أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: لا تقربوا - [20] الجُبْن الخميس 11 يناير 2024, 11:06 pm | |
| لا تقربوا - [20] الجُبْن
الجبن خلق ذميم يشين صاحبه ويجلب عليه الذل في الدنيا والخزي والهوان في الآخرة.
وصاحبه يموت في اليوم الواحد مرات ومرات.
إذا صوَّت العصفور طار فؤاده *** وليث حديدُ النَّاب عند الثرائد.
والجبن يكون نتيجة تخوف وتغلب المخاوف المرتقبة أو الحاصلة أمام الناظرين فيحجم ولا يعود شجاعًا.
ويكبر مرض الجبن عند الجبناء بالوهم، وأكثر مرض الناس وهم من أحاديثهم وما تفتعله خواطرهم وما يتلقفونه من الحوادث وما يشعرون به من نقص إيمان، يقول الله تعالى عن ذلك الصنف من المنافقين: {يحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} [المنافقون: 4].
فالجبناء يخافون من البشر أكثر من خوفهم من الله، يقول الله تعالى: {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً} [الأحزاب: 19]، ولهذا فإن الجبان لا يسود أبدًا.
وإننا نرى الناس جميعًا يتمادحون بالشجاعة والكرم حتى إن ذلك عامة ما يمدح به الشعراء ممدوحيهم في شعرهم، وكذلك يتذامون بالبخل والجبن.
ولأن هذا الخلق من أسوأ الأخلاق التي يتصف بها إنسان فقد وجدنا الرسول صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من الجبن، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه كان يأمر بهذه الكلمات ويحدث بهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر» [صحيح البخاري: 6370].
الجبان لا يدفع عن أهله: فالجبان لا يكاد يدفع حتى عن نفسه ولا عن حرماته وحاله كحال القائل: أضحت تشجعني هند فقلت لها *** إن الشجاعـة مقــرونُ بها العَـطــَبُ لا والذي حجت الأنصـار كعبته *** ما يطلب الموت عندي مَنْ له إربُ للحرب قوم أضل الله سعيهـــمُ *** إذا دعتـهم إلى حــوماتها وثــبــــوا
الجبن لا يؤخر الأجل، وليعلم الجبان أنه بجبنه لن يؤخر أجله: {فإذا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُون} [الأعراف: من الآية34].
وليتعلم درسًا في الشجاعة من سيف الله خالد بن الوليد رضي الله عنه إذ قال عندما حضرته الوفاة: "لقد حضرت كذا وكذا زحفًا وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربةُ بسيف أو طعنةُ برمح أو رمية بسهم، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء".
الجبن شر الصفات: إن الجبن من شر الصفات التي يتصف بها الرجال، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «شر ما في رجل شُحُّ هالع وجُبْنُ خالع» [سنن أبي داود: 2511]، وقال الشيخ شاكر إسناده صحيح.
إن الجبن إذا تمكن من صاحبه وغلب على أخلاقه أدى إلى هتك الأعراض وانتهاك المحارم بل واحتلال الأوطان، لأن الجبان يؤثر العيش أي عيش على بذل نفسه أو تعريضها للخطر وإن كان في سبيل حماية نفسه وأهله وماله.
من حكايات الجبناء: من طريف ما يروى من حكايات الجبناء ما حكي عن أبي حية النميري -وكان جبانًا- أنه كان له سيف ليس بينه وبين الخشب فرق وكان يسميه: "لعاب المنية" وقد سمع صوتًا في بيته فوقف قائلًا: أيها المغتر بنا المجترئ علينا بئس والله ما اخترت لنفسك، خير قليل وسيف صقيل لعاب المنية الذي سمعت به، مشهورة صولته ولا تخاف نبوته، اخرج بالعفو عنك لا أدخل بالعقوبة عليك، إني والله إن أدع قيسًا تملأ الفضاء عليك خيلًا ورجلًا، سبحان الله ما أكثرها وأطيبها، والله ما أنت ببعيد من تابعها والرسوب في تيار لجتها.
فهبت ريح ففتحت الباب فخرج كلب يشتد فاضطرب الرجل اضطرابًا شديدًا وتبادرت إليه نساء الحي يهدئن روعته ويقلن له: إنما هو كلب، فجلس وهو يقول: الحمد لله الذي مسخك كلبًا وكفاني حربًا.
وهكذا الجبان يقاتل في غير ميدان، ويصول ويجول إذا شعر بالأمان، أما عند المخاوف فإن قلبه يطير وعقله يطيش.
وإذا ما خلا الجبان بأرض *** طلب الطعن وحده والنزالا.
فاللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدَّيْن وقهر الرجال. خالد أبو شاديطبيبٌ صيدليّ، وصاحبُ صوتٍ شجيٍّ نديّ. وهو صاحب كُتيّباتٍ دعويّةٍ مُتميّزة
• المصدر: موقع موسوعة الكلم الطيب |
|