أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: عن شهر صفر الأحد 01 يناير 2012, 7:21 am | |
| عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ" قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: "كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ". أخرجـه البخاري ومسلم. وإنما كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْجِبُه الفألُ، لأن التشاؤمَ سوءُ ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤلَ حسنُ ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال.
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "كَانَ يُعْجِبُهُ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَنْ يَسْمَعَ يَا رَاشِدُ يَا نَجِيحُ". رواه الترمذي وصححـه الألباني برقم 1316.
ولأبي داود عن بريدةَ "أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان لا يتطير من شيءٍ وكان إذا بعث عاملاً سأله عن اسمه، فإذا أعجبه فرح به، وإن كره اسمه رُئي كراهيةُ ذلك في وجهه" وإسناده حسن.
وهذا فيه استعمال للفأل، قال بن القيم رحمه الله تعالى:(... والله سبحانه وتعالى قد جعل في غرائز الناس الإعجاب بسماع الاسم الحسن ومحبته، وميل نفوسهم إليه، وكذلك جعل فيها الارتياح والاستبشار والسرور باسم الفلاح والسلام والنجاح والتهنئة والبشرى والفوز والظفر ونحو ذلك فإذا قرعت هذه الأسماء الأسماع استبشرت بها النفوس، وانشرح لها الصدر، وقوي بها القلب، وإذا سمعت أضدادها أوجب لها ضد هذه الحال، فأحزنها ذلك، وأثار لها خوفاً وطيرةً وانكماشاً وانقباضاً عما قصدت له وعزمت عليه، فأورث لها ضرراً في الدنيا ونقصاً في الإيمان ومقارفةً للشرك).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ثَلاثًا". رواه أبو داود واللفظ له، والترمذي وابن ماجة وغيرهم، وزاد ابن مسعود عند الترمذي:( وَمَا مِنَّا إِلا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ).
وهذا صريح في تحريم الطِّيرة وأنها شرك لما فيها من تعلق القلب واعتماده على غير الله تعالى، ولأن المتطيرَ يعتقدُ أن الطِّيرةَ تجلب نفعاً أو تدفع ضراً، فإذا عمل بموجبها فكأنه أشرك مع الله تعالى.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ"، قَالَ: وَمَا الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: "الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ". رواه البخاري.
فأبطل -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الطيرة وأخبر أن الفألَ منها ولكنه أحسنها، ففصل بين الفأل والطِّيرة، لما بينهما من الامتياز والتضاد، ونفع أحدهما، ومضرة الآخر.
ومن شروط الفأل أن لا يعتمد عليه وأن لا يكون مقصوداً، بل أن يتفق للإنسان من غير أن يكون له على بال.
ومن صور التشاؤم، التشاؤم بشهر صفر، "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ" أخرجه البخاري ومسلم. وزاد مسلم: "وَلا نَوْءَ وَلا غُولَ". قوله: "ولا صفَر" المُراد به شهر صفَر، كانوا يتجنَّبون السفر فيه، والزواج كذلك، وترك ابتداء الأعمال فيه خشية ألا تكون مباركة، واعتقاد أن يوم الأربعاء الأخير من صفر هو أنحس أيام السنة.
قال بن رجب رحمه الله تعالى: (... والتشاؤم بصفر هو جنس الطيرة المنهي عنها، وكذلك التشاؤم بيوم من الأيام كيوم الأربعاء وتشاؤم أهل الجاهلية بشوال في النكاح فيه خاصة).
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: أن الأزمنة لا دخل لها في التأثير وفي تقدير الله -عز وجل- فصفر كغيره من الأزمنة يقدر فيه الخير والشر وبعض الناس إذا انتهى من شيء في صفر أرخ ذلك وقال: انتهى في صفر الخير وهذا من باب مداواة البدعة ببدعة والجهل بالجهل فهو ليس شهر خير ولا شهر شر.
عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: "من ردته الطِّيرة عن حاجته فقد أشرك" قالوا: فما كفارة ذلك؟
قال: "أن تقولَ: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طَير إلا طَيرك، ولا إله غيرك". رواه أحمد والطبراني انظر السلسلة الصحيحة برقم 1065.
فدل الحديث أن الطِّيرةَ الشركية المنهي عنها هي التي ترد الإنسان عن المضي في حاجته تشاؤماً بما رأى أو سمع، أو تحمله على المضي فيما أراده تعلقاً بما رأى أو سمع، وأما الفأل الذي كان يحبه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه نوع بشارة، فيُسَرُ به العبد ولا يعتمد عليه.
|
|