الغرباء في الدنيا

وأَنَّ ذَوِي الإِيمَانِ والعِلْمِ والنُهَى
        هُمُ الغُرَبَا طُوْبَى لَهُمْ مَا تَغَرَّبُوا

أناسٌ قَلِيْلٌ صَالحُِوْنَ بأمَّةٍ
        كَثِيْريْنَ لَكِنْ بالضَّلاَلَةِ أُشْرِبُوْا

وقِيْلَ هُمُ النُزَّاعُ في كُلِّ قَرْيَةٍ
        عَلَى حَرْبِهِم أَهْلُ الضَّلاَلِ تَحَزَّبُوا

وَلَكِنْ لَهُم فِيْهَا الظُهُورُ عَلَى العِدَا
        وإِنْ كَثُرتْ أَعَدَاؤُهُم وَتَأَلَّبُوا

وَكَمْ أَصْلَحُوا مَا أَفْسَد النَّاسُ بالهَوَى
        مِن السُّنَّةِ الغَّرَا فَطَابُوْا وَطَيَّبُوا

وَقَدْ حَذَّرَ المُخْتَارُ مِنْ كُلِ بِدْعَةٍ
        وَقَامَ بِذَا فَوقَ المَنَابِرِ يَخْطُبُ

فَقَالَ عَلَيْكُمْ باتِّبَاعِي وَسُنَّتِيْ
        فَعُضُوا عَلَيهَا بالنَّواجِذِ وارْغَبُوا

وإيَّاكُمُ والابتداع فإنَّهُ
        ضَلاَلٌ وفي نَارِ الجَحِيْمِ يُكَبْكِبُ

فَدُومُوا على منهاجِ سُنَّةِ أَحْمَدٍ
        لِكَيْ تَرِدُوا حَوضَ الرَّسُوْلِ وتَشْرَبُوا

فإِنَّ لَه حَوْضًا هَنِيْئًا شَرَابُهُ
        مِنَ الدُّرِ أَنْقَى في البَيَاضِ وأَعْذَبُ

لَه يَرِدُ السُنِيُ مِن حَزْبِ أَحْمَدٍ
        وَعَنْهُ يُنَحَى مُحْدِثٌ وَمُكَذِبُ

وَكَم حَدَثَتْ بَعْدَ الرَّسُوْلِ حَوَادِثٌ
        بَكَادُ لَهَا نُورُ الشَّرِيْعَةِ يُسْلَبَ

وكَم بِدْعَةٍ شَنْعَاءَ دَانَ بِهَا الْوَرَى
        وَكَمْ سُنَّةٍ مَهْجُورَةٍ تُتَجَنَّبُ

لِذَا أَصْبَحَ المَعْرُوْفُ في الأَرْضِ مُنْكرًا
        وذُوْ النُكْرِ مَعْرُوفٌ إليْهِمْ مُحَبَّبُ

وما ذَاكَ إلاَّ لاِنْدِرَاسِ مَعَالِمِ
        مِنَ العِلْمَ إِذْ مَاتَ الهَداةُ وَغُيِّبُوا

وَلَيْسَ اغْتِرَابُ الدِّيْن إِلاَّ كَمَا تَرَى
        فَسَلْ عَنْهُ ينْبِيْكَ الخَبِيْرُ المُجَرِبُ

وَقَدْ صَحَّ أَنَّ العِلْمَ تَعْفُوْ رُسُومُهُ
        وَيِفْشُوْ الزِّنَا والجَهْلُ والخَمْرُ تَشْرَبُ

وَتِلْكَ أَمَارَاتٌ يَدُلُ ظُهُوْرُهَا
        عَلَى أنَّ أَهْوَالَ القِيَامَةِ أَقْرَبُ

فَسَارِعْ لِمَا يُرْضِيْ الإِلهَ بِفِعْلِهِ
        وَدَعْ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ للهِ يُغْضِبُ

وَخُذْ إنْ طَلَبْتَ العِلْمَ عَن كُلِّ عَالمٍ
        تَرَاهُ بآدَابِ الهُدَى يَتَأَدَبُ

لأَهْلِ السُرّى تُهْدِى نَجُومُ عُلُومِهِ
        وتُرْمى العِدَى مِنْ شُهْبِهَا حِيْنَ تُثْقَبُ

فَلاَزِمْهُ واسْتَصْبِحْ بِمِصْبَاحِ عِلْمِهِ
        لِتَخَلُصَ مِنْ جسْرٍ عَلَى النارِ يُضْرَبُ

فَخَيرُ الأُمُوْرِ السَّالِفاتُ عَلَى الهُدى
        وشَرُ الأُمُوْرِ المُحْدَثَاتُ فَجَنَّبُوا

وَما العِلْمُ إلاَّ مِنْ كِتَابٍ وَسَنةٍ
        وَغَيرُهُما جَهلٌ صَرِيْحٌ مُرَكَبُ

فَخُذْ بِهِمَا والعِلْمَ فاطْلُبُه مِنْهُما
        وَدَعْ عنكَ جُهالاً عن الحَقِّ أَضْرَبُوا

خَفَافِيْشُ أَعْشَاهَا النَّهَارُ بضَوئِهِ
        فَوَافَقَها مِنْ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ غَيْهَبُ

فَظَلَّتْ تُحَاكِي الطَّيْرَ في ظُلْمَةِ الدُجَى
        وإنْ لاَحَ ضَوْءُ الصُّبْحِ لِلْعِشِ تَهْرَبُ

وَخَتْمُ نِظَامِي بالصلاةِ مُسَلِّمًا
        مَدَى الدَّهْر مَا دَامَتْ مَعَدٌ وَيَعْرِبُ

عَلَى خَاتَمِ الرُّسْلِ الكِرَامِ مُحَمَّدٍ
        بِهِ طَابَ خَتْمُ الأَنْبِيَاءِ وطُيِبُوْا

كَذَا الآلِ والصَّحْبِ الألَى بِجَهَادِهِم
        أَضَاءَ بِدِيْنِ اللهِ شَرْقٌ وَمَغْربُ

اللهم امْنُنْ عَلَينَا بالإقبالِ عَلَيْكَ والتَّوْفِيق وأَعِذْنَا مِن الخُذْلاَنِ.
        
انْتَهَى