أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52306 العمر : 72
| موضوع: تَرْجَمَة ابْن عاشور (2) الأحد 27 أكتوبر 2024, 10:36 pm | |
| تَرْجَمَة ابْن عاشور (2)
بقلم الْمهْدي بن حميدة (*) (مُحَمَّد الطَّاهِر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطَّاهِر بن عاشور التّونسِيّ)
[١- آل عاشور] أصل هَذِه الشَّجَرَة الزكية الأول هُوَ مُحَمَّد بن عاشور، ولد بِمَدِينَة سلا من الْمغرب الْأَقْصَى بعد خُرُوج وَالِده من الأندلس فَارًّا بِدِينِهِ من الْقَهْر والتنصير. توفّي سنة ١١١٠هـ وَقد سَطَعَ نجم آخر وَهُوَ الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر بن عاشور وَهُوَ جَدُّ مُترجمنا، وُلِدَ سنة ١٢٣٠هـ، وَقد تقلّد مناصب هَامَّة كالقضاء والإفتاء والتدريس والإشراف على الْأَوْقَاف الْخَيْرِيَّة والنظارة على بَيت المَال والعضوية بِمَجْلِس الشورى. وَمن أشهر تلاميذه الشَّيْخ مُحَمَّد الْعَزِيز بوعتور وَالشَّيْخ يُوسُف جعيط وَالشَّيْخ أَحْمد بن الخوجة. وَالشَّيْخ سَالم بوحاجب وَالشَّيْخ مَحْمُود بن الخوجة وَالشَّيْخ مُحَمَّد بيرم. وَمن سلالة آل عاشور وَالِد شَيخنَا الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن عاشور وَقد تولى رئاسة مجْلِس إدارة جمعية الْأَوْقَاف ثمَّ خَلفه عَلَيْهَا "أَبُو النخبة المثقفة" مُحَمَّد البشير صفر حَيْثُ عينته الدولة نَائِبا عَنْهَا فِي تِلْكَ المؤسسة وَقد تدعمت الصِّلَة وتمتنت بَين الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور الْجد وتلميذه مُحَمَّد الْعَزِيز بوعتور الْوَزير نتج عَنْهَا زيجة شَرْعِيَّة لابنَة الثَّانِي -مُحَمَّد الْعَزِيز بوعتور- على ابْن الأول -الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور الْجد- وَهَكَذَا تمَّت أواصر هَذِه العائلة بالعائلات التونسية [١] وَأخذت مَكَانهَا وارتبطت صلَاتهَا فَكَانَت شَجَرَة طيبَة زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية أَصْلهَا ثَابت وفرعها فِي السَّمَاء تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا.
٢- مولده ونشأته (١٨٧٩/ ١٩٧٣م) بُشِّرَتْ هَذِه العائلة الشَّرِيفَة بِوِلَادَة الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور بالمرسى ضاحية من ضواحي العاصمة التونسية فِي جُمَادَى الأولى سنة ١٢٩٦هـ، الْمُوَافق لشهر سبتمبر ١٨٧٩م[٢]. نَشأ الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور فِي بيئة علمية لجده للْأَب قَاضِي قُضَاة الْحَاضِرَة التونسية وجَدَهُ للْأُم الشَّيْخ مُحَمَّد الْعَزِيز بوعتور. فَفِي مثل هَذَا الْوسط العلمي والسياسي والإصلاحي شب مترجمنا فحفظ الْقُرْآن الْكَرِيم حفظا متقنا مُنْذُ صغر سنه وَحفظ الْمُتُون العلمية كَسَائِر أَبنَاء عصره من التلاميذ ثمَّ تعلم مَا تيَسّر لَهُ من اللُّغَة الفرنسية[٣]. ارتحل إِلَى الْمشرق الْعَرَبِيّ وأوروبا وشارك فِي عدَّة ملتقيات إسلامية. كَانَ عضواً مُرَاسِلاً لمجمع اللُّغَة الْعَرَبيَّة بِالْقَاهِرَةِ سنة ١٩٥٦م، وبالمجمع العلمي الْعَرَبِيّ بِدِمَشْق سنة ١٩٥٥م. اشْتهر بِالصبرِ والاعتزاز بِالنَّفسِ والصمود أَمَام الكوارث، والترفع عَن الدُّنْيَا، حاول أقْصَى جهده إنقاذ التَّعْلِيم الزيتوني وتصدى لَهُ بمعارفه ويقينه وَلَكِن أَيدي الأعادي تسلطت على هَذِه المنارة العلمية فألغتها سنة ١٩٦١م، فَتَوَلّى الْعلم بتونس وانزوى حَتَّى توفّي الإِمَام الشَّيْخ رَحمَه الله يَوْم الْأَحَد ١٢ أوت ١٩٧٣م، وَدُفِنَ بمقبرة الزلاج بِمَدِينَة تونس رَحمَه الله تَعَالَى وَجَعَلنَا خير خلف لخير سلف[٤].
[٣- مسيرته الدراسية والعلمية] الْتحق الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور بِجَامِع الزيتونة فِي سنة ١٣٠٣هـ/ ١٨٨٦م وثابر على تَعْلِيمه بِهِ حَتَّى أحرز على شَهَادَة التطويع سنة ١٣١٧هـ/١٨٩٩م وَسُمِّيَ عدلاً مبرزاً. ابْتِدَاء من سنة ١٩٠٠م إِلَى سنة ١٩٣٢م، أقبل على التدريس بِجَامِع الزيتونة والمدرسة الصادقية مدرساً من الدرجَة الثَّانِيَة فمدرساً من الدرجَة الأولى سنة ١٩٠٥م، ثمَّ عضواً مؤسساً للجنة إصْلَاح التَّعْلِيم بِجَامِع الزيتونة سنة ١٩١٠م. الْتحق الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور بِالْقضَاءِ سنة ١٩١١م، فَكَانَ عضواً بالمحكمة العقارية وقاضياً مالكياً ثمَّ مفتياً مالكياً سنة ١٩٢٣م، فكبير الْمُفْتِينَ سنة ١٩٢٤م، فَشَيْخ الْإِسْلَام للْمَذْهَب الْمَالِكِي سنة ١٩٣٢م، وَقد بَاشر رَحمَه الله كل هَذِه المهام بمهارة ودقة علمية نادرة وبنزاهة وَحُسْنَ نَظَرٍ فَكَانَ حُجَّة ومرجعاً فِي مَا يقْضِي بِهِ. سُمِّيَ شيخ جَامع الزيتونة وفروعه لأوّل مرّة فِي سبتمبر سنة ١٩٣٢م، بعد أَن اشْترك فِي إدارة الْكُلية الزيتونية، وَلكنه استقال من مشيخة جَامع الزيتونة بعد سنة (سبتمبر سنة ١٩٣٣م) ثمَّ سُمِّيَ من جَدِيد شَيخاً لجامع الزيتونة فِي سنة ١٩٤٥م. وَفِي سنة ١٩٥٦م، شَيخاً عميداً للكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدَّين حَتَّى سنة ١٩٦٠م، حَيْثُ أُحِيل إِلَى الرَّاحَة بِسَبَب موقفه تجاه الحملة الَّتِي شنَّها بورقيبة يَوْمئِذٍ ضد فَرِيضَة الصّيام فِي رَمَضَان[٥]. كَانَ مُقبلاً على الْكِتَابَة وَالتَّحْقِيق والتأليف، فقد شَارك فِي إنْشَاء مجلة السَّعَادَة الْعُظْمَى سنة ١٩٥٢م، وَهِي أول مجلة تونسية مَعَ صديقه الْعَلامَة الشَّيْخ مُحَمَّد الْخضر حُسَيْن رَحمَه الله. وَنشر بحوثاً عديدةً خُصُوصاً فِي الْمجلة الزيتونية ومجلات مشرقية مثل هدى الْإِسْلَام والمنار وَالْهِدَايَة الإسلامية وَنور الْإِسْلَام ومجلة مجمع اللُّغَة الْعَرَبيَّة بِالْقَاهِرَةِ. كَمَا نشرت لَهُ مجلة الْمجمع العلمي بِدِمَشْق. شَارك فِي الموسوعة الْفِقْهِيَّة الَّتِي تشرف عَلَيْهَا وزارة الْأَوْقَاف والشئون الإسلامية بالكويت بمبحث قيم[٦].
٤- شُيُوخه: اكْتسب الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور ثقافة وَاسِعَة شملت التَّفْسِير والْحَدِيث والقراءات ومصطلح الحَدِيث وَالْبَيَان واللغة والتاريخ والمنطق وَعلم الْعرُوض وأعمل فكره فِيمَا حصله وَتوسَّع فِي ذَلِك وحَلَّلَهُ. فقد تخرَّج على أَيدي ثُلَّة من عُلَمَاء عصره امتازوا بثقافة موسوعية فِي عُلُوم الدَّين وقواعد اللُّغَة الْعَرَبيَّة وبلاغتها وبيانها وبديعها إِلَى جَانب القدرَة على التَّبْلِيغ وَالمَعْرِفَة بطرق التدريس والتركيز على تربية الملكات فِي الْعُلُوم وَمن أشهرهم الشَّيْخ مُحَمَّد النجار وَالشَّيْخ سَالم بوحاجب وَالشَّيْخ مُحَمَّد النخلي وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن يُوسُف وَالشَّيْخ عمر بن عاشور وَالشَّيْخ صَالح الشريف رَحِمهم الله تَعَالَى جَمِيعًا. وَإِذا تصفحنا حَيَاة هَؤُلَاءِ الْأَعْلَام وجدناها حَيَاة علمية زاخرة حافلة بجلائل الْأَعْمَال قد أعْطوا الْحَيَاة التونسية عَطاءً جزيلاً فِي الدَّين والاجتماع وَالْأَدب والسياسة وَهَؤُلَاء النبغاء وَإِن لم يتْركُوا مؤلفات ضخمة إِلَّا أَنهم تركُوا تلاميذ شهدُوا لَهُم بطول الباع فِي نقد الْآثَار والمناهج وتتبع الهنّات اللُّغَوِيَّة، وَقد كَانَ الشَّيْخ بوحاجب أخصائياً فِي عُلُوم اللُّغَة والنحو والبلاغة وَالْأَدب. والأستاذ عمر بن الشَّيْخ ماهر فِي الْفِقْه والمنطق وَالْكَلَام والفلسفة. وَالشَّيْخ مُحَمَّد النجار كَانَ جَامعا لشتى الْعُلُوم الَّتِي تدرس بِجَامِع الزتونة.[٧] وَهَؤُلَاء الْعلمَاء الَّذين تتلمَذَ عَلَيْهِم الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور كَانُوا ثَمَرَة لمُصلحين أسهموا الْحَيَاة التونسية إسهاماً جَلِيلاً على شَتَّى المستويات الأدبية والاجتماعية أَمْثَال الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الريَاحي وَإِسْمَاعِيل التَّمِيمِي والوزير خير الدَّين باشا صَاحب أقوم المسالك وَالشَّيْخ مَحْمُود قبادو. وَلَقَد كَانَ هَؤُلَاءِ الْعلمَاء زعماء الْمدرسَة الإصلاحية التونسية، وَكَانَت فرعاً مُهماً للمدارس الإصلاحية الَّتِي نشرت فِي الْعَالم الإسلامي كالمدرسة الدهلوية والمدرسة الوهابية والمدرسة الأفغانية -نِسْبَة إِلَى جمال الدَّين الأفغاني- وَهَذِه الْمدرسَة إِلَى جَانب الْمدرسَة المغربية تتفق مَعَ مدارس الْعَالم الإسلامي فِي الأسس والمبادئ وتختلف عَنْهَا فِي الأساليب والطرائق. بيد أَنَّهَا تلتقي جَمِيعًا حول هدفٍ مُوحَدٍ هُوَ مقاومة التَّخَلُّف المُزري الَّذِي تَرَدَّى فِيهِ الْمُسلمُونَ بالرغم من أَن دينهم دين الْفِكر والحضارة وَالْعلم والمدنية[٨].
[٥- تأثره بمفكري عصره] لقد كَانَ للحركة الإصلاحية الَّتِي تزعمها السَّيِّد جمال الدَّين الأفغاني وتابعها تِلْمِيذه الشَّيْخ مُحَمَّد عَبده صداها الْبعيد فِي الْعَالم الإسلامي، فقد فتحت بصائر النَّاس وحركتهم عَن طَرِيق مجلة العروة الوثقى والزيارات المتتابعة للبلدان الإسلامية من قبل الشَّيْخَيْنِ الأفغاني وَمُحَمّد عَبده. وَفِي هَذَا النطاق تتدرَّج زيارتي الشَّيْخ مُحَمَّد عَبده إِلَى تونس الأولى كَانَت سنة ١٨٨٥م، وَكَانَ عمر الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور ثَمَانِي سنوات. والأرجح أَن مترجمنا لم يتطلع إِلَى هَذِه الآراء الإصلاحية بعد نظراً لصِغَر سِنِّهِ. أمَّا الزِّيَارَة الثَّانِيَة لمُفتي الديار المصرية فَكَانَت سنة ١٩٠٣م/١٣٢١هـ، وَكَانَ عمر الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور ثَلَاث وَعشْرين سنة وَهُوَ يشغل خطة مدرس من الطَّبَقَة الثَّانِيَة وَقد نجح فِي هَذِه الخطة فِي نفس هَذِه السّنة[٩]. فَهُوَ فِي مقتبل الْعُمر وَقد نَضِجَتْ أفكاره وتشبع وَقَرَأَ كثيراً من آرائه، وتشوَّفت نَفسه للقاء هَذَا المُصلح الْكَبِير. وَتحقّق لَهُ ذَلِك فقد حَلَّ مُحَمَّد عَبده ضيفاً بالمرسى عِنْد الْوَزير خَلِيل أَبُو حَاجِب بقصره الْمَعْرُوف[١٠]. وَقد عقدت مجَالِس علمية بَين الشبخ مُحَمَّد عَبده وَبَين مفكري الْبِلَاد التونسيين. وَكَانَ الشَّيْخ الْأُسْتَاذ ابْن عاشور لَا يتَخَلَّف عَنْهَا وَكَانَ من بَين الَّذين تقدمُوا للأستاذ الإِمَام باقتراح يطْلبُونَ فِيهِ مِنْهُ بِأَن يلقِي درساً بالجمعية الخلدونية وَكَانَ عضواً بمجلسها الإداري، وَقد كَانَ لَهُ ذَلِك وَأُلْقِي الدَّرْس فِي جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ١٣٢١هـ/ سبتمبر ١٩٠٣م[١١]. وَلم يقْتَصر الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور على اجتماعه بمُصلحي الشرق فَحسب بل اجْتمع بمُفكّري الْعَالم الغربي من ذَلِك اجتماعه بالمستشرق اوبنهايم الْمَعْرُوف بمناهجه الفلسفية والدينية ومقارنة الْأَدْيَان والمذاهب وأصولها ومبادئها. وَله فِي هَذَا المجال بَاعٌ وَلَقَد فاجئني فِي كِتَابه »أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب؟« بإشاراته الباهرة إِلَى مفكري الغرب ونظرته لأفكارهم بِعَين النَّقْد، يوحي إِلَيْك من خلالها أَنه مُتَمَكن من اللُّغَة الفرنسية على أقل شَيْء[١٢].
[٦- إصلاحاته ورؤيته للإصلاح] بَدَأَ الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر بن عاشور بمساعدة ثلة من الْأَنْصَار الأوفياء فِي تخطيط مراحل الْإِصْلَاح وتطبيق النّظم الَّتِي يَرَاهَا كفيلة بتحقيق الهدف الَّذِي يصبو إِلَيْهِ لِلْخُرُوجِ بِهَذَا المعهد الْعَظِيم من كبوته[١٣] بعد أَن تكلم عَن أساليب التَّعْلِيم "الزيتوني" ومناهجه بِلِسَان النَّقْد فِي كِتَابه »أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب؟« الَّذِي أَلفه سنة ١٩٠٧م - ١٣٢١هـ، وَالَّذِي ضَمَّنَهُ رُؤْيَته للإصلاح وحَدَّدَ فِيهِ أَسبَاب تخلُّف الْعُلُوم مصنفاً كل علم على حِدَةٍ وَاعْتبر أَن إصْلَاح حَال الْأمَّة لَا يكون إِلَّا بإصلاح مناهج التَّعْلِيم وَالْقِيَام على هَذَا الْجَانِب، كتب كِتَابه هَذَا وعمره لم يتَجَاوَز الْخَمْسَة وَعشْرين سنة مِمَّا يدل على أَن هَذَا الشَّيْخ الْجَلِيل كَرَّسَ حَيَاته للنهوض بالجامع الْأَعْظَم وبالتالي على مكمن الدَّاء فِي تخلّف الْأمَّة، وَلَئِن أحَسَّ الشَّيْخ بجسامة المُهِمَّة والبون الشاسع بَين وَاقع الْمُسلمين وَمَا وصلت إِلَيْهِ الْأُمَم الغربية من امتلاك أَسبَاب النهضة والرُّقِي إِلَّا أَنه لم يدّخر جهداً وَلم يثن عزماً فِي السّير فِي هَذَا الطَّرِيق المليء بالأشواك. لقد شملت عناية الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور إصْلَاح الْكتب الدراسية وأساليب التدريس ومعاهد التَّعْلِيم. وَقد اهتمَّت لجان من شُيُوخ الزيتونة بتشجيع مِنْهُ بِهَذَا الْغَرَض. وَنظرت فِي الْكتب الدراسية على مُخْتَلف مستوياتها وَعمل الشَّيْخ على استبدال كتب كَثِيرَة كَانَت مُنْذُ عصور مَاضِيَة تدرّس وصبغ عَلَيْهَا قدم الزَّمَان صبغة احترام وقداسة موهومة. لقد حرص الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور على خاصتي التَّعْلِيم الزيتوني: الصبغة الشَّرْعِيَّة واللغة الْعَرَبيَّة، وللوصول إِلَى هَذَا الهدف لابد من تَخْصِيص كتب دراسية شهد لَهَا الْعلمَاء بغزارة الْعلم وإحكام الصَّنْعَة وتنمية الملكات فِي التَّحْرِير ليتخرَّج من "الزيتونة" الْعَالم المقتدر على الْخَوْض فِيمَا درس من الْمسَائِل وتمحيصها ونقدها. ولتحقيق هَذِه الأهداف دَعَا الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور المدرسين إِلَى التقليل من الْإِلْقَاء والإكثار من الأشغال التطبيقية. حَتَّى تتربى للطَّالِب مَلَكَة بهَا يسْتَقلّ فِي الْفَهم. ويعول على نَفسه فِي التَّحْصِيل على ثقافته الْعَامَّة والخَاصَّة. وَقد حَثَّ المدرسين على نقد الأساليب والمناهج الدراسية وَاخْتِيَار أحْسنهَا أثْنَاء الدَّرْس ومراعاة تربية المَلَكَة، بدل شحن الْعقل بمعلومات كَثِيرَة قد لَا يُحسِنُ الطَّالِب التَّصَرُّف فِيهَا، فَكَانَت دَعوته للإصلاح ذَات بعدِي التنظير والتطبيق الميداني. ------------------------------------------------------- [١] الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور رائد الْفِكر الإسلامي. [٢] نقلا عَن نشرية الْكَلِمَة الطّيبَة، السّنة الأولى، الْعدَد ١٢ - محرم ١٤١٧هـ، جَاءَ فِيهَا: الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور أصيل قَرْيَة بني خِيَار الْمَشْهُورَة بِكَثْرَة حفاظ الْقُرْآن وجودة حفظهم وَكَذَلِكَ نشِير إِلَى اشتهار مَدِينَة قربَة بِكَثْرَة الْحفظَة. [٣] الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور رائد الْفِكر الإسلامي. [٤] نقلا عَن نشرية الْكَلِمَة الطّيبَة، السّنة الأولى، الْعدَد ١٢، محرم ١٤١٧هـ. [٥] جَامع الزيتونة المَعْلم وَرِجَاله - مُحَمَّد الْعَزِيز ابْن عاشور ص ١٢٥. [٦] نقلا عَن نشرية الْكَلِمَة الطّيبَة، السّنة الأولى، الْعدَد ١٢، محرم ١٤١٧هـ. [٧] الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور رائد الْفِكر الإسلامي. [٨] الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور رائد الْفِكر الإسلامي. [٩] الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور رائد الْفِكر الإسلامي. [١٠] كَانَ هَذَا الْوَزير زوجاً لأميرة مصرية فَكَانَ ذَلِك سَبباً لنزوله ضيفاً بالمرسى. [١١] الشَّيْخ مُحَمَّد الطَّاهِر ابْن عاشور رائد الْفِكر الإسلامي. [١٢] انْظُر إشاراته على سَبِيل الذّكر لَا الْحصْر الصفحة ١١٧، كتاب "أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب؟". [١٣] جَامع الزيتونة المَعْلم وَرِجَاله - مُحَمَّد الْعَزِيز ابْن عاشور ص ١٢١. |
|