منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
الحــواس فـي القـــرآن الكـــريــم أحكـام صـلاة المـريض وطهـارته إلــــــــى كــــــــــل زوجـيــــــــــن مـــن أقـــــوال شيـــــخ الإســــلام لا عـلـيـك مـا فـاتـك مـن الـدنـيــا رؤية الخاطب مخطوبته قبل العقد شــاعر العـاميــة بيــرم التـونسي أحْلامٌ مِنْ أبِي باراك أوباما كُــــتُـبٌ غَــــــيُّـرَتْ الـعَـالَــــــمْ مــصـــــر التي فـي خــاطـــــري الزعيـم الثــائر أحـمـــد عـــرابي مـحـاسـن العقيـــدة الإسـلامـيـــة الرحـالة: أبي الحسن المسعـودي رضـــي الله عـنـهـــم أجـمـعـــين الأسئلة والأجــوبــة في العقيــدة النـهـضــة اليـابـانـيــة الـحـديثــة الحجاج بـن يــوســف الـثـقـفــي قـصــة حـيـاة ألـبرت أيـنـشـتــاين الأمثـــال لأبـي عبيــد ابن ســلام الإسـلام بيـن الـعـلـم والـمــدنـيــة
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51206
العمر : 72

الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج Empty
مُساهمةموضوع: الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج   الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج Emptyالثلاثاء 02 يوليو 2024, 11:18 pm

الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج

عادت سُمَيَّة إلى هواجسها بعد أن دخلت الخيمة، فأخذت تفكر في حسن وجمله، وتصوَّرت وقوع ما تخشاه عليه من القتل فازداد بلبالها.
ثم خرجت أمَة اللهِ لمساعدة بقية الخدم في إعداد الأطعمة وظلَّت سُمَيَّة في الخيمة وحدها.
وفيما هي على تلك الحال سمعت سعال أبيها، ثم رأته والعبد قنبر قادمين نحو خيمتها، فاستعاذت بالله من شر ذلك القدوم، ثم رأت العبد يُبطئُ بينما أسرع أبوها حتى وصل إلى الخيمة، فنهضت للقائه، فقال لها: «كيف رأيتِ هذا النهار؟ إنه جميل أليس كذلك؟»
فتظاهرت بالابتسام وقالت: «إنه نهارٌ جميلٌ، ولكنني سمعتك تقول إننا ذاهبون إلى العقيق، وأرانا ما زلنا بباب المدينة!»
قال: «إن العقيق بعيد فأحببتُ أن نستريح قليلًا ثم نستأنف المسير إلى العقيق.
وما أريد إلا أن تكوني مسرورة فَرِحَةٌ وألا أراكِ مُنقبضة النَّفس وقد تهيَّأتْ لكِ أسباب السرور وإنك لتعلمين حبي لكِ، وأني انقطعتُ عن العالم لأجلكِ… ولا أدَّخِرُ جهدًا في سبيل راحتكِ وسعادتكِ».
فلمَّا رأت مبالغته في التلطف خافت ما وراء ذلك وظلَّت ساكتة، فعاد هو إلى إتمام حديثه فقال: «ولقد سَرَّنِي منكِ انصياعكِ إلى مشورة أبيكِ في شأن ذلك الشَّاب، ورجوعكِ إلى ما هو جدير بأمثالكِ.
ويَسُرُّنِي أيضًا أن أبَشِّرُكِ بسعادة قد وفقكِ اللهُ إليها، ويندرُ أن تنالها فتاة من فتيات المدينة بل هُنَّ يغبطنكِ عليها».
فازداد قلقها وأحَسَّتْ من وراء ذلك الكلام نذيرُ سُوءٍ يزيدُ في اضطرابها، فظلَّت ساكتة وقلبها يخفق، ومالت إلى استطلاع ما في نفس أبيها ولكنها خافت أن يكون في علمها بذلك ما يسُوءُها، فلبثت صامتة لا تدري ما تقول.
وكان هو ينظرُ إلى وجهها خِلْسَةُ، ويتشاغل بالعبث في لحيته، فتوقع أن يسمع منها استفهامًا، فلمَّا بقيت صامتة دنا منها وهي مستندة إلى عمود الخيمة ووقف أمامها وأسند يده إلى العمود وجعل يده الأخرى على كتفها.
فاضطربت وازداد قلقها فلم تَعُدْ تصبرُ على السُّكُوت، ثم إذا هو يقول لها: «لماذا لم تسأليني عن تلك السعادة التي أعددتُها لكِ، ألا يَسُرُّكِ أن تعلمي بما يبذله أبوكِ في سبيلكِ؟ إنكِ ستصيرين عَمَّا قليل سَيّدَةُ نِسَاءِ هذا الجيش».
