منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ Empty
مُساهمةموضوع: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟   ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ Emptyالأربعاء 08 فبراير 2012, 10:56 pm

ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لم يكن انحطاط المسلمين أولاً ، وفشلهم وانعزالهم عن قيادة الأمم بعد ، وانسحابهم من ميدان الحياة والعمل أخيراً ، حادثاً من نوع ما وقع وتكرر في التاريخ من انحطاط الشعوب والأمم ، وانقراض الحكومات والدول ، وانكسار الملوك والفاتحين ، وانهزام الغزاة المنتصرين ، وتقلص ظل المدنيات.


والجزر السياسي بعد المد . فما أكثر ما وقع مثل هذا في تاريخ كل أمة . وما أكثر أمثاله في تاريخ الإنسان العام ! ولكن هذا الحادث كان غريباً لا مثيل له في التاريخ . مع أن في التاريخ مثلاً وأمثلة لكل حادث غريب .


لم يكن هذا الحادث يخص العرب وحدهم، ولا يخص الشعوب والأمم التي دانت بالإسلام ، فضلاً عن الأسر والبيوتات التي خسرت دولتها وبلادها ، بل هي مأساة إنسانية عامة لم يشهد التاريخ أتعس منها ولا أعم منها.


فلو علم العالم حقيقة هذه الكارثة ، ولو عرف مقدار خسارته ورزيته ، انكشف عنه غطاء العصبية ، لاتخذ هذا اليوم النحس – الذي وقعت فيه يوم عزاء ورثاء ، ونياحة وبكاء ، ولتبادلت شعوب العالم وأممه التعازي ، ولبست الأمة ثوب الحداد ، ولكن ذلك لم يتم في يوم ، وإنما وقع تدريجياً في عقود من السنين ، والعالم لم يحسب إلى الآن الحساب الصحيح لهذا الحادث ، ولم يقدره قدره ، وليس عنده المقياس الصحيح لشقائه وحرمانه .


إن العالم لم يخسر شيئاً بانقراض دولة ملكت حيناً من الدهر. وفتحت مجموعاً من البلاد والأقاليم. واستعبدت طوائف من البشر. ونعمت وترفهت .


نظرة في الأديان والأمم:

أصبحت الديانات العظمى فريسة العابثين والمتلاعبين ، ولعبة المحرفين والمنافقين ، حتى فقدت روحها وشكلها ، فلو بعث أصحابها الأولون لم يعرفوها ، وأصبحت مهود الحضارة الثقافة والحكم والسياسة مسرح الفوضى والانحلال والاختلال وسوء النظام ، وعسف الحكام ، وشغلت بنفسها ، لا تحمل للعالم رسالة ولا للأمم دعوة ، وأفلست في معنوياتها ، ونضب معين حياتها ، لا تملك مشرعاً صافياً من الدين السماوي ، ولا نظاماً ثابتاً من الحكم البشري.


المسيحية في القرن السادس المسيحي : 

لم تكن المسيحية في يوم من الأيام من التفصيل والوضوح ومعالجة مسائل الإنسان ، بحيث تقوم عليه حضارة ، أو تسير في ضوئه دولة ، ولكن كان فيها أثارة من تعليم المسيح ، وعليها مسحة من دين التوحيد البسيط ، فجاء بولس فطمس نورها ، وطعّمها بخرافات الجاهلية التي انتقل منها ، والوثنية التي نشأ عليها ، وقضى قسطنطين على البقية الباقية ، حتى أصبحت النصرانية مزيجاً من الخرافات اليونانية والوثنية الرومية والأفلاطونية المصرية والرهبانية ، اضمحلت في جنبها تعليم المسيح البسيطة كما تتلاشى القطرة من اليم ، وعادت نسيجاً خشبياً من معتقدات وتقاليد لا تغذي الروح ، ولا تمد العقل ولا تشعل العاطفة ، ولا تحل معضلات الحياة ، ولا تنير السبيل ، بل أصبحت بزيادات المحرفين ، وتأويل الجاهلين ، تحول بين الإنسان والعلم والفكر ، وأصبحت على تعاقب العصور ديانة وثنية ، يقول (Sale) مترجم القرآن إلى الانكليزية عن نصارى القرن السادس الميلادي : ((وأسرف المسيحيون في عبادة القديسين والصور المسيحية حتى فاقوا في ذلك الكاثوليك في هذا العصر(11))) .


الحرب الأهلية الدينية في الدول الرومية : 

ثم ثارت حول الديانة وفي صميمها مجادلات كلامية، وسفسطة من الجدل العقيم شغلت فكر الأمة ، واستهلكت ذكاءها ، وابتلعت فدرتها العملية ، وتحولت في كثير من الأحيان حروباً دامية وقتلاً وتدميراً وتعذيباً ، وإغارة وانتهاباً واغتيالاً ، وحولت المدارس والكنائس والبيوت معسكرات دينية متنافسة وأقحمت البلاد في حرب أهلية ، وكان أشد مظاهر هذا الخلاف الديني ما كان بين نصارى الشام والدولة الرومية ، وبين نصارى مصر ، أو بين (الملكانية) و (المنوفيسية) بلفظ أصح ، فكان شعار الملكانية عقيدة ازدواج طبيعة المسيح ، وكان المنوفيسيون يعتقدون أن للسيد المسيح طبيعة واحدة ، وهي الإلهية التي تلاشت فيها طبيعة المسح البشرية ، كقطرة من الخل تقع في بحر عميق لا قرار له .


وقد اشتد هذا الخلاف بين الحزبين في القرنين السادس والسابع ، حتى صار كأنه حرب عوان بين دينين متنافسين ، أو كأنه خلاف بين اليهود والنصارى ، كل طائفة تقول للأخرى : إنها ليست على شيء .


يقول الدكتور ألفرد . ج . بتلر :

(( إن ذينك القرنين كانا عهد نضال متصل بين المصريين والرومانيين، نضال يذكيه اختلاف في الجنس واختلاف في الدين، وكان اختلاف الدين أشد من اختلاف الجنس، إذ كانت علة العلل في ذلك الوقت تلك بين الملكانية والمنوفيسية، وكانت الطائفة الأولى- كما يدل عليها اسمها- حزب مذهب الدولة الإمبراطورية وحزب الملك والبلاد، وكانت تعتقد العقيدة السنية الموروثة، وهي ازدواج طبيعة المسيح، على حين أن الطائفة الأخرى وهي حزب القبط المنوفيسيين –أهل مصر- كانت تستبشع تلك العقيدة وتستفظعها، وتحاربها حرباً عنيفة في حماسة هوجاء يصعب علينا أن نتصورها أو نعرف كنهها في قوم يعقلون، بلة يؤمنون بالإنجيل (12))).


وحاول الإمبراطور هرقل (610-641) بعد انتصاره على الفرس سنة 638 جمع مذاهب الدولة المتصارعة وتوحيدها ، وأراد التوفيق ، وتقررت صورة التوفيق ، أن يمتنع الناس عن الخوض في الكلام عن كنه طبيعة السيد المسيح ، وعما إذا كانت له صفة واحدة ، أم صفتان  ولكن عليهم بأن يشهدوا بأن الله له إرادة واحدة أو قضاء واحد .


وفي صدر عام 631 حصل وفاق على ذلك وصار المذهب المنوثيلي مذهباً رسمياً للدولة ، ومن تضمهم من أتباع الكنيسة المسيحية ، وصمم هرقل على إظهار المذهب الجديد على ما عداه من المذاهب المختلفة له متوسلاً إلى ذلك بكل الوسائل ، ولكن القبط نابذوه العداء وتبرأوا من هذه البدعة والتحريف ، وصمدوا له واستماتوا في سبيل عقيدتهم القديمة ، وحاول الإمبراطور مرة أخرى توحيد المذاهب وحسم الخلاف ، فاقتنع بأن يقر الناس بأن الله له إرادة واحدة ، وأما المسألة الأخرى ، وهي نفاذ تلك الإرادة بالفعل ، فأرجأ القول فيه ، ومنع الناس أن يخوضوا في مناظراتها ، وجعل ذلك رسالة رسمية ، وبعث بها إلى جميع جهات العالم الشرقي ، ولكن الرسالة لم تهدئ العاصفة في مصر ووقع اضطهاد فظيع على يد قيرس في مصر واستمر عشر سنين ، وقع خلالها ما تقشعر منه الجلود ، فرجال كانوا يعذبون ثم يقتلون إغراقاً ، وتوقد المشاعل وتسلط نارها على الأشقياء حتى يسيل الدهن من الجانبين على الأرض ، ويوضع السجين في كيس مملوء من الرمل ويرمى به في البحر ، إلى غير ذلك من الفظائع .


الانحلال الاجتماعي والقلق الاقتصادي :

بلغ الانحلال الاجتماعي غايته في الدولة الرومية والشرقية ، وعلى كثرة مصائب الرعية ازدادت الإتاوات ، وتضاعفت الضرائب . حتى أصبح أهل البلاد يتذمرون من الحكومات . ويمقتونها مقتاً شديداً . ويفضلون عليها كل حكومة أجنبية ، وكانت الإيجارات والمصادرات ضغثاً على إبّالة ، وقد حدثت لذلك اضطرابات عظيمة وثورات .


