منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة الصافات (37)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52683
العمر : 72

سورة الصافات (37) Empty
مُساهمةموضوع: سورة الصافات (37)   سورة الصافات (37) Emptyالخميس 31 مايو 2012, 2:14 am

سورة الصافات


{ وَٱلصَّافَّاتِ صَفَّا }* { فَٱلزَّاجِرَاتِ زَجْراً } * { فَٱلتَّالِيَاتِ ذِكْراً } * { إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ } * { رَّبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ ٱلْمَشَارِقِ } * { إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } * { وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } * { لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ } * { دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ } * { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ}

شرح الكلمات:
{ والصافات صفا } : أي الملائكة تصف أنفسها في الصلاة وأجنحتها في الهواء.

{ فالزاجرات زجرا } : أي الملائكة تزجر السحاب أي تسوقه حيث يأذن الله.

{ فالتاليات ذكرا } : أي فالجماعات التاليات للقرآن ذكرا.

{ إن إلهكم لواحد } : أي إن إلهكم المعبود الحق لكم أيها الناس لواحد.

{ رب السموات والأرض وما بينهما } : أي هو ربُّ السموات والأرض وما بينهما أي خالقهما ومالكهما ومدبر الأمر فيهما.

{ ورب المشارق } : أي والمغارب وهي مشارق الشمس ومغاربها إذ للشمس كل يوم مشرق ومغرب.

{ وحفظاً من كل شيطان مارد } : أي وحفظناها حفظاً من كل شيطان مارد خارج عن الطاعة.

{ لا يسمعون إلى الملأ الأعلى } : أي لا يستمعون إلى الملائكة في السموات العلا.

{ ويقذفون من كل جانب دحوراً }: يُرمون بالشهب من كل جوانب السماء دحورا أي إبعاداً لهم.

{ عذاب واصب } : أي دائم لا يفارقهم.

{ إلا من خطف الخطفة } : أي اختطف الكلمة من الملائكة بسرعة وهرب.

{ فاتبعه شهاب ثاقب } : أي كوكب مضيء ثاقب يثقبه أو يحرقه أو يخلبه أي يفسده.

معنى الآيات:
قوله تعالى { والصافات صفا } هذا قسم إلهي يؤكد به تعالى إلهيته على عباده فقد
أقسم بالصافات والزاجرات والتاليات ذكرا أي قرآنا، وسواء قلنا اقسم بهذه المخلوقات
إذ الله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه وإنما الممنوع أن يقسم العبد بغير ربّه تعالى.


أو قلنا اقسم تعالى بنفسه اي وربّ الصافات الخ فالقسم حاصل من أجل تقرير التوحيد، وهذا الإِقسام
جار على عرف البشر في أنهم إذا أخبروا بشيء يشكون في صحته فيؤكد لهم المُخبر الخبر
باليمين ليزيل الشك من نفوسهم.
وقوله { إنَّ إلهكم لواحد } هو المقسم عليه وهو أن إله البشرية كلها واحد وهو الله خالقها
ورازقها وليس لها من غله غيره، وما عندها من آلهة فهي ىلهة باطلة ويكفي في بطلانها
أنها اصنام وصور وتماثيل وصلبان لا تسمع ولا تبصر، ولا تنفع ولا تضر.
وقوله { ربّ
السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق } تدليل على وحدانية الله تعالى إذ هو خالق
السموات والأرض وما بينهما ومالكهما ومدبر الأمر فيهما، وربّ المشارق ايضا
والمغارب اي مشارق الشمس ومغاربها إذ كل يوم تشرق وتغرب في درجة معينة فالإله الحق
هو الخالق للعوالم والمدبر لها لا الذي ينحته الرجل بيده ويقول هو إلهي زورا وباطلا.
ألا فليتحرر
المشركون من اسر الشيطان ويعبدوا الرحمن. وقوله تعالى { إنّا زينا السماء الدنيا
بزينة الكواكب } هذه مظاهر القدرة والعالم والحكمة إنه وحده تعالى زين السماء
الدنيا اي القريبة من الأرض بزينة هي الكواكب المشرقة المنيرة.
وقوله { وحفظا
من كل شيطان مارد } اي وحفظنا السماء حفظا تاما من كل شيطان عادٍ متمرد عن الطاعة.
وقوله { لا
يسمعون إلى الملأ الأعلى } أي لا يتسمعون إلى الملائكة في السماء حتى لا ينقلوا
أخبار الغيب غلى أوليائهم من الكهان في الأرض.
وقوله { ويقذفون من كل جانب } اي ويرمى أولئك المردة من الشياطين من قبل الملائكة من كل
جهة من جهات السماء دحورا أي لدحرهم وغبعادهم. وقوله تعالى { ولهم عذاب واصب }
لأولئك المردة من الشياطين عذاب واصب موجع دائم وقوله { إلا من خطف الخطفة } أي
اختطف الكلمة بسرعة { فأتبعه شهاب ثاقب } أي كوكب مضيئ فثقبه أو أحرقه أو خبله أي
أفسده، وبهذا حُمِيت السماء بالملائكة من دخول الشياطين إليها واستراق السمع.

والحمد لله.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان أن الله تعالى يقسم ببعض مخلوقاته إما تنويها بعظمتها المقرر ضمنا لعظمة
خالقها وإما بيانا لفضلها وإما لفتا لنظر العباد إلى ما فيها من الفوائد.
2- تقرير التوحيد وأنه لا إله إلا الله.
3- بيان الحكمة من وجود النجوم في السماء الدنيا.
4- بيان أن الشياطين حرموا من استراق السمع، ولم يبق مجال لكذب الشياطين على الناس بعد أن منعوا من استراق السمع.


{ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ
أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ } *
{ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ } * { وَإِذَا ذُكِّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ } * {
وَإِذَا رَأَوْاْ آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ } * { وَقَالُوۤاْ إِن هَـٰذَآ إِلاَّ
سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
} * { أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } * { قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ } * {
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ } * { وَقَالُواْ
يٰوَيْلَنَا هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ ٱلَّذِي
كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }


شرح الكلمات:

{ فاستفتهم } : أي استخبر كفار مكة تقريرا وتوبيخا.

{ أهم أشد خلقا أم من خلقنا } : أي خلقهم في ذواتهم وإعادتهم بعد موتهم، أم من خلق
تعالى من الملائكة والسموات والأرض وما فيها من سائر المخلوقات.

{ من طين لازب } : أي يلصق باليد.

{ بل عجبت ويسخرون } : أي عجبت يا نبي الله من إنكارهم للبعث، وهم يسخرون من دعوتك
إلى الإِيمان به.

{ وإذا ذكروا لا يذكرون } : أي وإذا وعظوا لا يتعظون.

{ وإذا رأوا آية يستسخرون } : أي إذا رأوا حجة من الحجج التي تحمل الآيات القرآنية
تقرر البعث والتوحيد والنبوة يسخرون اي يستهزئون.

{ قل نعم وأنتم داخرون } : أي قل لهم يا رسولنا نعم تبعثون وأنتم صاغرون أذلاء.

{ فإنما هي زجرة واحدة } : أي صيحة تزجرهم وهي نفخة إسرافيل في الصور النفخة
الثانية.

{ هذا يوم الدين } : أي يوم الحساب والجزاء.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد والبعث والجزاء وقوله تعالى فاستفتهم اي
استخبرهم واطلب جوابهم اي بقولك أنتم أشد خلقا اي في ذواتكم وفي إحيائكم بعد
مماتكم أم من خلقه الله من الملائكة والسموات والأرض وما فيهما وما بينهما؟


والجواب معلوم
وهو أن خلق غيرهم من العوالم أشد خلقاً إذاً فيكف ينكرون البعث بدعوى استحالة
وجوده لصعوبته قال تعالى { إنا خلقناهم من طين لازب } اي خلقنا اباهم آدم من طين
لازب أي لاصق يلصق باليد ثم خلقناهم بطريق التناسل أفيعجزنا إعادة خلقهم مرة أخرى
والجواب لا.


لا وقوله تعالى
{ بل عجبت } اي من تكذيبهم بالبعث لوضوح الأدلة على إمكانه ووجوب وجوده { ويسخرون
} اي وهم يسخرون من ذلك أي يستهزئون من قولك بالبعث وإمكانه.


وقوله تعالى {
وإذا ذكروا } أي بالآيات لعلهم يذكرون فيؤمنون ويوحدون لا يذكرون لقساوة قلوبهم
وظلمة ذنوبهم بالشرك والمعاصي.


وقوله { وإذا
رأوا آية يستسخرون } اي يسخرون ويستهزئون { وقالوا إن هذا إلا سحر مبين } أي ما
هذا الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من القول والعمل إلا سحر مبين اي بَيّنٌ
ظاهروهم في ذلك كاذبون قطعا للفرق بين السحر الذي هو تخيل باطل بينه وبين الحق
الثابت عقلا ووحيا من دقائق الشرع وأصول الدين من الإِيمان بالله واليوم الآخر.


وقوله { أئذا
متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون } هذا قول المكذبين من المشركين يقولونه
متعجبين مستبعدين للبعث قال تعالى ردّا عليهم قل يا رسولنا لهم { نعم } تبعثون
أحياء { وأنتم داخرون } اي صاغرون ذليليون وأمر إعادتكم لا يتطلب أكثر من أن ينفخ
اسرافيل في الصور فإذا أنتم أحياء تخرجون من قبوركم { فإنما هي زجرة } اي صيحة {
واحدة فإذا هم } قيام { ينظرون } ويقولوا أي عند قيامهم من قبورهم { يا ويلنا } اي
يا هلاكنا احضر هذا أوان حضورك اي يدعون على أنفسهم بالهلاك لشدة ما شاهدوا من هول
القيامة كقول أحدهم ياليتها كانت القاضية.


وقولهم هذا يوم
الدين اعتراف منهم بالبعث والجزاء ولكن في وقت ما هو بنافع لهم الاعتراف فيه أي
هذا يوم الحساب والجزاء فيقال لهم { هذا يوم الفصل } الذي يفصل الله تعالى فيه بين
عباده فيما كانوا فيما يختلفون فيحكم بنيهم بالعدل، وقوله تعالى { الذي كنتم به
تكذبون } فيه توبيخ لهم أي هذا يوم البعث الذي كنتم تكذبون به وتقولون مستبعدين له
أئذا امتنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أو أباؤنا الأولون أي وآباؤنا الأولون
أيضا.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- بيان أصل خلق الإِنسان وهو الطين اللازب أي اللاصق باليد.

2- بيان موقفين متضادين الرسول يعجب من كفر المشركين وتكذيبهم والمشركون يسخرون من
دعوته إياهم إلى الإِيمان وعدم التكذيب بالله ولقائه.

3- تقرير البعث وبيان طريقة وقوعه.

4- عدم الانتفاع بالإِيمان عند معاينة العذاب.


{ ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ
ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ
فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ
مَّسْئُولُونَ } * { مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ } * { بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ
مُسْتَسْلِمُونَ } * { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * {
قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } * { قَالُواْ بَلْ
لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ
بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ }


شرح الكلمات:

{ احشروا الذين ظلموا } : أي أنفسهم بالشرك والمعاصي.

{ وأزواجهم } : أي قُرناءهم من الشياطين.

{ من دون الله } : أي من غير الله من الأوثان والأصنام.

{ فاهدوهم } : أي دلوهم وسوقوهم.

{ إلى صراط الجحيم } : أي إلى طريق النار.

{ وقفوهم إنهم مسؤولون } : أي احبسوهم عند الصراط إنهم مسؤولون عن جميع أقوالهم
وأفعالهم.

{ مالكم لا تناصرون } : أي ما لكم لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم في الدنيا توبيخا
لهم.

{ إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } : أي عن يمين أحدنا تزينون له الباطل وتحسِّنون
له الشر فتأمرونه بالشرك وتنهونه عن التوحيد.

{ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين } : أي قال قرناؤهم من الجن ردّا عليهم بل لم تكونوا
أساسا مؤمنين.

{ وما كان لنا عليكم من سلطان } : أي من حجة ولا قوة على حملكم على الشرك والشر
والباطل.

{ بل كنتم قوما طاغين } : أي بل كنتم طغاة تعبدون غير الله وتجبرون الناس على ذلك.

معنى الآيات:

ما زال السياق في موقف عرصات القيامة إنهم بعد اعترافهم بأن هذا يوم الدين وردّ
الله تعالى عليهم بقوله: { هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون }


يقول الجبار عز وجل { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } اي احشروا الذين ظلموا بالشرك
والمعاصي، وقوله { وأزواجهم } أي قُرناءهم من الجن { وما كانوا يعبدون من دون الله
} من الأصنام والأوثان.


وقوله تعالى {
فاهدوهم إلى صراط الجحيم } يقول الله عز وجل فاهدوهم أي دلوهم إلى طريق النار.

ويقول { وقفوهم إنهم مسؤولون } ثم يسألون { ما لكم لا تناصرون } أي لا ينصر بعضكم
بعضا كما كنتم في الدنيا.


كيف ينصر بعضهم
بعضا في مثل هذا الموقف الرهيب بل هم اليوم مستسلمون على المتبوعين يتساءلون أي
يتلاومون كلّ يلقي بالمسؤولية على الآخر.


فقال الأتباع
من الإِنس لقرنائهم من الجن ما أخبر تعالى به عنهم { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين
} أي والشمال أي توسوسون لنا فَتْحَسِّنُون لنا الشرك والشر بل تأمروننا به
وتحضوننا عليه.


فرد عليهم
قرناؤهم بما أخبر تعالى به عنهم في قوله { قالوا بل لم تكونوا مؤمنين } اي ما كنتم
مؤمنين فكفرناكم ولا صالحين فأفسدناكم، ولا موحدين فحملناكم على الشرك.


هذا أولا
وثانيا ما كان لنا عليكم من سلطان أي من حجج قوية أقنعناكم بها، ولا قدرة لنا
أزهقناكم فاتبعتمونا، بل كنتم أنتم قوما طاغين أي ظلمة متجاوزين الحد في الإِسراف
والظلم والشر.

هداية الآيات:من هداية الآيات:

1- بيان صورة لموقف مومواقف عرصات القيامة.

2- بيان أن الأشباه في الكفر أو في الفجور أو في الفسق تحشر مع بعضها بعضا.

3- عدم جدوى براءة العابدين من المعبودين واحتجاج التابعين على المتبوعين.


{ فَحَقَّ عَلَيْنَا
قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ } * { فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا
غَاوِينَ } * { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } * { إِنَّا
كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } * { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ
لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُوۤاْ
آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } * { بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ
ٱلْمُرْسَلِينَ }


شرح الكلمات:

{ فحق علينا قول ربنا } : أي وجب علينا العذاب.

{ إنا لذائقون } : أي العذاب نحن وأنتم.

{ فأغويناكم إنا كنا غاوين } : أي أضللناكم إنا كنّا ضالين.

{ فإنهم يومئذ } : أي يوم القيامة.

{ في العذاب مشتركون } : لأنهم كانوا في الغواية مشتركين.

{ إنا كذلك نفعل بالمجرمين } : كما عذبنا هؤلاء التابعين والمتبوعين نعذب التابعين
والمتبوعين في كل ضلال وكفر وفسّاد.

{ إنهم كانوا إذا قيل لهم } : أي إن أولئك المشركين من عبدة الأوثان إذا قال لهم
الرسول.

{ لا إله إلا الله يستكبرون } : أي قولوا لا إله إلا الله ولا تعبدا إلا الله
يستكبرون ولا يقولون ولا يوحدون.

{ لشاعر مجنون } : يعنون محمد صلى الله عليه وسلم.

{ بل جاء بالحق وصدق : أي بل جاء بلا إله إلا الله وهو الحق الذي جاءت به المرسلين
} الرسل وقد صدّقهم فيما جاءوا به من قبله وهو التوحيد.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم فيما ذكر تعالى من تساؤلات الظالمين وما قاله الأتباع
للمتبوعين وما قاله المتبوعين للاتباع فقوله تعالى { فحق علينا قول ربنا إنا
لذائقون } هذا قول المتبوعين لأتباعهم قالوا لهم فسبب غوايتنا وضلالنا وجب علينا
العذاب إنا وأنتم لذائقوه لا محالة.


وقالوا لهم
أيضا معترفين بإغوائهم لهم فأغويناكم إنا كنا غاوين هذا قول الجن للإنس قال تعالى
{ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون } وذلك لاشتراكهم في الشرك والشر والفساد.


وقوله تعالى {
إنا كذلك نفعل بالمجرمين } من سائر الأصناف كالزناة وأكلة الربا وسافكي الدماء
فنعذب الصنف مع صنفه وهذا عائد إلى قوله احشروا الذين ظلموا وأزواجهم أي أشياعهم
وأضرابهم وقوله تعالى { إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون } يخبر
تعالى عن مشركي قريش أنهم كانوا في الدنيا إذا قال لهم رسول الله أو أحد المؤمنين
قولوا لا إله إلا الله يستكبرون ويشمئزون ولا يقولونها بل ويقولون أئنا لتاركوا
آلهتنا لشاعر مجنون يعنون النبي محمد صلى الله عليه سولم يصفون القرآن بالشعر
ومحمداً صلى الله عليه وسلم تاليه وقارئه بالشعر ولما يدعوهم إليه من الإِيمان
بالبّعث والجزاء بالجنون والرسول في نظرهم مجنون.


فرد تعالى
عليهم بقوله { بل جاء بالحق } اي لم يمكن رسولنا بشاعر ولا مجنون بل جاء بالحق
فأنكرتموه وكذبتم به تقليدا وعنادا فقلتم ما قلتم. وإنما هو قد جاء بالحق الذي هو
لا إله إلا الله { وصدق المرسلين } الذين جاءوا قبله بكلمة لا إله إلا الله
والدعوة إليها والحياة والموت عليها.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- بيان هلاك الضال ومن اضله والغاوي ومن أغواه.

2- بيان ما كان يوجهه المشركون لرسول الله من التُّهم الباطلة وردّ الله تعالى
عليها.

3- التعظيم من شأن لا إله إلا الله وانها دعوة كل الرسل التي سبقت النبي محمد صلى
الله عليه وسلم.

4- تقرير التوحيد والبعث والجزاء والنبوة المحمدية.


{ إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو
ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } * { وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } *
{ إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ
مَّعْلُومٌ } * { فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } *
{ عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } * { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ
} * { بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } * { لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ
عَنْهَا يُنزَفُونَ } * { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ } * {
كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ }


شرح الكلمات:

{ وما تجزون إلا ما كنتم تعملون } : أي إلاّ جزاء ما كنتم تعملونه من الشرك
والمعاصي.

{ إلا عباد الله المخلصين } : أي لكن عباد الله المخلصين اي العبادة لله وحده
فإِنهم يجزون بأكثر أعمالهم إذ الحسنة بعشر أمثالها وأكثر.

{ لهم رزق معلوم } : أي في الجنة بكرة وعشيا.

{ فوكه } : أي طعامهم وشرابهم فيها للتلذذ به كما يتلذذ بالفواكه فليس هو لحفظ
أجسامهم حية كما في الدنيا.

{ وهم فيها مكرمون } : أي لا تلحقهم فيها إهانة بل يقال لهم هنيئا بخلاف أهل النار
يقال لهم ذوقوا عذاب النار بما كنتم تعملون.

{ من معين } : أي يجري على وجه الأرض كعيون الماء الجارية على الأرض.

{ لذةٍ للشاربين } : أي الخمرة موصوفة بأنها لذة للشاربين.

{ لا فيها غول } : أي ما يغتال عقولهم وأجسامهم فيهلكهم.

{ ولا هم عنها ينزفون } : أي لا يسكرون عنها أي بسببها كما هي خمر الدنيا.

{ قاصرات الطرف } : أي لا ينظرن إلى غير أزواجهن لحسنهم وجمالهم عندهن.

{ عين } : أي واسعات الأعين الواحدة عيناء.

{ بيض مكنون } : أي كأنهن بيض مكنون أي مستور لا يصله غُبار ولا غيره.

معنى الآيات:

قوله تعالى { إنكم لذائقوا العذاب الأليم، وما تجزون إلا ما كنتم تعملون } هذا
يقال لأهل النار وهم موقوفون يتساءلون ومن جملة ما يقال لهم عندئذ هذا القول
فيخبرون بأنهم ذائقوا العذاب الأليم الموجع، وأهم ما يجزون إلا بما كانوا يعملون
فلا يظلمون بالجزاء بل هو جزاء عادل السيئة بمثلها.


وهنا استثنى
تعالى جزاء عباده المؤمنين الذي استخلصهم لعبادته فعبدوه ووحدوه فإنهم يجزون بأكثر
من أعمالهم فضلا منه عليهم وإحسانا إليهم فالحسنة بعشر أمثالها وبأكثر إلى سبعمائة
وأكثر، فقال { إلاَّ عباد الله المخلصين } وبيّن تعالى بعض جزائهم فقال { أولئك
لهم رزق معلوم } أي يأكلونه بكرة وعشياً، وقوله فواكه فيه إشارة غلى أنهم لا
يأكلون ولا يشربون لحفظ أجسادهم من الموت والفناء، وإنما يأكلون ما يأكلون ويشربون
ما يشربون تلذذا بذلك لا لدفع غائلة الجوع كما في الدنيا.


{ وهم مكرمون }
أي في الجنة حيث لا تلحقهم إهانة أبدا، وقوله في جنات النعيم اضاف الجنة إلى
النعيم مبالغة في وصفها بالنعيم حتى جعل الجنة جنّة النعيم فجعل للنعيم وهو النعيم
جنة، وأخبر أنهم متكئون فيها على سرر متقابلين ينظر بعضهم غلى بعض وهم في جلسات
تنعم، وأخبر عنهم أنهم في حال جلوسهم متقابلين ينظر بعضهم غلى بعض وهم في جلسات
تنعم، وأخبر عنهم أنهم في حال جلوسهم متقابلين يسقون بواسطة خدم من الملائكة خاص
فقال { يطاف عليهم بكاس من معين } أي من خمر تجرى بها الأنهار كأنها عيون الماء،
ووصف الخمر بأنها بيضاء وأنها لذة عظيمة للشاربين لها، وأنها لا فيها غول وهو ما
يغتال أبدانهم كالصداع ووجع البطن فقال { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } أي لا
يسكرون بها فتذهب بعقولهم.


وقوله { وعندهم
قاصرات الطرف } يعني أن لهم نساء هنّ أزواج لهم ومعنى قاصرات الطرف أي على أزواجهن
فلا ينظرن إلى غيرهم وذلك لحسنهم وجمالهم فلا تنظر الواحدة منهن إلا إلى زوجها.


وقوله { عين }
أي واسعات الأعين { كأنهن بيض مكنون } هذا وصف لنساء الجنة وأنهن بيض الأجسام
بياضاً كبياض بيض النعام إذ هو أبيض مشرب بصفرة وهو من أحسن أنواع الجمال في
النساء ومعنى { مكنون } مستور لا ينالهُ غبار ولا أي أذىً.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- بيان عدالة الحق تبارك وتعالى في أنه يجزي السيئة بمثلها ولا يؤاخذ أحداً بغير
كسبه في الحياة الدنيا.

2- بيان فضل الله تعالى إذ يجزي المؤمنين الحسنة بعشر أمثالها إلى أكثر من
سبعمائة.

3- تقرير البعث وبيان بعض ما يجري فيه من قول وعمل.

4- وصف نعيم أهل الجنة طعاما وشرابا وجلوسا واستمتاعا.


{ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ
عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي
قَرِينٌ } * { يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ } * { أَإِذَا مِتْنَا
وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ } * { قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ
} * { فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } * { قَالَ تَٱللَّهِ إِن
كِدتَّ لَتُرْدِينِ } * { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ
} * { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ } * { إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ وَمَا
نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * {
لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَامِلُونَ }


شرح الكلمات:

{ فأقبل بعضهم على بعض } : أي أقبل أهل الجنة.

{ يتساءلون } : أي عما مرّ بهم في الدنيا وما جرى لهم فيها.

{ إني كان لي قرين } : أي كان لي صاحب ينكر البعث الآخر.

{ يقول لي أئنك لمن المصدقين } : أي يقول تبكيتاً لي وتوبيخاً أي بالبعث والجزاء.

{ أءنا لمدينون } : أي محاسبون ومجزيون بأعمالنا في الدنيا إنكاراً وتكذيباً.

{ هل أنتم مطلعون } : أي معي إلى النار لننظر حاله وما هو فيه من العذاب.

{ فاطلع فرآه في سواء الجحيم } : أي في وسط النار.

{ تالله إن كدت لتردين } : أي قال هذا تشميتاً به، ومعنى تردين تهلكني.

{ لكنت من المحضرين } : أي المسوقين غلى جهنم المحضرين فيها.

{ أفما نحن بميتين } : أمخلدون فما نحن بميتين، والاستفهام للتقرير أي نعم.

{ إلا موتتنا الأولى } : التي ماتوها في الدنيا.

{ لمثل هذا فليعمل العاملون } : أي لمثل هذا النعيم من الخرود في الجنة والنعم
فيها فليعمل العاملون وذلك بكثرة الصالحات واجتناب السيئات.

معنى الآيات:

ما زال السياق في بيان نعيم أهل الجنة فقد قال بعضهملبعض بعد أن جلسوا على السرر
متقابلين يتجاذبون أطراف الحديث متذكرين ما مرّ بهم من أحداث في الحياة الدنيا
فقال أحدهم إنّي كان في الدنيا قرين أي صاحب يقول لي استهزاء وانكارا للبعث الآخر
{ أئنك لمن المصدقين } أي بالبعث والجزاء على الأعمال في الدنيا.


ويقول ايضا
مستبعدا منكراً { أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون } أي محاسبون ومجزيون.


ثم قال ذلك
القائل لبعض أهل مجلسه { هل أنتم مطلعون } أي معي على أهل النار لنرى صاحبي فيها
ونسأله عن حاله فكأنهم أبوا عليه ذلك وأبوا أن يطلعوا أما هو فقد اطّلع فرآه في
سواء الجحيم أي في وسطها، وقال له ما أخبر تعالى به عنه في قوله { قال تالله } اي
والله { إن كدت لتردين } أي تهلكني لما كنت تنكر عليّ الإِيمان بالبعث وتسخر مني
وتشمت بي لإِيماني وعملي الصالح الذي كنت أرجو ثوابه وهو حاصل الآن وقال أيضا {
ولولا نعمة ربيّ } عليّ بالعصمة والحفظ لكنت من المحضرين الآن في جهنم معك.


ثم قال له {
أفما نحن بميتين إلاّ موتتنا الأولى } والاستفهام تقريري فهو يقرره ليقول نعم
مخلجون نحن في الجنة وأنتم في النار. ثم قال إن هذا أي الخلود في دار النعيم { لهو
الفوز العظيم } إذ كان نجاة من النار وهي أعظم مرهوب مخوف، ودخولا للجنة دار
السلام والنعيم المقيم.


قال تعالى {
لمثل هذا } اي هذا الفوز العظيم بالنجاة من النار والخلود في دار الأبرار { فليعمل
العاملون } أي فليواصلوا عملهم وليخلصوا فيه لله ربّ العالمين.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- بيان عظمة الله تعالى في إقدار المؤمن على أن يتكلم مع من هو في وسط الجحيم
ويرى صورته ويتخاطب معه ويفهم بعضهم بعضا، والعرض التلفازي اليوم قد سهل إدراك هذه
الحقيقة.

2- التحذير من قرناء السوء كالشباب الملحد وغيره.

3- بيان كيف كان المكذبون يسخرون من المؤمنين ويعدونهم متخلفين عقليّاً.

4- لا موت في الآخرة وإنما حياة ابدية في النعيم أو في الجحيم.

5- الحث على كثرة الأعمال الصالحة، والبعد عن الأعمال الفاسدة.


{ أَذَلِكَ خَيْرٌ
نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } * { إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ
} * { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } * { طَلْعُهَا
كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ } * { فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا
فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } * { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً
مِنْ حَمِيمٍ } * { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } * { إِنَّهُمْ
أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ } * { فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ } *
{ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
فِيهِمْ مُّنذِرِينَ } * { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ } * {
إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ }


شرح الكلمات:

{ أذلك خير نزلا } : أي ذلك المذكور لأهل الجنة خير نُزلاً وهو ما يعد للنازل من
ضيف وغيره.

{ أم شجرة الزقوم } : المعدة لأهل النار وهي من أخبث الشجر طعما ومرارة.


{ إنا جعلناها
فتنة للظالمين } : أي امتحانا واختبارا لهم في الدنيا وعذابا لهم في الآخرة.

{ تخرج في اصل الجحيم } : أي في قعر الجحيم وأغصانها في دركاتها.