قال ذلك وأشار إلى المعسكر.
فلمَّا سمعت قوله عَلِمَتْ أنه يُعْرِّضُ بخطبتها لأحد كبار رجال الجيش، فتحقَّقت سُوءَ ما أضمرهُ لها بالأمس وأنها مُقبلة على خطر شديد، فارتبكت وحارت في أمرها ولم تدرِ بماذا تُجِيبُ، ولكن الاضطراب بدا على وجهها.
ولو أنه تفرَّس في قرطيها لرآهما يرتعشان ارتعاشًا يُحاكي خفقان قلبها —وما ارتعاشهما إلا من رجع ذلك الخفقان— واحمرَّت وجنتاها، فتشاغلت بإصلاح دمالجها في معصميها والنظر إليها في حين أنها لم تكن ترى شيئًا لأن الدمع غشي بصرها ثم تساقط كاللؤلؤ على معصميها.
فلمَّا رآها تبكي تحقق أنها ما زالت عالقة القلب بحسن، فأراد أن يقطع أملها منه فقال لها: «ما بالكِ لا تجيبين؟ ألم يعجبك ما دبَّرتُهُ لكِ من أسباب السعادة؟ أم لم تفهمي مغزى كلامي؟
إنك ستكونين سيدة نساء هذا الجُند وجند بني أمية المُحَاصِرِينَ مكة الآن، وإذا أشكل عليك فهم مُرادي فاعلمي أنك ستُزَفِّينَ إلى الحجاج بن يوسف كبير أمراء مولانا الخليفة عبد الملك بن مروان، وهو من ثقيف مثلنا، وله ما لا أزيدكِ بيانًا عنه من علو الشَّأن».
فلمَّا سمعت تصريحه لم تعد تتمالك نفسها، فغطَّتْ وجهها بكُمِّهَا وأسندت رأسها إلى العمود وظلَّت صامتة وقد حبست نفسها عن البكاء أو التنهُّدِ حتى كادت تختنق وهي لا تدري بماذا تُجيب، مخافة أن يفتك بها، فلم ترَ سبيلًا غير البُكاء.
فلمَّا رآها تبكي أمسك يدها وأبعدها عن العمود بلطف فطاوعته وهي تبالغ في الإطراق فقال لها: «أحْسَبُ صورة ذلك الغلام في ذهنكِ، مع أنه قد مضى وانتهى أمْرُهُ فلم يبقَ لكِ سبيلٌ إليه.
فإذا كان في قلبكِ بقيَّة أمَلٍ فيه فانزعيها واطرحيها جانبًا».
فأجفلت سُمَيَّة، ورفعت رأسها ونظرت إلى أبيها وعيناها تقطران دمعًا وكأنها في شَكٍّ من قوله، فابتدرها قائلًا: «صدقيني إنه لم يَعُدْ لكِ سبيل إلى حسن، ولا سبيل له إليكِ أيضًا؛ لأن أمره قد انقضى وأصبح في عداد الأموات».
فلَمَّا سمعت قوله صاحت صيحة سمعها كُلُّ مَنْ في الخيام، ولطمت وجهها وقالت: «حسن مات؟ مات؟! لا. لا. إنه لم يَمُتْ، إنه حَيٌّ».
قالت ذلك واستغرقت في البُكاء، وجلست على حصير من سَعَفِ النَّخل كانوا قد فرشوه في أرض تلك الخيمة وجعلت رأسها بين كفيها وأطلقت لدموعها العنان وأبوها ما زال واقفًا وقد بُغِتَ لِمَا رَآهُ منها، على أنه قال لنفسه: «إنها لا تلبثُ أن تفرغ من البُكاء، فمتى تحقَّقت موت حسن عادت إلى رأيي».
فصبر هنيهة وهو يُظهِرُ الاستخفاف بما بدا منها، ثم عاد فقال لها: «أراكِ كأنكِ لم تصدّقي قولي مع أنكِ تعلمين أني لم أكذبكِ قط، صدقيني إن حسنًا قُتِلَ في أثناء خروجه من المدينة فلا سبيل إلى رجوعه، أم تريدين أن تقتلي نفسكِ من أجله؟»
فصاحت مولولة وقالت: «نعم أقتل نفسي، ولا غرض لي في الحياة بعده.. لقد قتلتموه ظلمًا وغدرًا! ويلك يا ظالم! كيف قتلته؟ اقتلني معه… اقتلني».
قالت ذلك وعادت إلى البُكاء، فلَمَّا رأى عرفجة تصلبها عَمِدَ إلى المُلاينة فقال لها: «أنا لم أقتله ولكنه قُتل بذنبه، ولا فائدة من البُكاء عليه، فاشكري الله على أنه مات قبل أن يقترن بكِ، وإلا ما وجدتِ حُظوة في عيني الحجاج».
فقطعت كلامه وقالت: «ما لي وللحجاج؟ إني لا أريد غير حسن.. حسن خطيبي.. هو وحده حبيبي حيًّا أو ميتًا».
ثم أجفلت وقالت: «لا.. لا، لم يَمُتْ حسن، بل هو حَيٌّ، وأيدي الظلمة اللئام تقصر عنه».
فقال عرفجة: «ألا تزالين تنكرين قتله؟ هل أريك جثته لكي تصدقي؟» فوثبت سُمَيَّة من مجلسها وقالت: «لا.. لا.. لا تريني إياه ميتًا، ويلاه! قُتل حسن. قتلته أنت يا ظالم! فاقتلني وأرح نفسك مني وأرحني من الحياة.. اقتلني كما قتلت رجلًا أنقذك وأنقذ أهل بيتك من القتل.. وَيْلٌ لك من مشهد يَوْمٍ عظيم!»
قالت ذلك وقد أحسَّتْ بقوةٍ عجيبةٍ ويئست من الحياة.
فلمَّا سمع عرفجة تقريعها صاح بها: «أقصري يا فاجرة، أبمثل هذا الكلام تخاطبين أباكِ؟!
والله لولا حُرمَةُ البنوة ولولا أن يُقال إني قتلت فتاة لمزجتُ دمك بهذه المياه… ولكني أعاملك معاملة صبية حمقاء، وسأصبر عليكِ قليلًا فإذا أبيتِ إلا ما بدا من وقاحتكِ فإني قاتلكِ بهذا الخِنْجَرِ!»
قال ذلك واسْتَلَّ من مِنْطَقَتِهِ خِنجرًا لمع نصلهُ كالبرق، فلمَّا رأت النصل تعرَّضت له وقد حسرت ثوبها عن صدرها وهي تقول: «اضرب.. اغمد خنجرك في هذا القلب.. اطعن.. أتخوفني بالموت؟! إن الموت أحب إليَّ من الحياة».
فلمَّا رأى منها ذلك العناد صاح قائلًا: «أهذه نتيجة تعبي في تربيتكِ يا فاجرة؟! لقد حَلَّ لي قتلكِ، ولكني لا ألوث يدي بدمكِ وسترين قبل موتكِ جميع أصناف العذاب».
ثم صاح: «قنبر».
فأقبل ذلك العبد بأسرع من لمح البصر كأنه كان في جيب عرفجة وأخرجه بيده، وقال: «لبيك يا مولاي». فقال: «شُدَّ يَدَيَّ هذه الخائنة بالأمراس وقيّد رجليها بالحبال وسأريها عاقبة العناد».
فلمَّا رأت سُمَيَّة قنبر مُقبلًا نحوها وثبت من مقعدها وصاحت به: «اذهب يا عبد السُّوءِ، لا تَدْنُ مِنِّي. اغرب من وجهي، لا تدن مني.. اذهب قبَّح الله وجهك».
قالت ذلك وهي لا تعي ما تقول.
أمَّا قنبر فأخرج من جيبه حبلًا كان قد أعَدَّهُ لمثل هذا الغرض، وهجم عليها وهو لا يبالي صياحها فقبض على يدها وهي تحاول التخلص منه، وقد اشتد ساعداها حتى صارت مثل أشد الرجال ونسيت حزنها، ودفعته عنها وهو يحاول إخضاعها بلا عنف، فلمَّا رآها تدفعه وتقاومه عزم على استعمال العنف فصاح فيها صيحة دوت دويًّا عظيمًا وجذبها من يدها فلطم رأسها عمود الخيمة، فوقعت مغشيًّا عليها، فأخذ في شد وثاقها غير مُكترث لحالها.
وكان الخدم قد سمعوا صياح سُمَيَّة، ولكن لم يجرؤ أحَدٌ منهم على الاقتراب من الخيمة إلا أمَةُ اللهِ جاريتها فإنها هرولت خِلْسَةً واستترت وراء نخلة حولها عشب العليق ولبثت تسترق السَّمْعَ.
فلمَّا رأت هجوم قنبر على سيدتها علمت أنه لن يُحجم عن قتلها، ثم سمعت لطمة عقبها سكوت فخافت أن يكون قد أصاب سُمَيَّة سُوءٍ، فلم ترَ سبيلًا إلى نجدتها إلا بالحيلة، فأسرعت إلى عرفجة وترامت على قدميه وقبَّلتهُمَا وقالت: «بالله ألا أشفقت على سيدتي وأغضيت عن جُرأتها وأنا أضمنُ لك كل ما تريده منها».
وكان عرفجة يُعَامِلُ سُمَيَّة بذلك العنف لكي يحملها على قبول الزواج بالحجاج؛ لأنه يرجو من وراء ذلك منفعة كبرى لنفسه.
وقد ذكرنا ما فُطِرَ عليه من حُبِّ الذات والطمع من سُوءِ النِّيَّة.
وقد بلغ منه الطمع حدًّا هَوَّنَ عليه تقديم ابنته ضحية على مذبح أغراضه، ومات ضميره فلم يَعُدْ يهمه ما يرتكبه في سبيل بلوغ مقاصده.
وكان يعلم أن الحجاج يرغب في الزواج بسُمَيَّة ويبذلُ لها مهرًا كبيرًا، ولكنه كان يخاف أن تشكوه لعبد الملك بن مروان بوساطة سكينة بنت الحسين أو غيرها من أهل الوجاهة والنَّسَبِ في المدينة.

***



الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51206
العمر : 72

الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج   الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج Emptyالثلاثاء 02 يوليو 2024, 11:19 pm

فلمَّا اطمأن إلى مقتل حسن أخبر طارقًا بن عمرو أمير المدينة بأن مثل ابنته لا تليق بغير الحجاج بن يوسف وأنه يعلم برغبته فيها.
وكان طارق أيضًا مثل عرفجة قسوة وطمعًا ولا سبيل له إلى غرضه إلا إذ تقرَّب إلى الحجاج بما يُرضيه، فرأى أن يتقرَّب إليه بسُمَيَّة فيخطبها له ويحملها إليه، فوافق عرفجة وساعده على التخلص من حسن ودفع إليه بعض مهر سُمَيَّة، على أن يأخذ بقية المهر بعد وصولها إلى الحجاج بالقرب من مكة.
وكان عرفجة يعلم ميل ابنته إلى حسن، ونفورها من الحجاج وغيره، ويتوقع إباءها فهيَّأ الأسباب لإقناعها بأية وسيلة، وتواعد مع طارق على أن يخرج بها إلى قرب المعسكر ويحاول إقناعها بالحُسنى فإذا لم تقتنع عَمَدَ إلى العُنف فيحملها إلى الحجاج مُكرهة ولم يكن هو ينوي الذهاب معها لغرض له بالمدينة يتعلق بتلك المحفة السرية، فأراد إقناعها خارج المدينة وإرسالها توًّا إلى مكة مخافة أن تفرَّ إلى سكينة وتلتجئ إلى بيتها في المدينة فتحميها أو تساعدها في إبلاغ أمرها إلى عبد الملك بن مروان قبل وصولها إلى الحجاج.
أمَّا بعد أن تسير إلى مكة ويتزوجها الحجاج فلا يعود هناك محل للشكوى.
ولا يهمه أن تشكو سُمَيَّة؛ إذ يكون قد نال بغيته، ولذلك أوصى طارقًا بأن يعقد الحجاج قرانه بها حال وصولها حتى ينقطع لديها كل أمل في النجاة.
ثم احتال في إخراجها إلى المعسكر كما تقدَّم.
فلمَّا رأى نفورها مِمَّا عرضه عليها من أمر الحجاج أصدر أمره إلى قنبر بشد وثاقها وخرج هو من الخيمة لا يلتفت إليها.
فلمَّا لقيته أمَة اللهِ وترامت على قدميه ووعدته بإقناعها، نادى عبده فخرج، وأمر أمَة اللهِ فدخلت الخيمة وحدها، فرأت سيدتها مُغمًي عليها، فبادرت إلى ركوة من الجلد فيها ماء فرَشَّتْ سُمَيَّة به حتى أفاقت، وأخذت في حَلِّ وثاقها.
فلمَّا رأت سُمَيَّة جاريتها فوق رأسها تقبلها وتحاول إنعاشها، ارتدَّتْ روحها إليها، وسمعت أمَةَ اللهِ تقول لها بصوت منخفض: «ماذا فعلتِ بنفسكِ يا سيدتي؟ ما هذا الذي أرى؟!»
فعادت سُمَيَّة إلى البُكاء وقالت: «أتسألينني يا أمَة اللهِ عمَّا ترينه! لقد مات حسن، قتله الظالمون — قبحهم الله».
فقطعت أمَة اللهِ كلامها ووضعت يدها على فمها وهمست في أذنها وقالت: «اخفضي صوتك لنتدبر الأمر بالحكمة؛ لأن العنف لا يُجدي».
قالت سُمَيَّة: «دعيني يا أمَة اللهِ، فإني لا أريد الحياة بعد مقتل حبيبي ومُنيَة فؤادي حسن.
لقد قتلوه لعنهم اللهُ! ليتهم قتلوني عِوَضًا عنه».
فتقطّع قلبُ أمَةِ اللهِ حُزنًا على سيدتها، ولكنها كانت عاقلة حكيمة صاحبة دهاء، فتجلّدَتْ وقالت: «مَنْ قال لكِ إنهم قتلوه؟»
قالت: «أتسألينني؟ أما رأينا معًا جمله مكسورًا مهجورًا؟ وهبي أن ذلك لم يكن يدل على قتله فما قولكِ وقد أخبرني بقتله أبي الظالم الخائن، وعرض عَلَيَّ أن يُرَيَنِي جُثّتَهُ رأي العين؟ هل بعد ذلك من شَكٍّ؟ وهل تلومينني إذا ندبت حياتي ونُحْتُ على شبابي؟ وهل ترين سبيلًا إلى راحتي غير الموت؟!»
فقالت الجارية: «إن أمر القتل لا يمكن أن نعده يقينًا حتى الآن، وليس يخفى عليكِ رغبة أبيكِ في تزويجكِ بالحجاج، فلعله ادَّعى أن حسنًا قُتِلَ لكي يُحَوّلَ قلبكِ عنه، ومع ذلك فإن قتلكِ نفسكِ أمْرٌ مُستدركٌ ولا يجوز لكِ ذلك إلا بعد أن تتيقني أنهم قتلوا حبيبكِ، فعليكِ أن تصبري، ثم إذا لم يفتح اللهُ عليكِ بابًا للفرج ورأيتِ الحجاج أوشك أن يبلغ مرامه منكِ، فليس أسهل من أن تقتلي نفسك بتجرُّع السُّمَّ قبل وصوله إليكِ».
قالت: «ومن أين آتي بالسُّمِّ؟»
قالت: «أنا آتيكِ به، فاشترطي على أبيكِ أن أكون في خدمتكِ، وأنا أهيئُ لَكِ السُّمَّ، ومتى تحققت انقطاع الأمل، أسعفتكِ به، وتجرعتُ منه معكِ، أمَّا الآن فدعي العناد وتظاهري بالرضا، ولا يبعد أن يفتح علينا قبل وصولنا إلى هذا المعسكر، أو قبل وصولنا إلى مكة، أو لعلنا نجد حسنًا في الطريق فتذهبين إليه.
وليس يليق بكِ أن تُطلقي لنفسك عنان اليأس؛ إذ ماذا يكون الشَّأنُ إذا قتلتِ نفسكِ وكان حسن لا يزال حيًّا».
فلَمَّا سمعت سُمَيَّة كلام أمَة اللهِ أحَسَّتْ بانشراح صدرها وارتاح بالها وعادت إليها الآمال.
والإنسان سريع الرجوع إلى الأمل لأن طبيعة الوجود تبعده عن اليأس، وحُبُّ ذاته يهون عليه الرجوع عن الانتحار حبًّا في البقاء، ويندر أن يرتكب أحَدٌ جريمة الانتحار بعد إعماله الفكرة والتَّبَصُّرِ.
وما لبثت سُمَيَّة أن استحسنت رأي جاريتها فقالت لها: «افعلي ما بدا لكِ، فأنت تعرفين ما في قلبي، فعسى أن يأتيني اللهُ بالفرج على يدكِ».
فسُرَّتْ الجارية لنجاحها في إقناع سيدتها، ولكنها شعرت بهول الموقف، وكانت تُرَجِّحُ موت حسن.
على أنها عمدت إلى الصبر وخرجت إلى سيدها وكان واقفًا مع عبده تحت نخلة.
فلمَّا رآها أومأ إليها أن تدنو منه، فمشت منحرفة عن موقفه ففهم أنها تريد الاختلاء به، فمشى وحده حتى الْتقيا.
فقالت: «إني رأيت سُمَيَّة مُطيعة لك في كل ما تريد، لكنها استوحشت معاملة قنبر فلا تدعهُ يخاطبها أو يكلمها، ولا يخفى على مولاي أن مَنْ كان في حال سُمَيَّة لا يؤخذ بالعنف، وقد خاطبتها الآن باللين فرأيتها لانت، ولا بد من جلسة أخرى أتمم بها المُراد، فإذا كان لا بد من إرسالها إلى معسكر طارق اليوم فدعني أكن في خدمتها حتى نأتي الحجاج ولك عليَّ كل ما يَسُرُّكَ».
فاطمأنَّ بال عرفجة وهان عليه إبعادُ قنبر عنها، وأطاع أمَة اللهِ في إرسالها معها وقال لها: «لا بد من ذهابها إلى خيمة أعَدُّوهَا لها في معسكرهم ولا آمنُ أن تسير وحدها، فاذهبي أنتِ معها وأكِّدِي لها أني لم أفعل ما فعلته إلا رغبة في راحتها».
فقبَّلت أمَة اللهِ يَدَهُ وقالت: «بارك اللهُ فيكَ، ولكن سُمَيَّة تحتاج إلى إحضار ثيابها وأدواتها».
فقطع عرفجة كلامها وقال: «كل شيء مُعَدٌّ لها في خيمتها بالمعسكر وما عليها إلا الرجوع إليه».
فقالت أمَة اللهِ: «ادخل الآن عليها في الخيمة، وكلّمْهَا كلامًا لينًا».
قالت ذلك ومشت فمشى عرفجة حتى دخل الخيمة فرأى سُمَيَّة جالسة باكية، فدنا منها وأمسك بيدها وقال: «لقد ساءني ما ألجأتني إليه من الكلام الجافي، ولكني علمتُ من أمَة اللهِ أنكِ فعلتِ ذلك بالرغم منكِ، فانهضي وسيري معها إلى خيمتكِ في المعسكر، وقد أوصيتها بأن تكون في خدمتكِ».
فنهضت سُمَيَّة مُطرقة، فأسرعت أمَة اللهِ إلى يد عرفجة وقدَّمتها إلى سُمَيَّة وهي تقول: «قَبّلِي يَدُ أبيكِ ليتمَّ رضاؤه عنكِ». فقبَّلتها.
وكان الهودج لا يزال مُعَدًّا فقبَّلها وأركبها، وأمَة اللهِ معها، ورَكِبَ هو بغلته وسار أمامهما حتى أوصلهما إلى المعسكر وسلَّم الجمل إلى عريف الجند، فتسلمه العريف وسار معهم إلى خيمة في بعض أطراف المعسكر.
•••



الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51206
العمر : 72

الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج   الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج Emptyالثلاثاء 02 يوليو 2024, 11:20 pm

كانت سُمَيَّة في أثناء الطريق غارقة في هواجسها وقد زال أثر كلام أمَةِ اللهِ عن نفسها.
ولَمَّا مرَّت بالمكان الذي كان الجمل المكسور فيه رأت بعض العبيد قد نحروه وأخذوا في سلخ جلده، فتصورت أنهم قتلوا حسنًا ونحروا جَمَله، وعظم عليها الأمر ولكنها تجلّدت، وكانت أمَة اللهِ تراقب حركاتها خِلسة.
وبعد هنيهة وصلوا إلى المعسكر، فتحققت سُمَيَّة أنها وقعت في الشَّباك، وعزَّ عليها أن تُزَفُّ إلى رجل فظ غليظ القلب بدلًا من حبيبها، فاستوحشت وزاد قلقها — والفتاة إذا زوَّجوها برجل تعرفه وترضاه لا بد من استيحاشها في أوائل أيامها، إلا إذا كان زواجها عن غرام متبادل، فكيف بسُمَيَّة وهي ترجح قتل حبيبها ظلمًا، وترى أن أباها قد باعها لرجل لا تحبه والناس يتحدثون بقساوته وشدته وبأن أمره نافذ لا مرد له!
فلمَّا وصل بعيرها إلى الخيمة المُعَدَّةُ لها أناخوه وأنزلوها وأمَة اللهِ معها، ثم دخلتا الخيمة، فرأت سُمَيَّة صندوقها وفراشها وكل معداتها هناك، فجلست على بساط كانوا قد فرشوه لها، وجلست أمَة اللهِ إلى جانبها تُحادثها وتُلاطفها، وسُمَيَّة تنظر إلى خارج الخيمة تتشاغل بما تراه من حركات الجند والعبيد والخيل والجمال وهي مستغرقة في الهموم.
وكان أشَدُّ ما شغل ذهنها أن رأت كلبًا ينهش خرقة سوداء ويلاعبها بين يديه فيقذفها ثم يعدو في أثرها عدوه إلى فريسة، وتلك عادة الكلاب إذا لم تكن جائعة، ثم اتفق أن قذف الكلب تلك الخرقة فوقعت بين يديها، فما كاد بصرها يقع عليها حتى أجفلت وخفق قلبها ومدَّت يدها إليها ففرَّ الكلب من أمامها.
فأمسكت الخرقة بأنملتين ورفعتها وتفرَّست فيها فإذا هي مُلَوَّثَة بالدَّمِ.
وما لبثت أن قلبتها وصاحت: «ويلاه هذا هو القباء.. هذا قباء أبي قتل حسنًا به!»
فتناولته أمَة اللهِ من يدها وقد عرفته، ولكنها راحت تُغَالِطُ سُمَيَّة لِتُخَفِّفَ عنها فقالت: «كيف عرفتِ أنه قباؤه والأقبية تتشابه؟»
فقطعت سُمَيَّة كلامها وقالت: «قد عرفته من هذا الوشي على هذا الكُم فإنني طرزته بيدي وأنا أعلم الناس برسمه».
قالت ذلك وشرقت بدموعها ولم تنتظر جوابًا من أمَة اللهِ وأخذت تبكي وتقول: «قتلوه.. لم يبقَ عندي شَكٌ في قتله».
فقطعت أمَة اللهِ كلامها وقالت: «وما علاقة هذا القباءُ بقتله؟»
قالت: «ألا تتذكرين أن أبي أهداه إليه يوم عزمه على السَّفر، وألَحَّ عليه أن يلبسه للوقاية من البرد؟
ويلٌ له من مشهد يوم عظيم.
لقد ألبسه القباء وأوعز إلى أحَدٍ من صنائعه أن يقتله، وكأنه اتخذ القباء دليلًا عليه فأصابوا غرضهم منه، وهذه هي بقية القباء وعليها الدَّمُ.
فهل من بعد هذا شك في أنهم قتلوه؟ وما العمل؟ كيف أسلم نفسي إلى قوم قتلوا حبيبي؟»
قالت ذلك وغَصَّتْ بريقها.
فقالت أمَة اللهِ: «سَلِّمِي أمركِ إلى الله ولا تيأسي من رحمته، واعلمي أن ما يُقَدِّرُهُ اللهُ واقعٌ فاصبري واللهُ مع الصابرين».
فلم ترَ سُمَيَّة غير الصَّبر فصبَّرت نفسها.
والمرء قبل وقوع المصيبة يتوهم أنها إذا وقعت يستحيل عليه احتمالها، وقد يتوَّهم ذلك أيضًا أهله وذووه، ولكنه متى وقعت لا يعدم سبيلًا لاحتمالها والصبر عليها، وأمثال هذه الحوادث كثيرة نراها كل يوم.. فلا غرو إذا صبرت سُمَيَّة بعدما تحققته من مقتل حبيبها.
وفي أصيل ذلك اليوم نودي الجند: «الخيل الخيل».
فركبوا بعد أن قَوَّضُوا الخيام، وساروا والفرسان في مقدمتهم وأصحاب الرَّايات بينهم وفيهم رؤساء القبائل يحيطون بطارق بن عمرو، وكلهم بلباس أهل البادية إلا هو فإنه لبس درعًا فارسية كان قد جاء بها من العراق.
أمَّا سُمَيَّة فحملوها على هودج ومعها خادمتها، وكان يقود الجمل عبد، ويسوقه عبد، وإلى كل من الجانبين حارس على هجين.
وكان طارق يَتَرَدَّدُ على الهودج يتعهده ويسأل أهله هل يحتاجون إلى شيء.
ثم يركض فرسه إلى أطراف الجُند ويتفقده ويدير شئونه.
•••



الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51206
العمر : 72

الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج   الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج Emptyالثلاثاء 02 يوليو 2024, 11:20 pm

فلنترك سُمَيَّة في هودجها تُفَكِّرُ في مصيرها ولنرجع إلى المدينة للبحث عن عبد الله خادم حسن فقد تركناه راجعًا من بيت سكينة بعد أن أوصل سُمَيَّة إليه.
ثم أخبرت أمَة اللهِ سُمَيَّة أنه جاء إلى المنزل للسؤال عنها فلم يجدها فرجع على أعقابه.
وكان عبد الله لَمَّا رجع من بيت سكينة قد أسرع لمُلاقاة سيده خارج باب المدينة، وهو قَلِقٌ لِمَا سمعه من حديث سُمَيَّة مع حسن في تلك الليلة، وتصوَّر ما يحدق بسيده من الأخطار، فسار وهو يفكر في الأمر، ونسي نفسه فأخطأ الطريق وخرج من غير الباب الذي خرج منه حسن، ثم سار من طريق آخر يؤدي إلى الجهة الأخرى.
وكثيرًا ما يتفق ذلك في مثل هذه الحال فيتجه الرجل شرقًا وهو يرى أنه يسير غربًا.
وبعد أن سار ساعة وهو لا يرى راكبًا ولا يسمع صوتًا وقد اشتد الظلام وقف ونظر إلى ما حوله فإذا هو بين النخيل لا يتبيَّن الطريق ولا يدري أين هو، ولكنه لم يكن له علم بطريقة الاستدلال بالكواكب، فحوَّل سيره إلى جهة أخرى، ولكنه لم يصل إلى المكان المقصود، على أنه كان كلما بعد عن المدينة استدلَّ عليها ببعض ما يبدو فيها من الأنوار فيرجع إلى جوارها.
وحدثته نفسه بدخولها ولكنه خاف أن يكون سيده في انتظاره ببعض ضواحيها، ثم بدا له أن سيده ربما قد عاد إلى بيت سُمَيَّة لسبب ما، فرجع إلى المدينة وجاء منزل عرفجة فلم يجد سُمَيَّة هناك كما تقدَّم، فعاد إلى خارج المدينة وقضى ليلته في هذا الاضطراب.
وقبل الفجر سمع جعجعة جمل يتألّم فولّى وجهه شطر جهة الصوت، وقد خيل إليه أنه جمل سيده، فاستأنس به، وأخذ ينادي الجمل بما تَعَوَّدَ أن يناديه به من الأسماء والأصوات فازداد الجمل جعجعة ولكنه بقي في مكانه حتى بلغه عبد الله فعرف أنه جمل سيده حقًّا غير أنه لا يستطيع النهوض كأنه معقور، فغاص عبد الله في الماء حتى دنا منه فأدار الجمل رأسه إليه كأنه يُحَيِّيِهِ ويَستنجدهُ.
ولَمَّا تحقَّق أنه معقور، ولم يجد حسنًا عنده، اضطرب وشُغِلَ بالهُ، فأسرع إلى الرَّحْلِ فنزعه عنه، ووقف مُدَّةً وهو يفكر فيما عسى أن يكون قد حدث لحسن.
واشتد به الاضطراب والقلق.
ولم يجد فائدة من أن يسأل عنه في بيت عرفجة؛ لأنه لم يجده هناك بالأمس، وقد خشي إذا سأل سُمَيَّة عنه أن يزيد في بلبالها.
فخطر له أن يقصد إلى المكان الذي باتا فيه ليلة وصولهما إلى المدينة مع ليلى الأخيلية، فسار إليه، ومرَّ أثناء مسيره بمنزل عرفجة فتنسَّم الأخبار، ولَمَّا لم يرَ أثرًا لحسن واصل السير حتى أتى البيت فلم يجد به أحدًا، فجلس وقد أخذ التَّعَبُ منه مأخذًا عظيمًا، ووضع الرَّحل بين يديه وجعل يُفتشه فوجد أسطوانة مختومة وعليها اسم عبد الله بن الزبير فَعَلِمَ أنها الرسالة التي يحملها حسن إلى مكة.
فلمَّا رآها ازداد قلقه وقال في نفسه لو أن حسنًا ترك الجمل باختياره لحمل هذا الكتاب معه؛ لأنه إنما جاء هذه الديار من أجله؛ فترجَّح لديه أنه قُتِلَ أو أصيب بمكروه، فقضى نهاره لم يذق طعامًا، وأخذ يندب مولاه تارة ويعلل نفسه بلقياه تارة أخرى.
ولم يغادر سوقًا ولا دربًا من دروب المدينة إلا مرَّ به وهو يتفرَّس في وجوه الناس ويتنسَّم الأخبار، فلم يرَ إلا انهماك الناس في إعداد النجدة للحجاج عملًا بما حمله البريد إليهم.
وبات ليلته بالمدينة وهو يفكر في الأمر، فقرَّ رأيه أخيرًا على أن يحمل كتاب خالد إلى عبد الله بن الزبير في مكة فيتم المهمة التي جاء حسن من أجلها، على أن يبحث عنه في أثناء ذلك.



الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل العاشر: القتل أو الزواج بالحجاج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل العاشر
»  الفصل العاشر
» الفصل العاشر
» الفصل العاشر
» الفصل العاشر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: جــديـد المـوضـوعـــات بالمنتـدى :: الحجاج بـن يــوســف الـثـقـفــي-
انتقل الى: