ الناشئ عن الانسحاب البريطاني من الخليج الذي تحقق العام1971.
في عام 1974، ومع ارتفاع أسعار النفط نتيجة نصر أكتوبر 1973، أعلن شاه إيران عن خطة لامتلاك قدرة 23 ألف ميجاوات من الطاقة النووية من خلال بناء 20 مفاعلاً، تتكلف حوالي 30 مليار دولار، وأعلن في الوقت نفسه تبعية منظمة الطاقة النووية الإيرانية إلى القصر الإمبراطوري مباشرة.
لتنفيذ هذه الإستراتيجية، وقعت إيران مع الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقاً لتوريد 8 مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة، وتزويدها بما تحتاجه من الوقود النووي، كما حصلت إيران على أربعة أنظمة ليزر أمريكية تستخدم في تخصيب اليورانيوم.
كما وقعت مع فرنسا اتفاقا لتوريد مفاعلين لإنتاج الماء الثقيل، يمكن زيادتهما إلى 6 مفاعلات، على أن تتكفل فرنسا بتزويد المفاعلات بما تتطلبه من وقود نووي لمدة 10 سنوات.
في الوقت نفسه تعاقدت إيران مع شركة "كرافت ويرك المتحدة" "Kraft werk union" الألمانية الجنسية التابعة لمؤسسة سيمونز لإقامة مفاعلين لإنتاج الطاقة في منطقة بوشهر "Bushehr"، وتزويدهما بحاجتهما من الوقود، كما دخلت إيران في سلسلة من المشاورات وعقد الاتفاقيات مع الدول الأخرى المعروفة بتقدمها في مجال الأبحاث الذرية مثل الأرجنتين والهند وأستراليا والدنمارك وجنوب إفريقيا.
ولم تثر أي أزمات وقتها على المشروعات النووية الإيرانية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الذرية، على الرغم من امتلاكها ثروة نفطية ضخمة، والسبب في ذلك هو التحالف الأمريكي ـ الإيراني في عهد الشاه السابق.
وأمام هذه النشاط غير المسبوق في منطقة الشرق الأوسط، عملت إيران على إزالة الشكوك في نواياها، فبادرت في العام نفسه (1974) بالاشتراك مع مصر التي حققت نصر اكتوبر1973، في مواجهة إسرائيل التي تمتلك أسلحة ذرية، إلى تقديم مبادرة إلى الأمم المتحدة، تنص على إنشاء منطقة خالية من الأسلحة الذرية في منطقة الشرق الأوسط.
في أواخر عهد الشاه (النصف الثاني من عقد السبعينيات من القرن العشرين)، تقهقر البرنامج النووي الإيراني نتيجة لإجهاد الميزانية الإيرانية بالعديد من المشروعات الكبرى وصفقات التسليح، ومن ثم اضطرت الحكومة إلى التقليل من توقعاتها بالنسبة لإنتاج الطاقة الكهروذرية، ونقلت تبعية هيئة الطاقة الذرية من القصر الإمبراطوري إلى وزارة الطاقة، وتقرر الاكتفاء بالعمل على استكمال المشروعات المستهلة بالفعل دون الدخول في مشروعات جديدة.
عند قيام الثورة الإيرانية العام 1979، كانت شركة سيمونز الألمانية قد أنجزت نسبة 75% من إنشاءات مفاعل بوشهر ـ1، ولم يكن ينقصه غير القلب الحرج فقط، كما كانت قد أنجزت نسبة حوالي 60% في مفاعل بوشهرـ2، وعلى الرغم من هذه الإنجازات. فقد أغلقت الثورة الملف النووي مؤقتاً، سواء بإرادتها، أو من خلال إعلان عدائها للغرب، ثم اشتعلت الحرب العراقية ـ الإيرانية، في 21 سبتمبر1980، فكانت هذه المفاعلات هدفاً للطائرات العراقية، وقصفتها ست مرات، ما أدى إلى توقف الإنشاءات تماماً.
في صيف عام 1982، وبعد تحقيق إيران بعض النجاحات في حربها مع العراق، عاودت الاتصالات بشركة سيمونز كي تعود لاستكمال المفاعلين، ولكن هذه المباحثات فشلت. وقررت الحكومة الإيرانية العام 1984 وقف استئناف العمل في المفاعلين الذريين إلى حين انتهاء الحرب بينها وبين العراق.
شرعت الحكومة الإيرانية من عام 1985 في تفعيل برنامجها النووي، حيث افتتحت معهداً للبحوث الذرية في جامعة أصفهان، ونشط الإعلام الإيراني في بث رسائل تدعو علماء الذرة الإيرانيين العاملين في الخارج، كذلك الدارسين للطبيعة النووية، كما تدعو العلماء الأجانب في هذا المجال إلى مؤتمر في طهران، على نفقة الحكومة الإيرانية.
وقد عقد هذا المؤتمر بالفعل في مارس 1986 في طهران، وكان الهدف منه "تنمية العلوم الذرية الأساسية في إيران، والتوصل إلى الاستفادة من التكنولوجيا النووية". وفي الوقت نفسه تضاعف النشاط البحثي النووي، خاصة مركز "كلية أمير الأكبر Amir Kabir College" بجامعة طهران.وباستغلال المفاعل البحثي الذي سبق الحصول عليه من الولايات المتحدة الأمريكية.
ولما فشلت الحكومة الإيرانية في استمالة الغرب إلى استئناف العمل في برنامجها النووي، وقعت اتفاقاً مع روسيا عام 1992 للتعاون في ميدان الطاقة النووية، ودخل هذا الاتفاق حيّز التنفيذ منذ عام 1995، حين قرر الجانبان استكمال منشات مفاعلي بوشهر بطاقة 1000 ميجا وات لكل منهما، يليهما مفاعلان أصغر طاقة كل منهما 440 ميجا وات.
وذلك إلى جانب التعاون في استخراج خامات اليورانيوم الموجودة بوفرة في الأراضي الإيرانية ومعالجتها، كذلك بناء برنامج طموح لتأهيل الكوادر الإيرانية في المعاهد الروسية. وقد أدي هذا الاتفاق إلى غضب شديد في الولايات المتحدة الأمريكية.
1. موقف الولايات المتحدة من تطور البرنامج النووي الإيراني
حاولت الولايات المتحدة عرقلة البرنامج النووي الإيراني، فهددت العام 1991 بفرض عقوبات اقتصادية على كل الدول التي تتعاون مع إيران في المجال النووي. وأصدرت العام 1992 في أعقاب انتصارها في حرب الخليج الثانية قانوناً يحظر تصدير أي معدات نووية أو مزدوجة الاستخدام لإيران والعراق.
ثم أصدرت قانون "داماتو" عام 1995، الذي يفرض عقوبات على أي شركة تستثمر أكثر من 40 مليون دولار في تطوير صناعة النفط في إيران. ومع أن روسيا قررت المضي في الوفاء بالتزاماتها تجاه إيران، إلا أنها تأثرت بعض الشيء بالضغوط الأمريكية والإسرائيلية، فجنحت إلى عدم التعاون مع إيران في تكنولوجيا إعادة معالجة الوقود المستنفذ.
2. بداية نشوب أزمة تخصيب الوقود النووي الإيراني
في العام 2003 انكشف للعالم من عدة مصادر ـ كان من بينها تسريبات من المعارضة الإيرانية ذاتها ـ قيام إيران بإدارة أنشطة نووية سرية بعيداً عن أعين الوكالة الدولة للطاقة الذرية، وإنها أنشأت معملاً لتخصيب اليورانيوم في ناتانز خارج ضمانات الوكالة الدولة للطاقة الذرية، وآخر قرب آراك لإنتاج الماء الثقيل، لتندلع الأزمة التي ما زالت مستعرة حتى الآن. حيث تعددت العقوبات على إيران، بينما هي تصر على استكمال برامجها دون اهتمام بتلك العقوبات.
ثانياً: مفهوم تخصيب الوقود النووي
يقصد بتخصيب الوقود النووي، العملية التي يُعالج عنصر اليورانيوم "Uranium" من الصورة التي يوجد بها في الطبيعة، ليصبح عنصراً ذا قدرة خاصة للاستخدامات السلمية والعسكرية، وهذه المعالجة تتم في عمليات شديدة التعقيد، وباستخدام تقنيات عالية، لا تمتلكها إلا الدول المتقدمة.
1. عنصر اليورانيوم
عنصر فلزي ثقيل، فضي البياض، إشعاعي النشاط، قابل للسحب والتطريق والصقل، موصل رديء للحرارة والكهرباء، خاماه الرئيسيان هما البتشبلند "pitchblende" والكارنونيت "carnontite"، وهما يوجدان بكثرة في العديد من الدول منها إيران، وكندا وزائير وتشيكوسلوفاكيا، اكتشف عام 1789، وسُمي على اسم الكوكب السيار أورانوس "Uranus"، الذي اكتشف قبله بفترة قصيرة، ولكن هذا العنصر لم يعزل إلا عام 1841.
يتأكسد عنصر اليورانيوم عند تعرضه للهواء، وينحل في الأحماض، ويتفاعل مع الماء، ويستخدم في إنتاج الطاقة النووية. رمزه الذري 92، وزنه الذري 238.03، نقطة انصهاره 1132.3 ْ، نقطة غليانه 3818 ْ، ثقله النوعي 19.05، تكافؤه 3؛ 4؛ 5؛ 6.
يتألف اليورانيوم ـ طبيعياً ـ من ثلاثة نظائر isotopes، هي:
أ. اليورانيوم 238، وهو الأكثر انتشارا في الطبيعة، وتصل نسبة وجوده إلى 99,27% من خام اليورانيوم، وكتلته الذرية أكبر بعض الشيء من أنواع اليورانيوم الأخرى.
ب. اليورانيوم 235، وهو عنصر اليورانيوم الرئيسي القابل للانشطار، وهو الأكثر استخداماً في عمليات التخصيب ويوجد في الطبيعة بنسبة محدودة تصل إلى 0.72%.
ج. اليورانيوم 234، وهو الأقل في الطبيعة وتصل نسبته إلى خامات اليورانيوم الأخرى إلى 0.006%.
وعناصر اليورانيوم الثلاثة موجودة في إيران، وتجري إجراء عمليات التخصيب من خلالها.
2. عملية تخصيب اليورانيوم
من الصعوبة بمكان الفصل بين خام اليورانيوم 235، واليورانيوم 238 عن بعضهما من خلال عملية ميكانيكية، ولكن الفصل يمكن من خلال عملية التخصيب نفسها، حيث إن الوزن الذري لذرات اليورانيوم 235 هو الأخف وزناً، وعلى ذلك يكون التركيز على جمع عنصر اليورانيوم 235 في بداية عملية التخصيب والتعامل معه بوصفه مادة أساسية قابلة للانشطار، مع العمل على تركيز المادة بنسب معينة لكي تصبح صالحة للاستخدام وقوداً نووياً ـ أو في صنع القلب المضغوط المتفجر في الأسلحة النووية.
ولتوليد الطاقة الكهروذرية الأولية ينبغي زيادة تركيز اليورانيوم 235، إلى ما بين 3 - 5%، ولتشغيل مفاعلات الطاقة الحديثة فينبغي زيادة النسبة إلى 20%، أما في صنع سلاح نووي فلابد من زيادة التركيز إلى أكثر من 80%.
توجد وسيلتان لإنتاج اليورانيوم المخصب، يستخدم فيها خام اليورانيوم المعروف باسم "الكعكة الصفراء" لتحويله إلى غاز سادس فلوريد اليورانيوم "uf6" قبل التخصيب، والذي يدخل إلى طريقتين للمعالجة وزيادة نسبة التركيز، وهما:
أ. الطريقة الأولى: "طريقة النفاذ"
عندما يضخ اليورانيوم في صورته الغازية عبر حاجز مُنفذ، تجتاز ذرات اليورانيوم 235 الأخف وزناً الحاجز بسرعة أكبر من ذرات اليورانيوم 238 الأثقل وزناً (والأمر هنا يشبه حبات الرمل الدقيقة التي تمر من "غربال" بسرعة أكبر من الحبات الأكبر)، ويتعين تكرار هذه العملية التي تحتاج إلى ضغوط شديدة، حوالى 1400 مرة للحصول على اليورانيوم 235 بنسبة تركيز 3% من سادس فلوريد اليورانيوم.
ب. الطريقة الثانية: الطرد المركزي
وهي تختلف عن الطريقة الأولى، باستبدال الضغط بالحركة، حيث يُضخ اليورانيوم في صورته الغازية، في أسطوانة تدور بسرعات أعلى من سرعة الصوت، فتدفع الذرات الأثقل وزناً (اليورانيوم 238) نحو الخارج، وتتراكم على جدار الأسطوانة، في حين تتجمع الذرات الأخف وزناً (اليورانيوم 235) حول المركز، حيث تجمع، وتعاد العملية عدة مرات لزيادة التركيز.
ويلزم 1500 جهاز طرد مركزي، تدور بلا توقف لعدة شهور، من أجل إنتاج 20 كجم من اليورانيوم، عالي التخصيب لإنتاج رأس نووية بدائية واحدة.
تستخدم إيران طريقة "الطرد المركزي" في تخصيب اليورانيوم، وكانت تمتلك 164 جهاز طرد مركزي عام 2003، تضاعفت عام 2008، وأعلن الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد" تشغيل 6000 جهاز طرد مركزي حتى عام 2011، ويأمل في تشغيل 50 ألف جهاز مركزي مستقبلاً. حصلت إيران على تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم بالعديد من الطرق المشروعة وغير المشروعة، ولجأت ـ باستمرار ـ إلى السوق السوداء للحصول على المواد والأجهزة والتكنولوجيا النووية، خاصة من روسيا والصين وأوكرانيا وكوريا الشمالية وكازاخستان، إضافة إلى شبكة عملاء العالم الباكستاني "عبد القدير خان"، كما لجأت إلى إنشاء وإعداد منشآت نووية بعيداً عن الرقابة الدولية، في ناتانز ـ أصفهان ـ قم ـ طهران، وغيرها.
تمتد العلاقات في هذا المجال بين إيران، وبلدان أو شركات أو معاهد أو شبكات سرية، أو حتى أفراد هذه الشبكات، من أجل التعاون في مجالات تعدين اليورانيوم، وتصنيعه، وتخصيبه، وإنتاج الماء الثقيل، وتطوير تكنولوجيا التخصيب بالليزر، وإنتاج مكونات أجهزة الطرد المركزي وأجهزة التخصيب.
تلجأ إيران إلى سياسات التسويف واكتساب الوقت بالمراوغة، لكي تتمكن من استكمال برنامجها النووي، وزيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم، وتستغل الموقف الدولي ـ خاصة التورط الأمريكي في العراق وأفغانستان ـ من أجل زيادة قدرتها النووية ووضع العالم أمام أمر واقع، وإجباره على الاعتراف بأن إيران أصبحت ضمن أعضاء النادي الذري الدولي، وهو ما أعلنه الرئيس "محمود أحمدي نجاد" عام 2007.
3. مقترح تبادل اليورانيوم منخفض التخصيب أحد الحلول لمسألة البرنامج الإيراني
في مجال البحث عن حلول لمسألة تخصيب اليورانيوم الإيراني، وبعد رفض إيران مقترحاً روسيا في مجال تبادل اليورانيوم المخصب، اقترحت كل من تركيا والبرازيل توقيع اتفاق تبادل اليورانيوم الإيراني منخفض التخصيب بنسبة3.5% بيورانيوم مخصب بنسبة 20% من إنتاج روسي وفرنسي لتشغيل المفاعلات الكهروذرية الإيرانية، وهذا الاتفاق وقع بين إيران وتركيا والبرازيل، في 17 مايو 2010. ورأت فيه إيران تنازلاً كبيراً من جانبها، لاسيما أنها وضعت في السابق شروطاً عدة للاستجابة لأي إتفاق لتبادل اليورانيوم، أهمها أن يتم على مراحل، وأن تحدد إيران الكمية الخاضعة للتبادل وأن يجري ذلك على أراضها.
فضلاً عن ذلك، فإن المرونة التي أبدتها إيران في الاتفاق الجديد بموافقتها على أن يكون تبادل اليورانيوم خارج أراضيها، أدت إلى اعتراف العالم ضمنياً بامتلاك إيران لدورة الوقود النووي، بما فيها أنشطة تخصيب اليورانيوم، وهو ما يضفي شرعية على جهودها في مواصلة برنامجها النووي، مستظلة بمظلة دولية مكونة من تركيا والبرازيل، اللتين أكدتا أن الاتفاق الجديد يمثل نقلة تاريخية، ويثبت شفافية أهداف إيران بخصوص امتلاك برنامج نووي.
لذلك، كانت إيران حريصة أن تتضمن رسالتها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لنيل موافقتها على هذا التبادل، تأكيدها مواصلة عمليات التخصيب، إذ تعتقده حقاً شرعياً للدول الموقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة الذرية،كلها دون تفريق بينها.
ولما كانت الكمية المقرر تبادلها على الأراضي التركية تقدر بحوالي 1200 كجم يورانيوم منخفض التخصيب في مقابل 120 كجم يورانيوم مخصب بنسبة20%، فقد عملت إيران على تكثيف قدرتها في عمليات تخصيب اليورانيوم منذ أكتوبر 2009، وحتى مايو 2010، ليصبح لديها 2000 كجم من اليورانيوم منخفض التخصيب، وذلك يعني أن إيران ـ فيما لو وافقت على تنفيذ التبادل ـ سيتبقي لديها800 كجم، تزيد مع استمرار التسارع في عمليات التخصيب.
في الوقت نفسه أعلن الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد"، تحقيق القدرة على إنتاج اليورانيوم بتركيز 20% لتشغيل مفاعل بوشهر الكهروذري. (اُنظر ملحق اتفاق تبادل اليورانيوم "تركيا ـ إيران ـ البرازيل) (وصورة مفاعل بوشهر الإيراني)
4. ردود الفعل حول الاتفاق
على الرغم من توقيع الاتفاق، وإشادة بعض الأطراف بما جاء فيه، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى لسان وزيرة خارجيتها "هيلارى كلينتون"، ذكرت أن الاتفاق يهدف لجعل إيران تكسب الوقت، وجعل العالم أكثر عرضه للخطر، وانتقدت كلينتون التحركات الدبلوماسية التي قادتها البرازيل وتركيا.
كذلك أصرت مجموعة الدول الغربية المضي قدماً في بحث العقوبات الدولية الجديدة على إيران مقللة من أهمية الاتفاق. وقد اتخذت روسيا موقفاً متقارباً مع الموقف الأوروبي، بما يشير إلى وجود حالة من التوتر والاحتقان في العلاقات الإيرانية ـ الروسية، لاسيما أن إيران في هذا الاتفاق فضلت أن تكون تركيا ـ لا روسيا التي نبعت بفكرة منها هي أرض التبادل.
5. اليورانيوم المستنفذ منتج جانبي لعمليات تخصيب اليورانيوم الطبيعي
سمي اليورانيوم المستنفذ بهذا الاسم؛ لأنه نفاية ناتجة من عملية تخصيب اليورانيوم بغرض تركيز النظائر ذات القابلية للانشطار (اليورانيوم 235)، لذلك فإن المتبقي من اليورانيوم الطبيعي غالباً ما يكون من اليورانيوم 238، ذي النشاط الأضعف، إلى جانب احتواء اليورانيوم المستنفذ على آثار من العناصر المشعة الأخرى مثل الثوريوم والبروتكتينيوم.
إن اليورانيوم المستنفذ يُعرف علمياً بأنه سادس فلوريد اليورانيوم المستنفذ، وهو يتبقى في أعقاب عملية التخصيب في شكل مادة صلبة وقابلة للتبخر، شديدة السمية، إلى جانب أنه مادة ذات نشاط إشعاعي.
يعالج اليورانيوم المستنفذ بالتسخين في الهواء عند درجة 500 درجة مئوية، حيث يتأكسد مكوناً أيروسولات سامة، إلى جانب اكتسابه صلابة قوية جداً، تجعله قابلاً للاستخدامات المدنية والعسكرية، فيستخدم مدنياً في صناعة بعض أجزاء الطائرات، وواقياً من الإشعاعات، أما عسكرياً فيستخدم في صناعة المقذوفات المضادة للدروع، كذلك في صناعة الدروع نفسها لكي تزداد صلابة.
استخدم اليورانيوم المستنفذ في حربي الخليج الثانية والثالثة، ونتج عنه تأثيرات ضارة بالبيئة إلى درجة كبيرة، وتضر كثيراً بصحة الإنسان والحيوان والنبات.
ثالثاً: المنشآت النووية الإيرانية القائمة حالياً
يتسم البرنامج النووي الإيراني بالغموض، وتفرض عليه السلطات الإيرانية سياجاً من السرية، وتغلفه بأنواع من الخداع، وتحاول تعليل المواقف عند اكتشاف منشآت جديدة، وتحاول اكتساب الوقت من أجل التقدم في مشروعات التخصيب، وفرض أمر واقع على العالم. (اُنظر صورة المفاعلات النووية الإيرانية من الفضاء) و(خريطة مواقع المفاعلات النووية الإيرانية)
عبر عن ذلك كبير المفاوضين الإيرانيين السابق "حسن روحاني"، عندما أشار إلى أن الوضع سيتغير، وسيتعين على العالم مستقبلاً الاعتراف لإيران بالقدرة على امتلاك دورة الوقود النووي. فالعالم لم يرغب في امتلاك باكستان القنبلة الذرية أو امتلاك البرازيل دورة الوقود النووي، لكنه مضطر للتعامل مع هذه الحقائق.
في السياق ذاته، أشار قرار مجلس الأمن الرقم 1737 الصادر في 23 ديسمبر 2006 في مقدمته، إلى أنه بعد أكثر من ثلاث سنوات من جهود وكالة الطاقة الذرية من أجل استجلاء جميع جوانب برنامج إيران النووي، لا تزال التغيرات الحالية في المعلومات مثار قلق، وأن الوكالة غير قادرة على إحراز تقدم في جهودها الرامية إلى تقديم تأكيدات بشأن عدم وجود مواد وأنشطة نووية غير معلنة في إيران".
أما إشارة القرار إلى "أكثر من ثلاث سنوات"، فهي تعبير عن اكتشاف الوكالة لمعمل تخصيب اليورانيوم في ناتانز عام 2003 ومعمل آخر للماء الثقيل قرب أراك.
يتبع إن شاء الله...
عدل سابقا من قبل ahmad_laban في الجمعة 15 يونيو 2012, 1:51 am عدل 1 مرات |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: أزمة تخصيب الوقود النووي الإيراني الجمعة 15 يونيو 2012, 1:28 am | |
| ثالثاً: المنشآت النووية الإيرانية القائمة حالياً
يتسم البرنامج النووي الإيراني بالغموض، وتفرض عليه السلطات الإيرانية سياجاً من السرية، وتغلفه بأنواع من الخداع، وتحاول تعليل المواقف عند اكتشاف منشآت جديدة، وتحاول اكتساب الوقت من أجل التقدم في مشروعات التخصيب، وفرض أمر واقع على العالم. (اُنظر صورة المفاعلات النووية الإيرانية من الفضاء) و(خريطة مواقع المفاعلات النووية الإيرانية)
عبر عن ذلك كبير المفاوضين الإيرانيين السابق "حسن روحاني"، عندما أشار إلى أن الوضع سيتغير، وسيتعين على العالم مستقبلاً الاعتراف لإيران بالقدرة على امتلاك دورة الوقود النووي. فالعالم لم يرغب في امتلاك باكستان القنبلة الذرية أو امتلاك البرازيل دورة الوقود النووي، لكنه مضطر للتعامل مع هذه الحقائق.
في السياق ذاته، أشار قرار مجلس الأمن الرقم 1737 الصادر في 23 ديسمبر 2006 في مقدمته، إلى أنه بعد أكثر من ثلاث سنوات من جهود وكالة الطاقة الذرية من أجل استجلاء جميع جوانب برنامج إيران النووي، لا تزال التغيرات الحالية في المعلومات مثار قلق، وأن الوكالة غير قادرة على إحراز تقدم في جهودها الرامية إلى تقديم تأكيدات بشأن عدم وجود مواد وأنشطة نووية غير معلنة في إيران".
أما إشارة القرار إلى "أكثر من ثلاث سنوات"، فهي تعبير عن اكتشاف الوكالة لمعمل تخصيب اليورانيوم في ناتانز عام 2003 ومعمل آخر للماء الثقيل قرب أراك.
1. مكونات البرنامج النووي الإيراني
أ. منظمة الطاقة الذرية الإيرانية
تقوم بالتخطيط وإدارة البرنامج النووي الإيراني، وتوفير متطلباته، ووضع برامج إخفائه وإدارة الأزمة مع وكالة الطاقة الذرية العالمية.. وتتلقى تعليماتها من القيادة السياسية الإيرانية مباشرة، مقرها طهران، ويفرض على نشاطها تعتيماً كاملاً.
ب. مناجم استخراج اليورانيوم الخام
تتكئ إيران على إمكاناتها الذاتية في استخراج الخام من أراضيها، ولديها حوالي 10 مناجم للخام بطاقة حوالي 50 ألف طن في مناطق (يزد ـ خراسان ـ سيستان ـ بلدخستان ـ بندر عباس ـ بادار ـ هورفورجان)، وتقوم باستمرار بأعمال الاستكشاف لزيادة حجم الاحتياطي من اليورانيوم كما أنشأت إيران، مصنعين لمعالجة اليورانيوم الخام في شاجاند ـ وبيلكانيو.
ج. مفاعلات الطاقة الكهروذرية
(1) تم استكمال بناء مفاعل الطاقة في بوشهر بإمكانات روسية بعد أن رفضت ألمانيا استكماله وتبلغ طاقته 1000 ميجاوات بتكاليف حوالي 800 مليون دولار (تمثل 18% من الخطة الإيرانية لإنتاج الطاقة حتى عام 2020، حيث تطمح إيران في إنشاء مفاعلات أخرى لإنتاج 6000 ميجاوات في أنحاء متفرقة من إيران إلى جانب تصريحات من الرئيس الإيراني أنه يهدف لإقامة 20 مفاعلاً لتوليد الطاقة، وهو مقارب للرقم الذي كان قد أعلنه الشاه السابق العام 1974.
(3) كان من المقرر أن يبدأ تشغيل المفاعل في نهاية العام 2010، إلا أن أجهزة الحاسب الآلي الخاصة بالمنشآت النووية الإيرانية تعرضت لفيروس "ستوكس نت"، الذي أضر بجميع البرامج النووية الإيرانية لذلك تأجل بدء تشغيل المفاعل إلى أوائل العام 2011.
(3) يشير بعض المحللين إلى أن إسرائيل وراء تطوير هذا الفيروس، وتوجيهه نحو المنشآت النووية الإيرانية، خاصة مفاعل ناتانز، ومفاعل بوشهر، ووفقاً لبعض التقارير، فإن فرق أبحاث الكترونية فحصت الفيروس، واكتشفت أنه يحتوي على مقطع في نص البرمجة، يشير إلى أن مصمميه أطلقوا عليه كلمة "ميرتوس" التي تشير إلى شخصية تراثية يهودية.
د. محطة ناتانز لتخصيب اليورانيوم
(1) تعد أحد أهم مكونات البرنامج النووي الإيراني، أنشئت خلال عقد التسعينيات، اكتشفتها وكالة الطاقة الذرية العالمية العام 2003، ما أدى إلى إثارة أزمة البرنامج النووي الإيراني. وقد أوقف العمل بهذه المحطة مؤقتاً بعد اكتشافها، ثم أعيد تشغيلها بعد ذلك.
(2) يشار إلى أن هذه المحطة يمكنها أن تستوعب 50 ألف جهاز طرد مركزي، وهو ما يسمح بإنتاج كمية من اليورانيوم تكفي لإنتاج 20 سلاحا نووياً كل عام، فيما لو عملت بطاقتها الكاملة ويشار أيضاً إلى أن هذه المحطة تستوعب في الوقت الحالي 6 آلاف جهاز طرد مركزي، ما مكنها من إنتاج حوالي ألفي كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5% حتى منتصف العام 2010.
(3) يخدم محطة ناتانز المنشآت التالية([1])
(أ) شركة أكا كلاي للكهرباء (كلا للكهرباء)، وتوفر الطاقة الكهربية المطلوبة لتشغيل أجهزة الطرد المركزي.
(ب) شركة بارس تراس، وهي تشارك في برنامج الطرد المركزي بالمحطة.
(ج) شركة فارايانر للتقنيات وتشارك في برنامج الطرد المركزي.
(د) مؤسسة الصناعات الدفاعية التابع للقوات المسلحة الإيرانية، وتشارك في برامج الطرد المركزي.
(هـ) المجمع الصناعي (Th of tit v) التابع لمؤسسة الصناعات الدفاعية، ويشترك اشتراكاً مباشراً في عمليات الطرد المركزي.
(و) شركة "Abzar boresh kaveh co." لإنتاج مكونات أجهزة الطرد المركزي.
(ز) شركة Baryagani tajarat tavanmad saccal companies and saccal system companies..
وهذه الشركة منوط بها الحصول على الأجزاء والمواد المحظورة للبرنامج النووي، وتتولى جلبها بطرق غير مشروعة أو من خلال السوق السوداء.
هـ. مراكز الأبحاث النووية
(1) مركز الأبحاث النووي "آراك" أو "Ir-40" في منطقة أمير جاد غرب طهران، ويتبع لجامعة طهران، وهو بقدرة 10 ميجا وات (صفقة مع الأرجنتين). وقد أجرت وكالة الطاقة الذرية العالمية تفتيشاً على هذا المركز في 4 فبراير2009 وظهر لها أنه أنتج حوالي 42 طناً من اليورانيوم في صورة uf6. وتقوم شركة مصباح للطاقة بإمداد هذا المركز بحاجاته كاملة.
(2) يتبع مركز آراك أيضاً، مفاعل نووي تجريبي بقدرة 5 ميجا وات لفصل اليورانيوم كان استيراده من الصين عام 1987، وساعد العلماء الإيرانيين في تعرف العمليات المعقدة في مجال التخصيب.
(3) مركز أصفهان لبحوث وإنتاج الوقود النووي ومركز أصفهان للتكنولوجيا النووية (مفاعلان أبحاث بقدرة 27 ميجاوات) أحدهما ورد من الصين العام 1991، والأخر فرنسي تم الحصول عليه عن طريق باكستان. والأول يعمل بنظام الماء الثقيل ويستخدم في الأبحاث النووية العسكرية، ويعمل في مجال تخصيب اليورانيوم، وهما جزء من شركة إنتاج وشراء الوقود التابعة للمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.
(4) مركز كاراج النووي (للأبحاث الزراعية والطبية)، ويستخدم في تخصيب اليورانيوم من خلال الفصل الكهرومغناطيسي للنظائر اشتُرِيت معداته من بلجيكا والصين العام 1992 وجرى تطويره بعد ذلك، وعمل به عدد من الخبراء الصينيين.
(5) معمل ابن هشام لبحوث الليزر وتخصيب اليورانيوم، وقد أنشئ العام 1992 في طهران.
(6) مركز الطاقة الذرية في مدينة "معلم كلايه" شمال إيران، وهو مركز أبحاث مشترك بين إيران وعلماء من دول آسيا الوسطي المنفصلة عن الاتحاد السوفيتي القديم، وهو تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني، ويخضع لسرية كاملة، ويثير شكوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
(7) مركز رودان للبحوث النووية بالقرب من مدينة فاس بمنطقة شيراز (محدود الإمكانات).
(8) مركز جورجان "شمال شرق قزوين" لتخصيب اليورانيوم، ويتكون من مركزَي بحوث بتعاون صيني.
(9) شركة تاماس "Tamas" لاستخلاص اليورانيوم، ولها أربعة فروع في مناطق مختلفة من إيران، أحدهما لتركيز اليورانيوم وآخر لمعالجة اليورانيوم وتخصيبه ومعالجة نفاياته.
و. مفاعلات نووية اكتشفت حديثاً، وغير متوفر عنها معلومات كاملة
(1) مفاعل "قم النووي لتخصيب اليورانيوم، اكتشف نهاية العام 2009 وكانت إيران تضعه تحت نطاق كامل من السرية.
(2) يشير بعض المحللين إلى أن إيران تمتلك مفاعلات أخرى سرية لم تكشف عنها حتى الآن، وهو ما يثير الشكوك حول توجه البرنامج النووي الإيراني.
2. المؤسسات الإيرانية المشاركة في صنع وسائل توصيل الأسلحة النووية
تخطط إيران لبرنامج موازٍ تماماً لبرنامجها النووي يهدف إلى إيجاد وسائل توصيل السلاح النووي في حالة تصنيعه، وهذا البرنامج يشمل أنواعاً متطورة من الصواريخ والذخائر والطائرات.
وقد حرص مجلس الأمن في قراراته، على وضع قيود على التعامل مع المؤسسات المشاركة فيه، وهي:
(1) مجموعة شهيد همت الصناعية، وهي تابعة لمؤسسة الصناعات الفضائية الجوية.
(2) مجموعة الفجر الصناعية التابعة لمؤسسة الصناعات الفضائية الجوية.
(3) مجموعة شهيد باقري الصناعية التابعة لمؤسسة الصناعات الفضائية الجوية.
(4) مؤسسات الصناعات الدفاعية التابعة للقوات المسلحة والحرس الثوري الإيراني.
(5) مجموعة صناعات الذخائر الميتالوجيا التي تسيطر على المجمع الصناعي "th of tirv".
(6) شركة سنام للإلكترونيات "Electro sanam company" المنتجة للصواريخ.
(7) مصانع الأدوات الدقيقة (أدوات القياس) التي تغذي الصناعات الفضائية بما تحتاجه من آلات دقيقة.
(8) شركة واجهة لمؤسسة الصناعات الفضائية الجوية (إنتاج رؤوس الصواريخ).
(9) صناعات تعدين خراسان لصناعة الذخائر البالسيتية.
(10) شركة نيرو لصناعة البطاريات التي تنتج بطاريات القذائف.
مما سبق نستخلص الآتي:
أ. أن البرنامج النووي الإيراني لتخصيب اليورانيوم يمتد عبر أراضي إيران كاملة، وهي مساحة واسعة تبلغ 1.64 مليون كم2.
ب. أن مراكز الأبحاث لا تقتصر على موضوعات البحث العلمي، ولكنها منتجة لعناصر البرنامج النووي الإيراني.
ج. أن إيران تمكنت من بناء كوادر علمية متخصصة إلى جانب التوسع في الاستعانة بالخبرات الأجنبية في هذا المجال.
د. تنوع تكوين البرنامج النووي، بمعني أن إيران لم ترتبط بدولة معينة واحدة في بناء برنامجها النووي، ولكنها استخدمت كل الطرق المشروعة وغير المشروعة لبناء هذا البرنامج.
هـ. أن القيادة السياسية الإيرانية مصرة على استكمال برامج تخصيب اليورانيوم وتعمل على كسب الوقت حتى تحقق غايتها المطلوبة في بناء برامجها النووية.
و. يتحمل الشعب الإيراني الكثير معاناة كبيرة مقابل إصرار الحكومة على تنفيذ برامجها، فهو يتحمل الحصار الاقتصادي الخارجي، بما يحمله من نقص بعض الحاجات الرئيسة، كما يتحمل تبعات الإنفاق الباهظ على البرنامج النووي، على حساب الحاجات الرئيسة للشعب، وفي مقدمتها الوقود، على الرغم من أن إيران إحدى الدول الكبرى في إنتاج النفط. ************************ [1] هذه المنشآت وردت في قرارات مجلس الأمن الدولي أرقام 1696، 1737، 1747. ************************
المبحث الثاني
الإستراتيجية الإيرانية لتخصيب اليورانيوم
في نطاق برنامج نووي طموح
عندما قرر النظام الإيراني استعادة تفعيل البرنامج النووي الذي كان الشاه السابق قد بدأه في حقبة السبعينيات، فإن العديد من العوامل أدت إلى اتخاذ هذا القرار متزامنة مع إصرار القيادة الإيرانية على تحقيقه وجعله إستراتيجية مستقبلية ثابتة، ضاربة عرض الحائط بما قد تجلبه هذه الإستراتيجية عليها من مشكلات وأزمات.
إن إيران وصلت في تصادمها مع العالم الخارجي بشأن برنامجها لتخصيب اليورانيوم إلى إشعال حرب باردة جديدة في منطقة الشرق الأوسط، وأدت إلى دعم ادعاءات الغرب في إحلال خطر الأصولية الإسلامية والإرهاب الإسلامي الذي يهدف إلى امتلاك قدرات نووية، محل خطر الشيوعية الدولية، والمعسكر الشيوعي الذي كان هو العدو الأول للغرب ومن ثم حلت أطراف جديدة مثل إيران وتنظيم القاعدة بدلاً من الإتحاد السوفيتي القديم وحلفائه في السياسة الأمريكية، وسياسة حلف شمال الأطلسي.
أولاً: العوامل المؤثرة في توجه الإستراتيجية الإيرانية نحو امتلاك قدرات نووية:
تتعدد هذه العوامل، وتنبع من ركائز في الشخصية الإيرانية، إلي جانب العديد من المتغيرات التي تحاول إيران مواجهتها من خلال امتلاك قوة ردع حاسمة..
وأهم هذه العوامل هي:
1. الشعور القومي بضرورة التفرد والهيمنة، وهو تأصيل للشخصية الإيرانية منذ القدم، وأدى إلى العديد من الصدامات في مراحل متعددة من التاريخ.
2. محو آثار حربها مع العراق، والتي امتدت لثماني سنوات، وانتهت بنصر سياسي عراقي وتركت آلاما تاريخية للقيادة والشعب الإيراني. وعلى الرغم مما حدث للعراق على يد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وتدمير قوته العسكرية وبنيته الأساسية، والتي مثلت ميزة كبري لصالح إيران، إلا أن إيران تعمل للمستقبل تجاه أي قوى أخرى ناشئة في المنطقة.
3. إن منطقة الشرق الأوسط تشهد فراغاً أمنياً كبيراً بالقياس لأهميتها الإستراتيجية وثرواتها الكبيرة، وتحاول إيران إيجاد مكان لها لملء هذا الفراغ، وعدم تركه للآخرين، وتضع سياستها طبقاً لما كانت تحققه أيام الشاه في حقبة السبعينيات حيث تنصب نفسها شرطياً لمنطقة الخليج.
4. رأت إيران أن قدراتها في التأثير على المنطقة، لابد أن تنبع من قدرتها في مواجهة القوي الكبرى في النظام العالمي الجديد الذي يحاول اختراق المنطقة والسيطرة عليها أو الالتفاف حولها، لذلك، فقد كان تصاعد التوتر تجاه الولايات المتحدة أمراً لا مفر منه، لا سيما بعد تصنيف النظام العالمي الجديد لإيران بأنها دولة شر" بمعني اقتناص الفرص للقضاء على نظامها طبقاً لمفهوم النظام العالمي الجديد.
5. إن مبادئ الثورة الإسلامية، وتوجهاتها نحو بناء دولة إسلامية كبري تعتنق المذهب الشيعي، وتمتد من الجزيرة العربية إلى العراق إلى إيران، لا زالت قائمة، بل إن وصول الرئيس "محمود أحمدي نجاد" إلى سدة الحكم أحيت الكثير من هذه المبادئ التي كانت قد خفتت أبان الحكم الإصلاحي الذي قاده الرئيس خاتمي.
6. إن الحكومة الإيرانية، قدرت موقفها للوصول إلى درجة معينة من التأثير في مجالها الإقليمي خاصة بعد التخلص من قدرة العراق العسكرية، وتهديدات طالبان (أفغانستان) لحدودها الشمالية الشرقية.
ووجدت أن إسرائيل هي الوسيلة الرئيسة لتأكيد هذا التأثير من خلال عدة إجراءات أهمها:
أ. اتخاذ شعار تحرير فلسطين وسيلة للتأثير على الرأي العام العربي، وبما يرفع من شأن إيران إقليمياً، في مواجهة الحكومات العربية خاصة التي لا ترفع هذا الشعار أو اتجهت نحو تحقيق سلام مع إسرائيل.
ب. محاولة تحقيق توازن إستراتيجي عسكري مع إسرائيل خاصة في مجال الأسلحة فوق التقليدية الأمر الذي يرفع من شأن إيران عالميا.
ج. محاولة حصار إسرائيل وبناء جبهة إيرانية حولها من خلال تحالفات مع دول وأنظمة تتعامل معها إيران أو تسيطر عليها.
د. تهديد الدول المعتدلة في المنطقة، التي لا تساير التوجهات الإيرانية، ومحاولة تأليب الرأي العام الوطني فيها على حكوماته.
7. حرصت القيادة الإيرانية في تقديرها لموقفها المتوجه نحو الهيمنة وامتلاك قدرة ردع فعالة علي استغلال الوضع الجيواستراتيجي لإيران ذات المساحة الكبيرة التي تبلغ حوالي 1.64 مليون كم2 تمثل حوالي 9.43% من مساحة الشرق الأوسط، إلى جانب جغرافيتها التي تتصف بعدة صفات خاصة منها امتداد سلاسل الجبال على الحدود الخارجية للبلاد مكونة نطاق تأمين طبيعي للداخل، ومنها امتداد سواحلها بأطوال 2440 كم على الخليج العربي وخليج عمان، وحوالي 740 كم على بحر قزوين، ومنها مشاركة سبع دول إيران في حدودها البرية التي تمتد لمسافة حوالي 5440 كم، وكلها عوامل تتطلب امتلاك إيران لأسلحة ردع طويلة المدى وذات تأثير مناسب.
8. تواجه القيادة الإيرانية العديد من التهديدات التي أفرزتها البيئة الدولية والإقليمية من أهمها
أ. الوجود العسكري الأجنبي الكثيف في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، وحول إيران بصفة خاصة، وهو وجود يحمل تهديدات كبري لإيران، على الرغم أنها تواجهه بتحد كامل، وتظهر باستمرار أنها ند قوي قادر على إيقاع هزيمة بالخصوم.
ب. العقوبات الدولية المتكررة على إيران منذ عقد الثمانينيات من القرن العشرين وزادت خلال الأعوام الأخيرة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ج. الإستراتيجية الأمريكية ـ الإسرائيلية المتربصة بالبرنامج النووي الإيراني والتي تهدف إلى عدم تمكين إيران من تحقيق معادلة التوازن النووي مع إسرائيل.
د. انتشار الأسلحة النووية في قارة آسيا، ومن بينها دول لها حدود مباشرة مع إيران مثل باكستان أو قريبة منها مثل الهند، وهو ما يتطلب تحقيق توازن إستراتيجي إيراني في هذا المجال.
9. في إطار تلك المحددات، جاءت صياغة السياسة العسكرية الإيرانية في بناء برامج تطوير القدرة العسكرية الإيرانية لامتلاك إمكانات ردع فوق تقليدية على النحو التالي:
أ. امتلاك برنامج نووي نشط، وإن كان ظاهره يحمل استخدام الطاقة النووية في المجالات المدنية، خاصة المفاعلات الكهروذرية إلا أن هذا البرنامج يمثل البداية الصحيحة لامتلاك قدرات نووية عسكرية، لا سيما مع التوسع في مجال تخصيب اليورانيوم.
ب. إعطاء أولوية لامتلاك قدرات تسليح فوق تقليدية لتوصيل الأسلحة الذرية- بعد إنتاجها- إلى أهدافها بدقة مناسبة، ومن هذه الأسلحة الصواريخ البالسيتية- الطائرات بعيدة المدى- الغواصات.. الخ.
ج. تطوير وتحديث أسلحة الدفاع الجوي، خاصة المضادة للصواريخ بهدف صد أي ضربات لمنشآتها النووية.
د. توزيع المنشآت النووية على مساحات واسعة، وتوفير سبل إخفائها والدفاع عنها بقدر الإمكان، مع تحقيق بدائل لو أصاب بعضها العدوان.
هـ. التهديد المباشر للدول المحيطة بإيران، خاصة دول الخليج، بأنها ستتلقى ضربات صاروخية لتدمير القواعد الأمريكية على أراضيها في حال إقدام الولايات المتحدة على توجيه ضربة لمنشآتها النووية إلى جانب تحالف إيراني مع منظمات ودول محيطة بإسرائيل، وتدعمها عسكرياً للتدخل ضد إسرائيل في حال عدوانها علي إيران، بمعني أن إيران تتخذ من دول الخليج العربية، ومن إسرائيل درعاً يحميها من ضربات أمريكية أو إسرائيلية محتملة.
ثانياً: الهدف الإستراتيجي الإيراني لامتلاك قدرة نووية من خلال تخصيب اليورانيوم
يتمثل الهدف في وضع إيران ضمن الدول المتقدمة، والمستخدمة للتكنولوجيا النووية والتي تمتلك قدرات تحقق التفوق أو التوازن على المستوي الإقليمي والتأثير على المستوي العالمي، والذي يمكنها من بسط سيطرتها ونفوذها في مجالها الحيوي وتحقيق أهداف الثورة الإيرانية إقليمياً وإسلامياً وعالمياً.
تنظر إيران إلى أن برنامجها النووي، الذي نجح في تخصيب اليورانيوم بكميات كبيرة وتوصل في مستوي التخصيب لنسبة 20% لابد أن تتسع مجالاته من خلال إدارة سياسية تعمل على كسب الوقت للوصول إلى درجة تخصيب أكبر، مع الإدعاء المستمر أن برنامجها النووي يدور في المجال السلمي ولا يتعارض مع المعاهدات الدولية التي لا تضع قيوداً على البحث العلمي في المجال النووي، كما أنها تحاول إشعال الروح القومية بإظهار أن البرنامج يمثل فخراً قومياً، وقوة داعمة لتحقيق أهداف الثورة الإيرانية.
تتأسس الإستراتيجية الإيرانية في هذا المجال على عدة ركائز تتمثل في الآتي:
1. العوامل الدينية: النابعة من مبادئ الثورة الإيرانية، وتوصيات الإمام الخميني، بإقامة دولة شيعية كبرى عاصمتها قم.
2. العوامل السياسية: المتمثلة في أن إيران قوة إقليمية لابد من تفعيل وتأثير قدراتها في المجال الحيوي، وتعزيز ثقلها الدولي خاصة في النطاق الإسلامي، والتصدي للإمبريالية المتمثلة في النظام العالمي الجديد.
3. العوامل الاقتصادية: المتمثلة في تعدد مجالات الاقتصاد القومي الإيراني، والتي تمكنه من تمويل مشروعات البرنامج النووي، وبرامج التسليح الموازية.
4. العوامل العسكرية:
التي يتحقق من خلالها الآتي:
أ. تحقيق الأمن القومي الإيراني والمحافظة على استقرار الدولة.
ب. دعم قدرة الدولة في تأثيرها في مجالها الحيوي، وامتداد هذا التأثير على اتساع مسرح الحرب الإيراني، الذي يشمل منطقة الشرق الأوسط وأجزاء من آسيا.
ج. خوض السباق النووي الذي يحقق قدرة ممتازة لإيران في نطاق دول العالم المتقدم.
د. مواجهة الحصار الذي يفرضه النظام العالمي الجديد، واتخاذ إجراءات الرد المناسب وفي الوقت المناسب، وبما يحافظ على قدرات إيران وتأثيرها في مجالها الحيوي.
هـ. المحافظة على المكاسب التي سبق الحصول عليها في العهود السابقة، وذلك في إطار المصالح القومية الفارسية الخاصة.
5. من خلال العوامل السابقة تلخصت أهداف الإستراتيجية الإيرانية في ضرورة تنمية القدرات الذاتية لمواجهة الأخطار المحيطة.
وتتحدد من خلال:
أ. الاعتماد على الذات في بناء القدرات العسكرية التقليدية وفوق التقليدية دون النظر إلى تكلفتها العالية بما يحقق التوازن أو التفوق في مواجهة دول الضد.
ب. اعتناق نظرية الدفاع الإيجابي، الذي يتسم بالمبادأة، وإحباط نوايا الخصم.
ج. استخدام سياسة النفس الطويل في إدارة الأزمات مع استغلال كل الإمكانات التي تجعل الخصم عاجزاً عن التصرف.
د. التمسك بإستراتيجية الردع، وتوجيه الضربة الأولي لإجهاض نوايا العدو، مع الاحتفاظ بالحق في توجيه الضربة المضادة لو فوجئت بالضربة الأولي.
هـ. وضع الخصوم في حالة ارتباك مستمرة من خلال عمليات نفسية مستدامة، مع إظهار القوة الإيرانية بأكبر من حجمها أو تأثيرها.
و. التوسع في التحالفات، واستخدام نظرية الحرب بالوكالة من خلال دعم حركات التحرر للتأثير على دول الضد الإيراني.
ز. عدم الوصول في المواجهة مع الولايات المتحدة إلى الحل العسكري، مع اتخاذ كل وسائل المناورة لتجنب الصدام العسكري.
6. فيما يختص بالحرب النووية في العقيدة العسكرية الإيرانية، فإن إيران لم تعلن عن مثل هذه الأمر إطلاقاً بل تخفيه أو لم يحن الوقت لديها للتفكير فيه، وعموماً، فإن الإستراتيجية في هذا المجال لن تخرج عن إستراتيجية "الرد المرن" التي استخدمتها كل من الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي السابق وتعمل بها إسرائيل حالياً، والتي تتحدد في استخدام الأسلحة التقليدية بصورة أساسية، ووضع الأسلحة النووية احتياطياً إستراتيجياً يمكن استخدامها في حالات محددة تقرها القيادة السياسية للدولة.
