أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: مقدمة السبت 13 يوليو 2024, 10:48 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيممقدمةالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين، محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومَنْ تبعه وسار على نهجه إلى يوم الدِّين، وبعد: ففي ظل العمل لبيان وسائل الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، والحث على إزالة الحواجز النفسية والثقافية، التي تكتنف نظرة الغرب إلى الإسلام والمسلمين لأسباب كثيرة –خصوصًا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتقصير كثير من المسلمين في بيان محاسن دينهم قولًا وسلوكًا– يأتي الحديث عن العقيدة الإسلامية وما اشتملت عليه من المحاسن من أهم ما يجب أن تركز عليه الدراسات والبحوث الإسلامية اليوم، وما ينبغي على المراكز البحثية الإسلامية الاهتمام به وترجمته ونشره على أوسع نطاق.
ومن واجب العلماء والدعاة إبراز معاني الإسلام السامية، وحقائقه الواضحة الناصعة، والتي سوف نجلي بعضًا منها فيما يأتي من خلال: النظر في محاسن العقيدة الإسلامية في الإيمان بالله، وما يجب له من إفراد بالعبادة والتعظيم، ونفي الوسائط بينه وبين خلقه في العبادة، والحب والخوف، إلى غير ذلك مما يمثل نوعًا من العبودية لله سبحانه دون النظرة السلبية التي تتحدث عنها كتب الفلسفة اليونانية، وغيرها من الفلسفات الوضعية الإلحادية بتصوير علاقة الصراع بين الإله أو الآلهة وبين البشر كنوع وحيد وبغيض من العلاقة!
وفي هذا البحث تظهر محاسن العقيدة الإسلامية في الإيمان بالغيب، وكيف أن مثل ذلك الاعتقاد يربي النفس على المراقبة والحياء، ويرقى بها إلى أفق سام تصل به إلى عالم من الكمال المقدر للبشر أن يبلغوه من خلال التشبه بالكمل من مخلوقات الله كالملائكة، فيما يمكن التشبه بهم من حسن طاعة ودوام خضوع وعبودية لله تعالى، وفي الحذر من أخلاق الشياطين والحذر من كيدهم ووساوسهم.
ويجلي البحث محاسن الإسلام في الإيمان بالرسل والكتب، وأنه يجب الإيمان بجميع أنبياء الله ورسله وأن الكفر بواحد منهم كفر بالجميع، وإيمانه بجميع ما أنزل الله من كتب سماوية كانت في أصلها هادية للناس ومبينة لهم طريق الرشاد، وختمت بالقرآن الكريم الذي جاء مصدقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه.
كما نرى أيضًا دعوة إلى حسن النية وإخلاصها في كل ما يأتيه المرء من قول أو فعل، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم. وفي نظرتها للإنسان وما احتوت عليه هذه النظرة من ارتقاء بالجنس البشري وإعلاء لقيمة الإنسان ينطلق البحث من معنى قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].
فيبين حدود حرية الإنسان، واختياراته في الفعل والترك، ومن ثم عدم إجبار أحد من الخلق على اعتناق أي شريعة كانت، ولو كانت هذه العقيدة هي عقيدة الإسلام، فإنها بينة واضحة في دلائلها وبراهينها، يدخلها من شرح الله له صدره، ونور بصيرته، وذلك انطلاقًا من قول الله جل شأنه: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لا انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 256].
كما يتضح من خلال هذا المبحث مدى الكرامة التي يوليها الشرع الحنيف للإنسان من خلال اعتبار المسؤولية وتحديدها، وأن الإنسان لا يؤاخذ إلا بما جنت يداه، وأنه بتعبير القرآن الكريم: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164].
ويوضح الباحث –في إيجاز– مدى عناية أحكام العقيدة الإسلامية بأهل ذمة المسلمين وعهدهم، وحمايتها لحقوقهم وصيانتها لكرامتهم، بله دماءهم وأموالهم وأعراضهم، ومنع التعدي عليهم أو إكراههم على ترك دينهم ومعتقداتهم، لأن من محاسن العقيدة الإسلامية: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، كل ذلك بما يحقق لهم التعايش مع المسلمين في بلد واحد تحت غطاء من احترام الحقوق، وأداء الواجبات، والبر والإحسان على ما سيأتي بيانه إن شاء الله.
وأخيرًا يعرض الباحث لأهمية العلم في المعتقد الإسلامي، ومكانة العلماء، ويبين جانبًا مما قامت عليه العقيدة الإسلامية من أدلة وبراهين يقينية، وكيف أنها نعت على المقلدين –دون برهان أو دليل– تقليدهم، ودعت في أكثر من موضع إلى إعمال العقل والسير في الأرض تأملًا، وتدبرًا في ملكوت الله؛ بغية الوصول إلى الحق والخير.
سبب اختيار الموضوع: 1- إبراز محاسن الدين الإسلامي، وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وآثر الباحث اختيار الجانب العقدي لقلة المصادر التي رصدت هذا الجانب حسب اطلاعي.
2- ببيان محاسن العقيدة الإسلامية تتجلى البساطة والوضوح في العلاقة التي بين الخالق والمخلوق التي يدعو إليها الإسلام؛ حيث لا واسطة بينهما إلا الاتصال المباشر بالذكر والدعاء والعبادة القلبية والعملية وفق ما جاء في وصف الرب تعالى من أنه واحد لا شريك له، ومن أنه قريب يجيب دعوة من دعاه في أي لحظة من ليل أو نهار، وبكونه تعالى غفارًا للذنوب وقابلًا للتوبة من عباده دون وسيط أو شفيع في هذه الدنيا.
3- بيان موقف الإسلام من الإيمان بالأنبياء والرسل جميعًا، وكيف أنه عده ركنًا من أركان الإيمان الإسلامي، ولازمة من لوازم الإيمان بمحمد -صلى الله عليه وسلم.
4- الدفاع عن الأنبياء جميعًا، من خلال ذكر فضائلهم والثناء عليهم، والدعوة إلى تعظيم شأنهم واحترامهم أشد الاحترام، وإيضاح اتفاقهم جميعًا على غاية دعوتهم وهي توحيد الله تعالى، وبيان زيف وتحريف من اتهمهم من أعدائهم.
5- بيان السيرة التاريخية للإسلام في حسن تعامله مع أهل الملل الأخرى، وأنهم لا يُكرهون على الدخول في الإسلام، ونفي ما يتردد على ألسنة البعض بأن الإسلام انتشر بالسيف، وأن المسلمين أكرهوا أهل البلاد المفتوحة على الدخول في الإسلام.
6- ومن أهداف هذا البحث أيضًا تعميق الحوار مع أهل الديانات الأخرى وخاصة أهل الكتاب منهم، بالحكمة والموعظة الحسنة، باتخاذ بيان المحاسن العقدية للإسلام أسلوبًا خاصًا في الحوار والتواصل الفكري، باعتبارها عقيدة الفطرة التي فُطر عليها الناس جميعًا، قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30].
خطة البحث: وبعد، فقد جاء هذا البحث في: مقدمة، وأربعة مباحث، وخاتمة، على النحو التالي: • مقدمة. • المبحث الأول: محاسن العقيدة في الإيمان بالله تعالى. • المبحث الثاني: محاسن العقيدة في الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر خيره وشره. • المبحث الثالث: محاسن العقيدة في نظرتها للإنسان. • المبحث الرابع: محاسن العقيدة في الجانب العلمي. • خاتمة، وفيها أهم نتائج البحث. والله نسأل السداد والتوفيق
|
|