منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
الحــواس فـي القـــرآن الكـــريــم أحكـام صـلاة المـريض وطهـارته إلــــــــى كــــــــــل زوجـيــــــــــن مـــن أقـــــوال شيـــــخ الإســــلام لا عـلـيـك مـا فـاتـك مـن الـدنـيــا رؤية الخاطب مخطوبته قبل العقد شــاعر العـاميــة بيــرم التـونسي أحْلامٌ مِنْ أبِي باراك أوباما كُــــتُـبٌ غَــــــيُّـرَتْ الـعَـالَــــــمْ مــصـــــر التي فـي خــاطـــــري الزعيـم الثــائر أحـمـــد عـــرابي مـحـاسـن العقيـــدة الإسـلامـيـــة الرحـالة: أبي الحسن المسعـودي رضـــي الله عـنـهـــم أجـمـعـــين الأسئلة والأجــوبــة في العقيــدة النـهـضــة اليـابـانـيــة الـحـديثــة الحجاج بـن يــوســف الـثـقـفــي قـصــة حـيـاة ألـبرت أيـنـشـتــاين الأمثـــال لأبـي عبيــد ابن ســلام الإسـلام بيـن الـعـلـم والـمــدنـيــة
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:47 pm

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات
تمهيد:
نستطيع أن نقسم هذا المفهوم إلى ثلاثة أقسام:
1- قسم يرجع إلى متن اللغة "الألفاظ المفردة"، وقد اختص بهذا النوع كتب غريب الحديث.
2- وقسم يرجع إلى أسلوب الحديث وما تضمن من تراكيب تحتاج إلى إيضاحها وبيان المراد منها، وهذا النوع لا يتم المقصود به إلا بشرح غرائب المفردات، لينتقل من شرحها إلى بيان معاني التراكيب المتضمنة لها، فوجود الشرح للغريب ضمن هذا القسم ليس على أنه مقصود فيه، بل على أنه وسيلة للمقصود من شرح التراكيب وبيان المراد منها، وهذا النوع اختصت به كتب الشروح الحديثية.
3- وقسم ثالث يرجع إلى رفع ما قد يبدو من تضارب ظاهري بين بعض الأحاديث وبعض، وبين بعض الأحاديث وما تفيده النصوص القرآنية أو ما علم من الدين بالضوررة، وقد اختص بهذا النوع كتب معينة، سميت باسم تأويل مختلف الحديث، أو بيان مشكل الآثار، أو مشكل الحديث، أو غير ذلك من الأسماء التي ترجع في جملتها إلى هذا المعنى.


ولا يفوتنا أن ننوه هنا بأن كتب النوع الثاني لم تغفل النوعين الأول والثالث: ذلك أن فهم التراكيب -كما قلنا- يتوقف على فهم المفردات، فلا بد لشرح التراكيب من بيان مفرداتها، وهو ما تكفلت به كتب النوع الأول، وكذلك لا بد في شرح التراكيب وإيصالها إلى الدارسين خالصة من كل شائبة تحول دون الانتفاع بها وتطبيقها أن يكشف عنها ما قد يعلق بمعانيها من شبه ناشئة من ذلك التضارب الظاهري مع غيرها من النصوص، وذلك ما تكلفت به كتب النوع الثالث.

ومن ذلك نرى أن كتب النوع الثاني إذا استوفت مقوماتها والثمرة المقصودة منها تجمع الأنواع الثلاثة.

غريب الحديث:
تمهيد:
أما القسم الأول من كتب توضيح المبهمات وهو غريب الحديث فقد وضعت فيه كتب عديدة، لا نستطيع أن نصور مراحلها وبيان أطوالها بأكثر مما صوره الإمام الدارس الباحث المتخصص مجد الدين ابن الأثير الجزري المتوفى سنة ست وستمائة للهجرة إذ يقول في خطبة كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر -وهو بصدد بيان الباعث له على تأليف هذا الكتاب وإبراز قيمته بين ما ألف من كتب الغريب- ما نلخصه فيما يأتي:
قيل إن أول من جمع في هذا الفن شيئًا وألف فيه أبو عبيدة معمر بن المثنى التميمي "التيمي"1 فجمع من ألفاظ غريب الحديث والأثر كتابًا صغيرًا ذا أوراق معدودات2... وأطال في الدفاع عن صغر حجم الكتاب ثم قال: ثم جمع أبو الحسن النضر بن شميل المازني3 بعده كتابًا في غريب الحديث أكبر من كتاب أبي عبيدة، وشرح فيه وبسط على صغر حجمه ولطفه، ثم جمع عبد الملك بن قريب الأصمعي4 -وكان في عصر أبي عبيدة وتأخر عنه- كتابًا أحسن فيه الصنع وأجاد، ونيف على كتابه وزاد، وكذلك محمد بن المستنير المعروف5 بقطرب وغيره أئمة اللغة والفقه جمعوا أحاديث تكلموا على لغتها ومعناها في أوراق ذات عدد، واستمرت الحال إلى زمن أبي عبيد القاسم بن سلام فجمع كتابه المشهور في غريب الحديث والأثر، الذي صار -وإن كان أخيرًا- أولًا لما حواه من الأحاديث والآثار الكثيرة، والمعاني اللطيفة، فإنه أفنى فيه عمره، فقد جمعه في أربعين سنة.

----------------------------
1 هو أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري اللغوي العلامة الأخباري المتوفى سنة 210هـ وليس هو التميمي كما ورد في النسخة المطبوعة من النهاية ونقلها عنه صاحب كشف الظنون مما يدل على أنه ليس تخريفًا مطبعيًّا، فإن صحته التيمي كما ورد في شذرات الذهب ص24 ج2.
2 النهاية ج1 ص5.
3 هو النضر بن شميل بن خرشة المازني تزيل مرو وعالمها، كان إمامًا حافظًا جليل الشأن، وهو أول من أظهر السُّنَّة بمرو، وكانت وفاته سنة ثلاث ومائتين. ا. هـ الشذرات في ص7 ج2.
4 هو العلامة أبو سعيد عبد الملك بن قميص الباهلي البصري الأصمعي اللغوي الأخباري، وتوفي سنة ست عشرة ومائتين، شذرات الذهب ج2 ص36.
5 قطرب النحوي صاحب سيبويه، وهو الذي سماه قطربًا لأنه كان يبكر إليه في المجيء فقال له: ما أنت إلا قطرب ليل، توفي سنة ست ومائتين. ا. هـ الشذرات ج2 ص15.
----------------------------

وكان خلاصة عمره كما حدث عن نفسه1... وأطال ابن الأثير في إطراء كتاب أبي عبيد والثناء عليه، ثم قال: إنه بقي في أيدي الناس يرجعون إليه إلى عصر أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري2، فصنف كتابه المشهور في غريب الحديث والآثار، حذا فيه حذو أبي عبيد، ولم يودعه شيئًا من الأحاديث المودعة في كتاب أبي عبيد إلا ما دعت إليه الحاجة فجاء كتابه مثل كتاب أبي عبيد أو أكبر منه، وذكر ابن الأثير طرفًا من مقدمة كتاب ابن قتيبة3 ثم قال: إن الناس بعد ذلك صنفوا غير ما ذكرنا في هذا الفن تصانيف كثيرة، مثل شمر بن حمدويه، وأبي العباس أحمد بن يحيى اللغوي المعروف بثعلب4، وأبي العباس محمد بن يزيد الثمالي المعروف بالمبرد5، وأبي بكر محمد بن قاسم الأنباري6 وأحمد بن الحسن السكندري.

وغيرهم من أئمة اللغة والنحو والفقه والحديث، ولم يخل زمان وعصر ممن جمع في هذا الفن شيئًا، وانفرد فيه بتأليف، واستمرت الحال إلى عهد الإمام أبي سليمان أحمد7 بن محمد بن سليمان بن أحمد الخطابي8 البستي، فألف كتابه المشهور في غريب الحديث، سلك فيه نهج أبي عبيد وابن قتيبة واقتفى أثرهم... وذكر ابن الأثير جملة من مقدمة كتاب الخطابي مشتملة على بيان طائفة من كتب الغريب ومزاياها ثم قال: إنه جمع فيه من غريب الحديث ما في كتاب أبي عبيد وابن قتيبة وغيرهما ممن تقدمه، مع ما أضاف إليه مما تتبعه من كلمات لم تكن في واحد من الكتب المصنفة قبله... إلى أن قال: وفي عهد الإمام أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري9 رحمه الله صنف كتابه المشهور في غريب الحديث، وسماه الفائق وأطنب في الثناء على هذا الكتاب.

----------------------------
1 كان إمامًا في القراءات حافظًا للحديث صنف كتابه في غريب الحديث وقال عنه ابن الأهدل، إن أول من صنف غريب الحديث ووقف على كتابه عبد الله بن طاهر فاستحسنه معاشًا شهريًّا كبيرًا ذكره ابن العماد في الشذرات في وفيات سنة أربع وعشرين ومائتين. ا. هـ. ص55 ج2 شذرات الذهب.
2 هو الإمام أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري الإمام النحوي اللغوي صاحب كتاب المعارف وأدب الكاتب وغريب القرآن ومشكل الحديث توفي سنة ست وسبعين ومائتين. ا. هـ. شذرات الذهب ص169 ج2.
3 ذكره صاحب كشف الظنون ص1205 ج2. كما ذكره الكتاني في الرسالة المستطرفة ص116 وقال: إنه توفي سنة ست وخمسين ومائتين.
4 ذكره العماد في الشذرات في وفيات سنة إحدى وتسعين ومائتين ص207 ج2.
5 المتوفى سنة خمس وثمانين ومائتين. ا. هـ. شذرات الذهب ص190 ج2.
6 ذكره في الشذرات في وفيات سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ص315 ج2.
7 الصواب أن اسمه حمد "دون ألف" قال العماد في الشذرات ص127 ج3: أنه في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة توفي أبو سليمان أحد أوعية العلم في زمانه وقال ابن الأهدل: إنه أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي الشافعي صاحب التصانيف النافعة الجامعة منها غريب الحديث وإصلاح غلط المحدثين. ا. هـ. ويذكره بعض المحدثين باسم أحمد وهو خطأ.
8 راجع كشف الظنون ص1204 ج2 وما بعدها.
9 هو محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي النحوي اللغوي المفسر المعتزلي صاحب الكشاف والمفصل توفي سنة 538، شذرات الذهب ص118 ج4.
----------------------------

ولكنه ذكر أنه صعب على من يراجعه لإيراده الكثير من الكلمات في غير مظانها، فإذا تطلبها الإنسان تعب حتى يجدها، فكان كتاب الهروي أقرب متناولًا، وأسهل مأخذًا.

فلما كان زمن الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى المديني الأصفهاني1 -وكان إمامًا في عصره، حافظًا متقنًا تشد إليه الرحال- صنف كتابًا جمع فيه ما فات الهروي من غريب القرآن والحديث، وسلك في وضعه مسلكه، ورتبه كما رتبه، وقد فاته من الغريب شيء كثير2.

ثم قال ابن الأثير: وكان في زماننا معاصر أبي موسى الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي البغدادي رحمه الله3 فألف كتابًا في غريب الحديث خاصًّا، نهج فيه طريق الهروي، وقال في خطبته: فرأيت أن أبذل الوسع في جمع غريب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعه، وأرجو ألا يشذ عني مهم من ذلك.

ثم قال ابن الأثير: ولقد تتبعت كتابه فرأيته مختصرًا من كتاب الهروي، ولم يزد عليه إلا الكلمة الشاذة واللفظة الفاذة، ولقد قايست ما زاد في كتابه فلم يكن إلا جزءًا يسيرًا من أجزاء كثيرة، وأما موسى الأصبهاني رحمه الله، فإنه لم يذكر في كتابه مما ذكره الهروي إلا كلمة اضطر إلى ذكرها، إما لخلل فيها، أو زيادة في شرحها، أو وجه آخر في معناها.

ثم قال: ولما وقفت على كتابه الذي جعله مكملًا لكتاب الهروي -وهو في غاية الحسن والكمال- وكان الإنسان إذا أراد كلمة غريبة يحتاج إلى أن يتطلبها في أحد الكتابين، فإن وجدها فيه وإلا طلبها من الكتاب الآخر، ولإخفاء في ذلك من الكلفة، فرأيت أن أجمع ما فيهما من غريب الحديث، وأضيف كل كلمة إلى أختها في بابها تسهيلًا لكلف الطالب.

ثم قال: ولما يسر الله الأمر وسهله أمعنت النظر وأنعمت الفكر في اعتبار الكتابين والجمع بين ألفاظهما فوجدتهما قد فاتهما الكثير الوافر؛ لأني في بادئ الأمر مر بذكري كلمات غريبة من غرائب أحاديث الكتب الصحاح -كالبخاري ومسلم- لم يرد شيء منها في هذين الكتابين، فتتبعت كتب الحديث المدونة في أول الزمان وأوسطه وآخره، وكتب اللغة على اختلافها، فرأيت فيها من الكلمات الغريبة مما فات الكتابين كثيرًا ... وما أحسن ما قال الخطابي وأبو موسى في مقدمتي كتابيهما، وأنا أقول مقتديًا بهما: كم يكون قد فاتني من الكلمات الغريبة التي تشتمل عليها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم رضوان الله عليهم؟

----------------------------
1 هو محمد بن أبي بكر عمر بن أحمد الحافظ، كان بارعًا في الحفظ والرجال، صاحب ورع وعبادة وتقي، ذكره صاحب الشذرات في وفيات سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. ا. هـ. ص273 شذرات الذهب ج4.
2 وقد أورد صاحب الرسالة المستطرفة اسم الكتاب في صفحة 117 فقال إنه كتاب المغيث وإنه في مجلد.
3 ذكره صاحب الشذرات في وفيات سنة سبع وتسعين وخمسمائة ص329 شذرات الذهب ج4.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:47 pm

ولقد صدق القائل الثاني:
كم ترك الأول للآخر، فحيث حقق الله سبحانه النية في ذلك سلكت طريق الكتابين في الترتيب والوضع الذي حوياه من التقفية على حروف المعجم بالتزام الحرف الأول والثاني من كل كلمة، وأتبعتها بالحرف الثالث منها على سياق الحروف. ورأيت أن أثبت ما فيه حروف مزيدة في باب الحرف الذي هو في أولها وإن لم يكن أصليًّا، ونبهت عند ذكره على زيادته دفعًا لشبهة الجهل عني.

هذا هو ما جاء في مقدمة كتاب النهاية لابن الأثير، وإن كنا قد تعرضنا للإطالة في النقل عنه فلأنه كفانا عناء الرجوع إلى غيره في عرض الأطوار التي ينشدها طالب هذا النوع من علوم الحديث فكان لا بد لنا من هذا المسلك في بيان المراحل التي مر بها التأليف في غريب الحديث.

ويبدو لنا أن هذا المؤلف كان غاية ما انتهت إليه الهمم في هذا الباب، وإن كان قد ألف في موضوعه شيء بعده فمبلغ علمنًا أنه لا يعدو أن يكون اختصارًا لهذا الكتاب، ونستطيع أن نقرر أن المرحلة التي نحن بصدد دراسة الحديث فيها زمانًا ومكانًا لم تثمر من الكتب شيئًا يستحق الذكر في هذا النوع الذي أغنى فيه ذلك الإمام العظيم من جاء بعده عن الاستدراك عليه، أو زيادة الترتيب أو التهذيب كما هو الشأن في المعارف الأخرى من علوم الحديث وغيرها، وإن كان صاحب لسان العرب1 -وقد أفرغ نهاية ابن الأثير في كتابه- قد أغضى عما اعتذر به ابن الأثير لنفسه ونقلناه عنه فيما أخذناه من مقدمته، حيث قال ابن منظور في خطبة لسان العرب: رأيت أبا السعادات المبارك بن محمد بن الأثير الجزري قد جاء في ذلك بالنهاية، وجاوز في الجودة حد الغاية، غير أنه لم يضع الكلمات في محلها، ولا راعى زائد حروفها من أصلها، فوضعت كلا منها في مكانه، وأظهرته مع برهانه. ا. هـ.

وإذا كنا قد آثرنا ما ذكره ابن الأثير في تقديمه للنهاية من غير تصرف بإقحام ما وقع لنا من التعرف على بعض المؤلفات الأخرى لغريب الحديث في مراجع أخرى غير هذه المقدمة فإن ذلك قد جرى منا إبقاء على تسلسل هذا النقل وعرضه ملخصًا في تنسيقه وأسلوب مؤلفه، على أن نعود فنشير إلى هذا الذي وقع لنا في العهود التي تناولها ابن الأثير منذ ظهور هذا الفن إلى زمنه ولم يذكرها ضمن ما ذكره من الكتب المؤلفة، إما لأنه لم يطلع عليها، أو اطلع عليها ولم يرد إيرادها اختصارًا في الأسلوب، أو إغضاء عن تلك الكتب، كما نشير إلى ما وقع لنا بعد عهد ابن الأثير واقتضت دراستنا التنبيه إليه استيفاء للبحث على النهج الذي انتهجناه في كل تمهيد نضعه بين يدي الكتب التي اخترنا دراستها في هذا الكتاب.

----------------------------
1 هو محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري الإفريقي ثم المصري الشهير بابن منظور صاحب المختصرات الكثيرة في علوم الأدب واللغة والتواريخ، والذي اشتهر بكتابه لسان العرب توفي سنة 711هـ إحدى عشرة وسبعمائة. ا. هـ. من مقدمة لسان العرب نقلًا عن الدرر الكامنة.
----------------------------

وهذا بيان بالمؤلفين الآخرين الذين لم يذكرهم ابن الأثير في النهاية، والذين أسهموا بنصيب في كتب الغريب، مرتبًا على تواريخ وفاتهم ممن أوردهم صاحب كشف الظنون, وصاحب الرسالة المستطرفة، وابن العماد في شذرات الذهب وغيرهم على النحو التالي:
1- أحمد بن خالد الضرير الذهبي الحمصي، المتوفى سنة أربع عشرة ومائتين1.
2- أبو الحسن علي بن المغيرة الأثرم البغدادي، المتوفى سنة ثلاثين ومائتين2.
3- أبو مروان عبد الملك بن حبيب المالكي، المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائتين3.
4- محمد بن حبيب البغدادي النحوي، المتوفى سنة خمس وأربعين ومائتين4.
5- أبو جعفر محمد بن عبد الله بن قدام الكوفي، المتوفى سنة إحدى وخمسين ومائتين5.
6- إبراهيم بن إسحاق الحربي الحافظ، المتوفى سنة خمس وثمانين ومائتين، وكتابه في خمس مجلدات6.
7- ابن كيسان محمد بن أحمد النحوي، المتوفى سنة تسع وتسعين ومائتين7.
8- أبو محمد "قاسم" بن ثابت بن حزم بن طرف السرقسطي، المتوفى سنة اثنتين وثلاثمائة8، واسم كتابه "الدلائل في شرح ما أغفله أبو عبيد وابن قتيبة من غريب الحديث" ولم يكمله.
9- قاسم بن محمد الأنباري، المتوفى سنة أربع وثلاثمائة9.
10- أبو القاسم ثابت بن حزم بن مطرف السرقسطي الذي أكمل كتاب ولده أبي محمد قاسم، والمسمى بكتاب الدلائل، توفي في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة10.
11- أبو الحسين عمرو بن محمد القاضي المالكي، المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة11.
12- القاضي نور الدين أبو الثناء محمود بن أحمد بن محمد الفيومي الأصل، المعروف بابن خطيب12 الدهشة، المتوفى سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وكتابه مسمى بالتقريب في علم الغريب.
13- أبو عمرو محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب، والمتوفى سنة خمس وأربعين وثلاثمائة13.

----------------------------
1 شذرات الذهب ص33 ج2 وكشف الظنون ص1204.
2 ذيل كشف الظنون ج4 ص146.
3 كشف الظنون ج2 ص146.
4 كشف الظنون ج2 ص1205.
5 ذيل كشف الظنون ج4 ص146.
6 كشف الظنون ج2 ص1204.
7 كشف الظنون ج2 ص1205.
8 الرسالة المستطرفة ص116.
9 كشف الظنون ج2 ص1205.
10 الرسالة المستطرفة ص116.
11 كشف الظنون ج2 ص1205.
12 الرسالة المستطرفة ص118.
13- كشف الظنون ج2 ص1205.
----------------------------

14- ابن درستويه عبد الله بن جعفر النحوي، المتوفى سنة سبع وأربعين وثلاثمائة1.
15- ابن بابويه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بايويه القمي الشيعي، المتوفى سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة2.
16- أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي، المتوفى سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة3.
17- أبو الحسن محمد بن أحمد التجياني، المتوفى سنة أربعين وخمسمائة، وكتابه شرح غريب البخاري4.
18- إسماعيل عبد الغافر راوي صحيح مسلم، المتوفى سنة خمس وأربعين وأربعمائة، واسم كتابه مجمع الغرائب5.
19- القاضي عياض، المتوفى سنة أربع وأربعين وخمسمائة، واسم كتابه مشارق الأنوار على صحاح الآثار6.
20- الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف الوهراني الحمزي، المعروف بابن قرقول "كعصفور" وهو تلميذ القاضي عياض، والمتوفي سنة تسع وستين وخمسمائة، واسم كتابه مطالع الأنوار على صحاح الآثار7.
21- أبو شجاع محمد بن علي بن الدهان البغدادي، المتوفى سنة تسعين وخمسمائة. ويقع كتابه في نحو ستة عشر مجلدًا8.
22- مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن الأثير الجزري المتوفى سنة ست وستمائة في كتابه النهاية9.
23- موفق الدين عبد اللطيف البغدادي، المتوفى سنة تسع وعشرين وستمائة10.
24- الحافظ ابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة في غريب صحيح البخاري، الفصل الخامس من مقدمته لفتح الباري المسماة هدي الساري11.
25- الحافظ جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة في كتابه الدر النثير تلخيص النهاية لابن الأثير.

ومن هذا البيان الذي أوردناه لكتب الغريب نرى أن الفترة التي اخترناها للدراسة كادت تخلو في مصر من التأليف في الغريب، اكتفاء بما يرد في كتب الشروح الحديثية ومؤلفوها كثيرون من علماء السُّنَّة المصريين الذين عاشوا في تلك الفترة.

----------------------------
1 كشف الظنون ج2 ص1205.
2 ذيل كشف الظنون ج4 ص146 وج3 ص123.
3 كشف الظنون ج2 ص1205.
4 كشف الظنون ج2 ص1205.
5 كشف الظنون ج2 ص1205.
6 الرسالة المستطرفة ص118.
7 الرسالة المستطرفة ص118.
8 كشف الظنون ج2 ص1205.
9 كشف الظنون ج2 ص1204.
10 كشف الظنون ج2 ص1204.
11 هدي الساري ص71 وما بعدها.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:48 pm

وكانت شروحهم للحديث حافلة ببيان غريبه، زاخرة بتوضيح ما استغلق من ألفاظه، وإن ما ذكروه في ثنايا شروحهم هذه من بيان للغريب وحل للمشكلات كاف كل الكفاية في تحقيق الهدف المقصود من كلا النوعين.

وإذا كنا بصدد دراسة حصيلة ما بين القرنين السادس والعاشر في مصر في علوم الحديث عامة، وفي علم الغريب هنا بوجه خاص فلا بد أن ننوه بجهد الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي بما بذله في كتابه الدر النثير في تلخيص النهاية لابن الأثير، حيث لخصه ببيان ما تشتد إليه الحاجة وهو شرح المفردات الغريبة فقط دون إيراد ما يشتمل على هذه المفردات من الأحاديث والآثار اتجاهًا إلى أن تدارس غريب الحديث إنما يريد شرح الغريب الوارد فيه فقط، ومن شأنه ألا تكون به حاجة إلى بيان مواضع الكلمات من السُّنَّة النبوية، على أنه مع اختصاره لكتاب النهاية لابن الأثير قد زاد على هذا التلخيص بإيراد معان لبعض الألفاظ النبوية الغريبة التي لم يوردها ابن الأثير في كتابه النهاية.

فلا بد إذا من أن نورد دراسة موجزة لكتاب السيوطي هذا، بما يصور الاختصار ويبين الزيادة ويصف أهم ما لاحظناه من تصرف مؤلفه في تلخيصه لكتاب النهاية في غريب الحديث والأثر.

الدرر النثير تلخيص النهاية لابن الأثير:
للحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ:
هذا الكتاب -كما قلنا وكما دلت عليه تسميته وعنوانه- تلخيص لكتاب النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير.

ومؤلفه هو الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الذي سبقت ترجمته عند دراستنا لكتب الجوامع.

وأهم ما نستطيع أن نتجه به إلى القارئ الكريم في تصوير هذا الكتاب ووصف النواحي البارزة فيه ما يأتي:
أولًا: 

قدم له بخطبة موجزة جدًّا لم يشرح فيها منهجه في تأليفه، ولا فائدة في بابه، على خلاف ما عودنا في سائر كتبه، ولعل وصف التلخيص للكتاب قد طغى على تلك الخطبة فحال بين المؤلف وبيان ما كنا في حاجة إلى بيانه، لإخراج القارئ من ورطة الإبهام فيما يحتاج إلى بيان من تصرفه في هذا التلخيص، ولا سيما أنه -كما يبدو- لم ينجز ما وعد به في تلك الخطبة على وجهه، فقد ذكر فيها أنه لم يغادر شيئًا مما أورده ابن الأثير في نهايته، وقد وجدناه غادر فيه أشياء عديدة، ربما يكون في تركه إياها إخلال بالمقصود من التلخيص، بتفويت ما يحتاج إليه المراجع في شرح بعض الكلمات في الحديث، وقد أوردها صاحب الأصل.

على أنه وصف هذا الملخص -بعد هذا- بأنه لم يلتزم فيه اليسير، ويا ليت شعري ما هو هذا اليسير الذي لم يلتزمه؟ إن لم يكن هناك تصرف من النساخ أو المطابع في نقل هذه العبارة التي قد يكون للسجع نفسه دخل في إيرادها على هذا الوجه المغلق.

ولعل خير ما وفى به من وعد في هذه الخطبة أنه ضم إليه قدرًا كثيرًا -أي غير قليل في ذاته وإن كان قليلًا في نسبته- من الغريب.

ولم تتناول خطبته رحمه الله أكثر من هذا القدر بعد البسملة مع حمد الله والصلاة على رسوله في أولها، والاعتصام بالله سبحانه في آخرها.

ثانيًا: الزيادات التي أشار إليها في المقدمة بقوله: وضممت إليه مما فاته الشيء الكثير ظاهرة بارزة في تلخيصه، يقع عليها المتصفح في كثير من مواد الكتاب، ومن ذلك:
1- ما أورده في كلمة "الأبد" تعليقًا على قول ابن الأثير: لأبد الأبد أي لآخر الدهر، قوله: قلت: ومثله أبد الآيدين، قاله في الصحاح1.

----------------------------
1 الدر النثير ج1 ص9.
----------------------------

2- وقوله -عند كلمة "درهرهة" بعد التفسير الذي أورده ابن الأثير- قلت: قال ابن الأنباري: هي التي تسمى المنجل1.
3- وما أورده في كلمة "الدعادع" بعد ذكر المعنى الوارد في النهاية، قلت: ويدعدع ماله بيده يفرقه2.
4- وما أورده في مادة "سقط" بعد ما شرح كلمة أسقطوا لهابه يعني الجارية: أي سبوها وقالوا لها من سقط الكلام وهو رديئه، قلت: وقال ابن الجوزي: أي صرحوا بذلك3.
5- ومن ذلك قوله في نفس المادة بعد قوله تبعًا لابن الأثير: وشرب أبو هريرة من السقيط وفسره بالفخار... إلخ، قلت: سقط في يده أي ندم، قاله في الصحاح4.
6- ومنه ما أورده في مادة "الشمم" بقوله قلت: والمشامة الدنو من العدو حتى يترأى الفريقان5 قاله في الصحاح.

ثالثًا:
لاحظنا أنه يبرز بعض المعلومات على أنه زيادة على ما أورده المؤلف، وهو في حقيقته ليس بزيادة، وإنما هو اختلاف مع ما أورده المؤلف بالتقديم والتأخير فقط، مما يعتبره الناظر في الكتاب سهوًا بينًا من المؤلف إن أحسن الظن به، أو غفلة ظاهرة إن أساء الظن فيه.

ومن ذلك ما ورد في مادة "الدرء"6 التي يقول صاحب الأصل فيها تعليقًا على حديث الشعبي في المختلعة: "إذا كان الدرء من قبلها فلا بأس أن يأخذ منها" أي الخلاف والنشوز، فذكر السيوطي بعد قوله: قلت -وهي الكلمة التي اعتاد أن يستعملها عند إيراد زيادة منه على ما أورده المؤلف- قال ابن الجوزي في المختلعة: إذا كان الدرء من قبلها -يعني النشور والخلاف- وختمها بكلمة انتهى التي اعتاد أن يذكرها في نهاية زيادته.

وواضح أنه ليس هناك زيادة في المعنى على ما أورده بن الأثير بأكثر من التقديم والتأخير بين كلمتي الخلاف والنشوز، ولا زيادة في هذا إلا أن تكون هي نسبة ما أورده ابن الأثير نقلًا عن الهروي، فأورده السيوطي نقلًا عن ابن الجوزي، وهذا مما يزيد في الحجم ولا يفيد في العلم.

رابعًا:
أورد من الزيادات ما لا يخلو من فائدة في هذا المقام، لإضافتها جديدًا إلى ما أورده ابن الأثير في شرح غريب الحديث، وذلك كقوله بعد تفسير الدرهرهة بما نقله عن ابن الأنباري من أنها التي تسمى بالمنجل، فإن هذه الزيادة تضيف إيضاحًا إلى ما أورده ابن الأثير في تفسير الكلمة.

----------------------------
1 الدر النثير ج2 ص21.
2 الدر النثير ج2 ص23.
3 الدر النثير ج2 ص168.
4 الدر النثير ج2 ص169.
5 الدر النثير ج2 ص237.
6 الدر النثير بهامش النهاية ج2 ص18.
----------------------------

وكقوله في مادة سقط -بعد تفسير ابن الأثير لكلمة أسقطوا لها به يعني الجارية- قلت: قال ابن الجوزي: أي صرحوا لها بذلك، فإنه ذكر لوجه آخر في تفسير كلمة شرحها ابن الأثير، فهذه الزيادات وما أشبهها تضيف جديدًا في نفس الكلمات التي أوردها ابن الأثير.

كما أنه أورد زيادات لا تفيد في غريب الحديث، ولا سيما أنه في مقام الاختصار، فلو أنه استغنى عن هذه الزيادات بإيراد بعض ما تركه مما شرحه ابن الأثير في غريب الحديث لكان أحق من إيراد هذه الزيادات.

ومن ذلك شرحه لجملة سقط في يده التي يذكرها ابن الأثير في غريب الحديث، وكذلك شرحه لكلمة المشامة بأنها الدنو من العدو، والمشامة لم ترد في الحديث وليست من غريبه، فلم يكن هناك داع للتعرض لها في هذا المختصر.

خامسًا: ليس من رأيه -في هذا الملخص- إيراد الآثار التي وقعت فيها الكلمات الغريبة كما فعل ابن الأثير من إيراده الأثر أولًا، ثم شرحه للكلمة الغريبة التي وردت فيه، لكنه أحيانًا يرى أن يورد الأثر لتوقف الشرح عن إيراده، مع أنه لا يذكر القائل اختصارًا.

ومن ذلك:
1- قوله: وإذا تدارأتم في الطريق1.

أي تدافعتم واختلفتم، وقد أورد ابن الأثير هذه الكلمة في أثر قال عنه: إنه حديث.

2- وكذلك قوله: وكان يساقط في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم2 أي يرويه عنه في خلال كلامه كأنه يمزج حديثه بحديثه، وهذا أثر ذكره ابن الأثير في حديث سعد نقلًا عن الهروي.

3- وقوله: وتطأطأت لكم تطأطؤ الدلاة3.

أي خفضت لكم نفسي، والتطأطؤ كلمة وردت في حديث عثمان كما ذكره ابن الأثير، فإن شرح التطأطؤ دون ذكر الأثر قد لا يدل على المقصود.

4- وقوله: اللهم إني أستقدرك بقدرتك4:

أي أطلب منك أن تجعل لي عليه قدرة، وكلمة أستقدرك وردت في حديث الاستخارة كما ذكر ابن الأثير.

سادسًا:
يقع في اختصاره ما هو إخلال أو شبيه بالإخلال في تصوير المعنى المقصود، ومن ذلك قوله في شرح كلمة قاذر: إنه اسم ابن إسماعيل5، وهو في هذا الاختصار قد أخل بالمعنى المقصود من شرح الكلمة الغريبة، ويتبين ذلك من قول ابن الأثير: وفي حديث كعب قال الله لرومية: إني أقسم بعزتي لأهين سبيك لبني قاذر أي بني إسماعيل بن إبراهيم، يريد العرب، وقاذر اسم ابن إسماعيل.

----------------------------
1 الدر النثير ج2 ص18.
2 الدر النثير ج2 ص169.
3 الدر النثير ج2 ص30.
4 الدر النثير ج2 ص233.
5 الدر النثير ج2 ص236.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:49 pm

وبه يتبين أن السيوطي لم يذكر إلا شرح الاسم فقط دون توضيح ما دل عليه الأسلوب من أن المراد به العرب، ولو أنه ذكر إبراهيم والد إسماعيل لاتضح المقام بعض الشيء، ولقد كان حريًّا في هذا المقام أن يذكر الأثر ليتضح به معنى الكلام، وهو أولى من ذكره للأثر في مقامات أخرى قد يستغنى فيها عن ذكره.

ومما يدخل في هذا الباب أنه يترك كلمة من غريب الأثر دون تفسير، اعتمادًا على ورودها في مقام آخر مع طول الفصل بينهما دون أن يشير إلى ذلك، وكان لا بد من هذه الإشارة؛ لأن الكلمة أولًا من غريب الحديث، وثانيًا لأن أصله أوردها ضمن الأثر وشرحها، وذلك مثل كلمتي: الفجر والبجر، اللتين وردتا في خبر أبي عبيدة عن أبي بكر وقد دخل عليه في مرضه الذي مات فيه، فقال له كلامًا كان من بينه "إنما هو والله الفجر أو البجر"1. وقد أورد ابن الأثير الكلام الذي وردت فيه هاتان الكلمتان، وهو قوله في حديث أبي بكر رضي الله عنه: "لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه "في غير حد"2 خير له من أن يخوض غمرات الدنيا، يا هادي الطريق جرت، إنما هو "والله" الفجر أو البجر" وقد شرحهما ابن الأثير بقوله: إن انتظرت حتى يضيء لك الفجر أبصرت قصدك، وإن خبطت الظلماء وركبت العشواء هجما بك على المكروه، ومع ذلك فقد أشار ابن الأثير إلى سبق ورود الأثر في مادة أخرى في كلمة بجر بالجيم3.

وقد ضرب السيوطي صفحًا عن هذا كله، ولو أنه أشار إشارة موجزة إلى ما أشار إليه أصله لاستطاع الدارس أن يرجع إلى معنى الكلمتين في المادة السابقة وهي بحر فإنه ليس من شأن المراجع للكتاب بحثا عن معنى أثر غريب أن يرجع إلى مادة ما هو محتمل في الرواية إلى موضع الاحتمال الآخر دون تنبيه إلى ذلك.

ويتصل بذلك أنه يترك شرح بعض ألفاظ أوردها ابن الأثير وشرحها، وهي بما تختلف وجهة النظر في بيان المراد بها بين الحقيقة والمجاز أو الكناية، مثل "كف الرحمن"4 التي وردت في حديث الصدقة، قال ابن الأثير في حديث الصدقة: "كأنما يضعها في كف الرحمن" هو كناية عن محل قبول الصدقة، فكأن المتصدق قد وصع صدقته في محل القبول، ثم نفى ما يقوله المشبهون، وأورد حديث عمر: "إن الله إن شاء أدخل خلقه الجنة بكف واحدة" وذكر عدة أحاديث وقال فيها: وقد تكرر ذكر الكف والحفنة واليد في الحديث، وكلها تمثيل من غير تشبيه.

والسيوطي قد أعرض عن هذا كله، ولم يسمح بذكره ولو في رأي آخر، مع أن الكلمة من الغريب، بل هي من أغرب الغريب في الحديث، فإذا كان منهجه ترك ذلك فهلا أشار إلى هذا المنهج -ولو في الخطبة- ليستبين القارئ طريقه في هذا الكتاب؟

----------------------------
1 الدر النثير ج3 ص184.
2 ما بين القوسين ليس موجودًا في النسخة التي بين أيدينا من النهاية وإنما هو مما أثبته المبرد في أوائل كتابه "الكامل".
3 وردت في الدر النثير ص60 ج1.
4 الدر النثير ص28 ج4.
----------------------------

سابعًا:
تتجلى ظاهرة الاختصار في الكتاب أن ابن الأثير يذكر أحيانًا خلافًا في تفسير الكلمة، فيقتصر السيوطي على ما يترجح عنده في المعنى، كما في كلمة "كأس" التي تكرر ذكرها في الحديث كما قال ابن الأثير1، وقد شرحها بأنها الإناء فيه شراب، ولا يقال لها كأس إلا إذا كان فيها شارب، وقيل: هي اسم لهما على الانفراد والاجتماع، ولكن السيوطي اقتصر على قوله الكأس الإناء فيه شراب، ولا يقال لها فارغة كأس.

كما أنها تتجلى أيضا في أنه يشرح الكلمة مفردة وإن وردت في الحديث مجموعة، أو وردت في صيغة أخرى غير التي ذكرها، وقد يصل في هذا إلى ما يقرب من الإخلال الذي أشرنا إليه في الفقرة السابقة، وذلك كما فعل في كلمة "الكبل"2 فقد شرحها ابن الأثير في عدة صور مما وردت فيه، وهي كبل الحديث في خبر: "ضحكت من قوم يؤتى بهم إلى الجنة في كبل الحديد" وشرح الكبل بالقيد الضخم، وأتى بالفعل كبله وكبله مخففًا ومثقلًا، وشرحها كذلك في حديث أبي مرثد: "ففككت عنه أكبله"، وقال: إن الأكبل جمع قلة في الكبل وهو القيد، وفي بيت كعب بن زهير: متيم إثرها لم يفد مكبول فقال: إن المكبول المقيد، وشرحها في حديث عثمان: "إذا وقعت السهمان فلا مكابة" بقوله: أي إذا حدت الحدود فلا يحبس أحد عن حقه، من الكبل وهو القيد، وشرحها في حديث ابن عبد العزيز: "أنه كان يلبس الفرو والكبل" بأن الكبل هو الفرو الكبير.

وقد اقتصر السيوطي من هذا كله على قوله: الكبل قيد ضخم ج3 أكبل، والمكبول المقيد والكبل فرو كبير.


وما كان أحوج هذا المختصر إلى شرح كلمة المكابلة التي وقعت في حديث عثمان إذا أعرض المؤلف عن ذكر غيره مما وردت فيه هذه الكلمة، وما كان أغناه عن ذكر كلمة المكبول التي كان يمكن فهمها من السياق مع فهم الكبل.

ومهما يكن من شيء فإن لهذا الكتاب قيمته التي لا تنكر، ويكفيه أنه حفظ لنا تلك الثروة الضخمة من تراث الغريب التي تركزت في كتاب النهاية، فبقيت تراثًا كريمًا وأثرًا خالدًا لهذا الإمام الحافظ مهما كانت وجهات نظره في الاختصار، وحسب السيوطي أنه الإمام الوحيد من بين المصريين الذي تحمل هذا العبء الضخم بعد الإمام ابن الأثير الذي كان من قبل جامعًا لما تفرق من الغريب في كتب السُّنَّة، فجاء السيوطي ضاغطًا لهذا الجامع، ومقربًا له إلى طلاب الغريب في الحديث النبوي الكريم.
رحمه الله وأجزل ثوابه.

----------------------------
1 الدر النثير ص2 ج4.
2 الدر النثير ص6 ج4.
3 مراده بالحرف "ج": جمع.
----------------------------

الشروح الحديثية:
تمهيد:
نوه العلماء والمؤرخون بالقرن الثالث الهجري وما كان فيه من نهضة علمية حديثية، أبرزها الله على يد جهابذة الحديث وصيارفته وأئمته، الذين شمروا عن ساعد الجد، فميزوا صحيح الحديث وسليمه من عليله وسقيمه، ونخلوا منه -بحكم الأمانة والدقة في التمييز- ما كان عمدة الدين، فجمعوه بأسانيده ورواياته، وقدموا للأجيال فيما خلفوا من تراث -جوامع ومسانيد وسننا وغير ذلك- مما اختلفت أنواعه، وتعددت تسمياته، يحدوهم في ذلك إخلاص لله ورسوله، ورغبة في الحافظ على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها في الحقيقة -بعد القرآن- جامع الإسلام وبيان الدين.

وقد صدق العلماء والمؤرخون في التنويه بشأنهم، والإشادة بذكرهم، فإن ما لدينا من نتاج ذلك العصر من مؤلفات جمعت الكثير من فنون الحديث وأنواعه المختلفة -تغايرت أسماؤها، واختلفت مراتبها، ولكنها اتحدت في غايتها وثمراتها- خير شاهد على أن ذلك العصر كان بحق العصر الذهبي لمتن السُّنَّة، وحفظها لمن يعيها، ويتولى الانتفاع بها لنفسه وللمسلمين.

وقد كان أصحاب الكتب الستة -التي رزقت قبولًا من المسلمين- أصحاب القدح المعلى في هذا المضمار، حتى شهد العلماء بصحة كتبهم، وما نقلوه فيها بالإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، وكانوا -ومن سار على دربهم وسلك طريقهم من الجامعين للسنة- كواكب هذا العصر اللامعة، وشموسه الساطعة.

نذكر هنا أشهرهم مرتبين على سني وفاتهم على النحو التالي:
1- الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، المتوفى سنة ست وخمسين ومائتين، في كتابه صحيح البخاري.
2- الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري المتوفى سنة إحدى وستين ومائتين، في كتابه صحيح مسلم.
3- الإمام محمد بن يزيد المعروف بابن ماجه، المتوفى سنة ثلاث وسبعين ومائتين، في كتابه سنن ابن ماجه.
4- الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث الأزدي، المتوفى سنة خمس وسبعين ومائتين، في كتابه سنن أبي داود.
5- الإمام محمد بن عيسى بن سورة بن موسى الترمذي، المتوفى سنة تسع وسبعين ومائتين، في كتابه سنن الترمذي.
6- الإمام أحمد بن شعيب بن علي بن سنان النسائي، المتوفى سنة ثلاث وثلاثمائة في كتابه سنن النسائي.

هذه كتب الأصول الستة في الحديث، وقد عول عليها جمهرة المسلمين، لالتزام أصحابها شروطًا في نقل السُّنَّة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتبروها بعد القرآن أهم مراجع الدين الحنيف.



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:49 pm

ومع هذه الأصول كانت هناك كتب في أحاديث الأحكام، جمع فيها الأئمة الأربعة -في القرنين الثاني والثالث- ما كان أدلة لما ذهب إليه كل منهم في الفقه على النحو التالي:
1- الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الفارسي الكوفي، المتوفى سنة خمسين ومائة، في كتابه مسند أبي حنيفة.
2- الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، المتوفى سنة تسع وسبعين ومائة، في كتابه الموطأ.
3- الإمام محمد بن إدريس بن عباس بن عثمان "الشافعي" المتوفى سنة أربع ومائتين، في كتابه مسند الشافعي.
4- الإمام أحمد بن حنبل الشيباني المروزي، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائتين، في كتابه مسند أحمد.


وبإضافة هذه الكتب الأربعة لأئمة الفقه إلى ما سلف ذكره من الكتب الأصول الستة لأئمة الحديث تكمل الكتب العشرة التي هي أصول الإسلام، وعليها مدار الدين1.

وهؤلاء قد مهدوا السبيل لمن خلفهم وعشا إلى ضوئهم من أئمة أجلة من رجال الحديث، ممن عاصرهم أو جاء بعدهم، من أصحاب كتب السنن والمستدركات والزوائد.

وهؤلاء وأولئك تركوا هذا التراث العظيم لمن جاء بعدهم، فقلبوا صفحاته، وقربوا جناه وثمراته، فأخذوه بقوة، وأبرزوه بقوة، وأوضحوا معالمه، ويسروا مآخذه، وأزالوا مبهماته، وكشفوا خفياته، وقدموا كل ذلك في كتب الشروح الحديثية التي كثرت كثرة تفوق العد والحصر، وبقي لنا منها الشيء النافع الكثير.

وكان لعلماء الحديث المصريين في ذلك المضمار أكبر قسط وأوفر نصيب، فقد كانت مصر ملجأ وملاذًا لمن هاجر إليها من علماء المسلمين فرارًا من ظلم الظالمين، فوق عليها من الشرق والغرب -بعد نكبتي بغداد والأندلس- من كانوا أساطين العلم، وفحول الدراية والبحث

----------------------------
1 نقلًا بتصرف عن الرسالة المستطرفة ص9 وما بعدها، وشذرات الذهب ج1 وج2 في تحقيق الوفاة لهؤلاء الأعلام.
----------------------------

في مختلف علوم الإسلام، ولا سيما أولئك المبرزون في علوم السُّنَّة، الذين أحبوها وتعلقوا بها أملا في أن يكونوا ممن نوه بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع".

ولقد تمثل وعي هؤلاء حقًّا للسنة النبوية الكريمة بما ظهر في شروحهم لها، وتحليلاتهم لما جاء فيها، واهتمامهم بكل ما اتصل بها متنًا وإسنادًا.

فمنذ سقطت بغداد -عاصمة الخلافة العباسية- على أيدي التتار، أخذت العلوم والمعارف تنحسر عنها وترحل إلى أقطار أخرى، وكان للديار المصرية من ذلك النصيف الأوفى، فذخرت بالعلم والعلوم طيلة القرون الثلاثة الأولى لهذا الدور، وازدهرت المدرسة المصرية في علوم الدين وما يتصل به بعامة، وفي علوم السُّنَّة وما يتعلق بها بوجه خاص.

وفي هذه الفترة من الزمان كانت مصر محكومة لدولتي المماليك البحرية والبرجية، وكان أمراء ذلك العصر يشجعون علوم الدين وعلوم السُّنَّة، حتى كان منهم من يحفظ الحديث ويرويه وكان منهم من بلغ مبلغ الإمامة فيه، حتى روى عنهم بعض أئمة الحديث وحفاظه، فهذا الحافظ ابن حجر -وهو من علمنا مكانته في علوم السُّنَّة- يسمع من السلطان المؤيد، ويترجم له في عداد مشايخه في المعجم المفهرس.


وهذه طائفة من كتب الشروح الحديثية ومؤلفيها، نوردها مرتبة على التاريخ الزمني لوفاتهم، فإذا أنعمنا فيها النظر وجدنا المؤلفات الضخمة والأسفار الكبيرة منها متمثلًا في هذا النطاق الذي نتناوله بالدراسة زمانًا ومكانًا.

أولًا: شروح البخاري
فمما عرفناه من شروح للجامع الصحيح للبخاري ما أروده صاحب كشف الظنون1 وغيره، مما نرتبه ترتيبًا زمنيًّا على النحو التالي:
1- أعلام السنن للإمام أبي سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، المتوفى سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة2.
2- شرح المهلب بن أبي صفرة الأزدي، المتوفى سنة خمس وثلاثين وأربعمائة3.
3- شرح الإمام أبي الحسن علي بن خلف، الشهير بابن بطال، المتوفى سنة تسع وأربعين وأربعمائة4.
4- الأجوبة المرعبة على المسائل المستغربة من البخاري لابن عبد البر أو عمر بن عبد البر يوسف بن عبد الله بن محمد، المتوفى سنة ثلاث وستين وأربعمائة5.

----------------------------
1 كشف الظنون ج1 ص545 وما بعدها.
2 شذرات الذهب ج2 ص127.
3 شذرات الذهب ج2 ص255.
4 شذرات الذهب ج3 ص283.
5 شذرات الذهب ج3 ص314.
----------------------------

5- شرح الإمام علي بن محمد بن عبد الكريم البزدوي، المتوفى سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.
6- مختصر شرح المهلب بن أبي صفرة، وزاد عليه فوائد لتلميذ المهلب، وهو أبو عبيد الله محمد بن خلف بن المرابط الأندلسي الصدفي، المتوفى سنة خمسين وثمانين وأربعمائة1.
7- شرح الإمام قوام السُّنَّة أبي القاسم إسماعيل بن محمد الأصفهاني الحافظ، المتوفى سنة خمس وثلاثين وخمسمائة2.
8- النجاح في شرح كتاب أخبار الصحاح لأبي عمرو عمر بن محمد بن أحمد النسقي الحنفي، المتوفى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة3.
9- شرح العلامة أبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي المالكي الحافظ، المتوفى سنة ست وأربعين وخمسمائة4.
10- شرح الجامع الصحيح للإمام الصغاني رضي الدين حسن بن محمد الصغاني، المتوفى سنة خمسين وستمائة5.
11- شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح، للعلامة جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك النحوي الطائي الجياني، المتوفى سنة اثنتين وسبعين وستمائة6.
12- شرح الإمام محيي الدين يحيى بن شرف النووي، المتوفى سنة ست وسبعين وستمائة7.
13- ترجمان التراجم، لأبي عبد الله محمد بن عمر بن رشيد الفهري، المتوفى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة8.
14- شرح الإمام قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور "ابن مسير" الحلي الحنفي، المتوفى سنة خمسين وثلاثين وسبعمائة9.
15- التلويح شرح الجامع الصحيح، للإمام الحافظ علاء الدين مغلطاي بن قليج التركي الحنفي المصري، المتوفى سنة اثنتين وستين وسبعمائة10.
16- شرح الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، المتوفى سنة أربع وسبعبن وسبعمائة11.

----------------------------
1 شذرات الذهب ج3 ص375
2 شذرات الذهب ج4 ص105
3 شذرات الذهب ج4 ص115 وهدية العارفين ج6 ص783.
4 شذرات الذهب ج4 ص141 وكشف الظنون ج1 ص553.
5 هدية العارفين ج5 ص281 وكشف الظنون ج1 ص553.
6 شذرات الذهب ج5 ص339.
7 شذرات الذهب ج5 ص354.
8 شذرات الذهب ج6 ص56.
9 شذرات الذهب ج6 ص110.
10 شذرات الذهب ج6 ص197.
11 شذرات الذهب ج6 ص331.
----------------------------

17- شرح الشيخ ركن الدين أحمد بن محمد بن عبد المؤمن القرمي، المتوفى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة1.
18- الكواكب الدراري شرح البخاري لشمس الدين محمد بن يوسف بن علي الكرماني، المتوفى سنة ست وثمانين وسبعمائة كما في الشذرات2، وذكره صاحب الكشف في وفيات 796هـ.
19- التنقيح، وهو شرح الشيخ بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي الشافعي، المتوفى سنة أربع وتسعين وسبعمائة3.
20- التوضيح شرح الجامع الصحيح، للإمام سراج الدين عمر بن علي بن الملقن الشافعي المتوفى سنة أربع وثمانمائة4، وهو في نحو عشرين مجلدًا 21- الفيض الجاري، لسراج الدين عمر بن رسلان البلقيني الشافعي، المتوفى سنة خمس وثمانمائة5، وهو في نحو عشرين كراسة وصل فيه إلى كتاب الإيمان.
22- شرح القاضي مجد الدين بن إسماعيل بن إبراهيم البلبيسي الشافعي، المتوفى سنة عشر وثمانمائة6.
23- منح الباري بالسيح الفسيح الجاري، للعلامة مجد الدين أبي طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي الشيرازي المتوفى سنة سبع عشر وثمانمائة7، وكمل منه ربع العبادات في عشرين مجلدًا.
24- مصابيح الجامع، لبدر الدين بن محمد بن أبي بكر الدماميني، المتوفى سنة ثمان وعشرين وثمانمائة8.
25- اللامع الصبيح شرح الجامع الصحيح، لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الدايم بن موسى البرماوي الشافعي، المتوفى سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة9.
26- مجمع البحرين وجوهر الحبرين وهو في ثمانية أجزاء، للعلامة تقي الدين يحيى بن محمد الكرماني -ولد محمد بن يوسف الكرماني- المتوفى سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة10.
27- التلقيح لفهم قارئ الصحيح، لبرهان الدين إبراهيم بن محمد الحلبي، المعروف بسبط بن العجمي المتوفى سنة إحدى وأربعين وثمانمائة11.

----------------------------
1 شذرات الذهب ج6 ص279.
2 شذرات الذهب ج7 ص51.
3 كشف الظنون ج1 ص556.
4 كشف الظنون ج7 ص126.
5 كشف الظنون ج1 ص541.
6 شذرات الذهب ج7 ص157.
7 شذرات الذهب ج7 ص206.
8 كشف الظنون ج1 ص549.
9 شذرات الذهب ج7 ص197.
10 شذرات الذهب ج7 ص206.
11 شذرات الذهب ج7 ص237.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:50 pm

28- المتجر الربيح والمسعى الرجيح، للعلامة محمد بن أحمد بن مرزوق التلمساني المتوفى سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة1، ولم يكمله.
29- شرح الشيخ شهاب أحمد بن رسلان المقدسي الرملي الشافعي، المتوفى سنة أربع وأربعين وثمانمائة2.
30- فتح الباري شرح صحيح البخاري للحفاظ أحمد بن حجر العسقلاني، المتوفى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة3.
31- عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، للعلامة بدر الدين أبي محمد محمود بن أحمد العيني الحنفي، المتوفى سنة خمس وخمسين وثمانمائة4.
32- شرح القاضي زين الدين عبد الرحيم بن الركن أحمد، المتوفى سنة أربع وستين وثمانمائة5.
33- شرح الإمام أبي الفضل محمد الكمال بن محمد بن أحمد النويري خطيب مكة، المتوفى سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة6.
34- التوضيح للأوهام الواقعة في الصحيح، لأبي ذر أحمد بن إبراهيم بن السبط الحلبي، المتوفى سنة أربع وثمانين وثمانمائة7.
25- الكوثر الجاري على رياض البخاري، للمولى أحمد بن إسماعيل بن محمد الكوراني، المتوفى سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة8.
36- شرح الإمام زين الدين أبي محمد عبد الرحمن بن أبي بكر بن العيني الحنفي، المتوفى سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة9.
37- التوشيح على الجامع الصحيح، للحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة10.
38- شرح القسطلاني شهاب الدين أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني المصري، المتوفى سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة11.

----------------------------
1 كشف الظنون ج1 ص550.
2 ذكره صاحب الشذرات باسم أحمد بن حسين بن أرسلان المقدسي الشافعي ج7 ص270.
3 شذرات الذهب ج7 ص270.
4 شذرات الذهب ج7 ص286.
5 كشف الظنون ج1 ص553.
6 كشف الظنون ج1 ص550.
7 كشف الظنون ج1 ص553.
8 كشف الظنون ج1 ص553.
9 كشف الظنون ج1 ص553.
10 شذرات الذهب ج8 ص51 وكشف الظنون ج1 ص549.
11 شذرات الذهب ج8 ص121 وكشف الظنون ج1 ص552.
----------------------------

39- شرح الشيخ شمس الدين محمد بن الدلجي الشافعي، المتوفى سنة خمسين وتسعمائة، وهو شرح لقطعة منه1.
40- شرح العلامة زين الدين عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن أحمد العباسي الشافعي، المتوفى سنة ثلاث وستين وتسعمائة2، ورتبه على ترتيب عجيب وأسلوب غريب، قرظه كثير من العلماء.
41- فتح الباري لزين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي، المتوفى سنة خمس وتسعين وتسعمائة3.
42- شرح جامع الصحيح للبخاري لنور الحق بن عبد الحق الدهلوي الهندي الحنفي، المتوفى سنة ثلاث وسبعين وألف4.
43- حاشية على الجامع الصحيح للبخاري لمحمد بن مصطفى بن حميد الكفوي القاضي الحنفي المعروف بالأفكرماني، المتوفى سنة أربع وسبعين ومائة وألف5.

ثانيًا: شروح مسلم:
ومما عرفناه من شروح للجامع الصحيح لمسلم بن الحجاج ما أورده صاحب كشف الظنون6 وغيره، وما نورده مرتبا فيما يلي:
1- شرح الإمام قوام السُّنَّة أبي القاسم إسماعيل الأصفهاني الحافظ، المتوفى سنة خمسين وثلاثين وخمسمائة7.
2- المعلم في شرح مسلم، لأبي عبيد الله محمد بن علي المازري المتوفى سنة ست وثلاثين وخمسمائة8، ولم يكمله.
3- الإكمال في شرح مسلم، للقاضي عياض بن موسى اليحصبي المالكي، المتوفى سنة أربع وأربعين وخمسمائة9، كمل به كتاب المعلم للمازري.
4- شرح عماد الدين عبد الرحمن بن عبد العلي المصري، المتوفى سنة أربع وعشرين وستمائة10.
5- شرح العلامة شمس الدين أبي المظفر يوسف بن قزاوغلي سبط ابن الجوزي، المتوفى سنة أربع وخمسين وستمائة11.

----------------------------
1 كشف الظنون ج1 ص551.
2 شذرات الذهب ج8 ص335 وكشف الظنون ج1 ص551.
3 كشف الظنون ج1 ص550.
4 ذيل كشف الظنون ج3 ص354.
5 هدية العارفين ج6 ص332.
6 كشف الظنون ج1 ص557 وما بعدها.
7 شذرات الذهب ج4 ص105.
8 شذرات الذهب ج4 ص114.
9 شذرات الذهب ج4 ص138.
10 شذرات الذهب ج5 ص114.
11 شذرات الذهب ج5 ص266.
----------------------------

6- المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، لأبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي المتوفى سنة ست وستمائة1.
7- المنهاج في شرح مسلم بن الحجاج، للإمام الحافظ أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الشافعي المتوفى سنة ست وسبعين وستمائة2.
8- شرح أبي الفرج عيسى بن مسعود الزواوي، المتوفى سنة أربع وأربعين وسبعمائة3.
9- شرح زوايد مسلم على البخاري، لسراج الدين عمر بن علي بن الملقن، المتوفى سنة أربع وثمانمائة4.
10- إكمال إكمال المعلم للإمام أبي عبد الله بن محمد بن خليفة الوشتاني الأبي المالكي، المتوفى سنة سبع وعشرين وثمانمائة5.
11- شرح الشيخ تقي الدين أبي بكر بن محمد الحصني الدمشقي الشافعي، المتوفى سنة تسع وعشرين وثمانمائة6.
12- شرح العلامة شمس الدين محمد بن عطاء الله بن محمد الرازي الهروي الحنفي، المتوفى سنة تسع وعشرين وثمانمائة7.
13- الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، للإمام الحافظ جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة8.
14- منهاج الابتهاج بشرح مسلم بن الحجاج، للشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني الشافعي، المتوفى سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة9.
15- شرح القاضي زين الدين زكريا بن محمد الأنصاري الشافعي، المتوفى سنة ست وعشرين، وقيل: خمس وعشرين وتسعمائة10، قال عنه الشعراني: إن غالب مسوداته بخطه "الشعراني".
16- شرح مولانا علي القاري الهروي نزيل مكة، المتوفى سنة ست عشرة وألف11.
17- شرح جامع الصحيح لمسلم، لنور الحق بن عبد الحق الدهلوي الهندي الحنفي القاضي بأكبر آباد، المتوفى سنة ثلاث وسبعين وألف12.

----------------------------
1 شذرات الذهب ج5 ص273.
2 شذرات الذهب ج5 ص354.
3 كشف الظنون ج1 ص558.
4 شذرات الذهب ج7 ص44.
5 كشف الظنون ج1 ص557.
6 شذرات الذهب ج7 ص188.
7 شذرات الذهب ج8 ص15.
8 شذرات الذهب ج8 ص121.
9 ذكره صاحب الشذرات ج8 ص134 في وفيات سنة 925.
10 كشف الظنون ج1 ص558.
11 كشف الظنون ج1 ص558.
12 هذا الشرح مذكور في ذيل كشف الظنون ج3 ص354.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:50 pm

ثالثًا: شروح سنن الترمذي
ومما عرفناه من شروح لسنن الترمذي ما أورده صاحب كشف الظنون وغيره1 وما نورده مرتبًا فيما يلي:
1- عارضة الأحوذي في شرح الترمذي، للعلامة الحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله الإشبيلي "المعروف بابن العربي المالكي" المتوفى سنة ست وأربعين وخمسمائة2.
2- شرح الحافظ أبي الفتح محمد بن محمد بن سيد الناس "اليعمري" الشافعي، المتوفى سنة أربع وثلاثين وسبعمائة3، بلغ فيه إلى دون ثلثيه في نحو عشر مجلدات.
3- شرح الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي، المتوفى سنة خمس وتسعين وسبعمائة4.
4- شرح زوائد الترمذي على الصحيحين وأبي داود، لسراج الدين عمر بن علي بن الملقن، المتوفى سنة أربع وثمانمائة5.
5- العرف الشذي على جامع الترمذي، لسراج الدين عمر بن رسلان البلقيني الشافعي، المتوفى سنة خمس وثمانمائة6 كتب منه قطعه ولم يكمله.
6- تكميل شرح ابن سيد الناس لسنن الترمذي، للإمام الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن حسين العراقي المتوفى سنة ست وثمانمائة7.
7- قوت المغتذي على جامع الترمذي، للحافظ جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة8.

رابعًا: شروح سنن أبي داود
ومما عرفناه من شروح لسنن أبي داود ما أورده صاحب كشف الظنون8 وغيره، وما نورده مرتبًا فيما يلي:
1- معالم السنن لأبي سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي، المتوفى سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة9.
2- شرح قطب الدين أبي بكر بن أحمد بن رعين اليمني الشافعي، المتوفى سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، في أربع مجلدات كبار، ومات عنه وهو مسودة10.

----------------------------
1 كشف الظنون ج1 ص559.
2 شذرات الذهب ج4 ص141.
3 شذرات الذهب ج6 ص108.
4 شذرات الذهب ج7 ص 44.
5 شذرات الذهب ج7 ص51.
6 شذرات الذهب ج7 ص55.
7 شذرات الذهب ج8 ص51.
8 كشف الظنون ج2 ص1004.
9 شذرات الذهب ج3 ص127.
10 شذرات الذهب ج6 ص171.
----------------------------

3- شرح الحافظ علاء الدين مغلطاي بن قليج، المتوفى سنة اثنتين وستين وسبعمائة1.
4- انتحاء السنن واقتفاء السنن، لشهاب الدين أبي محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم بن هلال المقدسي من أصحاب المزي، المتوفى بالمقدس سنة خمس وستين وسبعمائة2.
5- شرح زوائدها على الصحيحين في مجلدين، للشيخ سراج الدين عمر بن علي بن الملقن، المتوفى سنة أربع وثمانمائة3.
6- شرح الشيخ ولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي، المتوفى سنة ست وعشرين وثمانمائة4، في شرح أطال فيه، وكتب إلى سجود السهو منه في سبع مجلدات.
7- شرح الشيخ شهاب الدين أحمد بن الحسن الرملي المقدسي الشافعي، المتوفى سنة أربع وأربعين وثمانمائة5.
8- شرح العلامة بدر الدين محمود بن أحمد العيني الحنفي، المتوفى سنة خمس وخمسين وثمانمائة، وهو شرح لقطعة منها6.
9- مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود، للحافظ جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة7.

خامسًا: شروح سنن ابن ماجه
ومما عرفناه من شروح السنن ابن ماجه ما أورده صاحب كشف الظنون8 وغيره، وما نورده مرتبًا فيما يلي:
1- شرح العلامة أبي الحسن علي بن عبد الله بن نعمة الأنصاري الأندلسي المحدث الفقيه المالكي، المتوفى سنة سبع وستين وخمسمائة9.
2- شرح العلامة سعد الدين أبي محمد مسعود بن أحمد العراقي الحارثي المصري، المتوفى سنة إحدى عشرة وسبعمائة10.
3- شرح قطعة من سنن ابن ماجه للحافظ علاء الدين مغلطاي بن قليج، المتوفى سنة اثنتين وستين وسبعمائة11،

----------------------------
1 شذرات الذهب ج6 ص197.
2 كشف الظنون ج2 ص1006.
3 شذرات الذهب ج7 ص44.
4 شذرات الذهب ج7 ص173.
5 شذرات الذهب ج7 ص248.
6 شذرات الذهب ج7 ص286.
7 شذرات الذهب ج8 ص 51.
8 كشف الظنون ج2 ص1004.
9 ذكره العماد في الشذرات ج4 ص223 وقال إنه شرح سنن النسائي.
10 شذرات الذهب ج6 ص28 وهذا الشرح والذي قبله مذكوران أيضًا في ذيل كشف الظنون ج4 ص28.
11 شذرات الذهب ج6 ص197.
----------------------------

4- شرح زوائده على الخمسة "الصحيحين وأبي داود والترمذي والنسائي" في ثمان مجلدات، واسمه ما تمس إليه الحاجة من سنن ابن ماجه، للعلامة سراج الدين عمر بن علي بن الملقن الشافعي المتوفى سنة أربع وثمانمائة1.
5- الديباجة شرح سنن ابن ماجه، للشيخ كمال الدين محمد بن موسى الدمري الشافعي، المتوفى سنة ثمان وثمانمائة، في نحو خمس مجلدات2، مات قبل تحريره وتبيضه.
6- شرح العلامة الحافظ برهان الدين إبراهيم بن محمد الحلبي سبط بن العجمي، المتوفى سنة إحدى واربعين وثمانمائة3.
7- مصباح الزجاجة على سنن ابن ماجه، للحافظ جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة4.

سادسًا: شروح سنن النسائي
ومما عرفناه من شروح النسائي هذان الشرحان:
1- شرح الشيخ سراج الدين عمر بن علي بن الملقن الشافعي، المتوفى سنة أربع وثمانمائة5، وهو شرح لزوائدها على الصحيحين.
2- شرح الحافظ جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة6، وهو عبارة عن تعليقه عليها كتعليقته على البخاري.

سابعًا: شروح مسند الإمام أبي حنيفة
ومما عرفناه من شرح لمسند الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان7 ما يأتي:
1- شرح المستند على المعتمد من المسند، وكلاهما لجمال الدين محمود بن أحمد القونوي، المتوفى سنة سبعين وسبعمائة8.
2- الأمالي على المسند، للشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي، المتوفى سنة تسع وسبعين وثمانمائة9.
3- التعليقة المنيفة على مسند أبي حنيفة، وهي شرح كتعليقته على البخاري ومسلم، للحافظ جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة10.

----------------------------
1 شذرات الذهب ج7 ص44.
2 شذرات الذهب ج7 ص79.
3 شذرات الذهب ج7 ص237.
4 شذرات الذهب ج8 ص51.
5 شذرات الذهب ج7 ص44.
6 شذرات الذهب ج8 ص51.
7، 8 كشف الظنون ج2 ص168.
9 شذرات الذهب ج7 ص326.
10 شذرات الذهب ج8 ص51.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:51 pm

ثامنًا: شروح موطأ مالك
ومما عرفناه من شروح لموطأ الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة ما أورده صاحب كشف الظنون1 وغيره، وما نورده مرتبًا على النحو التالي:
1- شرح أبي مروان عبد الملك بن حبيب المالكي، المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائتين2.
2- شرح العلامة إبراهيم بن محمد الأسلمي، المتوفى سنة أربع وثمانين ومائتين.
3- شرح ابن رشيق القيرواني، المتوفى سنة ست وخمسين وأربعمائة3.
4- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، لأبي عمر بن عبد البر يوسف بن عبد البر القرطبي، المتوفى سنة ثلاث وأربعمائة4.
5- الاستيفاء في شرح الموطأ، لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، المتوفى سنة أربع وسبعين وأربعمائة5، وله كتاب آخر سماه المنتقى.
6- شرح أبي محمد عبد الله بن محمد النحوي البطليموس، المتوفى سنة إحدى وعشرين وخمسمائة6.
7- القبس في شرح الموطأ، للقاضي الحافظ أبي بكر محمد بن العربي المغربي الإشبيلي، المتوفى سنة ست وأربعين وخمسمائة7.
8- كشف المغطى في شرح الموطا، وتنوير الحوالك على موطأ الإمام مالك، كلاهما للحافظ جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة، وله أيضًا إسعاف المبطأ برجال الموطأ8.
9- شرح الشيخ زين الدين عمر بن أحمد الشماع الحلبي، المتوفى سنة ست وثلاثين وتسعمائة9.
10- شرح خاتمة المحدثين محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن علوان الزرقاني المصري المالكي، المتوفى سنة اثنتين وعشرين ومائة وألف للهجرة10.

تاسعًا: شروح مسند الإمام الشافعي
ومما عرفناه من شرح لمسند الإمام الشافعي ما أورده صاحب كشف الظنون11 وما نورده مرتبًا فيما يأتي:
1- شافي العي في شرح مسند الشافعي، لأبي السعادات المبارك بن محمد، المعروف بابن الأثير الجزري المتوفى سنة ست وستمائة12.

----------------------------
1 كشف الظنون ج2 ص1907 وما بعدها.
2 ذكره ابن العماد في الشذرات في وفيات سنة ثمان وثلاثين ومائتين ج2 ص90.
3 شذرات الذهب ج3 ص297.
4 شذرات الذهب ج3 ص314.
5 شذرات الذهب ج3 ص344.
6 شذرات الذهب ج4 ص64.
7 شذرات الذهب ج4 ص141.
8 شذرات الذهب ج8 ص51.
9 شذرات الذهب ج8 ص218.
10 كشف الظنون ج2 ص1908.
11 كشف الظنون ج2 ص1683.
12 شذرات الذهب ج5 ص22.
----------------------------

2- شرح الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن محمد القزويني الرافعي، المتوفى سنة ثلاث وعشرين وستمائة1.
3- شافي العي في شرح مسند الشافعي، للحافظ جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة.

عاشرًا: شروح مسند الإمام أحمد
ومما عرفناه من شروح لمسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني2 ما نورده فيما يلي:
1- المسند الأحمد فيما يتعلق بمسند أحمد، وهو شرح للعلامة شمس الدين محمد بن محمد ابن علي بن يوسف الجزري، المتوفى سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة3.
2- شرح أبي الحسن بن عبد الهادي السندي نزيل المدينة المنورة، المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائة وألف4.
3- شرح الشيخ أحمد محمد شاكر من علماء القرن الرابع عشر الهجري، وهو مطبوع طبعته دار المعارف بمصر عام سبع وستين وثلاثمائة وألف للهجرة، وطبع منه خمسة عشر جزءًا.
4- بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني شرح مسند أحمد بن حنبل الشيباني، للشيخ أحمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي أحد علماء القرن الرابع عشر الهجري، انتهى رحمه الله من تبييضه وأخرج أكثره.

وهذا أهم ما عثرنا عليه من شروح لكتب الأصول الحديثية، وهي لأئمة أجلة زخرت بهم -وبأمثالهم في العلوم الأخرى- عصور الأمة الإسلامية، أوردناها مرتبة على أصولها ليسهل تناولها للدارسين في شروح السُّنَّة، ومنه يتبين أن نصيب المدرسة المصرية في هذه الكتب كان كبيرًا بالنسبة إلى البلدان الأخرى في الفترة التي اخترناها للدراسة.

وفيما يلي دراسة لبعض كتب الشروح المهمة التي ألفها علماء الحديث المصريون، نشير بها إلى جهودهم في خدمة السُّنَّة، وقيامهم على حمايتها والدفاع عنها، ونبدأ من ذلك بكتاب عمدة القارئ شرح صحيح البخاري.

----------------------------
1 شذرات الذهب ج5 ص108.
2 من كشف الظنون ج2 ص1680.
3 ذيل كشف الظنون ج4 ص481.
4 ذكره صاحب كشف الظنون ج2 ص1680.
----------------------------

عمدة القارئ شرح صحيح البخاري:
لبدر الدين العيني المتوفى سنة 855هـ:
ومؤلفه هو المحدث الكبير بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد أبو محمد العينتابي المولد، ثم القاهري الحنفي.

نشأ في عينتاب من أعمال حلب، ولازم الشيوخ فأخذ عنهم مختلف العلوم الشرعية والعربية، وتولى كثيرًا من المناصب في الديار المصرية، وحدث وأفتى ودرس، وأخذ عنه الأئمة من كل مذهب طبقة بعد طبقة.

قال السخاوي في ترجمته للعيني:
كنت ممن قرأ عليه أشياء، بل علق شيخنا "يريد ابن حجر" من فوائده، بل سمع عليه ثلاثة أحاديث مع ما بينهما مما يكون عادة بين المتعاصرين. وكذلك كان هو يستفيد من شيخه خصوصًا حين تصنيفه رجال الطحاوي قال: وترجمه شيخنا في رفع الإصر، وفي معجمه باختصار، وذكره ابن خطيب الناصرية في تاريخه فقال: هو إمام عالم فاضل مشارك في علوم، وعنده مروءة وحشمة وعصبية وديانة، ثم قال السخاوي: ولم يزل ملازمًا للجمع والتصنيف حتى مات، خصوصًا بعد صرفه عن نظر الأحباس، وصار يبيع من أملاكه وكتبه سوى ما وقفه على مدرسته منها، وهو شيء كثير.

وقد ذكر السخاوي من تصانيفه العدد الكبير ذكر في أولها شرحه "عمدة القارئ لصحيح البخاري"، وقال: إنه استمد فيه من شرح ابن حجر بحيث كان ينقل منه الورقة بكمالها، وكان يعترض عليه أحيانًا، ولكن الشيخ ابن حجر تعقبه في مجلد حافل، ثم ذكر ما لكل من الشرحين العيني وابن حجر من المزايا، ثم أورد ما له من الشروح للكتب في الحديث وغيره، وذكر منها معاني الآثار للطحاوي شرحه في عشر مجلدات، وقطعة من سنن أبي داود في مجلدين، وقطعة كبيرة من سيرة ابن هشام، وجمع الكلم الطيب لابن تيمية، وشرح الكنز في كتاب سماه رمز الحقائق في شرح كنز الدقائق، وغيرها من الكتب الكثيرة، وله بعض المختصرات، مثل مختصر الفتاوى الظاهرية، والمحيط في الفقه الحنفي، وحواش على شرح الألفية لابن المصنف، وعلى التوضيح، وعلى شرح الجاربري في التصريف، وعمل سيرة الأنبياء، وتاريخًا كبيرًا في تسعة عشر مجلدًا، وله طبقات الشعراء، وطبقات الحنفية، ورجال الطحاوي، ومعجم شيوخه، واختصر تاريخ ابن خلكان، وله تحفة الملوك في المواعظ والرقائق.

وفي مقدمة شرحه للبخاري بيان بشيوخه وتلامذته جاء فيه: أن من شيوخه زين الدين عبد الرحيم العراقي، سمع عليه صحيح البخاري، والإلمام في أحاديث الأحكام لابن دقيق العيد، ومنهم سراج الدين البلقيني، سمع عليه محاسن الاصطلاع، ومقدمة ابن الصلاح، ومنهم المحدث الكبير تقي الدين محمد بن محمد الدجوي، سمع عليه جميع الأصول الستة بأسرها وكثيرًا من المسانيد، ومنهم الحافظ نور الدين الهيثمي، سمع عليه جملة كتب، ومنهم قطب الدين عبد الكريم الحلبي، قرأ عليه المعاجم الثلاثة، ومنهم الشيخ المسند شرف الدين محمد بن محمد بن الكويك، سمع عليه الشفاء للقاضي عياض ومسند أبي حنيفة، وذكر كثيرًا جدًّا من الشيوخ الذين أخذ عنهم وسمع منهم.

وذكر من تلامذته -الذين قال: إنهم كثير جدًّا -الإمام شيخ الإسلام ابن حجر الذي أخذ عنه بعض الفوائد والأحاديث كما ذكر السخاوي، ومنهم كمال الدين بن الهمام، والعلامة قاسم بن قطلوبغا، وشمس الدين السخاوي، والحافظ محمد بن أبي بكر الصالحي المعروف بابن زريق محدث الديار الشامية، ومنهم الشيخ كمال الدين الشمني، والبدر البغدادي، وقطب الدين الحيضري، والبرهان ابن خضر، والقاضي نور الدين علي بن داود الخطيب، وكثير غيرهم.

وهذا الكتاب -عمدة القاري- يعد من الشروح المبسوطة للبخاري، وهو أحد الكتابين العظيمين الذين سارت بذكرهما الركبان، وانتفع بها طلاب الحديث أيما انتفاع، حتى كأنهم يستغنون بهما عما عداهما في هذا الباب، والكتاب الآخر هو فتح الباري للإمام العلامة شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر، وإن كانت شهرة فتح الباري في عصرهما كانت أكثر، والإقبال عليه أعظم، ولعل ذلك كان لمكانة ابن حجر من السُّنَّة، ورسوخ قدمه فيها حتى إنه اختص من بينهما بلقب الحافظ، ولا سيما أن عمدة القاري ظهر بعد انتشار فتح الباري، الذي ظهر والناس متعطشون لكتاب حافل يشرح صحيح البخاري، يجلي عرائسه، ويكشف جناه ونفائسه.

وإذا كنت قد ضمنت هذه الرسالة بحوثًا عديدة، وتناولت فيها دراسة كتب كثيرة، من بينهما هذا السفر الكريم والخضم العظيم، فإنني لا أستطيع أن أوفيه حقه، ولا أن أتناول كثيرًا من جوانبه التي تصوره للقارئ الكريم، ذلك أنه يحتاج إلى أزمنة متطاولة، ودراسات حافلة لا يتسع لها نطاق البحث في حدود المنهج المرسوم، وهذا بعينه هو السبب في إيثاري لهذا الكتاب بالدراسة دون فتح الباري؛ لأن عناوينه الضابطة تحدد مباحثه، وتجعل الناظر فيه على بصيرة أكثر من إبراز صفاته ووصف مزاياه، يضاف إلى ذلك أن الإمام العيني من أعلام هذه الحقبة التي جعلناها مادة لدراستنا في السُّنَّة، فإنه ممن يتوسطون في هذه المدرسة زمانًا ومكانًا، وهو من أعلامها الفحول البارزين ورجالها المبرزين، ولم تسبق دراستنا لشيء من مؤلفاته كما درسنا لابن حجر، الذي ظفرت مؤلفاته من دراستنا بنصيب كبير: في كتب الأحكام وكتب الزوائد وكتب الرجال وكتب التخريج وكتب المصطلح.

فمن أجل ذلك آثرنا عمدة القارئ على فتح الباري بالدراسة في كتب الشروح.



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:52 pm

وفي مجال وصف المؤلفين لهذا الكتاب يقول صاحب كشف الظنون عند بيانه لكتب شروح الجامع الصحيح1 ما ملخصه:
ومن الشروح المشهورة شرح العلامة بدر الدين أبي محمد محمود بن أحمد العيني الحنفي المتوفى سنة 855هـ وهو شرح كبير في عشرة أجزاء وأزيد، وسماه عمدة القاري، وأورد في خطبته أنه لما رحل إلى البلاد الشمالية قبل الثمانمائة مستصحبًا فيها هذا الكتاب "الجامع الصحيح" ظفر هناك من بعض مشايخه بغرائب النوادر المتعلقة به، ثم لما عاد إلى مصر شرحه -وهو بخطه في واحد وعشرين مجلدًا- بمدرسته التي أنشأها بالقرب من الجامع الأزهر، وشرع في تأليفه في أواخر رجب سنة 821هـ وفرع منه في أوائل جمادى الأولى سنة 847هـ، واستمد فيه من فتح الباري، بحيث ينقل منه الورقة بكمالها، وكان يستعيره من البرهان بن خضر بإذن مصنفه له، وتعقبه في مواضع، وطوله بما تعمد الحافظ ابن حجر حذفه من سياق الحديث بتمامه، وأفرد كل مراتب الرواة بالكلام، وبيان الأنساب واللغات والإعراب، والمعاني والبيان، واستنباط الفرائد من الأحاديث، والأسئلة والأجوبة.

وحكى أن بعض الفضلاء ذكر لابن حجر ترجيح شرح العيني بما اشتمل عليه من البديع وغيره فقال بديهة: هذا شيء نقله من شرح لركن الدين، وقد كنت وقفت عليه قبله، ولكني تركت النقل منه لكونه لم يتم، إنما كتب منه قطعة وخشيت من تعبي بعد فراغها من الاسترسال، ولذا لم يتكلم العيني -بعد تلك القطعة- بشيء من ذلك. ا. هـ. وبالجملة فإن شرحه حافل كامل في معناه، ولكنه لم ينتشر كانتشار فتح الباري في حياة مؤلفه.

هذا ما ذكره صاحب كشف الظنون من حكم على هذا الشرح ووصف له.

وقد أورد المرحوم الشيخ محمد منير الدمشقي مخرج الكتاب وناشره في بداية الكتاب ترجمة مسهبة للمؤلف تناول فيها مؤلفات العيني، فأورد من بينها هذا الكتاب "عمدة القارئ" وذكر أنه وقع في إحدى وعشرين مجلدة على تجزئه المصنف، ووصفه بأنه أوسع شروح البخاري نقلًا وتحقيقًا، وأجمعها للفوائد بحثًا وتمحيصًا، ينتهج منهج إتمام سياق الحديث حيث اختصر البخاري، ويسلك مسلك تعيين مواضع تخريجه من الكتاب إذا تعددت طرقه وتكرر تخريجه في الأبواب، ويذكر اختلاف رواة الكتاب إذا كان هناك اختلاف، ويوفي حق الكلام في الرجال، وضبط الأسماء والأنساب، بحيث يغني عن تطلب ذلك في الكتب المؤلفة في هذا الباب، ويبين اللغة والإعراب أتم بيان، ويتعرض بأسلوب بديع لوجوه المعاني والبيان، ثم وصفه بأنه يتوسع في طرائق استنباط الأحكام من الحديث، ويذكر لطائف الإسناد من علو ونزول، ومدني وشامي ونحوها.

----------------------------
1 كشف الظنون ج1 ص548 وما بعدها.
----------------------------

ويبسط في المسائل الخلافية تخريج الأحاديث المتعلقة بها بسطًا وافيًا، ويقارن بين الأدلة ويحاكم بينها، ويسرد تحت عنوان الأسئلة والأجوبة مواضع الأخذ والرد من فقه الحديث، وينتقي من شروح المتقدمين، مواطن العلم والفوائد مع تمام الاستقصاء، ثم تطرق من ذلك إلى الوصف بأنه يشرح الأحاديث من جميع مناحيها، وأن الكتاب بغية المتعلق بالمنقول وطالب المعقول، وأنه سهل الكشف عن المطالب في مظانها، بوضع العناوين الدالة عليها، ولم يحشد إلى كتابه ما هو أجدر بكتب المصطلح مما له كبير مساس بكتب الحديث، ولا يطيل بتخريج طرق الحديث عن كتب المستخرجات والأطراف المختصة بذلك، إلا ما يحتاج إليه في شرح الكتاب، أو ما يفيد ترجيح لفظ على لفظ في الروايات، ولا يفوته موضع الفائدة من ذلك، وقلما يحيل المطالع إلى مواضع قد يتيه في تطلبها، بخلاف صاحبه الشهاب فإنه كثير الإحالة، وقد لا توجد الفائدة حيث أحال، كما أنه خال عما سبق من مزايا شرح البدر، ثم نقل ناحية بين أنها تزيد شرح العيني مزية، وهي أنه كان يطلع على شرح الشهاب ابن حجر جزءًا بواسطة البرهان بن خضر أحد أصحاب الشهاب، وينتقده في مواطن انتقاده مع التوافق بين الشرحين في النقول في بعض المواضع لتوافق مراجعهما، وتناول الكاتب شبهة أن الثاني أخذ من الأول، وبين أنها نظرة من لا دراية له، وأنه يظهر عند الكشف عن مواطن اتفاقهما في مراجعهما، وأورد أيضا أن كتاب العيني ظهر بعد فراغ ابن حجر من شرحه بخمس سنوات، فدهش ابن حجر وأصحابه من ظهور شرح البدر بهذا المظهر، وابتدأ أصحابه يذيعون أعذارًا لشيخهم مولدة، وأورد أن الشهاب بدأ يرد انتقاد العيني عليه، فكتب الاعتراضات وترك ما تحتها بياضًا ليجيب عليها، فاخترمته المنية ولم يجب على كثير منها. ثم اعترف بأن كليهما شرح حافل، وأن العلامة ابن خلدون الذي قال في مقدمته:1 إن شرح البخاري دين على الأمة لو عاش إلى زمن ظهور هذين الشرحين لحكم لهما بقضاء هذا الدين، ثم عاد يفضل شرح العيني بأن من خاض بحار شرحه الفياض يرى نفسه في ملتقى سيل العلوم من جميع النواحي: لغة وإعرابًا وبلاغة واستنباطًا وكشفًا عن تراجم الرجال وكشف كناهم وألقابهم وأسمائهم وأنسابهم وبيانًا لفوائد حديثية، ولطائف إسنادية، وانتهى من ذلك إلى أن المنصف يحكم للعيني بقضاء هذا الدين بلا ارتياب.

وهذه الكلمة المسهبة وإن بدا فيها روح التعصب للمؤلف وكتابه إلا أنها أغنتنا في وصف الكتاب عن بعض ما كنا سنتناوله من وصف، ونحن نرى أنها قد ذكرت كثيرًا مما للعيني من مزايا، وأغفلت بعض ما فيه مما رآه الكاتب نقصًا في شرح الشهاب، فإن الإحالات في كتاب العيني كثيرة ولا سيما في آخره، بل إنه منذ أول الكتاب يحيل في بيان تراجم الرجال عند ذكر أسمائهم، فمن تقدم ذكره في موضع ترك الكلام عليه وأحال على ما تقدم.

----------------------------
1 انظر مقدمة ابن خلدون ص351 مطبعة التقدم وفيها يقول: ولقد سمعت كثيرًا من شيوخنا رحمهم الله يقولون: شرح كتاب البخاري دين على الأمة يعنون أن أحدًا من علماء الأمة لم يوفر له ما يجب من الشرح بهذا الاعتبار.
----------------------------

دون ذكر الموضع الذي ورد فيه فيما تقدم، على أنه قط غمط العيني بعض مزاياه حين ذكر أنه يعين بعض مواضع تخريج الحديث من الكتاب إذا تعددت طرقه وتكرر تخريجه، فإن العيني لا يقتصر على هذا القدر من الإشارة إلى ذكر الحديث في مواضع من الجامع نفسه، بل إنه يذكر من أخرجه من المحدثين غيره، كمسلم وأبي داود والترمذي وغيرهم، وهذه ناحية ملموسة واضحة، بل إنها ترد في بعض عناوينه الخاصة بهذا المعنى إذ يقول: ذكر تعدد مواضعه ومن أخرجه غيره، ويفي بذلك تحت هذا العنوان.

ونحن بدورنا نشير إلى ما سنح لنا من الصفات البارزة في هذا الكتاب، عند دراستنا لأجزاء من أوائله وأخرى من أواخره، إيثارًا للإيجاز الذي يتناسب مع منهجنا وخطتنا في البحث.

1- الكتاب في جملته مبسوط بحيث إنه يتناول كثيرًا مما لا يحتاج إليه طالب الحديث ولا سيما فيما يتعلق بالفوائد اللغوية والنحوية والبلاغية والصرفية والبيانية، وإن كان عظيم الفائدة غزير المادة في النواحي الحديثية، وفي شرح ما يحتاج إليه القارئ في استنباط الأحكام، وعرض الأسئلة والأجوبة التي تمكن المعاني في ذهن دارس الحديث، وبيان اختلاف الأئمة والعلماء من المتكلمين في العقائد والمتفقهين في الأحكام، وتفصيل مذاهب كل أولئك، وبيان وجهات كل منهم، وأدلته على ما ذهب إليه، وكثيرًا ما يرجح بعض المذاهب على بعض من وجهة نظره التي يبرزها بدليله وحجته.

2- الواقع أن وصف الكتاب بالبسط والإطناب يتجلى في الأجزاء الأولى منه، فهو يتناول الأحاديث في تلك الأجزاء بما لا يخلو أكثره مما يأتي:
بيان مناسبة الحديث للباب الذي أورده البخاري، بيان رجاله، بيان لطائف إسناده، بيان مفردات اللغة، بيان الإعراب، بيان الصرف، بيان المعاني، بيان البيان، بيان استنباط الأحكام، الأسئلة والأجوبة، وإذا تطلب الحديث أكثر من ذلك كبيان الأسماء الخارجة عن السند وهي واردة في متن الحديث فإنه يتناولها كذلك بعنوان آخر، وكذلك إذا تطلب الحديث بيان الأنساب أو الأماكن أو غير ذلك فإنه يضع عنوانًا مناسبًا لما يتطلبه الحديث من بيان، ومن ذلك ما جاء في حديث هرقل حيث وضع فيه بيانًا بالأسماء الواقعة فيه1 وبيانًا بأسماء الأماكن فيه2، وقد يذكر في بعض الأحاديث بيانًا بضبط الرجال، وفوائد تتعلق بهم، كما أنه يذكر بيان نوع الحديث من كونه متواترًا أو غير متواتر، غريبًا أو عزيزًا أو ما أشبه ذلك، وقد يذكر بيان سبب الحديث ومورده، وذلك كما في حديث: "إنما الأعمال بالنيات" 3.

3- وطريقة تناوله لتلك النواحي التي أوردنا أنه لا يكاد يغفلها في مناسباتها أنه يغلب عليه التطويل المسهب، وإن كانت هذه النواحي لا تفيد الفائدة المنشودة في بيان الحديث.

----------------------------
1 عمدة القارئ ج1 ص79.
2 عمدة القارئ ج1 ص82.
3 عمدة القارئ ج1 ص28.
----------------------------

فهو مثلًا في بيان اللغة تحت العنوان الأول. كيف كان بدء الوحي وما تضمنه من الآية الكريمة: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك} يتكلم على كلمة باب، فيذكر أصله وجمعه ومؤنثه، ويذكر في "كيف" أنها من أي أنواع الكلمة، وما دليل ذلك، وكيف استعملها العرب، وفي كلمة "بدء الوحي" يتكلم على البدء ووزنه، وما أورده صاحب العباب في شأنه، ويتكلم في كلمة الوحي يذكر أصل معناها، وجمعها، وبعض ما وقعت فيه من أشعار العرب، ومن آيات القرآن الكريم والرسول، وبماذا يعرف، وما الفرق بينه وبين النبي، وغير ذلك، ما يشغل القارئ ويجعله يمل قبل أن يصل إلى مقصوده من الحديث.

ثم ينتقل إلى بيان الصرف، فيذكر أنه "كيف" لا يتصرف لأنه جامد، وأن "الوحي" مصدر أوحى، وأن الرسول صفة مشبهة، ويطيل في ذلك أيضًا.

ثم ينتقل إلى الإعراب فيذكر أن "باب" بالرفع خبر لمبتدأ محذوف، ويجوز فيه التنوين وتركه للإضافة، وما ذكره بعضهم من أنه يجوز فيه الوقف، ويناقش ذلك، وما وقع في بعض الروايات من حذفه، وما إلى ذلك.

ثم ينتقل إلى المعاني فيبين أن "كيف" تتضمن معنى همزة الاستفهام، وأنه للإنكار، وأن هذا الأسلوب من أي الأنواع.

ثم ينتقل إلى: "إنا أوحينا" فيبين من أي ضروب الخبر هو، وما هي أضرب الخبر عند علماء المعاني ويستشهد من كلام عبد القاهر على ما يقول.

ثم ينتقل إلى البيان، فيذكر أن الكاف في كما أوحينا للتشبيه، ويفسر ذلك.

ثم ينتقل إلى التفسير، فيبين موضع الآية من القرآن الكريم، وسبب نزولها.

ثم ينتقل إلى سر تصدير الباب بالآية المذكورة، وما جرت به عادة البخاري من ضمه إلى الحديث ما يناسبه من القرآن أو غيره.

وهذا الأخير هو أنفع ما ينتفع به طالب الحديث ويعني بشأنه، وليس له حاجة بما قدمه من قبله.

هذا هو صنيع الإمام العيني في شرح كل حديث يورده البخاري، وليس ذلك قاصرًا على أول الباب الأول، ولكنه مطرد في الأجزاء الأولى من الكتاب -كما قلنا.



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:52 pm

ولنضرب لك مثلًا آخر من الجزء الثاني من الكتاب:
في الحديث الثالث والثلاثين من باب الغضب في الموعظة والتعليم1، وهو قول ابن خالد الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن اللقطة فقال: "اعرف وكاءها -أو قال: وعاءها وعفاصها- ثم عرفها سنة، ثم استمتع بها، فإن جاء ربها فأدها إليه".

----------------------------
1 عمدة القارئ ج2 ص107.
----------------------------

قال: فضالة الإبل؟ فغضب حتى احمرت وجنتاه -أو قال: احمر وجهه- فقال: "ومالك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وترعى الشجر، فذرها حتى يلقاها ربها"، قال: فضالة الغنم، قال: "لك أو لأخيك أو للذئب". ا. هـ. تناول المؤلف فيه ما يأتي:
مطابقته للترجمة، وهي باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره، فذكر أن المطابقة في قوله: فغضب، ثم بيان رجاله وهم ستة، فترجم لهم عدا من سبق ذكره، ثم لطائف إسناده: وهي التحديث والعنعنة إلى آخره، ثم بيان تعدد مواضعه ومن أخرجه غير البخاري، وذكر في ذلك كلامًا كثيرًا يتجاوز نصف صفحة من القطع الكبير، ثم بيان اللغات، فضبط اللقطة، وذكر الخلاف في ضبطها، ونصوص رجال اللغة فيها... وأطال في ذلك بإيراد نقول كثيرة، ثم تناول كلمة اعرف، وبين أنها من المعرفة لا من الإعراف، ثم تناول كلمة الوعاء فضبطها، وبين معناها والخلاف فيه، ثم تناول كلمة الوكاء وفعله وتعديه، وما قيل في ذلك، وأورد شاهدًا من كلام العرب على معنى أوعيت الزاد، ثم ضبط كلمة العفاص، وما ذكر من أنه يقال فيه العقاص وأورد عبارات اللغة في ذلك، واستطرد إلى عقاص القارورة كالصمام والسداد، وأورد للأخير شاهدًا من كلام العرب، وشرح كلمة ربها وما يستعمل فيه، ثم كلمة الضالة وما تستعمل فيه، وهل يصح حذف التاء فيه، ثم شرح كلمة الوجنة، ثم كلمة السقاء، وما يجمع عليه، ثم كلمة الحذاء ومعناه في البعير ومقابله في الفرس، ثم كلمة ذرها وبين أن ماضيه ميت غير مستعمل، وكلمة الغنم فبين أنه مؤنث موضوع للجنس يقع على الذكور والإناث. وأطال في ذلك.

وبعد هذا ذكر بيان الإعراب، فبين أن رجلًا فاعل سأله، وأن وكاءها مفعول اعرف، وأن عرفها معطوف على اعرف، وأن سنة منصوب بنزع الخافض، وأورد أن استمتع معطوف على عرفها وبين أن "فأدها" جواب الشرط فذلك دخلته الفاء، وأن قول السائل: فضالة الإبل كلام إضافي مبتدأ وخبره محذوف، وأن الفاء في قوله فغضب للسببية مثلها "فوكزه موسى فقضى عليه" وأن حتى للغاية بمعنى إلى، وأن وجنتاه فاعل احمرت، وعلامة الرفع الألف، وأن قوله: مالك ولها يروى بالواو وبغير الواو، وأن كلمة ما استفهامية ومعناه ما تصنع بها، أي لم تأخذها... وأن جملة ترد الماء يجوز أن تكون بيانًا لما قبلها لا محل لها وأن يكون محلها الرفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف، أي هي ترد الماء وترعى الشجر، وقوله: فذرها جملة من فعل فاعل، والفاء فيها جواب شرط محذوف "هكذا" وقوله: فضالة الغنم كلام إضافي مبتدأ، خبره ما حكمها قوله: لك أو لأخيك أو للذئب فيه حذف تقديره: ليست ضالة الغنم مثل ضالة الإبل، هي لك إن أخذتها أو هي لأخيك... إلى آخر ما أطال به مما لا يكاد يكون دقيقًا إذا طبق على قواعد النحو.

وفي بيان المعاني ذكر المراد بالرجل السائل، وبين في كلمة أو قال إنها شك من الراوي وما في ذلك من خلاف، وفي اعرف عفاصها ووكاءها أنها وردت في بعض الطرق من غير شك، ثم ذكر العلة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بمعرفة العفاص والوكاء، وفي قوله: ثم عرفها بين أن فيه حذفًا أي للناس، وبم يكون التعريف، وما عدته... وأطال في ذلك، ثم ذكر السر في الإتيان بثم في قوله: "ثم استمتع" وبين في قوله: "فغضب" وأطال فيه.

ثم انتقل إلى بيان البيان، وذكر أن فيه التشبيه للإبل بمن كان معه حذاء وسقاء في السفر، وانتقل بعد ذلك إلى البديع، وبين أن فيه جناسًا ناقصًا في اعرف وعرف، وهل يستوي الحرف المشدد مع الحرف المخفف.

وبعد ذلك انتقل إلى استنباط الأحكام، فذكر وجوهًا كثيرة جدًّا.

وأطال فيها، وكان استنباط الأحكام من هذا الحديث فيما يقرب من ثلاث صفحات من القطع الكبير.

وواضح أن استنباط الأحكام هذا هو أهم ناحية في عرض السُّنَّة وشرحها للناس، أما تلك النواحي الأخرى التي بلغت نحوًا من ثلاث صفحات أخرى فقد كان يمكن الاقتصار فيها على أقل القليل حتى يصل طالب المعنى إلى بغيته من أقرب طريق.

ولعل فيما عرضناه من طريقته في الموضوعين اللذين أوردناهما ما يلقي ضوءًا مسفرًا على ما وصفنا به الكتاب من البسط في أوائله.

وأما أواخره، فإنها لم تكن على هذا الوجه من البسط ولا ما يقرب منه، فليس فيها تلك العناوين الكثيرة، وإن كان فيها بعض ما يندرج تحت هذه العناونين دون ذكرها، ولكن مع الإيجاز والاختصار البين، ولو أنه سلك هذا المسلك من أول الكتاب لكان أنفع لطالب الحديث، وأعون على تعجيل المنفعة وتيسيرها للراغب في السُّنَّة الذي يريد أن يستغني بأقل القليل مما أطال به المؤلف في غير جوهر الحديث ونواحيه الدينية الأصلية.

وإليك مثالين من صنعه في آخر الكتاب:
في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال1: "تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده، كما يكفؤ أحدكم خبزته في السفر نزلًا لأهل الجنة"، فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة قال: "بلى". قال: تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: إدامهم بالأم ونون. قالوا: وما هذا؟ قال: ثور ونون يأكل من زئادة كبدها سبعون ألفًا.

----------------------------
1 عمدة القارئ ج23 ص102.
----------------------------

وبدر الدين العيني في هذا الحديث يذكر مطابقته للترجمة، وهي باب "يقبض الله الأرض يوم القيامة" ويبين من أخرجه غيره دون ترجمة، ويشرح الألفاظ دون ترجمة، فيشرح الخبزة بإيجاز، ويشرح التكفؤ كذلك، ويبين الشبه في قوله: كما يكفؤ أحدكم خبزته، ويذكر كلام الخطابي في ذلك، ثم يشرح كلمة النزل ويبين المراد بها، ثم يروي عن البيضاوي أن هذا الحديث مشكل جدًّا، لا من جهة إنكار صنع الله وقدرته، بل لعدم التوقف على قلب جرم الأرض من الطبع الذي عليه إلى طبع المطعوم والمأكول، ويزيل البيضاوي الإشكال في ذلك فيما ينقله العيني عنه ثم يذكر وجوهًا للمحدثين في إزالة هذه الإشكال، ثم ينتقل إلى بيان السبب في ضحك النبي صلى الله عليه وسلم، ويفسر قوله: بدت نواجذه، ثم يقسم الأضراس في هذه المناسبة، ثم يتكلم عن البالام بما ينقله عن الكرماني من بيان إعرابها، والأقوال فيها، والصحيح من ذلك، وهي أنها عبرانية معناها الثور، ويذكر تعليل الخطابي ذكر اليهودي لهذه الكلمة، ثم يذكر تفسير ابن الأثير لهذه الكلمة، ومناقشته لتفسير غيره، ثم ينتقل إلى بيان أن "من" في قوله: من زائدة كبدها زائدة، ويفسر الزائدة بأنها القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد، ويذكر أنها أطيبها، ولذلك خص بأكلها سبعون ألفًا، ويذكر خلاف المحدثين في هؤلاء السبعين، ثم يذكر أثرًا عن ابن المبارك عن كعب: "أن الله يقول لأهل الجنة: إن لكل ضيف جزورًا، وإني أجزركم اليوم حوتًا وثورًا" كما يذكر أثرًا عن مسلم من حديث ثوبان: "أن تحفة أهل الجنة زيادة كبد النون" وينتهي من هذا الشرح بلا جزم بقول، ولا اختيار لرأي، ومهما يكن فإنه لا يحرم القارئ من فائدة يفيدها مع إيجازه.

وأنت ترى أنه قد أتى على المقصود من شرح هذا الحديث مع طول متنه بما لا يطيل به على القارئ، وما يمكن أن يجتزئ به مع وجازة، من غير إفاضة في اللغات ووجوه الإعراب والمعاني والبيان وما إلى ذلك، فإنه وقع في نحو صفحة ونصف، ولو أنه التزم في مثل هذا الحديث ما ألزم به نفسه في أول الكتاب لقرأنا في شرحه ما يزيد على عشر صفحات.

وفي "باب النذر فيما لا يملك وفي معصية" حديث أبي إسرائيل قال ابن عباس1: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه".

فيبين العيني في هذا الحديث مطابقته للترجمة، وبعض الأسماء التي وردت فيه باختصار، ومن أخرجه غير البخاري، ومواضع ذكره فيها، وما قيد به قوله يخطب في بعض الروايات،

----------------------------
1 عمدة القارئ ج23 ص212.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:53 pm

وأن قوله يخطب قيد في بعض الروايات بيوم الجمعة، وأنه ورد في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم التفت، وبين أن قوله قائم صفة لرجل، وأنه مقيد في بعض الروايات بأنه قائم في الشمس، وفي بضعها بأنه قائم يصلي، وذكر في أبي إسرائيل رواية أبي داود "هو أبو إسرائيل وما زاده كل من الخطيب والكرماني في وصفه، وما أورده ابن الأثير في وصفه أيضًا وما ترجمه به ابن عبد البر.

ثم انتقل إلى بيان المراد بكلمة مره، ومرجع الضمير في مره، ثم إلى تعليل قوله صلى الله عليه وسلم: "ليتم صومه" ثم إلى ما يستفاد من الحديث من كونه يدل على أن السكوت عن المباح ليس بطاعة، وكذلك الجلوس في الشمس وكل ما يتأذى به الإنسان، وإنما الطاعة ما أمر الله به ورسوله.

وكل هذا الشروح في نصف صفحة من هذا الكتاب.

ولعلك ترى أنه اقتصر في هذا الحديث على قدر الضرورة أو ما هو أقل من ذلك، وكان بوسعه فيه أن يورد من التفصيلات ما يروي ظمأ القارئ فيما يجب الوفاء به وما لا يجب من النذر، ولعله اكتفى بذكر شرحه لأحاديث أخرى في هذا المعنى قبل هذا الحديث، قد يستفيد بها القارئ لو ضم بعضها إلى بعض متونًا وشروحًا، غير أننا أردنا أن نعرض بعض ما وقع لنا في أواخر الكتاب كما عرضنا بعض ما وقع لنا في أوله.

وأرجو ألا يكون ما وصفنا به صاحب عمدة القارئ من الإطالة والبسط في أول الكتاب والاختصار والإيجاز في آخره مما قد يبدو لوثه في تأليفه، أو عيبًا في تصنيفه، ولعله يكون أقرب إلى النصح للأمة، والإخلاص للقارئ منه إلى غير ذلك، فإن الإطناب في أوائل الكتب أمر يتقدم به المؤلفون لشحذ الملكات واستنهاض الهمم، لمجاراة الإثراء من الثقافة، والتضلع من مختلف المواد والفنون، وقد رأينا الكثرة الكاثرة من المؤلفين في التفسير وشروح السُّنَّة يتنهجون هذا المنهج، فإذا كان قد بسط في أول الكتاب فإن ذلك لمزيد التزويد من الثقافة، وإذا كان قد أوجز في آخره فإن ذلك للاكتفاء بما سبقت دراسته في أوله، ولعلنا قد رأينا أن في اختصاره في آخر الكتاب ما لا يخل بالمطلوب من الشرح، وبيان أهم النواحي المنشودة فيه.

ومهما يكن فإننا نسأل الله للإمام العيني بما نصح به لهذه الأمة، وقدم لطلاب الحديث من إحسان ومنه، أن يجزيه أحسن الجزاء، وأن ينفع به وبسائر مؤلفاته، إنه سميع قريب.

إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري:
للحافظ القسطلاني المتوفى سنة 923هـ:
وهذا كتاب من الكتب النافعة في الشروح الحديثية، ومؤلفه الحافظ1 شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك، العلامة الحجة الفقيه الرحالة المقرئ المسند. قال السخاوي: مولده ثاني عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثمانمائة بمصر، ونشأ بها وحفظ القرآن، ومن شيوخه الشيخ خالد الزهري النحوي، والفخر المقسمي، والجلال البكري كما أخذ بمكة عن جماعة منهم النجم بن فهد ولم يكن له نظير في الوعظ، وله تصانيف عديدة في علوم القراءات وعلوم الحديث التي من بينها شرحه المسمى إرشاد الساري الذي نورده للدراسة، وتوفي رحمه الله ليلة الجمعة سابع المحرم بالقاهرة عام ثلاث وعشرين وتسعمائة، دفن بالمدرسة العينية جوار منزله.

وكتابه إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، قدم له بمقدمة بين فيها منهجه، وتعرض فيها لفوائد حديثية، نورد هنا تلخيصًا لما ورد فيها على النحو التالي:
بعد أن تكلم عن السُّنَّة وأنها أعظم العلوم قدرًا، وأرقاها شرفًا وفخرًا، وتكلم على كتاب البخاري الجامع، وأنه قد أظهر من كنوز مطالب السُّنَّة العالية إبريز البلاغة، وحاز قصب السبق في ميدان البراعة، وأتى من صحيح الحديث وفقهه بما لم يسبق إليه، ولا عرج أحد عليه، وأفاض في مدحه والثناء عليه قال: ولطالما خطر لي في الخاطر المخاطر أن أعلق عليه شرحًا أمزجه فيه مزجًا، وأدرجه ضمنه درجًا، أميز فيه الأصل من الشرح بالحمرة والمداد، واختلاف الروايات بغيرها ليدرك الناظر سريعًا المراد، فيكون باديا بالصفحة، مدركًا باللمحة، كاشفًا بعض أسراره لطالبيه رافعًا النقاب عن وجوه معانيه لمعانيه، موضحًا مشكله، فاتحًا مقفله، مقيدًا مهملة، وافيًا بتغليق تعليقه، كافيًا في إرشاد الساري لطريق تحقيقه، محررًا لرواياته، معربًا عن غرائبه وخفياته.

ثم بين أنه كثيرًا ما أحجم عن الإقدام على هذا العمل؛ لأنه كما قال عن هذا المنزل بمعزل لا سيما وقد قيل: إن أحدًا لم يستصبح سراجه، ولا استوضح منهاجه، ولا اقتعد صهوته، ولا افترع ذروته. ثم قال: ولم أزل على ذلك مدة من الزمان، حتى مضى عصر الشباب وبان فانبعث الباعث إلى ذلك راغبًا، وقام خطيبًا لبنات أبكار الأفكار خاطبًا إلى أن قال: وأطلقت لسان الحكم بعبارة صريحة واضحة وإشارة قريبة لائحة، لخصتها من كلام الكبراء الذين رقت في معارج علوما لشأن أفكارهم، وإشارات الألباء الذين أنفقوا على اقتناص شوارده أعمارهم، وبذلت الجهد في تفهم أقاوئل الفقهماء المشار إليهم بالبنان، وممارسة الدواوين

----------------------------
1 شذرات الذهب ج8 ص122.
----------------------------

المؤلفة في هذا الشأن، ومراجعة الشيوخ الذين حازوا قصب السبق في مضماره، ومباحثه الحذاق الذين غاصوا على جواهر الفرائد في بحاره، ولم أتحاش عن الإعادة في الإفادة عند الحاجة إلى البيان، ولا في ضبط الواضح عند علماء هذا الشأن، قصدًا لنفع الخاص والعام، راجيًا ثواب ذي الطول والإنعام، فدونك شرحًا قد أشرقت عليه من شرفات هذا الجامع أضواء نوره اللامع وصدع خطيبه على منبره السامي بالحجج القواطع، أضاءت مهجته فاختفت منه كواكب الداري وكيف لا وقد فاض عليه النور من فتح الباري.

وبالجملة فإنما أنا من لوامع أنوارهم مقتبس، ومن فواضل فضائلهم ملتمس وسميته إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري.

ثم أورد مقدمة تشتمل على وسائل المقاصد، فإنها جامعة لفصول خمسة ذكر أنها الأصول لقواعد هذا الشرح.

وبيان محتوى هذه الفصول ما يأتي:
الفصل الأول:
في فضيلة أهل الحديث وشرفهم في القديم والحديث، ذكر فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" أورده برواياته المختلفة، وأسانيده المتعددة، وتكلم عنه وأفاض فيه، وأضاف إليه كثيرًا من الأحاديث والآثار تأكيدًا لفضل أهل الحديث وشرفهم، وأنهم -إن شاء الله- الفرقة الناجية.

الفصل الثاني:
في ذكر أول من دون الحديث والسنن ومن تلاه في ذلك سالكًا أحسن السنن، بين فيه اعتماد الأولين من الصحابة والتابعين وأتباعهم على الحفظ والضبط في القلوب والخواطر، غير ملتفتين إلى ما يكتبون، ولا معولين على ما يسطرونه، وذلك لسرعة حفظهم، وسيلان أذهانهم، فلما انتشر الإسلام، وتفرقت الصحابة، وكثرت الفتوحات فمات معظمهم، وتفرق تبعًا لذلك أتباعهم وقل الضبط احتاج العلماء إلى تدوين الحديث وتقييده بالكتابة، وكان أول من أمر بذلك عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه خوف اندراسه، فإنه -كما ورد في الموطأ- كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن انظر إلى ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سننه فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، وأنه كتب إلى أهل الآفاق: انظروا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجمعوه، وأورد أن ابن حجر قال في مقدمة كتابه الفتح: أول من جمع ذلك الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما، وكانوا يصنفون كل باب على حدة إلى أن انتهى الأمر إلى كبار الطبقة الثالثة، فصنف الإمام مالك بن أنس موطأه بالمدينة وصنف كل من الثوري والأوزاعي وعبد الملك بن جريج وحماد بن سلمة بن دينار تصنيفًا وتلاهم كثير من الأئمة، كل بما سنح له، وانتهى علمه إليه.

يسوغ فيه الإفراد نحو أكلت رأس شاتين، والجمع أجود نحو "فقد صغت قلوبكما" وإن كان غير جزئه فالأكثر مجيئه بلفظ التثنية نحو سل الزيدان سيفهما، وإن أمن اللبس جاز جعل المضاف بلفظ الجمع كما في قوله في قبورهما، وقد تجتمع التثنية والجمع في نحو: ظهراهما مثل ظهور الترسين، قاله ابن مالك، ولم يعرف اسم المقبورين ولا أحدهما، فيحتمل أن يكون عليه الصلاة والسلام لم يسمهما قصدًا للستر عليهما، وخوفًا من الافتضاح على عادة ستره وشفقته على أمته صلى الله عليه وسلم، أو سماهما ليحترز غيرهما عن مباشرة ما باشره، وأبهمهما الراوي عمدًا لما مر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يعذبان" أي صاحبا القبرين "وما يعذبان في كبير" تركه عليهما "ثم قال" صلى الله عليه وسلم "بلى" إنه كبير من جهة المعصية، ويحتمل أنه عليه الصلاة والسلام ظن أن ذلك غير كبير فأوحي إليه في الحال بأنه كبير فاستدرك، وقال البغوي ورجحه ابن دقيق العيد وغيره: إنه ليس بكبير في مشقة الاحتراز أي كان لا يشق عليها الاحتراز عن ذلك، والكبيرة هي الموجبة للحد أو ما فيه وعيد شديد، وعند ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: يعذبان عذابا شديدًا في ذنب هين "كان أحدهما لا يستتر من بوله" بمثناتين فوقيتين الأولى مفتوحة والثانية مكسورة من الاستتار، أي لا يجعل بينه وبين بوله سترة، أي لا يتحفظ منه، وهي بمعنى رواية مسلم وأبي داود من حديث الأعمش يستنزه بنون ساكنة بعدها زاي ثم هاء من التنزه وهو الإبعاد، ولا يقال إن معنى لا يستتر يكشف عورته لأنه يلزم منه أن مجرد كشف العورة سبب للعذاب المذكور لا اعتبار البول، فيترتب العذاب على مجرد الكشف وليس كذلك، بل الأقرب حمله على المجاز، ويكون المراد بالاستتار التنزه عن البول والتوقي منه، إما بعدم ملابسته، وإما بالاحتراز عن مفسدة تتعلق به كانتقاض الطهارة، وعبر عن التوقي بالاستتار مجازًا، ووجه العلاقة بينهما أن المستتر عن الشيء فيه بعد عنه واحتجاب، وذلك شبيه بالبعد عن ملابسة البول، وإنما رجح المجاز وإن كان الأصل الحقيقة؛ لأن الحديث يدل على أن للبول بالنسبة إلى عذاب القبر خصوصية، فالحمل على ما يقتضيه الحديث المصرح بهذه الخصوصية أولى، وأيضًا فإن لفظة من لما أضيفت إلى البول وهي لابتداء الغاية حقيقة أو ما يرجع إلى معنى ابتداء الغاية مجازا تقتضي نسبة الاستتار الذي عدمه سبب العذاب إلى البول، بمعنى أن ابتداء سبب عذابه من البول، وإذا حمل على كشف العورة زال هذا المعنى، وفي رواية ابن عساكر: لا يستبرئ، بموحدة ساكنة من الاستبراء، أي لا يستفرغ جهده بعد فراغه منه، وهو يدل على وجوب الاستنجاء؛ لأنه لما عذب على استخفافه بغسله وعدم التحرز منه دل على أن من ترك البول في مخرجه ولم يستنج منه حقيق بالعذاب "وكان الآخر يمشي بالنميمة" فعيلة من نم الحديث ينمه إذا نقله عن المتكلم به إلى غيره، وهي حرام بالإجماع إذا قصد بها الإفساد بين المسلمين، وسبب كونهما كبيرتين أن عدم التنزه من البول يلزم منه بطلان للصلاة، وتركها كبيرة بلا شك، والمشي بالنميمة من السعي بالفساد وهو من أقبح القبائح، ويجاب عن استشكال كونه النميمة من الصغائر بأن الإصرار عليها المفهوم هنا من التعبير بكان المقتضية له يصير حكمها حكم الكبيرة، ولا سيما على تفسيرها بما فيه وعيد شديد, ووقعت في حديثي أبي بكرة عند الإمام أحمد والطبراني بإسناد صحيح: "يعذبان وما يعذبان في كبير، وبلى وما يعذبان إلا في الغيبة والبول" بأداة الحصر، وهي تنفي كونهما كافرين؛ لأن الكافر وإن عذب على ترك أحكام المسلمين فإنه يعذب مع ذلك على الكفر بلا خلاف، وبذلك جزم العلاء بن العطار وقال: لا يجوز أن يقال إنهما كانا كافرين؛ لأنهما لو كانا كافرين لم يدع لهما بتخفيف العذاب عنهما ولا ترجاه لهما.

وقد ذكر بعضهم السر في تخصيص البول والنميمة بعذاب القبر، وهو أن القبر أول منازل الآخرة، وفيه نموذج ما يقع في القيامة من العقاب والثواب، والمعاصي التي يعاقب عليها يوم القيامة نوعان: حق لله، وحق لعباده، وأول ما يقضى فيه من حقوق الله عز وجل الصلاة، ومن حقوق العباد الدماء، وأما البرزخ فيقضى فيه مقدمات هذين الحقين ووسائلهما، فمقدمة الصلاة الطهارة من الحدث والخبث، ومقدمة الدماء النميمة، فيبدأ في البرزخ بالعقاب عليهما "ثم دعا" صلى الله عليه وسلم "بجريدة" من جريد النخل التي ليس عليها ورق فأتي بها "فكسرها كسرتين" بكسر الكاف تثنية كسرة، وهي القطعة من الشيء المكسور، وقد تبين من رواية الأعمش الآتية إن شاء الله تعالى أنها كانت نصفين، وفي رواية جرير عنه باثنتين "فوضع" النبي صلى الله عليه وسلم "على كل قبر منهما كسرة" وفي الرواية الآتية فغرز، وهي تستلزم الوضع دون العكس "فقيل له يا رسول الله" ولابن عساكر فقيل: يا رسول الله "لم فعلت هذا" لم يعين السائل من الصحابة "قال" صلى الله عليه وسلم "لعله أن يُخَفَف" بضم أوله وفتح الفاء أي العذاب، وهاء لعله ضمير الشأن وجاز تفسيره بأن وصلتها لأنها في حكم جملة، لاشتمالها على مسند ومسند إليه، ويحتمل أن تكون زائدة مع كونها ناصبة، كزيادة الباء مع كونها جارة، قاله ابن مالك، ويقوي الاحتمال الثاني حذف إن في الرواية الآتية حيث قال: "لعله يخفف عنهما" أي المعذبين "ما لم تيبس" بالمثناة الفوقية بالتأنيث باعتبار عود الضمير فيه إلى الكسرتين، وفتح الموحدة من باب علم يعلم، وقد تكسر وهي لغة شاذة، وفي رواية الكشميهي إلا أن تيبس بحرف الاستثناء، وللمستملي إلى أن ييبس بإلى التي للغاية، والمثناة التحتية بالتذكير باعتبار عود الضمير إلى العودين؛ لأن الكسرتين هما العودان، وما مصدرية زمنية إلى مدة دوامها إلى زمن اليبس المحتمل تأقيته بالوحي كما قاله المازري، لكن تعقبه القرطبي بأنه لو كان بالوحي لما أتى بحرف الترجي، وأجيب بأن لعل هنا للتعليل، أو أنه يشفع لهما في التخفيف هذه المدة كما صرح به في حديث جابر، على أن القصة واحدة كما رجحه النووي، وفيه نظر، لما في حديث أبي بكرة عند الإمام أحمد والطبراني أنه الذي أتى بالجريدة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه الذي قطع الغصنين، فدل ذلك على المغايرة.

ويؤيد ذلك أن قصة الباب كانت بالمدينة، وكان معه عليه الصلاة والسلام جماعة، وقصة جابر كانت في السفر، وكان خرج لحاجته فتبعه جابر وحده، فظهر التغاير بين حديث ابن عباس وحديث جابر، بل في حديث أبي هريرة رضي الله عنه المروي في صحيح ابن حبان ما يدل على الثالثة، ولفظة أنه صلى الله عليه وسلم مر بقبر فوقف فقال: "ائتوني بجريدتين"، فجعل إحداهما عند رأسه والأخرى عند رجليه، يأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في باب وضع الجريدة على القبر في الجنائز.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي وداري ومكي وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف هنا عن جرير عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفي الآتية عن الأعمش كمسلم عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس، فأسقط المؤلف طاوسًا الثابت في الثانية من الأولى فانتقد عليه الدارقطني ذلك كما سيأتي مع الجواب عنه في الباب اللاحق إن شاء الله تعالى، وقد أخرج المؤلف الحديث أيضًا في الطهارة في موضعين، وفي الجنائز والأدب والحج، ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه في الطهارة، وكذا النسائي فيها أيضًا وفي التفسير والجنائز.



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:54 pm

وأورد القسطلاني في كتابه ما يأتي كذلك
"باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه" لإشعاره بالإعراض عن العبادة. وبالسند قال: "حدثنا عباس بن الحسين" بالموحدة والمهملة، والحسين مصغرًا البغدادي القنطري، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الجهاد قال: "حدثنا مبشر" بضم الميم وفتح الموحدة وتشديد المعجمة عند المنذر الحلبي، ولأبي ذر والأصيلي مبشر بن إسماعيل "عن الأوزاعي" عبد الرحمن بن عمر قال المؤلف "ح وحدثني" بالإفراد "محمد بن مقاتل أبو الحسن" المروزي "قال أخبرنا عبد الله" بن المبارك "قال أخبرنا الأوزاعي قال حدثني" بالإفراد، ولأبي ذر حدثنا، وللأصيلي أخبرنا "يحيى بن أبي كثير قال حدثني" بالإفراد "أبو سلمة بن عبد الرحمن" بن عوف "قال حدثني" بالإفراد "عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله لا تكن مثل فلان" لم يسم "كان يقوم الليل" أي بعضه، ولأبي الوقت في نسخة، ولأبي ذر من الليل أي فيه كإذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أي فيها "فترك قيام الليل" وقال هشام: هو ابن عمار الدمشقي مما وصله الإسماعيلي وغيره "حدثنا ابن أبي العشرين" بكسر العين والراء بينهما معجمة ساكنة عبد الحميد بن حبيب الدمشقي البيروني كاتب الأوزاعي تكلم فيه "قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني" بالإفراد، وللأصيلي وأبي ذر حدثنا "يحيى" بن أبي كثير "عن عمر" بضم العين وفتح الميم "بن الحكم" بفتح الكاف "بن ثوبان" بفتح المثلثة "قال حدثني" بالإفراد "أبو سلمة" بن عبد الرحمن "مثله" ولأبوي ذر والوقت بهذا مثله، وفائدة ذكر المؤلف لذلك التنبيه على أن زيادة عمر بن الحكم بن ثوبان بن يحيى وأبي سلمة من المزيد في متصل الأسانيد؛ لأن يحيى قد صرح بسماعه من أبي سلمة، ولو كان بينهما واسطة لم يصرح بالتحديث "وتابعه" بواو العطف، ولأبي ذر تابعه بإسقاطها أي تابع ابن أبي العشرين على زيادة عمر بن الحكم "عمرو بن أبي سلمة" بفتح اللام أبو حفص الشامي "عن الأوزاعي" وقد وصل هذه المتابعة مسلم.

هذان مثالان مما كتبه القسطلاني شرحًا على البخاري، أوردناهما على صورة ما وردا عليه في كتابه وأولهما استدعت ضرورة البيان والشرح أن يطيل فيه، وثانيهما اقتصر فيه من الشرح على ما دعت إليه الحاجة، ومن مجموعها تتجلى طريقة المؤلف فيما عالج به أصله البخاري من شرح لما جاء فيه.

ونرى أن هذا الشرح من هذا الإمام العظيم يلي حاجة طالب العلم في شرح كتاب البخاري سواء في ذلك ما ورد فيه من تراجم، وما جاء فيه من متون الحديث بأسانيدها ورجالها، وكما أنه يفيد طالب البيان في غريب الحديث ومشكلاته، وينير الطريق أمام الدارس لمسائل الخلاف في الفروع بين المذاهب الفقهية، وإن فيه لخيرًا كثيرًا لدارسي السُّنَّة والمنتفعين بها في دينهم ودنياهم ونسأل الله التوفيق.

فيض القدير بشرح الجامع الصغير:
للعلامة محمد عبد الرءوف المناوي المتوفى سنة 1031هـ:
ومؤلفه سبق أن ترجمنا له بما تيسر عند الكلام على الإتحافات السنية من بين كتب الجوامع.

وهذا الكتاب تناول فيه شرح الأحاديث التي أوردها الحافظ السيوطي في جامعه الصغير من أحاديث البشير النذير.

وقال في مقدمته لهذا الشرح: فهذا ما اشتدت إليه حاجة المتفهم، بل وكل مدرس ومعلم، من شرح على الجامع الصغير للحافظ الكبير، الإمام الجلال الشهير، ينشر جواهره، ويبرز ضمائره ويفصح عن لغاته، ويكشف القناع عن إشاراته ... إلى آخر ما قال. وأوضح أنه بتأليفه هذا لم يدخل في عداد الناسخين، بلى أتى بالفوائد الشاردة من قاموس فكره وعباب قريحته، وأنه لم يعرب من ألفاظه إلا ما كان خفيًّا لأن الشأن هو معرفة قصده صلى الله عليه وسلم وبيان ما تضمنه كلامه من الحكم والأسرار، بيانًا تعضده أصول الشريعة، وتشهد بصحته العقول السليمة، وما سوى ذلك ليس من الشرح في شيء.

وقال: ولم أكثر من نقل الأقاويل والخلافات؛ لأن ذلك من أعظم الآفات على طالب الحديث فإنه يدهش عقله ويحير ذهنه، كما قال حجة الإسلام.

ثم قال: إنه سمى كتابه هذا فيض القدير بشرح الجامع الصغير، ويحسن أن يترجم بمصابيح التنوير على الجامع الصغير، ويليق أن يدعى بالبدر المنير في شرح الجامع الصغير، ويناسب أن يوسم بالروض النضير في شرح الجامع الصغير.

ثم بين اصطلاحه في هذا الكتاب، فأورد أنه حيث يقول القاضي فالمراد به البيضاوي، أو العراقي فجدنا من قبيل الأمهات الحافظ زين الدين العراقي، أو جدي فقاضي القضاة يحيى المناوي أو ابن حجر فخاتمة الحفاظ أبو الفضل العسقلاني1.

وبدراستنا لهذا الكتاب، وتتبعنا لبعض ما ورد فيه، وجدنا من الظواهر ما نسجله فيما يأتي:
1- يشرح المتن شرحًا كافيًا بعبارة طلية، ويستشهد في ذلك بكثير من الآيات والأحاديث المناسبة، ويؤيد ما يراه بالنقل عن السابقين من العلماء، وربما يذكر بعد إفاضته في شرح الحديث أنه موضوع، وأنه كان الأولى للمصنف تركه.

----------------------------
1 من مقدمة فيض القدير: ج1 ص3 بتصرف.
----------------------------

ففي شرحه لحديث "ابن آدم 1 عندك ما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك، ابن آدم لا بقليل تقنع ولا بكثير تشبع. ابن آدم، إذا أصبحت معافى في جسدك، آمنًا في سربك، عندك قوت يومك، فعلى الدنيا العفاء" "عدهب" عن ابن عمر "صح"، أورد المؤلف معنى "ما يكفيك" بأنه ما يسد حاجتك، ومعنى "وأنت تطلب ما يطغيك" أي تحاول أخذ ما يحملك على الظلم ومجاوزة الحدود الشرعية، ثم استشهد بالآية الكريمة: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى} ثم قال: فإذا كان عندك ما يكفيك حالا فأشكر نعمة ربك ولا تطلب زيادة تطغيك "ابن آدم لا بقليل تقنع" أي ترضى لفقر نفسك إلى الزيادة، والقناعة: الرضا بما قسم، وتطلق على الاكتفاء بقدر الضرورة، وهو معنى قولهم الرضا باليسير، ولعل المراد هنا بقوله: "تقنع" لا بقيد القلة وإلا لكفى أن يقول لا تقنع، ونكتة قصر القناعة على الرضا والنص على لفظ القلة معه رعاية الطباق بين القلة والكثرة المذكورة بقوله: "ولا من كثير تشبع" وهو من أنواع البديع المستحسنة، والباء في "بقليل" للمصاحبة، ومن في "من كثير" بمعنى الباء، ثم لما نعى عليه حاله، وذم إليه خصاله حثه على الزهادة، وبين له أن الكفاف مع الصحة والأمن محصل للغرض وزيادة، فقال له: "ابن آدم، إذا أصبحت" أي دخلت في الصباح "معافى" أي سالمًا من الأسقام والآثام، ومن قصره على الأول فقد قصر، والعافية والسلامة ودفع البلاء والمكروه "في جسدك" بدنك. قال الراغب: والجسد كالجسم لكنه أخص فلا يقال الجسد لغير الإنسان، أو الجسد يقال لما له لون والجسم لما لا يبين له لون كالماء والهواء "آمنًا" بالمد وكسر الميم "في سربك" -بكسر فسكون- نفسك، أو -بفتح وسكون- مذهبك ومسلكك، أو -بفتحتين- بيتك "عندك قوت يومك" ما يقوم بكفايتك في يومك وليلتك، وخص اليوم لأنه يستتبعها، أو لأن الليل غير محل للاقتياب. قال في الصحاح: القوت ما يقوم به البدن، وفي المفردات ما يمسك الرمق. "فعلى الدنيا العفاء" بفتح المهملة والفاء كسماء الهلاك والدروس وذهاب الأثر. قال الزمخشري ومنه قولهم: عليه العفاء إذا دعا عليه ليعفو أثره، والمعنى إذا كنت كذلك فقد جمع الله لك ما تحتاجه من الدنيا، فدع عنك ما عداه، واشتغل بما يقربك إلى الله. قال الغزالي: ومهما تأملت الناس كلهم وجدتهم يشكون ويتألمون من أمور وراء هذه الثلاث مع أنه وبال عليهم، ولا يشكرون نعمة الله فيها. ومر سليمان عليه السلام على بلبل بشجرة يحرك رأسه ويميل ذنبه فقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا: الله ونبيه أعلم: قال: يقول أكلت نصف ثمرة فعلى الدنيا العفاء. وصاحت فاخيه فأخبر أنها تقول: ليت ذا الخلق لم يخلقوا، وقال صالح بن جناح لابنه: إذا مر بك يوم وليلة وقد سلم فيهما دينك ومالك وبدنك وعيالك، فأكثر الشكر لله، فكم من مسلوب دينه، ومنزوع ملكه، ومهتوك ستره في ذلك اليوم وأنت في عافية، ومن هنا نشأ زهد الزاهدين فاستراحت قلوبهم بالزهد، وانكفوا بالورع عن الكد، وتفرغت قلوبهم وأعمالهم لبذل الجد في سبيل الحمد، وميز القريب من البعيد، والشقي من السعيد، والسادة من العبيد، وهذا هو المهيع.

----------------------------
1 فيض القدير: ج1 ص86.
----------------------------

الذي قبض بسطة وجوه القلوب، فلم يبق للعاقل خطر فيما زاد على كسرة تكسر شهوته، وسترة تواري عورته، وما زاد متجر إن أتفقه ريحه، وإن ادخره خسره، وفيه حجة لمن فضل الفقر على الغنى. وقد أفاد مطلع الحديث أن الصحة نعمة عظيم وقعها، جزيل نفعها، بل هي أجل النعم على الإطلاق، وفي إشعاره إعلام بأن العالم ينبغي له ألا يغفل عن وعظ الناس، إذ الإنسان لما جبل عليه من الغفلات لا بد له من ترغيب يشده، وترهيب يرده، ومواعظ ترققه، وأعمال تصدقه، وإخلاص يحققه، لترتفع أستار الغيبة عن عيون القلوب، وتكسب الأخلاق الفاضلة لتصقل الصداء عن مرائي النفوس، ولقد هز القلوب بحسن هذا النظم وبلاغة تناسبه، وبداعة ربطه، وبراعة تلاحمه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} 1.

ثم شرح التخريج فقال: "عدهب" وكذا الخطيب وأبو نعيم وابن عساكر وابن النجار "عن ابن عمر" بن الخطاب، ونقله عن ابن عدي، وسكوته عليه يوهم أنه خرجه وسلمه، والأمر بخلافه، بل قال أبو بكر الداهري: أحد رجاله كذاب متروك. وقال الذهبي: متهم بالوضع وهكذا هو في مسند البيهقي، وذكر نحو الحافظ ابن حجر، فكان ينبغي حذفه.

وبعد، فإن التزام المؤلف بشرح ما ورد في الجامع الصغير يدعوه إلى الوفاء بما التزم، فهو يشرح النص الوارد فيه بما يفتح الله به عليه، ويعزز شرحه بما يورده من آيات وأحاديث، وما يذكره من نقول عن العلماء في ذلك، وإن أمانته العلمية لتحتم عليه أن يذكر رأيه في إسناد النص الذي شرحه، ويذكر كذلك رأي علماء الحديث فيه، حتى ولو كانت نتيجة هذه الآراء الحكم بأنه موضوع، وأنه كان ينبغي حذفه كما فعل في هذا الحديث.

هذا هو مسلك المؤلف في شرحه للأحاديث الواردة في الجامع الصغير، وهو -كما يبدو- وافٍ بالغرض مؤدٍ للمقصود، وإن كان لنا من ملاحظة عليه في هذا المسلك فإنما هي في أنه -في الأعم الأغلب- حينما ينقل عن العلماء والسابقين لا يعزز نقله بإسناد، ولا يذكر كتابًا رجع إليه في روايته لهذه النقول.

2- يورد المؤلف أثناء الشرح فوائد وتنبيهات وتتمات يروي فيها بعض الآثار، أو يذكر فيها نقولًا عن العلماء، أو يحكي قصة أو رؤيا أو غير ذلك.

ومثل هذا ورد في شرحه لحديث: "ابنوا المساجد، وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله بيتًا بنى الله له بيتًا في الجنة، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين" حيث أورد فائدة2 قال فيها: أخرج أبو الشيخ من مسند عبيدة بن مرزوق: كانت امرأة بالمدينة تقم المسجد فماتت، فلم يعلم المصطفى صلى الله عليه وسلم بها، فمر على قبرها فقال: "ما هذا؟ " قالوا: أم محجن. قال: "التي كانت تقم المسجد؟ " قالوا: نعم، فصل الناس فصلى عليها ثم قال: "أي العمل وجدتِ أفضل؟ " قالوا: يا رسول الله أتسمع؟ فقال: "ما أنت بأسمع منها": ثم ذكر أنها أجابته: "قم المسجد".

----------------------------
1 من سورة الحجر، آية: 37.
2 فيض القدير: ج1 ص84.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:54 pm

وما ورد في نهاية شرحه لحديث: "أتدرون ما العضه؟ نقل الحديث من بعض الناس إلى بعض ليفسدوا بينهم" فقد أورد تتمة1 قال فيها: تتبع رجل حكيمًا سبعمائة فرسخ لأجل سبع كلمات قال: أخبرني عن السماء وما أثقل منها، وعن الأرض وما أوسع منها، وعن الحجر وما أقسى منه وعن النار وما أحر منها، وعن الزمهرير وما أبرد منه، وعن البحر وما أغنى منه، وعن اليتم وما أذل منه؟ فقال: البهتان على البريء أثقل من السماء، والحق أوسع من الأرض، والقلب القانع أغنى من البحر، والحرص والحسد أخر من النار، والحاجة إلى الغير إذا لم تنجح أبرد من الزمهرير وقلب الكافر أقسى من الحجر، والنمام إذا بان للناس أمره أذل من اليتيم.

وبعد شرح لحديث: "اتخذوا عند الفقراء أيادي فإن لهم دولة يوم القيامة" أورد فائدة2 قال فيها: رأى بعض العارفين عليًّا كرم الله وجهه في النوم فقال له: ما أحسن الأعمال؟ قال: عطف الأغنياء على الفقراء، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء ثقة بالله تعالى.

وأورد المؤلف تنبيهًا وتتمة بعد شرحه لحديث: "اتق الله يا أبا الوليد لا تأتي يوم القيامة ببعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها ثؤاج". فأما التنبيه3 فقال فيه: قال حجة الإسلام هذا الحمل حقيقي، فيأتي به حاملًا له، معذبًا بحمله وثقله، يعدل الجبل العظيم، مرعوبًا بصوته، وموبخا بإظهار خيانته على رءوس الأشهاد، والملائكة تنادي: "هذا ما أغله فلان بن فلانة رغبة فيه وشحا". وأما التتمة4 فقال فيها: أجمعوا على أن الغال: يجب عليه إعادة ما غل قبل القسمة، وكذا بعدها عند الشافعي رحمه الله تعالى، فيحظفه الإمام كالمال الضائع، وقول مالك: يدفع الإمام خمسة ويتصدق بالباقي، فيه أنه لم يملكه فكيف يتصدق بمال غيره.

وفي ختام شرحه لحديث: "أد ما اقترض الله تعالى عليك تكن من أعبد الناس، واجتنب ما حرم الله عليك تكن من أورع الناس، وارض بما قسمه الله لك تكن من أغنى الناس" أورد تتمة قال فيها5: قال الغزالي: للشرع حكمان: حكم الجواز وحكم الأفضل الأحوط، فالجائز يقال له حكم الشرع، والأفضل الأحوط يقال له حكم الورع فافهم، وبه يخرج الجواب على من قال: الورع موضوع على التشديد، والشرع موضوع على اليسر والسماحة.

كما أورد فائدة بعد شرحه لحديث: "إذا أراد الله بعبد خيرًا فتح له قفل قلبه، وجعل فيه اليقين والصدق، وجعل قلبه واعيًا لما سلك فيه، وجعل قلبه سليمًا، ولسانه صادقًا، وخليقته مستقيمة، وجعل أذنه سميعة، وعينه بصيرة"، وقال في هذه الفائدة6: قال الشبلي: استنار قلبي يومًا فشهدت ملكوت السموات والأرض، فوقعت مني هفوة فحجبت عن شهود ذلك، فعجبت كيف حجبني هذا الأمر الصغير عن هذا الأمر الكبير؛ فقيل لي: البصيرة كالبصر أدنى شيء فيه يعطل النظر.

----------------------------
1 فيض القدير: ج1 ص114.
2 فيض القدير: ج1 ص113.
3 فيض القدير: ج1 ص123.
4 فيض القدير: ج1 ص124.
5 فيض القدير: ج1 ص224.
6 فيض القدير: ج1 ص260.
----------------------------

مثل هذا ما أورده من تنبيه وفائدة إثر شرحه لحديث: "أوحى الله تعالى إلى إبراهيم: يا خليلي، حسن خلقك ولو مع الكافر تدخل مداخل الأبرار، فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله في عرشي، وأن أسكنه حظيرة قدسي، وأن أدنيه من جواري".

فقال في التنبيه1:
قال الراغب: التخلق والتشبه بالأفاضل ضربان. محمود، وهو ما كان على سبيل الارتياض والتدريب على الوجه الذي ينبغي، وبالمقدر الذي ينبغي، ومذموم؛ وهو ما كان رياء وتصنعًا، ويتحراه فاعله ليذكر به، ويسمى تصنعًا وتشيعًا، ولا ينفك صاحبه من اضطراب يدل على تشيعه.

وقال في الفائدة2:
قال العارف ابن عربي: ينبغي لطالب مقام الخلة أن يحسن خلقه لجميع الخلق: مؤمنهم وكافرهم، طائعهم وعاصيهم، وأن يقوم في العالم مقام الحق فيهم، فإن المرء على دين خليله من شمول الرحمة، وعموم اللطف من حيث لا يشعرهم أن ذلك الإحسان منه، فمن عامل الخلق بهذه الطريقة صحت له الخلة، وإذا لم يستطع بالظاهر لعدم الموجود أمدهم بالباطن فيدعو لهم بينه وبين ربه، وهكذا حال الخليل فهو رحمة كله.

ومثل هذا في الكتاب كثير، ولكن المؤلف رحمه الله لم يكن -فيما يبدو- يتحرى الدقة في كل ما ينقله، ولا يهتم بصحة المنقول في بعض ما يرويه، فقد نرى من بين هذه النقول ما يبدو أنه ملفق، ومتكلف أو مصنوع، بما يحس معه القارئ بأنه ليس بصدد كتاب حديث، وإنما يقرأ كتاب وعظ قد يشبع العاطفة ولكنه لا يرضي العلم، يعتمد في نقوله على ما هو أدخل في باب الترغيب والترهيب.

ومن ذلك ما أورده المؤلف بعد شرحه لحديث: "اتخذوا الغنم فإنها بركة": فقد أورد فائدة3 قال فيها: حُكي في الوحيد أنه ورد في بعض الآثاء أن الخليل صلى الله عليه وسلم كان له أربعة آلاف كلب في غنمه، في عنق كل كلب طوق من الذهب الأحمر زنته ألف مثقال، فقيل له في ذلك، فقال: إنما فعلت ذلك لأن الدنيا جيفة وطلابها كلاب، فدفعتها لطلابها.

3- يستدرك على المصنف ما فاته من متن الحديث فينبه إليه، ويصحح روايته: ففي حديث: "أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار، سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر"4 أورد تنبيهًا ذكر فيه أن تصرف المصنف بإيراد الحديث على هذا النحو يوهم أن سياق الحديث هكذا فحسب، وقال: إن الأمر بخلافة بل سقط من قلمه بعضه، ولفظه عند مخرجه الذي عزاه إليه "عم عن ابن عباس" "أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار فاعرفوا له ذلك كله، فلو كنت متخذًا خليلًا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلًا"، ثم قال: "سدوا كل خوخة في المسجد، غير خوخة أبي بكر".

----------------------------
1 فيض القدير: ج3 ص71.
2 نفس المرجع والصفحة.
3 فيض القدير: ج1 ص112.
4 فيض القدير: ج1 ص90.
----------------------------

وكذلك حديث: "أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة رجل يوضع في إخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه" ذكر فيه المؤلف1 أن المصنف أورده عن مسلم عن النعمان بن بشير الأنصاري ولكن رواية مسلم لفظها من حديث النعمان: "إن أهون أهل النار" وإنما قال: "أهون" في حديث ابن عباس الآتي، فهذا مما لم يحرر فيه المؤلف التخريج.

4- يزيل ما يبدو بين بعض الأحاديث من تعارض، ويعمل على اتساقها والتوفيق بين بعضها وبعض، أو بينها وبين ما هو معلوم من الدين بنصوص القرآن الكريم.

ومن ذلك ما أورده في حديث: "ابغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم" حيث قال: هذا الحديث وما على منواله: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم" قد وقع التعارض ظاهرًا بينه وبين خبر مسلم: "المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير"، وعند التأمل لا تدافع؛ إذ المراد بمدح القوة؛ القوة في ذات الله وشدة العزيمة، وبمدح الضعف لين الجانب، ورقة القلب، والانكسار بمشاهدة جلال الجبار، أو المراد بذم القوة التجبر والاستكبار، وبذم الضعيف ضعف العزيمة في القيام بحق الواحد القهار، على أنه لم يقل هنا إنهم ينصرون بقوة الضعفاء، وإنما مراده بدعائهم أو بإخلاصهم أو نحو ذلك.

- ومن ذلك أيضًا ما نقله عن ابن الجوزي في حديث: "أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار" حيث قال2: وقد أورد ابن الجوزي الحديث في الموضوعات بتوهمه معارضته لحديث أبي بكر مع أنه قد أجمع جمع منهم البزار والكلاباذي والطحاوي بأن سد الأبواب وقع مرتين، ففي الأولى استثنى باب علي؛ لأن بابه كان إلى جهة المسجد، ولم يكن لبيته باب غيره، فلما امروا بسدها سدوها، وأحدثوا خوخًا يستقربون الدخول للمسجد منها، فأمروا بعد بسدها غير خوخة أبي بكر.

وفي حديث: "اتقوا المجذوم كما يتقى الأسد" وفق المؤلف بينه وبين خبر: "لا عدوى ولا طيرة" حيث قال:3 ولا يناقضه خبر: "لا عدوى ولا طيرة" لأنه نفي لاعتقاد الجاهلية نسبة الفعل لغير الله، فوقوعه بفعله تقدس، أو لأن الطاعون ينزل ببلد فيخرج منها خوف العدوى، وأما المجذوم ومثله المسلول فلم يرد به في هذا الخبر وما أشبهه إلا التحرز عن تعدي الرائحة، فإنها تستقم من أطال اشتمامها باتفاق حذاق الأطباء، وأكل المصطفى صلى الله عليه وسلم معه تارة، وتارة لم يصافحه لبيان الجواز، وصحة الأمر على سالك طريق الفرار وسالك طريق التوكل، ففعل الأمرين ليأخذ من قويت ثقته بريه بطريق التوكل، ومن ضعف بطريق التحفظ، ثم قال: والحاصل أن الأمور التي يتوقع منها الضرر قد أباحت الحكم الربانية التحرز عنها، فلا ينبغي للضعفاء أن يقربوها، وأما أهل الصدق واليقين فبالخيار، وعلى ذلك ينزل ما تعارض من الأخبار.

----------------------------
1 فيض القدير: ج3 ص38.
2 فيض القدير: ج3 ص91.
3 فيض القدير ج1 ص137.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:55 pm

ومثل ذلك ما أورده في حديث:
"أدنى ما تقطع فيه يد السارق ثمن المجن" حيث قال:1 وعورض هذا الحديث بأحاديث: منها خير الشيخين عن ابن عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم" وخبر البيهقي عن عمر: "قيل لعائشة: ما ثمن المجن؟ قالت: ربع دينار" قال ابن عبد البر: هذا أصح حديث في الباب، قال ابن حجر: ويجمع بأنه قال أولًا: لا قطع فيما دون العشرة، ثم شرع القطع في الثلاثة فما فوقها، فزيد في تغليظ الحد كما زيد في تغليظ حد الخمر، وأما سائر الروايات فليس فيها إلا الإخبار عن فعل وقع في عهده صلى الله عليه وسلم وليس فيه تحديد النصاب، فلا ينافي رواية ابن عمر أنه قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم، وهو مع كونه حكاية فعل لا يخالف حديث عائشة أن قيمته ربع دينار، فإن ربع الدينار صرف ثلاثة دراهم، وليس المراد به مجنًا بعينه، بل الجنس وأن القطع كان يقع في كل شيء يبلغ قدر ثمن المجن فيكون نصابًا، ولا يقطع فيما دونه ... إلى آخر ما ذكره ونقله من توفيق العلماء بين الأحاديث التي يظهر فيها التعارض.

5- يشرح تخريج الحديث وتقويمه، ويتحدث عن رجاله، ويضيف إلى التخريج جديدًا في بعض الأحيان، وذلك مثل ما صنعه في تخريج حديث: "آخر ما تكلم به إبراهيم حين ألقي في النار حسبي الله ونعم الوكيل" فإنه قال2: "خط" في ترجمة محمد بن يزداد "عن أبي هريرة" الدوسي "وقال" أي الخطيب حديث "غريب" أي تفرد به حافظ ولم يذكره غيره، ورواه عنه أيضًا الديلمي هكذا "والمحفوظ" عند المحدثين "عن" أبي العباس عبد الله "ابن عباس" ترجمان القرآن الذي قال فيه علي كرم الله وجهه: كأنما ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقيق، وأخرج ابن عساكر أنه كان يسمي حكيم المعضلات، ولم يرد عن أحد من الصحابة في الفتوى أكثر منه، وعمي آخر عمره كأبيه وجده "موقوف" عليه غير مرفوع، لكن مثله لا يقال من قبل الرأي فهو في حكمه، وهذا الموقوف صحيح، فقد أخرجه البخاري في صحيحه عنه بلفظ: "كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار حسبنا الله ونعم الوكيل" وفي رواية له عنه أيضًا: "حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم".

ومثل ذلك حديث: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة" الحديث شرح تخريجه كما يأتي3:
"حم والضياء" المقدسي في المختارة وأبو نعيم وابن أبي شيبة وغيرهم "عن سعيد بن زيد" عن عمرو بن نفيل "ت" وكذلك أحمد ولعله أغفله سهوًا وأبو نعيم في المعرفة كلهم من حديث عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه "عن" جده "عبد الرحمن بن عوف" الزهري وعبد الرحمن هذا تابعي ثقة إمام، وأبوه حميد أحد سادات التابعين ومشاهيرهم، خرج له الجماعة، قال ابن حجر: يكفي من مناقبه هذا الحديث الحسن وحده، فكيف مع كثرتها.

----------------------------
1 فيض القدير: ج1 ص231.
2 فيض القدير: ج1 ص44.
3 فيض القدير: ج1 ص92.
----------------------------

وفي شرحه لتخريج حديث:
"أتاني جبريل فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ... " الحديث1 "الشيرازي" في كتاب معرفة "الألقاب والكنى" عن إسماعيل عن زافر بن سليمان عن محمد بن عيينة عن أبي حازم عن سهل بن سعد "ك" في الرقاق من طريق عيسى بن صبح عن زافر "هب" من طريق محمد بن حميد عن عيسى بن صبح عن زافر عن ابن عيينة عن أبي حازم "عن سهل بن سعد" ابن مالك الخزرجي الساعدي، قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبي في التلخيص مع أن زافرًا أورده هو وغيره في الضعفاء، ولهذا جزم الحافظ العراقي في المغني يضعف الحديث، قال: وجعله بعضهم من كلام سهل ومراده القضاعي "هب" من طريق أبي داود الطيالسي عن الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير "عن جابر" بن عبد الله "حل" عن محمد بن عمر عن محمد بن الحسن وعلي بن الوليد قالا: حدثنا علي بن حفص بن عمر عن الحسن بن الحسين بن زيد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن الحسن "عن علي" أمير المؤمنين وزاد في هذه الرواية: فقال صلى الله عليه وسلم: "لقد أوجز لي جبريل في الخطبة" قال ابن حجر في أماليه: أخرجه الحاكم من طريق عيسى بن صبح عن زافر، وصححه البيهقي من طريق ابن حميد عن زافر، قال أعني ابن حجر: تفرد بهذا الإسناد زافر وما له طريق غيره، وهو صدوق كثير الوهم، والراوي عنه فيه مقال لكن تويع، قال: وقد اختلف فيه نظر حافظين فسلكا طريقين متناقضين، فصححه الحاكم ووهاه ابن الجوزي، والصواب أنه لا يحكم عليه بصحة ولا وضع، ولو توبع زافر لكان حسنًا، لكن جزم العراقي في الرد على الضغاني والمنذري في ترغيبه بحسنه.

وكذلك في تخريج حديث: "أهل الشام سوط الله تعالى في الأرض" الحديث قال في شرحه: "حم ع طب والضياء" المقدسي "عن خريم" بضم الخاء المعجمة وفتح الراء "ابن فاتك" بفتح الفاء وكسر المثناة التحتية الأسدي الصحابي قال ابن أبي حاتم: بدري له صحبة، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني موقوفًا على خريم ورجالهما ثقات.

6- يعقب -أحيانًا- على السيوطي في التخريج والتقويم:
ففي حديث: "أول تحفة المؤمن أن يغفر لمن صلى عليه" شرح تخريجه وتقويمه، وعقب على ذلك بقوله:2 "الحكيم" الترمذي "عن أنس" من حديث معبد بن سرق العبدي عن الحكم بن سنان بن عون عن النميري، والحكم بن سنان قال الذهبي: ضعفوه، وزياد النميري أورده في الضعفاء وقال: صالح الحديث ابتلي برواة ضعفاء، ورواه الخطيب عن جابر والديلمي عن أبي هريرة، وفيه عنده عبد الرحمن بن قيس رمي بالكذب، ولأجله حكم الحاكم على الحديث بالوضع وعده ابن الجدوزي من الموضوعات.

----------------------------
1 فيض القدير: ج1 ص102.
2 فيض القدير: ج3 ص84.
----------------------------

وفي حديث "أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر..." الحديث تكلم عن التخريج بما يلي1: "حم ت" وكذا الطبراني في الأوسط "عن أبي سعيد" الخدري وكذا ابن مسعود، قال الترمذي: حسن صحيح "قال الهيثمي": إسناد ابن مسعود صحيح، وفي إسناد أبي سعيد عطية والأكثر على ضعفه، ثم عقب المؤلف على ذلك بقوله: ثم إن صنيع المصنف يوهم أن ذا لم يتعرض أحد من الشيخين لتخريجه وهو ذهول، فقد عزاه الديلمي وغيره إلى البخاري من حديث أبي هريرة بلفظ: "أول زمرة تدخل الجنة وجوهم على مثل القمر ليلة البدر، والثانية على مثل أضواء كوكب في السماء، لكل رجل منهم زوجتان يرى مخ ساقيهما من وراء الثياب وما في الجنة عزب". ا.هـ. ثم رأيته كذلك في كتاب الأنبياء وخلق آدم عليه السلام، وفي مسلم في صفة الجنة عدة أحاديث بنحوه، وليس في حديث الترمذي الذي آثره المصنف إلا زيادة عدد الحلل، وفي رواية البخاري زيادة عدد الحلل، وفي رواية البخاري زيادة نفي وجود الأعزب فيها.

وفي الحديث الذي بعده:
"أول سابق إلى الجنة عبد أطاع الله وأطاع مواليه" عقب على التخريج بما نقله الهيثمي وغيره بما يخالف تقويم المصنف لهذا الحديث قال: قال الهيثمي: فيه بشر بن ميمون أبو صيفي وهو متروك، وقال غيره: وفيه بشر بن ميمون أبو صيفي قال في الميزان عن البخاري يتهم بالوضع، وعن الدارقطني متروك الحديث، وعن ابن معين أجمعوا على طرح حديثه، ثم أورد له مما أنكر عليه هذا الخبر.

وفي حديث: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" وبعد أن أورد تخريج المصنف له قال: وظاهره أنه لا يجد مخرجًا لأحد من السُّنَّة، وإلا لما أبعد النجعة، وهو ذهول عجيب، فقد خرجه النسائي في الكبرى وابن ماجه، وكذا الإمام أحمد والحاكم من حديث أنس، قال الحافظ العراقي: بإسناد حسن، والعجيب أن المصنف نفسه عزاه لابن ماجه وأحمد في الدرر عن أنس المذكور.

ولكن المؤلف كثيرًا ما يعزز تقويم السيوطي للحديث، ويؤكد ما ذهب إليه فيه:
ففي حديث: "أتاني جبريل بالحمى والطاعون ... " الحديث، وبعد أن ذكر تخريج المصنف له بما يدل على صحته قال2: قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات، ولذلك رمز المؤلف "السيوطي" لصحته.

7- يبين المؤلف لطائف إسناد الحديث ومثال ذلك:
حديث: "أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة ... " الحديث قال فيه3: ومن لطائف إسناده أنه من رواية الرجل عن أبيه عن جده حيث بين أنه من رواية عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه "حميد" عن جده "عبد الرحمن بن عوف".

----------------------------
1 فيض القدير ج3 ص85، 86.
2 فيض القدير: ج1 ص94.
3 فيض القدير: ج1 ص92.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:56 pm

8- يذكر أسماء الضعفاء من رواة الحديث للتدليل على ضعفه:
ففي حديث: "أول الوقت رضوان الله، وآخر الوقت عفو الله" قال المناوي1: سكت المؤلف عليه فلم يشر إليه بعلامة الضعف، وكأنه ذهل عن قول الذهبي في التنقيح: في سنده كذاب. وعن قول ابن عبد الهادي عن معين: فيه الحسين بن حميد كذاب ابن كذاب، وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح، وقال ابن حجر: في سنده من لا يعرف، وقال: في الباب ابن عمر وابن عباس وعلي وأنس وأبو محذورة وأبو هريرة، فحديث ابن عمر رواه الترمذي والدارقطني، وفيه يعقوب بن الوليد المدني كان من كبار الكذابين، وحديث ابن عباس رواه البيهقي في الخلافيات وفيه نافع أبو هرمز متروك، وحديث علي رواه البيهقي عن أهل البيت وقال: أظن سنده أصح ما في هذا الباب قال -أعني ابن حجر: ومع ذلك فهو معلول، ولهذا قال الحاكم: لا أحفظ الحديث من وجه يصح، وحديث أنس خرجه ابن عدي والبيهقي، وقد تفرد به بقية عن مجهول مثله، وحديث أبي محذورة رواه الدارقطني وفيه إبراهيم بن زكريا متهم، وحديث أبي هريرة ذكره البيهقي وقال: هو معلول.

وبعد: فلعل المناوي رحمه الله قد غفل عن أن المؤلف لم يسكت عن ذكر علامة الضعف في هذا الحديث، فقد رجعنا إلى الجامع الصغير فوجدناه في تخريجه لهذا الحديث نبه إلى ضعفه بذكر العلامة الدالة على الضعف "ض" في آخره2 بل إن متن الحديث في شرح المؤلف قد ختم تخريجه بهذه العلامة أيضًا، وعلى ذلك فإن السيوطي رحمه الله لم يغب عنه التنبيه على ضعف هذا الحديث كما ذكر المناوي فيه.

ومثل هذا -أيضًا- حديث: "أول بقعة وضعت من الأرض موضع البيت...". الحديث فقد نبه المؤلف على رجال إسناده الذين كانوا سببًا في ضعف هذا الحديث فقال: وفيه عبد الرحمن بن علي عجلان القرشي قال في الميزان عن العقيلي: فيه جهالة وحديثه غير محفوظ ثم ساق له هذا الخبر وفيه أيضًا من لا يعرف.

9- يخالف المناوي المصنف في تقويم الحديث -أحيانًا- فيقول بالضعف على ما يراه المصنف حسنًا، ويقول بالوضع على ما خرجه المصنف بما يوهم غير ذلك.
ومن ذلك حديث: "أو خصمين يوم القيامة جاران" الذي رمز المصنف له بعلامة الحسن، نقل المناوي3 عن الحافظ العراقي أن سنده ضعيف، وعن الحافظ المنذري أنه رواه أحمد والطبراني بإسنادين أحدهما جيد، وعن الهيثمي: أن أحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح غير أبي نساقة وهو ثقة، وأعاده بمحل آخر وقال: إسناده حسن.

----------------------------
1 فيض القدير: ج3 ص82.
2 فيض القدير: ج1 ص112.
3 فيض القدير: ج3 ص85.
----------------------------

ولعل خلافه مع المصنف في تقويم هذا الحديث يرجع إلى أن سنده ضعيف في ذاته، وأنه لم يرتفع إلى درجة الحسن إلا بوجود تابع أو شاهد.

وفي حديث: "أول سابق إلى الجنة عبد أطاع الله وأطاع مواليه" رمز المصنف له بعلامة الصحة، ولكن المؤلف عقب في شرحه بما يفيد ضعف الحديث، فقال نقلًا عن الهيثمي وغيره: وفيه بشر بن ميمون أو صيفي وهو متروك، وعن البخاري: يتهم بالوضع، وعن الدارقطني: متروك الحديث، وعن ابن معين: أجمعوا على طرح حديثه، ثم أورد له مما أنكر عليه هذا الخبر.

وفي حديث: "أول تحفة المؤمن أن يُغفر لمن صلى عليه" لم يبين لنا المصنف درجة هذا الحديث، فقد رجعنا إلى الجامع الصغير1 فوجدناه أغفل تقويمه، ولكن المناوي ينبري له في التخريج فيذكر2 أنه من حديث معبد بن سرور العبدي عن الحكم بن سنان بن عون الذي قال الذهبي فيه: إنهم ضعفوه، وأن زياد النميري أورده في الضعفاء وقال: صالح الحديث ابتلي برواة ضعفاء، ورواه الخطيب عن جابر، والديلمي عن أبي هريرة وفيه عنده عبد الرحمن بن قيس رمي بالكذب، ولأجله حكم الحاكم على الحديث بالوضع، وعده ابن الجوزي من الموضوعات.

10- يضيف المؤلف إلى مراجع تخريج السيوطي مراجع أخرى خرجت الحديث غير تلك التي أوردها.
من ذلك ما أورده في حديث: "أوصيك بتقوى الله تعالى فإنه رأس الأمر كله...".

حيث أضاف المؤلف في نهاية تخريجه قوله: ورواه عنه أيضًا ابن لال والديلمي في مسند الفردوس.

وفي حديث: "أولياء الله تعالى الذين إذا رءوا ذكر الله تعالى" قال في ختام الحديث عن تخريجه:3 وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرج لأشهر من الحكيم ولا أعلى، وهو عجب، فقد رواه البزار عن ابن عباس: رواه عن شيخه علي بن حرب الرازي، قال الهيثمي: لم أعرفه وبقية رجاله وثقوا. ورواه أبو نعيم في الحلية من حديث ابن أبي وقاص.

وفي حديث: "أول زمرة تدخل الجنة..." قال في نهاية الكلام عنه:4 ثم إن صنيع المصنف يوهم أن ذا لم يتعرض أحد من الشيخين لتخريجه، وهو ذهول، فقد عزاه الديلمي وغيره إلى البخاري من حديث أبي هريرة بلفظ: "أول زمرة تدخل الجنة وجوهم على مثل القمر ليلة البدر..." إلى آخر الحديث قال: ثم رأيته في كتاب الأنبياء وخلق آدم عليه السلام، وفي مسلم صفة الجنة عدة أحاديث بنحوه.

----------------------------
1 الجامع الصغير ج1 ص112.
2 فيض القدير ج3 ص84
3 فيض القدير ج3 ص81.
4 فيض القدير ج3 ص85.
----------------------------

ومثل ذلك حديث: "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة ... " الحديث قال -بعد أن أورد تخريج المصنف له:1 وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة، وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف عندهم، وهو ذهول، فقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة مع تغيير يسير، ثم روى لفظ الترمذي.

وبعد:
فإن الإمام المناوي بما قدم من جهد في شرح أحاديث الجامع الصغير هو -على ما نعلم- مما لم يقم بمثله أحد في هذا المضمار، فقد خدم الأحاديث الواردة فيه شرحًا وتخريجًا وتقويمًا بما نقله عن العلماء، وما أضافه إلى ذلك من رأيه، حتى أضحى كتابه "فيض القدير" خير ما رأيناه شرحًا لأحاديث الجامع الصغير.

----------------------------
1 فيض القدير: ج3 ص87.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 51137
العمر : 72

الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات   الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات Emptyالثلاثاء 28 مايو 2024, 6:56 pm

كتب مشكل الآثار أو تأويل مختلف الحديث:
وفي الفرق بين التأويل والتفسير قال أبو عبيد وطائفة: هما بمعنى، وقال الراغب: إن التفسير أعم من التأويل، وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل، وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية، وقال غيره: التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا، والتأويل توجيه لفظ يتجه إلى معان مختلفة إلى واحد منها بما ظهر من الأدلة.

هذا بعض ما نقله صاحب كشف الظنون1 خلاصة لما أورده أبو الخير في مقدمة علم التفسير.

ثم قال:
وقد ذكر في فروع علم الحديث علم تأويل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وقال: هذا علم معلوم موضوعه، وبين نفعه، وظاهر غايته وغرضه، ثم ذكر عددًا من المؤلفين في هذا العلم.

وأورد صاحب الرسالة المستطرفة عددًا2 من هذه الكتب وأسماء المؤلفين في هذا العلم الذي سماه اختلاف الحديث، أو مشكل الحديث، أو تأويل مختلف الحديث، أو مناقضة الأحاديث وبيان محامل صحيحها.

وهذا النوع من علوم الحديث ضروري لكل عالم بالسُّنَّة، فبمعرفته يندفع ما يبدو من تناقض بين الأحاديث النبوية، ويطمئن المكلف إلى ما يرد فيها من أمور الدين.

وأشهر المؤلفين في هذا النوع من السُّنَّة فيما أورده صاحب الرسالة المستطرفة وما أورده صاحب كشف الظنون وكتاب إيضاح المكنون ما ذكرناه هنا مرتبًا بحسب سني الوفاة للمؤلفين، وما عرفناه من أسماء كتبهم على النحو التالي:
1- اختلاف الحديث للإمام الشافعي أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي المتوفى سنة أربع ومائتين3 وهو من رواية الربيع بن سليمان المرادي عنه، وهو مطبوع على هامش الجزء السابع من كتاب الأم.

2- مشكل الحديث للإمام أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدنيوري، المتوفى سنة ست وسبعين ومائتين4 وذكر صاحب كشف الظنون كتابه باسم تأويل مختلف الحديث5.

3- كتاب أبي يحيى زكريا بن يحيى الساجي البصري الحافظ، المتوفى سنة سبع وثلاثمائة6.

----------------------------
1 كشف الظنون ج1 ص334.
2 الرسالة المستطرفة ص118.
3 شذرات الذهب ج2 ص9
4 شذرات الذهب ج2 ص169.
5 كشف الظنون ج1 ص335.
6 شذرات الذهب ج2 ص250.
----------------------------

4- كتاب محمد بن جرير الطبري أبو جعفر، المتوفى سنة عشر وثلاثمائة1.

5- مشكل الآثار، لأبي جعفر الطحاوي أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي، المتوفى سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة2.

6- تأويل الأحاديث المشكلات الواردة في الصفات، لأبي الحسن علي بن مهدي الكسروي الأصفهاني ثم البغدادي الشافعي، المتوفى سنة ثلاثين وثلاثمائة3.

7- تأويلات أهل السُّنَّة، لأبي منصور محمد بن محمد الماتريدي الحنفي المتوفى سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.

8- مشكل الآثار، لأبي بكر محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني الواعظ المتكلم، المتوفى سنة ست وأربعمائة4.

9- تأويل متشابه الأخبار، لأبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي، المتوفى سنة تسع وعشرين وأربعمائة.

10- التحقيق في أحاديث الخلاف، لأبي الفرج بن الجوزي، المتوفى سنة سبع وتسعين وخمسائة5.

هذا أهم ما عرفناه من كتب تأويل مختلف الحديث ومؤلفيها، وقد أورد الدكتور أبو زهو في كتابه6 قوله: وقد كان إمام الأئمة ابن خزيمة7 من أحسن الناس كلامًا في هذا النوع من فنون الحديث حتى روي عنه أنه قال: لا أعرف حديثين متضادين، فمن كان عنده فليأتي به أؤلف بينهما.

ولم نجد بين علماء الحديث في مصر في الفترة التي اخترناها للدراسة من ألف في هذا النوع من السُّنَّة تاليفًا خاصًّا به لكي نقدم للقارئ دراسة له.

ولكنا نعود فنقول -ما سبق أن ذكرناه في تقديمنا لهذا الفصل- إن كتب الشروح الحديثية -وأغلبها لمصريين- قد حفلت بالكثير من هذه الدراسة التي يعمد إليها المؤلفون أثناء شرحهم للأحاديث المشكلة، توفيقًا بينها وبين ما يبدو في غيرها من تعارض، وأنهم ليفيضون في هذا كثيرًا، كما نلمسه في فتح الباري وعمدة القارئ وغيرهما من كتب الشروح، كما يفيضون في شرح مفرداتها وبيان غريبها، حتى تصل السُّنَّة إلى الدارسين واضحة الألفاظ، مستقيمة المعاني، لا تعلق بها شبهة، ولا تشوبها شائبة تحول دون الانتفاع بها ما استقامت النية، وصلحت الطوية.

ولعل ذلك كان السبب في أن المحدثين في مصر لم يهتموا بالتأليف استقلالًا في الغريب ومشكل الحديث، بقدر ما كانوا يهتمون بالتأليف في الشروح الحديثية، فقد أعطوها من العناية ما جعلها تجمع إلى ما تناولته من شرح الحديث وتخريجه وغير ذلك -توضيحًا للغريب وحلًّا للمشكلات- وفي جمع هذا بذاك إبراز لمعالم الصورة، وإيضاح للمراد من السُّنَّة النبوية المطهرة.

----------------------------
1 شذرات الذهب ج2 ص260.
2 شذرات الذهب ج2 ص288.
3 إيضاح المكنون ج3 ص220.
4 إيضاح المكنون ج4 ص489.
5 شذرات الذهب ج4 ص329.
6 الحديث والمحدثون ص472.
7 المتوفى سنة إحدى عشرة وثلاثمائة.
----------------------------



الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل الخامس: كتب توضيح المبهمات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الخامس
»  الفصل الخامس عشر
» الفصل الخامس
» الفصل الخامس
»  الفصل الخامس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: مـدرسـة الحـديث في مـصـــر-
انتقل الى: