قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
موضوع: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة الإثنين 16 سبتمبر 2024, 2:14 pm
إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة إسلام أون لاين قال تعالى: { یا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكرالله وذروا البيع ذلكم خير لكم إِن كنتم تعَلمون } ( سورة الجمعة: 9 )
تفسير للآية الكريمة من أهم تفاسير القرآن الكريم.
تفسير ابن كثير إنما سميت الجمعة جمعة ; لأنها مشتقة من الجمع، فإن أهل الإسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع مرة بالمعابد الكبار وفيه كمل جميع الخلائق، فإنه اليوم السادس من الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض.
وفيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها. وفيه تقوم الساعة.
وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاح.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عبيدة بن حميد، عن منصور، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن قرثع الضبي، حدثنا سلمان قال: قال أبو القاسم – ﷺ –: ” يا سلمان ما يوم الجمعة؟ ”. قلت: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله – ﷺ –: ” يوم جمع فيه أبواك – أو أبوكم ” وقد روي عن أبي هريرة من كلامه، نحو هذا، فالله أعلم.
وقد كان يقال له في اللغة القديمة يوم العروبة. وثبت أن الأمم قبلنا أمروا به فضلوا عنه، واختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خلق واختار النصارى يوم الأحد الذي ابتدئ فيه الخلق، واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة، كما أخرجه البخاري، ومسلم من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله – ﷺ –: ” نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا. ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا، والنصارى بعد غد ” لفظ البخاري.
وفي لفظ لمسلم: ” أضل الله من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد.
فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي بينهم قبل الخلائق ”.
وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة، فقال: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) أي: اقصدوا واعمدوا واهتموا في مسيركم إليها، وليس المراد بالسعي ها هنا المشي السريع، وإنما هو الاهتمام بها، كقوله تعالى: ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن ) [ الإسراء: 19 ] وكان عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما يقرآنها: ” فامضوا إلى ذكر الله ”. فأما المشي السريع إلى الصلاة فقد نهي عنه، لما أخرجاه في الصحيحين، عن أبي هريرة عن النبي – ﷺ – قال: ” إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا ”. لفظ البخاري
وعن أبي قتادة قال: بينما نحن نصلي مع النبي – ﷺ – إذ سمع جلبة رجال، فلما صلى قال: ” ما شأنكم؟ ”. قالوا: استعجلنا إلى الصلاة. قال: ” فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا ”. أخرجاه
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله – ﷺ –: ” إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، ولكن ائتوها تمشون، وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا.
رواه الترمذي من حديث عبد الرزاق كذلك، وأخرجه من طريق يزيد بن زريع، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة بمثله
قال الحسن أما والله ما هو بالسعي على الأقدام، ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار، ولكن بالقلوب والنية والخشوع.
وقال قتادة في قوله: ( فاسعوا إلى ذكر الله ) يعني: أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المشي إليها، وكان يتأول قوله تعالى: ( فلما بلغ معه السعي ) [ الصافات: 102 ] أي: المشي معه.
روي عن محمد بن كعب، وزيد بن أسلم وغيرهما نحو ذلك.
ويستحب لمن جاء الجمعة أن يغتسل قبل مجيئه إليها، لما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر أن رسول الله – ﷺ – قال: ” إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل.
ولهما عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله – ﷺ – ” غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم “ وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله – ﷺ –: ” حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام، يغسل رأسه وجسده ”. رواه مسلم
وعن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله – ﷺ –: ” على كل رجل مسلم في كل سبعة أيام غسل يوم، وهو يوم الجمعة ”. رواه أحمد، والنسائي، وابن حبان.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس الثقفي قال: سمعت رسول الله – ﷺ – يقول: ” من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة أجر سنة، أجر صيامها وقيامها ”.
وهذا الحديث له طرق وألفاظ، وقد أخرجه أهل السنن الأربعة وحسنه الترمذي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله – ﷺ – قال: ” من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ” أخرجاه
ويستحب له أن يلبس أحسن ثيابه، ويتطيب ويتسوك، ويتنظف ويتطهر. وفي حديث أبي سعيد المتقدم: ” غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، والسواك، وأن يمس من طيب أهله ”.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي، عن عمران بن أبي يحيى، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبي أيوب الأنصاري: سمعت رسول الله – ﷺ – يقول: ” من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب أهله – إن كان عنده – ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع – إن بدا له – ولم يؤذ أحدا، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى “.
وفي سنن أبي داود، وابن ماجه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله – ﷺ – يقول على المنبر: ” ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته “
وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله – ﷺ – خطب الناس يوم الجمعة، فرأى عليهم ثياب النمار، فقال: ” ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته، سوى ثوبي مهنته ”. رواه ابن ماجه
وقوله تعالى: ( إذا نودي للصلاة ) المراد بهذا النداء هو النداء الثاني الذي كان يفعل بين يدي رسول الله – ﷺ – إذا خرج فجلس على المنبر، فإنه كان حينئذ يؤذن بين يديه، فهذا هو المراد، فأما النداء الأول الذي زاده أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فإنما كان هذا لكثرة الناس، كما رواه البخاري رحمه الله حيث قال: حدثنا آدم – هو ابن أبي إياس – حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله – ﷺ –، وأبي بكر، وعمر فلما كان عثمان بعد زمن وكثر الناس، زاد النداء الثاني على الزوراء يعني: يؤذن به على الدار التي تسمى بالزوراء، وكانت أرفع دار بالمدينة بقرب المسجد.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن راشد المكحولي، عن مكحول: أن النداء كان في يوم الجمعة مؤذن واحد حين يخرج الإمام، ثم تقام الصلاة، وذلك النداء الذي يحرم عنده البيع والشراء إذا نودي به، فأمر عثمان رضي الله عنه، أن ينادى قبل خروج الإمام حتى يجتمع الناس.
وإنما يؤمر بحضور الجمعة الرجال الأحرار دون النساء، والعبيد، والصبيان ويعذر المسافر، والمريض، وقيم المريض، وما أشبه ذلك من الأعذار، كما هو مقرر في كتب الفروع.
وقوله: ( وذروا البيع ) أي: اسعوا إلى ذكر الله واتركوا البيع إذا نودي للصلاة: ولهذا اتفق العلماء رضي الله عنهم على تحريم البيع بعد النداء الثاني. واختلفوا: هل يصح إذا تعاطاه متعاط أم لا؟ على قولين، وظاهر الآية عدم الصحة كما هو مقرر في موضعه، والله أعلم.
وقوله: ( ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) أي: ترككم البيع وإقبالكم إلى ذكر الله وإلى الصلاة خير لكم، أي: في الدنيا والآخرة إن كنتم تعلمون.
تفسير السعدي أمر تعالى عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة والمبادرة إليها، من حين ينادى لها والسعي إليها، والمراد بالسعي هنا: المبادرة إليها والاهتمام لها، وجعلها أهم الأشغال، لا العدو الذي قد نهي عنه عند المضي إلى الصلاة، وقوله: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} أي: اتركوا البيع، إذا نودي للصلاة، وامضوا إليها.
فإن {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} من اشتغالكم بالبيع، وتفويتكم الصلاة الفريضة، التي هي من آكد الفروض.
{إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أن ما عند الله خير وأبقى، وأن من آثر الدنيا على الدين، فقد خسر الخسارة الحقيقية، من حيث ظن أنه يربح، وهذا الأمر بترك البيع مؤقت مدة الصلاة.
المختصر في تفسير القرآن الكريم يا أيها الذين آمنوا بالله وعملوا بما شرعه لهم، إذا نادى المؤذن للصلاة من يوم الجمعة بعد صعود الخطيب على المنبر، فاسعوا إلى المساجد لحضور الخطبة والصلاة، واتركوا البيع؛ لئلا يشغلكم عن الطاعة، ذلك المأمور به من السعي وترك البيع بعد الأذان لصلاة الجمعة خير لكم -أيها المؤمنون- إن كنتم تعلمون ذلك، فامتثلوا ما أمركم الله به.
التفسير الوسيط المقصود بالنداء فى قوله – سبحانه –:﴿ ياأيها الذين آمنوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ… ﴾ جميع المكلفين بها، الذين يجب عليهم أداؤها..
وناداهم – سبحانه – بصفة الإيمان، لتحريك حرارة الإيمان فى قلوبهم، ولتحريضهم على المسارعة إليها، إذ من شأن المؤمن القوى، أن يكون مطيعا لما يأمره خالقه به.
والمراد بالنداء: الأذان والإعلام بوقت حلولها.
والمقصود بالصلاة المنادى لها هنا: صلاة الجمعة، بدليل قوله – تعالى –:﴿ مِن يَوْمِ الجمعة ﴾.
واللام فى قوله ﴿ لِلصَّلاَةِ ﴾ للتعليل، و ﴿ مِن ﴾ بمعنى فى، أو للبيان، أو للتبعيض، لأن يوم الجمعة زمان، تقع فيه أعمال، منها الصلاة المعهودة فيه وهى صلاة الجمعة لأن الأمر بترك البيع خاص بها، لوجود الخطبة فيها.
وقوله: ﴿ فاسعوا… ﴾ جواب الشرط، من السعى، وهو المشى السريع.
والمراد به هنا: المشى المتوسط بوقار وسكينة، وحسن تهيؤ لصلاة الجمعة…
قال الآلوسي ما ملخصه: قوله:﴿ فاسعوا إلى ذِكْرِ الله ﴾ أى: امشوا إليه بدون إفراط فى السرعة…
فقد أخرج الستة فى كتبهم عن أبي سلمة من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله – ﷺ –: ” إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا “.
والمراد بذكر الله: الخطبة والصلاة جميعا، لاشتمالهما عليه، واستظهر بعضهم أن المراد به الصلاة، وقصره بعضهم على الخطبة..
وإنما عبر – سبحانه – بالسعى لتضمنه معنى زائدا على المشى، وهو الجد والحرص على التبكير، وعلى توقى التأخير.
والمعنى: يامن آمنتم بالله حق الإيمان، إذا نادى المنادى لأجل الصلاة فى يوم الجمعة، فامضوا إليها بجد، وإخلاص نية، وحرص على الانتفاع بما تسمعونه من خطبة الجمعة، التى هى لون من ألوان ذكر الله – تعالى – وطاعته.
والأمر فى قوله – سبحانه –:﴿ فاسعوا إلى ذِكْرِ الله وَذَرُواْ البيع.. ﴾ الظاهر أنه للوجوب، لأن الأمر يقتضى الوجوب، ما لم يوجد له صارف عن ذلك، ولا صارف له هنا.
والمراد من البيع هنا: المعاملة بجميع أنواعها، فهو يعم البيع والشراء وسائر أنواع المعاملات.
أى: إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة، فاخرجوا إليها بحرص وسكينة ووقار. واتركوا المعاملات الدنيوية من بيع، وشراء، وإجارة، وغيرها.
وإنما قال – سبحانه –: ﴿ وَذَرُواْ البيع.. ﴾ لأنه أهم أنواع المعاملات، فهو من باب التعبير عن الشىء بأهم أجزائه.
واسم الإشارة فى قوله – سبحانه –: ﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ يعود إلى ما سبق ذكره من الأمر بالسعى إلى ذكر الله، متى نودى للصلاة، وترك الاشتغال بالبيع وما يشبهه.
أى: ذلك الذى أمرتكم به من السعى إلى ذكر الله عند النداء للصلاة من يوم الجمعة، ومن ترك أعمالكم الدنيوية.
.. خير لكم مما يحصل لكم من رزق فى هذه الأوقات، عن طريق البيع أو الشراء أو غيرهما.
فالمفضل عليه محذوف، لدلالة الكلام عليه، والمفضل هو السعى إلى ذكر الله – تعالى -.
وهذا التفضيل باعتبار أن منافع السعى إلى ذكر الله – تعالى – باقية دائمة، أما المنافع الدنيوة فهى زائلة فانية.
وجواب الشرط فى قوله ﴿ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ محذوف: أى: إن كنتم تعلمون ما هو خير لكم، فاسعوا إلى ذكر الله عند النداء للصلاة، واتركوا البيع والشراء.
أو إن كنتم من أهل العلم والفقه السليم للأمور، عرفتم أن امتثال أمر الله – تعلى – بأن تسعوا، إلى ذكره عند النداء لصلاة الجمعة، خير لكم من الاشتغال فى هذا الوقت بالبيع والشراء.
إذ فى هذا الامتثال سعادتكم ونجاتكم من خزى الدنيا وعذاب الآخرة.
التفسير الميسر يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إذا نادى المؤذن للصلاة في يوم الجمعة, فامضوا إلى سماع الخطبة وأداء الصلاة, واتركوا البيع, وكذلك الشراء وجميع ما يَشْغَلُكم عنها, ذلك الذي أُمرتم به خير لكم؛ لما فيه من غفران ذنوبكم ومثوبة الله لكم, إن كنتم تعلمون مصالح أنفسكم فافعلوا ذلك.
وفي الآية دليل على وجوب حضور الجمعة واستماع الخطبة.
صفوة التفاسير أي يا معشر المؤمنين المصدّقين بالله ورسوله، إِذا سمعتم المؤذن ينادي لصلاة الجمعة ويؤذن لها ﴿فاسعوا إلى ذِكْرِ الله وَذَرُواْ البيع﴾ أي فامضوا إِلى سماع خطبة الجمعة وأداء الصلاة، واتركوا البيع والشراء، اتركوا التجارة الخاسرة واسعوا إِلى التجارة الرابحة قال في التسهيل: والسعيُ في الآية بمعنى المشي لا بمعنى الجري لحديث «إِذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة».
وقال الحسن: واللهِ ما هو بالسعي على الأقدام، ولقد نهُوا أن يأتوا الصلاة إِلا عليهم السكينة والوقار، ولكنه سعيٌ بالقلوب، والنية، والخشوع ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ أي ذلك السعي إِلى مرضا الله، وتركُ البيع والشراء، خيرٌ لكم وأنفع من تجارة الدنيا، فإِن نفع الآخرة أجلٌّ وأبقى ﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أي إن كنتم من أهل العلم القويم، والفهم السليم.
مجالس النور ﴿یَــٰۤـأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤاْ إِذَا نُودِیَ لِلصَّلَوٰةِ مِن یَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ﴾ هذا أمرٌ للذين آمنوا أن يسعَوا إلى صلاة الجمعة إذا نُودِي لها.
والنداء هنا: الأذان، وصِلةُ هذه الصلاة بموضوع السورة: أنّ في صلاة الجمعة تلاوة للآيات، وتزكية للنفوس، وتعليمًا للقرآن والحكمة، بمعنى أنّ صلاةَ الجمعة وسيلةٌ أسبوعيةٌ متكررةٌ لتحقيق مقاصد البعثة المحمّديَّة، كما أنّ اجتماع المسلمين في مساجدهم كلّ أسبوعٍ يعزِّز فيهم وحدتهم وانتماءَهم لهويَّتهم الجامعة؛ وهذه شرط قيامهم بحمل أمانتهم التي شرَّفَهم الله بها بعد أن نَزَعَها عن بني إسرائيل.
﴿وَذَرُواْ ٱلۡبَیۡعَۚ﴾ مؤقَّتًا بقَدر ما تؤدُّون فيه هذه الفريضة، ويُقاسُ على البيع كلّ عملٍ يشغل عن صلاة الجمعة ولو كان بذاته مشروعًا أو قُربةً من القُرُبات، فمَن اشتغل مثلًا بتعليم أولاده القرآن وقت صلاة الجمعة فهو آثِم، وكذا مَن اشتغل بالتهليل والاستغفار، أو بتقديم صدقةٍ، أو عيادة مريضٍ، أو صلة رحمٍ، فالوقت هذا لا يتَّسِع لغير صلاة الجمعة، إلَّا من عذرٍ بَيِّنٍ.