{ طلعها كأنه رؤوس الشياطين } : أي ما يطلع من ثمرها أولاً كالحيات القبيحة
المنظر.

{ إن لهم عليها لشوباً من حميم } : أي بعد اكلها يسقون ماء حميما فذلك الشوب أي
الخلط.

{ إنهم الفوا آباءهم } : أي وجدوا آباءهم.

{ فهم على اثارهم يهرعون } : أي يسرعون مندفعين إلى اتباعهم بدون فكر ولا رويّة.

{ ولقد أرسلنا فيهم منذرين } : أي رسلا منذرين لهم من العذاب.

{ فانظر كيف كان عاقبة المنذرين }: إنها كانت عذاباً أليما لإِصرارهم على الكفر.

{ إلا عباد الله المخلصين } : فإِنهم نجوا من العذاب ولم يهلكوا.

معنى الآيات:

لما ذكر تعالى ما أعده لأهل الإِيمان به وطاعته وطاعة رسوله من النعيم المقيم في
الجنة دار الأبرار قال أذلك المذكور من النعيم في الجنة خير نزلا ما يُعد من قرى
للضيف النازل وغيره أم شجرة الزقوم، أي ثمرها وهو ثمر سمج مرّ قبيح المنظر.


ثم أخبر تعالى
أنه جعلها فتنة للظالمين من كفار قريش إذ قالوا لما سمعوا بها كيف تنبت الشجرة في
النار والنار تحرق الشجر، فكذبوا بها فكان ذلك فتنة لهم.


ثم وصفها بقوله
{ إنها شجرة تخرج من اصل الجحيم } أي في قعرها وتمتد فروعها في دركات النار.


وقوله طلعها اي
ما يطلع من ثمرها في قبح منظره { كأنه رؤوس الشياطين } لأنّ العرب تضرب المثل
بالشيطان في القبح كما أن هناك حيات يسمونها بالشيطان قبيحة المنظر وقوله فإِنهم
أي الظلمة المشركين لآكلون منها أي من شجرة الزقوم لشدة جوعهم فمالئون منها البطون
اي بطونهم { ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم } وذلك أنهم لما يأكلون يعطشون فيسقون
من حميم فذلك الشوب من الحميم إذ الشوب الخلط والمزج يُقال شاب اللبن بالماء أي
خلطه به وقوله { ثم إن مرجعهم لإِلى الجحيم } اي مردهم إلى الجحيم بعدما يأكلون
ويشربون في مجالس خاصة بالأكل والشرب يردون إلى نار الجحيم.

وقوله تعالى { إنهم الفوا آباءهم ضالين } أي وجدوا آباءهم ضالين عن طريق الهدى
والرشاد { فهم على آثارهم يهرعون } اي يهلولون مسرعين وراءهم يتبعونهم في الشرك
والكفر والضلال وقوله تعالى { ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين } أي فليس هؤلاء أول من
ضل { ولقد أرسلنا } اي في أولئك الضالين من الأقوام السالفين منذرين أي رسلا
ينذرونهم فلم يؤمنوا فأهلكناهم فانظر كيف كان عاقبة المنذرين إنها كانت هلاكاً
ودماراً للكافرين.


وقوله تعالى {
إلا عباد الله المخلصين } استثناء منه تعالى لعباده المؤمنين الصالحين وهم الذين
استخلصهم لعبادته بذكره وشكره فآمنوا وأطاعوا فإِنه تعالى نجاهم وأهلك أعداءهم
الكافرين المكذبين وفي الآية تهديد ووعيد لكفار قريش بما لا مزيد عليه.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- بيان أحسن الأساليب في الدعوة وهو الترهيب والترغيب.

2- تقرير البعث والجزاء بأسلوب العرض للأحداث التي تتم في اقيامة.

3- التنديد بالتباع في الضلال للآباء والأجداد وأهل البلاد.

4- إهلاك الله تعالى للظالمين وانجاؤه للمؤمنين عند الأخذ بالذنوب في الدنيا
والآخرة.


{ وَلَقَدْ نَادَانَا
نُوحٌ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ } * { وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ
} * { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي
ٱلآخِرِينَ } * { سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي ٱلْعَالَمِينَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ
نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { ثُمَّ
أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ }


شرح الكلمات:

{ ولقد نادانا نوح } : أي قال إني مغلوب فانتصر " من سورة القمر ".

{ فلنعم المجيبون } : أي له إذ نجيناه وأهلكنا الكافرين من قومه.

{ من الكرب العظيم } : أي عذاب الغرق بالطوفان.

{ وجعلنا ذريّته هم الباقين } : إذ عامة الناس كانوا من ذريّته سام، وحام ويافث.

{ وتركنا عليه في الآخرين } : أي أبقينا عليه ثناء حسنا عند سائر الأمم والشعوب.

{ سلام على نوح في العالمين } : أي سلام منّا على نوح في العالمين أي في الناس
أجمعين.

{ إنا كذلك نجزي المحسنين } : أي كما جزينا نوحاً بالذكر الحسن والسلام في
العالمين نجزي المحسنين.

{ ثم أغرقنا الآخرين } : أي كفار قومه المشركين بعد إنجاء المؤمنين في السفينة.

معنى الآيات:

على إثر ذكره تعالى إهلاك المنذرين وإنجائه المؤمنين من عباده المخلصين ذكر قصة
تاريخية لذلك وهي نوح وقومه حيث أنذر نوح قومه ولما جاء العذاب أنجى الله عباده
المخلصين وأهلك المكذبين المنذرين فقال تعالى في ذكر هذه القصة الموجزة { ولقد
نادانا نوح } أي دعانا لنصرته من قومه { فقال رب انصرني بما كذبون }
{ وقال إني مغلوب فانتصر } { فلنعم المجيبون } نحن له { ونجيناه وأهله }
باستثناء امرأته وولده كنعان { من الكرب العظيم } وهو عذاب الغرق.


وقوله { وجعلنا
ذريّته هم الباقين } إلى يوم القيامة وهذا جزاء له على صبره في دعوته وإخلاصه
وصدقه فيها إذ كل الناس اليوم من أولاده الثلاثة وهم سام وهو أبو العرب والروم
وفارس، وحام وهو أبو السودان ويافث وهو أبو الترك والخزر وهم التتار ضيقوا العيون
ولهذا سموا الخزر من خزر العين وهو ضيقها وصغرها، ويأجوج ومأجوج، وقوله { وتركنا
عليه في الآخرين } أي في أجيال البشرية التي أتت بعده وهو الذكر الحسن والثناء
العطر المعبر عنه بقوله تعالى { سلام على نوح في العالمين }.


وقوله تعالى {
إنا كذلك نجزي المحسنين } أي كما جزينا نوحا لإِيمانه وصبره وتقواه وصدقه ونصحه
وإخلاصه نجزي المحسنين في إيمانهم وتقواهم وهذه بشرى للمؤمنين وقوله { إنه من
عبادنا المؤمنين } ثناء عليه وبيان لعلة الإِكرام والإِنعام عليه.

ودعوة إلى الإِيمان بالترغيب فيه، وقوله { ثم أغرقنا الآخرين } اي أغرقناهم
بالطوفان بكفرهم وشركهم وتكذيبهم بعد أن أنجينا المؤمنين.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:


1- بيان إكرام الله لأوليائه، وإهانته لإعدائه.

2- إجابة دعاء الصالحين لا سيما عندما يظلمون.

3- فضل الإِحسان وحسن عاقبة اهله.

4- فضل الإِيمان وكرامة أهله عند الله في الدنيا والآخرة.

5- قول سلام على نوح في العالمين إذا قاله المؤمن حين يمسي أو يصبح يحفظه الله
تعالى في لسعة العقرب. وأصح منه قول: " أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق
" لصحة الحديث في ذلك.


يتبع إن شاء الله...




عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأربعاء 09 يونيو 2021, 10:42 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52683
العمر : 72

سورة الصافات (37) Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الصافات (37)   سورة الصافات (37) Emptyالجمعة 01 يونيو 2012, 5:19 am

وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } * { إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ } * { أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ } * { فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ } * { فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } * { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } * { فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ } * { مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ } * { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } * { فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ } * { قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } * { قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ } * { فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ }



شرح الكلمات:
{ وإن من شيعته لإِبراهيم } : وإن من أشياع نوح على ملته ومنهاجه إبراهيم الخليل عليهما السلام.

{ إذ جاء ربه بقلب سليم } : أي أتى ربّه بقلب سليم من الشرك والشك والالتفات إلى غير الرب سبحانه وتعالى.

{ إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون }؟: أي حين قال لأبيه وقومه المشركين أي شيء تعبدون؟

{ أئفكا آلهة دون الله تريدون؟ } : أي كذبا هو أسوأ الكذب تريدون آلهة غير الله؟

{ فما ظنكم برب العالمين } : أي شيء هو؟ أترون أنه لا يسخط عليكم ولا يعاقبكم فتعبدون غيره وهو ربكم ورب العالمين.

{ فنظر نظرة في النجوم } : أي إيهاماً لهم إذ كانوا يؤلهون النجوم.

{ فقال إني سقيم } : أي عليل أي ذو سقم وهو المرض والعلة.

{ فتولوا عنه مدبرين } : أي رجعوا غلى ما هم فيه وتركوه قابلين عذره.

{ فراغ إلى آلهتهم } : أي مال إليها خفية.

{ فراغ عليهم ضربا باليمين } : أي بقوة يمينه فكسرها بفأس وحطمها.

{ فأقبلوا إليه يزفُّون } : أي يمشون بقوة وسرعة.

{ ما تنحتون } : من الحجارة والأخشاب والمعادن كالذهب والفضة.

{ وما تعملون } : أي وخلق ما تعبدون من أصنام وكواكب.

