شَدَائِدُ وَأَزَمَاتٌ:
مِنْ حَيَاةِ الرَّسُولِ (٤)

شَدَائِدُ وَأَزَمَاتٌ:
– لَمْ يَكُنْ لَنَا مِنْ حَدِيثٍ، بَعْدَ فِرَاقِكَ، يَا «رَشَادُ»، إِلَّا الْمُنَاقَشَةُ فِيمَا سَمِعْنَاهُ مِنْكَ فِي اللِّقَاءِ السَّابِقِ مِنْ حِوَارٍ شَائِقٍ.

– وَمَا أَنْسَ لا أَنْسَ مَا أَبْدَيْتُمَاهُ مِنْ مُلَاحَظَاتٍ سَدِيدَةٍ بَارِعَةٍ، وَلَفَتَاتٍ جَدِيدَةٍ رَائِعَةٍ.

– كَانَ حَدِيثُكَ السَّابِقُ عَنْ إِسْلَامِ «عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ» يَفِيضُ جَمَالًا وَرَوْعَةً.

– ذَلِكَ مَا أَلِفْنَاهُ مِنْ «رَشَادٍ» فِي كُلِّ مَا يُحَدِّثُنَا بِهِ.

– لَقَدْ حَدَّثْتَنَا عَنِ الْحَوَافِزِ الَّتِي دَفَعَتْ «عُمَرَ» إِلَى الْإِسْلَامِ. فَحَدِّثْنَا، مَاذَا صَنَعَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ؟

– صَنَعَ الْأَعَاجِيبَ.

– الشَّيْءُ مِنْ مَعْدِنِهِ لَا يُسْتَغْرَبُ!

– لَيْسَ بِمُسْتَكْثَرٍ عَلَى هَذَا الْبَطَلِ الَّذِي لَا يَجُودُ الزَّمَانُ بِمِثْلِهِ أَنْ يَأْتِيَ مِنْ جَلِيلِ الْأَعْمَالِ…

– بِمَا لَا يَنْهَضُ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ أَفْذَاذِ الرِّجَالِ.

عَلَانِيَةُ الدَّعْوَةِ:
– كَانَتْ دَعْوَةُ الرَّسُولِ ﷺ قَبْلَ إِسْلَامِ «عُمَرَ» خَافِتَةً مُسْتَتِرَةً.

– فَلَمَّا أَسْلَمَ؟

– أَصْبَحَتْ عَلَانِيَةً مُنْتَشِرَةً.

– لَقَدْ أَعَزَّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ.

– طَالَمَا دَعَا لَهُ الرَّسُولُ بِالْهِدَايَةِ.

– وَقَدِ اسْتَجَابَ اللهُ دُعَاءَهُ.

– فَكَانَ صَاعِقَةً عَلَى أَعْدَائِهِ.

– وَنَكْبَةً عَلَى أَصْنَامِهِمُ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا.

– كَانَ صَرِيحًا لَا يَعْرِفُ الْمُدَاوَرَةَ وَالِالْتِوَاءَ.

– كَانَ سَيْفًا ﻟِ «قُرَيْشٍ».

– فَأَصْبَحَ سَيْفًا لِأَعْدَائِهَا!

– فَلَا تَعْجَبَا إِذَا الْتَهَبَتْ نَفْسُهُ الْفَتِيَّةُ الشُّجَاعَةُ غَيْرَةً عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ.

– لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ هَيِّنًا عَلَى «قُرَيْشٍ»!

– لَا عَجَبَ إِذَا أَكَلَ قُلُوبَهُمُ الْغَيْظُ.

– لَقَدْ تَحَيَّرُوا: مَاذَا يَصْنَعُونَ؟

– لَقَدْ عَجَزُوا عَنْ إِعْلَانِ سُخْطِهِمْ عَلَيْهِ.

– أَيُّ جُرْأَةٍ تَمَيَّزَ بِهَا هَذَا الْبَطَلُ!

– أَيُّ شَخْصِيَّةٍ بَهَرَتْ أَعْدَاءَهُ!

– كَمَا بَهَرَتْ أَصْدِقَاءَهُ.

– وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ!

– إِنَّ النُّفُوسَ الصَّادِقَةَ، مَتَى آمَنَتْ بِالدَّعْوَةِ، اسْتَبْسَلَتْ فِي الدِّفَاعِ عَنْهَا، فَلَمْ تَقِفْ أَمَامَهَا عَقَبَةٌ دُونَ بُلُوغِ أَهْدَافِهَا.

– حَتَّى تَبْلُغَ آخِرَ الْمَدَى.

– لَقَدْ أَبَتْ عَلَيْهِ جُرْأَتُهُ وَشَجَاعَتُهُ أَنْ يَسْتَخْفِيَ فِي صَلَاتِهِ.

– كَمَا كَانَ يَصْنَعُ جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ.

الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ خُفْيَةً:
– أَكَانُوا يَسْتَخْفُونَ فِي صَلَاتِهِمْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ؟!

– كَانُوا يَسْتَخْفُونَ فِي شِعَابِ «مَكَّةَ».

– مِمَّنْ كَانُوا يَخَافُونَ؟

– مِنْ صَنَادِيدِ «قُرَيْشٍ».

– الَّذِينَ كَانُوا بِهِمْ يَتَرَبَّصُونَ.

صَلَاةُ عُمَرَ فِي الْكَعْبَةِ:
– فَأَيْنَ صَلَّى «عُمَرُ»؟

– ذَهَبَ إِلَى «الْكَعْبَةِ» لِلصَّلَاةِ.

– فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ؟

– بَلْ فِي وَضَحِ النَّهَارِ.

– وَاقْتَدَى بِشَجَاعَتِهِ الْمُسْلِمُونَ.

– فَصَحِبُوهُ إِلَى الْكَعْبَةِ.

– وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ مَعَهُ.

– عَلَى مَلَأٍ مِنْ «قُرَيْشٍ».

– إِنَّ الشَّجَاعَةَ تُعْدِي كَمَا يُعْدِي الْكَرَمُ!

– وَإِنَّ الْجُبْنَ يُعْدِي كَمَا يُعْدِي الْمَرَضُ!

– فَكَيْفَ قَابَلُوا تَحَدِّيَهُ؟

– أَذْهَلَتْهُمُ الْمُفَاجَأَةُ أَوَّلَ الْأَمْرِ، ثُمَّ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى مُقَابَلَةِ التَّحَدِّي بِمِثْلِهِ.

– كَانُوا يُحَاوِلُونَ قَتْلَ «عُمَرَ»؟

– إِنَّهُمْ أَعْجَزُ مِنْ ذَلِكَ.

– بِرَغْمِ قُوَّتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ؟

– لَمْ يَكُنْ قَتْلُهُ فِي قُدْرَتِهِمْ.

– لَوِ اسْتَطَاعُوا ذَلِكَ لَمَا تَأَخَّرُوا عَنْ إِنْفَاذِهِ.

– إِنَّ «عُمَرَ» مِنَ الشُّجْعَانِ الَّذِينَ يَتَحَامَاهُمُ الرِّجَالُ.

– وَيَعْجِزُ عَنْ مُوَاجَهَتِهِمُ الْأَبْطَالُ.

– فَكَيْفَ قَابَلُوا التَّحَدِّيَ بِمِثْلِهِ؟

الْمُعَاهَدَةُ الْجَائِرَةُ:
– أَبْرَمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ مُعَاهَدَةً عَلَى أَنْ يُقَاطِعُوا عَشِيرَةَ الرَّسُولِ ﷺ…

– مِنْ «بَنِي هَاشِمٍ» وَ«بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ»؟

– مُقَاطَعَةً تَامَّةً. وَأَقْسَمُوا بِأَصْنَامِهِمْ لَيَكُفُّنَّ عَنْ مُعَامَلَتِهِمْ.

– لَا يَتَزَوَّجُونَ مِنْهُمْ، وَلَا يَبِيعُونَ، وَلَا يَشْتَرُونَ.

– وَكَتَبُوا هَذِهِ الْمُعَاهَدَةَ الْجَائِرَةَ فِي وَثِيقَةٍ.

– ثُمَّ أَوْدَعُوهَا مَكَانًا أَمِينًا فِي «الْكَعْبَةِ».

– أَكَانُوا يَتَوَخَّوْنَ أَنْ يُهْلِكُوا عَشِيرَةَ الرَّسُولِ جُوعًا؟!

– كَمَا تَصْنَعُ الْأُمَمُ الْمُتَحَارِبَةُ فِي هَذَا الزَّمَانِ.

– وَكَمَا يَصْنَعُ الْمُتَعَادُونَ فِي كُلِّ زَمَانٍ.

– وَفِي كُلِّ مَكَانٍ.

– يَا لَهَا مِنْ سِيَاسَةٍ مَاكِرَةٍ!

– مَا أَظُنُّهُمْ قَدَرُوا عَلَى تَنْفِيذِهَا.

– حَاوَلُوا تَطْبِيقَهَا ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ.

– فَلَمْ يَزِيدُوهُمْ إِلَّا تَمَسُّكًا وَإِصْرَارًا.

– مَا أَكْثَرَ مَا يَظْهَرُ الْحَقُّ عَلَى أَيْدِي خُصُومِهِ!

– إِنَّ خُصُومَ الْحَقِّ وَأَنْصَارَهُ لَيَخْدُمُونَهُ عَلَى السَّوَاءِ.

– لَسْتُ أَفْهَمُ مَا تَعْنِيَانِ.

– كَانَتْ «قُرَيْشٌ» كُلَّمَا أَمْعَنَتْ فِي إِيذَاءِ الرَّسُولِ…

– خَلَقَتْ لَهُ أَنْصَارًا جُدُدًا.

– وَمَا أَكْثَرَ مَا يَنْقَلِبُ السِّلَاحُ عَلَى صَاحِبِهِ!

– إِنَّ سِلَاحَ الدِّعَايَةِ ذُو حَدَّيْنِ.

– وَمَا أَشَدَّ مَا يَنْقَلِبُ السِّلَاحُ عَلَى صَاحِبِهِ!

– انْقَلَبَ سِلَاحُ دِعَايَتِهِمُ الْمُغْرِضَةِ، فَكَانَ أَمْضَى سِلَاحٍ فِي يَدِ الرَّسُولِ ﷺ.

– صَدَقْتَ، فَقَدْ نَوَّهُوا، عَلَى الرَّغْمِ مِنْهُمْ، بِفَضَائِلِ الرَّسُولِ، وَكَرَمِ سَجَايَاهُ.

– وَنَبَّهُوا الْأَذْهَانَ الْغَافِلَةَ إِلَى مَزَايَاهُ.

– وَشَرَفِ قَصْدِهِ، وَنُبْلِ مَسْعَاهُ.

– كَيْفَ كَانَ ذَلِكَ؟

– كَانَ الْحُجَّاجُ يَفِدُونَ إِلَى «مَكَّةَ» فِي كُلِّ عَامٍ.

– لِلتِّجَارَةِ وَالْحَجِّ.

– فَيُسْرِعُ أَعْدَاءُ الرَّسُولِ إِلَيْهِمْ؛ لِيُحَذِّرُوهُمْ مِنْهُ.

– فَكَأَنَّمَا كَانُوا يُغْرُونَهُمْ بِلِقَائِهِ، وَالتَّحَدُّثِ إِلَيْهِ!

– كَأَنَّمَا كَانُوا يَدْفَعُونَهُمْ إِلَى هَدْيِ الرَّسُولِ ﷺ دَفْعًا!

– فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ مَنْ كَتَبَ اللهُ لَهُ الْفَلَاحَ.

– طَالَمَا أَشَاعُوا عَنْهُ أَلْوَانًا مِنَ الْأَكَاذِيبِ وَالْمُفْتَرَيَاتِ!

– وَطَالَمَا قَذَفُوهُ بِفُنُونٍ مِنَ التُّهَمِ الْكَاذِبَاتِ!

– كَانُوا يَعِيبُونَهُ بِمَا فِيهِمْ مِنْ نَقَائِصَ وَمُخْزِيَاتٍ!

– لَمْ يَتَوَرَّعُوا عَنِ اتِّهَامِهِ بِالْإِفْكِ!

– وَالْجُنُونِ!

– وَهُمْ أَعْرَفُ النَّاسِ بِصِدْقِهِ، وَرَجَاحَةِ عَقْلِهِ.

– لَا عَجَبَ أَنْ يَرْمِيَ الْمُفْتَرُونَ أَعْدَاءَهُمْ بِمَا فِيهِمْ.

– كُلُّ إِنَاءٍ يَنْضَحُ بِمَا فِيهِ.

الْأَرَضَةُ تَأْكُلُ الْوَثِيقَةَ:
– وَمَرَّتْ عَلَى وَثِيقَتِهِمْ ثَلَاثَةُ أَعْوَامٍ، حَتَّى أَكَلَتْهَا الْأَرَضَةُ.

– أَيَّةَ وَثِيقَةٍ تَعْنِي؟

– الْوَثِيقَةَ الَّتِي عَقَدُوا فِيهَا تَحَالُفَهُمْ.

– فَلَمَّا أَخْبَرَهُمُ الرَّسُولُ بِذَلِكَ؟

– حَسِبُوهُ يَتَهَكَّمُ بِهِمْ.

– أَخْبَرَهُمُ الرَّسُولُ ﷺ بِمَاذَا؟

– أَنَّ الْأَرَضَةَ أَكَلَتْ وَثِيقَتَهُمْ.

– وَلَكِنَّهُمْ أَلِفُوا الصِّدْقَ فِي قَوْلِهِ دَائِمًا.

– فَأَسْرَعُوا إِلَى وَثِيقَتِهِمْ.

– فَرَأَوْهَا مُخَرَّقَةً!

– بَالِيَةً مُمَزَّقَةً!

– وَهَكَذَا سَلَّطَ اللهُ عَلَى وَثِيقَتِهِمْ تِلْكَ الْحَشَرَةَ.

– فَأَكَلَتْ مِنْهَا مَا شَاءَتْ.

– وَأَفْسَدَتْ مَا أَفْسَدَتْ.

– لَا تَقُلْ أَفْسَدَتْ.

– قُلْ أَصْلَحَتْ مِنْهَا مَا أَصْلَحَتْ…

– إِنَّ إِفْسَادَ الْوَثِيقَةِ…

– إِصْلَاحٌ لِلْحَقِيقَةِ.

– كَأَنَّمَا كَانَتْ تَسْخَرُ مِنْ تَحَالُفِهِمُ الظَّالِمِ!

– كَانَتْ صَفْعَةً مِنْ صَفَعَاتِ الْقَدَرِ!

– وَقَدْ رَأَوْا فِي تَخْرِيقِهَا فَأْلًا سَيِّئًا لَهُمْ.

– فَفَتَرَتْ حَمَاسَتُهُمْ.

– ثُمَّ عَادَ الرَّسُولُ يَبُثُّ دَعْوَتَهُ عَلَى نِطَاقٍ أَوْسَعَ.

– وَرَأَى الرَّسُولُ ﷺ فِي وُفُودِ الْقَبَائِلِ مَجَالًا رَحْبًا لِنَشْرِ أَضْوَائِهِ، وَتَقْرِيرِ رِسَالَتِهِ.

– أَيَّةَ قَبَائِلَ تَعْنِي؟

– كَانَتْ «مَكَّةُ»، كَمَا تَعْلَمَانِ، مَوْسِمًا لِلْحَجِّ فِي كُلِّ عَامٍ.

– وَسُوقَ تِجَارَةٍ رَابِحَةٍ.

بَثُّ الدَّعْوَةِ بَيْنَ الْوُفُودِ:
– فَرَاحَ الرَّسُولُ يَبُثُّ دَعْوَتَهُ بَيْنَ هَذِهِ الْوُفُودِ.

– فَأَوْغَرَ صُدُورَ «قُرَيْشٍ» عَلَيْهِ مِنْ جَدِيدٍ.

– كَانُوا كُلَّمَا الْتَهَبَتْ صُدُورُهُمْ، وَاشْتَدَّ أَذَاهُمْ، قَرَّبُوا الدَّعْوَةَ مِنْ أَهْدَافِهَا.

– ثُمَّ أَلَمَّتْ بِالرَّسُولِ ﷺ كَارِثَتَانِ.

– مَوْتُ عَمِّهِ «أَبِي طَالِبٍ».

– وَمَوْتُ السَّيِّدَةِ «خَدِيجَةَ».

– زَوْجَةِ الرَّسُولِ، وَشَرِيكَتِهِ فِي الْجِهَادِ.

– وَأَكْبَرِ مَنْ نَاصَرَهُ وَأَيَّدَهُ.

– وَشَدَّ أَزْرَهُ وَعَضَّدَهُ!

– كَانَ الرَّسُولُ، حِينَئِذٍ، فِي الْخَمْسِينَ مِنْ عُمْرِهِ.

– وَكَانَ يَسْتَقْبِلُ الْعَامَ الْعَاشِرَ مِنْ بَعْثَتِهِ.

– أَيُّ أَثَرٍ فَادِحٍ تَرَكَهُ هَذَا الْخَطْبُ!

– مَاتَ عَمُّهُ وَهُوَ فِي شَيْخُوخَتِهِ!

– كَانَ فِي الثَّمَانِينَ مِنْ عُمْرِهِ؟

– جَاوَزَهَا بِقَلِيلٍ.

– وَمَاتَتْ زَوْجَتُهُ وَهِيَ فِي الْخَامِسَةِ وَالسِّتِّينَ مِنْ عُمْرِهَا.

– عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيبِ.

– أَوْ عَلَى وَجْهِ التَّحْقِيقِ.

– فَاجِعَتَانِ أَلِيمَتَانِ.

– نَكْبَتَانِ فَادِحَتَانِ.

– لَا يُخَفِّفُ مِنْ وَقْعِهِمَا النِّسْيَانُ.

– فَشَمَتَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ أَعْدَائِهِ.

– قَبَّحَهُمُ اللهُ!

– وَهَلْ فِي الْمَوْتِ شَمَاتَةٌ؟!

– إِنَّهَا الْأَحْقَادُ، تُخْرِجُ النُّفُوسَ عَنْ آدَمِيَّتِهَا.

– وَتُخْرِجُ الْعُقُولَ عَنْ جَادَّتِهَا.

– وَتُفْسِدُ الطَّبَائِعَ الْإِنْسَانِيَّةَ.

– حَتَّى تَرَى فِي نَكَبَاتِ أَعْدَائِهَا مَا يُدْخِلُ الْبَهْجَةَ عَلَيْهَا.

– كَمَا تَرَى فِي مَآتِمِهِمْ أَعْرَاسًا لَهَا.
– رَأَى مَنَاحَةَ أَهْلِ الدَّارِ شَامِتُهُمْ
فَمَا تَخَيَّلَ إِلَّا أَنَّهَا عُرْسُ!


– وَهَكَذَا تَخَيَّلَ الْحَاقِدُونَ أَنَّ هَذِهِ الْمَصَائِبَ الَّتِي أَلَمَّتْ بِالرَّسُولِ ﷺ قَدْ أَصْبَحَتْ أَعْيَادًا لَهُمْ، يَحْتَفِلُونَ بِهَا وَيَبْتَهِجُونَ.

– وَلَهَا يَطْرَبُونَ، وَعَلَى وَقْعِ أَحْزَانِهَا يُغَنُّونَ.

– وَيَرْقُصُونَ.

– لَقَدْ نَسُوا الْحِكْمَةَ الْقَائِلَةَ:

«يَضْحَكُ كَثِيرًا، مَنْ يَضْحَكُ أَخِيرًا.»

– أَتَذْكُرَانِ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
فَإِنْ نَعِشْ نُبْصِرِ الْبَاكِينَ قَدْ ضَحِكُوا
وَالضَّاحِكِينَ، لِفَرْطِ الْجَهْلِ، بَاكِينَا!


– فَمَاذَا صَنَعَ الْحَاقِدُونَ؟

– أَمْعَنُوا فِي الْكَيْدِ لَهُ.

– وَرَاحُوا يُسْرِفُونَ فِي السُّخْرِيَةِ مِنْهُ.

– فَرَاحَ بَعْضُهُمْ يَقْذِفُهُ بِالتُّرَابِ تَارَةً.

– وَرَاحَ آخَرُونَ يَتَهَكَّمُونَ بِهِ، وَيَصْرُخُونَ فِي وَجْهِهِ.

– فَمِنْهُمْ مَنْ يَشْتُمُهُ.

– وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَابِلُهُ بِالْمُوَاءِ، وَالْعُوَاءِ.

– كَمَا تَمُوءُ الْقِطَطُ.

– وَكَمَا تَعْوِي الذِّئَابُ.

– كَانَ مَوْتُ عَمِّهِ خَسَارَةً لَا تُعَوَّضُ.

– كَانَ يَحْمِيهِ، وَيَدْفَعُ عَنْهُ الْأَذَى فِي حَيَاتِهِ.

– طَالَمَا دَفَعَ غَائِلَةَ الْمُعْتَدِينَ.

– كَمَا دَافَعَتْ عَنْهُ عَشِيرَةُ السَّيِّدَةِ «خَدِيجَةَ».

– كَانَتْ جَلِيلَةَ الْقَدْرِ، وَاسِعَةَ النُّفُوذِ.

– كَانَ الْكَثِيرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ يَخْشَوْنَ أَنْ يَجْهَرُوا بِعَدَائِهِمْ لَهُ، مُجَامَلَةً لِعَشِيرَتِهَا الْجَلِيلَةِ.

– طَالَمَا كَفَّ رِبَاطُ الْمُصَاهَرَةِ مِنْ أَذَاهُمْ.

– أَيُّ رُكْنَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَخَّرَهُمَا اللهُ لِحِمَايَتِهِ!

– فِي أَوَّلِ دَعْوَتِهِ.

– فَلَمَّا انْهَدَمَ الرُّكْنَانِ!

– كَادَ يَنْهَارُ الْبُنْيَانُ.

– وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ.

– لَقَدْ أَبْقَى اللهُ مِنْ حُمَاتِهِ «حَمْزَةَ».

– وَ«عُمَرَ» وَ«أَبَا بَكْرٍ» وَغَيْرَهُمْ مِنْ أَفْذَاذِ الرِّجَالِ.

– وَلَمْ يَكُنْ عَمُّهُ «الْعَبَّاسُ» لِيُسْلِمَهُ إِلَى أَعْدَائِهِ، عَلَى كُلِّ حَالٍ.

– لَكَأَنَّمَا كَانَ عَمُّهُ «أَبُو طَالِبٍ» يَقْرَأُ مِنْ صَفَحَاتِ الْغَيْبِ، حِينَ تَوَقَّعَ لِابْنِ أَخِيهِ مَا لَقِيَهُ مِنْ فَوْزٍ بَاهِرٍ، وَفَتْحٍ عَظِيمٍ!

– لَا يَعْرِفُ لَهُ تَارِيخُ الْعَالَمِ كُلِّهِ مَثِيلًا.

– تَعْنِي كَلِمَتَهُ الْخِالِدَةَ الَّتِي قَالَهَا وَهُوَ يُحْتَضَرُ؟

– مَا عَنَيْتُ غَيْرَهَا.

– قَالَهَا وَهُوَ يُحْتَضَرُ؟

– قَالَهَا وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ.

– وَهُوَ يُوَدِّعُ الدُّنْيَا وَدَاعَهُ الْأَخِيرَ.

– لَكَأَنَّ رُوحَهُ قَدْ كَشَفَتْ أَسْتَارَ الْغَيْبِ، وَاسْتَشَفَّتْ أَسْرَارَهُ، فَتَجَلَّى لِبَصِيرَتِهِ نُورُ الْحَقِيقَةِ الْبَاقِيَةِ، وَهُوَ يُفَارِقُ الْحَيَاةَ الْفَانِيَةَ.

– وَلِلنَّفْسِ حَالَاتٌ تُرِيهَا كَأَنَّهَا
سَتَشْهَدُ فِيهَا كُلَّ غَيْبٍ، سَتَشْهَدُ!

«أَبُو طَالِبٍ» عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ:
– مَاذَا قَالَ عَمُّهُ؟

– قَالَ وَكَأَنَّمَا يُنَاجِي نَفْسَهُ:
«وَايْمُ الْحَقِّ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى صَعَالِيكِ الْعَرَبِ وَأَهْلِ الْوَبَرِ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ النَّاسِ قَدْ أَجَابُوا دَعْوَتَهُ، وَصَدَّقُوا كَلِمَتَهُ، وَعَظَّمُوا أَمْرَهُ…»

– مَاذَا يَعْنِي بِأَهْلِ الْوَبَرِ؟

– يَعْنِي أَهْلَ الْبَدْوِ.

– أَتْمِمْ حَدِيثَ «أَبِي طَالِبٍ».

– لَقَدْ تَمَثَّلَ الرَّسُولَ وَهُوَ يَخُوضُ بِأَصْحَابِهِ غَمَرَاتِ الْمَوْتِ، فَلَا يَلْبَثُ رُؤَسَاءُ «قُرَيْشٍ» وَصَنَادِيدُهُمْ أَنْ يُصْبِحُوا أَذْنَابًا، وَدُورُهُمْ خَرَابًا، وَضُعَفَاؤُهُمْ سَادَةً وَأَرْبَابًا.

– لَقَدْ تَحَقَّقَ ظَنُّهُ.

– أَصْبَحَ يَقِينًا، لَا يَتَسَرَّبُ إِلَيْهِ الشَّكُّ.

– كَأَنَّمَا كَانَ يَقْرَأُ الْغَيْبَ فِي كِتَابٍ مَسْطُورٍ!

– ثُمَّ مَاذَا قَالَ؟

– «… وَإِذَا أَشَدُّهُمْ تَعَظُّمًا عَلَيْهِ أَحْوَجُهُمْ إِلَيْهِ، وَأَبْعَدُهُمْ مِنْهُ أَحْظَاهُمْ عِنْدَهُ؛ فَقَدْ مَحَضَتْهُ الْعَرَبُ وِدَادَهَا، وَأَصْفَتْ لَهُ فُؤَادَهَا، وَأَعْطَتْهُ قِيَادَهَا.»

– إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا!

– أَلَمْ أَقُلْ لَكُمَا: إِنَّ عَمَّهُ كَانَ يَتَحَدَّثُ وَكَأَنَّمَا يَنْطِقُ بِلِسَانِ الْغَيْبِ؟

– كَانَ أَلْمَعِيًّا.

– مَاذَا تَعْنِي بِالْأَلْمَعِيِّ؟

– الْأَلْمَعِيُّ، كَمَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ، هُوَ الذَّكِيُّ النَّافِذُ الْبَصِيرَةِ، الَّذِي يَظُنُّ فَلَا يُخْطِئُ ظَنُّهُ.

– وَيَتَعَرَّفُ، مِنْ مَنْطِقِ الْحَوَادِثِ وَأَسْبَابِهَا، مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ مَصَايِرُهَا وَغَايَاتُهَا.

– يَتَحَدَّثُ عَمَّا لَمْ يَرَهُ.

– حَدِيثَ مَنْ رَأَى وَسَمِعَ.

– الْأَلْمَعِيُّ الَّذِي يَظُنُّ بِكَ الظَّنَّ
كَأَنْ قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا!


– شَدَّ مَا تَحَمَّلَ الرَّسُولُ ﷺ فِي دَعْوَتِهِ، وَطَالَمَا صَبَرَ فِي رِسَالَتِهِ!

– كَثِيرًا مَا رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمُ الْمُنْكَرَةَ.

– يَشْغَبُونَ عَلَيْهِ بِالْمُواءِ وَالْعُوَاءِ.

– وَمَرْذُولِ السِّبَابِ.

– وَنُبَاحِ الْكِلَابِ.

– طَالَمَا قَذَفُوهُ بِالْحِجَارَةِ.

إِيذَاءُ «أَبِي لَهَبٍ» وَامْرَأَتِهِ لِلرَّسُولِ:
– وَطَالَمَا آذَاهُ «أَبُو لَهَبٍ».

– وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ.

– تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ.

– فَلَمْ يَكُنْ لِلرَّسُولِ بُدٌّ مِنَ الْبَحْثِ عَنْ أَنْصَارٍ جُدُدٍ.

– فِي غَيْرِ «مَكَّةَ»؟

– مَا دَامَتْ «قُرَيْشٌ» قَدْ لَجَّتْ فِي عِنَادِهَا، فَلْيَتَّجِهْ وِجْهَةً أُخْرَى، وَلْيَسْلُكْ طَرِيقًا آخَرَ.

دَعْوَةُ الرَّسُولِ لِأَهْلِ الطَّائِفِ:
– لَعَلَّكَ تَعْنِي ذَهَابَهُ إِلَى «الطَّائِفِ».

– مَصِيفِ «قُرَيْشٍ»؟

– وَمَقَرِّ عِبَادَةِ صَنَمِهِمْ.

– أَيَّ صَنَمٍ تَعْنِي؟

– صَنَمَ «اللَّاتِ».

– أَكَانُوا يَعْبُدُونَهُ؟

– وَيُقَدِّسُهُ جُمْهُورُ الْعَرَبِ.

– كَانَتِ الْقَبَائِلُ تَحُجُّ إِلَيْهِ فِي الصَّيْفِ.

– لَقَدْ خَذَلَتْ «قُرَيْشٌ» الرَّسُولَ فِي «مَكَّةَ».

– أَمَا كَانَتْ «ثَقِيفٌ» تَنْصُرُهُ فِي «الطَّائِفِ»؟

– أَكَانُوا مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ؟

– كَانَتْ أُسْرَةُ أَبِيهِ مِنْ «قُرَيْشٍ»، وَأُسْرَةُ أُمِّهِ مِنْ «ثَقِيفٍ».

– وَقَدْ تَنَكَّرَتْ لَهُ الْأُولَى.

– فَاتَّجَهَ بِرَجَائِهِ إِلَى الْأُخْرَى.

– لَعَلَّهَا تَنْصُرُهُ وَتُؤَيِّدُهُ.

– لَقَدْ مَرَّتْ عَلَى بَعْثَتِهِ عَشْرُ سَنَوَاتٍ، وَهُوَ يُحَاوِلُ أَنْ يَهْدِيَ «قُرَيْشًا»، فَلَمْ يَهْتَدِ فِيهَا إِلَّا الْقَلِيلُ.

– فَلْيُجَرِّبْ حَظَّهُ فِي مَكَانٍ آخَرَ.

– لَعَلَّهُ يَجِدُ مِنْ أَقَارِبِ أُمِّهِ مَا لَمْ يَجِدْهُ فِي عَشِيرَتِهِ الْأَقْرَبِينَ مِنَ الْمَوَدَّةِ وَالْعَطْفِ!

– لَا عَجَبَ إِذَا امْتَلَأَتْ نَفْسُهُ رَجَاءً بِنُصْرَتِهِمْ.

– وَلَكِنْ هَيْهَاتَ!

– أَلَمْ يَنْصُرُوهُ؟

– لَقِيَ عَلَى دَعْوَتِهِ شَرَّ مَا يَلْقَاهُ مُخْلِصٌ.

– كَمَا لَقِيَ مِنْ «قُرَيْشٍ»؟

– أَوْ شَرًّا مِنْهُ.

– أَلَمْ يَرْعَوْا آصِرَةَ الْقُرْبَى؟

– أَضَلَّتْهُمُ الْأَهْوَاءُ.

– وَطَوَّحَ بِهِمُ الْعِنَادُ.

– وَأَعْمَتْهُمُ الْمَصَالِحُ الْعَاجِلَةُ.

– وَانْتَصَرُوا لِصَنَمِهِمْ، حَتَّى لَا يُحْرَمُوا ثَمَرَاتِ الْوَافِدِينَ إِلَيْهِ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ.

– كَمَا انْتَصَرَتْ «قُرَيْشٌ» لِأَصْنَامِهَا.

– فَمَاذَا صَنَعَتْ «ثَقِيفٌ»؟

– لَمْ يَتَرَدَّدُوا فِي تَحْرِيضِ عَبِيدِهِمْ وَسُفَهَائِهِمْ عَلَيْهِ.

– فَرَاحُوا يَقْذِفُونَهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى أَدْمَوْا قَدَمَيْهِ.

– وَأَمْطَرُوهُ سَيْلًا مِنَ الشَّتَائِمِ وَالْإِهَانَاتِ.

– لَقَدْ عَرَفُوا كَيْفَ يُشْمِتُونَ «قُرَيْشًا».

– عَرَفُوا كَيْفَ يُرْضُونَ الْأَبَالِسَةَ وَالشَّيَاطِينَ!

– كَمَا عَرَفُوا كَيْفَ يُغْضِبُونَ اللهَ.

– فَمَاذَا صَنَعَ الرَّسُولُ ﷺ؟

– كَانَ كُلَّمَا اتَّجَهَ بِنُصْحِهِ إِلَى قَبِيلَةٍ لِيَهْدِيَهَا…

– لَقِيَ مِنْهَا مِثْلَمَا لَقِيَ مِنْ «ثَقِيفٍ».

– أَتَعْنِي أَنَّهُ اتَّصَلَ بِغَيْرِهَا مِنَ الْقَبَائِلِ؟

اتِّصَالُ الرَّسُولِ بِقَبَائِلَ أُخْرَى:
– اتَّصَلَ بِقَبَائِلِ «كِنْدَةَ» وَ«كَلْبٍ» وَ«بَنِي عَامِرٍ» وَ«بَنِي حَنِيفَةَ».

– كَيْفَ اتَّصَلَ بِهَا؟

– كَانَ يَنْتَهِزُ مَوْسِمَ الْحَجِّ إِلَى «مَكَّةَ» لِدَعْوَتِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ.

– فَلَمْ يُجِبْ دَعْوَتَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ.

– أَيُّ لَيْلٍ مِنَ الظُّلُمَاتِ كَانَ يُخَيِّمُ عَلَى قُلُوبِهِمْ!

– وَأَيُّ طُوفَانٍ مِنَ الْفَسَادِ كَانَ يَغْمُرُ نُفُوسَهُمْ!

أَنْصَارٌ مِنَ الْمَدِينَةِ:
– كَادَتْ دَعْوَةُ الرَّسُولِ ﷺ تَقِفُ عِنْدَ هَذَا الْحَدِّ.

– لَوْلَا أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ إِلَيْهِ بِأَنْصَارٍ جُدُدٍ مِنَ «الْمَدِينَةِ»، فَأَتَاحُوا لَهُ مَيْدَانًا جَدِيدًا لِلنَّصْرِ.

– بَعْدَ أَنْ صَحَّتْ عَزِيمَتُهُ عَلَى الْهِجْرَةِ.

– إِنَّهَا حَالٌ تَدْعُو إِلَى الْيَأَسِ.

– مَا كَانَ الْيَأَسُ لِيَعْرِفَ إِلَى قَلْبِهِ سَبِيلًا!

– إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ!
– وَلَرُبَّ نَائِبَةٍ يَضِيقُ بِهَا الْفَتَى
ذَرْعًا، وَعِنْدَ اللهِ مِنْهَا الْمَخْرَجُ
– ضَاقَتْ، فَلَمَّا اسْتَحْكَمَتْ حَلَقَاتُهَا
فُرِجَتْ، وَكُنْتُ أَظُنُّهَا لَا تُفْرَجُ!

---------------------------------------------------------
المصدر:
«مؤسسة هنداوي» مؤسسة غير هادفة للربح، تهدف إلى نشر المعرفة والثقافة، وغرس حب القراءة بين المتحدثين باللغة العربية.
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي :copyright: ٢٠٢٤م.
https://www.hindawi.org/books/15383148/1/
----------------------------------------------------------