منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 البطل السجين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

البطل السجين Empty
مُساهمةموضوع: البطل السجين   البطل السجين Emptyالأربعاء 17 يوليو 2024, 9:53 am

أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
البطل السجين Oo12
البطل السجين
ظل عرابي معتقلًا في قشلاق عابدين حتى ٥ أكتوبر، ثم أسلم إلى الحكومة المصرية، فألقت به مع زعماء الثورة وعدد كبير من المعتقلين في بناء الدائرة السنية الذي أحالته إلى معتقل عام، وجعلت فيه حجرة للجنة التحقيق.

وبانتقال عرابي إلى سجنه هذا بدأ عهد إهانته على صورة لولا أننا نريد أن نوفي هذا التاريخ حقه ما ذكرناها؛ لفرط ما نحس من مجرد ذكرها من خزي وألم…

قال عرابي في مذكراته المخطوطة: «وصار نقلنا من قشلاق عابدين إلى سجن الدائرة السنية المذكورة لأجل المحاكمة ومعي طلبة باشا عصمت، وسجن كل منا في غرفة منفردة أسوة بمن فيها من المسجونين، ثم أغلقوا المنافذ ومنعوا عنا السراج ليلًا بعد أن فتشونا وأخذوا ما معنا وأهانوا البعض منا خصوصًا عبد العال حلمي».

وقال فيما كتبه وهو في سجنه لمحاميه المستر برودلي: «بعد ذلك أسلمنا إلى السلطات المصرية ووضعنا في السجن المصري يوم ٥ أكتوبر، وكان ذلك من أيامي الحزينة التي لا تنسى؛ فقد فُصل بيني وبين صديقي طلبة باشا، وألقي بي في حجرة ليس فيها شيء — حتى الكرسي — وأغلقوها عليَّ، وجاء خادمي إلي ولكن الحراس لم يسمحوا بإدخال شيء إلي سوى بساط وملحفة…

وعقب ذلك أقبل فريق ممن أرسلوا لإهانة السجناء وتهديدهم كما تبين من أمرهم، وفتشوني وأخذوا كل ما لدي من الأوراق الخاصة التي طلبتها لجنة التحقيق، وبعد هذا جاء فريق ثان ومعظمهم من موظفي الخديو وكان بينهم عثمان بك القائم على شؤون خيله، وحسين أفندي فوزي وله صلة بشؤون الخديو المنزلية الخاصة ومعهما أغا تركي هو الذي يركب أمام سموه حيث إنه أحد رجال حرسه الخاص، وقد أعاد هؤلاء تفتيشي حتى إنهم نزعوا قميصي، ولكنهم لم يجدوا شيئًا إلا تميمة كنت ألبسها فانتزعها أحدهم بقوة، ولما قلت: إني أخلعها بنفسي صاح أحدهم قائلًا: كلا لقد أمرت أن أفعل ذلك وأن أخلع حتى حذاءك لتفتيشه…

وبعد ساعة جاء ليزورني بشارة تكلا محرر جريدة الأهرام، وظننت أنه قدم ليعزيني وليبدي عواطفه نحوي، وقد كان ممن يدينون بمبدئنا قبل الحرب وقد أقسم بدينه وشرفه أنه واحد منا وأنه يعمل لحرية وطننا، وقد عددناه في الحق من الوطنيين، ولكنه لما دخل علي توقح أشد التوقح، ثم قال: أي عرابي ماذا صنعت وماذا حل بك؟ ورأيت أن الرجل خائن ولا شرف له، ولما لم أجبه أدار ظهره وانصرف.

وما هي إلا دقيقة ثم جاء فريق ثالث معظمهم من خدم الخديو وأتباعه وفيهم أتراك وجند من حرسه، وفتشوا بساطي وملحفتي وقلبوهما ظهرًا لوجه ثم انصرفوا، وأقاموا طول الليل على باب غرفتي حراسًا عليَّ وعلى السجناء».١

هذا ما عومل به عرابي أول يوم أدخل فيه السجن، ولكن خصومه لم يروا في ذلك ما يشفي ما في نفوسهم من غل، فأوفدوا إليه بعد ٤ أيام مَنْ ألحق به — وهو السجين الذي لا يملك الدفاع عن نفسه — إهانة يؤسفنا ويخجلنا أن نذكرها ولندع عرابي يصف ما حدث: قال: «في ٩ أكتوبر سمعت الباب يُفتح حوالي الساعة التاسعة والنصف وقد خلعت ملابسي واضطجعت لأنام ودخل عليَّ جماعة تتألّف من ١٠ و١٢ شخصًا، ولَمَّا كان الظلام حالكًا لم أستطع أن أتبيَّنَ منهم أحدًا، وصاح أحدهم فجأة: آه… عرابي، ألا تعرفني؟ وحسبتُ أنه قادم ليقتلني فنهضت قائلًا: كلا لست أعرفك… فصاح بي: أنا إبراهيم أغا، ثم أخذ يقسم الأيمان متوعدًا وقال لي: أيها الكلب… أيها الخنزير، وبصق عليَّ ٣ مرات، فوقفتُ ساكنًا في هدوء، ثم تبيَّنتُ شيئًا فشيئًا أنه إبراهيم أغا حقًّا توتونجي الخديو».٢

وقد أعاد عرابي ذكر هذا الكلام لمحاميه يصف به الحادث الشنيع وذلك فيما كتب له من تقرير عام وكان قد صرَّح به حين زاره لأول مرة، وسلَّمه ورقة جاء فيها ما يأتي: «لقد سلمتُ سيفي وشخصي إلى الجنرال لو، ممثل القائد العام للجنود البريطانية، وكان ذلك مني ركونًا إلى شرف إنجلترا… وفي ٥ أكتوبر ألقي بي في سجن مصري حيث أُلحقت بي إهانة على صورة تظل صارخة في وجه الشرف البريطاني ووجه كل إنجليزي»، ثم أورد عرابي الحادث بما لم يخرج عمَّا سلف واختتم ورقته بقوله: «إن مسلكًا كهذا لا يمكن أن يُرضي شرف إنجلترا وسمعتها، وخاصة نحوي أنا الذي أسلمت نفسي مصدقًا بشرف الشعب الإنجليزي».

ولم يكن عرابي وحده مصدر هذه الرواية حتى يمكن أن يقال: إنه اختلقها أو أسرف فيها؛ فقد عرفها بلنت بين ما عرف من صديق له لا يمكن أن يتطرق الشك إلى معلوماته ألا وهو المستر بيمان ترجمان مالت، والذي اختاره ليحضر التحقيق نائبًا عنه وكان بيمان يجيد اللغة العربية وكان قائمًا بأعمال مالت القنصل العام في الأسابيع التي سبقت ضرب الإسكندرية.

وقد أرسل هذه المعلومات في ٦ نوفمبر، ويقول بلنت: إن المعلومات التي أخذها عن بيمان على أعظم جانب من الأهمية التاريخية، قال بيمان عن حادث إبراهيم أغا: أحسب أن حادث إبراهيم أغا وحده كاف ليظهر الخديو على حقيقته، ولقد سمعت القصة كلها من القصر مباشرة، وكيف أن توتوتجي حامل غليون الخديو قد لثم يد الخديو ورجا منه أن يسمح له بأن يبصق في وجوه السجناء، وكان ذلك هو ما استقصى عنه السير شارلز ولسن٣ ووجده صحيحًا، وعلى الرغم من تبينه صحة الحادث فقد أغفله؛ وذلك لأنه كان للخديو قطعة قذرة جدًّا من القماش يجب أن تغسل في هذا الموضوع،٤ ولقد اقترحت إذ رأيت الشهود جميعًا يحنثون في أيمانهم أن يحلفوا يمين الطلاق الثلاث، وكان السير شارلز ولسن يميل إلى ذلك، ولكن مقترحي ما لبث أن أُسكت، وأن أسرة سموه لا تستطيع الآن أن تنكر فيما بينها وقوع هذا الحادث، وبعد؛ فهذا هو الرجل الذي من أجله جئنا إلى مصر».٥

ويقول بلنت: «إن حادث إرسال توفيق أعوانه لإهانة زعماء الحركة القومية في السجن قد ذكره الشيخ محمد عبده الذي كان من أوائل المقبوض عليهم، والذي كان من ضحايا الحادث، وقد ذكر ما لقي في السجن في تصريح قدمه إلى السير شارلز ولسن في ٢٩ أكتوبر، ولكنه لم يرد في الكتاب الأزرق».٦

وقد ذكر مستر برودلي في كتابه: «كيف دافعنا عن عرابي؟» أنه زار كلًّا من علي فهمي وعبد العال حلمي، والشيخ محمد عبده في حجراتهم، وأن عبد العال ذكر له «أن إبراهيم أغا توتونجي الخديو دخل حجرتي ومعه ٣ أشخاص وقال لي: يا عبد العال أتعرف من أنا؟ فقلت: كلا لست أعرفك. فقال: أنا إبراهيم أغا توتونجي الخديو، ثم دنا مني وبصق على وجهي وضربني بقلم كان في يده على وجهى مرتين وقال: انتظروا لقد وقعتم يا أولاد الكلب سأريكم».

وقال الشيخ محمد عبده: «إني أعلن مع عظيم احترامي لسمو الخديو — حفظه الله — أن إبراهيم أغا توتونجي حضر إليَّ في الخامس من هذا الشهر وأهانني، وكان معه بعض أتباع الخديو، وقد فتشوني وأخذوا مني ٣ مجلدات، ٢ منها هما كتاب العقد الفريد، والثالث عن الفرنسية… ولَمَّا سألتهم: لماذا يأخذون الكتب؟ ألكي يعيدوها إلى بيتي؟ قال لي: ألك بيت؟ فرأيت أن أسكت».

وأحسب أن هذه الفضيحة لا تحتاج إلى تعقيب سوى الإشارة إلى ما نحسه من الحسرة والخجل من أن ينزل الناس في الخصومة إلى مثل هذا الحد، وأن يعامل رجال كهؤلاء — هم بنفوسهم وجهادهم سادة أعزة وفي مقدمتهم زعيم ثورة وقائد جيش ووزير دولة — معاملة لا تليق بأصغر الناس وأحقرهم شأنًا.

وكان عرابي يقضي أيامه في سجنه على هذه الحال من سوء المعاملة وليس في حجرته كرسي واحد كما ذكر هو وكما شهد محاميه ولم يجد فيها محاميه مستر برودلي وزميله مستر نابيير عندما سمح لهما بزيارته إلا البساط والملحفة وحشية ووسادتين ومصحفًا وبعض الآنية من الخزف والنحاس.

وكان عرابي يلبس سروالًا حربيًّا وقميصًا أبيض، وسترة — كان يستبدل بها أحيانًا — إستامبولية سوداء أو معطفًا تركيًا، وكانت في يده مسبحة صغيرة لا تفارقها إلا نادرًا كما ذكر مستر برودلي.

ويقول محاميه: إنه بُناءً على طلب السير شارلز ولسن قد أُحضر له ولزميليه منضدة وبعض الكراسي.

