أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الادعــــــــــــــــــــــاء الخامس الأحد 14 يناير 2024, 8:54 pm | |
| وصدق القائل حين قال: وإذا العناية لاحظتك عيونها نــم فالمخــاوف كلهـن أمـان
فقد كان أنبياء الله تعالى ورسله -عليهم السلام- محفوظي الظواهر والبواطن من التلبس بمنهي عنه، ولو نهي كراهة أو خلاف أولى.
فهم محفوظون ظاهراً من الزنا، وشرب الخمر، والكذب، والسرقة، وغير ذلك من المنهيات المستقبحات في الخارج، ومحفوظون في الباطن من الحسد، والكبر، والرياء، وغير ذلك من منهيات الباطن [3].
وبهذا يثبت أن العصمة أصل من أصول النبوة أنعم الله بها على أنبيائه جميعا؛ وذلك لشرف الرسالة التي بعثوا من أجلها، ولما سيلاقون من مشاق ومتاعب، وهذا ينفي أن تكون العصمة مستوحاة من النصرانية، أو مأخوذة من علم الكلام، كما يدعي الطاعنون.
ثانيا. الأنبياء جميعاً معصومون من الوقوع في الذنوب والآثام: لقد حدثتنا آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي الخاتم -صلى الله عليه وسلم- عن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - حديثا مستفيضا جلى حياتهم من جوانبها المختلفة، فوضحت للناس متلألئة مشرقة، كلها رشد واهتداء.
ومجمل القول فيهم: أن تربتهم طيبة، وأحسابهم أصيلة، ومعادنهم نقية، وأصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم طاهرة، وبواطنهم صافية، وظواهرهم صادقة، ونشأتهم قويمة، ومنهجهم في طفولتهم رشيد، وسلوكهم بعد أن بلغوا الرشد حميد، وتصرفهم بعد النبوة حكيم، وموقفهم فيما يأتون وما يذرون سليم.
فهم في القمة من الفضائل، وفي الذروة من الكمال البشري الذي يشهد ببراءتهم من كل ذنب، وينطق بنزاهتم عن كل خطأ [4].
فكل الأنبياء معصومون؛ ولن تجد في حياة أي منهم انحرافا مقصودا، فهم أناس مختارون ومخلوقون بشكل استثنائي وهم ليسوا أخيارا فحسب، بل هم مصطفون من بين أفضل الأخيار، وهؤلاء لا يقترفون طوال حياتهم أي شيء يلقي ظلا على اصطفائهم هذا وعلى قدسية المهمة التي بعثوا من أجلها.
ففطرة الأنبياء صافية طاهرة، وأرواحهم علوية سامية، وإرادتهم صلبة قوية، وقلوبهم نيرة وضيئة؛ فالتجليات الإلهية تتبلور وتنعكس في قلوبهم بأبعادها الحقيقية؛ فقلوبهم ونفوسهم مثل مرآة صافية نقية تعكس الأنوار على حقيقتها، فلا يوجد هناك أي انحراف أو تحول في أي لون [5].
وإذا نحن أردنا أن نمثل لعصمة بعضهم كموسى -مثلاً- أوردنا قوله تعالى في معرض امتنانه عليه -عليه السلام-: (وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني (39)) (طه)، فيفهم من هذه الآية أن الله تعالى لم يدع تربية موسى -عليه السلام- في قصر فرعون إلى فرعون ولا إلى أمه؛ بل رباه هو، فكيف لا يكون مثل هذا النبي معصوما وهو منذ طفولته تحت رعاية الله وعنايته وتربيته؟! وفي عصمة عيسى -عليه السلام- يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد، فيستهل صارخاً من مس الشيطان غير مريم وابنها» [6] [7].
وبهذا تكون عصمة عيسى -عليه السلام- من الله، ليتحمل أعباء رسالته، وليس لكونه صورة من الله كما يدعي هؤلاء الطاعنون.
ومع إقرارنا لكافة الأنبياء بالعصمة إلا أن نبينا محمدا -صلى الله عليه وسلم- كان أسمى عصمة؛ ولم لا وهو سلطان الأنبياء وغاية الخلق، وأحب الخلق لله تعالى، وقد أرسل كل نبي لفترة من الزمن، ولمكان معين، بينما أرسل محمد -صلى الله عليه وسلم- للناس كافة حتى قيام الساعة، لذا فلا غرو أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- أمير المعصومين، وإمامهم الذي فاقت عصمته عصمتهم وعفته عفتهم [8].
وقد ظهرت عصمته -صلى الله عليه وسلم- عن الجهل بالله وصفاته، أو كونه على حالة تنافي العلم بشيء من ذلك كله جملة، بعد النبوة عقلا وإجماعا، وقبلها سماعا ونقلا، ولا بشيء من أمور الشرع، التي أداها عن ربه من الوحي قطعا، وعقلا، وشرعا، وعصمته عن الكذب وخلف القول منذ نبأه الله وأرسله قصدا أو غير قصد، واستحالة ذلك عليه شرعا وإجماعا، وعن الصغائر تحقيقا، وعن استدامة السهو والغفلة، واستمرار الغلط والنسيان عليه فيما شرعه للأمة، وعصمته في كل حالاته من رضى وغضب وجد ومزح [9].
ومن دلائل عصمته -صلى الله عليه وسلم- حفظ الله له من أقذار الجاهلية: فلقد نشأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مجتمع جاهلي يعج بالمفاسد والانحرافات، تعبد فيه الأوثان وتشرب فيه الخمور، وينتشر فيه الظلم، وما إلى ذلك من المفاسد التي اعتاد العرب ممارستها في جاهليتهم، إلا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انسلخ عن هذا المجتمع انسلاخا تاما، وإن كان يعيش فيه، فلم ينغمس في هذه المفاسد، ولم يشارك قومه في عاداتهم السيئة، بل سما وارتفع عن ذلك كله؛ لأنه كان محفوفا بعناية إلهية خاصة تحفظه وتحميه من هذه الأقذار منذ صغره، لم يهم بعمل شيء مما عليه أهل الجاهلية إلا وصرفه الله عنه، وهذا من رحمة الله بعبده ورسوله الذي اصطفاه؛ حتى تكون سيرته بيضاء نقية لا غبار عليها؛ تهيئة له لحمل الأمانة العظمى، وهكذا عصم الله نبيه من ضلالات الجاهلية، ومن عبادة الأصنام، إعدادا له للنبوة [10].
ومن عصمة الله له (كونه محفوظ اللسان): "يذكر الإمام أبو الحسن الماوردي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- محفوظ من تحريف في قول واسترسال في خبر يكون إلى الكذب منسوبا وللصدق مجانبا، فإنه لم يزل مشهورا بالصدق في خبره فاشيا وكثيرا حتى صار بالصدق مرقوما [11]، وبالأمانة مرسوما، وكانت قريش بأسرها تتيقن صدقه قبل الإسلام فجهروا بتكذيبه في استدعائهم إليه، فمنهم من كذبه حسدا ومنهم من كذبه عنادا، ومنهم من كذبه استبعادا أن يكون نبيا أو رسولا، ولو حفظوا عليه كذبة نادرة في غير الرسالة لجعلوها دليلا على تكذيبه في الرسالة، ومن لزم الصدق في صغره كان له في الكبر ألزم، ومن عصم منه في حق نفسه كان في حقوق الله تعالى أعصم، وحسبك بهذا دفعا لجاحد وردا لمعاند" [12].
وعلى هذا فالعصمة ملازمة للنبي -صلى الله عليه وسلم- منذ بداية بعثته حتى توفَّاهُ اللهُ، هذا بشهادة القرآن الكريم، وبشهادة سيرته العطرة، فلا يحق لأحَدٍ أن يزعم أن هذه العصمة وليدة علم الكلام، أو أنها مقتبسة من النصرانية.
|
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: الادعــــــــــــــــــــــاء الخامس الأحد 14 يناير 2024, 8:55 pm | |
| ثالثاً: المسيح عيسى -عليه السلام- معصوم من الله كعصمة الله لأنبيائه جميعاً؛ وذلك ليؤدي مهمته التي بعث من أجلها، وليس لأنه صورة لله: إن الله -عز وجل- ليس كمثله شيء في صفاته وأفعاله: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11)) (الشورى)، ويؤكد ذلك اعتراف المسيح نفسه بوحدانية الله، وبما ينفي عنه صفة الألوهية أو كونه صورة لله.
ولقد ورد في الأناجيل اعترافات كثيرة على لسان المسيح، تؤكد أنه كان يدعو إلى عبادة الله الواحد منها: "فأجابه يسوع: أن أول كل الوصايا هي: اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد. وتحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك، ومن كل قدرتك. هذه هي الوصية الأولى". (مرقس12: 29، 30).
وأقر المسيح -عليه السلام- أيضاً بأنه رسول من عند الله: "أجابهم يسوع وقال: تعليمي ليس لي، بل للذي أرسلني". (يوحنا 7: 16).
فإن كان المسيح -عليه السلام- يعترف بأن الله واحد، وهو الذي أرسله، فكيف يدعى أنه إله أو أن له نفس صورة الله، فهذا لا يجوز، فالله عز وجل: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11)) (الشورى) وهو الواحد، الذي لا شبيه له في صفاته وأفعاله، حتى ولو كان هذا الشبيه ملكا، أو رسولا مرسلا.
ويؤكد ذلك قوله تعالى: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرًا لكم إنما الله إلهٌ واحدٌ سبحانه أن يكون له ولدٌ له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلًا (171)) (النساء)، وقوله تعالى: (ما المسيح ابن مريم إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرُّسُلُ) (المائدة: 75).
وهذا يؤكد أن المسيح كان كغيره من الأنبياء في كل شيء حتى في العصمة فهو معصوم من الله؛ لكونه نبياً مُرسلاً من الله، وليس لكونه "صورة من الله" فهذا زعم باطل [13].
الخلاصة: • إن العصمة في اللغة تعني: المنع والحفظ، وهي في الاصطلاح: لطف من الله يحمل النبي على فعل الخير، ويزجره عن الشر، مع بقاء الاختيار تحقيقاً للابتلاء، وهي بهذا المعنى أصل من أصول النبوة، التي أنعم الله بها على أنبيائه جميعاً من لدن آدم -عليه السلام- حتى محمد صلى الله عليه وسلم.
• إن سيرة الأنبياء جميعاً كلها رشد واهتداء، فبواطنهم صافية، وظواهرهم صادقة، ولقد عصمهم الله تعالى من الوقوع في الذنوب كبيرها وصغيرها، فصاروا القمة في الفضائل والذروة من الكمال البشري، ولقد كان محمد -صلى الله عليه وسلم- في قمة العصمة، ولِمَ لا؟ وهو سيد الأنبياء وخاتمهم، ورسالته كانت عامَّة إلى البشر جميعاً.
• إن سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- منذ نشأته حتى توفَّاهُ اللهُ تشهد بعصمة الله له من أقذار الجاهلية، وما فيها من شرك ووثنية، وما فيها من شرور وآثام، حتى إنه -صلى الله عليه وسلم- قد اشتهر في قومه منذ صباه بالصادق الأمين، وعُرِفَ عنه سُمُو الأخلاق، وبُعده عن كل ما يمكن أن يشين رجلاً عادياً فضلاً عن أن يكون نبياً بٌعِثَ قدوةً للعالمين.
• إن الله -عز وجل- عصم المسيح عيسى ابن مريم لكونه نبياً مُرسلاً، مثله في ذلك مثل سائر الأنبياء والمرسلين، وليس كما يزعمون لكونه صورة الله؛ لأن الله -عز وجل- ليس كمثله شيء في صفاته وأفعاله، وقد ورد في الأناجيل اعترافات كثيرة على لسان المسيح، تؤكد دعوته لعبادة الله الواحد الذي لا يشبهه شيء. -------------------------------------------------- (*) سقوط الغلو العلماني، د. محمد عمارة، دار الشروق، مصر، 1416هـ/ 1995م. الإسلام في تصورات الغرب، د. محمود حمدي زقزوق، مكتبة وهبة، مصر، 1407هـ/ 1987م. [1] العصمة النبوية، محمد فتح الله كولن، ترجمة: أورخان محمد علي، دار النيل، القاهرة، ط3، 1425هـ/ 2005م، ص7، 8. [2] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) (التوبة: ٥) (25)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لاإله إلا الله (138). [3] رد شبهات حول عصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ضوء الكتاب والسنة، د. عماد السيد الشربيني، دار الصحيفة، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص23: 26 بتصرف يسير. [4] عصمة الأنبياء، د. محمد أبو النور الحديدي، مطبعة الأمانة، مصر، 1399هـ/ 1979م، ص141 بتصرف يسير. [5] العصمة النبوية، محمد فتح الله كولن، ترجمة: أورخان محمد علي، دار النيل، القاهرة، ط3، 1425هـ/ 2005م، ص8. [6] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: ( واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا (16) ) (مريم) (3248)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب فضائل عيسى عليه السلام (6283). [7] العصمة النبوية، محمد فتح الله كولن، ترجمة: أورخان محمد علي، دار النيل، القاهرة، ط3، 1425هـ/ 2005م، ص14 بتصرف. [8] العصمة النبوية، محمد فتح الله كولن، ترجمة: أورخان محمد علي، دار النيل، القاهرة، ط3، 1425هـ/ 2005م، ص73، 74. [9] الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي أبو الفضل عياض اليحصبي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، ج2، ص172: 174 بتصرف يسير. [10] الأدلة على صدق النبوة المحمدية، هدى عبد الكريم مرعي، دار الفرقان، الأردن، 1411هـ/1991م، ص315: 318. [11] المرقوم: المعلم المعروف. [12] أعلام النبوة، أبو الحسن الماوردي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص294. [13] انظر: قوانين النبوة، موفق الجوجو، دار المكتبي، دمشق، ط1، 1423هـ/ 2002م، ص85 وما بعدها. ============================== المصدر: موقع بيان الإسلام
الرابط: http://bayanelislam.net/Section.aspx?ID=920&Section
|
|