وقد هلك عام 532 في الاضطراب ثلاثون ألف شخص في العاصمة (13). وعلى شدة الحاجة إلى الاقتصاد في الحياة أسرف الناس فيه، ووصلوا في التبذل إلى أحط الدركات. وأصبح الهم الوحيد اكتساب المال من أي وجه، ثم إنفاقه في التظرف والترف وإرضاء الشهوات .


ذابت أسس الفضيلة . وانهارت دعائم الأخلاق . حتى صار الناس يفضلون العزوبة على الحياة الزوجية ليقضوا مآربهم في حرية(14) . وكان العدل كما يقول (سيل) يباع ويساوم مثل السلع . وكانت الرشوة والخيانة تنالان من الأمة التشجيع(15) .


يقول (جيبون) : ((وفي آخر القرن السادس وصلت الدولة في ترديها وهبوطها إلى آخر نقطة(16) . وكان مثلها كمثل دوحة عظيمة كانت أمم العالم في حين من الأحيان تستظل بظلها الوارف . ولم يبق منها إلا الجذع الذي لا يزداد كل يوم إلا ذبولاً(17) )) . ويقول مؤلفو (تاريخ العالم للمؤرخين) : ((إن المدن العظيمة التي أسرع إليها الخراب ولم تسترد مجدها وزهرتها أبداً ، تشهد بما أصيبت به الدولة البيزنطية في هذا العهد من الانحطاط الهائل الذي كانت نتيجته المغالاة في المكوس والضرائب والانحطاط في التجارة ، وإهمال الزراعة ، وتناقص العمران في البلدان(18) )).


مصر في عصر الدولة الرومية ديانة واقتصاداً :

أما مصر ذات النيل السعيد ، والخصب المزيد ، فكانت في القرن السابع من أشقى بلاد الله بالنصرانية ، وبالدولة الرومية معاً ، أما الأولى فلم تستفد منها إلا خلافات ومناظرات في طبيعة المسيح ، وفي فلسفة ما وراء الطبيعة والفلسفة الألهية .


وقد ظهرت في القرن السابع في شر مظاهرها ، وأنهكت قوى الأمة العقلية ، وأضعفت قواها العملية ، وأما الأخرى فلم تلق منها إلا اضطهاداً دينياً فظيعاً واستبداداً سياسياً شنيعاً تجرعت في سبيلهما من المرائر في عشر سنين ما ذاقته أوربا في عهد التفتيش الديني في عقود من السنين ، فألهاها ذلك عن كل وطر من أوطار الحياة ، وعن كل مهمة شريفة من مهمات الدين والروح ، فلا هي تتمتع بالحرية السياسية رغم كونها مستعمرة رومية ، ولا هي تتمتع بالحرية الدينية والعقلية ، رغم كونها نصرانية .


ويقول الدكتور غوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) :

((ولقد أكرهت مصر على انتحال النصرانية . ولكنها هبطت بذلك إلى حضيض الانحطاط الذي لم ينتشلها منه سوى الفتح العربي ، وكان البؤس والشقاء مما كانت تعانيه مصر التي كانت مسرحاً للاختلافات الدينية الكثيرة في ذلك الزمن . وكان أهل مصر يقتتلون ويتلاعنون بفعل تلك الاختلافات ، وكانت مصر التي أكلتها الانقسامات الدينية ، وأنهكها استبداد الحكام تحقد أشد الحقد على سادتها الروم . وتنتظر ساعة تحريرها من براثن قياصرة القسطنطينية الظالمين(19) )).


ويقول الدكتور الفرد .ج . بتلر في كتابه (فتح العرب لمصر) :

(( فالحق أن أمور الدين في القرن السابع كانت في مصر أكبر خطراً عند الناس من أمور السياسة ، فلم تكن أمور الحكم هي التي قامت عليها الأحزاب ، واختلف بعضها عن بعض فيها ، بل كان كل الخلاف على أمور العقائد والديانات ، ولم يكن نظر الناس إلى الدين أنه المعين يستمد منه الناس ما يعينهم على العمل الصالح ، بل كان الدين في نظرهم هو الاعتقاد المجرد في أصول معينة .


(( فكان اختلاف الناس ومناظراتهم العنيفة كلها على خيالات صورية من فروق دقيقة بين المعتقدات ، وكانوا يخاطرون بحياتهم في سبيل أمور لا قيمة لها ، وفي سبيل فروق في أصول الدين وفي فلسفة ما وراء الطبيعة يدق فهمها ، ويشق لإدراكها(20) )) .


هذا ، وقد اتخذها الروم شاة حلوباً يريدون أن يستنزفوا مواردها ، ويمتصوا دمها ، يقول ألفرد: ((إن الروم كانوا يجبون من مصر جزية على النفوس وضرائب أخرى كثيرة العدد..مما لاشك فيه أن ضرائب الروم كانت فوق الطاقة، وكانت تجري بين الناس على غير عدل(21)))


ويقول مؤلفو (تاريخ العالم للمؤرخين) :

(( إن مصر كانت تضيف إلى مالية الدولة البيزنطية مجموعاً كبيراً من حاصلها ومنتجاتها ، وكانت طبقات الفلاحة المصرية – مع حرمانها من كل قوة سياسية ومن كل نفوذ – مرغمة على أداء الخرج للدولة الرومية ككراء الأرض فضلاً عن الضرائب ، وكانت ثروة مصر في هذا العهد إلى الانتقاص والانحطاط (22) )) .


وهكذا اجتمع لمصر من الاضطهاد الديني ، والاستبداد السياسي والاستغلال الاقتصادي ما شغلها بنفسها ، وكدر عليها صفو حياتها ، وألهاها عن كل مكرمة .

الحبشة :

أما جارتها الحبشة فكانت على المذهب (المونوفيسي) كذلك ، وكانت مع ذلك تعبد أوثاناً كثيرة استعارت بعضها من الهمجية ، ولم يكن التوحيد إلا ضرباً راقياً من الوثنية خلعت عليها لباساً من علم ومصطلحات نصرانية ، ولم تكن في الدين بذات روح ، ولا في الدنيا بذات طموح ، وقد قضى مجمع (نيقية) أن ليس لها استقلال بأمورها الدينية ، وإنما هي تابعة للكرسي الإسكندري .


الأمم الأوروبية الشمالية الغربية :

أما الأمم الأوروبية المتوغلة في الشمال والغرب فكانت تتسكع في ظلام الجهل المطبق ، والأمية الفاشية ، والحروب الدامية ، لم ينبثق فيها فجر الحضارة والعلم بعد ، ولم تظهر على مسرحها الأندلسي لتؤدي رسالتها في العلم والمدنية ، ولم تصهرها الحوادث ، وكانت بمعزل جادة قافلة الحضارة الإنسانية بعيدة عنها ، لا تعرف عن العالم ولا يعرف العالم المتمدن عنها إلا قليلاً ، ولم تكن – مما يجري في الشرق والغرب مما يغير وجه التاريخ – في عير ولا نفير ، وكانت بين نصرانية وليدة ، ووثنية شائبة ، ولم تكن بذات رسالة في الدين ، ولا بذات راية في السياسة .


يقول هـ . ج . ويلز : (( ولم تكن في أوربا الغربية في ذلك العهد أمارات الوحدة والنظام (23) )) .


ويقول (Robert Briffault  ): ((لقد أطبق على أوربا ليل حالك من القرن الخامس إلى القرن العاشر ، وكان هذا الليل يزداد ظلاماً وسواداً . قد كانت همجية ذلك العهد أشد هولاً وأفظع من همجية العهد القديم ، لأنها كانت أشبه بجثة حضارة كبيرة قد تعفنت ، وقد انطمست معالم هذه الحضارة وقضي عليها بالزوال ، وقد كانت الأقطار الكبيرة التي ازدهرت فيها هذه الحضارة وبلغت أوجها في الماضي ، كإيطاليا وفرنسا ، فريسة الدمار والفوضى والخراب(24) )) .

يتبع إن شاء الله...



ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 03 مايو 2021, 9:27 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟   ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ Emptyالأربعاء 08 فبراير 2012, 11:04 pm

اليهــــــــــود:    

وكانت في أوربا وآسيا وإفريقيا أمة هي أغنى أمم الأرض مادة في الدين ، وأقربها فهماً لمصطلحاته ومعانيه ، أولئك هم اليهود ، ولكن لم يكونوا عاملاً من عوامل الحضارة والسياسة أو الدين يؤثر في غيرهم ، بل قُضي عليهم من قرون طويلة أن يتحكم فيهم غيرهم، وأن يكونوا عرضة للاضطهاد والاستبداد، والنفي والجلاء، والعذاب والبلاء، وقد أورثهم تاريخهم الخاص وما تفردوا به بين أمم الأرض من العبودية الطويلة والاضطهاد الفظيع والكبرياء القومية، والإدلال بالنسب، والجشع وشهوة المال وتعاطي الربا ، أورثهم كل ذلك نفسية غريبة لم توجد في أمة وانفردوا بخصائص خلقية كانت لهم شعاراً على تعاقب الإعصار والأجيال ، منها الخنوع عند الضعف ، والبطش وسوء السيرة عند الغلبة ، والختل والنفاق في عامة الأحوال ، والقسوة والأثرة وأكل أموال الناس بالباطل ، والصد عن سبيل الله.


وقد وصفهم القرآن الكريم وصفاً دقيقاً عميقاً يصور ما كانوا عليه في القرنين السادس والسابع من تدهور خلقي ، وانحطاط نفسي ، وفساد اجتماعي، عزلوا بذلك عن إمامة الأمم وقيادة العالم.


بين اليهود والمسيحيين:    

وقد تجدد في أوائل القرن السابع من الحوادث ما بغضهم إلى المسيحيين ، وبغض المسيحيين إليهم وشوه سمعتهم ، ففي السنة الأخيرة من حكم فوكاس (610 م ) أوقع اليهود بالمسيحيين في أنطاكية ، فأرسل الإمبراطور قائده " أبنوسوس" ليقضي على ثورتهم ، فذهب وأنفذ عمله بقسوة نادرة ، فقتل الناس جميعاً ، قتلاً بالسيف ، وشنقاً وإغراقاً وتعذيباً ، ورمياً للوحوش الكاسرة .


وكان ذلك بين اليهود والنصارى مرة بعد مرة .


قال المقريزي في كتاب الخطط :

((وفي أيام فوقا ملك الروم ، بعث كسرى ملك فارس جيوشه إلى بلاد الشام ومصر فخربوا كنائس القدس وفلسطين وعامة بلاد الشام ، وقتلوا النصارى بأجمعهم وأتوا إلى مصر في طلبهم ، وقتلوا منهم أمة كبيرة ، وسبوا منهم سبياً لا يدخل تحت حصر وساعدهم اليهود في محاربة النصارى وتخريب كنائسهم .


وأقبلوا نحو الفرس من طبرية وجبل الجليل ، وقرية الناصرية صور ، وبلاد القدس ، فنالوا من النصارى كل منال ، وأعظموا النكاية فيهم ، وخربوا لهم كنيستين وأحرقوا أماكنهم ، وأخذوا قطعة من عود الصليب ، وأسروا بطرك القدس وكثيراً من أصحابه (25) )) .


إلى أن قال بعد أن ذكر فتح الفرس لمصر:

((فثارت اليهود في أثناء ذلك بمدينة صور وأرسلوا بقيتهم في بلادهم وتواعدوا على الإيقاع بالنصارى وقتلهم ، فكانت بينهم حرب اجتمع فيها من اليهود نحو عشرين ألفا وهدموا كنائس النصارى خارج صور فقوي النصارى عليهم وكاثروهم فانهزم اليهود هزيمة قبيحة وقتل منهم كثير، وكان هرقل قد ملك الروم بقسطنطينية، وغلب الفرس بحيلة دبرها على كسرى حتى رحل عنهم ، ثم سار من قسطنطينية ليمهد ممالك الشام ومصر، ويجدد ما خربها الفرس، فخرج إليه اليهود من طبرية وغيرها، وقدموا له الهدايا الجليلة طلبوا منهم أن يؤمنهم ويحلف لهم على ذلك فأمنهم وحلف لهم، ثم دخل القدس وقد تلقاه النصارى بالأناجيل والصلبان والبخور والشموع المشعلة، فوجد المدينة وكنائسها وقمامتها خراباً، فساءه ذلك وتوجع له، وأعلمه النصارى بما كان من ثورة اليهود مع الفرس وإيقاعهم بالنصارى وتخريبهم الكنائس، وأنهم كانوا أشد نكاية لهم من الفرس وقاموا قياماً كبيراً في قتلهم من آخرهم، وحثوا هرقل على الوقيعة بهم، وحسنوا له ذلك فاحتج عليه بما كان من تأمينه لهم وحلفه، فأفتاه رهبانهم وبطاركتهم وقسيسوهم بأنه لا حرج عليه في قتلهم ، فإنهم عملوا حيلة حتى أمنهم من غير أن يعلم بما كان منهم، وأنهم يقومون عنه بكفارة يمينه بأن يلتزموا ويلزموا النصارى بصوم جمعة في كل سنة عنه على ممر الزمان والدهور، فمال إلى قولهم وأوقع باليهود وقيعة شنعاء أبادهم جميعهم فيها، حتى لم يبق في ممالك الروم بمصر والشام منهم إلا من فر واختفى الخ )).


وبهذه الروايات يعلم ما وصل إليه الفريقان ، اليهود والنصارى ، من القسوة والضراوة بالدم الإنساني وتحين الفرص للنكاية في العدو ، وعدم مراعاة الحدود في ذلك ، وبهذه الأخلاق المنحطة والاستهانة بحياة الإنسان لا يمكن لطائفة أو أمة أن تؤدي رسالة الحق والعدل والسلام وتسعد البشرية في ظلها وتحت حكمها .


إيران والحركات الهدامة فيها :

أما فارس التي شاطرت الروم في حكم العالم المتمدن فكانت الحقل القديم لنشاط كبار الهدامين الذين عرفهم العالم، كان أساس الأخلاق متزعزعاً مضطرباً منذ عهد عريق في القدم، ولم تزل المحرمات النسبية التي تواضعت على حرمتها ومقتها طبائع أهل الأقاليم المعتدلة موضع خلاف ونقاش، حتى إن يزدجرد الثاني الذي حكم في أواخر القرن الخامس الميلادي تزوج  بنته ثم قتلها (26)، وأن بهرام جوبين الذي تملك في القرن السادس كان متزوجاً بأخته (27)


يقول البروفسور (( أرتهر كرستن سين)) أستاذ الألسنة الشرقية في جامعة كوبنهاجن بالدنمارك المتخصص في تاريخ إيران في كتابه (إيران في عهد الساسانيين): (( إن المؤرخين المعاصرين للعهد الساساني مثل (جاتهياس) وغيره ، يصدقون بوجود عادة زواج الإيرانيين بالمحرمات ، ويوجد في تاريخ العهد الساساني أمثلة لهذا الزواج ، فقد تزوج بهرام جوبين وتزوج جشتسب قبل أن يتنصر بالمحرمات (28)، ولم يكن يعد هذا الزواج معصية عند الإيرانيين ، بل كان عملاً صالحاً يتقربون به إلى الله ، ولعل الرحالة الصيني (هوئن سوئنج) أشار إلى هذا الزواج بقوله : إن الإيرانيين يتزوجون من غير استثناء (29))) .


ظهر "ماني" في القرن الثالث المسيحي ، وكان ظهوره رد فعل عنيف غير طبعي ضد النزعة الشهوية السائدة في البلاد ، ونتيجة منافسة النور والظلمة الوهمية فدعا إلى حياة العزوبة لحسم مادة الفساد الشر من العالم ، وأعلن أن امتزاج النور بالظلمة شر يجب الخلاص منه فحرَّم النكاح استعجالاً للفناء وانتصاراً للنور على الظلمة بقطع النسل.


وقتله بهرام سنة 276م قائلاً إن هذا خرج داعياً إلى تخريب العالم فالواجب أن يبدأ بتخريب نفسه قبل أن يتهيأ له شيء من مراده .


ولكن تعاليمه لم تمت بموته بل عاشت إلى ما بعد الفتح الإسلامي .


ثم ثارت روح الطبيعة الفارسية على تعاليم ماني المجحفة ، وتقمصت دعوة مزدك الذي ولد 487 م فأعلن أن الناس ولدوا سواء لا فرق بينهم ، فينبغي أن يعيشوا سواء لا فرق بينهم ، ولما كان المال والنساء مما حرصت النفوس على حفظه وحراسته كان ذلك عند مزدك أهم ما تجب فيه المساواة والاشتراك .


قال الشهرستاني(30) . (( أحل النساء وأباح الأموال وجعل الناس شركة فيها كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ )) . وحظيت هذه الدعوة بموافقة الشبان والأغنياء والمترفين وصادفت من قلوبهم هوى ، وسعدت كذلك بحماية البلاط فأخذ قباذ بناصرها ونشط في نشرها وتأييدها حتى انغمست إيران بتأثيرها في الفوضى الخلقية وطغيان الشهوات ، قال الطبري : (( افترض السّفلة ذلك واغتنموا وكاتفوا مزدك وأصحابه وشايعوهم فابتلى الناس بهم وقوي أمرهم حتى كانوا يدخلون على الرجل في داره فيغلبونه على منزله ونسائه وأمواله لا يستطيع الامتناع منهم ، وحملوا قباذ على تزيين ذلك وتوعدوه بخلعه فلم يلبثوا إلا قليلاً حتى صاروا لا يعرف الرجل ولده ولا المولود أباه ولا يملك شيئاً مما يتسع به(31))) إلى أن قال: (( ولم يزل قباذ من خيار ملوكهم حتى حملة مزدك على ما حمله عليه فانتشرت الأطراف وفسدت الثغور(32))).


تقديس الأكاسرة :

وكانت الأكاسرة ملوك فارس يدَّعون أنه يجري في عروقهم دم إلهي، وكان الفرس إليهم كآلهة ويعتقدون أن في طبيعتهم شيئاً علوياً مقدساً فكانوا يكفرون لهم ، وينشدون الأناشيد بألوهيتهم ويرونهم فوق القانون وفوق الانتقاد وفوق البشر، لا يجري اسمهم على لسانهم، ولا يجلس أحد في مجلسهم ، ويعتقدون أن لهم حقاً على كل إنسان، وليس لإنسان حق عليهم وأن ما يرضخون لأحد من فضول أموالهم وفتات نعيمهم إنما هو صدقة وتكرم من غير استحقاق، وليس للناس قِبلهم إلا السمع والطاعة، وخصصوا بيتاً معيناً – وهو البيت الكياني فكانوا يعتقدون أن لأفراده وحدهم الحق أن يلبسوا التاج ويجبوا الخراج، وهذا الحق ينتقل فيهم كابراً عن كابر وأباً عن جد لا ينازعهم ذلك إلا ظالم ولا ينافسهم إلا دعي نذل، فكانوا يدينون بالملك والوراثة في البيت المالك لا يبغون به بدلاً ولا يريدون عنه محيصاً، فإذا لم يجدوا من هذه الأسرة كبيراً ملكوا عليهم طفلاً ، وإذا لم يجدوا رجلاً ملكوا عليهم امرأة فقد ملكوا بعد شيرويه ولده أزدشير وهو ابن سبع سنين وملك فرُّخ زاد خسروا ابن كسرى أبرويز وهو طفل ، وملكوا بوران بنت كسرى ، وملكت كذلك ابنة كسرى ثانية يقال لها أزرمي دخت(33) ولم يخطر ببالهم أن يملكوا عليهم قائداً كبيراً أو رئيساً من رؤسائهم مثل رستم وجابان وغيرهما لأنهم ليسوا من البيت الملكي .


التفاوت بين الطبقات : 

وكذلك اعتقادهم في الببيوتات الروحية والأشراف من قومهم ، فيرونهم فوق العامة في طينتهم وفوق مستوى الناس في عقولهم ونفوسهم . ويعطونهم سلطة لا حد لها، ويخضعون لها خضوعاً كاملاً- يقول البروفسور أرتهرسين مؤلف تاريخ (إيران في عهد الساسانيين): ((كان المجتمع الإيراني مؤسساً على اعتبار النسب والحِرف ، وكان بين طبقات المجتمع هوة واسعة لا يقوم عليها جسر ولا تصل بينها صلة (34) ، وكانت الحكومة تحظر على العامة أن يشتري أحد منهم عقاراً لأمير أو كبير (35) ، وكان من قواعد السياسة الساسانية أن يقنع كل واحد بمركزه الذي منحه نسبه، ولا يستشرف لما فوقه(36)، ولم يكن لأحد أن يتخذ حرفة(37) غير الحرفة التي خلقه الله لها (38)، وكان ملوك إيران لا يولون وضيعاً وظيفة من وظائفهم (39)، وكان العامة كذلك طبقات متميزة بعضها عن بعض تميزاً واضحاً ، وكان لكل واحد مركز محدد في المجتمع (40) )) .


وكان في هذا التفاوت بين طبقات الأمة امتهان للإنسانية يظهر لك جلياً في مجالس الأمراء والأشراف، حيث يقوم الناس على رؤوس الأمراء كأنهم جماد لا حراك بهم ويجلسون مزجر الكلب، وقد أكبر ذلك على رسول المسلمين وأنكره، ويتبين مما روى الطبري ما وصل إليه الفرس من الاستكانة والخضوع لسادتهم جرياً على عاداتهم، قال:
((عن أبي عثمان النهدي قال لما جاء المغيرة إلى القنطرة فعبرها إلى أهل فارس أجلسوه واستأذنوا رستم في إجازته، ولم يغيروا شيئاً من شارتهم تقوية لتهاونهم، فأقبل المغيرة بن شعبة والقوم في زيهم عليهم التيجان والثياب المنسوجة بالذهب، وبُسطهم على غلوة، ولا يصل إلى صاحبهم حتى يمشي عليها غلوة، وأقبل المغيرة وله أربع ضفائر يمشي حتى جلس معه على سريره ووسادته، فوثبوا عليه فترتروه وأنزلوه ومغثوه، فقال: كانت تبلغنا عنكم الأحلام ولا أرى قوماً أسفه منكم، إنا معشر العرب سواء لا يستعبد بعضنا بعضاً إلا أن يكون محارباً لصاحبه، فظننت أنكم تواسون قومكم كما نتواسى، وكان أحسن من الذي صنعتم أن تخبروني أن بعضكم أرباب بعض، وأن هذا الأمر لا يستقيم فيكم فلا نصنعه، ولم آتكم ولكن دعوتموني, اليوم علمت أن أمركم مضمحل، وأنكم مغلوبون، وأن ملكاً لا يقوم على هذه السيرة ولا على هذه العقول (41))).


تمجيد القومية الفارسية :

ثم يبالغون في تمجيد القومية الفارسية ويرون أن لها فضلاً على سائر الأجناس والأمم، وأن الله قد خصها بمواهب ومنح لم يشرك فيها أحداً، وكانوا ينظرون إلى الأمم حولهم نظرة ازدراء وامتهان، ويلقبونها بألقاب فيها الاحتقار والسخرية.


عبادة النار وتأثيرها في الحياة :    

كانوا في الزمن القديم يعبدون الله ويسجدون له ، ثم جعلوا يمجدون الشمس والقمر والنجوم وأجرام السماء مثل غيرهم من الأوائل ، وجاء زرادشت صاحب الديانة الفارسية فيقال : إنه دعا إلى التوحيد وأبطل الأصنام ، وقال : إن نور الله يسطع في كل ما يشرق ويلتهب في الكون .


وأمر بالاتجاه إلى جهة الشمس والنار وساعة الصلاة لأن النور رمز إلى الإله وأمر بعدم تدنيس العناصر الأربعة وهي : النار والهواء والتراب والماء ، وجاء بعده علماء سنوا للزرادشتيين شرائع مختلفة فحرموا عليهم الاشتغال بالأشياء التي تستلزم النار فاقتصروا في أعمالهم على الفلاحة والتجارة ، ومن هذا التمجيد للنار واتخاذها قبلة في العبادات تدرج الناس إلى عبادتها حتى صاروا يعبدونها عيناً ويبنون لها هياكل ومعابد ، وانقرضت كل عقيدة وديانة غير عبادة النار وجُهلت الحقيقة ونسي التاريخ (42) .


ولما كانت النار لا توحي إلى عبّادها بشريعة ولا ترسل رسولاً، ولا تتدخل في شئون حياتهم ولا تعاقب العصاة والمجرمين أصبحت الديانة عند المجوس عبارة عن طقوس وتقاليد يؤدونها في أمكنة خاصة في ساعات خاصة، أما في خارج المعابد، وفي دورهم ودوائر حكمهم وتصرفهم، وفي السياسة والاجتماع، فكانوا أحراراً يسيرون على هواهم. وما تملي عليهم نفوسهم، أو ما يؤدي إليه تفكيرهم. أو ما توحي به مصالحهم ومنافعهم، شأن المشركين في كل عصر ومصر.


وهكذا حُرِمت الأمة الفارسية في حياتها ديناً عميقاً جامعاً يكون تربية للنفس ، وتهذيباً للخلق، وقامعاً للشهوات ، وحافزاً على التقوى وفعل الخيرات ، ويكون نظاماً للأسرة وتدبيراً للمنزل وسياسة للدولة ، ودستوراً للأمة ، ويحول بين الناس وطغيان الملوك ، وعسف الحكام ، ويأخذ على يد الظالم ، وينتصف للمظلوم ، وأصبح المجوس لا فرق بينهم وبين اللادينيين والإباحيين في الأخلاق والأعمال .


الصين ديانات : 

وكانت تسود الصين في هذا القرن ثلاث ديانات . ديانة " لا وتسو" وديانة "كونفوشيوس" والبوذية ، أما الأولى ففضلاً عن أنها تحولت وثنية في عهد قريب فهي تُعني بالنظريات أكثر منها بالعمليات ، وكان أتباعها متقشفين زاهدين ، لا يتزوجون ولا ينظرون إلى المرأة ولا يتصلون بها اتصالاً ، فلم يكن لها أن تكون أُسّاً لحياة سديدة أو حكومة رشيدة ، حتى التجأ الذين جاءوا بعد مؤسسها إلى مخالفته والعدول عنه إلى غيره .


أما "كونفوشيوس" فقد كان يعني بالعمليات أكثر من النظريات ، ولكن انحصرت تعاليمه في شؤون هذه الدنيا وتدبير الأمور المادية والسياسية والإدارية ، وقد كان أتباعه لا يعتقدون –في بعض الأزمنة- بعبادة إله معين ، فيعبدون ما يشاءون من الأشجار والأنهار ، وليس فيها نور من يقين ولا باعث من إيمان ولا شرع سماوي ، وإنما هو حكمة حكيم وتجارب خبير ، يستفيد بها الإنسان إذا شاء ويرفضها إذا شاء .

يتبع إن شاء الله...



ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 03 مايو 2021, 9:27 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟   ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ Emptyالأربعاء 08 فبراير 2012, 11:10 pm

البوذية- تطوراتها وانحطاطها :

أما البوذية فقد فقدت بساطتها وحماستها ، وابتلعتها البرهمية الثائرة الموتورة فتحولت وثنية تحمل معها الأصنام حيث سارت. وتبني الهياكل. وتنصب تماثيل بوذا حيث حلت ونزلت. وقد غمرت هذه التماثيل الحياة الدينية والمدنية التي ظهرت في عهد ازدهار البوذية(43) . يقول الأستاذ "إيشوراتوبا" أستاذ تاريخ الحضارة الهندية في إحدى جامعات الهند : (( لقد قامت في ظل البوذية دولة تعني بمظاهر الآلهة وعبادة التماثيل وتغير محيط الرابطات الأخوية البوذية ، وظهرت فيها البدع(44) )).


