أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الملاحـــــــــــق الأربعاء 05 أكتوبر 2011, 1:08 pm | |
| ملحق 1قومية المعركة"الأفكار، والقرارات، والتنفيذ"أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربي في الخرطوم، في أغسطس 1967، عقب الهزيمة، تعهدت بعض الدول العربية، ذات الدخل المرتفع، وكلها دول نفطية، بأن تخصص مبلغاً من المال، لدعم دول المواجهة[1]. كان ذلك التعهد، خطوة ايجابية، لمعاونة عربية فعالة، تبرز المعنى الحقيقي لقومية المعركة، لكن لم تكن المعونة المالية، وحدها، كافية، كما لم يكن مساندة ثلاث دول فقط، لثلاث آخرين، ليجسد القومية العربية.كانت القيادات المصرية، سياسية وعسكرية، قد بنت الإستراتيجية المصرية، على أساس "إدارة الصراع المسلح ضد إسرائيل، بالإمكانيات الذاتية لمصر، بالتعاون مع سورية. وأن القتال نفسه، يتيح الفرصة لاستغلال الطاقات العربية التي تراها كل دولة عربية".منذ بدء الصراع، العربي/الإسرائيلي، عام 1948، وحتى اللحظات الأخيرة، قبل حرب أكتوبر 1973، والعرب يرفعون شعار "قومية المعركة". بعض الدول حاولت تجسيد الشعار، وتحركت جامعة الدول العربية لإيجاد تعاون عسكري عربي حقيقي، فقد كانت الكارثة تستفحل، والدولة الإسرائيلية تنمو وتتوسع مثلها مثل الخلايا السرطانية، على حساب الجسد العربي المتهالك. لم يتحرك أحد تنفيذاً لذلك الشعار، وظل أملاً متصوراً، حتى وضعته الجامعة العربية في إطار معاهدة للدفاع المشترك، لتتزين به، دون أن يظهر لتلك المعاهدة أي فاعلية.في القيادة العامة المصرية، كان المخططون يأملون في عمل عسكري موحد ضد إسرائيل، من ثلاث جبهات كحد أدنى، في سيناء مصر، وفي جولان سورية، وفي الضفة الغربية للأردن. وقد اقتربوا من الحلم أحياناً، خلال انعقاد مؤتمرات القمة المتتالية، ولجان مجلس الدفاع المشترك. كان الأمل أكثر أن تشارك الدول، البعيدة عن الجبهات الثلاث، بجزء من قواتها، ليصبح لقومية المعركة معنى وفعل.كان واضحاً، أن الجهود السياسية، تمضي في طريق مسدود، وأن القوة المسلحة هي السبيل لاسترداد الأرض. لذلك انتهزت القيادة العامة المصرية، انعقاد مجلس الدفاع المشترك[2]، لجامعة الدول العربية، في الدورة الثالثة عشر، بالقاهرة (27 ـ 30 يناير 1973)، لبحث اسلوب مشاركة الدول العربية الأخرى (غير دول المواجهة) في المعركة، عند نشوبها، وأسلوب تنفيذ ما يتفق عليه.أوضح وزير الحربية المصري، الفريق أول أحمد إسماعيل علي، الموقف الإستراتيجي العربي، والأسس التي تبنى عليها خطة شاملة لتحرير الأرض، كما عرض الفكرة العامة للتخطيط العسكري، وأنهى عرضه "بتوجيهات محددة للعمل العسكري المشترك، والتزامات الدول العربية، للمشاركة بوحدات مقاتلة، لخوض حرب شاملة ضد إسرائيل".أوجز التقرير كذلك الهدف من التخطيط لعملية تعرضيه شاملة، في 6 نقاط:1. إرغام العدو على القتال في كل الجبهات، في وقت واحد، لحرمانه من إستراتيجيته المبنية على العمل ضد جبهة واحدة، في وقت واحد.2. استخدام الجبهتين السورية، والأردنية، لتهديد قلب العدو، خاصة بالقوات الجوية.3. العمل على تشتيت احتياطيات العدو البحرية، في البحرين المتوسط والأحمر.4. قطع خطوط مواصلات العدو البحرية، في البحرين المتوسط والأحمر.5. استخدام الفدائيين على نطاق واسع، داخل إسرائيل.6. من المهم أن تبدأ العمليات التعرضيه في وقت قريب، فعامل الوقت لمصلحة العدو، إذ أن قواته تنمو بمعدل أكبر من نظيرتها العربية، وسيصعب التعامل معه مستقبلاً.كان مؤتمر الكويت (15 نوفمبر 1972) قد حدد الهدف السياسي العربي، وهو "إزالة آثار عدوان يونيه 1967، دون المساس بالقضية الفلسطينية، والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني". كذلك تحدد الهدف الإستراتيجي العسكري العربي في "تدمير القوات المسلحة الإسرائيلية، وتحرير الأرض العربية، التي احتلت بعد 5 يونيه 1967، ضمن إطار عربي عام".كان هناك مميزات للعمل العسكري من عدة جهات، وكذلك كان هناك سلبيات في القوات المسلحة لدول المواجهة. أما المميزات، فهي وإن كانت قليلة، إلا أنها ذات فاعلية، وتأثير كبير، فهناك القدرة على العمل في أكثر من جبهة في وقت واحد، مما يشتت الجهود الإسرائيلية. ولدى العرب مجتمعين التفوق في القوات المسلحة بأفرعها كلها نظرياً، وعملياً فإن دول المواجهة الثلاث تتفوق برياً وبحرياً، ويمكن الحد من آثار التفوق الجوي الإسرائيلي بوسائل عدة، أخيراً فإن العمل الفدائي، داخل إسرائيل، يمكنه تهديد الأمن الداخلي، في الأرض المحتلة لصالح المعركة.أما السلبيات، في القوات المسلحة لدول المواجهة الثلاث فهي:1. يترتب على عدم اشتراك الأردن في العمليات، وجود ثغرة إستراتيجية، تؤثر على الموقف العسكري.2. النقص الكبير في الطائرات، ووسائل الدفاع الجوي، والمطارات، في دول المواجهة.3. عدم توفر احتياطي عام مناسب، على مستوى كل جبهة من الجبهات الثلاث، وكذا عدم توفر احتياطي عام إستراتيجي، يعمل لصالح الجبهتين الشمالية، والشرقية (سورية والأردن).4. عدم وجود قيادة واحدة للجبهات الثلاث، في الوقت الذي تعمل فيه القوات الإسرائيلية تحت قيادة واحدة، تقود وتنسق أعمال قواتها على الجبهات الثلاث.5. النقص الواضح في معدات وأجهزة الحرب الإلكترونية.6. قدرة العدو على المناورة بقواته، بين الجبهات الثلاث، في حالة تعرض أي منها للخطر، الأمر الذي يفتقر إليه الجانب العربي لأنه يعمل على خطوط داخلية.كانت التوصيات التي عرضها وزير الحربية المصري، ترسم الخطوط العريضة للعمل العربي الموحد، وتحدد حجم المشاركة المطلوبة من الدول العربية كالآتي:1. يقسم مسرح العمليات إلى جبهات ثلاث وهي:أ. الجبهة الشمالية: وتشمل جميع القوات السورية، وأي قوات عربية توضع تحت قيادتها.ب. الجبهة الشرقية: وتشمل جميع القوات الأردنية، وأي قوات عربية توضع تحت قيادتها.ج. الجبهة الغربية: وتشمل جميع القوات المصرية، وأي قوات عربية توضع تحت قيادتها.2. يعمل الفدائيون، من الجبهات المختلفة، لدول المواجهة، بتنسيق مع قيادات الجبهات، تبعاً لخطة يصدق عليها القائد العام للقوات المسلحة العربية.3. تكون جميع هذه الجبهات، تحت قيادة القائد العام المصري، بوصفه قائداً عاماً للقوات المسلحة العربية، تعاونه مجموعة عمليات من الدول المشتركة في القتال.4. يتولى قائد القوات الجوية السورية، قيادة القوات الجوية في الجبهتين الشمالية والشرقية (سورية والأردن)، ويتولى قائد القوات الجوية المصرية، قيادة القوات الجوية في الجبهات الثلاث.5. بناء على موافقات سابقة، لمجلس الدفاع المشترك، بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين ثان) عام 1971، وتوصيات اللجنة الفرعية العسكرية، المنبثقة من لجنة وزراء الخارجية والدفاع، تلتزم دول المساندة، بتقديم دعم لدول المواجهة من قواتها المسلحة. وإجمالي هذا الدعم، 16 سرباً جوياً، وفرقة مدرعة، وفرقة مشاة، ولواء مدرع، ولواءان مستقلان من المشاة.6. تم توزيع هذا الدعم على سبع دول عربية هي (العراق ـ المملكة العربية السعودية ـ الكويت ـ ليبيا ـ الجزائر ـ المغرب ـ السودان) وهو مطلوب لتغطية مرحلة الصمود والردع.أما الدعم الإضافي، المطلوب لتنفيذ العمليات التعرضية، فقد تم تحديده أيضاً. وتلتزم دول المساندة، بتقديم هذا الدعم الإضافي إما بوحدات جاهزة فعلاً أو بمعدات أو بدعم مادي طبقاً لبيان التكاليف السابق الاتفاق عليها بين رؤساء الأركان في العام السابق.7. تكون قوات الدعم المتفق عليها، والمطلوبة لمرحلة الصمود والردع، جاهزة في أماكن تمركزها، في مارس 1973، للتحرك إلى أماكن التمركز للعمليات، بأوامر من القائد العام للقوات المسلحة العربية. أما وحدات الدعم الإضافي، للعمليات التعرضية، فتكون جاهزة في أقرب وقت، طبقاً لما يتم الاتفاق عليه في المجلس.كانت تلك النقاط، والتي أقرتها اللجنة، فرصة حقيقية، أضاعها التردد العربي، بأسبابه المختلفة، فلم تنفذ، ولم يتضامنوا، ولم يحققوا قومية المعركة، رغم أن العبء المطلوب كان في قدرات كل دولة، وفي حدود طاقاتها وكان لكل دولة أسبابها. ولجأت مصر إلى الاتصالات الثنائية، ونجحت في الحصول على دعم عربي، بقوات من دول عربية، لمساندة الجبهتين المصرية، والسورية، إلا أن بعض هذه المساهمات، أجلت لحين نشوب الحرب، فلم تصل في الوقت التي كانت الحاجة إليها فيه شديدة.كذلك، لم تشارك الجبهة الأردنية في القتال، رغم أهميتها، إلا أن الأردن كدولة، ساهم مع الجبهة السورية بجزء من قواته، بعد نشوب الحرب كذلك.ملحققرارات مؤتمر القمّة العربي الرابع(الخرطوم 29/8 ـ 1/9/1967)القرارات:أولاً ـ تأكيد وحدة الصف العربي:أكّد المؤتمر وحدة الصف العربي ووحدة العمل الجماعي وتنسيقه وتصفيته من جميع الشوائب. كمـا أكّد الملوك وممثلوهم التـزام بلادهم بميثاق التضامن العربي الذي وقع في مؤتمر القمّة العربي الثالث في الدار البيضاء، وتطبيقه.(ق ق 38/د4/ ـ 1/9/1967)ثانياً ـ إزالة آثار العُدوان:قرّر المؤتمر ضرورة تضافر جميع الجهود لإزالة آثار العدوان ، على أساس أن الأراضي المحتلة أراض عربية يقع عبء استردادها على الدول العربية جمعاء.( ق ق 39/د4/ ـ 1/9/1967)ثالثاً ـ لا صلح ولا تفاوض مع إسرائيل ولا اعتراف بها:اتفق الملوك والرؤساء على توحيد جهودهم في العمل السياسي على الصعيد الدولي والدبلوماسي لإزالة آثار العدوان وتأمين انسحاب القوّات الإسرائيلية المعتدية من الأراضي العربية المحتلة بعد عدوان 5 يونيو / حزيران / جوان، وذلك في نطاق المبادئ الأساسية التي تلتزم بها الدول العربية، وهي عدم الصلح مع إسرائيل أو الاعتراف بها وعدم التفاوض معها والتمسّك بحق الشعب الفلسطيني في وطنه.( ق ق 40/د4/ ـ 1/9/1967)رابعاً ـ الاستمرار على ضخّ البترول:كان مؤتمر وزراء المال والاقتصاد والبترول العرب قد أوصى بإمكانية استخدام وقف ضخّ البترول كسلاح في المعركة، ولكن مؤتمر القمّة رأى بعد دراسة الأمر ملياً أن الضخّ نفسه يمكن أن يستخدم كسلاح إيجابي، باعتبار البترول طاقة عربية يمكن أن توجّه لدعم اقتصاد الدول العربية التي تأثرت مباشرة بالعدوان، ولتمكينها من الصمود في المعركة.قرّر المؤتمر استئناف ضخّ البترول باعتباره طاقة عربية إيجابية يمكن تسخيرها في خدمة الأهداف العربية، وفي الإسهام في تمكين الدول العربية ـ التي تعرّضت للعدوان وفقدت نتيجة لذلك موارد اقتصادية ـ من الصمود لإزالة آثار العدوان.وقد أسهمت بالفعل الدول المنتجة للبترول في تمكين الدول التي تأثرت بالعدوان من الصمود أمام أي ضغط اقتصادي.(ق ق 41/ د4/ ـ 1/9/1967)خامساً ـ إنشاء صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي:أقرّ المجتمعون المشروع الذي تقدّمت به الكويت لإنشاء صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي العربي، طبقاً لتوصية مؤتمر وزراء المال والاقتصاد والنفط الذي انعقد ببغداد. (ق ق 42/د4/ ـ 1/9/1967)سادساً ـ دعم الإعداد العسكري:قرّر المجتمعون ضرورة اتخاذ الخطوات اللاّزمة لدعم الإعداد العسكري، لمواجهة كافة احتمالات الموقف.(ق ق 43/د4/ ـ 1/9/1967)سابعاً ـ سرعة تصفية القواعد الأجنبية:قرّر المؤتمر سرعة تصفية القواعد الأجنبية في الدول العربية.(ق ق 44/د4/ ـ 1/9/1967)ثامناً ـ الالتزام بمبالغ إلى حين إزالة آثار العدوان:قرّرت كل من المملكة العربية السعودية والكويت والمملكة الليبية أن تلتزم كل منها بدفع المبالغ التالي بيانها سنوياً ومقدماً، عن كل ثلاثة أشهر، ابتداء من منتصف أكتوبر / تشرين الثاني، إلى حين إزالة آثار العدوان.المملكة العربية السعودية ـ 50 مليون جنيه إسترليني.الكويت ـ 55 مليون جنيه إسترليني.المملكة الليبية ـ 30 مليون جنيه إسترليني.(ق ق 45/د4/ ـ 1/9/1967)ملحقالخطة لنظراً لأن الدول العربية لم تتمكن من وضع توصيات "مجلس الدفاع المشترك" موضع التنفيذ، الأمر الذي كان يحقق لنا ـ نحن العرب ـ قومية المعركة، استمر التعاون بين مصر وسورية سياسياً وعسكرياً يأخذ مجراه الطبيعي البنَّاء لدخول الحرب وحدهما ضد إسرائيل.وبعد أن استكملت الخطة المصرية السورية، وتم إعداد القوات لها والتدريب عليها، ولم يبق على تنفيذها سوى تحديد التوقيت المناسب للهجوم وإصدار القرار السياسي ببدء الحرب، تقدم رئيس إحدى الدول العربية بخطة للحرب ضد إسرائيل.استدعى الفريق أول أحمد إسماعيل بوصفه القائد العام للقوات الاتحادية، اللواء محمد عبدالغني الجمسي، رئيس هيئة العمليات، إلى مكتبه لإطلاعه على هذه الخطة وبحثها. ووجدت أنها نظرية من نظريات الرئيس المذكور الثورية، التي ينادي بها في المجالات المختلفة، ويقوم بتطبيقها في دولته سواء في "كتاب أخضر" أو في كتاب بلون آخر.والحقيقة أن رئيس هذه الدولة لم يعطِ لخطته اسماً رمزياً، ولذلك اختار لها اللواء الجمسي اسم الخطة (ل)، وكان تعليقه عليها أنها حلم سعيد.وتتلخص فكرة هذه الخطة في أن الهجوم المصري وعبور قناة السويس لا يعتبر هجوماً حاسماً، فضلاً عن الخسائر الكبيرة التي تتعرض لها القوات المصرية خصوصاً تحت تأثير تفوق العدو الجوي. لذلك يرى واضع الخطة:1. أن يكون الهجوم الرئيس الجوي والبري من اتجاه سورية، وأن يحشد لذلك أكبر عدد من الطائرات المصرية بحيث تكون غطاءً جوياً تتحرك تحته كل القوات السورية.ويمكن زيادة عدد القوات البرية في سورية من مصر وليبيا ودول عربية أخرى.2. أن يشن الهجوم الكاسح على إسرائيل باستخدام جنوب لبنان وشمال الأردن والفدائيين لتوسيع رقعة الهجوم. وأن الهجوم الجوي من الجبهة السورية سوف يُفقد العدو المبادرة لأول مرة ويلحق أضراراً بأهداف العدو الجوية.3. تبقى القوات المصرية كاحتياطي إستراتيجي، يستخدم بعد معرفة ما يتطور إليه الهجوم من الجبهة السورية. ويقتصر دورها أثناء ذلك على هجمات بحرية، وعمليات إنزال بحري، على غزة وشمالها، وهجمات بحرية، ضد إيلات وشرم الشيخ، مع إنزال مظلي في عدة أماكن، لإرباك العدو، وتشتيت قواته. وكذلك قصف شديد بالمدفعية، ضد الضفة الشرقية للقناة، لإيهام العدو بالهجوم من اتجاه القناة، وتخفيف الضغط على الجبهة السورية.4. يكون الهدف العسكري، هو تدمير قوة إسرائيل، المادية والمعنوية.5. يكون الهدف السياسي، هو فرض قرار التقسيم، الصادر عن الأمم المتحدة، عام 1947.6. تعتبر الجمهورية أن هذا الرأي، هو أساس مشاركتها في الحرب، وإلا فإنها ستعلن رسمياً، عدم مشاركتها في كارثة، ربما تكون نهائية للأمة العربية.رأي اللواء محمد عبدالغني الجمسي (رئيس هيئة العمليات المصرية) والمسؤول عن التخطيط للحرب في أكتوبر 1973:كان الرأي في مصر واضحاً في رفض فكرة هذه الخطة، لأنها لا تتمشى مع الموقف الإستراتيجي في المنطقة، ولا تتسم بالواقعية، وغير قابلة للتطبيق. وكان هذا الرأي مبنياً على المبررات التالية:1. إن الموقف الإستراتيجي، وحجم وأوضاع قوات العدو وقدراته القتالية، تؤكد ضرورة شن الهجوم ضده من جبهتين متباعدتين في وقت واحد لتشتيت قواته الجوية المتفوقة ـ وهي قوته الضاربة الرئيسية ـ وبعثرة قواته البرية على أكثر من جبهة وتكبيدها أكبر قدر من الخسائر البشرية ـ وهي نقطة ضعفه الرئيسية ـ في معارك رئيسية تقع في أكثر من جبهة سواء في البر أو البحر أو الجو.2. إن استخدام الجبهة السورية كاتجاه للمجهود الرئيسي في الحرب قد يبدو صحيحاً ـ من الناحية النظرية ـ لقربها من إسرائيل، ووجود بعض الأهداف الإسرائيلية داخل مدى طائراتنا من هذا الاتجاه. ولكن إذا تعمقنا في دراسة الأمر ـ من الناحية العملية ـ نجد أن تركيز القوات الجوية السورية والمصرية في سورية لا يمكن تنفيذه عملياً لعدم توفر المطارات اللازمة لاستيعاب كل هذا العدد من الطائرات. بالاضافة لذلك فإن وسائل الدفاع الجوي السوري لا تكفي لتأمين هذه الإعداد الكبيرة من الطائرات، ويستتبع ذلك نقل وسائل الدفاع الجوي المصري إلى سورية. ومعنى ذلك كشف الغطاء الجوي عن الأراضي المصرية وقواتها المسلحة الأمر الذي يترتب عليه نتائج خطيرة. ومن المعروف أن مدى عمل الطائرات المصرية والسورية يغطي ـ عند استخدامها من سورية ـ شمال إسرائيل وجزءاً من وسطها، وبذلك تبقى مطارات وسط وجنوب إسرائيل وكل مطارات سيناء خارج دائرة التأثر. وبذلك يتمكن العدو من إعادة تمركز وانتشار طائراته في هذه المناطق واستخدامها بكفاءة ـ لمداها الطويل ـ ضد كل من مصر وسورية. ولا يجب أن نتصور أن الضربة الجوية التي تمت يوم 5 يونيه 1967 ستكرر نتائجها ضد العدو أو ضدنا.3. أما عن توجيه الهجوم البري الرئيسي من اتجاه سورية وتوسيع رقعة الهجوم باستخدام الأراضي الأردنية واللبنانية، فإن ذلك تعترضه صعوبات سياسية لا يمكن التغلب عليها، والخبرة علمتنا الكثير في هذا المجال.4. إن معركة القوات المصرية هي معركة شرف لا بد أن نخوضها لتحرير أرضنا ومسح عار هزيمة يونيه 1967. والقول إن الهجوم من الجبهة المصرية يعرض قواتنا لخسائر كبيرة فهو أمر مقبول، إذ لا يمكن تحرير أرضنا ورد كرامتنا دون تضحية وقبول الخسائر المحسوبة.5. إن اقتصار دور القوات المصرية في الخطة (ل) على القيام بعمل خداعي وأعمال ثانوية مع إنزال بحري في غزة وشمالها وإبرار مظلي في عدة أماكن، أمر لا يمكن قبوله من الناحية العسكرية طالما أن القوات البرية لا تلحق بها خلال فترة زمنية محدودة. وطالما أن القوات المصرية مطلوب منها أن تقوم بعمل خداعي أو ثانوي، فإن أعمال الإبرار البحري والجوي مصيرها الفشل، والقوات المشتركة فيها مصيرها التدمير، ولا تحقق هدفاً سياسياً أو إستراتيجياً أو تكنيكياً.6. إن الاحتفاظ بالقوات المصرية كاحتياطي إستراتيجي لاستخدامه بعد معرفة ما يتطور إليه الهجوم من الجبهة السورية ـ كفكرة الخطة (ل) ـ هو تفكير عسكري خاطئ نظرياً وعملياً، لأن القوات المصرية ليست في هذه الحالة احتياطياً إستراتيجياً بالمفهوم العسكري الصحيح. فالاحتياطي الإستراتيجي يستخدم للتأثير على سير العمليات في إحدى الجبهتين أو في أحد الاتجاهات الرئيسية وبشرط أن تتوفر القدرة على نقله في الوقت المناسب. وهذا لا يمكن تحقيقه جواً لعدم وجود طائرات النقل بالعدد الكافي للنقل بالإضافة لتفوق العدو الجوي. كما لا يمكن تنفيذ النقل بحراً لعدم وجود وسائل النقل البحري وطول الوقت اللازم لهذا النقل، إذا كانت الخطة تقصد نقله أثناء سير العمليات إلى الجبهة السورية. وإذا بقيت القوات المصرية احتياطياً إستراتيجياً في الجبهة المصرية كما تتخيل الخطة (ل) فالسؤال هو: احتياطي لمن؟7. وأخيراً، إذا كان الهدف السياسي المطلوب تحقيقه بهذه الخطة هو فرض قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947، فهل تسمح مقارنة القوات بين العرب وإسرائيل بتدمير قوة إسرائيل العسكرية؟ ومن أين أتى هذا التفوق العسكري العربي في وقت كنا نعاني فيه ـ حينئذ ـ من التفوق العسكري الإسرائيلي؟ومن الناحية السياسية، هل كان يمكن قبول فرض قرار التقسيم، بالقوة العسكرية العربية، في ذلك الوقت، لو كانت هذه القوة ـ افتراضاً ـ موجودة وجاهزة للاستخدام؟وانتهى رأي مصر بالنسبة للخطة (ل) برفضها، وأن أفضل الأساليب الإستراتيجية لإدارة الحرب ضد إسرائيل هو القيام بعملية هجومية تنفذ بواسطة القوات المصرية والسورية في وقت واحد وبأعمال منسقة طبقاً لفكرة إستراتيجية واحدة تحت قيادة قائد عام واحد لقوات الجبهتين. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الملاحـــــــــــق الأربعاء 05 أكتوبر 2011, 1:52 pm | |