7. في نطاق تحقيق الهدف الإستراتيجي لبناء برنامجها النووي حققت إيران العديد من الخطوات الأساسية من خلال إجراءات تكنولوجية وفنية وإدارية محاطة بسياج كامل من السرية إلى جانب دعم سياسي قوي يحميها ويدافع عنها في مواجهة القوي العالمية. ويلاحظ هنا أن السرية التي استمرت لمدة 18 عاماً في إخفاء البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب الجهود السياسية للدفاع عنه، هي التي أثارت حفيظة الدول الكبرى ووكالة الطاقة الذرية للاشتباه في أهداف البرنامج النووي الإيراني. يتبع إن شاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: أزمة تخصيب الوقود النووي الإيراني الجمعة 15 يونيو 2012, 1:38 am | |
| وتتلخص هذه الخطوات التي اتخذتها إيران وحققتها بالكامل بعيداً عن نظر المجتمع الدولي في الآتي: أ. مرحلة التعدين والحصول على الخامات الانشطارية "uranium mining and milling". ب. البنية الأساسية لتشغيل هذه الخامات "processing". ج. مرحلة التنشيط والتخصيب النووي "Enrichment". د. العدد المناسب من المفاعلات النووية المنتجة للوقود النووي المخصب "Reactor fuel fabrication". هـ. البنية الأساسية عالية التكنولوجيا لمرحلة تخزين ما أنتج من المكونات النووية "Interim storage". و. الاستعداد لإجراءات التفجير النووي، فيما لو توصلت الأبحاث إليه "Final waste disposition" وهي خطوة لم تتم بعد. ثالثاً: قدرات إيران لتخصيب اليورانيوم أعلن رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية "على أكبر صالحي"، بتاريخ 20 أكتوبر 2010، أن بلاده تمكنت من إنتاج 30 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، وأن إمكاناتها الحالية إنتاج 3.5 كجم شهرياً من هذا اليورانيوم وهو ما يشير إلى قدرة إيرانية متنامية في مجال تخصيب اليورانيوم، ويشير أيضاً إلى أن وكالة الطاقة الذرية العالمية ربما تكون لم تكتشف حتى الآن بعض المنشآت النووية الإيرانية. هناك أربعة تقارير يمكن من خلالها استشراف حقيقة قدرات إيران لتخصيب اليورانيوم وهي كالأتي: 1. التقرير الأول هو ما أذاعه رئيس المجلس الوطني الأمريكي للاستخبارات "جون نيجروبونتي" nigrobonty" في شهادته أمام مجلس الشيوخ الأمريكي في 2 فبراير 2006، وذلك بعد اكتشاف تورط شبكة يقودها العالم الباكستاني عبد القدير خان في دعم الأنشطة الذرية الإيرانية وقال: "إن إيران ليس لديها على الأرجح سلاح ذري، ولا مادة مشعة تكفي لإنتاج سلاح ذري، وإن كان يمكنها أن تصل إلى قدرة إنتاج هذا السلاح خلال العقد القادم". وهذا التقرير قوبل باستخفاف من صقور الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس السابق "جورج بوش الابن"، خاصة أن هذه الشهادة جاءت بعد فض إيران في يناير 2006، أختام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الموضوعة على 52 منشأة إيرانية لها قدرة تخصيب اليورانيوم، منذ العام 2003، وعللت إيران إقدامها على ذلك احتجاجاً على قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن. 2. التقرير الثاني: صدر من مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي في 2 ديسمبر 2007، ويتضمن "أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تستطيع أن تقرر بدرجة عالية اليقين، أن طهران قد أوقفت تجاربها لتطوير أسلحة ذرية في خريف عام 2003، وهو ما يشير إلى أن إيران تبدو أقل تصميماً على حيازة الأسلحة الذرية مما كنا نقدر اعتباراً من عام 2005" ويستند التقرير الأمريكي في ذلك إلى الضغوط التي واجهتها إيران للعدول عن خططها في امتلاك سلاح نووي.. وهذا التقرير أدي بدوره إلى تحول كبير في نية الولايات المتحدة توجيه ضربة إحباط لإيران للتخلص من برامجها النووية، بل أن إدارة الرئيس بوش الابن ضغطت على إسرائيل لتحول دون تصميمها على توجيه ضربة عسكرية لإيران. 3. التقرير الثالث: صادر عن القيادات العسكرية الأمريكية، ونشرته وكالة رويترز للأنباء في 2 مارس 2009، تعقيباً على تقرير وكالة الطاقة الذرية الدولية عن البرنامج النووي الإيراني. وقد أدلي الأدميرال مايك مولين MOLIUN رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية بتصريح ذكر فيه : " أنه يعتقد أن إيران لديها مواد ذرية مخصبة تكفي لصنع سلاح نووي" وقد أسس ذلك على إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران تمكنت من إنتاج 1010 كجم من اليورانيوم منخفض التخصيب حتى نهاية عام 2008. في الوقت نفسه أدلي وزير الدفاع الأمريكي "روبرت جيتس" GUITS بتصريح قال فيه أن إيران ليست قريبة من إنتاج مثل هذا السلاح. 4. التقرير الرابع: هو ملخص لتقرير وكالة الطاقة الذرية العالمية التي قدمته إلى مجلس الأمن الدولي في منتصف عام 2009. تقول فقرات من التقرير: أ. تأكد ممثلو الوكالة من تطابق الجرد الفعلي للمواد في المواقع الخاضعة للتفتيش مع الأرقام التي أعلنتها إيران، ووجدت أنه في 17 نوفمبر 2008، كان هناك 9956 كجم من اليورانيوم أدخلت إلى الوحدات المختلفة في منشات التخصيب، وأنه يوجد 839 كجم من اليورانيوم الذي تم إخصابه إلى منسوب 3.49% (يورانيوم 235 منخفض التخصيب). ب. ذكرت إيران أنها أنتجت 171 كجم إضافية في الفترة من 18 نوفمبر 2008، وحتى 31 يناير 2009 (أي بقدرة إنتاج حوالي 2.3 كجم من اليورانيوم منخفض التخصيب يومياً) وأن كل المواد ووحدات التخصيب ظلت تحت إشراف خبراء الوكالة ومراقبتهم. ج. إن إيران نقلت بضعة كيلوجرامات من الوقود منخفض التخصيب إلى معمل جابر بن حيان في مركز طهران للبحوث الذرية لأغراض البحث. د. إن الفحوصات البيئية التي أجراها خبراء الوكالة تشير إلى أن المنشآت كانت تعمل على النحو الذي أعلنته إيران، وهو بلوغ نسبة تخصيب أقل من 5% وأنه منذ مارس 2007 حتى أوائل فبراير 2009 أجري خبراء الوكالة 21 زيارة تفتيش مفاجئة لمنشات نووية إيرانية. هـ. إن الوكالة استمرت في مراقبة المنشات ومواقع البناء في مفاعل البحوث في طهران، ومعمل إنتاج النظائر المشعة، وإنها لم تجد فيها ما يشير إلى وجود أية أنشطة لإعادة معالجة الوقود المستنفذ. هذا ولا تستطيع الوكالة أن تتأكد عن عدم وجود دلالة على معالجة الوقود المستنفذ إلا في الموقعين الذين زارتهما فقط، دون أي تأكيد لمواقع أخري قد تقوم بمثل هذا العمل، وتخفيها إيران. و. طلبت الوكالة زيارة مفاعل البحوث الذرية IR-40 في أغسطس 2008، ثم في يناير 2009، ولكن الحكومة الإيرانية اعتذرت بحجة أنه لا توجد مواد ذرية في هذا الموقع وقد تشككت الوكالة في هذا الأمر، خاصة أن إيران قامت بتمويه هذا الموقع بما يحول دون التقاط صور فضائية واضحة له. ز. أجرت الوكالة تفتيشاً على معمل تصنيع الوقود النووي في ناتانز في 7 فبراير 2009 حيث ظهر أنه اكتمل إنشاؤه، وأصبح قادراً على إنتاج كرات وعصى اليورانيوم الطبيعي لمفاعل الماء الثقيل. ح. استمرت الوكالة في مراقبة العمل في معمل إنتاج الماء الثقيل، وبدا لها أنه يعمل بانتظام. ط. من تفتيش الوكالة ظهر أنه تم إنتاج نحو 42 طنا من اليورانيوم في صورة "UF6" وهو ما يصل بإجمالي اليورانيوم المنتج منذ مارس 2004 إلى 357 طناً تخضع كلها لمراقبة الوكالة وإشرافها. ى. قام خبراء الوكالة بالتفتيش على موقع المحطة الذرية في بوشهر يومي 13، 14 ديسمبر 2008، حيث تحققوا من أن الوقود الذي كان قد استورد من الإتحاد الروسي لا زال تحت ختم الوكالة، حيث ذكر المختصون الإيرانيون، أن شحن المفاعل بالوقود سيتم خلال الربع الثاني من العام 2009. ك. اختتمت الوكالة تقريرها بالإشارة إلى عدم تلقيها ردودا من الجانب الإيراني حول طلبها لقاءات وتأكيدات بشأن استبعاد إساءة استخدام المواد والمعارف الذرية للأغراض العسكرية، وبشأن رفض إيران المضي في التعاون مع وكالة الطاقة الذرية العالمية فيما يتعلق بالبروتوكول الإضافي وزيارة المنشآت الجديدة وتعدين اليورانيوم، وهو تعاون ضروري لإثبات شفافية البرنامج النووي الإيراني، وأنها مخالفة لقرارات مجلس الأمن، ومن ثم فإن إيران لم توقف أنشطة تخصيب اليورانيوم أو إنتاج الماء الثقيل، بما في ذلك بناء معمل البحوث الذي يستخدم الماء الثقيل. رابعاً: تحليل الهدف الإستراتيجي الإيراني مقارنة بالقدرات في تخصيب اليورانيوم يدل التصريح الذي أطلقه مدير وكالة الطاقة الذرية الإيرانية بإمكان تخصيب يورانيوم بنسبة تركيز 20%، ومقارنته بالتقرير الذي أعدته وكالة الطاقة الذرية العالمية في العام 2009 وقدمته إلى مجلس الأمن، على أن البرنامج النووي الإيراني في تخصيب اليورانيوم يحظى بمحاولات تمويه وسرية مطلقة تفرضها السلطات الإيرانية لحجب أي معلومات مهمة عن المراقبين الدوليين.. وهو ما يشير إلى الآتي: 1. أن لدي إيران هدفاً إستراتيجياً في تحقيق مستوي معين من تخصيب اليورانيوم، قد يصل إلى نسبة 90%، وهي الدرجة التي يمكن عندها اقتناء سلاح نووي. 2. أن إيران تستخدم في معالجتها السياسية لبرنامجها النووي، تجارب سابقة، مرت بها الهند وباكستان والبرازيل والأرجنتين، إلى جانب مراقبتها لما يتخذه الغرب من إجراءات في مواجهة البرنامج النووي لكوريا الشمالية إلى جانب أن تحاول تحقيق أقصي استفادة من الظروف العالمية، والظروف التي تمر فيها المنطقة لتمرير برنامجها في تخصيب اليورانيوم. 3. أن القيادة الإيرانية تعمل على تحفيز الشعب الإيراني لامتلاك التكنولوجيا النووية ويستخدم رئيس الجمهورية أسلوب الصدمات التي تشعل الانتماء القومي الإيراني عندما يعلن كل فترة عن الوصول إل مرحلة أرقي في تخصيب اليورانيوم على الرغم من كل ما يفرضه الغرب من حصار على إيران، وهو ما يمثل تحدياً ظاهراً، وإصراراً على تحقيق هدف البرنامج النووي الإيراني. 4. تشير نسب تخصيب اليورانيوم الإيراني وكمياته، إلى أن إيران لديها مفاعلات تخصيب أخرى مخفاة عن وكالة الطاقة الذرية العالمية، وهو ما يمثل فشلاً في آليات الوكالة الدولية لمراقبة عمليات تخصيب اليورانيوم ليس على مستوي إيران بمفردها، ولكن على مستوي العالم. كذلك يدل على فشل استخباراتي خاصة للولايات المتحدة الأمريكية في تتبع مسار البرنامج النووي الإيراني، إلا إذا كان هناك علم واكتشاف لإيراد الإعلان عنه في هذه المرحلة حنى لا توضع الولايات المتحدة في خيار ضرورة توجيه ضربة عسكرية للمنشات النووية الإيرانية وربما يكون التضارب ما بين تصريحات وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية يدل على ذلك. 5. يشير المراقبون إلى أن أسلوب المعالجة الدولية لبرنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني يشوبه العديد من أوجه القصور، وأن العقوبات المتتالية التي يفرضها مجلس الأمن أو تفرضها بعض الدول على إيران قبل أن تؤتي ثمارها يكون الإيرانيون قد وصلوا إلى تحقيق هدفهم. ويشير المراقبون أيضاً إلى أنه ربما يصحو العالم ذات صباح على تفجير نووي إيراني، كما حدث في الهند العام 1974، وفي باكستان العام 1984، وفي كوريا الشمالية عام 2006، وعندها سيسلم العالم مكرهاً بانضمام إيراني للنادي النووي الدولي، وتكون هي الدولة التاسعة في هذا النادي. هل لدي إيران مواد خام تكفي لصنع قنبلة نووية؟ طبقاً للمعادلات الفيزيائية في صناعة السلاح النووي، فإن امتلاك من 1000 – 1700 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة أقل من 5%، يمكن معالجته لزيادة نسبة التركيز إلى 90% وضغط حجمه ليصبح سلاحاً نووياً. وتشير الإحصائيات إلى أن إيران تمتلك حوالي 2000 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة أقل من 5% (منها 1200 كجم السابق ذكرها في اتفاقية تبادل اليورانيوم ضعيف التخصيب بيورانيوم مخصب بنسبة 20%)، وكذلك فإن الإعلان عن امتلاك إيران30 كجم يورانيوم مخصب بنسبة 20%، وإمكان تخصيب 3.5 كجم شهرياً بهذه النسبة، يعطي إشارة واضحة إلى أن إيران تسير خطوات نحو امتلاك سلاح نووي بالرغم من كل التصريحات السياسية التي تدعي بأنها لا ترغب في امتلاك هذا السلاح. وربما تكون إيران غير راغبة فعلاً في ذلك، ولكن امتلاكها لليورانيوم المخصب بنسبة كبيرة يجعلها قادرة في وقت قصير على صناعة السلاح النووي، وهي الإستراتيجية التي تنتهجها دول متقدمة مثل اليابان. وفي السياق ذاته، فإن عدد أجهزة الطرد المركزي في إيران ـ طبقاً للتصريحات المعلنة ـ وصلت إلى ستة آلاف جهاز، وهو رقم قد يكون مغايراً للحقيقة، طبقاًُ للسرية المفروضة على البرنامج النووي، وسبق أن أشيع في السنوات الأولى من عقد التسعينيات، وبعد إعلان تفكك الإتحاد السوفيتي، وانفصال جمهوريات آسيا الوسطى، والذي أدى بدوره إلى فوضى المحافظة على البرنامج النووي السوفيتي، أن إيران تمكنت من اقتناء ثلاث قنابل نووية من إحدى دول الجمهوريات الإسلامية التابعة للاتحاد السوفيتي، كما جلبت كميات من اليورانيوم المخصب. واستقطبت بعض علماء الذرة السوفيت. لكي تحصل إيران على السلاح النووي فعليها القيام بالعديد من الخطوات ـ وهو أمر بلا شك في مقدورها ـ إذا لاحظنا الإرادة السياسية والإصرار الذي تبديه القيادة الإيرانية في هذا المجال، دون أي اهتمام للجهود الدولية المضادة. وأهم هذه الخطوات: 1. زيادة أعداد وحدات الطرد المركزي وقدراتها لتصل بتركيز اليورانيوم إلى النسب المطلوبة. ولما كان مفاعل ناتانز، مراقبا من وكالة الطاقة الذرية الدولية، فإن زيادة هذه القدرات لا بد أن تتم في مفاعلات سرية أخري غير معلن عنها، وربما كان مفاعل قم، والمفاعل المنشأ شمال إيران أو غيرهما هي المكلفة بذلك. 2. امتلاك تكنولوجيا تحويل اليورانيوم عالي الإثراء إلى معدن، وضغطه إلى أقل حجم ممكن، بحيث يمكن تحويله إلى قنبلة ذرية يمكن حملها على صاروخ أو وسيلة إطلاق أخري. 3. تصميم آلية إطلاق ذرية مناسبة. 4. التوصل إلى قدرة التحكم في إطلاق سلسلة التفاعلات الذرية من خلال مصدر خارجي للنيوترونات وذلك لتفجير القنبلة الذرية. 5. تجميع الرأس النووية وإعداد وسيلة التحميل المناسبة لتوصيله إلى هدفه. وهذه الخطوات كلها ليست بعيدة عن المخططين في وكالة الطاقة الذرية الإيرانية التي تعاملت ولا تزال تتعامل مع العديد من الهيئات التي تمنحها هذه الخبرة، سواء من الصين أو كوريا الشمالية أو باكستان أو روسيا أو غيرها. ومن ثم، فإن الزمن المحسوب ـ افتراضاً ـ لامتلاك إيران سلاحاً نوويا، لا يقل عن عام واحد، ولا يزيد عن أربعة أعوام (بدءاً من العام 2010، طبقاً لتقرير وضعته وكالة رويتر للأنباء). خامساً: الدعم الخارجي لإيران في برنامجها لتخصيب اليورانيوم ينقسم هذا الدعم إلى مراحل زمنية، ارتبطت باتجاهات ودول معينة لكي تحصل إيران على مطالبها في مجال تخصيب اليورانيوم، علماً بأن التفكير في هذا البرنامج بدأ في عقد الثمانينيات من القرن العشرين إبان الحرب العراقية ـ الإيرانية. وتصاعدت أو هبطت المطالب الإيرانية طبقاً لمسار الحرب ذاتها من مكاسب وانتكاسات، ولكن كان هناك تصميماً سياسياً على التوجه نحو تفعيل هذا البرنامج، وتجميع العلماء الإيرانيين في هذا المجال، وإغراء العلماء الأجانب للتعاقد مع إيران لتحقيق هذا الهدف. مع بداية عقد التسعينيات استغلت إيران الوضع في المنطقة، خاصة في مجال إعادة الشرعية للكويت من خلال التحالف الدولي في مواجهة العراق، واتخذت موقفاً مؤيداً لهذا التحالف، مكنها من التعامل مع العديد من الشركات الغربية في الحصول على مطالبها من أجهزة الطرد المركزي، وتكنولوجيات تخصيب اليورانيوم. واستغلت، في الوقت نفسه، تفكك الاتحاد السوفيتي، وعلاقتها بدول الجوار الإسلامية التي كانت تابعة له في الحصول على تكنولوجيات، وربما أسلحة، وكميات من اليورانيوم المخصب، بل وتعاملت مع روسيا نفسها. والتي كانت تحتاج إلى مزيد من العملات الصعبة من أجل النهوض باقتصادها ـ وذلك لعقد صفقات لصالح البرنامج النووي، ومنها إعادة إنشاء محطة بوشهر الكهروذرية. واستقطبت إيران عالم الذرة الباكستاني "عبد القدير خان" لتحصل منه على كل ما يتعلق بتكنولوجيات بناء برنامج تخصيب اليورانيوم، كما تعاملت إيران مع المؤسسات التي كان يتعامل معها عبد القدير خان للحصول على الأجهزة والمواد اللازمة، سواء من الصين أو كوريا الشمالية، أو بعض الدول الأوروبية مثل هولندا وبلجيكا، والتي كانت إيران تستورد منها أجزاء ثنائية الاستخدام (المدني في مجال الطاقة أو لبناء أجهزة الطرد المركزي). وسلكت إيران الطريق نفسه للحصول على أجهزة دقيقة من دول أوربية أخري أو من الولايات المتحدة نفسها عن طريق طرف ثالث. وما يعني أن إيران استخدمت كل الطرق المشروعة وغير المشروعة في بناء برنامج تخصيب اليورانيوم. ************************* المبحث الثالث إدارة أزمة تخصيب اليورانيوم بين إيران والقوي العالمية في مجال حظر انتشار الأسلحة النووية كانت إيران هي أول من أطلقت مبادرة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل بمشاركة مصر عام 1974. كذلك يشار إلى أن إيران صادقت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، كما وقعت على البروتوكول الأول الخاص بذلك عام 2003 ولم تصادق على البروتوكول الثاني الذي يعطي الحق للوكالة العالمية للطاقة الذرية في التفتيش المفاجئ على المنشآت النووية لأي دولة طبقاً لرؤية الوكالة في ذلك. ويشار إلى وجود "فتوى" للإمام الراحل الخميني، تحرم أنتاج الأسلحة النووية، بل وسائر أسلحة الدمار الشامل، وتحظى هذه الفتوى بنقاش مستمر في إيران "الملالي" حول الإطار الفقهي للبرنامج النووي الإيراني، وكلا الأمرين يؤكد أن إيران غيرت من توجهاتها الإستراتيجية نحو الالتزام بتعهداتها السابقة، سواء في حظر الانتشار النووي أو عدم التمسك بفتوى الإمام الخميني، وأن ما تردده القيادة السياسية الإيرانية حول "مدنية" برنامجها النووي، يفتقر إلى براهين أوضح حتى تكون جديرة بالتصديق. وذلك لأن سرية هذا البرنامج التي وضعت في كتمان كامل لمدة 18 عاماً متصلة. كذلك نطاق السرية الذي تطبقه إيران حول هذا البرنامج إضافة إلى مفاجأة العالم بين الفترة والفترة لوصول إيران إلى درجة متقدمة من تخصيب اليورانيوم إلى جانب القيود التي تضعها إيران على تفتيش الوكالة الدولية للمنشآت النووية الإيرانية.. كل ذلك يؤدي إلى تشكك العالم في الهدف الذي ترنو القيادة الإيرانية إلى تحقيقه، وكل تلك الشكوك واردة في قرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة بحق إيران. إن العديد من مراكز البحث العالمية عرضت لمستقبل النزاع الإيراني مع القوى العالمية المختلفة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وما ستسفر عنه الأزمة المشتعلة التي تصاعدت منذ بداية " الحرب على الإرهاب، التي أعلنها الرئيس الأمريكي "جورج بوش الابن" عام 2001، وحدد فيها "من لم يكن معنا في هذه الحرب فهو معاد لنا"، ووصفت إيران منذ هذا الوقت بأنها "دولة شر". ومن هنا فإن المواقف الأمريكية تجاه إيران لم تكن مدفوعة فقط بسبب البرنامج النووي، ولكن على أساس ما تمثله إيران من أخطار على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وما تفعله من مساندة للإرهاب الدولي، ودورها في استنزاف جهود الولايات المتحدة الأمريكية في العراق ومنطقة الخليج وأفغانستان واستنزاف جهود إسرائيل في مواجهة حماس وحزب الله، هذا إلى جانب ثأر قديم نتيجة أحداث السفارة الأمريكية في طهران العام 1980، والتي لن تنساها الولايات المتحدة الأمريكية بسهولة. أصدر معهد " كارنيجي "Carnegie" لبحوث السلام في الولايات المتحدة الأمريكية في سبتمبر 2008، تقريراً يحوي منهجاً لإيجاد حلول لأزمة تخصيب اليورانيوم الإيراني، جاء فيه: 1. لا يمكن لأي من الجانبين إيران أو الولايات المتحدة الأمريكية أن تحقق كل ما ترغب فيه فيما يتعلق بالوضع الراهن للملف النووي. 2. أظهرت إيران بوضوح عدم رغبتها في الانصياع لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو لمجلس الأمن الدولي، فيما يتعلق بوقف أنشطتها لتخصيب اليورانيوم أو التفاوض الجاد نحو تحقيق هذه الغاية. 3. على الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى أن تتيح لإيران فرصة أخيرة للتفاوض حول وقف تخصيب اليورانيوم، وحتى تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تسوية المسائل المعلقة، على أن يكون ذلك نظير حوافز قوية. 4. إذا لم تقبل إيران هذا العرض، فإن على الدول الخمس وألمانيا، سحب عرضها بالحوافز، والالتزام بمواصلة فرض العقوبات إلى أن تقبل إيران مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية. 5. بالتوازي مع ذلك، يتعين على الولايات المتحدة الأمريكية أن ترفع بطاقة استخدام القوة من على المائدة، طالما لم تظهر دلائل جديدة على أن إيران تسعي وراء امتلاك الأسلحة الذرية أو تذيع فتوى بالعدوان. 5. تستند دول مجموعة (5 + 1) وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا علي معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية N. P. T في فرض عقوبات علي إيران. وتتضمن المعاهدة أربعة أحكام رئيسة منصوص عليها في موادها الست الأولي، وهي: أولاً: يحظر على الدول الحائزة للأسلحة النووية نقل أو مساعدة الدول الأخرى على حيازة الأسلحة النووية أو التكنولوجيا المتصلة بها أو مراقبتها. ويحظر على الدول غير الحائزة للأسلحة النووية أن تتلقى الأسلحة النووية أو تستحدثها. ثانياً: وضعت المعاهدة الضمانات النووية من أجل ضمان أن المواد الانشطارية المنتجة أو المستخدمة في المرفق النووي بالدول غير الحائزة على أسلحة نووية، أن يقتصر استعمالها على الأغراض السلمية، وتدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذه الضمانات. ثالثاً: تعترف المعاهدة بحق جميع الأطراف في البحث في مجال الطاقة النووية، وكذلك في إنتاج هذه الطاقة واستخدامها من أجل الأغراض السلمية، وتسمح للدول الحائزة للأسلحة النووية بمساعدة الدول غير الحائزة في استغلال التكنولوجيا النووية استغلالا سلمياً. رابعاً: تدعو المعاهدة جميع الأطراف للتفاوض على حسن نية علي تدابير تتعلق بنزع السلاح النووي، وعلى معاهدة بشأن نزع السلاح العام الكامل، في ظل رقابة دولية صارمة وفعالة. إدارة الأطراف المختلفة للأزمة أولاً: إدارة إيران للأزمة من الواضح أن إيران قد اكتسبت خبرات تفاوضية كبيرة منذ فتح ملفها النووي العام 2003 وحتى الآن، وتمكنت من تفهم أهداف القوي الكبرى وأساليبها، كذلك اكتشفت نقاط القوة والضعف في إدارتها لهذا الملف، وأسلوب المواجهة، ومراحل التصعيد والتهدئة ووضعت إيران هدفاً محدداً للوصول إلى درجة معينة في تخصيب اليورانيوم، دون الإعلان عن هذا الهدف، بل يبقى سرياً ضمن الغايات القومية الإيرانية.. وتتولي القيادة السياسية الإيرانية إدارة هذه الأزمة في مواجهة القوي العالمية من منظور الآتي: 1. أن تدار الأزمة سياسيا فقط، مع تحمل أية عقوبات اقتصادية، والعمل على ألا تصل الأزمة إلى مواجهة عسكرية بأي حال من الأحوال.. مع اتخاذ خطوات في هذا المجال منها: أ. إظهار القوة بمجالاتها المختلفة، وأنها ند للقوي الكبرى. ب. استعداد إيران للتراجع عن بعض قراراتها فيما لو تصاعد موقف الدول الكبرى. ج. وضع منطقة الخليج والعراق وإسرائيل رهائن، فيما لو تصاعد الموقف مؤدياً إلى حالة حرب فعلية. د. تعبئة الشعب لخوض حرب شعبية فيما لو وقع عدوان فعلي على إيران. 2. الإبقاء على الهدف، وعدم التخلي عنه تحت أي ضغوط أو إغراءات. بمعنى استكمال عمليات تخصيب اليورانيوم لحدها الأقصى. 3. كسب الوقت من خلال الالتفاف حول القرارات أو التسويف في التنفيذ أو قبول التفتيش على منشات نووية سبق زيارتها بواسطة مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث تثبت إيران التزاماتها بالقرارات الدولية (وهو ما يؤكده تقرير الوكالة الصادر عام 2009) 4. عدم الاكتراث بالعقوبات الدولية التي تفرض عليها، وإيجاد السبل للالتفاف عليها باستغلال إمكانات إيران الكبيرة، وباستقطاب قوي عالمية تقف إلى جوارها في نطاق المصالح المتبادلة. 5. محاولة بناء رأي عام إقليمي وعالمي مؤيد لإيران في الاستمرار في برنامجها النووي.. وهو ما يستدل عليه من الآتي: يتبع إن شاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: أزمة تخصيب الوقود النووي الإيراني الجمعة 15 يونيو 2012, 1:41 am | |
| أ. قبول إعلان المبادرة المتعلقة استبدال يورانيوم مخصب بنسبة 20% باليورانيوم الإيراني منخفض التخصيب، وهو الاتفاق الذي أبرم مع تركيا والبرازيل، ورفضته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون. ب. التنسيق المستمر مع الصين العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، لمساندتها في موقفها، لا سيما أن الصين لها توجه معارض لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الإنفراد بقمة العالم كذلك لها مصالح ضخمة في استيراد الوقود من إيران، كما أن الصين ضالعة في دعم البرنامج النووي الإيراني، وبرامج التسليح الأخرى. ج. عدم القطيعة مع روسيا نتيجة انضمامها للدول الغربية في تنفيذ العقوبات المفروضة على إيران والعمل ـ على الأقل ـ على حيادها في هذا الشأن، وقد نجحت إيران في استكمال منشآت محطة بوشهر الكهروذرية المنشأة بالتعاون مع روسيا. د. السعي نحو تأكيد فاعلية الدور الإيراني في المنطقة، وكسب رأي عام في منطقة الشرق الأوسط، وإيصال رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل مفادها أن استقرار المنطقة لن يستقيم إلا بموافقة إيرانية، ويبدو ذلك واضحاً من الزيارات المتعددة للمسئولين الإيرانيين لبعض دول المنطقة إلى جانب الضغوط التي تفرضها إيران لإيجاد حلول للأزمات المتعلقة بالمنطقة، سواء عملية السلام برمتها أو الوضع في العراق ولبنان والسودان وفلسطين، وقضية مياه النيل، وأمن منطقة الخليج وغيرها. هـ. اتخاذ شعار "تحرير فلسطين" قضية رأي عام تتزعمها إيران، وتقوم من خلالها باستقطاب العديد من المنظمات والأحزاب والجماهير العربية، وتهدف من خلالها إلى التغلغل في الجماهير العربية وتأليبها ضد حكوماتها (خاصة الملتزمة منها بخيار السلام تجاه إسرائيل). 5. تحفيز الشعب الإيراني وتجميعه حول قضية رئيسة هي مواجهة العدوان الخارجي المحتمل، وهو أسلوب قديم تتبعه القيادات المتسلطة، بما يسمح لها باتخاذ إجراءات داخلية ضد رغبات الشعب، وفي هذا المجال، فإن السلطة في إيران دائمة التخويف للشعب الإيراني من عدوان أمريكي ـ إسرائيلي وشيك... وتعلن عن مناورات متعاقبة استعداداً لصد هذا العدوان وفي هذا فهي تحقق الآتي: أ. محاولة إحباط المعارضة المتنامية في الداخل الإيراني نتيجة لتأثير العقوبات الدولية أو القرارات السلطوية التي تصدرها الحكومة الإيرانية. ب. الالتفاف حول تأثير العقوبات الدولية، من خلال إشعار الشعب الإيراني بالتهديد. ج. إطلاق يد الحرس الثوري والاستخبارات الإيرانية في التعامل مع فصائل المعارضة. 7. في نفس الوقت، فإن الحكومة الإيرانية تحاول إشعار مواطنيها بالفخر والقوة من خلال الإعلان عن التوصل إلى مراحل متقدمة في تخصيب اليورانيوم، والإعلان عن قرب انضمام إيران إلى النادي النووي الدولي، وهو سلاح ذو حدين، حيث يرفع الروح المعنوية للشعب الإيراني، لكنه تعود بعد كل إعلان من هذا القبيل على عقوبات دولية جديدة تفرض على إيران. 8. وعلى المستوي الدولي، فإن إستراتيجية إيران التفاوضية، تعتمد استثمار المفاوضات الدولية في كسب الوقت، لتحصيل أكبر قدر من التقدم في برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وهو ما فعلته بعد الإعلان عن تحقيق قدرتها في تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، حيث وافقت على حضور اجتماعات مجموعة (5+1) المنعقدة في نهاية 2010 مع محاولاتها وضع شروط لأجل حضورها هذا المؤتمر، بما يعني أن هذا الحضور يأتي من قبيل الحضور البروتوكولي وليس التفاوضي. 9. ما يعزز الموقف الإيراني في المفاوضات أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تحسم الأمر بشأن طبيعة البرنامج النووي الإيراني، وبدا أن الوكالة تفاوض الجانب الإيراني دون أن تحدد الوكالة طبيعة البرنامج النووي الإيراني تحديداً قاطعاً. ثانياً: إدارة الولايات المتحدة الأمريكية للأزمة تدير الولايات المتحدة الأمريكية الأزمة من منطلق كونها قائدة النظام العالمي الجديد، والحريصة على تنفيذ قرارات ومعاهدة حظر الانتشار النووي، إلى جانب أهمية منطقة الشرق الأوسط منطقة مصالح أمريكية كبري، وسبق شن حرب على العراق بسبب الاشتباه قي برنامجها النووي كما أنها تحرص على عدم امتلاك "دول الشر" ومنها إيران على أسلحة نووية. تعارض الولايات المتحدة الأمريكية، مواصلة إيران برنامجها النووي تأسيساً على أنه برنامج يهدف إلى امتلاك سلاح نووي، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة الأمريكية التي سعت في بداية عقد التسعينيات، وبعد تحرير الكويت مباشرة إلى طرح مبادرة لتأكيد حظر انتشار الأسلحة النووية، وسعت إلى استصدار قرار الحظر بصورة دائمة عام 1995. تراقب الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنفيذ هذا القرار بصفتها المفوضة من مجلس الأمن الدولي في مجال مراقبة الانتشار النووي كذلك تعمل أجهزة الأمم المتحدة الأخرى في دعم تلك المراقبة، كما تتولى الولايات المتحدة الأمريكية متابعته بإمكاناتها الكبيرة من منطلق قيادتها للنظام العالمي الجديد. إن اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بإيقاف البرنامج الإيراني لتخصيب اليورانيوم، ينبع من تقديرها أن سعي إيران لامتلاك سلاح نووي يخل بالتوازن الإستراتيجي في المنطقة، بل قد يغير الخريطة السياسية، ويتسبب في سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط قد يضر بالمصالح الأمريكية في المنطقة، ويضع العالم كله تحت تهديد لمصادر الطاقة التي لا غنى له عنها. مرت إدارة الولايات المتحدة الأمريكية للأزمة بثلاث مراحل كالآتي: 1. المرحلة الأولى: مرحلة التهديد من أجل إيقاف البرنامج النووي الإيراني (2003 - 2007) وهي مرحلة تعالت فيها نذر توجيه ضربات عسكرية للبرنامج النووي الإيراني، وقد بدأت منذ العام 2003، في أعقاب نجاح الغزو الأمريكي للعراق، حيث أعلن عن اكتشاف البرنامج النووي الإيراني والذي ظل طي الكتمان لمدة 18 سنه متصلة.. وقد امتازت هذه المرحلة بالآتي: أ. تصاعد التهديدات الأمريكية ـ الإسرائيلية لتوجيه ضربات عسكرية للبرنامج النووي الإيراني. ب. تعدد سيناريوهات الحرب، وهل تبدأ إسرائيل الضربة، أم تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية أم بمشاركة تحالف دولي. ج. تكوين مجموعة أزمة لمواجهة البرنامج النووي الإيراني مكونة من الدول الخمس الأعضاء الدائمين قي مجلس الأمن إلى جانب ألمانيا، وهذا التكوين يحقق أغلبية غربية في مواجهة روسيا والصين المتعاونتين مع إيران إلى جانب المحافظة على المصالح الألمانية سواء في إيران أو روسيا واستغلال نفوذها في هذا المجال. د. إحالة الأزمة إلى مجلس الأمن الدولي منذ العام 2006 لإصدار عقوبات على إيران حيث أصدر مجلس الأمن بياناً رئاسياً في 29 مارس 2006 برقم 15/2006/PRSTK/S، يدعو فيه إيران إلى الانصياع للإدارة الدولية في إيقاف برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وأن تجري الأبحاث النووية الإيرانية وفقاً للمادتين الأولي والثانية من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. هـ. سعت الولايات المتحدة الأمريكية لاستصدار القرار الرقم 1696 بتاريخ 31 يوليه 2006 وهو يقوي البيان الرئاسي، ويطالب إيران بإيقاف عمليات تخصيب اليورانيوم، والتعاون مع وكالة الطاقة الذرية في تعرف أبعاد البرنامج الإيراني. و. ثم سعت مرة أخرى لاستصدار القرار الرقم 1737 بتاريخ 23 ديسمبر والذي يمثل بياناً تفصيلياً، ويشير إلى حق إيران في إجراء البحوث في مجال الطاقة النووية وإنتاجها للأغراض السلمية، ثم يشير إلى أن إيران لم تعلق أنشطتها النووية استجابة للقرارات السابقة... ثم يؤكد العديد من القرارات الملزمة لإيران بموجب المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وأهمها: (1) تعليق جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم. (2) أن تتخذ الدول التدابير في منع وصول التكنولوجيا أو المواد المتعلقة بتخصيب اليورانيوم إلى إيران بأي وسيلة، مع تحديد هذه المواد في نص القرار، مع إلزام الدول بعدم مساعدة إيران في مجالات التدريب أو المساعدة المالية أو الفنية لبرامجها النووية أو برامج التسليح. (3) أن تجمد الدول الأرصدة والأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية الإيرانية على أراضيها. (4) تعزيز سلطات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إجراءاتها تجاه البرنامج النووي الإيراني ويطالبها بتقديم تقرير في مدي 60 يوماً عن مدي إثبات إيران جديتها في تنفيذ قرار مجلس الأمن. وقد أرفقت قائمة بالمؤسسات الإيرانية في مجال النشاط النووي، ومجال الأسلحة فوق التقليدية بقرار المجلس لمنع التعامل معها. ز. لم تكتف الولايات المتحدة الأمريكية بهذا القرار، بل سعت إلى إصدار حزمة عقوبات من جانبها لحظر التعامل مع مؤسسات إيرانية، وحظر دخول أفراد إيرانيين لهم علاقة ببرامج التخصيب أو التسليح إلى أراضيها، وقد قامت العديد من الدول الأوروبية، بإصدار قرارات مشابهة في حق إيران، وتهدف جميعها إلى فرض حصار على إيران من أجل إرغامها على الاستجابة لإيقاف برنامجها النووي. ح. في أعقاب تقديم مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريره (بعد 60 يوماً من صدور القرار 1737) حرصت الولايات المتحدة الأمريكية على استصدار قرار أخر من مجلس الأمن يضيف حزمة عقوبات جديدة، وتؤدي إلى تشديد الحصار على إيران أشد من السابق، كما يشير إلى أهمية التفاوض للخروج من هذه الأزمة واستجابة إيران للقرارات الدولية، ويؤكد أن التوصل لحل المسألة النووية الإيرانية من شأنه أن يسهم في الجهود العالمية لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك أسلحة توصيلها. ط. يشمل القرار تفاصيل عن الكيانات الإيرانية المشتركة في الأنشطة النووية، ويطالب بعدم التعامل معها، كما يشمل أسماء العديد من الشخصيات الإيرانية المحظور زيارتها لأية دولة عضو في الأمم المتحدة. ي. يشمل القرار مرفقاً مهماً تحت مسمى "الاتفاق طويل الأجل"، وهو يشمل حزمة من الحوافز لتشجيع إيران على التوجه نحو إيقاف برنامجها لتخصيب اليورانيوم، مع الإشارة إلى اتخاذ إجراءات دولية للتعاون مع إيران في حالة انصياعها لقرارات مجلس الأمن، بمعنى أن هذا الاتفاق قد يغري إيران على اتخاذ القرار الصعب من منظور أنها سوف تكون رابحة فيما لو أوقفت برنامجها لتخصيب اليورانيوم. (اُنظر ملحق قرار مجلس الأمن الرقم 1747، بتاريخ 24 مارس 2007) 2. المرحلة الثانية: مرحلة الجهود السياسية لإيقاف برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني (عام 2008) بدأت هذه المرحلة في أعقاب إصدار مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي تقريره في 3 ديسمبر "كانون أول" 2007 بأن إيران أوقفت برامجها لتطوير أسلحة ذرية منذ العام 2003. وعلى الرغم من أن هذا التقرير لم يلاق ترحيباً في الأوساط السياسية الأمريكية.. إلا أنه خدم قضية الإدارة الأمريكية نفسها في الخروج من مأزق صعب للآتي: أ. أن الإدارة الأمريكية كانت تستعد للانتخابات في نهاية هذا العام، ولابد لها أن توجد مناخاً للاستقرار، مع إعلان انتصار إعلامي في الأزمة حتى تهيئ المناخ لانتخاب الحزب الجمهوري. ب. أن أزمات العراق وأفغانستان كانت تتصاعد في وقت كانت إدارة الرئيس بوش تحاول الخروج من مأزقها في تلك الحروب، خروجاً مشرفاً تمثل في السعي لإبرام الاتفاق الأمني مع العراق، ومن ثم فهي لم تكن ترغب في فتح قنوات لأزمات أخري تؤثر على نتائج الانتخابات المقبلة. ج. بدأت تتصاعد في الولايات المتحدة الأمريكية أزمة مالية حادة، تؤثر على الداخل الأمريكي، وهو أمر يجعل الإدارة تلتفت إلى الداخل أكثر من الخارج. د. بدت بوادر انشقاق في جبهة إدارة الأزمة (5+1)، وكان لابد للولايات المتحدة أن تتعامل معها بدبلوماسية وضغوط معاً حتى يستمر الضغط على إيران لإيقاف برنامجها لتخصيب اليورانيوم. هـ. في أعقاب تقديم مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريره، سعت الولايات المتحدة الأمريكية لاستصدار القرار 1803 من مجلس الأمن الدولي بتاريخ 3مارس "آذار" 2008، والذي يعرب فيه عن قلقه الشديد لعدم التزام إيران بقراراته السابقة، وأنها لم توقف تماماً وأبداً جميع الأنشطة ذات الصلة بالتخصيب وإعادة المعالجة، والمشاريع ذات الصلة بالماء الثقيل، ولم تستأنف تعاونها مع الوكالة الدولية بموجب البروتوكول الإضافي. و. يشدد القرار على التزام إيران بتنفيذ القرارات الدولية ذات الشأن ببرنامجها النووي، ويُحَرِّج على الدول في التعامل مع المؤسسات الإيرانية أو الأفراد الإيرانيين المشاركين في البرنامج النووي الإيراني حيث أضاف 12 شركة للقائمة السوداء، وحظر سفر 13 مسئولاً إيرانياً جديداً، كما يطالب الدول بتفتيش الشحنات المتوجهة لإيران، كما يشجع القرار على بذل الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة، كما يؤكد أنه في حالة التزام إيران بالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، فإنه سوف يلغي أي قرارات صدرت في حق الحظر على إيران. (اُنظر ملحق قرار مجلس الأمن الرقم 1803، بتاريخ 3 مارس 2008) 3. المرحلة الثالثة: التهدئة الحذرة " اعتبارا من عام 2009 – 2010 بدأت هذه المرحلة بصعود الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الحكم، ومحاولته إيجاد نوع من التهدئة، وتغيير صورة الولايات المتحدة الأمريكية على مستوى العالم، وإنهاء إستراتيجية "الحرب على الإرهاب" التي طالت دولاً وليس إرهابيين، وتغير تسميتها بالحرب ضد تنظيم القاعدة الإرهابي، كذلك مخاطبة المسلمين على مستوي العالم، انطلاقا من أن الإسلام دين سماحة، وليس عقيدة تحض على الإرهاب، كذلك فإنه لا يمكن للغرب أن يتخذ الإسلام عدواً له.. وسارت هذه المرحلة كالآتي: أ. محاولات أمريكية ـ أوربية لحث إيران على تنفيذ قرارات مجلس الأمن. ب. انتهز الرئيس أوباما مناسبة عيد النيروز في إيران مارس 2010 ووجه رسالة إلى الشعب الإيراني يحثه فيها على التخلص من البرنامج النووي. ج. يثار أن للمخابرات الأمريكية يد في القلاقل التي سادت إيران في أعقاب تجديد انتخاب الرئيس "محمود احمدي نجاد" في يونيه 2009، بتمويل فصائل المعارضة. د. حملت الولايات المتحدة الأمريكية روسيا والصين على تقييد تعاملاتهما مع إيران، لذلك تأخر استكمال إنشاء مفاعل بوشهر الكهروذري إلى أغسطس 2010. هـ. رفضت الولايات المتحدة الأمريكية الاتفاقية "الإيرانية ـ التركية ـ البرازيلية" بخصوص تبادل اليورانيوم، والتي وقعت في تركيا في 17 مايو 2010 إنها لم تؤد إلى الهدف الرئيس في إيقاف برامج تخصيب اليورانيوم داخل إيران. و. مع تمادي إيران في تحدي القرارات الدولية، استصدر القرار الرقم 1929 من مجلس الأمن بتاريخ 10 يونيه "حزيران" 2010، وهذا القرار هو الأكثر شدة في تاريخ الأزمة الإيرانية حيث تضمن بنداً لتوسيع حظر الأسلحة إلى إيران (بموجبه توقف تصدير نظام الدفاع الجوي الروسي "S-300 إلى إيران)، كما ينص القرار على فرض إجراءات ضد بنوك جديدة في إيران إلى جانب تفتيش السفن المتجهة إلى إيران. يبد أن القرار لم يمس القطاع النفطي الإيراني تفادياً لمعارضة الصين. ز. لم تكتف الولايات المتحدة الأمريكية بالعقوبات الصادرة في هذا القرار، بل وضعت قانون العقوبات "الإيرانية الشاملة" الذي وقعه الرئيس أوباما في 1 يوليه 2010، ورأى الرئيس أوباما أن العقوبات وفق هذا القانون" أن "تضرب قلب قدرة الحكومة الإيرانية في تمويل وتطوير برنامجها النووي" وأضاف أن الحكومة الإيرانية لو استمرت في التحدي فإن الضغوط سوف تتضاعف وعزلتها ستزيد عمقاً،" ويجب ألا يكون هناك شك في أن الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي مصران على منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية. ح. أن قانون العقوبات الأمريكي، يهدف إلى تقوية العقوبات الصادرة من مجلس الأمن، وتحفيز القوي الكبرى الأخرى على إعلان حزم جديدة من العقوبات على إيران، وهو ما حدث فعلاً من فرنسا وألمانيا وبريطانيا واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها، الأمر الذي أدي إلى عدم إمداد الطائرات المدنية الإيرانية بالوقود في المطارات الأوروبية، وبعض المطارات الآسيوية، هذا إلى جانب أن هذه العقوبات تصعب من عملية استيراد إيران لبعض أصناف الوقود المكرر وأهمها البنزين، وبما يؤثر على الداخل الإيراني. ط. في هذا السياق، وافقت الولايات المتحدة الأمريكية على عقد مؤتمر الأمان النووي الذي دعت إليه مصر عام 2012، على أن يتم الإعداد الجيد له خلال تلك المرحلة، ويعزي الرئيس أوباما موافقة الولايات المتحدة الأمريكية على عقد المؤتمر، بأنه يدخل ضمن الإستراتيجية الأمريكية في منع الانتشار النووي. (اُنظر ملحق موجز قرار مجلس الأمن الرقم 1929، بتاريخ 10 يونيه 2010) و(ملحق القرار الأمريكي لفرض عقوبات إضافية على إيران) ي. أن المحصلة النهائية للموقف الأمريكي يمكن تلخيصها في الآتي: (1) تزايد ارتباك واشنطن إزاء المفاضلة بين خيار التعايش مع إيران النووية وخيار استهداف القدرات النووية الإيرانية، علماً بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تلغ الخيار العسكري- بصفة قاطعة – في تعاملها في الأزمة الإيرانية. (2) ارتباك علاقات واشنطن مع الصين وروسيا حيث أن مصالحهما تأثرت بعد موافقتهما على القرار الرقم 1929، واستمرار تهديد المصالح يؤثر على وضعهما الدولي، وتأثيرهما في مجالهما الحيوي. (3) تزايد الضغوط الإسرائيلية على واشنطن والدول الأوروبية من أجل التوجه إلى الحل العسكري لإيقاف البرنامج النووي الإيراني. (4) تصاعد التعامل الدولي مع الملف النووي لكوريا الشمالية سوف يكون نموذجاً لسيناريو التعامل مع الملف النووي الإيراني. ثالثاً: إدارة القوى الأخرى للأزمة 1. الصين وروسيا الاتحادية تذبذبت مواقف الدولتين حول العقوبات المفروضة على إيران، بما أدي إلى إطالة زمن التفاوض، وفرض العقوبات، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تمكنت ـ من خلال الترغيب ـ إلى تحقيق موقف موحد عند استصدار القرار 1929 في يونيه2010... وذلك من خلال الآتي: أ. عقد اتفاقية "استارت-2" مع روسيا الاتحادية وهو اتفاق استراتيجي مهم في بداية عام 2010. ب. الاستجابة للمطالب الروسية في عدم نشر قواعد الدرع الصاروخي الأمريكي بالقرب من الحدود الروسية في التشيك وبولندا، واستبدال وسائل أخري به. ج. فتح حوار استراتيجي بين حلف شمال الأطلسي وروسيا لتحقيق الأمن المشترك. د. أدى موافقة روسيا على القرار 1929 إلى تأجيل صفقة الصواريخ الروسية لإيران S-300 أو إلغائها، ما تسبب في خسائر للصناعات العسكرية الروسية، إلى جانب إحراج روسيا سياسياً نتيجة لتجاوبها مع الرغائب الأمريكية. هـ. فيما يخص الصين، فإن الولايات المتحدة الأمريكية حاولت عدم المساس بمطالب الصين من النفط الإيراني، إلى جانب فتح مجال التعاون الخليجي- الصيني تعويضاً لأية خسائر قد تلحق بالصين نتيجة تنفيذ العقوبات على إيران. 2. إسرائيل أ. نظراً للعلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، فإن مراحل معالجة الأزمة الإسرائيلية ـ الإيرانية تتزامن تقريباً مع المراحل الأمريكية السابق ذكرها. ب. لا زالت هناك رغبة إسرائيلية في التخلص من البرنامج النووي الإيراني من خلال الحسم العسكري، ولكن عدم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك تقف عثرة في تنفيذ الرغبة الإسرائيلية. ج. تشير بعض الدلائل إلى أن إسرائيل تشن حرباً خفية على إيران تتلخص في أعمال اغتيالات الكوادر الفنية الإيرانية، وإحداث تخريب في المنشآت الإيرانية ويشار إلى أن تفجير مستودع الصواريخ في 12 أغسطس 2010 كان بتخطيط إسرائيلي. د. تحاول إسرائيل إشاعة الفتنة بين دول المنطقة بهدف تخويف الدول الفاعلة من البرنامج النووي الإيراني، والتأكيد أن امتلاك إيران لأسلحة نووية سيهدد دور مصر والسعودية في المنطقة، ويعمل على تهديد دول الخليج والعراق كما يؤكد القادة الإسرائيليون أن إيران قادرة على امتلاك سلاح نووي في غضون ثلاث سنوات على الأكثر. هـ. تشيع إسرائيل أن استخدام القنبلة النووية الإيرانية، سوف يستهدف أول ما يستهدف المدن الإسرائيلية، ولذلك، فهي تحفز الولايات المتحدة الأمريكية على اتخاذ إجراءات لتأمين الكيان الإسرائيلي ذاته، وهذا ما أدي بالولايات المتحدة الأمريكية إلى ضم إسرائيل لمنظومة الدرع الصاروخي الأمريكي. و. تعمد إسرائيل إلى محاولة كسر نطاق التحالف الإيراني مع حزب الله، وحماس، وسوريا والذي يهدد حدودها الشمالية والغربية، إلى جانب محاولة التأثير على الولايات المتحدة الأمريكية لتحمل على الدول العربية لدعم جهود الحصار الدولي على إيران. 3. العالم العربي لا شك أن أزمة البرنامج النووي الإيراني تؤدي إلى المساس بالأمن القومي العربي بكل مجالاته، بما أدت إليه من سباق تسلح في المنطقة، حيث تعاقدت المملكة العربية السعودية على صفقة أسلحة مع الولايات المتحدة الأمريكية تقدر بـ 60 مليار دولار كذلك هناك صفقة أقل مع دولة الأمارات. إن البرنامج النووي الإيراني في حالة مواصلته، سوف يفتح مجالاً لسباق نووي أيضاً في المنطقة، حيث لم تستقر الأمور أمام تهديدات إيرانية جديدة بعد امتلاكها لسلاح ردع دائم باتر، وقد يؤدي ذلك بدوره إلى تداخلات خارجية أعمق في منطقة الخليج أيضاً. الإستراتيجية الرئيسية التي تعلنها كافة الدول العربية، هي إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وكانت مبادرة مصر بخصوص مؤتمر الأمان النووي تأكيداً لذلك. ************************* المبحث الرابع حساب الأرباح والخسائر في إدارة إيران للأزمة إن أية أزمة تشتعل في أي مكان في العالم لابد أن تفرز حزمة من الإيجابيات، وحزمة أخري من السلبيات تتفوق أحداهما على الأخرى، طبقاً لقدرة الدولة التي تدير الأزمة على التصرف السليم، واستخدام الآليات المناسبة لمواجهة المواقف الناشئة عنها، وحشد الإمكانات المحلية إلى جانب حشد الرأي العام الإقليمي والعالمي لدعم جهود الدولة في هذا المجال والإيجابيات تترجم إلي أرباح بينما السلبيات تمثل الخسائر في إدارة الأزمة. إن إيران خاضت غمار هذه الأزمة بهدف محدد، وإصرار جاد على امتلاك برنامج متنامٍ لتخصيب اليورانيوم، دون الإعلان عن سقف محدد لهذا البرنامج، وبما أدي إلى شكوك في نواياها. وقد استخدمت إيران العديد من الآليات في إدارة الأزمة بهدف تحقيق أقصي مكاسب ممكنة وأهم هذه الآليات: 1. جهود ذاتية تنبع من القدرة على المواجهة والإصرار على التحدي، الموروثة عن الدولة الفارسية القديمة، وهي تمثل صفة رئيسة في طبيعة الشعب الإيراني المشهود له بشدة المجابهة والرغبة في التفرد والامتياز. 2. بناء تحالفات مصالح مع كل من روسيا والصين، وهما الدولتان اللتان أمدتا إيران بمعظم متطلبات برنامجها النووي، سواء من التكنولوجيا أو المعدات أو الخبراء، وكانت إيران تبذل جهوداً في عقد صفقات ضخمة معهما مستغلة الحالة الاقتصادية ـ في روسيا خاصة ـ آملة أن يؤدي الإغراء إلى استمرار تأييدهما، إلا أن التأييد تقلص أمام الضغوط الأمريكية، حيث إن مصالح الدولتين مع الولايات المتحدة الأمريكية كانت أكبر وأعمق من مصالحهما مع إيران، ومن ثم تحولت دفة التأييد إلى إدانة حيال البرنامج النووي الإيراني. 3. هيمنة إيرانية على بعض المناطق في الشرق الأوسط، يجعلها حزاماً أمنياً لإيران واتخاذ هذه المناطق رهينة تحقق من خلالها أهدافها، فيما لو قامت الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل بعدوان على المنشآت النووية الإيرانية. 4. وصلت الأزمة، حتى نهاية عام 2010، إلى طريق شبه مسدود مع تعاظم حزمة العقوبات على إيران التي فرضتها القوي الكبرى ليس عن طريق مجلس الأمن الدولي فقط، وإنما بمبادرات من العديد من الدول والقوى العالمية، ولم تمتلك كل من روسيا والصين أمام التيار الجارف للرغبة في فرض عقوبات على إيران إلا أن تستجيب، مع مناشدة إيران على قبول القرارات الدولية، وإيقاف برامج تخصيب اليورانيوم. أولاً: حساب الأرباح الإيرانية في إدارة الأزمة حققت إيران خلال إدارتها للأزمة وحتى نهاية عام 2010 العديد من المكاسب على المستويات السياسية والتكنولوجية والعسكرية.. وكان أهمها الآتي: يتبع إن شاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: أزمة تخصيب الوقود النووي الإيراني الجمعة 15 يونيو 2012, 1:44 am | |
| 1. الأرباح على المستوى السياسي أ. إن القدرة على المواجهة التي أتبعتها إيران في إدارتها للأزمة أعطتها ثقلاً في مجالها الحيوي الإقليمي والعالمي، حيث تمكنت إيران من مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية قائدة النظام العالمي الجديد، واتخاذ آليات التصعيد والتهدئة للمحافظة على خطها الثابت لتأكيد تحقيق برنامجها النووي، ومن ثم فقد تمكنت من احتلال مساحة إعلامية عريضة، وحشد رأي عام مؤيد لها، خاصة في الدول غير المؤيدة للسياسة الأمريكية. ب. حققت إيران خلال إدارتها للأزمة العديد من التحالفات أو الاستقطاب، أو التعاطف أو التأييد في أنحاء متفرقة من العالم، وعملت جاهدة على تنميتها، وجذب المزيد منها، ما أدى إلى أن تصبح المسألة الإيرانية في مقدمة الاهتمامات السياسية على مستوى العالم، وهو ما حقق لإيران التأثير في محيطها الإقليمي والعالمي. ج. تمكنت إيران من استغلال نقاط الضعف في الموقف الأمريكي بأسلوب علمي سليم وبما أدي إلى ظهور الولايات المتحدة الأمريكية بموقف العاجز- في بعض الأحيان- عن استخدام القوة العسكرية في معالجة الموقف وحسمه لصالحها، وبذلك أمنت إيران نفسها من ضربات عسكرية موجعة ووضعت الولايات المتحدة الأمريكية في موقف ضعيف. د. وفي هذا المجال أيضاً فإن إيران عملت على توسيع دائرة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط من أجل حصار إسرائيل وتهديدها باستقطاب حزب الله وحماس وسوريا، وإمدادهم بالسلاح والمساعدات المالية، إلى جانب محاولة استقطاب الدول الفاعلة في المنطقة لتحييد انضمامها للمعسكر الأمريكي، ومن ثم فقد زاد النفوذ الإيراني في المنطقة، ونجحت في تشتيت قدرة العالم العربي للوقوف ضد مصالحها. هـ. وعلى مستوى إدارة الأزمة نفسها منذ نجحت إيران في استخدام سياسية النفس الطويل في معالجة الأزمة، وهي سياسة تتطلب استخدام كل قواعد اللعبة السياسية، بحيث لا تصل إلى طريق مسدود، يحتم استخدام الآلة العسكرية، وقد أدت هذه السياسة إلى تحقيق إيران لمستوى متقدم في تخصيب اليورانيوم. و. نجحت إيران كذلك، في الترويج – إعلامياً - لعدم شرعية الوجود الإسرائيلي في المنطقة، وما أدى إلى استقطاب رأي عام عربي قوامه بعض الفئات لاسيما السلفيون لصالح إيران، بل وأدي ذلك إلى خداع بعض حركات المعارضة لبعض الأنظمة العربية فتصاعدت مطالبها من أجل دعم جهود إيران في القضاء على إسرائيل مع علمها جيداً أن إيران تمتطي هذه الشعارات في مواجهة إسرائيل من قبيل الإعلام النفسي الموجه فقط. ز. نجحت إيران أيضا في كشف العلاقة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وهي علاقة شراكة إستراتيجية معروفة للجميع، ولكن إيران وصلت في هذا الكشف إلى أعماق أكبر في محاولة منها إلى تقييد آليات البرنامج النووي الإسرائيلي على نفس النهج الموجه إليه البرنامج النووي الإيراني، وحث الولايات المتحدة الأمريكية على عدم الكيل بمكيالين. ح. في السياق نفسه فإن الحملة الإيرانية الموجهة إلى إسرائيل، أدت إلى وضع إسرائيل تحت طائلة تهديد، ليس من إيران نفسها بصورايخها بعيدة المدى فقط، وإنما من خلال تحالفها مع المنظمات الثورية المحيطة بإسرائيل، وإمدادها بالأسلحة والصواريخ التي تطول القلب الإسرائيلي، إلى جانب السيطرة عليهم للتدخل ضد إسرائيل طبقاً لقرار إيراني يتخذ في أي وقت من أجل التغطية على أهداف إيرانية في اتجاه آخر. مما سبق يمكن القول إن إيران حققت حتى نهاية العام 2010 مكاسب سياسية عديدة في مواجهة النظام العالمي الجديد، وتمكنت من استيعاب العقوبات المفروضة عليها على الرغم من تأثير بعضها على الداخل الإيراني بشدة، والانطلاق في برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وهو ما يمثل قدرة متفردة فائقة في إدارة الأزمة بين دولة متوسطة القوة وقوي عالمية عظمي. 2. الأرباح على المستوى التقني والفني إن انطلاق إيران في تحقيق برنامجها في تخصيب اليورانيوم، يعني تحقيقها للعديد من المكاسب في المجالات الفنية والتكنولوجية... أهمها: أ. بناء إيران لمجموعة من الكوادر العلمية المؤهلة لإدارة البرنامج النووي الإيراني وهو ما يمثل أمراً مهماً في تحقيق الأهداف الإيرانية في هذا المجال، حيث إن الكوادر القادرة على التعامل مع علوم الذرة، تحتاج إلى تأهيل يستغرق وقتاً طويلا، ويتطلب إمكانات هائلة، وكون إيران حققت ذلك، فإنها تكون- كما أعلن رئيسها محمود احمدي نجاد- قد انضمت إلى مجموعة الدول الذرية المتقدمة في هذا المجال. ب. أن امتلاك إيران التكنولوجيا النووية، وتعدد مراكز البحث في هذا المجال على أرضها سوف يؤدي إلى تحقيق الأهداف الإيرانية، بما فيها امتلاك سلاح نووي، إذا صدر القرار السياسي بذلك. ج. حققت إيران القدرة على تصنيع العديد من متطلبات المفاعلات الخاصة بتخصيب اليورانيوم، ومنها أجهزة الطرد المركزي، بما يحقق التوسع الإيراني في مجال التخصيب بلا حدود. 3. الأرباح على المستوى العسكري أ. تنفيذاً لعقيدتها العسكرية التي وضعتها في أعقاب انتهاء الحرب الإيرانية- العراقية فقد نجحت إيران في بناء قاعدة صناعات عسكرية متقدمة، جلبت لها تكنولوجيات مختلفة من الشرق والغرب في آن واحد، مع تنويع الصناعات العسكرية، والاهتمام بتصنيع الأسلحة فوق التقليدية التي تمكن إيران من تحقيق الردع بمستوياته المختلفة، على نمط الصواريخ بمجالاتها المختلفة. ب. بالتوازي مع برنامج إيران النووي، فإنها تحرص على تصنيع أسلحة توصيل الرؤوس الحربية النووية إلى أهدافها عن طريق صواريخ طويلة المدى ومتوسطة إلى جانب اقتناء طائرات متعددة المهام، وذات مدي طويل يمكنها حمل أسلحة نووية. ج. تتخذ إيران وسيلة التظاهر، أداة لإظهار القوة، والإعلان عن قدرتها على ردع أي نوايا عدوانية في مواجهتها، ولا تمر فترة شهور عديدة، حتى يعلن عن تدريبات أو تجارب صواريخ أو أسلحة جديدة للإعلان الدائم عن القدرة العسكرية الإيرانية المتعاظمة. د. في هذا السياق تتحسب إيران من احتمالات التأثير على برنامجها النووي لذلك، فقد اتخذت العديد من الوسائل أهمها: (1) نشر وإخفاء المنشآت النووية على مساحة إيران كلها. (2) حجب أي معلومات عن المنشآت السرية التي لم تكتشف حتى الآن. (3) الاستعانة بوسائل دفاع جوي وصواريخ ضد الصواريخ لوقاية برنامجها النووي وفي هذا المجال، فقد أشيع أن إيران سوف تحصل على صفقة الصواريخ الروسية "S-300" عن طريق فنزويلا بعد أن أوقفت روسيا تسليمها لإيران تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 1929. كذلك تشيع إيران أنها تمكنت من تصنيع صاروخ مماثل للصواريخ الروسية S.300. 4. الأرباح على المستوى الاجتماعي أ. يرى معظم الإيرانيين أن تحقيق برامج تخصيب اليورانيوم، يمثل فخراً قومياً يميز إيران عن الدول الأخرى في منطقتها، ويعلي من شأن الدولة الفارسية. ب. حققت الحكومة الإيرانية إجراءات استثنائية للحد من تأثير العقوبات الدولية على الإيرانيين، ما أكسبها ثقة مرحلية. ج. في الوقت نفسه، فإن سياسة الحكومة الإيرانية المحافظة، تواجه معارضة شديدة من جانب الإصلاحيين، وهو ما يؤثر في الكيان الإيراني الداخلي، ويجعل الشعب منقسماً تجاه سياسة الحكومة. ثانياً: حساب الخسائر الإيرانية من الأزمة إلى جانب حزمة الإيجابيات السابق الإشارة إليها، فإن هناك العديد من الخسائر التي أصابت إيران حالياً، وقد تزيد مستقبلاً... أهمها: 1. على المستوى السياسي أ. ازدياد توصيف إيران من قبل النظام الدولي بأنها "دولة شر" ما يعني أن التربص بتوجيه ضربة عسكرية لها عندما تسنح الظروف المناسبة، أمر وارد تحقيقه على المدى القريب خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية تشير في معالجتها للأزمة إلى أن جميع الخيارات مفتوحة وتعلن أن توجيه ضربة لإيران سيأتي فيما بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان بمعني أن احتمال العمل العسكري قائم. ب. أصبحت إيران تمثل دولة تهديد رئيسة للعديد من دول المنطقة، خاصة عند امتلاكها سلاحاً ذرياً، وهذا ما سيؤثر على ردود فعل العديد من الدول العربية والإسلامية - خاصة الدول الفاعلة في المنطقة - تجاه إيران. ج. أن خسارة إيران التأييد المطلق من الصين وروسيا، سوف يؤدي إلى مضاعفة العقوبات عليها، بل قد يدفع النظام الدولي الجديد إلى العمل على هدم النظام الإيراني من الداخل. د. لوحظ أن الحكومة الإيرانية –على الرغم من أسلوبها الناجح في إدارة الأزمة الناجح حتى الآن- إلا أنها لا تستفيد بالخبرات التاريخية فيما يتعلق بأسلوب القوي الكبرى في معالجة الأمور مع الدول المناوئة، والنماذج في ذلك متكررة على نمط ما حدث في عدوان 5 يونيه 1967 على مصر، أو ما حدث للنظام العراقي العام 1990/1991، والعام 2003، والذي أدى إلى تدمير العراق على الرغم من أن قوة العراق عام 1991 كانت أكبر من قوة إيران حالياً. 2. على المستوى العسكري أ. يري المحللون أن البناء العسكري الإيراني ـ حتى الآن ـ لا يتوافق مع مجابهة الإستراتيجيات الحديثة ونظم التسليح والقيادة والسيطرة التي تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي قد تجابه إيران في وقت ما. ب. نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في حجب الأسلحة والنظم الحديثة عن إيران بالتأثير على موردي الأسلحة الرئيسيين لإيران وهما روسيا والصين، ومن هنا فقد اعتمدت إيران تكنولوجيات وأسلحة محدودة القدرة في مواجهة نظم غاية في التقدم. ج. إن اتكاء إيران على منظمات ثورية في مواجهة إسرائيل عند حدوث أي عدوان عليها أدي إلى العديد من السلبيات للنظام العربي بالكامل، حيث الانقسام في الداخل اللبناني وعدم استقرار دولة لبنان، والانقسام الفلسطيني بين حماس وفتح، هذا إلى جانب أن تورط سوريا في أية حرب مقبلة سوف يضر بها كثيراً كما يضر بعملية السلام برمتها. د. إن تورط إيران في العراق، والأساليب التي اتبعها فيلق القدس والنظام الصدري في مواجهة المدنيين العراقيين، والذي كشفت عنه الوثائق الأمريكية المنشورة مؤخراً، سوف تلقي بظلالها في غير صالح إيران في المرحلة المقبلة. 3. على المستوى الاجتماعي إن استمرار العقوبات الاقتصادية، بالتوازي مع العمل الاستخباراتي الذي ـ لا شك ـ أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تقومان به داخل إيران، سوف يؤدي إلى التأثير سلباً على قرارات الحكومة الإيرانية الحالية. ثالثاً: سيناريوهات المستقبل إن أزمة برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني لن تحل بصورة جذرية على المدى القريب، ولكنها سوف تستغرق بعضاً من الوقت يطول أو بقصر طبقاً لما تحققه إيران من برنامجها في تخصيب اليورانيوم، وطبقاً لضغوط المجتمع الدولي عليها.. وهناك ثلاثة سيناريوهات توضح صورة المستقبل لهذا البرنامج: 1. السيناريو الأول: سيناريو قبول إيران للإرادة الدولية، والتعاون من أجل تعديل مسار البرنامج النووي والتوقف بتخصيب اليورانيوم إلى حد معين أ. مسببات هذا السيناريو (1) اقتناع النظام الإيراني بالرؤية الدولية، أو تغيير هذا النظام بنظام آخر إصلاحي يهدف إلى إنهاء الأزمة. (2) عرض دولي ضخم يقنع إيران بإيقاف برنامجها، ويستعاض عنه بميزات أخري. (3) تصاعد أحداث تقنية في البرنامج النووي الإيراني، تتطلب إيقاف البرنامج. (4) اشتداد الحصار على إيران لتضطر إلى تغيير إستراتيجيتها. ب. الأطراف الفاعلة في السيناريو (1) الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع القوي العالمية والأمم المتحدة. (2) إيران على الجانب الآخر. (3) وسطاء دوليون يقبلهم أطراف النزاع. ج. الشروط الخاصة بتنفيذ السيناريو (1) قبول إيران تقديم تنازلات رئيسة في برنامجها لتخصيب اليورانيوم. (2) تقديم المجتمع الدولي حوافز لإيران تقنعها بالتخلي عن هذا البرنامج. (3) قبول الولايات المتحدة الأمريكية التعامل مع إيران على مستوى الندية. (4) إلغاء مجلس الأمن لحزمة العقوبات المفروضة على إيران. د. مدى إمكان تحقيق هذا السيناريو لا يزيد عن نسبة 40% 2. السيناريو الثاني: سيناريو الصراع في مواجهة إيران أ. ينقسم هذا السيناريو إلى شقين: الأول: الصراع منخفض الحدة، من خلال تصاعد الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية التي قد تصل إلى حد الحصار، كما حدث للعراق بموجب القرار الصادر عن مجلس الأمن الرقم 671 للعام 1990، وهذا الحصار سوف يضر إيران بشدة. الثاني: الصراع المرتفع الشدة بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت الإيرانية تشترك فيها الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب تحالف دولي، وقد لا تشترك إسرائيل في ذلك لتجنيب المنطقة شرور الحرب والرد الإيراني الذي قد يصيب دولا عربية عديدة. ب. أسباب هذا السيناريو (1) استمرار إيران في تحديها للمجتمع الدولي. (2) وصول إيران إلى درجة متقدمة لتخصيب اليورانيوم تسمح بإنتاجها سلاحاً نووياً. ج. الأطراف الفاعلة في السيناريو (1) تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، أو الولايات المتحدة الأمريكية بمفردها أو بالتعاون مع إسرائيل. (2) إيران بقدراتها العسكرية، إلى جانب فصائل المقاومة التابعة لها التي سوف تعمل ضد إسرائيل. (3) سيلقي هذا السيناريو معارضة سياسية من كل من روسيا والصين، وبعض القوي الأخرى الرافضة للعمليات العسكرية في فض المنازعات السياسية، أو المتحالفة مع إيران. د. الشروط الخاصة بتنفيذ السيناريو (1) وجود مناخ دولي مؤيد لتوجيه الضربة. (2) ارتكاب إيران خطأ سياسياً أو عسكرياً يشجع الولايات المتحدة الأمريكية على توجيه الضربة العسكرية. هـ. مدى إمكان تحقيق هذا السيناريو: نسبة لا تزيد عن 40%. 3. السيناريو الثالث: بقاء الحال على ما هو عليه وهو السيناريو الأكثر احتمالا نتيجة لغموض البرنامج النووي الإيراني، ونتيجة للظروف الدولية التي لا تؤيد قيام الولايات المتحدة الأمريكية بأية مغامرة عسكرية جديدة. هذا إلى جانب أن الدول العربية ـ خاصة دول الخليج ـ تعارض تماماً توجيه ضربات عسكرية لإيران ينتج عنها زيادة في القلاقل التي تمر بالمنطقة. لذلك، فإن البرنامج الإيراني لتخصيب اليورانيوم سوف يستمر بإصرار الحكومة المحافظة الحالية، والتي ستعمل علي مواجهة العقوبات الدولية، والتصرف حيالها بأسلوب يجمع ما بين التحدي والاستقطاب، ما سوف يؤدي إلى نشوء تحديات كبيرة للأمن القومي العربي. *************************** ملحق المعاهدات والاتفاقيات الدولية بحظر الانتشار النووي 1. معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية أ. معاهدة متعددة الأطراف. وقعتها، في 5 أغسطس 1963 في موسكو، المملكة المتحدة والإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة. وبدأ نفاذها في 10 أكتوبر 1963. وتضم حالياً 135 دولة طرفاً. ومع أن الصين وفرنسا لم توقعا المعاهدة. إلا أنهما وافقتا علي احترام أحكامها منذ عام 1980. ومدة المعاهدة غير محدودة. ويقتضي الانسحاب من المعاهدة توجيه إخطار مسبق في غضون ثلاثة أشهر. ب. تلزم المعاهدة الأطراف بعدم إجراء أي تفجيرات نووية في الجو وتحت سطح الماء وفي الفضاء الخارجي، ولا تحظر التفجيرات النووية الجوفية، إلا عندما يطلق المخلف المشع خارج الحدود الإقليمية للدولة التي تجري التفجير، غير أن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية تحظرها الآن. ج. ويجري التحقق من التزامات المعاهدة من خلال الوسائل التقنية الوطنية. 2. معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية N. P. T أ. معاهدة متعددة الأطراف. فتح باب توقيعها في 1 يوليو 1968 في لندن، وموسكو، وواشنطن. وبدأ نفاذها في 5 مارس 1970 لمدة أولية تستغرق 25 سنة. وتحدد أن تعقد المؤتمرات الاستعراضية كل خمس سنوات. ب. تم تمديد المعاهدة إلى أجل غير محدد وفي مؤتمر استعراض المعاهدة وتمديدها لعام 1995 وتحظى المعاهدة بعضوية عالية (ما عدا إسرائيل والهند وباكستان)، ويقتضي الانسحاب من المعاهدة توجيه إشعار مسبق في غضون ثلاثة أشهر. ج. تميز المعاهدة بين الدول الحائزة للأسلحة النووية والدول غير الحائزة للأسلحة النووية. وتحدد الدول الحائزة للأسلحة النووية بالدول التي فجرت جهازاً نووياً قبل 1 يناير 1967. وتشمل الاتحاد السوفيتي (الإتحاد الروسي حالياً) والصين. وفرنسا. والمملكة المتحدة. والولايات المتحدة الأمريكية. د. تتضمن المعاهدة أربعة أحكام رئيسة منصوص عليها في موادها الست الأولي. (1) يحظر علي الدول الحائزة للأسلحة النووية مساعدة الدول الأخرى على حيازة الأسلحة النووية أو نقل التكنولوجيا المتصلة بها. ويحظر على الدول غير الحائزة للأسلحة النووية أن تتلقى الأسلحة النووية أو تستحدثها. (2) وضعت الضمانات النووية من أجل ضمان أن المواد الانشطارية المنتجة أو المستخدمة في المرفق النووي بالدول غير الحائزة للأسلحة النووية يقتصر استعمالها على الأغراض السلمية. وتدير هذه الضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. (3) تعترف المعاهدة بحق جميع الأطراف في البحث في مجال الطاقة النووية. وكذلك في إنتاج هذه الطاقة واستخدامها من أجل الأغراض السلمية. وتسمح للدول الحائزة للأسلحة النووية بمساعدة الدول غير الحائزة للأسلحة النووية في استغلال التكنولوجيا النووية استغلالاً سلمياً. (4) وأخيراً تدعو المعاهدة جميع الأطراف للتفاوض عن حسن نية على تدابير تتعلق بنزع السلاح النووي. وعلى معاهدة بشأن نزع السلاح العام الكامل في ظل رقابة دولية صارمة وفعالة. يتبع إن شاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: أزمة تخصيب الوقود النووي الإيراني الجمعة 15 يونيو 2012, 1:46 am | |
| 3. معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية: أ. اتفاق متعدد الأطراف فتح باب توقيعه في 24 سبتمبر 1996 بعد سنوات عديدة من المفاوضات في مؤتمر نزع السلاح، ومع أن مؤتمر نزع السلاح لم يتوصل إلى تحقيق توافق في الآراء بشأن الموافقة علي نص المعاهدة. فإن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية أحيلت إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. حيث حظيت بدعم ساحق ولكي يبدأ نفاذ المعاهدة. لابد أن تصدق عليها 44 دولة محددة، ومدة المعاهدة غير محدودة وتحتفظ الدول بالحق في سحب مشاركتها بتوجيه إشعار مسبق في غضون ستة أشهر. ب. بموجب المعاهدة. يتعهد كل طرف بألا يجري تفجيرات خاصة بتجارب الأسلحة النووية. أو أي تفجير نووي آخر. ويمتنع عن التسبب في إجراء أي تفجير خاص بتجارب الأسلحة النووية أو أي نوع آخر من التفجير النووي. أو التشجيع عليه. أو المشاركة فيه بأي حال من الأحوال وتطبق أحكام المعاهدة بالتساوي علي جميع الدول الأطراف بغض النظر عن وضعها النووي. ج. تنص المعاهدة أيضا علي نظام شامل للتحقق. يشمل وضع نظام الرصد الدولي. وعمليات التفتيش الموقعي. وتدابير بناء الثقة والأمن (إجراءات المشورة. الاستيضاح. آلية تسوية النزاعات)، وينبغي أن يشمل نظام الرصد الدولي مرافق عالية تعني برصد الزلازل. والرصد الصوتي المائي وينبغي أن تحيل هذه المرافق البيانات إلى مركز البيانات الدولي. من أجل التحليل. د. يمكن إجراء عمليات التفتيش الموقعي عندما يساور طرفاً ما قلق إزاء امتثال أطراف المعاهدة. علي أن يقرر المجلس التنفيذي ضرورة إجراء تفتيش أم لا. وذلك بعد النظر في التقرير الخاص بالتفتيش. وما إذا كان حدث عدم امتثال أم لا. هـ. في حالة عدم الامتثال. فإنه يمكن فرض جزاءات وكذلك عند الضرورة. يمكن إحالة المسألة إلى الأمم المتحدة. 4. الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية أ. ضمانات تمنحها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتشمل كافةً المواد والمرافق النووية المعلنة في دولة من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية. وقد تولت الوكالة الدولية للطاقة الذرية. بموجب وثيقتها (INFCIRC/153). وضع هذه الضمانات في العام 1971. كجزء من تنفيذ معاهدة عدم الانتشار وتشمل الضمانات الشاملة إعلانات البيانات التي تقدمها الدول. إلى جانب عمليات التفتيش المخصص. والتفتيش الروتيني. والتفتيش الإرتيابي. التي تتولي تنفيذها الوكالة. ب. أيضاً هي مجموعة من الأحكام التقنية والقانونية تمنحها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل ضمان عدم تحويل مواد نووية تعلن دولة ما أنها تحتفظ بها لأغراض سلمية نحو تحقيق غايات عسكرية. ج. تتألف ضمانات الوكالة من ثلاثة مكونات رئيسة هي حصر المواد النووية. والرصد المستمر. وعمليات التفتيش الموقعي. ويستتبع حصر المواد النووية تقديم الدول لتقارير دورية عن طبيعة المواد النووية وكمياتها الموجودة في منطقة رصد المواد. والتغيرات التي تطرأ عليها على مر الزمن. ويشمل الرصد المستمر استخدام الأختام والكاميرات وغيرها من الأجهزة الإلكترونية في التسجيل الآلي للأنشطة الجارية في النقاط الإستراتيجية في منطقة رصد المواد. د. أما عمليات التفتيش الموقعي. فيشارك فيها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لتدقيق سجلات حصر المواد النووية. والتحقق من الأجهزة والأختام الموضوعة. إلى جانب التأكد من عمليات الجرد المادي للمواد النووية. وما يحدد كثافة عمليات التفتيش الموقعي وتواترها هو خصائص المرافق المعنية. ومقدار المواد النووية الموجودة فيها. هـ. وقد استحدثت ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1961. ولم تكن تخضع لهذه الضمانات حينذاك سوي المفاعلات النووية التي تصل طاقتها إلى 100 ميجا وات. وكان علي المدير العام للوكالة أن يحصل علي الموافقة الرسمية للبلد المعني قبل تعيين مفتش للقيام بمهمة تفتيش في هذا البلد. وبموجب هذه الضمانات تخضع المواد والمرافق النووية كافة التي تحتفظ بها الدول غير الحائزة للأسلحة النووية لتحقق الوكالة. و. تمت إضافة برنامج جديد باسم (93 + 2) لتعزيز المنشآت النووية غير المعلنة. وضمان عدم الاضطلاع بأنشطة نووية غير معلنة في دول خاضعة للضمانات الشاملة. 5. نظام الضمانات المعزز البروتوكول الإضافي ضمانات تمنحها الوكالة الدولية للطاقة الذرية للدول غير الحائزة للأسلحة النووية التي هي أطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وقد نشأ نظام ضمانات المعزز (INFCIRC/540) نتيجة للبرنامج الذي استهلته الوكالة الدولية للطاقة الذرية (93 + 2) في عام 1993. عقب اكتشاف أنشطة نووية سرية في العراق وجنوب إفريقيا. ويهدف النظام إلى ضمان عدم تنفيذ أنشطة نووية غير معلنة في إحدى الدول غير الحائزة للأسلحة النووية. وتقديم إعلانات موسعة. وتوسيع نطاق أنشطة التفتيش التي يقوم بها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتوسيع طاقة أنشطة الرصد الموقعي ونطاقها. 6. موقف دول عدم الانحياز الأطراف في معاهدة N. P. T أ. تعتقد دول عدم الانحياز أن استمرار وجود الأسلحة النووية يمثل تهديداً كبيراً للبشرية. وأن التنفيذ الكامل والفعال لجميع التزامات المعاهدة ـ بما في ذلك بصفة خاصة من جانب الدول الحائزة للأسلحة النووية ـ يؤدي دوراً حاسماً في تعزيز السلم والأمن الدوليين. ب. تري دول عدم الانحياز أن السبيل الوحيد لتخليص العالم من التهديد باستخدام الأسلحة النووية هو إزالتها تماماً. وفي هذا الصدد. فإن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية خطوة عملية على طريق نزع السلاح النووي. ولا يمكن أن تكون بالتالي بديلاً عن هدف إزالة الأسلحة النووية بكاملها. وأن إزالة الأسلحة النووية تماماً هي الضمان المطلق الوحيد بأن الأسلحة النووية لن تستخدم أو يهدد باستخدامها. وعلى أن الدول غير الحائزة للأسلحة النووية ينبغي أن تتلقى ضمانات فعلية من جانب الدول الحائزة للأسلحة النووية بعدم استخدام هذه الأسلحة أو التهديد باستخدامها وينبغي السعي في بذل جهود رامية إلى إبرام صك عالمي ملزم قانوناً وغير مشروط بشأن الضمانات الأمنية للدول غير الحائزة للأسلحة النووية. واحتساب ذلك مسألة ذات أولوية. ج. فيما يتعلق بالشرق الأوسط. شددت دول حركة عدم الانحياز المنضمة لمعاهدة N.P.T علي القرار المتعلق بالشرق الأوسط الذي أعتمده مؤتمر المراجعة في عام 1995. فضلاً عن الوثيقة الختامية للمؤتمر الاستعراضي لعام 2000 (الجزء الأول) اللذين يدعوان جميع الدول في الشرق الأوسط التي لم تنضم بعد إلى المعاهدة. إلى أن تفعل ذلك دون استثناء في أقرب وقت ممكن. وأن تخضع جميع مرافقها النووية للضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. د. كما أشارت إلى القرار الصادر العام 1995 المتصل بالشرق الأوسط الذي هو عنصر أساسي من نتائج مؤتمر استعراض المعاهدة وتمديدها العام 1995، والذي كان الاستناد إليه في تمديد معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إلى أجل غير مسمى. دون تصويت في عام 1995. وإعادة تأكيد أن القرار يبقى سارياً حتى تتحقق غاياته وأهدافه. هـ. ترى دول عدم الانحياز أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي السلطة المختصة الوحيدة المسئولة عن التحقق والتأكد من امتثال الدول الأطراف لاتفاقات ضماناتها التي تنفذها بموجب المعاهدة. وذلك للحيلولة دون تحويل الطاقة النووية من الاستخدامات السلمية إلى الأسلحة النووية وغيرها من أجهزة التفجير النووية. وعلى أنها كذلك مركز التنسيق العالمي للتعاون التقني في المجال النووي. و. طالبت دول عدم الانحياز بإنشاء هيئة فرعية تابعة للجنة الرئيسة الثانية للمؤتمر الاستعراضي للعام 2010. تنظر في المقترحات المتعلقة بالتدابير العملية الملموسة الكفيلة بالتشجيع علي تنفيذ القرار المتعلق بالشرق الأوسط في أقرب وقت والتوصية بهذه المقترحات. ز. وتوصي بإنشاء لجنة دائمة مؤلفة من أعضاء مكتب المؤتمر الاستعراضي لعام 2010 لتقوم في فترات ما بين الدورات بمتابعة تنفيذ التوصيات المتصلة بالشرق الأوسط. وتقديم تقرير بهذا الشأن إلى المؤتمر الإستعرضي للعام 2015 ولجانه التحضيرية. 7. قرار الشرق الأوسط الصادر عن مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي لعام 1995 تضمن هذا القرار مسائل مهمة لمستقبل منع الانتشار في الشرق الأوسط. منها: أ. تأييد أهداف وغايات عملية السلام في الشرق الأوسط وإدراك أن الجهود المبذولة في هذا الشأن وكذلك الجهود الأخرى تسهم في أمور، من ضمنها إنشاء منطقة في الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية. وكذلك أسلحة الدمار الشامل الأخرى. ب. بلغت للقرار أن اللجنة الثالثة التابعة للمؤتمر قد أوصت في تقريرها بأن يقوم المؤتمر بدعوة الدول المتبقية غير الأطراف في المعاهدة إلى الانضمام إليها. ومن ثم القبول بتعهد دولي ملزم قانوناً بعدم حيازة أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية. وإلى قبول ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن منع أنشطتها النووية. ج. عكس القرار مسألة وجود مرافق نووية في الشرق الأوسط غير مشمولة بالضمانات. مؤكداً في هذا الصدد ضرورة قيام الدول غير الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي تقوم بتشغيل مرافق نووية غير مشمولة بالضمانات بقبول ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن جميع أنشطتها النووية. د. أكد أهمية الاضطلاع في وقت مبكر بتحقيق الانضمام العالمي إلى المعاهدة. ومطالبة جميع دول الشرق الأوسط التي لم تنضم بعد إلى المعاهدة بأن تفعل ذلك. دون استثناء في أقرب وقت ممكن. وأن تخضع مرافقها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. هـ. طالب القرار جميع الدول في الشرق الأوسط بأن تتخذ خطوات عملية في المحافل المختصة بهدف إحراز تقدم نحو إنشاء منطقة في الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل النووية والكيميائية والبيولوجية. ومنظومات إيصالها. بحيث يمكن التحقق منها بصورة فعالة. وأن تمتنع عن اتخاذ أي تدابير يكون من شأنها إعاقة هذا الهدف. و. طالب جميع الدول الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وبخاصة الدول الحائزة للأسلحة النووية. بأن تمد يد التعاون. وأن تبذل قصارى جهدها من أجل قيام الأطراف الإقليمية. في وقت مبكر بإنشاء منطقة في الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وسائر أسلحة الدمار الشامل الأخرى ومنظومات إيصالها. 8. مبادرة مصر عام 1990 أعلن الرئيس المصري محمد حسني مبارك مبادرة حول جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل في 8 أبريل 1990. وأهم ما جاء فيها: أ. ضرورة تحريم جميع أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط بدون استثناء سواء كانت نووية أو بيولوجية أو كيميائية. ب. تقوم جميع دول المنطقة بدون استثناء بتقديم تعهدات متساوية ومتبادلة بهذا الشأن. ج. ضرورة وضع إجراءات وأساليب لضمان التزام جميع دول المنطقة دون استثناء بالاتفاق كاملاً. 9. قرارات جامعة الدول العربية منذ صدور القرار الرقم 5232 الذي اتخذه مجلس الجامعة في دورته الثامنة والتسعين المنعقدة في سبتمبر 1992. فإن موضوع تنسيق المواقف العربية تجاه الجهود الرامية إلى إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط يحتل أهمية خاصة. حيث دعا القرار إلى ما يلي: أ. تأكيد تأييده لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل كافة (النووية والبيولوجية والكيماوية)، بحسبان ذلك أفضل وسيلة لتحقيق الأمن دول المنطقة كافة. ب. دعوة الدول الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. إلى العمل على أن تضح دول الشرق الأوسط كافة منشآتها النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ج. لفت نظر المجتمع الدولي، ومجلس الأمن خاصة ، إلى خطورة ما تمتلكه إسرائيل من قدرات تمكنها من تصنيع مختلف الأسلحة المتطورة سواء أسلحة الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية أو الأسلحة التقليدية. د. تشكيل لجنة من الدول العربية لمتابعة هذا الموضوع وتنسيق الموقف العربي في التجمعات الدولية كافة. ************************ المصادر والمراجع 1. إبراهيم نوار، "الخيار النووي الإيراني ـ رؤية تحليلية"، مجلة السياسة الدولية، العدد 171، يناير 2008. 2. أحمد فخر، "التفجيرات النووية في جنوب آسيا وانعكاساتها الإستراتيجية على منطقة الشرق الأوسط، قضايا إستراتيجية، المركز العربي للدراسات الإستراتيجية، القاهرة، عدد 15 مايو 1998. 3. أسامة الغزالي حرب، "تعليقاً على مقال للكاتب الأمريكي توماس فريدمان"، مجلة السياسة الدولية، العدد 173، يوليه 2008. 4. جريدة الأهرام، العدد الصادر في 21 أكتوبر 2010. 5. جريدة الأهرام، العدد الصادر في 3 مارس 2009. 6. جريدة الشرق الأوسط، العدد الصادر في 3 يوليه 2010. 7. سمير زكي البسيوني، "الشباب الإيراني والسياسة الخارجية ـ من الثورية إلى البرجمانية"، مجلة السياسية الدولية، العدد 167، القاهرة، أبريل 2007. 8. شيحة محمد محفوظ، "دراسة بحثية عن الملف النووي الإيراني"، كلية الآداب، جامعة عين شمس، القاهرة، أبريل 2007. 9. جريدة الأهرام، العدد الصادر في 19 مايو 2010. 10. عبدالمنعم سعيد، "أكتوبر 2010"، مقال بجريدة الأهرام، العدد الصادر في 16 أكتوبر 2010. 11. فتحي الشاذلي، "الموقف في الشرق الأوسط من انتشار الأسلحة الذرية"، مجلة الدفاع المصرية، ديسمبر1987. 12. محمد السعيد عبد المؤمن، "قراءة في الخلاف الإيراني حول المشروع النووي"، مختارات إيرانية، الأهرام، العدد 76، نوفمبر 2006. 13. محمد عباس ناجى، "اتفاق تبادل اليورانيوم ـ مراوغة إيرانية جديدة"، مجلة السياسة الدولية، العدد 181، يوليه 2010. 14. موسوعة المورد، الجزء العاشر Carnegie Endowment for international peace, George per kovich.vice president for studies, sept ,2006. David Albright, the bulletin of the atomic scientists vol 62,no 4, july/aug 2006. geopolitical intelligence report, George Fridman, 3dec 2007. http.//www.bdr130.net/vb/t860635.html IAEA BOARD OF GOVER NORS "GOV/2009/6 Washington post foreign service, karlvick , "Iran's gray area on nuclear arms" 21 June, 2006. |
|