وكان لا يزيد اتساع الحجرة عن ١٤ قدمًا في مثلها وكانت مرتفعة السقف، وكان ينفذ إليها بعض النور من نافذتين صغيرتين تطلان على الشارع، أما بالليل فكانت حالكة الظلمة؛ حيث لم يسمح بمصابيح أو شموع لأحد من السجناء…

ولهذه الظلمة قصة؛ فقد طلب عرابي على لسان محاميه أن يسمح له بالنور ليلًا فرفضت إدارة السجن؛ لأنها علمت أن الخادم أراد أن يدخل له النفط ليحرق السجن، ومن أجل ذلك مُنع الخدم من أن يُدخلوا الطعام إلى السجناء، وقد غضب عرابي لهذه التهمة التي أشارت إليها جريدة التيمس غضبًا شديدًا، وكتب إلى مراسلها بالقاهرة تكذيبًا لها قائلًا: إنه لم يسمح له برؤية خادمه منذ يوم ٥ أكتوبر، وإنه ليس هناك ما يدعوه إلى أن يحرق نفسه ويموت ضد القانون؛ فهو لم ييأس يومًا من براءته مما نسب إليه».

وكان مما يؤلم نفس عرابي في سجنه أسلوب سجانه في تقديم الطعام له، وحُقَّ له أن يتألم وأن يأسى، قال يصف هذه المعاملة: «منذ أن أُلقي بي إلى السلطات المصرية يأخذ أحد الحراس — وهو تركي — الطعام من خادمي متى حضر، ويفتح الباب دقيقة ويلقي بالطعام أمامي ثم يغلق الباب في غلظة كما لو كنت وحشًا في قفص».

وقد شكا عبد العال إلى برودلي مخاوفه وقص عليه قصة محاولة قتله بالسم منذ بضعة أشهر مما دعا برودلي إلى تصديقها ولذلك طلب من السير شارلز ألا يكون مقدمو الطعام للسجناء أتراكًا أو شراكسة.
•••



البطل السجين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

البطل السجين Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطل السجين   البطل السجين Emptyالأربعاء 17 يوليو 2024, 9:54 am

ولندع عرابي في سجنه لننظر كيف أتيح له أن يدافع عنه برودلي وزميله، فإن لهذا قصة، هي قصة الوفاء والنجدة والمروءة… لم يكن يجرؤ أحد من المصريين بالضرورة في مثل تلك الأيام أن يفكر في الدفاع عن عرابي وإلا عد من العصاة والجناة وقبض عليه وأودع السجن، وربما كان مصيره الموت، وحسب كل امرئ أن ينجو بنفسه من هذا الإرهاب الذي يكاد يحصي على الناس أنفاسهم…

وكان توفيق يريد رأس عرابي بأية صورة، وقد عقد العزم على ذلك وإنه ليتطلع منذ أشهر إلى هذا اليوم الذي يظفر فيه برأس خصمه وكان رياض يذهب مذهب توفيق ولا يقل عنه حنقًا وتطلعًا…

وكان الإنجليز يريدون التخلص من عرابي بالموت، ويقرر مستر بلنت أنهم كانوا لا يترددون في رميه بالرصاص في موضعه لو أنهم أسروه في التل الكبير، ويقول: إن هذا ما عقد ولسلي عليه العزم ولم يرده عن رأيه إلا السير جون أداي وهو قائد أكبر سنًّا وأكثر تجربة من ولسلي وقد بين له ما يكون في مثل هذا العمل من عار؛ إذ كيف لا يظفر قائد جيش نظامي استدعى مجيء ٢٠ ألفًا من الإنجليز لمحاربته، بما يظفر به كل قائد في مثل ظروفه حسب قوانين العالم من معاملة شريفة عادلة؟٧

وسنرى فيما وقف عليه بلنت من معلومات أثناء سعيه للوصول إلى تحقيق عادل والسماح لمحام إنجليزي بالدفاع عن عرابي، أن الحكومة الإنجليزية نفسها كانت ترمي إلى التخلص من عرابي بالموت على أن يأتي ذلك على يد توفيق، وما أسلم عرابي إلى السلطات المصرية إلا لهذا الغرض، ولنأت بهذه القصة، قصة محاولات بلنت على سردها…

يقول بلنت: إن أخشى ما كان يخشاه بعد هزيمة عرابي أن يعمد جلادستون إلى تغطية مذبحة التل الكبير وذلك بأن يجعل عرابي كبش الفداء عن هذه الخطيئة فيقتله ويجد ما يعتذر به عن ذلك فيما يزعمه من أنه قصاص عادل من ثائر عاص لا يمكن أن يعامل معاملة زعيم وطني أو قائد جيوش نظامية…

وبعد أن أورد بلنت ما علمه من اعتزام ولسلي — الذي أشرنا إليه — وعن موقف السير جسون أداي قال: «وكان جلادستون مصممًا على هذا الاتجاه تصميم جرانفل أو أي شخص آخر من لوردات الهويج في مجلس الوزراء» ثم ذكر بلنت أن برايت — الوزير الذي استقال محتجًّا على ضرب الإسكندرية — قد أسمع جلادستون احتجاجه على هذه النية التي تنويها الحكومة، وأن الضغط الشديد من جانب الرأي العام البريطاني هو الذي صرف الحكومة الإنجليزية عن أن تجعل عرابي يؤدي بحياته الفداء عن جريمتها السياسية…

واستعان بلنت بصديق له من رجال الصحافة هو مستر بتن مراسل جريدة التيمس، وبحسن مسعى هذا الصديق نشرتْ التيمس أنه لن يعدم عرابي أو أحد من رفاقه إلا بعد موافقة الحكومة الإنجليزية وأنه سوف يسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم على يد محام كفء.

وتوصل بلنت بهذا إلى أن يضع الحكومة الإنجليزية، كما قال، في نظر الرأي العام في وضع كريم بحيث يصعب عليها أن تتراجع عن عمل إنساني نُسب إليها…

ثم زار بلنت مستر برودلي في منزله في ١٩ سبتمبر، أي بعد التل الكبير بسبعة أيام وكان لا يزال عرابي في معتقله بعابدين، واتفق معه على أن يكون هو محامي القضية وجعل له أجرًا على ذلك ٨٠٠ جنيه غير ما يلزم من مصروفات…

وكتب بلنت في اليوم عملًا بمشورة برودلي كتابًا مطولًا إلى جلادستون وكان مما ذكره فيه أنه يخشى من عدة أمور في التحقيق مع عرابي، فأعضاء المحكمة العسكرية لا بد أن ينحازوا إلى الخديو، وإذا فُرض أنهم لن يفعلوا ذلك فإن الشهود من الوطنيين سيؤدون أقوالهم تحت تأثير الخوف، وسيعمد الكثيرون إلى التزوير، أما الشهود من الأوربيين فسيتكلمون عن ضغن وحفيظة، وسيكون المندوب الإنجليزي نفسه في لجنة التحقيق تحت تأثير الاتجاه السياسي الذي يتسلط الآن على الموقف في القاهرة، وإذا أضيف إلى المحكمة العسكرية ضباط من الإنجليز كما نأمل أن يحدث، فإن جهلهم باللغة العربية سيحول بينهم وبين تتبع أقوال الشهود وسيكون اعتمادهم على المترجمين الذين لا يؤمن جانبهم… وبناء على ذلك فإنه لن تتحقق العدالة ما لم تتبع خطوات خاصة نحو هذا الغرض…

ثم ذكر بلنت أن العلاج الذي يراه هو أن يسمح بأن يدافع عن المتهمين محام إنجليزي كفء، وأن يصحبه بلنت إلى مصر ليجمع له المعلومات، وأن يرافقهما صابونجي الذي يجيد عدة لغات منها العربية والإنجليزية والذي يعرف الكثير عن أحوال المتهمين وأشخاصهم… واختتم كتابه بوعد منه ألا يتدخل في السياسة أثناء ذلك، وأفصح عن عظيم رجائه أن ينال مقترحه قبولًا لدى جلادستون وأن يأتيه منه رد سريع على كتابه…

وتلقى بلنت ردًّا من دوننج ستريت في ٢٢ سبتمبر، مؤداه أن جلادستون قرأ كتابه، وكل ما يستطيع قوله في الوقت الحاضر أنه سوف يعرض هذا الكتاب على اللورد جرانفل؛ ليرى فيه رأيه كي يشاوره فيه، ولكنه لا يمكنه أن يؤكد أنه سوف ينتهى به الأمر إلى القبول…

وكتب بلنت إلى عرابي كتابًا في ٢٢ سبتمبر يقول له فيه: إنه خليق أن يدرك وهو الجندي الوطني لماذا لم يكتب له أثناء الحرب، ثم ذكر له أنه وقد انقضت الحرب سوف يرى أن صداقته له أعظم من أن تكون كلامًا فحسب، ويخبره بما اتخذ من خطوات في سبيل الدفاع عنه، ويطلب إليه أن يرسل تفويضًا بذلك إلى محاميه — الذي اكتتب عددٌ من العلية الأحرار في دفع أجره — ويؤكد له أنه سوف يعنى بأسرته أثناء اعتقاله، ويدعو له الله أن يهبه الشجاعة ويكون في عونه…

وأرسل بلنت كتابه هذا إلى صديقه عن طريق السير إدوارد مالت، ولكن ما كان أشد أسفه وألمه؛ إذ رد مالت إليه ذلك الكتاب مشفوعًا بكلمة قصيرة جافة مؤداها أنه يفعل ذلك بأمر الحكومة الإنجليزية، ويقول بلنت: إنه ليس أدل على ما كانت تنوي الحكومة أن تفعل بعرابي وأصحابه من هذا الذي صنعه مالت…

وسافر برودلي إلى تونس وقد طال انتظاره البت في الأمر، ورأى بلنت أن يبقى في إنجلترا حتى يستطيع أن يفعل شيئًا؛ لأنه في مصر لن يظفر بشيء مما يريد ما لم يكن لديه ما يشق به طريقه من سلطة يحصل عليها من الحكومة الإنجليزية…

وزاد لغط الصحف بتوقع الحكم على عرابي بالموت، ولم يرتفع بالاحتجاج على ذلك إلا أصوات خافتة ضئيلة وتلقى بلنت من صديق إنجليزي من ذوي المكانة بالقاهرة كتابًا يقول فيه: «إني أشك أكبر الشك في أنه سوف يسمح بشيء من قبيل التحقيق العادل فإنهم يعلمون حق العلم أنهم إن فعلوا ذلك أدى إلى إدانتهم هم، وأن رجال السياسة أشد مكرًا من أن يدفعهم أحد إلى شيء من هذا القبيل، وعلى أية حال فإنك على حق في محاولتك الوصول إلى تحقيق عادل».