| ملحق 2 الأفكار المصرية المبتكرة للتغلب على مشاكل العبور (التجارب والحلول) اقتحام مانع مائي، تحت ضغط العدو، ونيرانه وهجماته المضادة، وقصفه المدفعي وغاراته الجوية، من العمليات الصعبة، التي يعلمها العسكريون جيداً. وإذا كان المانع المائي هو المجرى المائي لقناة السويس، أحد أكبر مانعين مائيين في العالم، مع قناة بنما، والعدو هو القوات الإسرائيلية المتفوقة، بما تحصل عليه من أحدث الأسلحة والمعدات، والهجرات البشرية لليهود من كل أنحاء العالم المتقدم. وقد أضاف الإسرائيليون، على المانع المائي الصعب، تجهيز هندسي، لم يسبق له مثيل، من مواقع محصنة، ملئت بالأسلحة، ونطاقات من الأسلاك الشائكة، وحقول زرعت بالألغام المضادة للأفراد. ثم نظام للدفاع، وضع خبراء الحرب الإسرائيليون كل خبراتهم فيه، فكان خط بارليف الحصين. لم يكن ممكنناً، أن يهاجم هذا الخط الحصين، القابع خلف ذلك المانع المائي، بما يحويه من دفاعات، بوحدات مقاتلة، بنفس تنظيمها المعتاد، وتسليحها المعتاد، وأساليب القتال المألوفة، والتي يتدرب عليها العسكريون في كل مكان. كان لا بد أن يكون هناك مبتكرات، للتغلب على تلك العوائق، ولا بد من تجارب حتى الوصول إلى الحلول. كان من الصعب الحصول على كل ما يحتاجه اقتحام قناة السويس، من مهمات ومعدات، من الاتحاد السوفيتي ـ المورد الوحيد للأسلحة والمعدات للقوات المسلحة المصرية والسورية في ذلك الوقت ـ أو حتى بالشراء من دول أخرى. لذلك عمد المصريون، إلى ابتكارات محلية، يتم تصنيعها ذاتياً، سواء كانت معدات وأسلحة متقدمة ومعقدة، أو بدائية وبسيطة. عين الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة المصرية في 16 مايو 1971، خلفاً للفريق أول محمد أحمد صادق، الذي عين وزيراً للحربية، إثر ما سميّ بثورة التصحيح في 15 مايو 1971، والتي أطيح فيها بالوزير السابق، الفريق محمد فوزي، والذي استطاع إعادة الانضباط للقوات المسلحة إثر هزيمة يونيه 1967. بذلك أصبح الفريق الشاذلي، مسؤولاً عن إعداد القوات المسلحة للمعركة، في كافة الأوجه، وأهمها التدريب، والتخطيط للعمليات. وحتى تنجـح القوات في تنفيذ مهامها في الحرب، طبقاً لما خطط لها، مطبقين ما تدربوا عليه، كان لا بدّ من التغلب على عوائق العبور في مجملها، وتفصيلاً، مشكلة تلو الأخرى، في أدق تفاصيلها، مع المحافظة على الانضباط العالي، الذي وصلته القوات في تلك الآونة. وكان رئيس الأركان الجديد، الرجل المناسب للمهمة الشاقة، في الظروف الصعبة. أهم المشكلات وأصعبها، التي واجهت، المخططين للعمليات كانت: 1. الحاجة لوحدات، ذات تنظيم خاص، لأداء مهام خاصة. 2. التغلب على طبيعة المجرى المائي لقناة السويس. 3. التغلب على الصعاب التي نشأت عن وجود السواتر الترابية على ضفتي قناة السويس. 4. إيجاد حل لمشكلة أنابيب النفط والنابالم، التي مدها الإسرائيليون على صفحة المياه. 5. تطوير أسلوب القتال للتغلب على العقيدة الإسرائيلية المعتمدة على ثنائي الدبابة والطائرة، في المراحل المختلفة للقتال. 6. الاستفادة بكل ما هو متيسر لمصلحة المعركة. أولاً: إنشاء الوحدات الجديدة، ذات التنظيم الخاص، لتنفيذ مهام خاصة: أظهرت الدراسات، لوضع مهام الوحدات، لتحقيق مهمة القوات المسلحة، في حرب أكتوبر 1973، الحاجة لبعض وحدات، ذات طبيعة خاصة، تفرضها مشاكل العبور وظروف القتال الغير معتادة. بعض تلك المهام أمكن تكليف الوحدات التقليدية بها، بعد تدريبها للقيام بها، فمثلاً، كان هناك حاجة لعدد كبير من وحدات المهندسين العسكريين، لتنفيذ مهام رص الألغام أثناء القتال، في عمق سيناء، أو لفتح ثغرات في حقول الألغام التي تكتشف أثناء القتال، وقد أمكن تدريب عناصر من كل وحدة، أي إن كانت تخصصها، للقيام بهذا الواجب، لتوفير حجم وحدات المهندسين التقليدية، التي تقوم بهذا الواجب، للتشكيلات الجديدة. أما المهام التي لا يمكن القيام بها، إلا للعناصر المتخصصة، فقد أنشئ لها وحدات جديدة، طبقاً للحجم الذي أبرزت الدراسات الحاجة إليه. وقد شملت هذه العناصر عدة تخصصات، لعل أهمها: 1. المشاة البرمائية: Amphibious Infantrey برزت الحاجة لهذا العنصر، بوجود سواحل ومسطحات مائية كثيرة في مواجهة الهجوم، وعلى أجنابها، وليس من المعقول أن لا تستغل في عمل ما لتسهيل عمل القوات في المناطق الصعبة، والتي ستعبر في مواجهة النقط الحصينة. بدء التفكير في إنشاء لواء برمائي في آخر عام 1971، واتخذ قرار الإنشاء في يناير 1972، وكانت الفكرة من إنشاؤه، دفعه في عمق الدفاعات الإسرائيلية، باستغلال المسطحات المائية، مثل البحيرات المرة وبحيرة التمساح، أو خليج السويس، أو البحر المتوسط، بما يمكنه من العبور ذاتياً، في مناطق غير متوقعة، تساعده على سرعة الاختراق إلى هدفه، ليهاجم مراكز قيادة التشكيلات الإسرائيلية، وتعطل تقدم الاحتياطيات لنجدة قوات النسق الأول في خط بارليف، أو الوصول إلى الممرات والمضايق والاستيلاء عليها. كان من المعروف، أن المعديات البرمائية، لن تكون جاهزة لبدء العمل، في قناة السويس، قبل 5 ساعات من بدء الهجوم، وهو ما يعني تأخر عبور أول قطع ثقيلة تحتاجها القوات في الشرق، وهي الدبابات بالطبع، إلا بعد تلك الساعات الخمس. بينما تستطيع المركبات والدبابات البرمائية، العبور من المناطق التي تسمح بالسباحة الذاتية، في أقل من ساعة، لتكون في الشرق، وتبدأ في تنفيذ مهامها، وهو ما يضيف مفاجأة قاسية أخرى للقوات الإسرائيلية. تم تنظيم اللواء 130 مشاة خاصة، على غرار القوات الخاصة، من حيث صغر حجم الوحدات الصغرى، ووجود قيادات صغرى كثيرة، وتم تسليحه بدبابات برمائية سوفيتيـة طراز ت ـ 76، "T – 76 "، وهي دبابات خفيفة، سريعة، تستطيع السباحة ذاتياً، فهي مجهزة بتوربين على كل جانب، مسلحة بمدفع عيار 76مم، ورشاش موازي للمدفع عيار 7.62مم، وهو تسليح أقوى من أي سلاح سيكون في يد المشاة التي ستعبر في الموجات الأولى، مما يجعلها ذات فائدة. بالإضافة للدبابات، جهز اللواء بمركبات مدرعة برمائية للمشاة طراز MICV ، كل مركبة يمكنها حمل جماعة مشاة بأسلحتها وأسلحة دعمها من رشاشات، أو مدافع مضادة للدروع، وحجم مناسب من الذخائر، التي سيحتاجها العمل خلف الخطوط الإسرائيلية، لحين اتصال القوات الرئيسية بهم. أصدر رئيس الأركان منشوراً تدريبياً، في 15 يونيه 1972، لتنظيم عمل هذه الوحدة، ثم نفذ بيان عملي ليلي لكيفية تنفيذ المهام لهذه الوحدة، واكتمل التدريب في شهر أكتوبر من نفس العام، أي في أقل من 10 شهور، وهو رقم قياسي لوحدة بحجم لواء، ذات مهام خاصة معقدة، مثل هذا اللواء. وفي 18 ـ 19 يوليه 1973 تم اختبار اللواء في مشروع تدريبي، على مهام شبيهه لتلك التي سينفذها فيما بعد، بل كانت أكثر صعوبة. بعد ذلك، مع بدء الأعمال القتالية في 6 أكتوبر 1973، استطاع هذا اللواء العبور خلال البحيرات المرة، دون أن يكتشفه الإسرائيليون، ووصل إلى الضفة الشرقية للبحيرات، بعيداً عن حصون خط بارليف، دون أن يفقد مركبة واحدة من مركباته الثمانون، أو دبابة من دباباته العشرين، إلا أن القيادات التي دفعته، لم تستطيع الاستفادة من وجوده، مبكراً، في تلك المنطقة. فيما بعد أمكن لبعض سرايا اللواء، مهاجمة مراكز قيادة غرب الممرات الجبلية، واضطر قائد اللواء إلى تجميع ما تبقى من قواته، التي تعرضت لهجمات جوية مكثفة بعد اكتشافها، وانسحب جنوباً حتى النقطة الحصينة في كبريت، والتي كانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت منها، فاحتلتها، وتمسكت بها إحدى كتائبه طوال فترة الحصار، وصمدت رغم الظروف الصعبة التي واجهتها، وحتى الفصل الثاني بين القوات. 2. وحدات المهندسين العسكريين ذات الطبيعة الخاصة كان العبور، يحتاج إلى كل الأنواع المعروفة من المهندسين العسكريين، والتي لم تكن متوفرة من قبل كلها، كما أن دروس حرب 1967، أوضحت الحاجة لعناصر أخرى من المهندسين، لمساندة القواعد الجوية والمطارات لاستعادة كفاءتها وعودتها للعمل بسرعة. لذلك بدء في إنشاء الأنواع الغير موجودة أصلاً من تلك العناصر، والتوسع فيما هو موجود منها، وهي على سبيل المثال: أ. وحدات الإنشاءات الخرسانية، لإنشاء دشم الطائرات والمعدات الهامة، في المطارات والقواعد الجوية. ب. عناصر إنشاء الممرات، وإصلاحها، بعد الغارات الجوية الإسرائيلية، حتى يمكن للطائرات المصرية الاستمرار في الإقلاع والهبوط لتنفيذ المهام المطلوبة منها. ج. عناصر التعامل مع القنابل التي لم تنفجر، والزمنية، والتي كان يستخدمها الإسرائيليون بكثافة عالية، لزيادة الخسائر، وشل الهدف الذي يقصفونه بها لفترة أطول. د. وحدات إنشاء المعابر على قناة السويس وهي تشمل ثلاث أنواع: (1) وحدات القوارب الخفيفة (مطاطية أو خشبية) لعبور المشاة المترجلة في الموجات الأولى، والتي بلغت 12 موجه للمشاة، في 750 قارب، في 24 رحلة بين ذهاب وإياب. (2) وحدات المعديات والبرمائيات لعبور المعدات الثقيلة، ذات الأهمية، والمطلوبة في الشرق على وجه السرعة. وكانت هذه المعديات نوعان، فهي إما أطواف تدفعها مركبات برمائية، كل طوف منها يمكنه حمل دبابة، أو مدفع ومعه الجرار الذي يقطره، أو مركبة برمائية يحمل فيها الاحتياجات المطلوبة، وتتحرك من العمق في الغرب، لتصل إلى القناة في توقيتات محدده، وتعبرها ذاتياً، ثم تخرج منها شرقاً وتتجه إلى نقطه محدده لتفريغ حمولتها، وتعود مرة أخرى (أي أن التحميل والتفريغ يتم خارج المياه). (3) كانت أهمية هذه الوحدات، سرعة عبور قطع ثقيلة هامة، وذخائر، في الفترة التي تسبق تركيب الكباري، وكان مطلوب 35 معدية بواقع 7:6 لكل فرقة مشاة. (4) وحدات الكباري، وهي ذات أهمية خاصة، إذ يعبر عليها الأسلحة الثقيلة والمعدات الهندسية، والاحتياجات التي لا يمكن عبورها بالوسائل الخفيفة، وهي ذات طاقة أكبر في تدفق القوات عبرها، ليمكن عبور وحدات كاملة من الأنساق الثانية المدرعة والآلية، بمعداتها، في وقت قصير نسبياً. إضافة لذلك، فهي ستعمل في الأيام التالية لعبور الاحتياجات والإمداد والإخلاء. كانت الدراسات قد أوضحت أن الفرقة المشاة، في النسق الأول، تحتاج إلى 2 كوبري ثقيل (حمولة 60 طن)، و2 كوبري اقتحام للمشاة، وكوبري خفيف واحد (حمولة 4 طن) والأخير، سيستخدم لعبور العربات الخفيفة ذات الحمولة حتى 3 طن، ولجذب جزء من النيران والهجمات الجوية بعيداً عن الكباري الثقيلة، وهي تشبه الكباري الثقيلة في الحجم والشكل، ويسهل إصلاحها عند إصابتها. يعني ذلك ضرورة تجهيز 50 ساحة إسقاط وصعود، 25 في كل جانب، بخلاف 70 أخرى للمعديات والبرمائيات، 35 على كل جانب، والتي ستستمر في العمل في الفترات التي يرفع فيها الكوبري لإصلاحه أو صيانته أو وقايته من القصف المدفعي والجوي المتوقع. أنشئ لتلك المهام 35 كتيبة مهندسين خاصة، وهو حجم ضخم، وتم تدريب كل منها على مهامها، والتي أجادتها في أزمنة قياسية. 3. وحدات المدفعية كان مهماً أن تتمكن وحدات المدفعية، أثناء قصفات التمهيد النيراني، التي ستجرى مع بدء العبور، من تدمير الدشم الخرسانية للنقط القوية، في خط بارليف. وكانت تلك الدشم من الخرسانة السميكة، والمدفونة تحت ساتر ترابي أكثر سمكاً، ولا تؤثر فيها الأعيرة المعتادة، في وحدات المدفعية، في الألوية والفرق (100مم، 122مم، 130مم). لذلك طلبت القيادة العامة ـ بناء على الدراسات التي قامت بها إدارة المدفعية ـ مدافع ذات أعيرة أكبر، وذخائر خاصة. أنشئ لذلك عدة كتائب مدفعية خاصة من الهاونات عيار 160مم، والمدافع عيار 180مم، 240مم، كما استخدم كذلك مدافع ذاتية الحركة، ذات عيار 152مم وتستخدم ذخائر خارقة للخرسانة المسلحة. وبذلك يمكن لهذه المجموعة أن تكشف الرمال من على الدشمة، لكي تخترقها القذائف 152مم وتدمر ما بداخلها. 3. وحدات الدفاع الجوي كان الدفاع الجوي المصري، في مرحلة إنشاء وتجديد وتطوير، بعد انتهاء حرب 1967، وقد أنشئ العديد من كتائب الصواريخ، وكتائب المدفعية المضادة للطائرات، والتي تجاوزت عدة مئات، إلا أنه كان هناك أنواع بعينها مازالت مطلوبة، لمواجهة مشاكل خاصة بتلك الحرب. استطاعت القوات الإسرائيلية، قبل نهاية حرب الاستنزاف، الإغارة على موقع رادار مصري، في الزعفرانة، على خليج السويس، واستطاعت نقله بالطائرات العمودية إلى داخل إسرائيل، حيث تمكنت من دراسته، التداخل والإعاقة على ترددات شبكة الإنذار الراداري في مصر، واستلزم الأمر عدة شهور، لتغيير نظام العمل والجانب الفني كذلك لتلك الشبكة، وحتى العمل بالنظام الجديد صالت الطائرات الإسرائيلية وجالت في سماء مصر، ودمرت العديد من الأهداف الحيوية، داخل القطر. لذلك أنشئت وحدات إنذار، في نظام بديل، يعتمد على الأفراد بأجهزة بسيطة، ومواصلات جيدة، سميّ بنظام المراقبة بالنظر، وقد نشرت تلك الوحدات على طول الحدود المصرية وبعمق حتى العاصمة، لاكتشاف أي طائرة معادية تخترق الحدود، والإبلاغ عنها فوراً. وقد أبلت تلك العناصر بلاءً حسناً خلال الحرب. كذلك، كان هناك حاجة لدفاع جوي قوي، مع الوحدات التي ستعبر القناة، لتنفذ مهام خاصة في العمق، خارج نطاق حائط الصواريخ المضاد للطائرات، لذلك دعمت تلك المفارز بعناصر من الدفاع الجوي، مسلحة بالصواريخ المحمولة على الكتف، والتي كان لها تأثير على الطائرات الإسرائيلية، رغم أنها لا تعمل رادارياً، وذلك لأن لها قدرة عالية على تتبع الحرارة المنبعثة من جسم الطائرة حتى تدمرها، وهو ما يصعب معه اكتشافها، برادارات الطائرة الحديثة. ثانياً: التغلب على طبيعة المجرى المائي لقناة السويس: القناة مانع مائي، سبق تجهيزه هندسياً، ليكون أقوى مانع مائي في العالم، وللتغلب عليه كان يلزم التغلب على التجهيزات الهندسية الذي جهزتها القوات الإسرائيلية، وقبلها كان يجب التغلب على طبيعة المجرى المائي نفسه. فقد أدى اتصال قناة السويس من الشمال بالبحر المتوسط، ومن الجنوب بخليج السويس، إلى تأثر المجال المائي للقناة بالظواهر الطبيعية لتلك البحار. اقتصرت الظواهر الطبيعية المؤثرة على القوات، عند اقتحامها لقناة السويس على ثلاث: حركة المد والجزر، وسرعة التيار، واتجاه التيار. والأخيرة هي نتيجة للأولى حيث ينعكس اتجاه التيار مع حركة المد ثم يعود مع حركة الجزر. ولما كانت ظاهرة المد والجزر تحدث مرتان يومياً، في توقيتات شبه ثابتة، وبنفس الاسلوب، فمن الممكن دراستها. لذلك، كان لا بد أن تكون البداية من الإسماعيلية حيث مبنى هيئة قناة السويس، وملفاتها، التي تحتفظ بتسجيلات كل الظواهر والتغيرات في كل قطاع من القناة على مر عشرات السنين الماضية. كان تأثير المد والجزر، في تغيير منسوب سطح المياه، فهو يرتفع حوالي 80 سم في كل مد، ويبقى ثابتاً في أعلى منسوب لمدة ساعة واحدة تقريباً، ثم يبدأ في الانخفاض في زمن يصل إلى حوالي ساعتين إلى ساعتين ونصف، ليعود إلى أقل منسوب مرة أخرى. ويتكرر ذلك مرتان. و كان ذلك الزمن (حوالي ثلاث ساعات ونصف)، لا يمكن الاستغناء عن عمل الكباري والمعديات خلاله. أما سرعة التيار فكانت تزيد من طول الرحلة، التي كان لا بد أن تنحرف عن الاتجاه العمودي الأقصر. تصدى المهندسون العسكريون لدراسة المشكلة، وتعاون معهم مهندسو هيئة قناة السويس، وأعضاء مركز البحوث الخاص بالهيئة، حتى يمكن الإلمام بكل مؤثرات تلك الظواهر الطبيعية. وعلى النموذج الشبيه بالقناة، في كل مؤثراتها وطبيعتها، في مركز البحوث بالإسماعيلية، جرت عدة تجارب، حتى تمكن المهندسون العسكريون من التوصل إلى أنسب مقاييس لساحات الإسقاط والصعود على الجانبين، والتعديل في مدخل ومخرج الكوبري ليتناسب مع حركة المد والجزر، والأطوال المناسبة لتحمل سرعة التيار. وأمكن بذلك تجهيز الكباري الخمسة وعشرون بما يتلاءم مع طبيعة المجرى المائي للقناة. ثالثاً: التغلب على الساتر الترابي على ضفتي القناة: حتى يمكن إسقاط قطع الكباري في المجرى المائي، وإنزال الزوارق التي ستقوم بتجميع الكباري، أو العمل كمعديات، كان لا بد من عمل فتحات شاطئية على كلا جانبي القناة، والتي أصبحت السواتر الترابية، التي أقامها الجانبان، تمتد لمسافات كبيرة. وقد بلغ ارتفاع الساتر الترابي 22م في معظم أجزاؤه، وبعرض يصل إلى 20 ـ 25م عند القاعدة، ولأكثر من 8 م على القمة، ليسمح بالحركة عليه بالمركبات، خاصة الدبابات، التي جهز لها مرابض كل 100م للرماية منها على الشاطئ الآخر. كان الاختلاف الرئيسي بين الساتر الغربي عن الشرقي، عدم امتداد الساتر الغربي لمسافات كبيرة، وقد أنشأ المصريون خلاله (أو منفصلاً عنه) جزر صناعية من الرمال، هلالية الشكل، لاستخدام الدبابات في الرمي المباشر على الضفة الأخرى. حتى يمكن إزاحة الأتربة، وفتح ثغرة، في المناطق التي سيقام فيها الكباري، أجريت عدة تجارب، للوصول إلى أفضل زمن، وأقل مجهود، فقد كان مطلوب 35 فتحة على كل جانب، كل منها يتطلب شقها، إزاحة 1500 متر مكعب من الرمال، تحت نيران القوات الإسرائيلية، وهجمات دباباتهم وطائراتهم. كانت الفكرة الأولى، استخدام المتفجرات، لإزاحة الأتربة، ويستلزم ذلك عبور أفراد من المهندسين، مع المشاة، في الموجات الأولى، وبواسطة الحفر اليدوي يضعون المتفجرات في باطن الساتر، ويفجرونها. نتج عن التجارب الأوليه ثلاث مشاكل، الأولى احتمال إصابة المشاة من المتفجرات، والثانية احتمال إصابة المهندسين من نيران القوات الإسرائيلية، أما الثالثة فكانت ذات جانب فني، فالرمال كانت متهايلة، مما يصعب معه وضع المتفجرات على عمق كبير، وينتج عن ذلك إزاحة حجم بسيط من الرمال، قد لا يتعدى 200/300 م3، مما يعني الاحتياج إلى 6/8 تفجيرات في المتوسط لفتح ثغرة واحدة، نظرياً، وكان ذلك يستغرق وقت طويل وعدد كبير من أفراد المهندسين. تعدلت الفكرة، ليتم عمل تفجير أولى، ثم يستكمل إزاحة الأتربة بجراف آلي، يتم عبوره مبكراً على معدية (وهو أمر غير مستحب، ويكتنفه مشاكل معقدة أكثر) ليستكمل الحفر لفتح الثغرة، ومن التجارب وجد أن الثغرة الواحدة، في الساتر الشرقي، تحتاج إلى 60 فرد مهندسين عسكريين، 200 كجم مفرقعات، وآلة جرف آلية، ومعدية بطاقمها، ولما كان المطلوب هو 35 ثغرة، فإن الحجم المطلوب أصبح ضخماً. لم يكن هناك بديل، لهذه الفكرة، لذلك استمرت إدارة المهندسين العسكريين، في إجراء تجاربها، حتى اقترح أحد ضباط المهندسين الشبان، فتح الثغرة في الساتر الترابي، بالأسلوب الذي كان يستخدمه في العمل في جسم السد العالي، قبل أن يلتحق بالقوات المسلحة، وهو أسلوب التجريف بضخ المياه، حيث كانت المضخة القوية تركب بالقرب من سطح الماء وتضخ المياه تحت ضغط عالي لتشق الرمال وتجرفها معها إلى القناة. تمت عدة تجارب، وثبت صلاحية الفكرة، وسهولتها، وتمت الدراسات ووجد أن الثغرة الواحدة تحتاج إلى 5 مضخات، يمكنهم فتح الثغرة المطلوبة خلال ساعة عمل فقط بعدد لا يزيد عن 10 ـ 15 فرد، وحلت بذلك مشكلة الساتر الترابي في الشرق. لم تكن مشكلة الفتحات في الساتر الترابي الغربي في أسلوب فتحها، فقد كان ذلك متيسراً بآلات الجرف الآلية، ولكن المشكلة كانت في الزمن الذي سيستغرقه هذا العمل. وكان من المفضل فتحها مبكراً، إلا أن ذلك كان سيكشف نية الهجوم، لتضيع المباغتة. لذلك انتهز قادة الجيوش، حدوث توتر في الموقف، وكثيراً ما كان يحدث، وبادروا إلى شق الفتحات الشاطئية الغربية، بعدد كبير من آلات الجرف، وفي أماكن متعددة، أكثر مما هو مطلوب، ثم قبلوا، بوساطة مراقبي الأمم المتحدة إعادة غلقها بالأكياس الرملية على شكل حائط، وهو ما يسهل إعادة فتحه مستقبلاً بسهولة وفي زمن قصير. آخر مشاكل الساتر الترابي، كان ارتفاعه الذي تعدى 20م، وكان على المشاة المترجلة، صعوده، تحت ضغط نيران الطرف الآخر، محملين بذخائرهم وأسلحتهم واحتياجاتهم الشخصية، وكميات إضافية من الألغام أو المقذوفات المضادة للدروع، وغيرها من الأمتعة الضرورية لمواجهة القتال المنتظر، لفترة طويلة، دون إمداد. كان الحمل ثقيل، خاصة مع صعود ذلك الساتر المائل (30 ـ 45 درجة) المتهايل الأجناب، بارتفاع مبنى ذو 6 طوابق. كان الحل هذه المرة سهلاً، فقد لفت نظر البعض، أسلوب ارتقاء جانب السفينة بالسلالم الحبال، وعلى الفور تم تصنيع عدداً من تلك السلالم وتجربتها ونجحت تماماً، ولم يكن هناك مشقة، إلا للجندي الأول الذي سيصعد حاملاً السلم، ليثبته في أعلى الساتر، ثم يتركه ينزلق لأسفل مفروداً ليصعد الباقي عليه، أسرع، وأقل جهداً. رابعاً: التغلب على مشكلة أنابيب النفط والنابالم وضع الإسرائيليون خزانات في الساتر الترابي، على مسافات متباعدة، ملئت بخليط من النفط الخام، والنابالم، وأوصلوها بسطح المياه في القناة بواسطة أنابيب، مركب عليها صنبور، وبذلك كان يمكنهم، عند فتح الصنابير، غمر سطح القناة بذلك السائل، حيث يحمله التيار ليوزعه على مساحة كبيرة، وعندما يتم إشعاله، يصبح سطح المياه كله كتلة مشتعلة باللهب، ذو درجة حرارة عالية، لفترة زمنية طويلة. لا شك أن تلك الفكرة كانت من نتائج العبور الناجح للدوريات المصرية، في حرب الاستنزاف، وكان لا بد من التغلب عليها، وإلا احترقت معظم القوارب مع الموجه الأولى، وهي إما مطاطية أو خشبية. تمت تجربة، لأفراد ذوي ملابس واقية من الحريق، في زوارق، يشتتون اللهب في جزر متباعدة، بضرب سطح المياه بقطع خشبية في أيديهم، وهي وسيلة بدائية للغاية، وغير عملية، مع وجود أسلحة على الضفة الغربية تطول هؤلاء الذين سيقفون في القارب لضرب سطح المياه. جُرّبْ كذلك تجهيز قوارب بمضخات مائية ومضخات كيماوية، كقوة إطفاء، ولم يكن متيسراً إنزال القارب مع الموجات الأولى بتجهيزاته (وهو قارب بخاري ثقيل أصلاً)، وأصبحت عملية الإطفاء هي الهدف وليس العبور واقتحام المانع. لذلك صرف النظر عن تلك التجارب. كان الحل البديل، منع الإسرائيليين من فتح الصنابير، وهو ما يمكن أن يتم بواسطة بعض أفراد المهندسين، الذين يقومون بالغطس تحت سطح المياه، عند الشاطئ البعيد، وقفل الفتحات بكتل أسمنتية، بينما تقوم عناصر أخرى، ولتكن من الصاعقة، بتخريب الخزان والصنبور. وكانت المشكلة، ضرورة تنفيذ هذه المهمة، قبل بدء العبور، ودون كشفه. لذلك رؤي أن تتم في الليلة السابقة على الهجوم، بعبور صامت، وهو ما تم بنجاح تام، ولم يعمل أي صنبور، حتى انتهاء العبور، وقد أسر المهندسين الإسرائيليين المسؤولين عن التشغيل، في محاولاتهم إصلاح ما أفسدته الصاعقة والمهندسون العسكريون المصريون. خامساً: التغلب على ثنائي الدبابة والطائرة تعتمد العقيدة العسكرية الإسرائيلية، على ردع العرب، ولما كانت قواتها المسلحة العاملة ذات حجم صغير، وتعتمد على تعبئة الاحتياطي، في وقت قصير، لذلك كانت تستخدم أسلحة ذات قوة نيران كبيرة، وقدرة على المناورة عالية، تمكنها من الردع، أو التصدي بسرعة لمحاولات الاعتداء ـ إذا حدثت ـ وإدارة أعمال قتال ناجحة، ومحدودة، بالقوات العاملة، لحين تعبئة الاحتياط. كانت الدبابات هي السلاح الأكثر فاعلية، ولحل مشكلة المساندة النيرانية، والاستطلاع والإنذار، كانت الطائرة هي الأكثر إيجابية. وبتعاون الاثنان معاً، أصبح هذا الثنائي مما يصعب التغلب عليه، ويحقق كل مطالب العقيدة الإسرائيلية. كانت المشكلة، الساعات الأولى للعبور، أو عند دفع مفارز في العمق، ففي كلتا الحالتين، كانت القوات المصرية ستصطدم بهجمات مدرعة قوية، يساندها قوات جوية فعالة. وكان هناك فرق في التوقيت بين بدء الهجمات المضادة الإسرائيلية، للقوات المصرية التي تعبر إلى الشرق، وبين عبور الدبابات والأسلحة المضادة للدروع المصرية لمساندة وحدات المشاة المترجلة، لا يقل عن 5 ساعات، حرجة، لمصلحة القوات الإسرائيلية المدافعة، والتي ستتمكن من دفع قوات جديدة، بحشد أكبر، كلما مر الوقت، حتى يكتمل تعبئة قواتها خلال 48 ساعة. كان المطلوب، زيادة قدرة المشاة المترجلة، على الصمود، وصد الهجمات القتالية المدرعة والجوية، في آن واحد، وإحداث خسائر عالية في القوات القائمة بالهجمات المضادة، مما يسهل تقدم المشاة، وزياد عمق رأس الكوبري قبل مرور الساعات الخمس الأولى، وحتى يمكن عبور الأسلحة الثقيلة، إلى رأس الكوبري الذي اتسع، لتنتشر فيه، وتنفذ مهامها. وجد أن ما يحقق هذه المعادلة هو ثنائي كذلك، من الصواريخ، المضادة للدروع وللطائرات، فردية، يستخدمها عدد محدود من الأفراد، فيكون من الممكن نقلها بسهولة، واستخدامها بفاعلية، وإخفاءها. وتم إنشاء وحدات من تلك الأسلحة، ودعم القوات المشاة نسق أول بها بأعداد كبيرة. وكانت ذات تأثير بالغ على أعمال قتال القوات الإسرائيلية، طيلة أيام المعركة. سادساً، الاستفادة بكل ما هو متيسر لمصلحة المعركة كانت كل إدارة وهيئة، في القوات المسلحة المصرية، تبحث عن حلول للصعاب التي تواجه القوات المسلحة، للعبور والقتال، كل في مجاله. كان هناك بحوث فنية للأسلحة والمركبات والمعدات، الجديدة والقديمة، لتطوير أداءها وزيادة دقتها، وإطالة عمرها. وبحوث إدارية لكل ما يحتاجه الجنود من مهمات وملابس ومأكل ومشرب، وعبوات أكثر فائدة، وخزانات ميدانية للوقود والمياه، ومعدات طبية، وخيام للجراحة، وورش الإصلاح. وبحوث للتسليح، وأخرى للتنظيم، والكل هدفه تحسين الأداء، وتطوير ما بين أيديهم من معدات وأسلحة للأحسن. كانت مصر، تنفذ في الخمسينيات من هذا القرن، مشروع لإنتاج صواريخ موجهه أرض / أرض، وأعلن عن هذا المشروع مبكراً، بل ومرت نماذج من تلك الصواريخ في عرض عسكري، بينما لم تكن انتهت تجاربها. وضغطت الموساد على الخبراء الألمان الذين كانوا يعملون بالمشروع في مصر، واضطرتهم لترك العمل والرحيل، بعد عدة حوادث لخطابات ناسفة، ولم يكن قد استكمل المشروع، وبقيت عدة صواريخ في المستودعات، وتدريجياً نسي الجميع الصواريخ، ومشروعها. تذكر رئيس الأركان المصري، الفريق سعد الدين الشاذلي، تلك الصواريخ في وقت لاحق، وأمر بإجراء تجربة إطلاق لأحدهم، كانت القذيفة تزن 2,5 طن، وعند انفجارها تحدث حفره بقطر 27م وعمق 12 م، وتزيح أتربة حوالي 2300 متر مكعب، كانت القوة التدميرية كبيرة، ومغرية، لكنها غير دقيقة، كما أن مداه لا يزيد عن 8 كم، وحجمه ووزنه كبيران لذلك تتحرك مركبته بسرعة لا تزيد عن 8 ـ 10 كم ساعة. كما كانت نسبة الخطأ (بعد 4 تجارب) تصل إلى 800 م. قرر رئيس الأركان الاستفادة من القوة التدميرية لهذه الصواريخ، فأنشئت وحدات خاصة لها، كما طور الظافر، وهو الأصغر، بواسطة الكلية الفنية العسكرية، ليمكن إطلاق 4 صواريخ معاً وكان أكثر دقة من القاهر. وبعد عدة تجارب تقرر استخدامها في وحدات، وسميت التين والزيتون. وقد استخدما بالفعل في قصف دشم خط بارليف، التي لم تسقط أو تستسلم، لتحدث بها آثاراً عنيفة للدمار. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الملاحـــــــــــق الأربعاء 05 أكتوبر 2011, 2:18 pm | |
| ملحق 3 خطة الخداع الإستراتيجي/ العملياتي المصرية في حرب أكتوبر 1973 اعتمدت خطة "العملية بدر"، على تحقيق المباغتة، بمستوياتها الثلاث (إستراتيجية، وعملياتية، وتكتيكية). ولم يكن من السهل تحقيق نجاح، للعبور، في ظل العوامل الغير مواتية، فهناك العوائق المعقدة المقامة شرق القناة، والتفوق الإسرائيلي في الأسلحة والمعدات، والمساندة القوية من الأمريكيين، لكل ما تقوم به إسرائيل، وتجمد الموقف السياسي العالمي في ظل سياسة الوفاق الدولي. كانت المباغتة، هي الضمان الوحيد للتغلب على كل تلك العوامل الغير مواتية، وكانت المبادرة هي الضمان للمباغتة. إذا كانت المبادرة هي قرار، تملك القيادة السياسية اتخاذه، فإن ضمانات تحقيق المباغتة، تكمن في نجاح خطة الخداع. كان من المهم، خداع العدو، عن التحضيرات للهجوم، والتدريب عليه، وعن تجهيز مسرح العمليات للحرب، وعن وقت بدء الهجوم، واتجاه الضربة الرئيسية، وحجم القوات المشتركة، وعن التعاون مع سورية، وعدم اشتراك الجبهة الأردنية. كانت قائمة مطالب الخداع طويلة، وتحتاج إلى تخطيط معقد، خاصة أن القوات الإسرائيلية، تراقب الضفة الغربية، بكل ما لديها من وسائل حديثة، ويساندها الغرب، بما تجمعه وسائله الدبلوماسية والاستخباراتية من معلومات، وما تكشفه أجهزته الالكترونية والفضائية. كانت فكرة المباغتة، خداع الخصم عما يراه ويسمعه بوضوح، أي أن هدف خطة الخداع، يجب أن يوجه إلى عقل الخصم، طالما من العسير الاختفاء عن بصره، ليفسر ما تحت بصره وفي يديه، كما يريد المصريين، لذلك كان على المخطط المصري، أن يرسم في خطته، صورة للوهم الذي يجب أن يعيشه صانع القرار الإسرائيلي، ومتخذه، أو أن يحافظ له على تلك الصورة التي رسمها لنفسه، بل ويكملها له. كان لخطة الخداع المصرية، ثلاث مستويات عمل، نفذوا في إطار خطة منسقة، مع الجبهة السورية: 1. خطة الخداع الإستراتيجي العام أعلى مستويات الخطة الخداعية. شملت جهود دبلوماسية وسياسية، وإجراءات إعلامية، وأخرى عسكرية. وهدفت إلى خداع القيادة الإسرائيلية عن الاستعداد للحرب (نية الحرب). أ. اعتمدت الخطة، لهذا المستوى، على خداع نفسي (سيكولوجي) رفيع المستوى. فقد مارست الخطة الخداع بالتضليل، والتركيز على بناء البديل الخطأ لدى الإسرائيليين، بترسيخ المعتقدات السائدة، لديهم عن العرب عامة، والمصريين خاصة، وتعميق انطباعاته العامة للتقاليد والطباع العربية والمصرية، والتي حددت في: (1) ميل السياسيين العرب للمبالغة، والتصريح بوعود وأفعال ليست في مقدرتهم، أو ليس لديهم نية أصلاً لتنفيذها. (2) الميل، عامة، لإسماع الآخرين، بما يتفاخروا به، من أفعال من صنعهم، أو هي مجرد أفكار قد يفعلونها. (3) عدم قدرة العرب، تكتم سراً. (4) صعوبة الالتزام بخطة، وخطوات، وإجراءات. (5) صعوبة توافق الاتجاهات، لذلك من الصعب التنسيق بين مجموعة من العرب، أو حتى طرفين، لعمل واحد، خاصة في المجال العسكري. (6) ضعف الكفاءة القتالية للقوات المسلحة العربية، الناتجة عن الفردية التي يتمتع بها العرب. ب. خططت الأجهزة المسؤولة لاستغلال تلك الخصائص، في خطة خداع منسقة، من عدة إجراءات، يتم تنفيذها: (1) لتعميق مفهوم عدم مطابقة أقوال الزعماء والسياسيين العرب، مع أفعالهم، درج الرئيس السادات على ذكر أن عام 1972، هو عام الحسم، أكثر من مرة، وبمرور عام 1972، ولم يحدث شئ، تعلل بالضباب، في السياسية العالمية، والحرب الهندية الباكستانية. (2) لتجنب ضعف العرب في الاحتفاظ بالأسرار، كان قرار الحرب سرياً، ولم يعرفه سوى قلة من الدول العربية، على أعلى مستوى، في زيارات شخصية، دون تبادل أي رسائل مكتوبة في هذا الشأن. (3) تكتم ما يتم من دراسات. وتم التخطيط في أضيق محيط، دون نشر أو إشراك آخرين في نتائج الدراسات التي كانت تتم عن مشاكل تنفيذ خطة الهجوم. وكان التخطيط يتم على أسس علمية سليمة، وعلى أعلى مستوى من العلم العسكري. (4) تأكيد مفهوم صعوبة التنسيق بين العرب، بتكتم ما كان يجري للتنسيق مع سورية، واتخذ من قرار طرد المستشارين السوفيت في مصر، مثلاً على عدم وجود مثل هذا التنسيق، حيث أبقت سورية على مستشاريها السوفيت، وزادت من عمق العلاقة مع الاتحاد السوفيتي، ومن وجهة أخرى، نشرت إشاعة عن عدم قدرة المصريين تشغيل الأجهزة التي كان يعمل عليها السوفيت، قبل طردهم. (5) العمل على تأكيد ضعف قدرات القوات المسلحة العربية، بنشر إشاعات عن عدم قدرة المصريين على تشغيل الأجهزة، التي كان يعمل عليها السوفيت قبل طردهم، وأن الرئيس السادات يسعى لحل سلميّ بالطرق الدبلوماسية، وقد خطط لزيارة سرية لأوروبا، بينما وزير الخارجية المصري سيقابل كيسنجر في نيويورك، خلال حضوره جلسات الأمم المتحدة، لمناقشة الموقف السياسي، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين. بينما وزير الخارجية السوري يستعد لمقابلة الأمين العام للأمم المتحدة ليعرض عليه موافقة سورية على القرار 242. (6) كما خطط لحملة إعلامية، وإجراءات رسمية، لزيادة تضليل إسرائيل، وذلك بإعلان سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام لمصلحة البيانات السياسية الموجهة، مما جعل إسرائيل لا تعتمد عليها كمصدر معلومات. وأعلن، في كافة وسائل الإعلام، عن استعداد إسرائيل للقيام بأعمال عدائية، وأعتبر الإسرائيليون ذلك، من ألوان الصياح السياسي العربي، فلم يعيروها أي أهمية، وقد أعمتهم بعد ذلك عن أنباء الحشود المصرية والسورية قبل الحرب. (7) لجذب الانتباه خارج مسرح العمليات المنتظر، قام بعض الفدائيون الفلسطينيون، بخطف قطار نمساوي، يقل عدداً من المهاجرين الإسرائيليون، متوجهين إلى معسكر قصر شنو لإجبار الحكومة النمساوية على قفل محطة تجميع اللاجئين فيه. أعلن كذلك عن تعبئة للقوات المصرية، أو السورية، لأسباب مختلفة، وكان الإعلان الأخير بعد عدة مرات للتعبئة، ثم العودة للحالة الطبيعية، وقد اعتبرت الاستخبارات الإسرائيلية هذا الإعلان (وكان قد أعلن أنه بسبب المناورة السنوية في الخريف) غير حقيقي، وأنه غير عدائي، فلم تتخذ الإجراءات الكافية. 2. الخداع الإعلامي والسياسي لحرب أكتوبر 1973 (في إطار خطة الخداع الإستراتيجي العام) حددت الخطة الخداعية الخطوط الرئيسية للتحرك الإعلامي والسياسي الخداعي وقد حقق مخطط الخداع الإستراتيجي العملياتي نجاحاً كبيراً، أدى إلى استنتاجات خاطئة لأجهزة المخابرات العالية الشهرة، وعلى رأسها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكذا المخابرات الإسرائيلية. وفوجئ العالم أجمع بالهجوم المصري السوري المباغت. كانت أهم أعمال الخداع الإعلامي والسياسي، في الداخل، والخارج: أ. أنشأت الحكومة المصرية قبل المعركة بعام محطة إذاعة، تذيع باللغة العبرية، وتعمل على مدى 12 ساعة يومياً. كانت هذه المحطة موجهه إلى إسرائيل وتذيع موسيقى غربية خفيفة، يتخللها نشرات إخبارية وتعليقات تدعو للسلام. ب. قدم وزير خارجية مصر إلى مجلس الأمن قبل الحرب، تقرير يتصف بالاعتدال. ولأول مرة (قبل الحرب) يخطب رئيس الجمهورية في مناسبة عامة، وهي ذكرى وفاة عبدالناصر دون أن يذكر في خطابه شيئاً عن الحرب. ج. امتدت عملية التمويه والخداع، إلى نشاط الوزراء وتحركاتهم، فعندما بدأت الحرب، كان وزير الاقتصاد في لندن، ووزير المواصلات في أسبانيا، ووزير الإعلام في ليبيا، ووزير الخارجية في أمريكا، وكانت قرينة وزير الحربية قد دخلت إحدى مستشفيات لندن لإجراء جراحة عاجلة لها، وقد أعطيت هذه المظاهر انطباعاً بأن الحياة في مصر تسير سيرها العادي. د. من العوامل التي أدت إلى تضليل الغرب، ما أعلن في القاهرة قبل بدء المعركة بأيام، من أن مؤسسة "بكتل" الأمريكية قد اختيرت من بين المؤسسات العالمية، لإقامة خط أنابيب البترول، بين السويس والبحر المتوسط، ويعد هذا الاتفاق، أضخم اتفاق اقتصادي بين مصر وأمريكا. هـ. وجه وزير خارجية أمريكا الدعوة للوزراء العرب الموجودين في نيويورك، خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتناول الغذاء على مائدته. وقد رفض بعض الوزراء تلبية الدعوة، وأظهرت مصر بشكل واضح، وغير عادي، عدم ارتياحها لهذا التصرف، وكان الانطباع الفوري هو أن مصر تتشبث بتلابيب أي حل سياسي، لا يستطيع تحقيقه سوى الولايات المتحدة الأمريكية. وقبل الحرب بأربع وعشرين ساعة قابل وزير خارجية مصر، وزير خارجية أمريكا في فندق "والدورف أستوريا" بنيويورك، ودامت المقابلة ساعة كاملة، أشار الوزير المصري فيها لضرورة قيام الأمريكيون بدور فعال في حل الأزمة سياسياً. و. أشاعت مصر، الانطباع، بأنها تسعى إلى حل سلمي، بموقف آخر، هو الاتجاه نحو السعودية والكويت وإمارات الخليج العربي. وكان تحليل ذلك هو أن مصر باقترابها الشديد من دول النفط الوثيقة الصلة بالغرب، إنما تسعى فقط إلى استخدام النفط كوسيلة ضغط، من أجل الحل السياسي، وقد رسخت مصر هذا التحليل، بتصريحات وأقوال مختلفة. ز. روجت مصر أخباراً وتحليلات عن ضعفها، للدرجة التي لا تسمح لها بدخول أية حرب، وقد سرت هذه الأخبار والتحليلات بطرق ذكية جداً، حتى أنها وصلت للعالم من خلال كتاب ومعلقين، لا يمكن أن يوصفوا بالانحياز لمصر، ولا لإسرائيل. ح. في نفس الفترة، التي بدأ فيها العد التنازلي للحرب، أعلن في بيان رسمي أن وزير الدفاع الروماني، سيصل إلى القاهرة يوم 8 أكتوبر، بدعوة من المشير أحمد إسماعيل شخصياً، الذي سيكون في استقباله لدى وصوله بالمطار. 3. الخداع العسكري الإستراتيجي للعملية أ. لخداع العدو عن نية الهجوم تم تنفيذ عدة الإجراءات (1) إظهار الهدف المرحلي بأنه استكمال الإجراءات الدفاعية وبناء النطاقات الدفاعية في العمق وتسريب المعلومات التي توحي باستمرار تنفيذ سياسة دفاعية. (2) إتاحة الفرصة لبعض الضباط بإجراء العمرة في رمضان. (3). تسريح دفعة رديف من الجنود الاحتياط. (4). السرية التامة على أعمال التخطيط للعملية وقصرها على مجموعة محدودة من الضباط. ب. لخداع العدو عن أعمال الفتح الإستراتيجي تم: (1) تم تحريك القوات المصرية تحت ستار أعمال التدريب السنوي، الذي يتم في تلك الفترة من كل عام. وكانت القوات تتحرك بعربات الذخيرة فارغة وتم تشوين الذخائر والاحتياجات بالسكة الحديد واخفاؤها في منطقة الجبهة. (2) تحركت القوات السورية، إلى جبهة الجولان، تحت ستار التدريب، مع إذاعة أوامر مكشوفة في نهاية التحرك، بانتهاء التدريب، وعودة القوات إلى قواعدها، وهو ما لم يحدث. ج. لخداع العدو عن اتجاه الضربة الرئيسية، زاد حجم النشاط الهندسي، وحجم المنشآت الإدارية، وتحريك قوات إلى الاتجاهات الأخرى، بعيداً عن اتجاه الضربة الرئيسية. 4. الخداع العملياتي: أ. لخداع العدو عن نية الهجوم (1) تم تأخير أوامر الهجوم، عن القادة، لآخر وقت ممكن، وبالقدر، الذي يسمح لهم باتخاذ الإجراءات النهائية قبل بدء الهجوم. (2) إعطاء أوامر صريحة لمجموعات من الجنود، بالجلوس على شاطئ القناة، في حالة تكاسل، يقومون بالصيد ومدلين أقدامهم في المياه. (3) الأمر بمنع الجنود، من ارتداء الخوذ، وشدة الميدان. (4) استمر العمال المدنيون في العمل المعتاد لإنشاء المصاطب، على الضفة الغربية للقناة، لآخر وقت قبل الهجوم. ب. لخداع العدو عن الإمكانيات الحقيقية للأسلحة المصرية، تم تطوير الموجود منها وتحسين أدائها، وابتكار أساليب جديدة غير متوقعة. ج. لإخفاء الفتح العملياتي للقوات: (1) تم تحريك القوات، إلى نطاق الجيوش الميدانية، ثم عودتها، مع استبقاء جزء منها، وهكذا حتى تم فتح القوات. (2) الإكثار من المواقع التبادلية والهيكلية، والتي تم احتلالها بواسطة القوات الحقيقية، دون أن يكتشفها العدو. (3) خروج القوات البحرية، في مهام تدريبية، أو فنية (لإجراء إصلاح في بريطانيا والهند)، عادت بعدها إلى مناطق العمليات، وخاصة الغواصات. د. لخداع العدو عن قطاعات الهجوم: (1) إنشاء فتحات شاطئية على طول مواجهة الجيش، وبعدد كبير. (2) فتح الثغرات في حقول الألغام الصديقة تحت ستار أعمال الصيانة الدورية. 5. اختيار أنسب التوقيتات، لتنفيذ العملية الهجومية: من أهم العوامل الرئيسية في تحقيق المباغتة الإستراتيجية، اختيار أنسب التوقيتات الملائمة، لتنفيذ العملية الهجومية وضمان نجاحها. وقد تضمنت هذه العوامل ثلاثة اختيارات: أ. أنسب شهور السنة. ب. أنسب أيام الشهر. ج. أنسب وقت لبدء الهجوم، أو ساعة (س) أي ساعة الصفر. لهذا الغرض، أجريت دراسات مستفيضة، لتحديد هذه التوقيتات، نظراً لما تمثله من أهمية كبرى، لتوفير واختيار أنسب ظروف الأرصاد الجوية، والأحوال الجومائية، والهيدروجرافية، التي تساعد أعمال العبور، وتؤمن أعمال القتال البحري، والجوي، بالإضافة إلى تحقيقها للمباغتة. من ناحية أخرى، كان ضرورياً اختيار أفضل التوقيتات، التي تناسب تنفيذ الهجوم على الجبهتين المصرية والسورية في وقت واحد. 6. اختيار أنسب شهور السنة هدفت الدراسة إلى اختيار شهر من السنة يتوفر فيه الآتي: أ. ظروف جوية مناسبة لقواتنا، وأقل مناسبة للعدو. ب. إمكان تحقيق المباغتة الإستراتيجية والعملياتية والتكتيكية. ج. إمكان الاستفادة من الظروف السياسية، الداخلية والخارجية، والمناسبات والأعياد، التي تؤثر على الموقف العسكري للعدو. د. أن تكون قواتنا قد استكملت رفع كفاءتها، واستعدادها الكامل، لتنفيذ المهام المخططة، في العملية الهجومية، وأتمت التجهيزات الهندسية في الجبهة. هـ. اعتدال الطقس، ومراعاة أحوال الجو، في الجبهتين المصرية والسورية، حيث يبدأ موسم تساقط الثلج في سورية، في شهر نوفمبر أو ديسمبر، وتختل الأحوال الهيدروجرافية في القناة، في نهاية فصل الخريف. و. أن يتميز بليل طويل، حتى يمكن استغلال ساعاته، في إتمام عبور القوات. وقد توفرت كل هذه الشروط، في شهر أكتوبر، حيث: أ. تستعد إسرائيل لإجراء انتخابات الكنيست في 28 منه. ب. يزدحم شهر أكتوبر، بالأعياد الإسرائيلية الدينية، وهي عيد الغفران، وعيد المظال، وعيد التوراة. ج. ويأتي شهر رمضان المبارك خلال هذا الشهر، بما له من تأثير معنوي على قواتنا، فضلاً عما يمكن تحقيقه من مباغتة إستراتيجية، بشن الهجوم في شهر الصيام، الأمر الذي لا يتوقعه العدو. د. طول فترة الليل في شهر أكتوبر، حيث يصل الظلام منه، إلى حوالي 12 ساعة. |
هـ. الطقس صالح في الجبهتين، لتنفيذ عمليات حربية واسعة. و. هو أفضل أشهر السنة، بالنسبة للأحوال الجومائية، المناسبة للعمليات البحرية. 7. اختيار أنسب أيام الشهر هدفت الدراسة إلى اختيار أحد الأيام، الذي يتوفر فيه الآتي: أ. أن يكون عطلة رسمية، أو عيداً، أو عطلة نهاية الأسبوع، بالنسبة للعدو. ب. أن يكون فرق المنسوب بين المد والجزر أقل ما يمكن، لتوفير ظروف أفضل، لإقامة المعابر والكباري، على القناة. ج. أن يتميز بضوء القمر الساطع، خاصة في نصفه الأول، حتى يساعد على إقامة المعديات والكباري ليلاً، ثم يبدأ عبور القوات في الظلام، خلال النصف الثاني من الليل. وهذا يتطلب أن لا تقل مدة الإضاءة القمرية عن 5 ـ 6 ساعات قبل أن يغرب القمر. وقد توفرت كل هذه الشروط، في السادس من أكتوبر 1973، حيث: أ. تتوقف الحياة في إسرائيل في هذا اليوم، فضلاً عن كونه يوم سبت، وعطلة نهاية الأسبوع. ب. يوافق يوم 10 رمضان، حيث القمر مناسب، ومضيء من غروب الشمس، حتى منتصف الليل. ج. يعتبر فرق منسوب مياه القناة في هذا اليوم مناسباً، حيث سيتزايد بعد ذلك، مع اكتمال القمر بدراً. 8. اختيار وقت بدء الهجوم: أ. هدفت الدراسة إلى اختيار الوقت المناسب، الذي يوفر عدداً محدوداً من ساعات النهار، يحقق الآتي: (1) أن تتمكن القوات السورية، من تنفيذ مهمتها الحيوية الأولى، التي تتضمن اجتياز خندق مضاد للدبابات، حفره العدو على طول امتداد الجبهة، ثم تستولي على خط هام من المرتفعات، وذلك في ضوء النهار. (2) أن يتوفر للقوات الجوية السورية والمصرية، الوقت الكافي لتوجيه ضربة جوية مركزة، في ضوء النهار، وأن تتاح لها فرصة تكرارها، قبل آخر ضوء، إذا تطلب الموقف ذلك. في الوقت نفسه، لا تدع للعدو الفرصة الكافية، من ضوء النهار لاستخدام قواته الجوية بكثافة، والرد على الضربة الجوية، قبل آخر ضوء، اليوم الأول للعمليات، بذلك نحرم العدو من رد الفعل المؤثر، قبل صباح اليوم الثاني، إذ كانت هذه الفترة ضرورية لتنفيذ أعمال العبور الرئيسية دون تدخل جوي معاكس من العدو. (3) أن تتوفر نهاراً، القدرة الجيدة لمراقبة، وتصحيح نيران المدفعية، أثناء التمهيد النيراني للهجوم، وأثناء هجمات العدو المضادة المتوقعة، في الساعات الأولى التي تلي العبور. (4) أن يمكن إسقاط معدات العبور الثقيلة، في مياه قناة السويس، بمجرد هبوط الظلام، على أن يبدأ تركيبها في ضوء القمر، بحيث يبدأ العبور عليها، بعد غروب القمر، في منتصف الليل. (5) أن تكون ضوء الشمس، في عين العدو أثناء عبور قواتنا في ضوء النهار، بما يقلل من كفائته في المراقبة والتصويب. ب. من هذه الدراسات تم اختيار ساعة الهجوم، لتكون قبل الإظلام بمدة 3.5 ساعة، حتى يتم خلالها انجاز الأعمال الرئيسية التالية: (1) توجيه الضربة الجوية المشتركة، بالقوات المصرية والسورية، يشترك فيها حوالي 300 طائرة. (2) تحريك الكباري من مناطق تجمعها الخلفية، إلى الضفة الغربية للقناة، وبدء إسقاطها في المياه. (3) تنفيذ التمهيد النيراني بالمدفعية، خلال أربع قصفات مركزة، بحوالي 2000 مدفع، ولمدة 53 دقيقة. (4) فتح الممرات في الساتر الترابي، باستخدام مضخات المياه، بواسطة عناصر المهندسين العسكريين. (5) إبرار قوات الصاعقة، في عمق العدو، قبل آخر ضوء مباشرة. كانت الدراسات التي أجريت لتحديد هذه التوقيتات، على درجة عالية من الدقة والمهارة، حتى أنها حققت كافة أهدافها، دون استثناء. وعلى رأس هذه الأهداف تحقيق المباغتة الإستراتيجية على العدو، وما يترتب عليها فيما بعد. 9. العوامل التي ساعدت على نجاح الخداع المصري: أ. حالة القيادة الإسرائيلية المقنعة بتفوقهم على العرب، وأن مصر وسورية ليسا استثناء من ذلك: (1) عدم قدرة مصر، وهي الجبهة الرئيسية، على القيام بهجوم شامل، وأن أي محاولة مصرية، حتى للحصول على موطئ قدم على الضفة الشرقية للقناة، بمفردها، سينتهي بالفشل حتماً. (2) عدم إمكان التنسيق، لأي هجوم عربي، على أكثر من جبهة. (3) الغرور القاتل، الذي أصاب قادة إسرائيل، من أنهم يملكون التفوق المطلق، وليس أمام مصر والعرب، سوى الاستسلام لشروط إسرائيل، تحت وقع الهزيمة العسكرية عام 1967. ب. قدرة وكفاءة جهاز التخطيط المصري والسوري، للخداع الإستراتيجي، والخداع العسكري. ج. الكفاءة العالية، في تنفيذ أنشطة وإجراءات الخداع، بمستوياته المختلفة. د. إساءة تفسير، أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وأجهزة المخابرات الأجنبية، المتعاونة معها، للنوايا المصرية. 10. النتائج المترتبة على نجاح خطة الخداع: أ. حدث تغير في التوازن العسكري بالمنطقة، أدى إلى تحسن الموقف الإستراتيجي، لمصلحة سورية ومصر، استمر طيلة الأيام الأولى للقتال. ب. ارتباك القيادات الإسرائيلية، على كافة المستويات، مما جعلها غير قادرة على اتخاذ قرارات سليمة، أو اتخاذ رد فعل مناسب، وقد استمر ذلك لعدة أيام، مما أدى إلى انتزاع المبادرة. ج. حرمان القوات الإسرائيلية، من تعبئة قواتها، قبل بدء الهجوم المصري والسوري، أدى إلى ضعف المقاومة، للقوات المدافعة في البداية، كما تأخرت الهجمات المضادة الرئيسية. د. تنفيذ مهام العمليات المعقدة، وعلى رأسها اقتحام قناة السويس، والاستيلاء على النقط القوية لخط بارليف، في ظروف أكثر مناسبة. هـ. الحد من الخسائر، التي ستتعرض لها القوات المصرية، مع تكبيد القوات الإسرائيلية خسائر كبيرة في القوى البشرية، وفي الأسلحة والمعدات. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الملاحـــــــــــق الأربعاء 05 أكتوبر 2011, 2:38 pm | |
| 7. اختيار أنسب أيام الشهر هدفت الدراسة إلى اختيار أحد الأيام، الذي يتوفر فيه الآتي: أ. أن يكون عطلة رسمية، أو عيداً، أو عطلة نهاية الأسبوع، بالنسبة للعدو. ب. أن يكون فرق المنسوب بين المد والجزر أقل ما يمكن، لتوفير ظروف أفضل، لإقامة المعابر والكباري، على القناة. ج. أن يتميز بضوء القمر الساطع، خاصة في نصفه الأول، حتى يساعد على إقامة المعديات والكباري ليلاً، ثم يبدأ عبور القوات في الظلام، خلال النصف الثاني من الليل. وهذا يتطلب أن لا تقل مدة الإضاءة القمرية عن 5 ـ 6 ساعات قبل أن يغرب القمر. وقد توفرت كل هذه الشروط، في السادس من أكتوبر 1973، حيث: أ. تتوقف الحياة في إسرائيل في هذا اليوم، فضلاً عن كونه يوم سبت، وعطلة نهاية الأسبوع. ب. يوافق يوم 10 رمضان، حيث القمر مناسب، ومضيء من غروب الشمس، حتى منتصف الليل. ج. يعتبر فرق منسوب مياه القناة في هذا اليوم مناسباً، حيث سيتزايد بعد ذلك، مع اكتمال القمر بدراً. 8. اختيار وقت بدء الهجوم: أ. هدفت الدراسة إلى اختيار الوقت المناسب، الذي يوفر عدداً محدوداً من ساعات النهار، يحقق الآتي: (1) أن تتمكن القوات السورية، من تنفيذ مهمتها الحيوية الأولى، التي تتضمن اجتياز خندق مضاد للدبابات، حفره العدو على طول امتداد الجبهة، ثم تستولي على خط هام من المرتفعات، وذلك في ضوء النهار. (2) أن يتوفر للقوات الجوية السورية والمصرية، الوقت الكافي لتوجيه ضربة جوية مركزة، في ضوء النهار، وأن تتاح لها فرصة تكرارها، قبل آخر ضوء، إذا تطلب الموقف ذلك. في الوقت نفسه، لا تدع للعدو الفرصة الكافية، من ضوء النهار لاستخدام قواته الجوية بكثافة، والرد على الضربة الجوية، قبل آخر ضوء، اليوم الأول للعمليات، بذلك نحرم العدو من رد الفعل المؤثر، قبل صباح اليوم الثاني، إذ كانت هذه الفترة ضرورية لتنفيذ أعمال العبور الرئيسية دون تدخل جوي معاكس من العدو. (3) أن تتوفر نهاراً، القدرة الجيدة لمراقبة، وتصحيح نيران المدفعية، أثناء التمهيد النيراني للهجوم، وأثناء هجمات العدو المضادة المتوقعة، في الساعات الأولى التي تلي العبور. (4) أن يمكن إسقاط معدات العبور الثقيلة، في مياه قناة السويس، بمجرد هبوط الظلام، على أن يبدأ تركيبها في ضوء القمر، بحيث يبدأ العبور عليها، بعد غروب القمر، في منتصف الليل. (5) أن تكون ضوء الشمس، في عين العدو أثناء عبور قواتنا في ضوء النهار، بما يقلل من كفائته في المراقبة والتصويب. ب. من هذه الدراسات تم اختيار ساعة الهجوم، لتكون قبل الإظلام بمدة 3.5 ساعة، حتى يتم خلالها انجاز الأعمال الرئيسية التالية: (1) توجيه الضربة الجوية المشتركة، بالقوات المصرية والسورية، يشترك فيها حوالي 300 طائرة. (2) تحريك الكباري من مناطق تجمعها الخلفية، إلى الضفة الغربية للقناة، وبدء إسقاطها في المياه. (3) تنفيذ التمهيد النيراني بالمدفعية، خلال أربع قصفات مركزة، بحوالي 2000 مدفع، ولمدة 53 دقيقة. (4) فتح الممرات في الساتر الترابي، باستخدام مضخات المياه، بواسطة عناصر المهندسين العسكريين. (5) إبرار قوات الصاعقة، في عمق العدو، قبل آخر ضوء مباشرة. كانت الدراسات التي أجريت لتحديد هذه التوقيتات، على درجة عالية من الدقة والمهارة، حتى أنها حققت كافة أهدافها، دون استثناء. وعلى رأس هذه الأهداف تحقيق المباغتة الإستراتيجية على العدو، وما يترتب عليها فيما بعد. 9. العوامل التي ساعدت على نجاح الخداع المصري: أ. حالة القيادة الإسرائيلية المقنعة بتفوقهم على العرب، وأن مصر وسورية ليسا استثناء من ذلك: (1) عدم قدرة مصر، وهي الجبهة الرئيسية، على القيام بهجوم شامل، وأن أي محاولة مصرية، حتى للحصول على موطئ قدم على الضفة الشرقية للقناة، بمفردها، سينتهي بالفشل حتماً. (2) عدم إمكان التنسيق، لأي هجوم عربي، على أكثر من جبهة. (3) الغرور القاتل، الذي أصاب قادة إسرائيل، من أنهم يملكون التفوق المطلق، وليس أمام مصر والعرب، سوى الاستسلام لشروط إسرائيل، تحت وقع الهزيمة العسكرية عام 1967. ب. قدرة وكفاءة جهاز التخطيط المصري والسوري، للخداع الإستراتيجي، والخداع العسكري. ج. الكفاءة العالية، في تنفيذ أنشطة وإجراءات الخداع، بمستوياته المختلفة. د. إساءة تفسير، أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وأجهزة المخابرات الأجنبية، المتعاونة معها، للنوايا المصرية. 10. النتائج المترتبة على نجاح خطة الخداع: أ. حدث تغير في التوازن العسكري بالمنطقة، أدى إلى تحسن الموقف الإستراتيجي، لمصلحة سورية ومصر، استمر طيلة الأيام الأولى للقتال. ب. ارتباك القيادات الإسرائيلية، على كافة المستويات، مما جعلها غير قادرة على اتخاذ قرارات سليمة، أو اتخاذ رد فعل مناسب، وقد استمر ذلك لعدة أيام، مما أدى إلى انتزاع المبادرة. ج. حرمان القوات الإسرائيلية، من تعبئة قواتها، قبل بدء الهجوم المصري والسوري، أدى إلى ضعف المقاومة، للقوات المدافعة في البداية، كما تأخرت الهجمات المضادة الرئيسية. د. تنفيذ مهام العمليات المعقدة، وعلى رأسها اقتحام قناة السويس، والاستيلاء على النقط القوية لخط بارليف، في ظروف أكثر مناسبة. هـ. الحد من الخسائر، التي ستتعرض لها القوات المصرية، مع تكبيد القوات الإسرائيلية خسائر كبيرة في القوى البشرية، وفي الأسلحة والمعدات. المصدر: موسوعة مقاتل من الصحراء |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الملاحـــــــــــق الأربعاء 05 أكتوبر 2011, 3:04 pm | |
| ملحق نص التوجيه الإستراتيجي الأول (أول أكتوبر 1973) بسم الله الرئيس توجيه صادر إلى القائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية الفريق أول أحمد إسماعيل علي أولاً: عن الوضع العام: 1. لقد مضى حتى الآن أكثر من ست سنوات على احتلال العدو الإسرائيلي لأجزاء من التراب العربي. 2. إن إسرائيل مؤيدة بدعم أمريكي خصوصاً في مجال إمدادات السلاح.. حاولت وتحاول فرض إرادتها علينا وإنهاء أزمة الشرق الأوسط على نحو يحقق لها سيطرة شبه مطلقة في المنطقة العربية وفي أمنها وفي مصائرها. 3. إن مصر حاولت بكل الوسائل، ومنذ صدر قرار وقف إطلاق النار عن مجلس الأمن في 8 يونيه 1967 أن تجد حلاً للأزمة.. وفي هذا السبيل فقد تفرعت وسائلها من قبول قرار مجلس الأمن رقم 242 بتاريخ 22 نوفمبر 1967 إلى قبول جهود السفير جونار يارنج، ثم جهود الدول الأربعة الكبرى، ثم جهود قامت بها القوتان الأعظم، ثم مبادرة تقدم بها وزير الخارجية الأمريكية وليام روجرز، حتى تقدمت مباشرة بمبادرة لحل يكون فيه فتح قناة السويس بداية لمراحل انسحاب شامل تطبيقاً لقرار مجلس الأمن. ولكن كل هذه الجهود لم تصل إلى نتيجة، فهي أما فشلت أو توقفت.. أو حاول أعداؤنا الخروج بها عن مقاصدها. 4. إن مصر قامت بعمليات عسكرية ذات طابع محدود في سنوات 1968 و1969 و1970، كذلك قدمت دعماً كبيراً لقوات المقاومة الفلسطينية لمباشرة عمليات فدائية على الخطوط أو داخل الأرض المحتلة.. ولكن هذه العمليات كلها وأن أدت إلى نتائج لها أثرها فإنها لأسباب متعددة لم تصل في ضغطها على العدو إلى الحد اللازم. 5. إن مصر كانت تدرك طول الوقت أنه سوف يجئ وقت يتعين عليها فيه أن تتحمل مسؤولياتها.. وكان أهم ما يجب أن نعني به هو أن نوفر لهذا اليوم كل ما نستطيع.. وفي حدود طاقتنا.. ومع التزامنا بواجب الدفاع عن التراب والشرف. 6. إن الشعب في مصر تحمل بأكثر مما كان يتصور أحد خصومه وأصدقاؤه على السواء.. ولقد كانت الأعباء التي تحملها الشعب، مادية ومعنوية، أعباء فادحة لا يتحملها إلا شعب يؤمن بالحرية ويضحي في سبيلها. 7. إن تحسينات مهمة طرأت على الموقف السياسي العربي عموماً وزادت من احتمالات تأثيره.. ومع تزايد أهمية أزمة الطاقة وأزمة النقد في العالم فإن الضغط العربي في أحوال ملائمة يستطيع أن يكون عاملاً له قيمته. 8. إن تأثيرات الموقف العربي العام تجلت بشكل واضح في أوضاع تسليحنا.. فإلى جانب ما حصلنا عليه من الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية، وهو كثير، فقد أتيحت لنا من مصادر أخرى أنواع من السلاح لم تكن متوفرة لنا. 9. إن العدو في شبه عزلة عالمية بعد الجهود المصرية الناجحة في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤتمر منظمة الوحدة الأفريقية الأخير في أديس أبابا، ومؤتمر الدول غير المنحازة الذي لحقه في الجزائر. 10. إن الموقف الدولي يتغير.. وما زالت حركته مستمرة.. وقد نجد أنفسنا أمام توازنات طويلة الأجل تؤثر على حرية حركتنا وعلى حقنا في اختيار أنسب البدائل. ثانياً: عن إستراتيجية العدو إن العدو الإسرائيلي كما نرى أنتهج لنفسه سياسة تقوم على التخويف، والادعاء بتفوق لا يستطيع العرب تحديده.. وهذا هو أساس نظرية الأمن الإسرائيلي التي تقوم على الردع النفسي والسياسي والعسكري. إن نقطة الأساس في نظرية الأمن الإسرائيلي هي الوصول إلى إقناع مصر والأمة العربية أنه لا فائدة من تحدي إسرائيل، وبالتالي فليس هناك مفر من الرضوخ لشروطها حتى وإن تضمنت هذه الشروط تنازلات عن السيادة الوطنية. ثالثاً: عن إستراتيجية مصر في هذه المرحلة إن الهدف الإستراتيجي الذي أتحمل المسؤولية السياسية في إعطائه للقوات المسلحة المصرية.. وعلى أساس كل ما سمعت وعرفت من أوضاع الاستعداد يتلخص فيما يلي: تحدي نظرية الأمن الإسرائيلي وذلك عن طريق عمل عسكري حسب إمكانيات القوات المسلحة يكون هدفه إلحاق أكبر قدر من الخسائر بالعدو وإقناعه أن مواصلة احتلاله لأراضينا يفرض عليه ثمناً لا يستطيع دفعه.. وبالتالي فإن نظريته في الأمن ـ على أساس التخويف النفسي والسياسي والعسكري ـ ليس درعاً من الفولاذ يحميه الآن أو في المستقبل. وإذا استطعنا بنجاح أن نتحدى نظرية الأمن الإسرائيلي فإن ذلك سوف يؤدي إلى نتائج محققة في المدى القريب وفي المدى البعيد. في المدى القريب: فإن تحدي نظرية الأمن الإسرائيلي يمكن أن يصل بنا إلى نتائج محققة تجعل في الإمكان أن نصل إلى حل مشرف لأزمة الشرق الأوسط. وفي المدى البعيد: فإن تحدي نظرية الأمن الإسرائيلي يمكن أن يحدث متغيرات تؤدي بالتراكم إلى تغيير أساسي في فكر العدو ونفسيته ونزعاته العدوانية. رابعاً: عن التوقيت إن الوقت من الآن، ومن وجهة نظر سياسية ملائم كل الملائمة لمثل هذا العمل الذي أشرت إليه في ثالثاً من هذا التوجيه. إن أوضاع الجبهة الداخلية وأوضاع الجبهة العربية العامة بما في ذلك التنسيق الدقيق مع الجبهة الشمالية، وأوضاع المسرح الدولي تعطينا من الآن فرصة مناسبة للبدء. ومع العزلة الدولية للعدو .. ومع الجو الذي يسود عنده بنزاعات الانتخابات الحزبية وصراعات الشخصيات ـ فإن احتمالات الفرصة المناسبة تصبح أحسن أمامنا. القاهرة 5 رمضان 1393هـ رئيس الجمهورية الموافق أول أكتوبر 1973م أنور السادات ملحق نص التوجيه الإستراتيجي الثاني 5 أكتوبر 1973 توجيه إستراتيجي من رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة إلى: الفريق أول أحمد إسماعيل علي وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة 1. بناء على التوجيه السياسي العسكري الصادر لكم مني في أول أكتوبر 1973 وبناء على الظروف المحيطة بالموقف السياسي والإستراتيجي قررت تكليف القوات المسلحة بتنفيذ المهام الإستراتيجية الآتية: أ. إزالة الجمود العسكري الحالي بكسر وقف إطلاق النار اعتباراً من يوم 6 أكتوبر 1973. ب. تكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة في الأفراد والأسلحة والمعدات. ج. العمل على تحرير الأرض المحتلة على مراحل متتالية حسب نمو وتطور إمكانيات وقدرات القوات المسلحة. 2. تنفذ هذه المهام بواسطة القوات المسلحة المصرية منفردة أو بالتعاون مع القوات المسلحة السورية. 9 رمضان 1393هـ رئيس الجمهورية 5 أكتوبر 1973م أنور الســادات ملحق الآراء حول الوقفة التعبوية "العملياتية" 10 ـ 13 أكتوبر 1973 أولاً: ما ذكره الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية) قمنا بتجهيز الخطة الجديدة التي لم تكن إلا الخطة "جرانيت 2" بعد إجراء بعض التعديلات الطفيفة. وبعد أن تم وضع هذه الخطة دمجت مع "الخطة بدر"، التي هي خطة العبور في خطة واحدة، أصبحنا نطلق على خطة العبور لفظ "المرحلة الأولى" وخطة التطوير لفظ "المرحلة الثانية"، ولكي نُعَّمق الفاصل بين المرحلتين فقد كنا عندما ننتقل من شرح المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية نقول "وبعد وقفة تعبوية نقوم بالتطوير كذا كذا...". "إن التعبير العسكري "وقفة تعبوية" يعني التوقف إلى أن تتغير الظروف التي أدت إلى هذا التوقف، وقد تكون الوقفة التعبوية عدة أسابيع وقد تكون عدة شهور أو أكثر. كنا نشرح ونناقش خطة العبور بالتفصيل الدقيق ثم نمر مروراً سريعاً على المرحلة الثانية. لم أتوقع قط أن يطلب إلينا تنفيذ هذه المرحلة، وكان يشاركني هذا الشعور قادة الجيوش ويتظاهر بذلك، على الأقل، وزير الحربية". ثانياً: ما ذكره أمين هويدي، وزير الحربية المصري الأسبق، ومدير الاستخبارات العامة الأسبق 1. نقلاً عن الرئيس حافظ الأسد "ما أكده الرئيس حافظ الأسد لمحمود رياض وزير خارجية مصر عند زيارة الأخير لدمشق في 12 نوفمبر 1973 من أن "الاتفاق بيني وبين الرئيس كان يقضي قيام مصر باحتلال المضايق. إلا أن القوات المصرية توقفت بعد 10 كلم شرق القناة، وربما حاولت القوات المصرية تدارك ذلك يوم 14 أكتوبر عندما دفعت باحتياطيها إلى سيناء. ولكن الفرصة كانت قد فاتت بعد مرور 8 أيام كاملة على النجاح المصري في العبور وبعد أن زال عامل المفاجأة". "أكد الأسد لباتريك سيل أن الهدف الذي حدد لسورية كان تحرير الجولان، بينما كان الهدف المصري هو الوصول إلى ممرات سيناء في المرحلة الأولى، قبل إعادة الحشد لتحرير سيناء. فهذا هو "ما قررته أنا والسادات ولقد خضنا الحرب على هذا الأساس". وبذلك خدع السادات الأسد ولم يكن الخداع شفاهة بل تلقى السوريون خطط حرب مزورة. وقد بدأ الغش ـ على قول باتريك سيل ـ في مؤتمر السادات ـ الأسد في برج العرب في ابريل 1973، عندما أتفق الزعيمان على الجملة كما ذكر آنفاً. وباع السادات خطة جرانيت إلى الأسد. وبعد العبور لم يكن في نية المصريين التحرك شرقاً، وبدأت الحقيقة المفزعة تتكشف للسورين تدريجياً، ولم يخطر في بالهم أن المصريين خانوهم". وتبين للسوريين أن السادات أرسل عن طريق قناة خلفية إلى كيسنجر يخبره فيها "بأننا لا نريد أن نعمق الاشتباكات ولا أن نوسع المواجهة". وبعد 24 ساعة من العبور بدأ المصريون في الحفر والاستحكام". 2. رأي أمين هويدي الشخصي (المرحلة الثانية: الوقفة أم نهاية مهمة) "واستمرت هذه المرحلة من يوم 9 إلى 13 أكتوبر 1973 أي خمسة أيام كاملة. فبعد أن تحقق لقواتنا نصر مؤزر في معركة العبور بخسائر بسيطة غير متوقعة، وبعد أن ظهر مدى المباغتة التي تحققت والتي أوقعت قيادة العدو في ارتباك شديد، رأت القيادة التوقف. وفي الحقيقة فإن هذا تعبير غير دقيق لما حدث. فالخطة أصلاً كانت تقضي مجرد عبور قواتنا إلى شرق القناة وتكوين رؤوس كباري بعمق 10 كلم لتصبح أقصى خطوط مواقعنا الدفاعية على هذا المدى. فالقيادة قد حققت غرضها المصدق عليه سياسياً والتي اختارته بحرية مطلقة بموجب التوجيهات السياسية المائعة التي لم تحدد للقيادة العسكرية غرضاً محدداً واجباً عليها تحقيقه ليخدم المعركة السياسية المنتظرة.. كانت إستراتيجية الحرب خاطئة من أولها". "إذن فالوقفة كانت تنفيذاً للخطة الموضوعة من قبل والتي لم يكن يعرفها إلا الرئيس السادات ووزير الدفاع المشير أحمد إسماعيل والفريق سعد الدين الشاذلي رئيس هيئة أركان الحرب، وهي في إطار ذلك لم تكن وقفة بقدر ما كانت نهاية من جانبنا للحرب التي بدأناها". "وترتيباً على ذلك فإن المناقشات التي دارت بين الجمسي رئيس هيئة العمليات في تلك الفترة وبين أحمد إسماعيل القائد العام تثير السخرية لأنها مناقشة دارت بين من يعلم ومن لا يعلم. فالجمسي كان يظن أن الغرض من الحرب كان الوصول إلى المضايق الإستراتيجية وسط سيناء، والحقيقة خلاف ذلك كما سبق أن ذكرنا ولذلك نجده يذكر، وهو يحاول يوم 9 أكتوبر 1973 إقناع القائد العام بالتقدم شرقاً، الأسباب التي تؤيد وجهة نظره: أ. كان ترك العدو الإسرائيلي من دون ضغط مستمر عليه يعني انتقال المبادأة له. ب. ستحاول القوات الإسرائيلية في حالة توقفنا اختراق أحد القطاعات بالجبهة والوصول إلى القناة، الأمر الذي يستدعي تطوير الهجوم حتى نحتفظ بالمبادأة. ج. القوات الإسرائيلية في سيناء في وضع سيئ من الناحية المعنوية والقدرة القتالية، بعد الفشل الذي لحق بها والخسائر الكبيرة التي تحملتها بالرغم من أن موقفها في الجولان تطور لصالحها. د. استئناف الهجوم يترتب عليه التحام قواتنا مع العدو الأمر الذي يقلل من تأثير السلاح الجوي الإسرائيلي. ومن الواجب أيضاً استغلال طاقة قواتنا الجوية وكذلك تحريك بعض صواريخنا على وثبات للأمام". "وكان رد فعل هذه المناقشات ـ كما يقول الجمسي ـ زيادة تمسك القائد العام بوقفته "للمحافظة على سلامة قواتنا" وكان رد الجمسي الأخير عليه "أرجو أن تتذكر أن خطة الحرب تقضي بتطوير الهجوم لاحتلال المضايق، بعد اقتحام القناة وبعد وقفة تعبوية أو بدونها. أي أن مبدأ التطوير شرقاً إلى المضايق هو مبدأ مقرر لا خلاف عليه والسؤال هو متى يتم ذلك"؟. "وإننا نوافق على المبررات التي ذكرها الجمسي للتقدم شرقاً ولكننا لا نوافق على أن تطوير الهجوم إلى المضايق كان مقرراً من قبل. الأمر الذي ينكره كل من أحمد إسماعيل القائد العام وسعد الشاذلي رئيس الأركان وكذلك الأمر الواقع.. ومما يثير الدهشة أن الجمسي لم يشعر حتى ذلك الوقت أن شيئاً غير مألوف يحدث أمامه حتى بعد أن طالت الوقفة وفي الظروف التي تمت فيها مما كان يثير شك أي شخص ـ خاصة إذا كان رئيس هيئة العمليات ـ ويدعوه إلى أن يحذر ويرفع صوته أمام الخطر الذي يقول هو نفسه أنه لمسه وحذر منه. ومجرد التحذير سراً بينه وبين القائد العام ثم تدوين ذلك في مذكرات نشرت بعد الحدث بسنوات طويلة لا يعفي أبداً من الاشتراك في تحمل المسؤولية وهو مجرد إثبات موقف لا يغير مما حدث شيئاً، خاصة أنه إثبات للموقف توفي فيه شهود العيان". "ولكن كيف استغل العدو الخمسة أيام التي توقفنا فيها قبل أن نقرر فجأة التقدم شرقاً؟" "في الأيام الأولى للحرب كان الإسرائيليون قد انهاروا تماماً ويتصرفون تصرفات طائشة لدرجة أنه في يوم 7/10/1973 عاد موشي دايان إلى القيادة العليا وأعلن اقتراحه "بانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى خط يمكن الدفاع عنه وهو الممرات. كانت لهجته متشائمة جداً، ينظر إلى أن الوضع تطور ليصبح الدفاع عن دولة إسرائيل نفسها، ولذلك لا بد من تقصير خطوط المواصلات، واقترح علاوة على ذلك الانسحاب من خليج السويس، مع إبقاء قوة في شرم الشيخ. أما بالنسبة لهضبة الجولان فقد اقترح تثبيت الخط على التل المشرف على غور الأردن وإعداد خط ثاني على النهر. ويعرض دايان اقتراحاته على جولدا مايير رئيسة الوزراء". وفي يوم 8/10/1973 صدت قواتنا الهجمات المضادة الإسرائيلية فكبدتها خسائر جسيمة للغاية بما فيها اللواء 190 المدرع وقضت عليه وأسرت قائده عساف ياجوري". يتبع إن شاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الملاحـــــــــــق الأربعاء 05 أكتوبر 2011, 5:06 pm | |
| "ولكنا توقفنا عند "المآذن العالية"!!" "وبدأ العدو يسترد أنفاسه فبعد أن نفذ العرب خططهم المعدة من قبل لعبور القناة واجتياح الجولان لم يعد في استطاعتهم أخذ الخطوة الثانية التي تحتاج إلى تخطيط تحت ظروف غير متوقعة وإحصائيات جديدة وتحتاج أيضاً إلى القتال ضد قوات استعادت رباطة جأشها، فقد وصلنا إلى مرحلة حصلنا فيها على المبادأة لتوجيه تحركاتنا وأصبح لدينا خيارات متعددة". "ولعلنا لاحظنا الخلاف الكبير بين كلام دايان قبل الوقفة وبين كلامه بعدها وكنا نحن السبب!!!" "كان الغرض الإستراتيجي للعدو الذي تحدد أثناء وقفة الأيام الخمسة هو تعديل الموقف على خطوط القتال في الجبهتين لصالح لإسرائيل حتى يحين وقت إيقاف إطلاق النيران. فقد كانوا ينظرون إلى موقفهم بعد صدور قرار مجلس الأمن المنتظر حتى وهم يقاتلون وهذه إحدى أسس عقيدتهم الأمنية. فهم يعلمون أن الصراعات الإقليمية هي صراعات إقليمية عالمية في حقيقتها وأنهم لا بد وقبل إيقاف إطلاق النيران من جمع أوراق كثيرة في جيوبهم للمساومة بها بعد توقف القتال". "وأصروا على تعديل الموقف في الجولان أولاً طالما جمدت الجبهة الجنوبية نفسها، ووجهوا الضربة إلى سورية 11/10/1973 بغرض الاقتراب بأقصى ما يمكن من دمشق دون احتلالها. وبتركيز يكاد أن يكون كاملاً لضرباتهم الجوية بما في ذلك ضرب أغراض مدنية نجحوا في إجبار القوات السورية على التراجع متجاوزين خط إيقاف إطلاق النيران "الخط الأرجواني" مكبدين إياه خسائر أكثر من 900 دبابة، وبحلول يوم 13/10/1973 بدأوا في الدفاع على خط جديد يقترب في شماله من دمشق بحوالي 10 كلم وبذلك أصبحت العاصمة السورية في مدى المدفعية الإسرائيلية وهو وضع مناسب لإسرائيل إذا ما صدر قرار مجلس بإيقاف النيران". "وبعد أن تعدل الموقف تماماً على الجبهة السورية وفي ظل عدم استغلال القوات المصرية للموقف على الرغم من استنجاد سورية مراراً لتخفيف الضغط على جبهتها بدأ جيش الدفاع الإسرائيلي في نقل مركز ثقل الهجوم Center Of Military Gravity إلى الجبهة الجنوبية، ونقل القوات اللازمة إليها. وكان الغرض إحداث تغيير جوهري في الموقف باختراق الخطوط الدفاعية المصرية والعبور إلى غرب القناة ـ وهي أصل فكرة الدفاع عن سيناء كما سبق القول ـ للحصول على مساحة من الأرض غرب القناة لاستخدامها في المساومة، وأكثر من ذلك الوصول إلى خلف القوات المصرية والعمل ضد خطوط مواصلاتها غرب القناة مما يهدد القوات المصرية على الساحل الشرقي للقناة وذلك للحصول على موقف تفاوضي أفضل". "وتم وضع الخطط التفصيلية لتنفيذ العبور وحشد القوات اللازمة أثناء فترة الوقفة. وتوقعوا أن يقوم المصريون بهجوم كبير في الأيام التالية وهذا كان يتفق وخطتهم لجذب القوات المصرية من غرب القناة إلى شرقها لإطلاق حرية العمل لقواتهم إذا نجحت في العبور إلى أفريقية". "واختتمت فترة الوقفة بإجراء حاسم: إذ بدأ الجسر الجوي الأمريكي ناقلاً المعدات والأسلحة والأطقم مباشرة إلى الجبهة وذلك يوم 14/10/1973". ثالثاً: ما ذكره المشير محمد عبدالغني الجمسي في مذكراته (رئيس هيئة العمليات بالقيادة العامة المصرية 1973) 1. تحت عنوان "الانتظار الطويل ـ وقفة تعبوية" ذكر المشير الجمسي: "شهدت الأيام الأربعة (10 ـ 13 أكتوبر) تطورات هامة في الموقف العسكري، على الجبهة السورية ثم الجبهة المصرية، كما حدثت تطورات سياسية على المستوى العربي، واستمرت الاتصالات التي كانت تدور بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة والأطراف المتحاربة مما كان له تأثير مباشر على تطور العمليات العسكرية في المرحلة التالية". "ففي الجبهة المصرية، كانت قوات الجيشين الثاني والثالث تقوم بتعزيز رؤوس كباري الجيوش، وإعادة تنظيم القوات في مناطق رؤوس الكباري. واستمر القتال بهدف تكبيد القوات الإسرائيلية، أكبر خسائر ممكنة، بينما تهدف قوات العدو إلى تعطيل تقدم قواتنا شرقاً اعتباراً من يوم 10 أكتوبر بهجمات مضادة متكررة مع نشاط زائد للسلاح الجوي الإسرائيلي، وكانت المعلومات التي وصلتنا تشير إلى وصول الإمدادات العسكرية الإسرائيلية لإسرائيل حيث يتم تفريغها في مطار العريش رأساً خلال يوم 10 والأيام التالية". "أما الموقف في الجبهة السورية اعتباراً من يوم 10 فقد كان مثيراً للقلق. فقد تمكنت القوات الإسرائيلية من استعادة الجولان في نهاية هذا اليوم بعد هجوم مضاد ناجح قامت به، وتجاوزت خط 6 أكتوبر اعتباراً من اليوم التالي 11 أكتوبر. وكان السلاح الجوي الإسرائيلي قد بدأ هجماته الجوية ضد بعض الأهداف الاقتصادية السورية يوم 9 أكتوبر، انتقل بعدها إلى قصف العاصمة "دمشق" في يوم 10 أكتوبر". "كان من رأي ضرورة استغلال الموقف لتطوير الهجوم شرقاً طبقاً للخطة دون أن نتوقف طويلاً حتى نحرم العدو من فرصة تدعيم مواقعه أمام قوات الجيش. وهذا يعني أن استئناف الهجوم يتم في الظرف الأفضل لنا والأسوأ للعدو". "ناقشت الفريق أحمد إسماعيل في هذا الموضوع يوم 9 أكتوبر خلال مقابلتين معه داخل مركز العمليات. وجدت منه الحذر الشديد من سرعة التقدم شرقاً". "لقد دارت المناقشة بين الفريق أول إسماعيل وبيني بطريقة موضوعية. وكنت أعرف عنه بحكم خدمتي السابقة معه أنه حذر جداً، وكلما كانت المناقشة تطول بيننا أجد أنه برغم اقتناعه إلا أن عامل "الخسائر المتوقعة من الطيران المعادي" كان يسيطر على كل تفكيره ثم يعود إلى القول "لابد من المحافظة على القوات المسلحة سليمة". وكان القرار الذي وصل إليه برغم مناقشتي الطويلة معه، أنه لا بد من عمل "وقفة تعبوية" ثم يلي ذلك استئناف الهجوم على ضوء تطور الموقف، وهو قرار ثابت في ذهنه لا يحيد عنه". "وفي نهاية المناقشة بعد مقابلتين طويلتين يوم 9 أكتوبر مع الفريق أول أحمد إسماعيل، وله كل الاعتزاز والاحترام مني، قلت له: أرجو أن تتذكر أن خطة الحرب تقضي بتطوير الهجوم لاحتلال المضايق بعد نجاح الهجوم واقتحام القناة "بعد وقفة تعبوية أو بدونها". أي أن مبدأ التطوير شرقاً إلى المضايق هو مبدأ مقرر لا خلاف عليه، وأصبح السؤال هو فقط: متى يستأنف الهجوم؟". 2. وعن رأي الفريق أول أحمد إسماعيل ذكر: "بعد أن أصبح الفريق أول أحمد إسماعيل في رحاب الله، لم أجد أفضل من الحديث الصحفي الذي أدلى به للأستاذ محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الأهرام يوم 18/11/1973 ـ بعد انتهاء الحرب والحديث مسجل في كتاب: الرجال والمعركة الذي صدر بموافقة الفريق أول أحمد إسماعيل، ويشمل كل أحاديثه الصحفية بعد الحرب عن حرب أكتوبر 1973. ـ للرد على التساؤلات التي دارت حول عدم استغلال النجاح بالسرعة التي كانت متوقعة، وهو الأمر الذي أحس به الجميع داخل مصر وخارجها عندما لم تتعمق قواتنا شرقاً بعد الخطوط التي وصلت إليها قواتنا في رؤوس كباري الجيوش في سيناء، خصوصاً وأن البيانات العسكرية التي كانت تصدر عن مصر ـ وهي صحيحة ـ كانت تعطي هذا الانطباع برغم أن القتال لم يهدأ. هيكل: أريد أن أسألك، وقد تأذن لي أن أكون صريحاً، عن السبب الذي من أجله لم يجر تطوير هجومنا الشامل بالسرعة الواجبة.. إن البعض من الخبراء يرون أن النجاح الهائل لعملية العبور لم يجر استغلاله بسرعة. وهناك تساؤلات كثيرة في هذا الصدد: هل كان تخطيطنا المسبق لافتتاحية العبور العظيمة وحدها؟ هل لم نستطع أن نرى الفرصة المتاحة لنا؟ هل كنا أبطأ مما يجب أو ماذا حدث بالضبط؟ أحمد إسماعيل: هل لم نستطع رؤية الفرصة؟ إن الموضوع بالنسبة لي لم يكن مسألة فرص، وإنما كان مسألة حسابات. ومهما وجدت من فرص تبدو متاحة أمامنا فقد كان عليَّ ألا أغامر. إننا بدأنا العملية في حماية شبكة الصواريخ الشهيرة. ولذا كان عليَّ أن أتقدم بعدها، فقد كان لابد ـ سواء كانت هناك فرص يراها غيري أو حتى أراها بنفسي ـ أن أنتظر حتى أتأكد أن قواتي وراءها الحماية الكافية. كان لا بد أن أعطي الفرصة لمدرعاتي بالدخول. وكان لا بد أن أعطي الفرصة لصواريخي المتحركة المضادة للطائرات بالدخول. إن قواتنا الجوية قامت بعمل بطولي، ولكن لو أني دفعت بقواتي وراء الفرصة المتاحة التي يتحدثون عنها، ولم تكن دفاعاتي ضد تفوق العدو الجوي جاهزة، لكان معنى ذلك أن ألقي العبء كله على الطيران وأحمله ما لا يطيق في وقت أعرف فيه أن الساعات الصعبة ما زالت أمامنا. هل كنا أبطأ مما يجب؟ لا أعرف.. ما أعرفه هو أنني التزمت بالتخطيط. كان التخطيط ـ الخطة الأصلية أقصد ـ يقتضي وقفة تعبوية بعد إتمام العبور وبعد تأمين رؤوس الكباري.. وقفة أعيد فيها تقدير الموقف على ضوء رد فعل العدو، وأتأهب للخطوة التالية واتخذ لها احتياطاتها الكافية وأتقدم. إن الوقفة التعبوية لم تكن فترة سكون، ولكنها كانت فترة تقبُّل لهجمات مضادة من العدو وتدميرها. رابعاً: ما ذكره المؤرخ العسكري جمال حماد 1. رأيه الشخصي "لقد كان الأمر المفترض هو وجود هيئة قيادة موحدة تضم إدارة كاملة للعمليات وأخرى للمخابرات، مما كان يكفل استغلال الأزمة الحادة والارتباك الشديد اللذين واجهتهما القيادة الإسرائيلية خلال الأيام الأولى من المعركة عندما تلقت صدمة الحرب العنيفة على كلتا الجبهتين في وقت واحد. ولو كانت هذه القيادة موجودة بالفعل لاستغلت فرصة تركيز إسرائيل لمجهودها الجوي وقواتها الاحتياطية في الفترة الأولى من الحرب في مواجهة الجبهة السورية للقيام بعملية تطوير ناجحة للهجوم المصري شرقاً في اتجاه المضايق الجبلية دون إجراء الوقفة الطويلة التي استمرت حوالي خمسة أيام (من يوم 9 إلى يوم 13 أكتوبر) مما أضاع على القوات المصرية فرصة ثمينة لا يمكن تعويضها للوصول إلى خط الدفاع الطبيعي عن القناة وهو منطقة المضايق الجبلية الإستراتيجية، ولو كان ذلك قد تم لما أمكن للقوات الإسرائيلية القيام بعملية الاختراق التي جرت بعد ذلك في الدفاعات المصرية شرق القناة عند الدفرسوار ليلة 15/16 أكتوبر والتي انتهت بعبورها القناة ووصلوها إلى الضفة الغربية لها والقيام بعملياتها على مؤخرة الجيشين الثاني والثالث غرب القناة". "ولكن الأيام الأربعة (من 9 إلى 12 أكتوبر) شهدت خلافاً عسكرياً حاداً بين القيادتين المصرية والسورية. فإن القيادة العسكرية السورية اعترضت على بقاء القوات المصرية مستقرة في رؤوس الكباري عقب نجاحها في صد الهجمات المضادة الإسرائيلية بسبب التعليمات الصادرة إليها بعمل وقفة تعبوية ولذا أضاعت فرصة ذهبية للتقدم إلى خط المضايق الجبلية الإستراتيجية في وسط سيناء، وذكر السوريون أن عملية تنظيم التعاون التي أجريت يوم 7 يونيو 1973 في القيادة العامة بالقاهرة للخطة الهجومية جرانيت 2 المعدلة (الخطة بدر) بين القوات المصرية والسورية والتي اشترك فيها عدد من كبار القادة المصريين والسوريين تحددت فيها الأهداف على أساس وصول القوات المصرية إلى منطقة المضايق الجبلية في سيناء ووصول القوات السورية إلى نهر الأردن وبحيرة طبرية، وبعد تحقيق هذه الأهداف يمكن فقط عمل الوقفة التعبوية. ولكن القيادة المصرية كان من رأيها ضرورة عمل الوقفة التعبوية عقب عبور القناة واقتحام خط بارليف بهدف إعادة التنظيم والاستعداد لملاقاة الهجمات المضادة الإسرائيلية المنتظرة، وبعد انتهاء هذه المرحلة يمكن التقدم بعد ذلك إلى اتجاه المضايق". 2. ما ذكره نقلاً عن مسؤولين سوفيت: "هذا ولم تكن الوقفة التعبوية للقوات المصرية مثار انتقاد السوريين فحسب. فقد عبر المسؤولون بالاتحاد السوفيتي عن قلقهم لتوقف الهجوم المصري بعد انتصاره الساحق على الإسرائيليين وتدمير خط بارليف، وأبدوا تعجبهم لعدم استغلال المصريين لنجاحهم للوصول إلى خط المضايق وخاصة أن هذا التقدم علاوة على أنه ضرورة حربية ومرحلة تعبوية هامة من المحتم القيام بها، فإنه في نفس الوقت سيساعد على تخفيف الضغط الواقع على سورية من جراء تركيز المجهود الرئيسي الإسرائيلي ضدها". خامساً: حول هذا الموضوع قال محمود رياض أمين عام الجامعة العربية حينئذ: "إن الرئيس حافظ الأسد وجه له دعوة يوم 12 نوفمبر 1973 ـ بعد الحرب بحوالي أسبوعين ـ للسفر إلى دمشق للتباحث معه بشأن الموقف في ذلك الوقت. وفي حديث استمر بينهما من منتصف الليل حتى ما بعد الثانية صباحاً شرح فيه الرئيس الأسد الموقف في الجولان خلال فترة العمليات، وجاء فيه: إن الاتفاق بيني وبين الرئيس السادات كان يقتضي قيام مصر باحتلال المضايق، إلا أن القوات المصرية توقفت بعد عشرة كيلومترات من شرق القناة. وأضاف: ربما تكون القيادة المصرية قد حاولت تدارك هذا الخطأ يوم 14 أكتوبر عندما دفعت باحتياطيها إلى سيناء، ولكن الفرصة كانت قد فاتت بعد مرور ثمانية أيام كاملة على النجاح المصري في العبور، وبعد أن زال عامل المباغتة لدى إسرائيل. وذكر الرئيس الأسد، أنه لم يكن هناك تنسيق كاف بيننا وبين القيادة المصرية. بالرغم من أن الفريق أول أحمد إسماعيل هو القائد العام للجبهتين". سادساً: رأي حافظ إسماعيل، مستشار الأمن الوطني للرئيس السادات في هذا الوقت: جاء في كتاب المشير الجمسي، نقلاً عن حافظ إسماعيل في كتابه "أمن مصري القومي في عصر التحديات (ص 323) تحت عنوان 10 ـ 13 أكتوبر، وقفة تعبوية". "كانت قواتنا خلال المرحلة التي انتهت قد أتمت تحقيق الهدف المباشر. وكنت من خلال أحاديثي مع الفريق أول أحمد إسماعيل من قبل نشوب الحرب، أدرك أنه لا ينوي التقدم حتى الممرات الجبلية. وأن ما جاء بتعليمات عمليات القيادة العامة بأن الهدف هو احتلال المضايق.. إنما قصد به أن يستحث القيادات الصغرى خلال مرحلة بناء رؤوس الكباري على استمرار التقدم حتى الهدف المباشر". ملحق الآراء حول الوقفة التعبوية "العملياتية" 10 ـ 13 أكتوبر 1973 أولاً: ما ذكره الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية) قمنا بتجهيز الخطة الجديدة التي لم تكن إلا الخطة "جرانيت 2" بعد إجراء بعض التعديلات الطفيفة. وبعد أن تم وضع هذه الخطة دمجت مع "الخطة بدر"، التي هي خطة العبور في خطة واحدة، أصبحنا نطلق على خطة العبور لفظ "المرحلة الأولى" وخطة التطوير لفظ "المرحلة الثانية"، ولكي نُعَّمق الفاصل بين المرحلتين فقد كنا عندما ننتقل من شرح المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية نقول "وبعد وقفة تعبوية نقوم بالتطوير كذا كذا...". "إن التعبير العسكري "وقفة تعبوية" يعني التوقف إلى أن تتغير الظروف التي أدت إلى هذا التوقف، وقد تكون الوقفة التعبوية عدة أسابيع وقد تكون عدة شهور أو أكثر. كنا نشرح ونناقش خطة العبور بالتفصيل الدقيق ثم نمر مروراً سريعاً على المرحلة الثانية. لم أتوقع قط أن يطلب إلينا تنفيذ هذه المرحلة، وكان يشاركني هذا الشعور قادة الجيوش ويتظاهر بذلك، على الأقل، وزير الحربية". ثانياً: ما ذكره أمين هويدي، وزير الحربية المصري الأسبق، ومدير الاستخبارات العامة الأسبق 1. نقلاً عن الرئيس حافظ الأسد "ما أكده الرئيس حافظ الأسد لمحمود رياض وزير خارجية مصر عند زيارة الأخير لدمشق في 12 نوفمبر 1973 من أن "الاتفاق بيني وبين الرئيس كان يقضي قيام مصر باحتلال المضايق. إلا أن القوات المصرية توقفت بعد 10 كلم شرق القناة، وربما حاولت القوات المصرية تدارك ذلك يوم 14 أكتوبر عندما دفعت باحتياطيها إلى سيناء. ولكن الفرصة كانت قد فاتت بعد مرور 8 أيام كاملة على النجاح المصري في العبور وبعد أن زال عامل المفاجأة". "أكد الأسد لباتريك سيل أن الهدف الذي حدد لسورية كان تحرير الجولان، بينما كان الهدف المصري هو الوصول إلى ممرات سيناء في المرحلة الأولى، قبل إعادة الحشد لتحرير سيناء. فهذا هو "ما قررته أنا والسادات ولقد خضنا الحرب على هذا الأساس". وبذلك خدع السادات الأسد ولم يكن الخداع شفاهة بل تلقى السوريون خطط حرب مزورة. وقد بدأ الغش ـ على قول باتريك سيل ـ في مؤتمر السادات ـ الأسد في برج العرب في ابريل 1973، عندما أتفق الزعيمان على الجملة كما ذكر آنفاً. وباع السادات خطة جرانيت إلى الأسد. وبعد العبور لم يكن في نية المصريين التحرك شرقاً، وبدأت الحقيقة المفزعة تتكشف للسورين تدريجياً، ولم يخطر في بالهم أن المصريين خانوهم". وتبين للسوريين أن السادات أرسل عن طريق قناة خلفية إلى كيسنجر يخبره فيها "بأننا لا نريد أن نعمق الاشتباكات ولا أن نوسع المواجهة". وبعد 24 ساعة من العبور بدأ المصريون في الحفر والاستحكام". 3. رأي أمين هويدي الشخصي (المرحلة الثانية: الوقفة أم نهاية مهمة) "واستمرت هذه المرحلة من يوم 9 إلى 13 أكتوبر 1973 أي خمسة أيام كاملة. فبعد أن تحقق لقواتنا نصر مؤزر في معركة العبور بخسائر بسيطة غير متوقعة، وبعد أن ظهر مدى المباغتة التي تحققت والتي أوقعت قيادة العدو في ارتباك شديد، رأت القيادة التوقف. وفي الحقيقة فإن هذا تعبير غير دقيق لما حدث. فالخطة أصلاً كانت تقضي مجرد عبور قواتنا إلى شرق القناة وتكوين رؤوس كباري بعمق 10 كلم لتصبح أقصى خطوط مواقعنا الدفاعية على هذا المدى. فالقيادة قد حققت غرضها المصدق عليه سياسياً والتي اختارته بحرية مطلقة بموجب التوجيهات السياسية المائعة التي لم تحدد للقيادة العسكرية غرضاً محدداً واجباً عليها تحقيقه ليخدم المعركة السياسية المنتظرة.. كانت إستراتيجية الحرب خاطئة من أولها". يتبع إن شاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الملاحـــــــــــق الأربعاء 05 أكتوبر 2011, 5:45 pm | |
| ملحق الآراء في قرار التطوير شرقاً 14 ـ 15 أكتوبر 1973 تنقسم الآراء، حول قرار التطوير شرقاً إلى مجموعتين، الأولى هي مجموعة الآراء حول السؤال: هل كان مخططاً الاستمرار في القتال حتى المضايق حقاً؟ والثانية هي مجموعة الآراء حول التساؤل: هل كان توقيت ومستوى قرار التطوير صحيحاً، بحيث ينتج عنه مكاسب جديدة مثل قرار العبور؟. أولاً: مجموعة الآراء حول التخطيط للوصول للمضايق من عدمه 1. ما ذكره المشير محمد عبدالغني الجمسي (رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة المصرية، والمسؤول عن التخطيط في حرب أكتوبر 1973) تحت عنوان ماذا بعد رؤوس كباري الجيوش؟ كتب الجمسي يقول: "لقد كان التخطيط لحرب أكتوبر يهدف إلى هزيمة التجمع الرئيسي للقوات الإسرائيلية في سيناء والوصول إلى خطوط إستراتيجية في سيناء تحقق الهدف السياسي من الحرب. وقد أفصح الرئيس الراحل السادات عن الهدف الإستراتيجي العسكري في كتابه (البحث عن الذات ـ ص 384) عندما قال: "لقد عبرنا وحققنا المرحلة الأولى بالاستيلاء الكامل على خط بارليف، ولم يعد أمامنا إلا المرحلة الثانية وهي الوصول إلى المضايق". "وحان الوقت يوم 9 أكتوبر لتقرر مصر متى يستأنف الهجوم وتطويره شرقاً في اتجاه المضايق تنفيذاً لخطة الحرب". "كان ترك العدو الإسرائيلي من دون ضغط مستمر عليه معناه انتقال المبادأة له. ولا ينتظر أن تتخذ القوات الإسرائيلية أوضاعاً دفاعية حتى نهاية الحرب، بل أنها ستحاول اختراق أحد القطاعات بالجبهة حتى يكون دفاعها إيجابياً نشطاً وقد تصل بعض قواتها إلى خط القناة. ولذلك يجب حرمان العدو من القيام بهذا العمل بالمحافظة على المبادأة في أيدينا، ولا يتحقق ذلك إلا بتطوير العمليات الهجومية شرقاً". "لقد كانت القوات الإسرائيلية في سيناء في وضع سيئ من الناحية المعنوية والقدرة القتالية بعد الفشل الذي لحق بها والخسائر الكبيرة التي تحملتها. أما موقفها في الجولان فقد كان يشير إلى تطوره في صالحها تكتيكياً. وأصبح واضحاً للقيادة الإسرائيلية أن عمق رؤوس الكباري المصرية وصل إلى 12 ـ 15 كيلومتراً، وأن لدينا أعداداً كبيرة من الدبابات والمدفعية والأسلحة المختلفة. كان ذلك يجبر إسرائيل على اتخاذ الأوضاع الدفاعية على مواجهة واسعة حوالي مائة كيلومتر من القنطرة شمالاً حتى السويس جنوباً". "وكان الفريق أول أحمد إسماعيل، يرى الانتظار لتكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة من أوضاع قواتنا في رؤوس الكباري قبل استئناف الهجوم. ويرى كذلك أن القوات البرية القائمة بالهجوم ستتعرض بشدة للطيران الإسرائيلي في وقت لا تتمكن فيه المقاتلات وصواريخ الدفاع الجوي من توفير الحماية الكافية لها". "وفي مناقشتي معه أوضحت أن استئناف هجومنا يترتب عليه التحام قواتنا مع قوات العدو، الأمر الذي يجعل تأثير السلاح الجوي الإسرائيلي أقل. وللحد من تأثير السلاح الجوي المعادي، يجب استغلال طاقة قواتنا الجوية التي أثبتت قدرتها ضد طيران العدو خلال الأيام الأربعة 6 ـ 9 أكتوبر". "فضلاً عن ذلك فإن صواريخ الدفاع الجوي ـ خفيفة الحركة ـ برغم قلتها إلا أنها مؤثرة، وفي نفس الوقت يمكننا تحريك بعض كتائب صواريخ الدفاع الجوي ـ بطيئة الحركة ـ على وثبات للأمام". "وقلت أيضاً إن احتفاظنا بالمبادأة باستئناف الهجوم استغلالاً للنجاح الذي تحقق يعطينا فرصة تحقيق الهدف الإستراتيجي بنجاح برغم أننا نتحمل الخسائر، ولكنها خسائر مقبولة. وفي المقابل فإن طول الانتظار يعطي فرصة أفضل للعدو ليكون في موقف أقوى عندما نستأنف الهجوم". "والحقيقة التي أقررها، أن التخطيط لحرب أكتوبر 1973 لم يكن قاصراً أبداً على الاستيلاء على خط بارليف كهدف نهائي. بل كان التخطيط يهدف إلى تحقيق هدف إستراتيجي عسكري أبعد من ذلك وهو الوصول إلى خط المضايق والاستيلاء عليه كهدف نهائي". "وكان التخطيط يشمل ـ بكل تأكيد ـ اقتحام قناة السويس وتدمير خط بارليف، وصد هجمات العدو المضادة المنتظرة، وتطوير الهجوم لتحقيق الهدف النهائي (خط المضايق) سواء بعد وقفة تعبوية أو بدون هذه الوقفة حسب الموقف. أي أن تطوير الهجوم شرقاً في اتجاه المضايق كان مقرراً في جميع الحالات". 2. رأي الفريق الشاذلي (رئيس هيئة أركان القوات المسلحة المصرية) والمسؤول عن إدارة العمليات الحربية في حرب أكتوبر 1973 "ذكر الفريق سعد الدين الشاذلي، أنه كان يعارض فكرة تطوير الهجوم، لأسباب أبداها بنفسه للقائد العام الفريق أول أحمد إسماعيل. وأوضح في مذكراته تحت عنوان (القرار السياسي الخاطئ)، أنه بعد عودته من الجبهة يوم 11 أكتوبر، فاتحه الوزير أحمد إسماعيل في موضوع تطوير هجومنا نحو المضايق، ولكن الشاذلي عارض الفكرة لأن "القوات الجوية الإسرائيلية قوية وتشكل تهديداً خطيراً لأية قوات برية تتحرك في العراء دون غطاء جوي". "وعاد الوزير أحمد إسماعيل وفاتحه بالموضوع مرة أخرى في صباح اليوم التالي ـ 12 أكتوبر ـ قائلاً له إن الهدف من هجومنا هو تخفيف الضغط على الجبهة السورية. عارض الشاذلي الفكرة مرة أخرى على أساس أن هجومنا لن ينجح ولن يخفف الضغط على الجبهة السورية للمبررات التي أبداها. وحوالي الظهر تطرق الوزير لهذا الموضوع للمرة الثالثة خلال 24 ساعة، وقال هذه المرة "القرار السياسي يحتم علينا ضرورة تطوير الهجوم نحو المضايق، ويجب أن يبدأ ذلك صباح غد 13 أكتوبر". |
"وكان هناك إصرار من الوزير على أن القرار سياسي ويجب أن نلتزم به. وكل ما أمكن عمله هو تأجيل الهجوم إلى فجر يوم 14 بدلاً من فجر يوم 13 كما كان محدداً". أما ما نسب للفريق الشاذلي من أنه صاحب فكرة استغلال النجاح بسرعة التطوير، فقد تولى بنفسه نفيها ويؤكد ذلك على لسانه ـ في مذكراته ـ بقوله: "لقد كثر الكلام وتعددت الآراء حول الأسباب التي منعت المصريين من تطوير هجومهم إلى الشرق فور نجاحهم في عملية العبور. وقد انتشرت شائعات كثيرة تقول إنني كنت من أنصار الاندفاع السريع نحو الشرق سواء يوم 14 أو قبل ذلك بكثير. وقد امتنعت القوات المسلحة عن التعليق على هذه النقطة بالتأييد أو النفي سواء على المستوى الإعلامي أو المستوى العلمي. وهكذا بدأت وسائل الإعلام العالمية تؤكد تلك الشائعات. لقد وصفوني بأنني رجل مظلي قوي، هجومي، مقدام.. الخ.. ولكنني لا أود أن نربط بين هذه الصفات الجميلة وبين قرار تطوير الحرب نحو الشرق. لقد كنت دائماً ضد فكرة تطوير الهجوم نحو الشرق سواء كان ذلك في مرحلة التخطيط أو في مرحلة إدارة العمليات الحربية للأسباب الكثيرة التي سبق لي أن ذكرتها". "ويرد اللواء الجمسي في مذكراته: "بأن خطة حرب أكتوبر 1973، قد وضعت، بعد أن استغرق العمل فيها وقتاً طويلاً، بواسطة هيئة عمليات القوات المسلحة، واشتراك الأفرع الرئيسية لهذه القوات ـ جوية وبحرية ودفاع جوي ـ والأجهزة والقيادات المختلفة، ووافق عليها الفريق الشاذلي رئيس الأركان، وصدق عليها الفريق أول أحمد إسماعيل القائد العام ـ بتوقيع كل منهما مع توقيعي على وثائقها ـ قبل الحرب بوقت طويل. وطالما أن الخطة وضعت لتحقيق هدف إستراتيجي عسكري هو الوصول إلى المضايق، فليس من المستساغ أن يقول رئيس الأركان أنه كان ضد تطوير الهجوم إلى المضايق في مرحلة التخطيط". 3. رأي قادة الجيشين الميدانيين، لواء سعد مأمون، ولواء عبدالمنعم واصل، المسؤولين عن تنفيذ قرار التطوير يقول الفريق سعد الدين الشاذلي في كتابه: "حوالي الساعة 1330، كانت التعليمات الخاصة بتطوير الهجوم، قد تم إعدادها، وتحرك اللواء غنيم إلى الجيش الثاني، واللواء طه المجدوب إلى الجيش الثالث، حاملين معهم تلك الأوامر إلى قائدي الجيشين". "وحوالي الساعة 1530 كان اللواء سعد مأمون، قائد الجيش الثاني، يطلبني على الهاتف، قال بغضب "سيادة الفريق أنا مستقيل. أنا لا أستطيع أن أقوم بتنفيذ التعليمات التي أرسلتموها مع اللواء غنيم" ولم يمض بضع دقائق، حتى كان اللواء عبدالمنعم واصل، هو الآخر على الخط الهاتفي، وأبدى معارضة شديدة لتلك التعليمات، التي وصلته مع اللواء طه المجدوب". "في محادثتي، مع كل من اللواء سعد مأمون، واللواء عبدالمنعم واصل، لم أخف عنهما أنني أنا أيضاً قد عارضت هذه التعليمات، ولكني أجبرت عليها. فاتحت الوزير مرة أخرى بالموضوع وتقرر استدعاء سعد مأمون، وعبدالمنعم واصل، لحضور مؤتمر بالقيادة في الساعة 1800 من اليوم نفسه. وفي خلال هذا المؤتمر، الذي امتد حتى الساعة 2300، كرر كل منا وجهة نظره مراراً وتكراراً، ولكن، كان هناك إصرار من الوزير، على أن القرار سياسي، ويجب أن نلتزم به. وكل ما أمكن عمله هو تأجيل الهجوم إلى فجر يوم 14 بدلاً من فجر يوم 13 كما كان محدداً". 4. رأي أمين هويدي، وزير الحربية الأسبق علق هويدي في كتابه "الفرص الضائعة" عن قرار التطوير، هل كان مقرراً من قبل أم كان وليد ظروف سياسية؟ محللاً آراء وأقوال الآخرين، قال: "علينا أن نتصور العمل في قيادة لا يعرف فيها رئيس هيئة العمليات الغرض من حرب يخطط لها! وعلينا أيضاً أن نتصور مصداقية خطة، يضعها أو يشارك فيها رئيس هيئة العمليات، غرضها الوصول إلى المضايق، ليطبقها آخرون لمجرد العبور ثم التوقف! ومن الطبيعي فإن خطة توضع بغرض "الوصول إلى المضايق الإستراتيجية وسط سيناء"، لا بد وأن تختلف بالضرورة عن خطة توضع بغرض "العبور وإنشاء رؤوس كباري بعمق 10 ـ 12 كم". سواء في حجم القوات أو استخدام الأسلحة المعاونة أو أسلوب العبور أو واجبات القوات ومهامها". "علينا أن نطرح سؤالاً جاداً: هل كان من الممكن بالطريقة التي عبرت بها قواتنا القناة دفع الهجوم شرقاً لاحتلال المضايق على بعد 40 ـ 50 كم؟". "وكما اعترضنا على تعبير "الوقفة" التي لم تكن كذلك لأنها لم تكن وقفة بين مرحلتين ولكنها كانت نهاية للعمليات من جانبنا، فإننا نعترض أيضاً على كلمة "التطوير". فالتطوير قد يكون بناء على خطة موضوعة من قبل، وهذا لم يحدث. أو يكون استغلالاً لفرص ظهرت فجأة ويراد اقتناصها، وهذا لم يحدث أيضاً. أو أن يكون تحقيقاً لغرض واضح حاسم والوضع لم يكن كذلك. فالغرض من العمليات، من وجهة النظر المصرية كان قد تحقق، وكان غرضاً سياسياً للتحريك وليس للتحرير". "كان العبور مجرد شرارة، لإشعال خط الأمر الواقع، الذي تجمد على ضفاف قناة السويس، ليفتح الطريق إلى الحوار السياسي، مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وهذا أمر لا غبار عليه في إدارة الصراع الدولي، فكثيراً ما تستخدم القوة لتحريك الجمود السياسي أو لتعديل الأمر الواقع. كل ما في الأمر، علينا أن نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية". "وبالمثل فإن كلمة التطوير، لا تنطبق على ما حدث، إذ كان قرار التحرك شرقاً يوم 14 أكتوبر 1973، قراراً سياسياً فجائياً، لا يتناسب أبداً مع التطورات السلبية، التي حدثت في مسرح العمليات، الأمر الذي دفع رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة، وقائدا الجيشين الثاني والثالث، للاعتراض عليه صراحة أمام القائد العام، ويدفع رئيس هيئة العمليات، الجمسي لكي يعترض عليه أيضاً، ولكن بينه وبين مساعده! وكان من نتيجة ذلك تأجيل التحرك عن موعده الذي كان مقرراً وهو السادسة والنصف من صباح 13 أكتوبر إلى اليوم التالي في نفس الوقت، وكانت النتيجة وخيمة بحق أثرت على تطورات الموقف الخطيرة في الأيام التالية". ولكن ما هو الدافع وراء إصدار الرئيس السادات قراره بالتحرك شرقاً؟ "الدافع الظاهري الذي يردده الكثيرون هو تخفيف الضغط على الجبهة السورية بالقيام بتحرك في الجنوب لإجبار إسرائيل على سحب جزء من مجهودها الذي حشدته في الجبهة الشمالية". "إلا أن ذلك يتعارض تماماً مع سير الأمور، فالجبهة السورية أصبحت في موقف مقلق منذ يوم 8 أكتوبر 1973 مما اضطر دمشق إلى التقهقر متجاوزة الخط الأرجواني. ولم تدفع هذه التطورات الرئيس السادات للتحرك مما جعل الرئيس الأسد يقول بعد ذلك. "لم يكن هناك تنسيق كافٍ بيننا وبين الجبهة المصرية" ولا هو استجاب للنداءات المتكررة من دمشق للتحرك لتخفيف الضغط عنهم لدرجة اضطرت سورية إلى إرسال مندوب على مستوى عالٍ يوم 11 أكتوبر 1973 لحث مصر على التحرك.. بل وتجاهل تصريحات موشيه دايان الصريحة والتي أخذ يرددها اعتباراً من يوم 9 أكتوبر 1973: "بأننا نهدف إلى تحييد سورية" وما في هذا القول من خطورة على الجبهة الجنوبية إذا ركزت إسرائيل جهودها عليها بعد ذلك". "علاوة على ذلك فإنه قبل أن يصدر قراره للتحرك شرقاً، كانت القوات العراقية قد دخلت المعركة بالفرقة 3 المدرعة وأسرابها الجوية منذ 12 أكتوبر وكانت القوات الأردنية قد دفعت باللواء 3 المدرع اعتباراً من 13 أكتوبر ودفعت السعودية، لواء مشاة في نفس الوقت، مما أدى إلى ثبات موقف القوات السورية في خطها الدفاعي الجديد الذي كان معداً من قبل". "ونحن أميل إلى أن يكون التحرك شرقاً قد تم داخل الإطار الذي تصوره السادات لإدارة معركته السياسية. إذ بالرغم من اتصالاته المتعددة منذ يوم 7 أكتوبر أي اليوم التالي لبداية المعركة مع الولايات المتحدة. إلا أن واشنطن رفضت باستمرار في أن تقرن إيقاف النيران بأي تعهدات سياسية.. كان قد أصدر أوامره بالحرب لتحريك الموقف السياسي وأخذ يعرض شروطه واقتراحاته التي قابلها الجانب الآخر بالتجاهل.. كان هو يتحدث عن الحل السياسي الذي يجري وراءه وكان الجانب الآخر يتحدث عن مجرد إيقاف إطلاق النيران وهذا يفسر رفضه للمحاولات السوفيتية بإيقاف إطلاق النيران. التي قام بها السفير فينو جرادوف في القاهرة أو اليكسي كوسيجين رئيس الوزراء السوفيتي في زيارته إلى مصر، أو السفير البريطاني في القاهرة، بناء على رغبة إدوارد هيث رئيس الوزراء البريطاني. كان الحديث في تلك المحاولات عن مجرد إيقاف إطلاق النيران". "وانتهى السادات آخر الأمر إلى أن معركة العبور أو "الاستيلاء على مجرد 10 سم من الضفة الشرقية" على حد قوله لا تكفي لتحريك الأمور. فاتخذ قراره بالتحرك شرقاً لعل ذلك يحقق له ما يريد، مما أغضب كيسنجر لأن السادات قد أخلف وعده معه في برقية 7/10، بأن مصر لا تريد تعميق الهجوم أو توسيع المواجهة.. كان توقيته للتحرك متأخراً كثيراً عن الوقت المناسب فقد وصل المحطة بعد أن غادرها القطار". 5. رأي جمال حماد المؤرخ العسكري علق جمال حماد، في كتابه "المعارك الحربية على الجبهة المصرية ـ حرب أكتوبر 1973" على موضوع التطوير شرقاً، فذكر: "لاحظت القيادة السورية، أن القوات المصرية ما تزال، رغم وقوع التطورات الخطيرة في سورية، باقية في أماكنها شرق القناة، دون أن تبدو في الأفق أية إشارات تدل على أن من المنتظر صدور الأمر لها بالتحرك شرقاً، في اتجاه المضايق، وفقاً للخطة المتفق عليها بين الجيشين، أخذت القيادة السورية بدمشق تمطر هيئة عمليات القيادة الاتحادية بالقاهرة، بسيل من البرقيات، تستفسر فيها عن الموعد الذي سوف تقوم فيه القوات المصرية بالتقدم للأمام، لتخفيف الضغط عن الجبهة السورية. كان اللواء بهي الدين نوفل، رئيس هيئة العمليات الاتحادية المشتركة، يشعر بمزيد من الحرج، وهو يعرض بين ساعة وأخرى ما تلقاه من هذه البرقيات، على الفريق أحمد إسماعيل قائد القيادة الاتحادية، وإزاء هذا الضغط السوري المركز، والإلحاح المستمر، اضطر الرئيس الراحل السادات إلى الاستجابة لمطالب السوريين، فاتخذ قراره السياسي الخطير بتطوير الهجوم المصري شرقاً، صباح 13 أكتوبر، الذي تم تأجيله 24 ساعة، ليجري صباح 14 أكتوبر. ومما يؤسف له أن هذا القرار الصحيح قد صدر في موعد خاطئ فأصبح شأنه شأن القرار الخاطئ الذي يصدر في الموعد الصحيح سواء بسواء وكان له أسوأ النتائج على مجرى الحرب". "إن قرار تطوير الهجوم شرقاً، الذي جرى صباح يوم 14 أكتوبر، كان قراراً سياسياً، اتخذه الرئيس الراحل أنور السادات، على مسؤوليته، بوصفه رئيساً للقيادة السياسية في الدولة، وقائداً أعلى للقوات المسلحة، مما كان يجعل من مسؤوليته واختصاصه، رسم الإستراتيجية العليا للدولة، وبالتالي إصدار القرارات السياسية، التي تتمشى مع هذه الإستراتيجية، ومهما كان رأي القادة العسكريين، في القرارات السياسية التي يصدرها رئيس الدولة، فإن هذا الرأي لا يعدو أن يكون رأياً استشارياً محضاً، ويصبح من واجبهم بعد إبداء مشورتهم تنفذ القرارات السياسية، بحذافيرها، دون اعتراض، مهما كان تقديرهم لعواقبها الوخيمة على قواتهم، وهو الأمر الذي جرى تماماً مساء يوم 12 أكتوبر خلال مؤتمر القادة الذي انعقد في المركز 10 بالقيادة العامة المصرية، بالقاهرة". ثانياً: مجموعة الآراء عن توقيت التطوير وحجمه: 1. ما ذكره المشير محمد عبدالغني الجمسي (رئيس هيئة العمليات، للقوات المسلحة المصرية، عام 1973) المسؤول عن التخطيط في الحرب: تحت عنوان توقيت تطوير الهجوم تحدث، اللواء الجمسي، عن التوقيت ذاكراً: "توقيت تطوير الهجوم من أهم عوامل نجاحه وفي جبهة سيناء، كان من الواضح أنه كلما طال وقت الانتظار ـ الوقفة التعبوية ـ بعد يوم 9 أكتوبر، كان لدى العدو فرصة تدعيم موقفه العسكري، وتجعل قواته أكثر ثباتاً في مواجهة قواتنا المهاجمة. وبمعنى آخر، كلما كانت فترة الانتظار أقصر كان ذلك أفضل لنا". "لقد كانت الموازنة الدقيقة لتحديد هذا الوقت من أصعب الأمور لكثرة وأهمية العوامل التي تتحكم في اتخاذ القرار". "ومن متابعة الموقف في جبهة الجولان، ظهرت بوادر نجاح تكتيكي إسرائيلي، ولم يكن مشجعاً أن تحمل بلاغات القيادة السورية في طياتها سيطرة الجيش السوري على الموقف. وتطور ليصبح في مصلحة إسرائيل منذ يوم 10، واستخدمت أيضاً سلاحها الجوي لقصف الأهداف الاقتصادية في سورية يوم 9، ثم قصف جوي للعاصمة دمشق يوم 10، والأهداف المدنية والعسكرية يوم 11. وهنا حضر للقاهرة مندوب من القيادة السورية يطلب تنشيط العمليات في جبهة سيناء لتخفيف الضغط الإسرائيلي في جبهة الجولان". "شكل الموقف العسكري في الجبهة السورية عامل ضغط على الرئيس السادات سياسياً، وعلى الفريق أول أحمد إسماعيل عسكرياً، بصفته القائد العام لقوات الجبهتين المصرية والسورية. ولذلك صدر قرار الرئيس السادات، في الساعات الأولى من يوم 12 أكتوبر، للفريق أول إسماعيل، بتطوير الهجوم شرقاً على الجبهة المصرية، لتخفيف الضغط على الجبهة السورية". "وفي صباح يوم 12 أصدر الفريق أول إسماعيل أوامره ببدء التطوير في الساعة 06.30 (السادسة والنصف صباحاً) صباح اليوم التالي 13 أكتوبر مع التمسك برؤوس الكباري". "وبناء على طلب اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثاني واللواء عبدالمنعم واصل قائد الجيش الثالث، وبعد استدعائهما إلى مركز عمليات القوات المسلحة ومقابلة القائد العام مساء يوم 12، تأجل تطوير الهجوم ليكون 06.30 يوم 14 أكتوبر". "وقد حاولت خلال الحرب معرفة مبررات البطء في تطوير الهجوم شرقاً، وهل كان هناك قيد سياسي على القائد العام يتطلب ذلك، إلا أن الفريق أول أحمد إسماعيل لم يفصح لي عن هذا القيد لو كان موجوداً". "ولما أصدر الرئيس السادات قراراً بذلك للقائد العام في الساعات الأولى من يوم 12 أكتوبر لتطوير الهجوم بعد تدهور الموقف العسكري في الجبهة السورية، أسرع الفريق أول أحمد إسماعيل بإصدار الأوامر في نفس اليوم للتطوير بحيث يبدأ صباح اليوم التالي 13 أكتوبر (تأجل لاعتبارات عسكرية ليكون صباح يوم 14). اتضح من هذا التصرف أن الوقفة التعبوية ـ 10 ـ 13 أكتوبر ـ كانت باتفاق وموافقة الرئيس السادات والقائد العام أحمد إسماعيل، كما أن قرار تطوير الهجوم ـ بعد الوقفة التعبوية ـ كان قراراً سياسياً". 2. رأي الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر 1973) "جرتنا هذه الغلطة (الوقفة) إلى سلسلة أخرى من الأخطاء، التي كان لها أثر كبير على سير الحرب ونتائجها. ولكي نطور هجومنا للشرق، مع المحافظة على رؤوس الكباري قوية ومؤمنة، كان لا بد لنا من أن ندفع الأنساق الثانية إلى المعركة. وفي خلال ليلة 12/13 وليلة 13/14 عبرت الفرقة 21 مدرعة من خلال الفرقة 16 مشاة. بينما عبر لواء مدرع من الفرقة الرابعة المدرعة من خلال رأس كوبري الجيش الثالث". "كانت خطتنا في الهجوم تشمل، استخدام 4 ألوية مدرعة، ولوائيّ مشاة ميكانيكياً، في أربعة اتجاهات مختلفة طبقاً لما يلي: لواء مدرع في اتجاه ممر متلا (القطاع الجنوبي). لواء مشاة ميكانيكي في اتجاه ممر الجدي (القطاع الجنوبي). فرقة مدرعة في اتجاه الطاسة (القطاع الأوسط). لواء مدرع في اتجاه بالوظة (القطاع الشمالي). "لقد خسر العدو خلال قتال يومي 8 و9 أكتوبر حوالي 260 دبابة. وكان خلال هذين اليومين يستخدم دباباته في اقتحام مواقع المشاة بالأسلوب القديم نفسه الذي كان يعتمد على سرعة التحرك وإحداث الصدمة النفسية لدى جندي المشاة نتيجة اقتحام المدرعات. ولكن سرعان ما اكتشف أن المشاة المصريين بما لديهم من أسلحة مضادة للدبابات وبما يتمتعون به من روح معنوية عالية قادرون على سحق المدرعات التي تستخدم هذا الأسلوب. واعتباراً من يوم 10 أكتوبر بدأ يستخدم دباباته بأسلوب حذر يعتمد على التحرك البطيئ والاستفادة من الأرض والسواتر الطبيعية، ونتيجة لذلك انخفضت خسائره في الدبابات انخفاضاً ملحوظاً. قام العدو بتعويض الجزء الأكبر من خسائره في الدبابات بحيث وصل عدد الدبابات التي في ألويته المدرعة الثمانية التي أمامنا يوم 13 أكتوبر إلى 900 دبابة". "كان علينا يوم 14 أكتوبر أن نهاجم 900 دبابة معادية في المكان الذي يختاره العدو لهذا اللقاء وتحت سيطرة جوية معادية بقوة 400 دبابة مصرية فقط!! هل كان هذا القرار صحيحاً؟ ما زال هناك كثير من الغموض يحيط بهذا الموضوع". "لقد نجح العدو في استدراج ألويتنا المهاجمة إلى مناطق قتل اختارها بعناية، ونجح في تدمير معظم دباباتنا. لقد فقدنا في هذا اليوم 250 دبابة، وهو رقم يزيد عن مجموع خسائرنا في الأيام الثمانية الأولى للحرب. وحول ظهر يوم 14 انسحبت قواتنا مرة أخرى إلى داخل رؤوس الكباري شرق القناة". 3. رأي أمين هويدي، وزير الحربية الأسبق "كانت خطة هذا التحرك الفجائي (التطوير شرقاً) تهدف إلى تحقيق الرغبة السياسية للرئيس السادات، بضرورة تطوير الموقف الحالي، بالتحرك إلى المضايق الإستراتيجية، وسط سيناء، صباح يوم 14/10 وذلك باستخدام القوات الآتية: 1. لواء مدرع في اتجاه ممر متلا 2. لواء مشاة ميكانيكي في اتجاه ممر الجدي القطاع الجنوبي 3. لواءان مدرعان في اتجاه الطاسة القطاع الأوسط 4. لواء مدرع في اتجاه بالوظة القطاع الشمالي يتبع إنشاء الله... |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الملاحـــــــــــق الأربعاء 05 أكتوبر 2011, 8:39 pm | |
| "وبعد توزيع 5 لواءات مدرعة من القوات المدرعة المتاحة بواقع لواء مدرع مع كل فرقة مشاة للعبور، وبعد توزيع 5 لواءات مدرعة أخرى للتحرك إلى الشرق لم يبق في الاحتياط غرب القناة ابتداء من يوم 14 أكتوبر 1973 سوى لواء مدرع واحد لمواجهة لا تقل عن 170 كم، وبعض وحدات الصواريخ والوحدات الإدارية. فقد فضل مخططو هذا التقدم عدم المساس بقوات رؤوس الكباري على ضخامتها ودفعوا بقوات جديدة لتنفيذ التحرك الفجائي نحو الشرق ضاربين عرض الحائط بكل مبادئ الحرب وأصولها. وتسببوا في تآكل الاحتياطي قطعة قطعة وكان علينا أن ندفع الثمن في اليوم التالي". "ولكي نصور مدى ضعف السيطرة على الموقف، نذكر أن اللواء 11 مشاة ميكانيكي، كان قد كلف بالتقدم شرقاً في اتجاه ممر الجدي، وقام اللواء بتنفيذ المهمة الساعة السادسة من صباح 13 أكتوبر لأن تعليمات تأجيل الهجوم إلى صباح اليوم التالي لم تصله، ولاقى هذا اللواء مصيراً مؤسفاً نتيجة لخطأ غيره". "ورغم التمهيد النيراني بالمدفعية لمدة 15 دقيقة وقيام القوات الجوية بغاراتها لستر التحرك، إلا أن القوات الإسرائيلية كانت في انتظار قوات الهجوم لأنها توقعت ذلك بناء على تقديرها السليم للموقف. ودارت معركة دبابات كبرى غير متكافئة بين قواتنا وقوات العدو الذي تمكن من صد الهجوم وإيقاف تقدمها وكبدها خسائر قدرت بحوالي 250 دبابة، علاوة على خسائر كبيرة في الأرواح. ورجعت قواتنا بعد فشلها في تحقيق مهمتها الغامضة إلى رؤوس الكباري بطريقة غير منظمة تحت وابل من نيران العدو البرية والجوية وتزاحمت رؤوس الكباري بقواتها الأصلية الموجودة من قبل علاوة على 5 لواءات مدرعة جديدة، بينما كان الشاطئ الغربي للقناة وعلى طول الجبهة خالياً من القوات تقريباً، لتعمل كاحتياطي لمواجهة أي توقعات غير منتظرة". "ووسط هذه الظروف المؤسفة بدأ العدو في العبور إلى الضفة الغربية في اليوم التالي دون تردد". 4. رأي جمال حماد، المؤرخ العسكري "لم يكن في الإمكان نجاح عملية تطوير الهجوم بناء على الخطة التي وضعت أو بإجراءات التنفيذ التي تمت، فلقد أجرى الهجوم بالقوات المدرعة بطريقة الهجوم الموزع Piece Meal إذ تم التخطيط لدفع 4 ألوية مدرعة ولواءين مشاة ميكانيكيين على مواجهة طولها حوالي 150 كم على أربعة محاور منفصلة ليس بينها أي ترابط أو معونة متبادلة، ويكفي أن نذكر أن المحور الشمالي الذي تقدم عليه اللواء 15 المدرع المستقل كان يبعد عن محور الطريق الأوسط الذي تقدمت الفرقة 21 المدرعة جنوبه في اتجاه الطاسة بمسافة لا تقل عن 50 كم، كما أن محور طريق مضيق متلا في أقصى الجنوب الذي تقدم عليه اللواء 3 المدرع من الفرقة 4 المدرعة كان يبعد عن الطريق الأوسط بمسافة لا تقل عن 60 كم. هذا ولم يشترك في القتال الفعلي يوم 14 أكتوبر سوى 4 ألوية مدرعة فقط (لواء على المحور الشمالي ولواءين جنوب الطريق الأوسط ولواء على المحور الجنوبي) إذ لم يجد قائد الفرقة 21 المدرعة وكذا قائد الجيش الثاني أي جدوى من دفع اللواء 18 المشاة الميكانيكي (النسق الثاني للفرقة) للاشتباك لتعزيز هجوم اللواءين المدرعين بالنسق الأول وفقاً للخطة الموضوعة بعد توقفهما تماماً أمام مقاومات العدو، فإن الفشل وفقاً للمبادئ التكتيكية لا ينبغي تعزيزه، كما لم يقم اللواء 11 المشاة الميكانيكي من الفرقة السابعة مشاة بالهجوم على طريق مضيق الجدي يوم 14 أكتوبر كما كان مقرراً بالخطة، فقد اتضح أنه قام بعملية التطوير وحده على طول الجبهة يوم 13 أكتوبر حسب التعليمات الأولية التي صدرت بعد ظهر يوم 12 أكتوبر بسبب عدم إبلاغ قائد الفرقة 7 مشاة بتأجيل الهجوم 24 ساعة ـ عن طريق شعبة العمليات ـ ولم يكن في الإمكان بعد أن عجز اللواء عن تحقيق هدفه وعاد إلى رأس كوبري الفرقة عند منتصف الليل أن يعاود الهجوم في الساعة السادسة والنصف صباحاً وفقاً للخطة، ولذلك تأجلت ساعة دفعه إلى الواحدة والربع ظهراً وقبل أن يحل الموعد كان الأمر بوقف دفعه قد صدر، فظل متمركزاً في مواقعه داخل رأس كوبري الفرقة 7 مشاة". "ولقد وقعت القيادة المصرية في هذا اليوم في نفس الأخطاء التكتيكية التي وقعت فيها القيادة الإسرائيلية من قبل عندما شنت هجومها المضاد الرئيسي على مواجهة الجيش الثاني يوم 8 أكتوبر من ناحية تجاهل المبادئ السليمة لاستخدام المدرعات والتي تقضي باستخدام القوات المدرعة بطريقة مجمعة مثل قبضة اليد، مما يعني ضرورة حشد تشكيلات ووحدات مدرعة ضخمة على مواجهة ضيقة ليتسنى لها إحداث قوة الصدمة المطلوبة واختراق المواقع الدفاعية للعدو. أما التخطيط لهجوم مدرع على طول جبهة القتال باستخدام 4 ألوية مدرعة على محاور منفصلة ومتباعدة عن بعضها البعض بحيث لا يمكن إجراء أي تعاون بينها أو تنسيق بين هجماتها فهذا يعني أن المعركة تعتبر فاشلة من قبل أن تبدأ، ويبدو أن معظم القادة على مختلف المستويات قبل المعركة لم يكونوا مقتنعين بسلامة الخطة، ولم يكن لديهم الشعور بإمكان تحقيقها للأغراض التي كانت تستهدفها على عكس الشعور الحماسي الجارف الذي كان سائداً يوم 6 أكتوبر قبل عبور قناة السويس، ويبدو أنهم كانوا يعتبرون العملية مجرد تأدية واجب لإرضاء الرئيس الذي أصدر القرار السياسي، وليس أدل على ذلك من أن بعض الوحدات (اللواء 3 المدرع من الفرقة 4 المدرعة واللواء المشاة الميكانيكي من الفرقة 7 مشاة) تم دفعهما للهجوم دون أن تصلهما بعض وحدات الدعم الحيوية التي لا يمكن الاستغناء عنها، والتي أثر غيابها بلا شك على أعمال قتال هذه الوحدات بحيث عجزت عن تحقيق المهام الموكولة إليها". "ويبدو ذلك أيضاً في سرعة توقف الوحدات القائمة بالهجوم فور اصطدامها بمواقع دفاعية للعدو وعدم بذل محاولات جدية ومستميتة للتقدم كما كان الحال يجري عقب اقتحام قناة السويس، كما تتضح هذه الظاهرة بجلاء في امتناع قادة التشكيلات الأعلى عن مساعدة الوحدات الفرعية المتوقفة أمام مقاومات العدو بجميع ما يملكونه من وسائل لضمان مواصلة تقدمها أو على الأقل إصدار الأمر لها بالتمسك بالمواقع التي وصلت إليها، وبدلاً من ذلك نجد أن جميع الأوامر التي صدرت بعد ظهر يوم 14 أكتوبر للوحدات التي قامت بالتطوير هي ترك مواقعها التي وصلت إليها بعد أن تكبدت خسائر جسيمة، والعودة ثانية إلى رؤوس الكباري التي بدأت منها الهجوم مما يخالف كل المبادئ المتفق عليها، ولا شك أنه من الأخطاء التكتيكية الجسيمة التي وقعت هو دفع الألوية المدرعة للهجوم بالمواجهة على مواقع سبق إعدادها بتجهيزات هندسية ومجهزة بمرابض للدبابات وبستائر من الصواريخ المضادة للدبابات SS 11 دون أن تشترك معها في الهجوم قوات من المشاة المترجلة لمعاونتها في الوصول إلى مواقع العدو باستخدام تكتيكات المشاة في الضرب بالنيران مع الحركة للأمام ومن دون دعم قوي ومؤثر من المدفعية والطيران لإسكات مقاومة العدو إذ أن ذلك لم يكن متيسراً بالنسبة لضعف المعلومات عن العدو". "وكانت النتيجة كما كان متوقعاً خسارة القوات المدرعة المصرية عدداً من الدبابات في هجوم يوم 14 أكتوبر في بضع ساعات يزيد على كل ما خسرته طوال الأيام الثمانية الأولى من الحرب". "لقد كانت عملية تطوير الهجوم في التوقيت الخاطئ الذي تمت فيه وبالخطة الحربية القاصرة التي وضعت عملية لم يكن في الإمكان نجاحها بأية صورة من الصور، وقد أجريت رغم معارضة بعض كبار القادة المسؤولين، ومنهم قائدا الجيشين الثاني والثالث تنفيذاً لقرار سياسي عاطفي لم يراع الاعتبارات العسكرية". ملحق نص برقية الدكتور محمد حسن الزيات (وزير الخارجية المصري) إلى الرئيس محمد أنور السادات، يوم 7 أكتوبر 1973 صباح يوم 7 أكتوبر ـ مبكراً، في حوالي الساعة السادسة صباحاً ـ كان الرئيس "السادات" يقرأ برقية من وزير الخارجية، الدكتور "محمد حسن الزيات" من نيويورك، نصها على النحو التالي: من نيويورك برقية رمزية واردة برقم 6867 (سري للغاية ومحظور) 1. اتصل بي كيسنجر من واشنطن، وكان قد سافر إليها بعد أحداث الشرق الأوسط في الصباح، وذكر الآتي: أ. قال إنه كان مسروراً ومتفائلاً بإمكان بدء مجهود حقيقي وفعال بالتعاون المشترك لتسوية مشكلة الشرق الأوسط من حديثه معي يوم 5 أكتوبر. وقد جاءت أحداث اليوم لذلك (6 أكتوبر مساء بتوقيت واشنطن) ـ مفاجأة وهو يرى أن القتال إذا لم يتوقف في وقت معقول فإن الأمر سيخرج عن أيدينا. ب. وقال إن معلوماتهم وتقديرهم، وقد يكونوا مخطئين، هو: أولاً: أننا نحن الذين بدأنا هجوم اليوم. ثانياً: أن القتال إذا استمر فسينتهي بنجاح الجانب الآخر ـ الإسرائيليين. وتقديرهم أن الجانب الآخر سيقوم بهجوم مضاد كبير خلال اليومين القدمين. ج. وقال أنه يود أن يذكر لي من جديد أنه إذا حدث ذلك فإنهم لا يوافقون على احتلال إسرائيل لأراضي جديدة. د. وتساءل لذلك عن استحسان فكرة إصدار قرار من مجلس الأمن بإيقاف النار مع إعادة الحالة إلى ما كانت عليه. هـ. وقال إن إثارة مناقشة في الجمعية العامة عندما تعاود الاجتماع يوم الاثنين القادم سيزيد من تعقيد الموضوع. أجبته بما يلي: أ. بأنه في أثناء حديثنا (يقصد حديثه السابق مع كيسنجر يوم 5 أكتوبر) تبين أن إسرائيل مطمئنة إلى قدرتها على المحافظة على إيقاف النار ومرتاحة إليه. ولا ترى داعياً لتغيير الحالة القائمة. وبالتالي فإن أمريكا لا تستطيع أن تضغط عليها للتوصل إلى مثل هذه التسويات التي تقبلها مصر ـ لذلك فمهما كانت أسباب حوادث اليوم ـ وهل هي حسبما شرحتها للجمعية العامة في خطاب مرسل اليوم، أو حسب معلومات واشنطن ـ فلا شك أنها تبين أن قناة السويس ليست حاجز الأمن الذي لا يمكن أن يخترق من جهة (ومن جهة أخرى) وأن إيقاف النار ليست هي حالة الدوام. ب. إن اقتراح العودة إلى الحالة التي كانت قائمة، أي التقهقر خلف قناة السويس هو اقتراح غير مقبول، وغير قابل للنقل للقاهرة. وأعتقد أن الاقتراح المعقول هو إيقاف النار والعودة إلى الحالة التي كانت قبل حرب 1967. ج. وفيما يخص إثارة الموضوع في الأمم المتحدة، سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة، بينت أنه ليست لدي تعليمات من القاهرة ـ ولذلك فإذا كانت لديه أفكار يمكن إبلاغكم بها غير الفكرة الغير قابلة للنقل الخاصة بإيقاف النار والانسحاب المصري من جميع الأراضي ـ وذكرت أن هذا مجرد سؤال خطر لي وليس سؤالاً من القاهرة. د. قال كيسنجر أنه يفهم ما ذكرته ـ ويعتقد أن لأعمال اليوم دلالتها ـ لاتيني ( ينقل عبارة قالها كيسنجر وأراد نقلها كما هي بالإنجليزية) "يو ميد ايه سترونج بوينت" (You Made A Strong Point) ـ أي أنكم سجلتم نقطة قوية، قاصداً بذلك النجاح الساحق لعملية العبور. ملحق صورة برقية من السيد حافظ إسماعيل إلى الدكتور هنري كيسنجر يوم 7 أكتوبر 1973 تتضمن قول الرئيس السادات بأنه: "لن يعمق مدى الاشتباكات" Message From Mr. Hafez Ismail To Dr. Henry Kescinger Dr. Zayat has convoyed to us the talks and discussions that have taken place, between the two of you in the last few days: 1-I would like, in conformity with the spirit of frankness that prevailed in our meetings, to make a few remarks concerning the points which were brought up during your discussions: The engagements taking place at present in the area should not arouse any surprise to all those who have followed the continuos Israeli provocations not only on the Syrian and Lebanese lines but also on the Egyptian front. We have many times drawn the attention to such provocations which never ceased in spite of international condemnation. Egypt therefore had to take a decision to confront any new Israeli provocations with firmness, and consequently took the necessary precautions in order to face any such sraelf action similar to that over Syria on 13 th. September 1973. The clashes that occured on the canal front as a result of the Israeli provocations, were intended from our side to show to Israel that we were not afraid or helpless and that we refuse to capitulate to the conditious of an aggressive planning to rotain our land as hostage for bargaining. As a result of the engagements a new situation has been created in the area and although it is natural to expect new developments within the coming few days, we would like to define the framework of our position. - Our basic objective remains as always, the achievement of peace in the Middle East and not to achieve portial settlements. - We do not intend to deepen the engagements or widen the confrontation. II- I reckon you have received from Mr. Rockfeller our president, s reply to your message, in which reply our position as pointed out since our first contact was reaffirmed. Allow me to make it clear once more: 1- Israel has to withdraw from all occupied territories. 2. We will be then prepared to participate in a peace conference in the U.N. in whatever agreable from, whether it be under the auspices of the Secretary General or the representatives of the permanent members of the Security Council or any other suitable body. 3. Wo Agree to the freedom of navigation in the Straits of Tiran and we accept, as a guarantee, an international presence for a limited period. IV. feel confident that you will appreciate that this ro-explanation of our position emanates from a real and genuine desire for the realization of peace and not from readiness to start a series of concessions. In fact we remember that Mr. Rogers impaired peace chances when he mistakingly interpreted our peace initiative of February 1971 in such a manner that deviated it from its true nature and objective. Please accept my best wishes. Hafes Ismail المصدر: موسوعة مقاتل من الصحراء |
|