{ فقالوا ابنوا له بنيانا } : واملأوه حطبا وأضرموا فيه النار فإِذا التهب ألقوه فيه.

{ فجعلناهم الأسفلين } : أي المقهورين الخائبين في كيدهم إذ نجّى الله إبراهيم.

معنى الآيات:

لما ذكر تعالى قصة نوح مقرراً بها لنصرة أوليائه وخذلان أعدائه ذكر قصة أخرى هي
قصة إبراهيم وهي أكبر موعظة لكفار قريش لأنهم ينتمون غلى إبراهيم ويدعَّون أنهم
على ملته وملة ولده إسماعيل فلذا أطال الحديث فيها فقال سبحانه وتعالى { وإن من
شيعته لإبراهيم } أي وإن من اشياع نوح الذين هم على ملته ومنهجه إبراهيم خليل
الرحمن { إذ جاء ربّه بقلب سليم } اي إذ أتى ربّه بقلب سليم من الشرك والشك
والالتفات إلى غير الربّ تعالى في الوقت الذي قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون، منكراً
عليهم عبادة الصنام فلو كان في قلبه أدنى التفاتة إلى غيره طمعا أو خوفا ما أمكنه
أن يقول الذي قال بل كان في تلك الساعة سليم القلب ليس فيه نظر لغير الله تعالى
وقوله { أئفكا ىلهة دون الله تريدون } اي أكذباً هو أسوأ الكذب تريدون آلهة غير
الله حيث جعلتموها بكذبكم بألسنتكم ىلهة وهي أحجار واصنام. وقوله { فما ظنكم بربّ
العالمين } وقد عبدتم الكذب دونه إذ آلهتكم ما هي غلا كذب بحت. أترون أن الله لا
يسخط عليكم ولا يعاقبكم؟ وقوله { فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم } هنا كلام
محذوف دل عليه المقام وهو أن أهل البلد قد عزموا على الخروج إلى عيد لهم يقضونه
خارج البلد، فعرضوا عليه الخروج معهم فاعتذر بقوله إني سقيم أي ذو سقم بعد أن نظر
في النجوم موهماً لهم أنه رأى ما دله على أنه سيصاب بسقم وهو مرض الطاعون وكان
القوم منجمين ينظرون غلى النجوم فيدعون أنهم يعرفون بذلك الخير والشر الذي ينزل
إلى الأرض بواسطة الكواكب فأوهمهم بذلك فتركوه خوفا من عدوى الطاعون، أو تركوه
قبولا لعذره هذا ما دل عليه قوله تعالى { فنظر نظرة في النجوم فقال إنس سقيم } {
فتولوا عنه } أي لذلك ورجعوا إلى أمورهم وما هم عازمون عليه من الخروج إلى العيد
خارج البلد وهو معنى فتولوا عنه مدبرين وهم\نا وقد خلا له المكان الذي فيه الآلهة
من الحراس والعباد والزوار للآلهة في بهوها الخاص فنفذ ما حلف على تنفيذه في مناظرة
كانت بينه وبين بعضهم إذ قال { تالله لأكيدن اصنامكم بعد أن تولوا مدبرين } وبدأ
المهمة فقال للآلهة وأنواع الأطعمة أمامها تلك الأطعمة من الحلويات وغيرها التي
يتركها المشركون لتباركها الالهة ثم يأكلونها رجاء بركتها { ألا تأكلون } عارضا
عليها الأكل سخيرّة بها فلم تجبه ولم تأكل فقال لها { مالكم لا تنطقون } ثم انهال
عليها ضرباً بفأس بيده اليمنى فكسرها وجعلها جذاذاً اي قطعاً متناثرة.


فلما رجعوا من عيدهم مساء وجاءوا بَهْو الالهة ليأخذوا الأطعمة وجدوا الآلهة مكسرة.
{ فأقبلوا غليه يزفون } أي مسرعين بأن طلبوا من رجالهم إحضاره على الفور فأحضروه
وأخذوا يحاكمونه فقال في دفاعه { أتعبدون ما تنحتون } اي بايديكم من اصنام بعضها
من حجر وبعض من خشب ومن فضة ومن ذهب أيضا، { والله خلقكم وما تعملون } من كل عمل
منأعمالكم فلم لا تعبدونه، وتعبدون أصناما لا تنفع ولا تضر، ولما غلبهم في الحجة
وانهزموا أمامه اصدروا أمرهم بإِحراقه بالنار فقالوا { ابنوا له بنيانا } أي فرنا
عظيما واملأوه حطبا وأضرموا فيه النار حتى إذا التهب فألقوه في جحيمه وهو معنى
قوله تعالى { فقالوا ابنوه له بنياناً فألقوه في الجحيم } وقوله تعالى { فارادوا }
أي بإِبراهيم { كيداً } أي شرا وذلك بعزمهم على إحراقه وتنفيذهم ما عزموا عليه {
فجعلناهم الأسفلين } اي المتهورين المغلوبين إذ قال تالى للنار { كوني برداً
وسلاماً على إبراهيم }


فكانت فخرج منها إبراهيم ولم يُحرق سوى كتافيه الذي في يديه ورجليه وخيب الله سعي
المشركين وأذلهم أمام إبراهيم وأخزاهم وهو معنى قوله تعالى { فجعلناهم الأخسرين }

وقد جمع الله تعالى لهم بين الخسران في كل ما أملوه من عملهم والذي الذي ما فارقهم.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- أصل الدين واحد فالإِسلام هو دين الله الذي تعبد به آدم فمن بعده إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
2- كمال إبراهيم في سلامة قلبه من الالتفات إلى غير الله تعالى حتى إن جبريل قد
عرض له وهو في طريقه إلى الجحيم الذي أعده له قومه فقال [هل لك حاجة يا إبراهيم فقال أما إليك فلا].
3- من اقبح الكذب ادعاء أن غير الله يعبد مع الله تبركا به أو طلبا لشفاعته.
4- وجوب تغيير المنكر عند القدرة عليه.
5- بيان ابتلاء إبراهيم وأنه أُلقي في النار فصبر، ولذا أكرمه ربّه بما سيأتي في السياق بيانه.


{ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ
إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ } * { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { فَبَشَّرْنَاهُ
بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ } * { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ
إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ
يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ
} * { فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } * { وَنَادَيْنَاهُ أَن
يٰإِبْرَاهِيمُ } * { قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي
ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ } * {
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } * {
سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } * { كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّهُ
مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ
ٱلصَّالِحِينَ } * { وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ وَمِن
ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ }



شرح الكلمات:

{ إني ذاهب إلى ربي سيهدين
} : أي إني مهاجر إلى ربي سيهدين إلى مكان أعبده فيه فلا أمنع فيه من عبادته.

{ ربّ هب لي من الصالحين } : أي ولداً من الصالحين.

{ بغلام حليم } : أي ذي حلم وصبر كثير يولد له.

{ فلما بلغ معه السعي } : أي بلغ من العمر ما اصبح يقدر فيه على العمل كسبع سنين فأكثر.

{ فانظر ماذا ترى } : أي من الرأي الرشد.

{ من الصابرين } : أي على الذبح الذي أُمرت به.

{ فلما أسلما } : أي خضعا لأمر الله الولد والوالد وانقادا له.

{ وتله للجبين } : أي صرعه على جبينه بأن وضع جبينه على الأرض ولكل انسان جبينان أيمن وأيسر والجبهة بينهما.

{ قد صدقت الرؤيا } : أي بما عزمت عليه وفعلته من الخروج بالولد إلى منى وصرعه على الأرض وإمرار السكين على حلقه.

{ إن هذا لهو البلاء المبين } : أي الأمر بالذبح اختبار عظيم.

{ وفديناه بذبح عظيم } : أي كبش كبير.

{ وتركنا عليه في الآخرين } : أي أبقينا عليه ثناءً وذكراً حسنا فيمن جاء بعده من الناس.

{ وباركنا عليه وعلى اسحق } : أي وباركنا عليه بتكثير ذريته وذرية اسحق حتى إن عامة الأنبياء من ذريتهما.

معنى الآيات:
ما زال السياق في قصة إبراهيم الخليل إنه بعد أن أُلقي به في النار وخرج بحمد الله
سالماً قرر الهجرة وترك البلاد، وقال { إني ذاهب إلى ربي سيهدين } أي إني ذاهب إلى
حيث أذن لي ربي بالهجرة إليه حيث أتمكن من عبادته فذهب إلى بلاد الشام ونزل أولا
بحران من الشام، وقوله سيهدين أي يثبتني بدوام هدايته لي.
ودعا ربّه قائلا { ربّ هب
لي من الصالحين } أي ارزقني أولاداً صالحين.


فاستجاب الله تعالى له
وذلك انه سافر في أرض القدس مع زوجته سارة وانتهى مصر، وحدث أن وهب طاغية مصر
جارية لسارة تسمى هاجر فوهبتها سارة لزوجها إبراهيم فتسراها فولدت له غلاماً هو
إسماعيل وهو استجابة الله تعالى لإبراهيم في دعائه عند هجرته { رب هب لي من
الصالحين } وهو قوله تعالى { فبشرناه بغلام حليم }.


وقد أخذ سارة ما يأخذ النساء من الغيرة لما رأت جارية إبراهيم أنجبت له إسماعيل فأمر الله إبراهيم بأن
يأخذها وطفلها إلى مكة إبعاداً لها عن سارة ليقل تألمها.


وهناك بمكة رأى إبراهيم
رؤيته ورؤيا الأنبياء وحي وقال لإسماعيل ما أخبر تعالى به في قوله، { فبشرناه
بغلام حليم فلما بلغ معه السعي } كابن سبع سنين فأكثر بمعنى أصبح قادرا على العمل
معه { قال يا بنيّ إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى } أي استشارة ليرى
رأيه في القبول أو الرفض فأجاب إسماعيل قائلا { يا ابت افعل ما تؤمر } أي ما يأمرك
به ربك { ستجدني إن شاء الله من الصابرين } وفعلا خرج به إبراهيم من حول البيت إلى
منى وانتهى إلى مكان تجاوز به مكان الجمرات الثلاث وتله للجبين أي صرعه على جبينه
بأن وضع جبينه على الأرض وأخذ المدية ووضعها على رقبته والتفت لأمر ما وإذا بكبش
أملح والهاتف يقول اترك ذاك وخذ هذا فترك الولد وذبح الكبش وكانت آية.


وهو قوله تعالى { وفديناه
بذبح عظيم }، وقوله تعالى { وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي
المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين } أي الاختبار البيّن وبذلك تأهل للخلة وأصبح
خليل الرحمن، وقوله تعالى { وفديناه } أي اسماعيل { بذبح عظيم } أي بكبش عظيم.


وهو الذي ذبحه إبراهيم وترك إسماعيل وقوله { وتركنا عليه في الآخرين } اي أبقينا عليه ثناء عاطرا وذكرا
حسنا فيمن جاء بعده من الأمم والشعوب.


{ سلام على إبراهيم } اي
سلام من الله على إبراهيم كذلك أي كذلك الجزاء الذي جزى به الله تعالى على إيمانه
وهجرته وصبره وطاعته يجزي المحسنين وقوله { إنه من عبادنا المؤمنين } وفي هذا ثناء
عاطر على المؤمنين، وقوله { وبشرناه باسحاق نبيّاً من الصالحين } وهذا يوم جاءه
الضيف من الملائكة وهم في طريقهم إلى المؤتفكات قرى قوم لوط، وذلك بعد أن بلغ من
العمر عتيا وامرأته سارة كذلك إذ قالت ساعة البشرى { أألد وأنا عجوز وهذا
بعلي شيخاً } وعجبا لمن يقول إن الذبيح اسحق وليس اسماعيل وقوله تعالى {
وباركنا عليه وعلى اسحق } أي وباركنا عليه بتكثير ذريّته وذريّة اسحاق حتى إن عامة
الأنبياء من بعدهما من ذريّتهما، وقوله تعالى { ومن ذريّتهما } أي إبراهيم واسحق {
محسن } أي مؤمن صالح { وظالم لنفسه } بالشرك والعاصي.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- فضل الهجرة في سبيل الله وأن أول هجرة كانت في الأرض هي هجرة إبراهيم من العراق إلى الشام.

2- بيان أن الذبيح هو إسماعيل وليس هو اسحق كما يقول البعض وكما يدعي اليهود.

3- وجوب بر الوالدين وطاعتهما في المعروف.

4- فضل إبراهيم وعلو مقامه وكرامته عند ربّه.

5- فضل الإِحسان وجزاء المحسنين.


{ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ
مُوسَىٰ وَهَارُونَ } * { وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ
} * { وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُواْ هُمُ ٱلْغَٰلِبِينَ } * { وَآتَيْنَاهُمَا
ٱلْكِتَابَ ٱلْمُسْتَبِينَ } * { وَهَدَيْنَاهُمَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } *
{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي ٱلآخِرِينَ } * { سَلاَمٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ
وَهَارُونَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ }



شرح الكلمات:
{ ولقد مننا على موسى وهرون } : أي بالنبوة والرسالة.

{ ونجيناهم وقومهما } : أي بني اسرائيل.

{ من الكرب العظيم } : أي استعباد فرعون غياهم واضطهاده لهم.

{ ونصرناهم } : على فرعون وجنوده.

{ الكتاب المستبين } : أي التوراة الموضحة الأحكام والشرائع.

{ وهديناهما الصراط المستقيم } : أي الإِسلام لله ربّ العالمين.

{ وتركنا عليهما في الآخرين } : أي أبقينا عليهما في الآخرين ثناء حسنا.

{ سلام على موسى وهرون } : أي سلام منا على موسى وهرون.

{ إنا كذلك } : أي كما جزيناهما نجزي المحسنين منعبادنا المؤمنين.

{ إنهما من عبادنا المؤمنين } : أي جزيناهما بما جزيناهما به لإِيمانهما.

معنى الآيات:

ما زال السياق في ذكر إفضال الله وإنعامه على من يشاء من عباده فبعد ذكر إنعامه
على إبراهيم وولده إسحق ذكر من ذريّتهما المحسنين موسى وهرون فقال تعالى { ولقد
مننا على موسى وهرون } أي بالنبوة والرسالة، { ونجيناهما وقومهما } اي بني اسرائيل
{ من الكرب العظيم } الذي هو استعباد فرعون والأقباط لهم واضطهادهم زمنا طويلا {
ونصرناهم } أي على فرعون وملائه { فكانوا هم الغالبين } { وآتيناهما } أي
أعطيناهما { الكتاب المستبين } وهو التوراة الواضحة الأحكام البيّن الشرائع لا خفاء فيها ولا غموض.


{ وهديناهما الصراط
المستقيم } وهو الدين الصحيح الذي هو الإسلام دين الله الذي بعث به كافة رسله {
وتركنا عليهما في الآخرين } أي وأبقينا عليهما الذكر الحسن والثناء العطر فيمن
بعدهما رسلام على موسى وهرون } { إنا كذلك نجزي المحسنين } أي كما جزيناهما
لإِحسانهما نجزي المحسنين { إنهما من عبادنا المؤمنين } فيه بيان لعلة ما وهبهما
من الإنعام والإِفصال وهو الإِيمان المقتضي للإِسلام والإِحسان.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان إكرام الله تعالى لرسوليه موسى وهرون عليهما السلام.

2- بيان إنعام الله تعالى على بني اسرائيل بإِنجائهم من آل فرعون ونصرته لهم عليهم.

3- بيان أن الإِسلام دين سائر الأنبياء وليس خاصاً بأمة الإِسلام.

4- بيان فضل الإِحسان والإِيمان.


{ وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ
ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ } * { أَتَدْعُونَ
بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } * { ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ
آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } * {
إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ
} * { سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
} * { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ }



شرح الكلمات:
{ وإن إلياس لمن المرسلين } : إلياس هو أحد أنبياء بني إسرائيل من سبط هرون أرسله الله تعالى إلى أهل مدينة بعلبك بالشام.

{ أتدعون بعلا } : أي صنما يمسى بعلا.

{ وتذرون أحسن الخالقين } : أي وتتركون عبادة الله أحسن الخالقين.

{ فإنهم لمحضرون } : أي في النار.

{ إلا عباد الله المخلصين } : أي فإنهم نجوا من النار.

{ وتركنا عليه في الآخرين } : أي أبقينا عليه في الآخرين ذكرا حسنا.

{ سلام على إل ياسين } : أي سلام منا على إلياس.

معنى الآيات:
ما زال السياق في ذكر إنعام الله تعالى على بعض أنبيائه ورسله فقال تعالى { وإنّ
إلياس لمن المرسلين } وهو من سبط هرون عليه السلام أحد أنبياء بني اسرائيل أخبر
تعالى أنه من المرسلين أي اذكر إذ قال لقومه وهم أهل مدينة بعلبك وما حولها { ألا
تتقون } أي الله تعالى بعبادته وترك عبادة غيره، وهذا دليل على أنه رسول. وقوله
عليه السلام { أتدعون بعلا } هذا إنكار منه لهم على عبادة نم كبير لهم يسمونه
بعلا، اي كيف تعبدون صنما بدعائه والعكوف عليه والذبح والنذر له، وتتركون عبادة
الله أحسن الخالقين، الله ربكم ورب آبائكم الأولين. قال تعالى { فكذبوه } اي في
أنه لا إله إلا الله { فماتوا وهم كافرون }


فاحضروا في جهنم فهم من المحضرين فيها، وقوله تالى { إلا عباد الله المخلصين } اي
الموحدين فإنهم ليسوا في النار بل هم في الجنة. وقوله تعالى { وتركنا عليه في
الآخرين } اي وأبقينا له ذكراً حسنا في الذين جاءوا من بعده من الناس.


وقوله تعالى { سلام } أي
منّا { على إِل ياسين } { إنا كذلك } أي كما جزينا إلياس لإِحسانه في طاعتنا {
نجزي المحسنين } وقوله { إنه من عبادنا المؤمنين } أي استحق تكريمنا والجزاء الحسن
لأنه منعبادنا المؤمنين.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير التوحيد، والتنديد بالشرك.

2- هلاك المشركين ونجاة الموحدين يوم القيامة.

3- فضل الإِحسان ومجازاة أهله بحسن الجزاء.

4- فضل الإِيمان وأنه سبب كل خير وكمال.


{ وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ
ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ
عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ } * { ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } * { وَإِنَّكُمْ
لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ } * { وَبِٱلْلَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}



شرح الكلمات:
{ وإن لوطاً لمن المرسلين } : أي وإن لوطا وهو ابن هاران أخي إبراهيم الخليل لمن جملة الرسل ايضا.

{ إننجيناه وأهله أجميعن } : أي اذكر يا رسولنا ممن أنعمنا عليهم بالنبوة والرسالة
لوطا إذ نجيناه وأهله أجمعين من عذاب مطر السوء.

{ إلا عجوزا في الغابرين } : أي إلا امرأته الكافرة هلكت في الغابرين أي الباقين في العذاب.

{ ثم دمرنا الآخرين } : أي أهلكنا الآخرين ممن عدا لوطاً والمؤمنين معه.

{ وإنكم لتمرون عليهم } : أي في أسفاركم إلى فلسطين وغزة ومصر بالليل والنهار.

{ أفلا تعقلون } : أي يا أهل مكة ما حل بهم فتعتبرون وتتعظون فتؤمنوا وتوحدوا.

معنى الآيات:
ما زال السياق في ذكر إنعام الله على من اصطفى من عباده فقال تعالى { وإن لوطاً }
وهو ابن هاران أخي إبراهيم عليهما السلام { لمن المرسلين } اي لمن جُملة رسلنا {
إذ نجيناه } اي اذكر إنعامنا عيه إذ نجيناه من العذاب وأهله أجميعن { إلا عجوزا في
الغابرين } وهي امرأته إذ كانت مع الكافرين فبقيت معهم فهلكت بهلاكهك.


وقوله تعالى { ثم دمرنا الآخرين } أي ممن عدا لوطاً ومن آمن به من قومه.


وقوله { وإنكم لتمرون
عليهم مصبحين وبالليل } هذا خطاب لأهل مكة المشركين إذ كانوا يسافرون للتجارة إلى
الشام وفلسطين ويمرون بالبحر الميت وهو مكان الهالكين من قوم لوط أصبح بعد الخسف
بحراً ميتاً لا حياة فيه البتة.


وقوله { أفلا تعقلون }
توبيخ لهم وتقريع على عدم التفكر والتدبر إذ لو فكروا لعلموا أن الله تعالى أهلكهم
لتكذيبهم برسولهم وكفرهم بما جاءهم به من الهدى والدين الحق، وقد كذب هؤلاء فأي
مانع يمنع من وقوع عذاب بهم كما وقع بقوم لوط من قبلهم.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير نبوة لوط ورسالته.
2- بيان العبرة في إنجاء لوط والمؤمنين معه وإهلاك الكافرين المكذبين به.
3- بيان أن لا شفاعة تنفع ولو كان الشافع أقرب قريب إلا بعد أن يأذن الله للشافع وبعد رضائه عن المشفوع له.
4- وجوب التفكر والتعقل في الأحداث الكونية للاهتداء بذلك إلى معرفة سنن الله تعالى في الكون والحياة.


{ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ
ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * { فَسَاهَمَ
فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } * { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } * {
فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } * { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ
يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } * {
وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ } * { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ
مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } * { فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ }



شرح الكلمات:
{ وإن يونس لمن المرسلين } : أي وإن يونس بن متى الملقب بذي النون لمن جُملة المرسلين.

{ إذ أبق إلى الفلك المشحون } : أي إذ هرب إلى السفينة المملوءة بالركاب.

{ فساهم فكان من المدحضين } : أي اقترع مع ركاب السفينة فكان من المغلوبين.

{ فالتقمه الحوت وهو مليم } : أي ابتلعه الحوت وهو آتٍ بما يلام عليه.

{ للبث في بطنه إلى يوم يبعثون }: أي لكان بطن الحوت قبرا له إلى يوم القيامة.

{ فنبذناه بالعراء } : أي فألقيناه في بطن الحوت بالعراء أي يوجه الأرض بالساحل.

{ وهو سقيم } : أي عليل كالفرخ المنتوف الريش. { شجرة من يقطين } : أي الدباء: القرع.

{ إلى مائة الف أو يزيدون } : أي أرسلناه إلى مائة ألف نسمة بل يزيدون بكذا الف.

{ فآمنوا فمتعاهم إلى حين } : أي فآمن قومه عند معاينة أمارات العذاب فأبقاهم الله إلى آجالهم.

معنى الآيات:
ما زال السياق في ذكر من أنعم الله تعالى عليهم بما شاء من وجوه الإِنعام. فقال عز
وجل عطفا عما سبق { وإن يونس لمن المرسلين } أي وإن عبدنا يونس بن متى ذا النون
لمن جُملة من مننّا عليهم بالنبوّة والرسالة. { إذ أبق } أي في الوقت الذي هرب من
قومه لما لم يؤمنوا به وواعدهم العذاب وتأخر عنهم فاستعجل فهرب من المدينة وهي
نينوي من أرض الموصل بالعراق، فوصل الميناء فوجد سفينة مبحرة فركب وكانت حمولتها
أكبر من طاقتها فوقفت في عرض البحر لا تتقدم ولا تتأخر فرأى رُبّان السفينة أنه لا
بد من تقليل الشحنة وإلاّ غرق الجميع، وشح كل راكب بنفسه فاقترعوا فكان يونس من
المدحضين أي المغلوبين في القرعة فرموه في البحر فالتقمه حوته، وهو مليم اي فاعل
ما يلام عليه من فراره من دعوة قومه إلى الله لما ضاق صدره ولم يطق البقاء معهم.

وهذا معنى قوله تعالى { إذ ابق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم }.


وقوله تعالى { فلولا أنه
كان من المسبحين للبث في بطنه } أي بطن الحوت { إلى يوم يبعثون } أي يوم القيامة
بأن يصير بطن الحوت قبراً له أي فلولا أن يونس كان من المسبحين أي المكثرين من
الصلاة والذكر والدعاء والتسبيح قبل البلاء لما كان يُلهم قوله لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الظالمين، ولما كان يستجاب له ولذا قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " تعرّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة " فإِن صوت يونس سمع
تحت العرش فعرفه بعض الملائكة فذكروا ذلك لربهم تعالى فأخبرهم أنه عبده يونس، وأنه
كان من المكثرين الصلاة والذكر والدعاء قبل البلاء فلذا استجاب الله تعالى ونجاه
من الغم، وهو معنى قوله تعالى { فنبذناه بالعراء } أي بوجه الأرض العارية من الشجر
وكل ظل وهو كالفرخ المنتوف الريش نضج لحمه من حرارة جوف الحوت وأنبت تعالى عليه
شجرة من يقطين أي فرع تظلله بأوراقها الحررية الناعمة والتي لا ينزل بساحتها
الذباب، وسخر له أُروية " غزالة " فكانت تأتيه صباح مساء فتفشح عليه أي
تفتح رجليها وتدني ضرعها منه فيرضع حتى يشبع إلى أن تماثل للشفاء وعاد إلى قومه
فوجدهم مؤمنين لتوبة أحدثوها عند ظهور امارات العذاب فتاب الله عليهم.


وقوله تعالى { وأرسلناه
إلى مائة ألف أو يزيدون } أي أرسلناه إلى قومه وهم أهل نينوي وكان تعدادهم مائة
ألف وزيادة كذا ألفا فآمنوا أي بالله ربّا وبالإِسلام دينا وبيونس نبيا وتابوا
بترك الشرك والكفر فجزيناهم على إيمانهم وتوبتهم بأن كشفنا عنهم العذاب الذي
أظلهم، ومتعناهم أي أبقينا عليهم يتمتعون بالحياة إلى نهاية آجالهم المحدودة لهم
في كتاب المقادير.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير نبوة يونس ورسالته وضمن ذلك تقرير رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
2- مشروعية الركوب في السفن البحرية.
3- مشروعية الاقتراع لفض النزاع في قسمة الأشياء ونحوها.
4- فضل الصلاة والذكر والدعاء والتسبيح وعظيم نفعها عند الوقوع في البلاء.
5- تقرير مبدأ " تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ".
6- بركة أكل اليقطين أي الدباء القرع إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكلها ويلتقطها من حافة القصعة.
7- فضل قوم يونس إذ آمنوا كلهم ولم تؤمن أمة بكاملها إلاّ هم.


{ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ
ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } * { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً
وَهُمْ شَاهِدُونَ } * { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ } * {
وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ
ٱلْبَنِينَ } * { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } * { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * {
أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } * { فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ
صَادِقِينَ } * { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ
عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } * { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا
يَصِفُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ }



شرح الكلمات:
{ فاستفتهم } : أي استخبر كفار مكة توبيخا لهم وتقريعاً.

{ ولهم البنون } : أي فيختصون بالأفضل الأشرف.

{ ليقولون ولد الله } : أي لقولهم الملائكة بنات الله.

{ اصطفى البنات } : أي اختار البنات على البنين.

{ افلا تذكرون } : أي إن الله تعالى منزه عن الصاحبة والولد.

{ أم لكم سلطان مبين } : أي ألكم حجة واضحة على صحة ما تدعون.

{ فأتوا بكتابكم } : أي الذي تحتجون بما فيه، ومن اين لكم ذلك.

{ وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا } : إذ قالوا الملائكة بنات الله.

{ ولقد علمت الجنة إنهم : أي في العذاب.

لمحضرون } { سبحان الله عما يصفون } : أي تنزيها لله تعالى عما يصفونه به من كون الملائكة بنات له.

{ إلا عباد الله المخلصين } : أي فإِنهم ينزهون ربهم ولا يصفونه بالنقائص كهؤلاء المشركين.

معنى الآيات:
بعد تقرير البعث والتوحيد والنبوة في السياق السابق بالأدلة والحجج والبراهين
القاطعة أراد تعالى إبطال فرية من اسوأ الفرى التي عرفتها ديار الجزيرة وهي قول
بعضهم إن الله تعالى قد اصهر إلى الجن فأنجب الملائكة وهم بنات الله، وهذا لا شك
انه من إيحاء الشيطان لإِغواء الإِنسان وإضلاله فقال تعالى لرسوله استفتهم اي
استخبرهم موبخا لهم مقرّعا قائلا لهم { ألربك البنات ولهم البنون }، أي أما تخجلون
عندما تنسبون لكم الأسنى والأشرف وهو البنون، وتجعلون لله الآخس والأدنى وهو
البنات وقوله تعالى { أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون } أي حضروا يوم خلقنا
الملائكة فعرفوا بذلك أنهم إناث، والجواب لا إنهم لم يشهدوا خلقهم إذاً فلم
يكذبون.


وقوله تعالى { ألا إنهم من
إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون } اي ألا إن هؤلاء المشركين الضالين من
كذبهم الذي عاشوا عليه واعتادوه يقولون ولد الله وذلك بقولهم الملائكة بنات الله،
وإنهم وربّ العزة لكاذبون في قيلهم هذا الذي هو صورة لإِفكهم الذي يعيشون عليه.


وقوله تعالى { اصطفى
البنات على البنين } هذا توبيخ لهم وتقريع اصطفى اي هل الله اختار البنات على
البنين فلذا جعلهم إناثاً كما تزعمون. ما لكم كيف تحكمون هذا الحكم الباطل الفاسد.

أفلا تذكرون فتذكروا أن الله تعالى منزه عن الصاحبة والولد أم لكم سلطان مبين اي
ألكم حجة قوية تثبت دعواكم والحجة القوية تكون بوحي من الله في كتاب أنزله يخبر
فيه بما تقولون إذاً { فأتوا بكتابكم } الذي فيه ما تدعون { إن كنتم صادقين } في
زعمكم.

ومن اين لكم الكتاب، وقد كفرتم بكتابكم الذي نزل لهدايتكم وهو اقرآن الكريم. وهكذا
ابطل الله هذه القرية بأقوى الحجج. وقوله تعالى: { وجعلوا بينه } اي بين الله
تعالى { وبين الجنة نسباً } بقولهم اصهر الله تعالى إن الجن فتزوج سروات الجن إذ
سالهم ابو بكر: من أمهات الملائكة فقالوا سروات الجن وقوله تعالى { ولقد علمت
الجنة إنهم لمحضرون } اي في العذاب، فكيف يكون لهم نسب ويعذبهم الله بالنار.


فالنسيب يكرم نسيبه لا
يعذبه بالنار، وبذلك بطلت هذه الفرية الممقوتة، فنزه الله تعالى نفسه عن مثل هذه
الترهات والأباطيل فقال { سبحان الله عما يصفون }.


{ إلا عباد الله المخلصين
} أي فإنهم لا يصفون ربهم بمثل هذه النقائص التي هي من صفات العباد العجزة
المفتقرين غلى الزوجة والولد أما ربّ كل شيء ومالكه وخالقه فلا يقبل العقل أن ينسب
إليه الصاحبة والولد. فلذا عباد الله الذين استخلصهم لمعرفته والإِيمان به وعبادته
لا يصفون ربهم جل جلاله بصفات المحدثين من خلق الله.

ولا يكونون من المحضرين في النار.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- إبطال فرية بَني ملحان من العرب الذين زيّن لهم الشيطان فكرة الملائكة بنات الله، ووجود نسب بين الله تعالى وبين الجن.
2- مشروعية دحض الباطل بأقوى الحجج وأصَحِّ البراهين.
3- الحجة الأقوى ما كانت من وحي الله في كتاب من كتبه التي أوحى بها إلى رسله.


{ فَإِنَّكُمْ وَمَا
تَعْبُدُونَ } * { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } * { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ
ٱلْجَحِيمِ } * { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } * { وَإِنَّا
لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } * { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ } * { وَإِن كَانُواْ
لَيَقُولُونَ } * { لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * {
لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }



شرح الكلمات:
{ وما تعبدون } : أي من الأصنام.

{ إلا من هو صال الجحيم } : أي مقدر له عذاب النار.

{ إلا له مقام معلوم } : أي مكان في السماء يعبد الله تعالى فيه لا يتعداه.

{ وإنا لنحن الصافون } : أي أقدامنا في الصلاة.

{ وإنا لنحن المسبحون } : أي المنزهون الله تعالى عما لا يليق به.

{ وإن كانوا ليقولون } : أي كفار مكة.

{ لو أن عندنا ذكرا } : أي كتابا من كتب الأمم السابقة.

{ فكفروا به } : أي بالكتاب الذي جاءهم وهو القرآن.

{ فسوف يعلمون } : أي عاقبة كفرهم إن لم يتوبوا فيؤمنوا ويوحدوا.

معنى الآيات:

ما زال السياق في إبطال باطل المشركين فقد قال لهم تعالى { فإِنكم وما تعبدون } من اصنام ايها المشركون.


ما أنتم بمضلين أحدا إلا
أحدا هو صال الجحيم حيث كتبنا عليه ذلك في كتاب المقادير فهو لا بد عامل بما يوجب
له النار فهذا قد يفتتن بكم وبعبادتكم فيضل بضلالكم.


وقوله تعالى { وما منا إلا
له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون } هذا قول جبريل للنبي صلى
الله عليه وسلم أخبره بأن الملائكة تصف في السماء للصلاة كما يصف المؤمنون من
الناس في الصلاة، وانهم من المسبحين لله الليل والنهار وقد أخبر النبي صلى الله
عليه وسلم " بأنه ما من موضع شبر في السماء إلا عليه ملك ساجداً أو قائم

وقوله تعالى { وإن كانوا
ليقولون } اي مشركو العرب { لو أن عندنا ذكرا من الأولين } أي كتابا من كتب
الأولين كالتوراة والإِنجيل، لكنا عباد الله المخلصين أي لكنا عباداً لله تعالى
نعبده ونوحده ولا نشرك به أحداً.


فرد تعالى على قولهم هذا
إذ هو مجرد تمنٍ كاذب بقوله فكفروا به أي فكفروا بالكتاب الذي جاءهم وهو القرآن
الكريم. إذاً فسوف يعلمون عاقبة تكذيبهم إن لم يتوبوا وهو هلاكهم وخسرانهم.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة القضاء والقدر إذ من كتب الله عليه النار فسوف يصلاها.
2- تقرير عبودية الملائكة وطاعتهم لله وأنهم لا يتجاوزون ما حد الله تعالى لهم.
3- فضل الصفوف في الصلاة وفضل تسويتها.
4- بيان كذب المشركين إذ كانوا يدعون أنهم لو أَنزل عليهم كتابٌ كما أنزل على من
قبلهم لكانوا عباد الله المخلصين أي الذين يعبدونه ويخلصون له العبادة.
5- تهديد الله تعالى للمشركين على كذبهم بقوله فسوف يعلمون.


{ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا
لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } * { وَإِنَّ
جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } * { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * {
وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } *
{ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } * { وَتَوَلَّ
عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } * { سُبْحَانَ
رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { وَسَلاَمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ
} * { وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }



شرح الكلمات:
{ سبقت كلمتنا } : هي قوله تعالى لأغلبن أنا ورسلي.

{ وإن جندنا لهم الغالبون } : أي للكافرين بالحجة والنصرة.

{ فتولَّ عنهم حتى حين } : أي أعرض عنهم حتى تؤمر فيهم بالقتال.

{ وأبصرهم } : أي أنظرهم.

{ فإِذا نزل بساحتهم } : أي العذاب.

{ وتولَّ عنهم } : أي أعرض عنهم.

{ سبحان ربك } : أي تنزيها لربّك يا محمد.

{ عما يصفون } : أي تنزيها له عما يصفه به هؤلاء المشركون منالصاحبة والولد والشريك.

{ وسلام على المرسلين } : أي أَمَنَةٌ من الله لهم في الدنيا والآخرة.

{ والحمد لله رب : أي الثناء بالجميل خالص لله رب الثقلين الإِنس والجن على نصر أوليائه العالمين } وإهلاك أعدائه.

معنى الآيات:

لما ختم السياق الأول بتهديد الكافرين بقوله تعالى { فكفروا به فسوف يعلمون } أخبر
تعالى رسوله بما يطمئنه على نصر الله تعالى له فقال { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا
المرسلين } وهي قوله { إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون }.
أي بالحجة والبرهان، وبالرمح والسنان.
وقوله { وتول عنهم حتى حين
} يأمر رسوله أن يعرض عن المشركين من قومه حتى حين يأمره فيهم بأمر، أو ينزل بهم
بلاء أو باساً وقوله { وأبصرهم } أي أنظرهم فسوف يبصرون لا محالة ماينزل بهم من
عذاب الله في الدنيا وفي الآخرة.
وقوله تعالى { أفبعذابنا يستعجلون } ن ينكر تعالى عليهم استعجالهم العذاب الدال

على سفههم وخفة أحلامهم إذ ما يستعجل العذاب إلا أحمق جاهل وعذاب من استعجلوا إنه عذاب الله!!

قال تعالى { فإِذا نزل بساحتهم } أي بفناء دارهم { فساء صباح المنذرين } أي بئس
صباحهم من صباح إنه صباح هلاكهم ودمارهم ثم أمر تعالى مرة اخرى رسوله أن يتول عنهم
وينتظر ما يحل بهم فقال { وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون } وفي الآية من
التهديد والوعيد لهؤلاء المشركين مالا يقادر قدره.


وأخيرا نزه تعالى نفسه عما
يصفه به المشركون من الولد والشريك وسلّم على المرسلين، وحمد نفسه مشيرا إلى مقتضى
الحمد وموجبه وهو كونه رب العالمين فقال { سبحان ربك } يا محمد { رب العزة }
ومالكها يعز بها من يشاء ويذل من يشاء { عما يصفون } من الصاحبة والولد والشريك، {
وسلام } منا { على المرسلين } وأنت منهم { والحمد لله رب العالمين } على نصره
أولياءه وإهلاكه أعداءه.

هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير النبوة المحمدية.
2- وعد الله تعالى لرسوله بالنصر وقد أنجزه ما وعده والحمد لله.
3- استحباب ختم الدعاء أو الكلام بقراءة جملة { سبحان ربك ربّ العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين } لورود ذلك في السنة.



سورة الصافات (37) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الصافات (37)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الصافات
» (37) سورة الصافات
» سورة الصافات
» سورة الصافات
» سورة الصافات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: أيســـر التفاســــير-
انتقل الى: