أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الخاتمة السبت 09 ديسمبر 2023, 9:37 am | |
| الخاتمة
بعد أن مَنّ اللهُ علينا بإكمال هذا البحث؛ وقفنا على الحقائق التالية: 1 ـ أن الله سبحانه وتعالى حرَّم الحرم قبل أن يخلق السموات والأرض، وهو الذي شرع لعباده وأوليائه المؤمنين أن يعظموا الحرم، ويمنعوا الكفار والمشركين أن يدخلوه.
2 ـ أن الله جل ثناؤه, وتقدست أسماؤه أمر الخليل وابنه إسماعيل -عليهما السلام- أن يبنيا البيت الحرام؛ ليكون مثابة للناس وأمناً.
3 ـ أن الذي بلغ البشرية الأمر الإلهي بتحريم الحرم هو الخليل ﷺ، وهو النبي الذي يعظمه جميع أتباع الأنبياء.
4 ـ أن المُراد بالمسجد الحرام هو الحرم كله، فعلى هذا يكون الأمر بالتطهير, ومنع المُشركين يَعُمُّ الحرم كله, ولا يخصُّ مسجد الكعبة.
5 ـ أن الحرم يختصُّ بأحكام يخالف فيها غيره من البلاد الإسلامية.
6 ـ أن الذي ينازع في تحريم الحرم، ويطالب بأن يكون الحرم حمىً مباحاً لكل وافد؛ إنما يطالب بخلاف ما شرع الله، ويعارض هدي الأنبياء، ويشاق الله ورُسُلَه.
7 ـ أن الشرائع الثلاث: اليهودية, والنصرانية, والإسلام كلها جاءت بمنع غير المسلم من الاقتراب من الأماكن المقدسة أو الدخول فيها، كما نصَّت على أن الكُفر وصف يُحل بصاحبه النجاسة، ويوجب على المؤمنين بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر أن يمنعوه من الأماكن المقدسة، ولا شك أن الحرم أعظمها قداسة, وأعظمها حُرمة.
8 ـ أن الكافر نجس نجاسة حكمية في الإسلام، ولا تتعدى نجاسته إلى ما سواه، ولكنه يُمنع من دخول الحرم، بينما الكافر في الديانة اليهودية والنصرانية نجس نجاسة ذاتية، وأن نجاسته تتعدَّاه إلى الأرض التي يعيش عليها، وإلى الزمان الذي يحيا فيه؛ ولذا يجب عندهم أن يخرج من الأماكن المقدسة والمدن والقرى التي يسكنونها، بل اعتبروا عامَّة الشعوب أنجاساً وأرجاساً، ولا يستحقون أن تقدم لهم الهداية.
9 ـ أن الظالم لا يناله عهد الله، ولا ينال ولاية الله، وليس أهلاً لأن يكون إماماً في الدين؛ فعلى هذا فليس للكافر أو المشرك أن يتردد في مواطن جعلها الله عنوانا للتوحيد، وميدانا للإيمان، وموطنا لتلقي الوعد الإلهي بالإمامة الدينية.
10 ـ أن الله سبحانه وتعالى كما حكم بأن الظالمين لا ينالون عهده، فقد حكم عليهم بالسَّفه وفساد الرأي، قال تعالى: (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه) (185)، فمَن رغب عن مِلَّةِ إبراهيم -عليه السلام- فقد سفه نفسه.
والسَّفيه هو القليل المعرفة بمواضع المنافع والمضار، وأي سفه أعظم من أن يكفر بربه، ويكذب رسله، ويعادي أولياءه، ويجحد حججه وأدلته وبراهينه، ويكذب ببعثه، ثم يزكي نفسه, ويدَّعي أنه محبوب لله، وأن وعد الله وعهده يناله؟
ومن سفه الكافر أنه يكفر بربه, ثم يزعم أنه أهل للولاية الدينية، ومن سفهه -أيضاً- أنه يرغب عن ملة إبراهيم -عليه السلام- وهو يفتخر بانتسابه إليه، قال تعالى: (يأهل الكتاب لِمَ تحآجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون * هاأنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلِمَ تحآجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون * ما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المُشركين) (186).
ومن سفهه -أيضاً- أنه يطلب لنفسه الحظ الأدنى, وهو دخول الأماكن المقدسة وزيارة البيت الحرام، وينسى أن يطلب لنفسه الحظ الأعلى, وهو دخول الجنة، ألا يعلم أن الأماكن المقدسة لا تُقدّسُ أحداً، وأن الدار الآخرة لا يدخلها إلا مَنْ زكت نفسه, وتقدَّست؟!.
11 ـ أن الأنبياء وأتباعهم كانوا يعظمون الحرم, ويحجونه، ويرون تقديسه وتنزيهه واجبا شرعيا، وعملا دينيا، وقياما بالولاية الدينية التي جعلها الله لهم على هذا المكان الطاهر المبارك.
12ـ أن أهل الجاهلية كانوا -مع شركهم وكفرهم وعبادتهم للأصنام- يعظمون الحرم, ويمتنعون فيه عن أمور لا يمتنعون عنها خارج الحرم؛ وإنما كانت العرب تفعل ذلك عملاً بما بقي في أيديهم من شريعة إبراهيم -عليه السلام-.
13 ـ أن المسلمين حينما يمنعون غير المسلم من دخول الحرم فليس مرد ذلك إلى نظرة عنصرية ضيقة، أو تمييز طائفي؛ بل يفعلون ذلك اتباعاً لشرع ربهم، واقتفاء لسنن الأنبياء السابقين: إبراهيم, وموسى, وعيسى, ومحمد صلى الله عليهم وسلم، ولو صح أن يوصف المسلمون بالعنصرية لأجل هذا التشريع، فهذا الوصف ألصق باليهودي والنصراني؛ لأنهم يرون أن الكافر نجس نجاسة ذاتية، بل يرون أن العاصي نجس أيضاً، فأي الفريقين أحق بالوصف؟!.
14 ـ أن الله سبحانه وتعالى توعَّد مَنْ أراد الإلحاد بالحرم بالعذاب الأليم, سواء كان مسلما أم كافرا، والمسلمون مؤتمنون على حفظه من الإلحاد، وأي ظلم أو إلحاد أعظم من ممارسة الشرك والكفر على أرض الحرم؟!
15 ـ أن ما يطالب به المطالبون اليوم أمر مخالف للشرائع الإلهية؛ بل مخالف للملل الثلاث، وهو من تدنيس الحرم, والاستهانة به.
16 ـ أن المملكة العربية السعودية حينما تمنع غير المسلمين من دخول الحرم؛ فإنما تقوم بواجبها الشرعي أداء لأمانة الولاية الدينية التي جعلها الله لها على هذا المكان المعظم، كما تقوم به -أيضاً- التزاما إداريا أمام العالم الإسلامي الذي رأى فيها خير قائم على هذا المكان، فالعالم الإسلامي يشكر لها هذا القيام الشرعي، ولا يأذن لها ولا لغيرها بأن يستباح من الحرم ما حرمه الله.
17 ـ أن تحريم الحرم ليس مستندا على حكم دستوري أو قرار برلماني يقبل التغيير والتبديل؛ بل يعتمد على تشريع إلهي لا يملك البشر تغييره أو تبديله.
18 ـ أن الحرم هو الحصانة الجغرافية لهذا الدين الخاتم؛ فيجب على المسلمين المحافظة على هذا الموطن؛ لئلا يشوب الدين غيره، ويندرس الدين كما اندرست الأديان السابقة.
وختاماً أحمد الله سبحانه وتعالى الذي بنعمته تتم الصالحات،وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين.بسم الله الرحمن الرحيمملخص البحث: هذا البحث يتناول مكانة الحرم في الكتاب والسنة، وينقسم إلى عدة مباحث أولها: بناء البيت العتيق، وآخرها: منع غير المسلمين من دخول الحرم.
وقد تضمَّن هذا البحث المستند الشرعي لبناء البيت العتيق وتحريمه، وبماذا تميَّز الحرم عن غيره، كما حاول البحث الإجابة على التساؤل الذي يتردَّد كثيرا وهو: لماذا يمنع الإسلام غير المسلمين من دخول الحرم؟، وبيَّن البحث أن الشرائع الثلاث كلها تُحرّم وتمنع غير أتباعها من دخول أماكن العبادة، وفنَّد البحث الشبهة القائلة بأن المسلمين يمارسون تفرقة عنصرية مع غيرهم بسبب اعتقادهم نجاسة الكفار، وأوضح البحث أن غير المسلم نجس نجاسة حكمية في الشريعة الإسلامية، بينما غير اليهودي وغير النصراني نجس نجاسة ذاتية في الديانة اليهودية والنصرانية، بل تشدَّدت هاتان الديانتان فجعلتا الكافر ينجس المكان الذي يحل فيه والزمان الذي يعيش فيه.
وبيّن البحث أن المملكة العربية السعودية -حينما تمنع غير المسلمين من دخول الحرم- فإنما تقوم بواجبها الشرعي أداءً لأمانة الولاية الدينية التي جعلها الله لها على هذا المكان المعظّم، كما تقوم به -أيضاً- التزاماً إدارياً أمام العالم الإسلامي الذي رأى فيها خير قائم على هذا المكان، فالعالم الإسلامي يشكر لها هذا القيام الشرعي، ولا يأذن لها ولا لغيرها بأن يُستباح من الحرم ما حَرَّمَهُ اللهُ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. ------------------------------------------ الهوامش: 185. سورة البقرة الآية 130. 186. سورة آل عمران الآيات 65-67.
|
|