ولا حظ ذلك أيضاً أحد الكتاب العصريين وكبار السياسيين في الهند فقال: (( جعلت البرهمية بوذا مظهراً للآلهة ، وقلدتها في ذلك البوذية نفسها ، وأصبحت الرابطة الأخوية البوذية تملك ثورة هائلة ، وأصبحت مركزاً لمصالح جماعات خاصة ، وفقدت النظام وتسرب إلى مناهج العبادة السحر والأوهام ، وبدأت الديانة تتقهقر وتنحط بعدما سادت في الهند وازدهرت ألف سنة ، وقد ذكرت (Mrs Rhys DaVids) ما أصيبت به الديانة البوذية في هذا العهد من الوهن والاعتلال فقالت كما نقل عنها "سير رادها كرشنن" في كتابه "الفلسفة الهندية": (( لقد أظلت الأفكار العليلة تعليم بوذا الخلقي حتى توارى وراء هذه التخيلات السقيمة ، لقد نشأ مذهب جديد في الديانة وازدهر ، وملك على الناس القلوب ، ثم اضمحل وخلفه مذهب آخر ، وهلم جرا ، حتى تراكمت هذه الأوهام الخلابة ، وحجبت الجو وساد الظلام ، وقد اضمحلت دروس مؤسس الديانة الغالية البسيطة بسبب التدقيقات الكلامية والتنطعات(45) )) .


لقد أصيبت البرهمية والبوذية بالانحطاط ، ودخلت فيها العادات الساقطة ، وأصبح من العسير التمييز بينهما ، لقد اندمجت البوذية في البرهمية وذابت فيها (46))).


ولم يزل وجود الإله الإيمان به في البوذية موضع خلاف وشك عند مؤرخي هذه الديانة ومترجمي مؤسسها ، حتى يحار بعضهم ويتساءل : كيف قامت هذه الديانة العظيمة على أساس رقيق من الآداب التي ليس فيها الإيمان بالله(47) . فلم تكن البوذية إلا طرقاً لرياضة النفس وقمع الشهوات ، والتحلي بالفضائل ، والنجاة من الألم ، والحصول على العلم .


إذن فلم تكن عند الصينيين رسالة دينية للعالم يحلون بها مشاكله ، وكانوا في أقصى شرق العالم المتمدن محتفظين بتراثهم الديني والعلمي، لا يزيدون في ثروتهم ولا في ثروة غيرهم.


أمم آسيا الوسطى : 

أما الأمم الأخرى في آسيا الوسطى وفي الشرق ، كالمغول والترك واليابانيين ، فقد كانت بين بوذية فاسدة ، ووثنية همجية ، لا تملك ثروة علمية ، ولا نظاماً سياسياً راقياً ، إنما كانت في طور الانتقال من عهد الهمجية إلى عهد الحضارة ، ومنها شعوب لا تزال في طور البداوة والطفولة العقلية .


الهند : ديانة ، واجتماعاً ، وأخلاقاً . 

أما الهند فقد اتفقت كلمة المؤلفين في تاريخها على أن أحط أدوارها ديانة وخلقاً واجتماعاً ذلك العهد الذي يبتدئ من مستهل القرن السادس الميلادي ، قد ساهمت الهند جاراتها وشقيقاتها في التدهور الخلقي والاجتماعي ، الذي شمل الكرة الأرضية في هذه الحقبة من الزمن وأخذت نصيباً غير منقوص من هذا الظلام الذي مد رواقه على المعمورة ، وامتازت عنها في ظواهر وخلال يمكن أن نلخصها في ثلاث : (1) كثرة المعبودات والآلهة كثرة فاحشة. (2) الشهوة الجنسية الجامحة . (3) التفاوت الطبقي والمجحف والامتياز الاجتماعي الجائر .


الوثنية المتطرفة : 

بلغت الوثنية أوجها في القرن السادس، فقد كان عدد الآلهة في "ويد" ثلاثة وثلاثين، وقد أصبحت في هذا القرن 330 مليون, وقد أصبح كل شيء رائع وكل شيء جذاب وكل مرفق من مرافق الحياة إلهاً يعبد..


وهكذا جاوزت الأصنام والتماثيل والآلهة والإلاهات الحصر وأربت على العد ، فمنها أشخاص تاريخية ، وأبطال تمثل فيهم الله-زعموا- في عهود وحوادث معروفة ، ومنها جبال تجلى عليها بعض آلهتهم ، ومنها معادن كالذهب والفضة تجلى فيها إله ، ومنها نهر الكنج الذي خرج من رأس "مهاديو" الإله ، ومنها آلات الحرب وآلات الكتابة وآلات التناسل وحيوانات أعظمها البقرة والأجرام الفلكية وغير ذلك ، وأصبحت الديانة نسيجاً من خرافات وأساطير وأناشيد وعقائد وعبادات ما أنزل الله بها من سلطان ، ولم يستسغها العقل السليم في زمن من الأزمان .


وقد ارتقت صناعة نحت التماثيل في هذا العهد ، وبلغت أوجها في القرن السادس والسابع ، حتى فاق هذا العصر في ذلك العصور الماضية . وقد عكفت الطبقات كلها وعكف أهل البلاد من الملك إلى الصعلوك على عبادة الأصنام ، حتى لم تجد الديانة البوذية والجينية منها بدا ، وتذرعت هاتان الديانتان بهذه الوسيلة للاحتفاظ بحياتهما وانتشارهما في البلاد .

ويدل على ما وصلت إليه الوثنية والتماثيل في هذا العصر ما حكاه الرحالة الصيني الشهير " هوئن سوئنج " الذي قام برحلته بين عام 630 وعام 644 عن الاحتفال العظيم الذي أقامه الملك هرش الذي حكم الهند من عام 606 إلى 647: (( وأقام الملك احتفالاً عظيماً في قنوج اشترك فيه عدد كبير جداً من علماء الديانات السائدة في الهند، وقد نصب الملك تمثالاً ذهبياً لبوذة على منارة تعلو خمسين ذراعاً ، وقد خرج بتمثال آخر لبوذة أصغر من التمثال الأول في موكب حافل قام بجنبه الملك " هرش " بمظلة وقام الملك الحليف " كامروب " يذب عنه الذباب (49) )) .


ويقول هذا الرحالة عن أسرة الملك ورجال بلاطه : " إن بعضهم كان من عباد " شو " وبعضهم من أتباع الديانة البوذية ، وكان بعضهم يعبد الشمس وبعضهم يعبد " وشنو " وكان لكل واحد أن يخص من الآلهة أحداً بعبادته أو يعبدهم جميعاً (50) )) .


الشهوة الجنسية الجامحة:

وأما الشهوة فقد امتازت بها ديانة الهند ومجتمعها منذ العهد القديم ، فلعل المواد الجنسية والمهيجات الشهوية لم تدخل في صميم ديانة بلاد مثل ما دخلت في صميم الديانة الهندية ، وقد تناقلت الكتب الهندية وتحدثت الأوساط الدينية عن ظهور صفات الإله وعن وقوع الحوادث العظيمة وعن تعليل الأكوان روايات وأقاصيص عن اختلاط الجنسين من الآلهة وغارة بعضها على البيوت الشريفة تستك منها المسامع ويتندى لها الجبين حياء ، وتأثير هذه الحكايات في عقول المتدينين المخلصين المرددين لهذه الحكايات في إيمان وحماسة دينية وفعلها في عواطفهم وأعصابهم واضح ، زاد إلى ذلك عبادتهم لآلة التناسل لإلههم الأكبر " مهاديو "، وتصويرها في صورة بشعة، واجتماع أهل البلاد عليها من رجال ونساء وأطفال وبنات، زد إليه كذلك ما يحدث به بعض المؤرخين أن رجال بعض الفرق الدينية كانوا يعبدون النساء العاريات والنساء يعبدن الرجال العراة (51) وكان كهنة المعابد من كبار الخونة والفساق الذين كانوا يرزءون الراهبات والزائرات في أعز ما عندهن، وقد أصبح كثير من المعابد نواخه يترصد فيها الفاسق لطلبته ، وينال فيها الفاجر بغيته ، وإذا كان هذا شأن البيوت التي رفعت للعبادة والدين فما ظن القارئ ببلاط الملوك وقصور الأغنياء؟!


فقد تنافس فيها رجالها في إتيان كل منكر وركوب كل فاحشة ، وكان فيها مجالس مختلطة من سادة وسيدات ، فإذا لعبت الخمر برؤوسهم خلعوا جلباب الحياء والشرف وطرحوا الحشمة فتوارى الأدب وتبرقع الحياء... هكذا أخذت البلاد موجة طاغية من الشهوات الجنسية والخلاعة ، وأسفّت أخلاق الجنسين إسفافاً كبيراً.


نظام الطبقات الجائر:

أما نظام الطبقات فلم يعرف في تاريخ أمة من الأمم نظام طبقي أشد قسوة وأعظم فصلاً بين طبقة وطبقة وأشد استهانة بشرف الإنسان من النظام الذي اعترفت به الهند دينياً ومدنياً ، وخضعت له آلافاً من السنين ولا تزال ، وقد بدت طلائع التفاوت الطبقي في آخر العهد الويدي بتأثير الحرف والصنائع وثوراتها ، وبحكم المحافظة عل خصائص السلالة الآرية المحتلة ونجابتها ، وقبل ميلاد المسيح بثلاثة قرون ازدهرت في الهند الحضارة البرهمية ، ووضع فيها مرسوم جديد للمجتمع الهندي ، وألف فيه قانون مدني وسياسي اتفق عليه البلاد وأصبح قانوناً رسمياً ومرجعاً دينياً في حياة البلاد ومدنيتها وهو المعروف الآن بـ "منوشاستر " .


يقسم هذا القانون أهل البلاد إلى أربع طبقات ممتازة وهي (1) البراهمة ، طبقة الكهنة ورجال الدين . (2) شتري رجال الحرب . (3) ويش رجال الزراعة والتجارة . (4) شودر رجال الخدمة, ويقول " منو " مؤلف هذا القانون: (( إن القادر المطلق قد خلق لمصلحة العالم البراهمة من فمه، وشتري من سواعده ، وويش من أفخاذه ، والشودر من أرجله، ووزع لهم فرائض وواجبات لصلاح العالم, فعلى البراهمة تعليم ويد أو تقديم النذور للآلهة وتعاطي الصدقات، وعلى الشتري حاسة الناس والتصدق وتقديم النذور ودراسة " ويد " والعزوف عن الشهوات، وعلى ويش رعي السائمة والقيام بخدمتها وتلاوة ويد والتجارة والزراعة ، وليس لشودر إلا خدمة هذه الطبقات الثلاث )) (52) .


امتيازات طبقة البراهمة :
وقد منح هذا القانون طبقة البراهمة امتيازات وحقوقاً ألحقتهم بالآلهة فقد قال إن البراهمة هم صفوة الله وهم ملوك الخلق، وإن ما في العالم هو ملك لهم فإنهم أفضل الخلائق وسادة الأرض (53) ولهم أن يأخذوا من مال عبيدهم شودر-من غير جريرة- ما شاؤوا، لأن العبد لا يملك شيئاً وكل ماله لسيده (54) .


وإن البرهمي الذي يحفظ رك ويد "الكتاب المقدس" هو رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه وأعماله (55)، ولا يجوز للملك حتى في أشد ساعات الاضطرار والفاقة أن يجبي من البراهمة جباية أو يأخذ منهم إتاوة ، ولا يصح لبرهمي في بلاده أن يموت جوعاً (56) وإن استحق برهمي القتل لم يجز للحاكم إلا أن يحلق رأسه، أما غيره فيقتل (57) .


أما الشتري فإن كانوا فوق الطبقتين " ويش وشودر " ولكنهم دون البراهمة بكثير فيقول " منو ": إن البرهمي الذي هو في العاشرة من عمره يفوق الشتري الذي ناهز مائة كما يفوق الوالد ولده (58).


المنبوذون الأشقياء:

أما شودر " المنبوذون " فكانوا في المجتمع الهندي- بنص هذا القانون المدني الديني- أحط من البهائم وأذل من الكلاب ، فيصرح القانون بأن " من سعادة شودر أن يقوموا بخدمة البراهمة وليس لهم أجر وثواب بغير ذلك (59), وليس لهم أن يقتنوا مالاً أو يدخروا كنزاً فإن ذلك يؤذي البراهمة (60)، وإذا مد أحد من المنبوذين إل برهمي يداً أو عصاً ليبطش به قطعت يده، وإذا رفسه في غضب فدعت رجله (61)، وإذا هم أحد من المنبوذين أن يجالس برهمياً فعلى الملك أن يكوي إسته وينفيه من البلاد (62)، وأما إذا مسه بيد أو سبه فيقتلع لسانه، وإذا ادعى أنه يعلمه سقي زيتاً فائراً(63)، وكفارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والوزغ والغراب والبومة ورجل من الطبقة المنبوذة سواء (64) ".


مركز المرأة في المجتمع الهندي:  
وقد نزلت النساء في هذا المجتمع منزلة الإماء (65) ، وكان الرجل قد يخسر امرأته في القمار ، وكان في بعض الأحيان للمرأة عدة أزواج (66) فإذا مات زوجها صارت كالموءودة لا تتزوج، وتكون هدف الإهانات والتجريح، وكانت أمة بيت زوجها المتوفى وخادم الأحماء وقد تحرق نفسها على إثر وفاة زوجها تفادياً من عذاب الحياة وشقاء الدنيا .


وهكذا صارت هذه البلاد المخصبة أرضاً وعقولاً ، وهذه الأمة- التي وصفها بعض مؤرخي العرب بكونها معدن الحكمة وينبوع العدل والسياسة وأهل الأحلام الراجحة والآراء الفاضلة(67) لبعد عهدها عن الدين الصحيح وضياع مصادره وتحريف رجال الدين وإمعان الناس في القياس والتخمين واتباع هوى النفوس ونزعات الشهوات .. أصبحت هذه البلاد مسرحاً للجهل الفاضح والوثنية الوضيعة والقسوة الهمجية والجور الاجتماعي الذي ليس له مثيل في الأمم ولا نظير في التاريخ.


العرب:

خصائصهم ومواهبهم:   

أما العرب فقد امتازوا بين أمم العالم وشعوبه في العصر الجاهلي بأخلاق ومواهب تفردوا بها أو فازوا فيها بالقِدْح المعلَّى ، كالفصاحة وقوة البيان وحب الحرية والأنفة والفروسية والشجاعة والحماسة في سبيل العقيدة والصراحة في القول وجودة الحفظ وقوة الذاكرة وحب المساواة وقوة الإرادة والوفاء والأمانة .


ولكن ابتلوا في العصر الأخير- لبعد عهدهم من النبوة والأنبياء وانحصارهم في شبه جزيرتهم وشدة تمسكهم بدين الآباء وتقاليد أمتهم بانحطاط ديني شديد ووثنية سخيفة قلما يوجد لها نظير في الأمم المعاصرة ، وأدواء خلقية واجتماعية جعلت منهم أمة منحطة الأخلاق فاسدة المجتمع متضعضعة الكيان حاوية لأسوأ خصائص الحياة الجاهلية وبعيدة عن محاسن الأديان .


وثنية الجاهلية :   

كان الشرك هو دين العرب العام والعقيدة السائدة ، كانوا يعتقدون في الله أنه إله أعظم خالق الأكوان ومدبر السماوات والأرض ، بيده ملكوت كل شيء فلئن سئلوا : من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم، { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } ولكن ما كانت حوصلة فكرهم الجاهلي تسع توحيد الأنبياء في خلوصه وصفائه وسموه ، وما كانت أذهانهم البعيدة العهد بالرسالة والنبوة والمفاهيم الدينية تسيغ أن دعاء أحد من البشر يتطرق إلى السموات العلى ويحظي عند الله بالقبول مباشرة بغير واسطة وشفاعة ، قياساً على هذا العالم القاصر وعاداته وأوضاع الملوكية الفاسدة ومجاري الأمور فيها ، فبحثوا لهم عن وسطاء توسلوا بهم إلى الله وأشركوهم في الدعاء ، وقاموا نحوهم ببعض العبادات ورسخت في أذهانهم فكرة الشفاعة حتى تحولت إلى عقيدة قدرة الشفعاء على النفع والضرر .


ثم ترقوا في الشرك فاتخذوا من دون الله آلهة ، واعتقدوا أن لهم مماثلة ومشاركة في تدبير الكون ، وقدرة ذاتية على النفع والضرر والخير والشر والإعطاء والمنع ، فإذا كانوا الأولون يعترفون لله بالألوهية والربوبية الكبرى ، ويكتفون بالشفعاء والأولياء كان الآخرون يشركون آلهتهم مع الله ويعتقدون فيهم قدرة ذاتية على الخير والشر والنفع والضر والإيجاد والإفناء مع معنى غير واضح عن الله كإله أعظم ورب الأرباب(68) .

يتبع إن شاء الله...



ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الإثنين 03 مايو 2021, 9:28 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟   ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ Emptyالأربعاء 08 فبراير 2012, 11:17 pm

أصنام العرب في الجاهلية :      

ولم يزل هذا الفريق الثاني يقوى أمره ويستفحل مع إمعان القوم في الجاهلية وقرب هذه النزعة الوثنية إلى الحواس والمحسوسات واتفاقه مع ضعف التفكير حتى أصبحت هذه العقيدة السائدة وأصبح الذين يميزون بين الآلهة والوسطاء شواذ في الأمة، ومن رجال الطبقة المثقفة، وهكذا انغمست الأمة في الوثنية وعبادة الأصنام بأبشع أشكالها، فكان لكل قبيلة أو ناحية أو مدينة صنم خاص، بل كان لكل بيت صنم خصوصي:


قال الكلبي:

كان لأهل كل دار من مكة صنم في دارهم يعبدونه، فإذا أراد أحدهم السفر كان آخر ما يصنع في منزله أن يتمسح به، وإذا قدم من سفر كان أول ما يصنع إذا دخل منزله أن يتمسح به أيضاً (69).


واستهترت العرب في عبادة الأصنام، فمنهم من اتخذ بيتاً، ومنهم من اتخذ صنماً، ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت نصب حجراً أمام الحرم، وأمام غيره، مما استحسن، ثم طاف به كطوافه بالبيت وسموها الأنصاب (70).


وكان في جوف الكعبة -البيت الذي بني لعبادة الله وحده- وفي فنائها ثلاث مائة وستون صنماً (71)، وتدرجوا من عبادة الأصنام والأوثان إلى عبادة جنس الحجارة.


روى البخاري أن أبي رجاء العطاردي قال: كنا نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجراً هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجراً، جمعنا حثوة من تراب، ثم جئنا بالشاة فحلبنا عليه ثم طفنا به (72).


وقال الكلبي: كان الرجل إذا سافر فنزل منزلاً أخذ أربعة أحجار، فنظر إلى أحسنها فاتخذه رباً، وجعل ثلاث أثافي لقدره، وإذا ارتحل تركه (73).


الآلهة عند العرب:

وكان للعرب- شأن كل أمة مشركة في كل زمان ومكان- آلهة شتى من الملائكة والجن والكواكب ، فكانوا يعتقدون أن الملائكة بنات الله ، فيتخذونهم شفعاء لهم عند الله ويعبدونهم ويتوسلون بهم عند الله ، واتخذوا كذلك من الجن شركاء لله وآمنوا بقدرتهم وتأثيرهم وعبدوهم(74) .


قال الكلبي: كانت بنو مليح من خزاعة يعبدون الجن (75).


وقال صاعد: كانت حِمْيَر تعبد الشمس، وكنانة القمر، وتميم الدبران، ولخم وجذام المشتري ، وطيء سهيلاً ، وقيس الشِّعري العبور، وأسد عطارداً (76) .


اليهودية والنصرانية في بلاد العرب:  

وانتشرت اليهودية والنصرانية في بلاد العرب، ولم تستفد منها العرب كثيراً من المعاني الدينية، وكانتا نسختين من اليهودية في الشام، والنصرانية في بلاد الروم والشام قد طرأ عليها من التحريف والزيغ والوهن ما شرحناه من قبل.


الرسالة والإيمان بالبعث:   

أما الرسالة فقد تصور العرب للنبي صورة خيالية، وتمثلوه في ذات قدسية، لا يأكل ولا يشرب ولا ينكح ولا يلد ولا يمشي في الأسواق.


وكانت عقولهم الضيقة لا تهضم أن هنالك بعثاً بعد الموت، وحياة بعد هذه الحياة، فيها الحساب، والثواب والعقاب، قالوا: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} وقالوا: { أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }.


قال صاعد: كان جمهورهم ينكر ذلك "الميعاد" لا يصدق بالمعاد ولا يقول بالجزاء، ويرى أن العالم لا يخرب ولا يبيد، وإن كان مخلوقاً مبتدعاً، وكان فيهم من يقر بالمعاد، ويعتقد إن نحرت ناقته على قبره يحشر راكباً، ومن لم يفعل ذلك يحشر ماشياً (77).


الأدواء الخلقية والاجتماعية:

أما من جهة الأخلاق ، فكانت فيهم أدواء وأمراض متأصلة ، وأسبابها فاشية ، فكان شرب الخمر واسع الشيوع شديد الرسوخ فيهم تتحدث عن معاقرتها والاجتماع على شربها الشعراء ، وشغلت جانباً كبيراً من شعرهم وتاريخهم وأدبهم ، وكثرت أسمائها وصفاتها في لغتهم ، وكثر فيها التدقيق والتفصيل كثرة تدعو إلى العجب (78) ، وكانت حوانيت الخمارين مفتوحة دائماً ، يرفرف عليها علم يسمى غاية.


قال لبيد (79):
قد بتُّ سامرها وغاية تاجر
وافيت إذا رفعت وعز مُدامها


وكان من شيوع تجارة الخمر أن أصبحت كلمة التجارة مرادفاً لبيع الخمر، كما قال لبيد: وغاية تاجر.


وقال عمرو ابن قميئة (80):
إذا سحب الريط والمروط إلى
أدنى تجاري وأنقص اللمما


وكان القمار من مفاخر الحياة الجاهلية .


قال الجاهلي(81):
أعيرتنا ألبانها ولحومها
وذلك عار يا بن ريطة ظاهر
نحابي بها أكفاءنا ونهينها
ونشرب في أثمانها ونقامر


وكان عدم المشاركة في مجالس القمار عاراً.


يقول الشاعر(82) :
وإذا هلكتُ فلا تريدي عاجزاً
غساً ولا برماً ولا معزالا


قال قتادة : كان الرجل في الجاهلية يقامر على أهله وماله فيقعد حزيناً سلبياً ينظر إلى ماله في يد غيره ، فكانت تورث بينهم عداوة وبغضاً (83).


وكان أهل الحجاز، العرب واليهود، يتعاطون الربا، وكان فاشياً فيهم ، وكانوا يجحفون فيه ويبلغون إلى حد الغلو والقسوة، وقال الطبري: كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السنين، يكن للرجل فضل دين فيأتيه إذا حلّ الأجل فيقول له: تقضيني أو تزيدني؟ فإن كان عنده شيء يقضيه قضى وإلا حوله إلى السن التي فوق ذلك، إن كانت ابنة مخاض يجعلها ابنة لبون في السنة الثانية ، ثم حُقَّة ثم جَذَعة ثم رباعياً هكذا إلى فوق ، وفي العين يأتيه، فإن لم يكن عنده أضعفه في العام القابل وإن لم يكن عنده أضعفه أيضاً فتكون مائة فيجعلها إلى القابل مائتين ، فإن لم يكن عنده جعلها أربعمائة يضعفها له كل سنة أو يقضيه (84) .


وقد رسخ الربا فيهم وجرى منهم مجرى الأمور الطبيعية التي صاروا لا يفرقون بينه وبين التجارة الطبيعية وقالوا إنما البيع مثل الربا ، وقال الطبري إن الذين كانوا يأكلون الربا من أهل الجاهلية كان إذا حل مال أحدهم على غريمة يقول الغريم لغريم الحق : " زدني في الأجل وأزيدك في مالك " فكان يقال لهما إذا فعلا ذلك : هذا ربا لا يحل ، فإذا قيل لهما ذلك قالا : سواء علينا زدنا في أول البيع أو عند محل المال(85) .


ولم يكن الزنى نادراً وكان غير مستنكر استنكاراً شديداً ، فكان من العادات أن يتخذ الرجل خليلات ويتخذ النساء أخلاء بدون عقد ، وكانوا قد يُكرهون بعض النساء على الزنى، قال ابن عباس: كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنى يأخذون أجورهن (86).


قالت عائشة : " إن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء ، فنكاح منها نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو بنته فيصدقها ثم ينكحها ، والنكاح الآخر كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها : أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه ، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب ، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجاة الولد ، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع ، ونكاح آخر يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة ، كلهم يصيبها ، فإذا حملت ووضعت ومرَّ عليها ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطيع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها ، تقول لهم : قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان ، تسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها ولا يستطيع أن يمتنع ممن جاءها ، وهن البغايا  كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علما ، فمن ارادهن دخل عليهن فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها ودعوا لها القافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاطه ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك(87) .


المرأة في المجتمع الجاهلي :

وكانت المرأة في المجتمع الجاهلي عرضة غبن وحيف ، وتؤكل حقوقها وتُبْتز أموالها وتُحرم إرثها وتعضل بعد الطلاق أو وفاة الزوج من أن تنكح زوجاً ترضاه (88) وتورث كما يورث المتاع أو الدابة (89) ، عن ابن عباس قال : (( كان الرجل إذا مات أبوه أو حميّه فهو أحق بامرأته ، إن شاء أمسكها أو يحبسها حتى تفتدي بصداقها أو تموت فيذهب بمالها ))


وقال عطاء بن أبي رباح: إن أهل الجاهلية كانوا إذا هلك الرجل فترك امرأة حبسها أهله على الصبي يكون فيهم وقال السُدّي: إن الرجل في الجاهلية كان يموت أبوه أو أخوه أو ابنه فإذا مات وترك امرأته فإن سبق وارث الميت فألقى عليها ثوبه فهو أحق بها أن ينكحها بمهر صاحبه أو يُنكحها فيأخذ مهرها، وإن سبقته فذهبت إلى أهلها فهي أحق بنفسها (90) وكانت المرأة في الجاهلية يطفف معها الكيل، فيتمتع الرجل بحقوقه ولا تتمتع هي بحقوقها ، يؤخذ مما تؤتي من مهر وتمسك ضراراً للاعتداء (91)، وتلاقي من بعلها نشوزاً أو إعراضاً وتترك في بعض الأحيان كالمعلقة (92) ومن المأكولات ما هو خالص للذكور ومحرم على الإناث (93) ، وكان يسوغ للرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء من غير تحديد (94) .


وقد بلغت كراهة البنات إلى حد الوأد.

ذكر الهيثم بن عدي –على ما حكاه عنه الميداني- أن الوأد كان مستعملا في قبائل العرب قاطبة ، فكان يستعمله واحد ويتركه عشرة ، فجاء الإسلام ، وكانت مذاهب العرب مختلفة في وأد الأولاد فمنهم من كان يئد البنات لمزيد الغيرة ومخافة لحوق العار بهم من أجلهن ، ومنهم من كان يئد من البنات من كانت زرقاء أو شيماء (سوداء) أو برشاء (برصاء) أو كسحاء (عرجاء) تشاؤماً منهم بهذه الصفات ، ومنهم من كان يقتل أولاده خشية الإنفاق وخوف الفقر ، وهم الفقراء من بعض قبائل العرب فكان يشتريهم من بعض سراة العرب وأشرافهم (95) .


قال صعصعة بن ناجية: جاء الإسلام وفديت ثلاثمائة موءودة (96) ومنهم من كان ينذر- إذا بلغ بنوه عشرة – نحر واحد منهم كما فعل عبدالمطلب ، ومنهم من يقول : الملائكة بنات- الله سبحانه عما يقولون- فألحقوا البنات به تعالى فهو عز وجل أحق بهن (97) .


وكانوا يقتلون البنات ويئدونهن بقسوة نادرة في بعض الأحيان، فقد يتأخر وأد الموءودة لسفر الوالد وشغله فلا يئدها إلا وقد كبرت وصارت تعقل، وقد حكوا في ذلك عن أنفسهم مبكيات، وقد كان بعضهم يلقي الأنثى من شاهق (98).


العصبية القبلية والدموية في العرب :

وكانت العصبية القبلية والدموية شديدة جامحة ، وكان أساسها جاهلياً تمثله الجملة المأثورة عن العرب : ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً )) فكانوا يتناصرون ظالمين أو مظلومين .


وكانت في المجتمع العربي طبقات وبيوت ترى لنفسها فضلاً على غيرها ، وامتيازاً ، فتترفع على الناس ولا تشاركهم في عادات كثيرة حتى في بعض مناسك الحج ، فلا تقف بعرفات وتتقدم على الناس في الإفاضة والإجازة (99)، وتنسأ الأشهر الحرم ، وكان النفوذ والمناصب العليا والنسيء متوارثاً ، يتوارثه الأبناء عن الآباء ، وكانت طبقات مسخرة وطبقات سُوقة وعوام ، فكان التفاوت الطبقي من مسلمات المجتمع العربي .


وكان الحرب والغزو مما طبعت عليه طبيعتهم العربية، وألهمتهم إياه معيشتهم البدوية، حتى صارت الحرب مسلاة لهم وملهى فقال قائلهم (100):


وأحياناً على بكر أخينا
إذا ما لم نجد إلا أخانا


هانت عليهم الحرب وإراقة الدماء حتى كانت تثيرها حادثة ليست بذات خطر، فقد وقعت الحرب بين بكر وتغلب ابني وائل ومكثت أربعين سنة أريقت فيها دماء غزيرة، وما ذاك إلا لأن كليباً -رئيس معدّ- رمى ضلع ناقة البسوس بنت منقذ فاختلط دمها بلبنها وقتل جساس بن مرة كليباً، واشتبكت الحرب بين بكر وتغلب، وكان كما قال المهلهل أخو كليب: ((قد فني الحيان وثكلت الأمهات ويتم الأولاد دموع لا ترقأ وأجساد لا تدفن (101) ))


كذلك حرب داحس والغبراء فما كان سببها إلا أن داحساً فرس قيس بن زهير كان سابقاً في رهان بين قيس بن زهير وحذيفة بن بدر فعارضه أسدي بإيعاز من حذيفة فلطم وجهه وشغله ففاتته الخيل ، وتلا ذلك قتل ثم أخذ بالثأر ونصر القبائل لأبنائها، وأسر ونزح للقبائل، وقتل في ذلك ألوف من الناس (102) .


وكانت الحياة كلها شبكة محبوكة من تراث وثارات وفشت حبائلها في القبائل وأوصى بها الآباء والأبناء، وحملت العيشة البدوية وقلة أسباب الحياة، والطمع والجشع، والأحقاد والاستهانة بحياة الإنسان على الفتك والسلب والنهب، حتى كانت أرض الجزيرة كِفة حابل لا يدري الإنسان متى يغتال وأين ينهب.


وكان الناس يُتخطفون من بين عشيرتهم في القوافل، حتى احتاجت الدول القوية إلى الخفارة الساهرة، والبذرقة القوية (103)، فكانت عير كسرى تبذرق من المدائن حتى تدفع إلى النعمان بن المنذر بالحيرة، والنعمان يبذرقها بخفراء من بني ربيعة حتى تدفع إلى بني هوذة بن علي الحنفي باليمامة فيبذرقها حتى تخرج من أرض بني حنيفة ثم تدفع إلى تميم وتجعل لهم جعالة فتسير بها إلى أن تبلغ اليمن وتسلم إلى عمال كسرى باليمن (104).


ظهر الفساد في البر والبحر :

وبالجملة لم تكن على ظهر الأرض أمة صالحة المزاج ، ولا مجتمع قائم على أساس الأخلاق والفضيلة ، ولا حكومة مؤسسة على أساس العدل والرحمة ، ولا قيادة مبنية على العلم والحكمة ، ولا دين صحيح مأثور عن الأنبياء .


لمعات في الظلام :

وكان النور الضعيف الذي يتراءى في هذا الظلام المطبق من بعض الأديرة والكنائس أشبه بالحباحب الذي يضيء في ليلة شديدة الظلام فلا يخترق الظلام، ولا ينير السبيل، وكان الذي يخرج في ارتياد العلم الصحيح ، وانتجاع الدين الحق يهيم على وجهه في البلاد ، ترفعه أرض وتخفضه أخرى، حتى يأوي إلى رجال شواذ في الأمم والبلاد، فيلجأ إليهم كما يلجأ الغريق إلى ألواح سفينة مكسرة، هشمها الطوفان، يدل على ندرتهم خبر سلمان الفارسي أكبر الرواد الدينيين في القرن السادس الذي شرق وغرب في الفحص عنهم، ولم يزل يتنقل من الشام إلى الموصل، ومن الموصل إلى نُصيبين، ومن نصيبين إلى عمورية ، ويوصي به بعضهم إلى بعض ، حتى أتى على آخرهم فلم يجد لهم خامساً ، وأدركه الإسلام في هذا الظلام.


قال سلمان: (( لما قدمت الشام ، قلت : من أفضل أهل هذا الدين ؟ قالوا : الأسقف في الكنيسة ! قال فجئته ، فقلت : إني قد رغبت في هذا الدين ، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك ، قال : فادخل ، فدخلت معه ، قال فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها ، فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه ، ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورِق، قال : وأبغضته بغضاً شديداً لما رأيته يصنع ، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه ، فقلت لهم : إن هذا كان رجل سوء، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه، ولم يعط المساكين منها شيئاً، قالوا: وما علمك بذلك؟ قال قلت: أنا أدلكم على كنزه، قالوا: فدلنا عليه، قال فأريتهم موضعه، قال: فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهباً وورقاً، قال: فلما رأوها ، قالوا : والله لا ندفنه أبداً ، فصلبوه ثم رجموه بالحجارة ، ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه ، قال : يقول سلمان: فما رأيت رجلاً لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه وأزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة ولا أدأب ليلاً ونهاراً منه ، قال : فأحببته حباً لم أحبه من قبل وأقمت معه زماناً ، ثم حضرته الوفاة ، فقلت له يا فلان : إني كنت معك وأحببتك حباً لم أُحبه من قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله، فإلى من توصى بي، وما تأمرني؟ قال: يا بني والله ما اعلم أحداً اليوم على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلاً بالموصل وهو فلان ، فهو على ما كنت عليه فالحق به ، قال : فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل ، فقلت له : يا فلان إن فلاناً أوصاني عند موته أن ألحق بك ، وأخبرني أنك على أمره . قال : فقال لي : أقم عندي ، فأقمت عنده، فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات فلما حضرته الوفاة ، قلت له : يا فلان ، إن فلاناً أوصى بي أليك وأمرني باللحوق بك ، وقد حضرك من الله عز وجل ما ترى ، فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟ قال : يا بني والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا رجلا بنصيبين وهو فلان فالحق به ، فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فأخبرته بخبري وما أمرني به صاحبي ، قال فأقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه، فأقمت مع خير رجل، فو الله ما لبث أن نزل به الموت ، فلما حضر قلت له: يا فلان إن فلاناً كان أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك ، فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟ قال : أي بني والله ما نعلم أحداً بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلاً بعمورية فإنه بمثل ما نحن عليه، فإن أحببت فأته، قال: فإنه على أمرنا، قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية، وأخبرته خبري، فقال: أقم عندي، فأقمت مع رجل على هدي أصحابه وأمرهم. قال : واكتسبت كان لي بقرات وغنيمة، قال : ثم نزل به أمر الله ، فلما حُضِر قلت له : يا فلان ، إني كنت مع فلان ، فأوصى بي فلان إلى فلان ، وأوصى بي فلان إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إليك ، فإلى من توصى بي وما تأمرني ؟ قال : أي بني ، والله ما أعلم أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى، يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل )) الخ (105).



ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: كتاب ماذا خســر العالم-
انتقل الى: