[38] الصراط
[38] الصراط Ocia1728
الحمد لله
الصراط: جسر يُضرب على متن جهنم -أعاذنا الله منها- يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فمنهم من يمر كلمح البصر، وكالبرق، وكالريح، وكأجاويد الركاب.

ومنهم من يسعى سعيًا، ومنهم من يمشي مشيًا، ومنهم من يزحف زحفًا، ومنهم من يُخطف فيُلقى في النار، كلٌّ بحسب عمله.

ففي صحيح البخاري [7439]، ومسلم [183] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه -في جملة حديث طويل-: «... ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ»، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الجَسْرُ؟ قَالَ: «مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ، وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ، تَكُونُ بِنَجْدٍ، يُقَالُ لَهَا: السَّعْدَانُ، المُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ، وَكَأَجَاوِيدِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا».

زاد مسلم: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: "بَلَغَنِي أَنَّ الْجِسْرَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ، وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ".

قال النووي رحمه الله تعالى:
"قوله -صلى الله عليه وسلم-: «فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ... إلخ» مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ ثلاثة أقسام: قسم يسلم فلا يناله شيء أَصلًا، وقسم يُخدَشُ ثم يُرسَلُ فَيُخَلَّصُ، وقسم يُكَردَسُ وَيُلْقَى فَيَسْقُطُ فِي جَهَنَّمَ" انتهى من (شرح النووي على مسلم: [3/29]).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
"الصراط جسر منصوب علي جهنم، وهو أدق من الشعر وأحد من السيف، يمر الناس عليه علي قدر أعمالهم، من كان مسارعًا في الخيرات في الدنيا كان سريعًا في المشي علي هذا الصراط، ومن كان متباطئًا، ومن كان قد خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا ولم يعف الله عنه، فإنه ربما يكدس في النار والعياذ بالله.

يختلف الناس في المشي عليه، فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالفرس الجواد، ومنهم من يمر كركاب الإبل، ومنهم من يمشي، ومنهم من يزحف، ومنهم من يلقى في جهنم، وهذا الصراط لا يمر عليه إلا المؤمنون فقط، أما الكافرون فإنهم لا يمرون عليه، وذلك أنهم يساقون في عرصات القيامة إلى النار مباشرة".

انتهى من (شرح رياض الصالحين: [1/470]).

والله تعالى أعلى وأعلم.