ولم يجد بلنت مناصًا من أن يكتب ثانية في ٢٧ سبتمبر إلى جلادستون يسأله عن مصير كتابه الأول وعن رأيه ورأي جرانفل في الأمر بعد تشاورهما، ويشكو إليه مما فعل مالت من رد كتابه إلى عرابي إليه ويخبره أنه اتفق فعلًا مع أحد المحامين النابهين لهذا الغرض، وأنه قرأ في جريدة التيمس برقية من القاهرة مؤداها أن المحكمة العسكرية سوف تُعقد غدًا وأن الخديو وشريف ورياض يصرون بشدة على أن الضرورة القصوى تقضي بالحكم بالموت على زعماء المجرمين، ويقول شريف باشا وهو من اشتهر بسماحة خلقه: إنه يرى ذلك لا لأنه يحمل أي ضغن لهم ولكن لأنه أمر حتمي كي يضمن الأمن لكل من يريد أن يعيش في هذه البلاد، واختتم بلنت كتابه الثاني بقوله: إن إلحاح الضرورة هو ما يجعله يرجو ردًّا عاجلًا…

ولكن هذا الكتاب الثاني لم يصل جلادستون في موعده؛ وذلك لسفره إلى خارج لندن، وقد أحاله الموظف القائم على شؤون رسائله إلى وزارة الخارجية، وكتب إلى بلنت يبلغه أنه سوف يتلقى ردًّا رسميًّا من جرانفل عما قريب وفهم بلنت من ذلك أن جلادستون خرج عن لا ونعم، بإحالة الأمر إلى جرانفل، ولم يتلق من جرانفل شيئًا؛ إذ كان هذا كذلك خارج لندن، ولكن ما لبث أن أبلغه أحد الموظفين أن اللورد جرانفل اطلع على كتابيه وأنه يأسف ألا يستطيع الدخول معه في مراسلات بشأن هذا الموضوع…

وهكذا ذهبت محاولات بلنت عبثًا، ولكن اليأس لم ينل منه؛ فقد ظل ما نشرته جريدة التيمس يلزم الحكومة أدبيًّا، ولذلك عاد بلنت يستعين بصديقه بتن ووعد بتن وقد كانت له مكانة ممتازة لدى شنري رئيس تحرير جريدة التيمس، بأن ينشر ثانية ما يفيد قضية بلنت وأن يلح حتى يحمل اللورد جرانفل على الاتجاه صوب تحقيق عادل مع عرابي وأصحابه.



البطل السجين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

البطل السجين Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطل السجين   البطل السجين Emptyالأربعاء 17 يوليو 2024, 9:55 am

وعوَّل بلنت على أن يبرق إلى برودلي في تونس ليكون على أهبة للسفر إلى القاهرة، وطفق يبحث عن محام آخر يسبق بلنت إلى مصر ليعمل باسمه حتى يحضر فوقع على رجل هو خير من ينهض بهذا الأمر وذلك هو مارك نابيير؛ فقد كان نايبير لبقًا ذا همة وعزم، يفهم ألاعيب السياسة كما كان ضليعًا في القانون يجيد اللغة الفرنسية ويحسن المجادلة والمخاصمة…

وسافر نابيير ليطلب إلى مالت السماح له بالاتصال بعرابي بصفته محاميه، وقد طلب إليه بلنت أن يحتج ما وسعه الاحتجاج إذا رفض مالت طلبه وألا يدع وسيلة لإثبات هذا الرفض إلا سلكها، وكان نابيير خفيفًا إلى غايته ليس في يده إلا حقيبة صغيرة كانت كل متاعه…

أما بلنت فقد صمم أن يستأنف المعركة في وزارة الخارجية وفي الصحف، وقد نمى إليه أن خطة الخديو وحكومته هي أن يقدم المتهمون إلى محكمة مصرية تنظر في أمرهم في مدى يومين ثم تقضي بإعدامهم وقد تبين لها أنهم عصاة، وألا يسمح لمحامين من الإنجليز بالدفاع عنهم؛ لأن هذا يعد تدخلًا من الأجانب لا يسمح به في الوضع التشريعي للبلاد.

وما زال أحد اللوردات من أصدقاء بلنت وهو اللورد دي لاوور حتى حصل من جرانفل على تصريح يؤكد به أن الخديو سوف يتيح كل فرصة معقولة للدفاع عن المتهمين، وهو تصريح مبهم لا يفيد المرء منه شيئًا، ولكن بتن لعب دور الصحفي اللبق فنشر في جريدة التيمس ما يأتي: «كتب اللورد جرانفل بأن يمنح المساجين في مصر وأصدقاؤهم كل ما من شأنه أن ييسر لهم الوصول إلى محامين يدافعون عنهم» وغضب جرانفل مما كتبته جريدة التيمس ولكنه لم يستطع أن يتراجع فيكشف سياسته وسياسة حكومته، فاضطر إلى السكوت الذي هو نوع من الرضاء… وقد رأى بلنت أنه كسب المعركة على هذه الصورة بوسيلة هينة…

وأبرق بلنت إلى برودلي ليسافر إلى القاهرة في الحال واتجهت نية الحكومة الإنجليزية إلى إنجاز المحاكمة في سرعة لتتم قبل أن يصل برودلي إلى القاهرة، ولم يكن لديها علم بنابيير واشتراكه في الدفاع…

وصدرت الأوامر بنقل عرابي من معتقل الجيش البريطاني إلى السلطات المصرية؛ حيث تحول بينه حكومة الخديو وبين أية صلة بالعالم خارج السجن وتكون الحكومة الإنجليزية بعيدة بذلك عن اللوم، ثم أوعز إلى الحكومة المصرية أن تعلن أنه لن يسمح لأحد بالمرافعة إلا باللغة العربية…

واختارت الحكومة الإنجليزية رجلين ليمثلاها في التحقيق هما: السير شارلز ولسن، والمستر بيمان، وكانا كلاهما صديقين لبلنت، ويشهد بلنت أنهما من ذوي الضمائر الحية والقلوب الرقيقة وأن اختيارهما كان من المصادفات الطيبة.

ولم يظفر نابيير من مالت بأكثر من اعترافه بشرعية موقفه كمحام من عرابي وأصحابه، وظل يطلب منه السماح له بمقابلة عرابي في غير جدوى؛ إذ كان يحيله على رياض باشا، وكان رياض يماطل ويراوغ حتى أدرك نابيير أنه يعبث به، ثم رأى الحكومة المصرية تستعجل التحقيق كي يتم قبل أن يبت في مسألة قبول المحامين الإنجليز…

وفي ١٨ أكتوبر تلقى بلنت من اللورد دي لاوور، أنه بناء على معلوماته «ما لم تتخذ خطوات عاجلة حاسمة فإن حياة عرابي في خطر عظيم: وأسرع بلنت إلى بتن فأفضى إليه بهذا النبأ السيئ، ووجد لديه من المعلومات ما يتفق مع هذا النبأ كل الاتفاق، وصمم الرجلان على الاحتكام إلى الرأي العام في صورة قوية أخاذة…

وكتب بلنت كتابًا إلى جلادستون يحمل فيه على جرانفل وسياسته ويذكر جلادستون بعطفه ذات يوم على زعيم الحركة القومية في مصر، ويشير إلى تبعة الحكومة البريطانية فيما ينوي الخديو عمله في المحاكمة.

وطلعت جريدة التيمس صباح الجمعة ومقالها الافتتاحي يدور حول هذه المسألة، وذكرتْ أن المحاكمة سوف تكون يوم السبت، وأن الحكم سوف يصدر يوم الاثنين، وأن إعدام عرابي سيعقب الحكم مباشرة، فأيقظت الرأي العام ونبهت شعوره في صورة اهتم بها جلادستون وحكومته أشد الاهتمام…

وذهب الوزير المستقيل الحر مستر برايت وأفضى شخصيًّا إلى جلادستون برأيه وصارحه بأنه سوف يقرن اسمه بالعار في صفحات التاريخ لانحرافه عن مبادئه الإنسانية بإقراره مثل هذه الجريمة الكبرى.

وكُللت مساعي بلنت بالنجاح؛ إذ لم يجد جرانفل بدًّا من أن يبرق إلى مالت بقرار الحكومة الإنجليزية القاضي بالسماح بدفاع إنجليزي عن المتهمين…

وقد عقب بلنت على قصة سعيه بقوله: «لقد وجدت الضرورة تقتضي أن أُفصل قصة محاكمة عرابي؛ وذلك لأنه بهذه الوسيلة وحدها يمكن أن أقضي على تلك الأسطورة السخيفة الكاذبة التي نجمت في مصر ومؤداها أنه كان هناك من أول الأمر شيء من التفاهم السري بين جلادستون وعرابي على حفظ حياته، وإني لأستطيع أن أؤكد أن جلادستون قد بلغ من بعده عن الرثاء لحال «كبير العصاة» أو التفاهم وإياه على أي صورة ما إنه قد اتحد مع جرانفل في العمل على موته وذلك بأيدي أعوان الخديو المتأهبين لهذا العمل، بعد محاكمة صورية، من شأنها ألا تثير أسئلة، وبهذا يتحقق لهما أضمن وسيلة وأسرعها للوصول إلى السكون ولتبرير أخطائهما الأدبية الهائلة أثناء الأشهر الستة الأخيرة في مصر، ولم يكن تأثم جلادستون هو الذي منعه عن السير في خطته إلى النهاية، ولكن الذي منعه عن ذلك هو صوت الرأي العام المفاجئ الذي أخافه وأنذره أن في ذلك خطرًا على ما ذهب له من الصيت، وهذه هي حقيقة المسألة في بساطتها، مهما بلغ ما يضيفه إليها المدافعون عن جلادستون وعن سمعته الإنسانية، ومهما يكن من خيال كُتاب فرنسا السياسيين الذين أرادوا أن يجدوا سببًا لتسامح مستر جلادستون حيال عرابي بعد الحرب، فلم يبدُ للمسألة عندهم وجه مفهوم إلا أن يكون هناك تفاهم سري سابق بين رئيس الوزارة البريطانية وزعيم الثورة المصرية».٨
•••



البطل السجين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

البطل السجين Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطل السجين   البطل السجين Emptyالأربعاء 17 يوليو 2024, 9:55 am


هذا ما ذكره برودلي عن عرابي في سجنه والحق أنه لمما يدعو إلى الإعجاب بزعيم الحركة القومية، وَلَكَمْ يروقنا هذا الوفاء الذي يتجلى في توصيته بإخوانه حتى ولو آذوه وذلك مع ما هو فيه من محنة، وهكذا شأن عظماء النفوس وأحرار الشمائل…

ولقد أثنى بلنت على شجاعته وقوة روحه وحرصه على كرامته قائلًا: «إنه كان يمتاز إلى درجة عالية بالشجاعة الأدبية وإن الفرق كان عظيمًا بينه في تجمله وثباته وبين أكثر الذين سجنوا مثله، ولم تخب قط شجاعته في أن تحمل على الإعجاب به كل من رآه، وذكر بلنت من أدلة شجاعته ما كتبه بلا تردد في سجنه من تقرير أثبت فيه تاريخ الحركة القومية في صراحة وأسلوب أخاذ…

ولقد جاء في هذا التقرير ما يدل حقًّا على إباء نفسه وشجاعة روحه وعلى أنه فطر على الشمم والقوة، ومن أمثلة ذلك قوله: «دخل الخديو الإسكندرية وأسلم نفسه وقد أخليت المدينة من الجيش ومن الناس، ولم يكن تبعًا لقوانيننا مما يليق بحاكم أمة ولا مما يسمح به أن يفعل ذلك فينحاز إلى أمة تحاربنا، أمة عقد هو نفسه العزم في مجلس موقر على مقاومتها، وإن قانون الإنسان وإن كلمة الله لينهيان عن هذه الأعمال الهادمة للشرف، ولا يمكن أن يكون مثل هذا الرجل مسلمًا ولا أن يحكم فريقًا من المسلمين».

وقوله عن الحرب: إنه يدهش كيف أن دولة عظيمة الصيت كإنجلترا تقول: إنها صديقة الإنسانية وإنها تحرر العبيد وتحترم القوانين التي تبين الحق من الباطل، كيف أن دولة كهذه تقدم على محاربة أمة كل جريمتها أنها قاومت حاكمها حين رأته لا يحترم قانون شعبه ولا حقوق هذا الشعب.

ومن أدلة شجاعته كذلك في هذا التقرير ذكره ما لحقه من إهانة في سجنه وتعقيبه في ذلك بما أشرنا إليه من قوله: إن هذا يصرخ في وجه الشرف البريطاني وفي وجه كل إنجليزي…

وهذا التقرير تلخيص أمين حسن السياق للحركة القومية وأطوارها والحرب وأدوارها، وقد كتبه عرابي في سجنه مع ما كان يحيط به من آلام، وبغير أن يرجع إلى كتاب أو مذكرة وفي ذلك برهان قوي على خصوبة ذهنه وحسن إلمامه بما يجري حوله…


وبعد فهذه قصة الدفاع عن عرابي نبسطها صفحات مشرفة ونقذف بها على باطل الذين يكتبون التاريخ بلا علم والذين يكتبون عن هوى فيقولون: كيف يليق بزعيم وطني أن يدافع عنه محاميان إنجليزيان؟ فهل غاب عن هؤلاء صفة المحكمة العسكرية التي أُلفت لمحاكمته، وهل غاب عنهم ما كان يريده توفيق ورياض به في غير وازع من ضمير أو رادع من قانون؟ أم أنهم يعلمون ذلك ومع علمهم هذا يطلبون من الرجل أن يسلم نفسه إلى من يريد قتله بأي ثمن فلا يدافع عن نفسه دفاعًا ينقذ به شرفه حتى ولو لم ينقذ به حياته؟ وإذا قيض الله له هذه الدفاع على يد صديق مد له يد المعونة في محنته، أكانوا يريدون منه أن يرفضه؟ وأين كان يجد عرابي الدفاع الوطني عنه؟ أكان يجرؤ أحد من المصريين حتى على أداء الشهادة الحق عنه وسيف الطغيان مسلط على الأعناق؟ وأين هم المصريون ومنهم ٣٠ ألفًا في السجون؟

الحق أننا في حيرة مما يقول هؤلاء الجاهلون والمغرضون وفي عجب. كيف لم يدعوا ناحية من حياة عرابي إلا شوهوها بالباطل، وحاولوا طمس حقائقها باللغو، ولكن الباطل لا يعيش، واللغو لا يجدي شيئًا ولن يموت الحق ولا مناص من أن يظهر وإن طال احتجابه.

ومن أسخف أنواع البهتان وأدلها على جهل هؤلاء الذين كتبوا عن عرابي كتابة هوى وحقد، قولهم: إن الإنجليز كانوا يعطفون عليه، وإن جلادستون كان يهتم بحياته، وإنه كتب في السجن يتملق الحكومة الإنجليزية، وإن ذلك من أشد ما يعاب على زعيم وطني. ولن يعترف هؤلاء له بالزعامة الوطنية إلا حين يبتغون أن ينالوا منه بإفكهم، وما ينالون إلا من أنفسهم ولكن لا يشعرون! ولقد بينا مبلغ ما بين أقوالهم هذه وبين الحق من بعد وفصلنا كيف آن للتاريخ أن ينصف عرابي على الرغم من باطل هؤلاء المبطلين وجهل هؤلاء الجاهلين…

ويؤلمنا قبل أن ندع الكلام عن البطل السجين أن نشير إلى ما حل ببيته وأهله، وهو من أشد الأدلة على ما بلغ بالطاغين من روح الطغيان وعلى مبلغ ما وصلوا إليه من انحطاط في الخصومة، بل من بُعد عن الإنسانية.

كان أول ما شكا منه محمد أحمد عرابي إلى برودلي ما يتعرض له هو وأمه وأسرته من إهانات متصلة على أيدي بعض خدم الخديو وأتباعه، وقد أشار إلى ذلك برودلي — كما أسلفنا — عند كلامه على لقائه نجل عرابي.

وذكر بلنت في صدد الكلام عن أوراق عرابي أن زوجته وأهله لم يسمحوا لمحاميه ومن معه بالبحث عنها إلا بعد لأي؛ وذلك لأنهم فيما كان يحيط بهم من إرهاب قد سبقت لهم كذلك بعض «الزيارات» من جانب خدم الخديو وأعوانه…

ويذكر برودلي في كتابه ما يأتي: «عند دخولنا القاهرة كان قد تحطم أثاث عرابي كله أثناء البحث عن أوراق تثبت إدانته وخيانته، وقد تمزقت الفرش والوسائد، وكانت الليدي سترانجفورد قد طلبت أن تأخذ المنزل، وأعطاها الخديو إياه، ولست أدري كيف استولى عليه؟ وكانت حجراته الفسيحة المرتفعة — التي كانت قبل ذلك بثلاثة أشهر تزدحم بالمعجبين — ملائمة كل الملاءمة لما استعملت فيه الآن».

وكانت هذه السيدة قد أحالت بيت عرابي إلى مستشفى، وقد امتلأت حجراته بالجرحى من ضباط الإنجليز وعساكرهم، ومما يذكره برودلي أن بعض خصوم عرابي قد خوفوا هذه السيدة من قطة سوداء كبيرة ذات ذيل أبيض كانت لا تزال تغشى البيت كأنما تبحث عن سكانه السالفين، وكانوا يحدثونها عما بثه عرابي في المنزل من الأرواح الشريرة، ولكن عرابي — وقد علم بذلك من برودلي — أرسل إليها صورته وشكرها على عملها الإنساني قائلًا: إنه ليس أحب إليه من أن يستعمل بيته فيما استعمل فيه…

وقالت أخت الخديو ذات مرة لصديقة من صديقات الليدي سترانجفورد: ليت عرابي يصيبه المرض فينقل إلى هذا المستشفى لنعطيه فنجانًا من القهوة على الطريقة الشرقية…

وامتدت قسوة خصوم عرابي إلى المرضى والأطفال المرضى؛ فقد أصاب المرض طفلًا له، فلم يجرؤ طبيب وطني على التقدم لعلاجه. ونُحب أن ينظر في هذا الذين أنكروا منه أن يستعين بمحامين من الإنجليز…

ولما ضاقت السبل بنجله محمد، ذهب إلى مستر برودلي وشكا إليه هذا الاضطهاد، وأرسل برودلي إلى طبيب إنجليزي صديق كما أرسل نابيير إلى طبيب الليدي سترانجفورد، فذهبا من فورهما لمعاجلة الطفل وأديا هذا العمل الإنساني الذي أحجم عنه الأطباء المصريون، فكان إحجامهم مثار للغط جديد من جانب القصر؛ إذ قال شيعة الخديو: إن في ذلك لدليلًا على أن عرابي ليس يحبه أحد…

أما الذين يشايعون عرابي؛ فقد رأوا كما يذكر برودلي في هذا العمل دليلًا على قسوة خصومه… وتجادل الطبيبان على صفحات الجريدة الطبية الإنجليزية فيمن كان له منهما شرف معالجة ابن عرابي، وتخاصما في ماهية المرض الذي ألم به.

واهتمت جريدة التيمس نفسها بالأمر فنشرت كلمة بعنوان «طفل عرابي» قالت فيها: «ترى الصحيفة الطبية الإنجليزية أن طفل عرابي الذي أصيب بمرض قيل: إنه خطير — والذي أحجم الأطباء المصريون لأسباب سياسية عن معالجته — مصاب بتهيج في الجلد، وقد تبين ذلك بعد عرضه للعلاج على أطباء بريطانيين».

ولا يستطيع المرء أن يتصور كيف تصل القسوة ببعض بني الإنسان إلى حد أن يجعلوا إسعاف طفل مريض عملًا يجلب الغضب على صاحبه، ولولا أن رأى الأطباء المصريون ذلك ما أحجموا عن معالجة هذا الطفل المسكين، وفي هذه المسألة وحدها ما يكفي لبيان مبلغ ما كان يحيط بعرابي وأهل عرابي من اضطهاد ومبلغ ما كان يشيع في مصر كلها من إرهاب.

وهكذا يتنكر الناس لعرابي عدا الفلاحين والعامة؛ فقد كانت قلوبهم معه وإن لم يملكوا له عونًا، وكثيرًا ما كانت تطوف جماعات منهم بسجنه، يتطلعون ولا يتكلمون ولا يرون شيئًا إلا الحراس من الإنجليز، فينصرفون وهم يدعون الله أن ينقذه من الموت…

زاره ذات صباح مستر برودلي فوجده في شغل بكتابة مذكراته التي كان يكتبها في ثبات ويقين ونشاط، يقول مستر برودلي: «ثم وجه عرابي الحديث إليَّ فجأة قائلًا: أتحب أن أريك برهانًا على أن شعب مصر كان معي؟ انظر هنا… وأخذ بذراعي وقادني إلى نافذة فرأيت خلال ثقوبها عددًا من النساء والصبية يبكون على الجانب الآخر من الشارع، وكان يزداد الازدحام شيئًا فشيئًا كل يوم، حتى ليضطر الحراس إلى تشتيتهم، ولم أرَ عرابي أكثر ضيقًا مما رأيته عند ذاك».

ويقول برودلي: إن كثيرًا من الأوربيين كانوا يعطفون على عرابي في سجنه، وقد أرسل محاميان: أحدهما إنجليزي، والثاني فرنسي، إلى برودلي يقترحان بعض أوجه الدفاع عنه، وكانت سيدات أمريكيات يتنافسن بغية الحصول على صورته، وكن يرسلن إليه تحياتهن، راجيات له الخلاص من أعدائه.

--------------------------------------------------------
١  How we defended Orabi p. 139.
٢  نفس المصدر.
٣  هو الذى انتدبه الإنجليز لحضور جلسات لجنة التحقيق.
٤  كناية عن فضيحة له فيه.
٥  S.H. B. p. 348.
٦  S.H. B. p. 348.
٧  S.H. B. p. 327.
٨  S.H. B. p. 341.
٩  How we defended Orabi 56. 70.



البطل السجين 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
البطل السجين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» "البطل" (علي بن أبي طالب)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: جــديـد المـوضـوعـــات بالمنتـدى :: الزعيـم الثــائر أحـمـــد عـــرابي :: أحمـد عـرابي الزعيم المُفترى عليه-
انتقل الى: