الاحتلال الإنجليزي بمساعدة توفيق Ocia1893
    الاحتلال الإنجليزي بمساعدة توفيق
    استطاعت إنجلترا احتلال مصر سنة 1882م في عهد الخديوي الخائن توفيق من أسرة محمد علي؛ لذا ساءت أحوالها على النواحي المختلفة، ومن ثَمَّ كانت محاولة تحرير مصر، والحصول على الاستقلال عن بريطانيا هي المحور الرئيسي في معركة الشعب المصري وقياداته التي ابتدأت بثورة 1919م، وما تمخض عنها من تسليم إنجلترا ببعض التنازلات لمصر، فيما عُرِفَ بتصريح 28 فبراير 1922م، وقد فشلت جميع المفاوضات التي جرت بين الساسة المصريين وبين إنجلترا بعد صدور هذا التصريح، ابتداءً من مفاوضات سعد زغلول ورامزي ماكدونالد في أكتوبر 1924م، أو مع هندرسون 1930م، وأخيرًا محادثات صدقي وجون سيمون في صيف 1932م، والتي يتضح منها جميعًا استمرار المحاولات من جانب الساسة المصريين، لوضع حدٍّ للتدخل البريطاني في شئون مصر الداخلية، استنادًا إلى ما احتفظت به بريطانيا لنفسها من حقوق بموجب هذا التصريح، وذلك بتسوية العلاقة بين البلدين في شكل معاهدة، أو بعبارة أخرى: محاولة تقنين تلك العلاقات[51].

    بعد ترقي فاروق الأول عرش مصر في عام 1936م، تم تعين مجلس وصاية نظرًا لصغر سنه، وتولى الوفد تشكيل الوزارة لفوزه في الانتخابات البرلمانية، وتألفت جبهة داخلية لإعادة تطبيق دستور عام 1923م الذي تم إلغاؤه بدستور عام 1930م والذي أعطى الملك سلطات أكبر وأشمل، إلا أن بريطانيا أصرت على رفضها، فقامت العديد من الثورات والاضطرابات الداخلية، فاضطرت بريطانيا للدخول في مفاوضات شريطة أن تتوافق كل الأحزاب المصرية، وتم الاتفاق في لندن بوضع معاهدة عام 1936م والتي أعطت مصر استقلالاً صوريًّا؛ حيث ألزمت مصر بتقديم المساعدات في حالة الحرب وإنشاء الثكنات التي فرضت أعباء مالية جسيمة مما يؤخر الجيش المصري وإعداده ليكون أداة صالحة للدفاع عنها, كما أنة بموجب هذه المعاهدة تصبح السودان مستعمرة بريطانية يحرسها جنود مصريون!![52].

    استمرت بريطانيا على عنادها وتمسكها بمعاهدة سنة 1936م، وعدم اعترافها بالإلغاء وصممت على حفظ حقوقها في مصر بقوة السلاح، وكلَّما زادت إنجلترا تعنتًا ازداد كفاح الشعب المصري شدة وبأسًا، وحدثت معارك بين الطرفين في أبي صوير والتل الكبير والسويس والإسماعيلية؛ حيث وقعت مذبحة الإسماعيلية في 25 من يناير سنة 1952م، حينما هددت القوات الإنجليزية المدينة بالضرب، وتصدت لها قوات البوليس بناءً على أوامر صدرت إليها من الحكومة، فدكت القوات الإنجليزية مبنى المحافظة على رءوس رجال الشرطة وهم يقاومون بما لديهم من أسلحة قليلة العدد عدوًّا يفوقهم عددًا وعدة، فقتل في هذه المعركة خمسون من رجال البوليس وعددٌ كبير من الأهالي[53].
الاحتلال الإنجليزي بمساعدة توفيق Ocia1894
    حريق القاهرة
    ومن الأحداث التاريخية المؤلمة التي أصابت مصر في يناير 1952م والتي لم يُعرَف فاعلوها حتى الآن، حريق القاهرة؛ إذ استغل الفاعلون المظاهرات التي عمَّت العاصمة ابتداءً من الساعة 12 ظهرًا، وفي ساعات قلائل التهمت النار نحو (700) محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادٍ في شوارع وميادين وسط المدينة. وقد أسفرت حوادث ذلك اليوم عن مقتل (26) شخصًا، وبلغ عدد المصابين بالحروق والكسور (552) شخصًا، في الوقت الذي كان قادة الجيش في القصر الملكي مدعوين لمأدبة الاحتفال بمولد الأمير أحمد فؤاد.
الاحتلال الإنجليزي بمساعدة توفيق Ocia1895
    حركة الضباط الأحرار
    وقد قامت في مصر بعد ذلك ثورة 23 يوليو 1952م بقيادة اللواء محمد نجيب الذي عمل على تطهير البلاد من الفساد، وإعادة الحياة الديمقراطية إليها، ولكن تمَّ عزله من مجلس قيادة الثورة، وتحديد إقامته حتى وفاته؛ لتتوقف تلك الجهود الإصلاحية، وتدخل مصر مرحلة جديدة من تاريخها.
---------------------------------------------
الهوامش:
    [1] البطالسة: نسبة إلى بطليموس بن لاغوس 323- 285 ق.م، أحد قادة الإسكندر المقدوني وأعظمهم حكمة، وكانت مصر من نصيبه بعد تقسيم تركة القائد المقدوني بين قادته.
    [2] محمد سهيل طقوش: تاريخ الخلفاء الراشدين ص290، 291.
    [3] محمود شيت خطاب: عمرو بن العاص القائد المسلم والسفير الأمين 1/98-100.
    [4] المقريزي: الخطط 1/289.
    [5] محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى ص62.
    [6] منسي يوحنا: تاريخ الكنيسة القبطية ص290، 291.
    [7] محمود شاكر: التاريخ الإسلامي، الخلفاء الراشدون 3/163.
    [8] حسن إبراهيم حسن: تاريخ عمرو بن العاص ص131، 132. وانظر: محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى ص90.
    [9] محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى ص90.
    [10] المصدر السابق ص92، 93.
    [11] ابن الأثير: الكامل 3/13، 14. وانظر: إبراهيم العدوي: قوات البحرية في مياه البحر المتوسط ص44-52.
    [12] محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى ص74.
    [13] المصدر السابق ص75.
    [14] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 2/191، 192
    [15] محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى ص109.
    [16] القلقشندي: مآثر الأناقة في معالم الخلافة 1/251.
    [17] يشكر بن جديلة‏:‏ قبيلة من قبائل العرب أقامت عند الفتح بهذا الجبل، فعُرف بجبل يشكر لذلك‏.‏
    [18] مصطفى بدر: مصر الإسلامية ص148.
    [19] مختار العبادي: في التاريخ العباسي والفاطمي ص132، سيدة كاشف: أحمد بن طولون ص252، 253، إبراهيم العدوي: مصر والشرق العربي ص129.
    [20] علي إبراهيم حسن: مصر في العصور الوسطى ص323.
    [21] المقريزي: الخطط 1/317.
    [22] ابن خلكان: وفيات الأعيان 4/197، 198.
    [23] الخراج: ضريبة الأرض الزراعية.
    [24] علي إبراهيم حسن: مصر في العصور الوسطى ص437.
    [25] حسنين محمد ربيع: النظم المالية في مصر زمن الأيوبيين ص35، وانظر ص69، 70.
    [26] أبو شامة المقدسي: الروضتين في أخبار النورية والصلاحية 1/243.
    [27] محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى ص247.
    [28] المقريزي: السلوك في معرفة دول الملوك 2/492، وانظر محمود الحويري: السابق ص249.
    [29] عَفَت: خلت.
    [30] السيوطي: حسن المحاضرة 2/94.
    [31] محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى ص250، 251.
    [32] ابن خلدون: المقدمة 1/105.
    [33] المصدر السابق 3/991.
    [34] المقريزي: الخطط 1/87.
    [35] ابن جبير: رحلة ابن جبير ص45.
    [36] ليس عقاب السارق في الشريعة الإسلامية القتل، بل قطع اليد بعد استيفاء شروط الحد؛ لذا يُعَدّ هذا التصرف تجاوزًا من الوالي، إلا إذا كان اللصوص يقطعون الطريق ويروعون الناس، فيُعتبر هذا من الحرابة، ويقام عليهم حدُّ الحرابة بالقتل، أو أنه قتل هؤلاء اللصوص تعزيرًا؛ ردعًا للمجرمين لانتشار الجريمة في وقته.
    [37] جورجي زيدان: مصر العثمانية ص130، 131.
    [38] كان نفي سعد زغلول ورفاقه الشعلة التي جعلت المصريين يثورون ضد المحتل الإنجليزي، بعد مماطلته في أستقلال مصر بعد الحرب العالمية الثانية التي وقفت فيها مصر بجانب إنجلترا أمام الدولة العثمانية.
    [39] محمد مورو: الحركة الإسلامية في مصر من عام 1928 إلى 1993م ص64.
    [40] ابن الأثير: الكامل 3/58-68.
    [41] المقريزي: الخطط 1/321.
    [42] محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى ص133.
    [43] محمود الحويري: العادل الأيوبي ص62. وانظر الروضتين 2/234، محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى ص206، 207.
    [44] ابن إياس: بدائع الزهور 2/484، 485.
    [45] هايد: تاريخ التجارة في الشرق الأدنى في العصور الوسطى 4/4، 5، محمود الحويري: المرجع السابق ص74-86.
    [46] جورجي زيدان: مصر العثمانية ص290-295.
    [47] محمد عبد الفتاح أبو الفضل: الصحوة المصرية في عهد محمد علي ص107-110.
    [48] المصدر السابق ص111-114.
    [49] محمد عبد الفتاح أبو الفضل: الصحوة المصرية في عهد محمد علي ص116-121.
    [50] ناصر الأنصاري: المجمل من تاريخ مصر ص245.
    [51] محمد جمال الدين المسدي وآخران: مصر والحرب العالمية الثانية ص14.
    [52] انظر: عبد الرحمن الرافعي: في أعقاب الثورة المصرية، ثورة 1919م 2/148-154، 3/25-38.
    [53] محمد محمود السروجي: دراسات في تاريخ مصر والسودان الحديث والمعاصر ص220، 221.

=================
المصدر:
موقع تاريخ الإسلام

الرابط:
https://islamstory.com/