منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

  ذكر أمراء مصر من بني عبيد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52545
العمر : 72

 ذكر أمراء مصر من بني عبيد Empty
مُساهمةموضوع: ذكر أمراء مصر من بني عبيد    ذكر أمراء مصر من بني عبيد Emptyالأربعاء 29 نوفمبر 2023, 8:54 am


ذكر أمراء مصر من بني عبيد:

لما توفي كافور الإخشيدي لم يبق بمصر من يجتمع القلوب عليه، وأصابهم غلاء شديد أضعفهم؛ فلما بلغ ذلك المعز أبا تميم معد بن المنصور إسماعيل، وهو ببلاد إفريقية بعث مولى أبيه جوهر؛ وهو القائد الرومي، في مائة ألف مقاتل، فدخلوا مصر في يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، فهرب أصحاب كافور، وأخذ جوهر مصر بلا ضربةٍ ولا طعنةٍ ولا ممانعةٍ، فخطب جوهر للمعز يوم الجمعة على منابر الديار المصرية وسائر أعمالها، وأمر المؤذنين بجامع عمرو وبجامع ابن طولون أن يؤذنوا بحيّ علي خير العمل؛ فشق ذلك على الناس، وما استطاعوا له ردًّا، وصبروا لحكم الله، وشرع في بناء القاهرة والقصرين والجامع الأزهر، وأرسل بشيرًا إلى المعز يبشره بفتح الديار المصرية وإقامة الدعوة له بها، وطلبه إليها، ففرح المعز بذلك، وامتدحه شاعره محمد بن هانئ بقصيدة أولها:


يقول بنو العباس هل فتحت مصر؟..، فقل لبني العباس قد قضي الأمر


وابن هانئ هذا قد كفره غير واحد من العلماء، منهم القاضي عياض في الشفاء لمبالغته في مدائحه، من ذلك قوله في المعز (1):


ما شئت لا ما شاءت الأقدار..، فاحكم فأنت الواحد القهار (2)


وقوله:
_________


(1) ديوانه 55.


(2) ديوانه 62.


(1/599)
_________


.........، لطالما..، زاحمت تحت ركابه جبريلا (1)


ثم توجه المعز من المغرب في شوال سنة إحدى وستين، فوصل الإسكندرية في شعبان سنة اثنتين وستين، وتلقاه أعيان مصر إليها، فخطب هناك خطبةً بليغة، وجلس قاضي مصر أبو الطاهر الذهلي إلى جنبه، فسأله: هل رأيت خليفةً أفضل مني؟ فقال: لم أر أحدًا من الخلائف سوى أمير المؤمنين؛ فقال له: أحججت؟ قال: نعم، قال: وزرت قبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم، قال: وقبر أبي بكر وعمر؟ قال: فتحيرت ماذا أقول! ثم نظرت فإذا ابنه قائم مع كبار الأمراء، فقلت: شغلني عنهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما شغلني أمير المؤمنين عن السلام على ولي العهد، ونهضت إليه فسلمت عليه، فانفسح المجلس إلى غيره، ثم صار من الإسكندرية إلى مصر، فدخلها في خامس رمضان، فنزل بالقصرين، فكان أول حكومة انتهت إليه أن امرأة كافور الإخشيدي تقدمت إليه، فذكرت له أنها كانت أودعت رجلًا من اليهود الصواغ قباء من لؤلؤ منسوج بالذهب، وأنه جحد ذلك، فاستحضره وقرره، فأنكر اليهودي، فأمر أن تفتش داره، فوجد القباء قد جعله في جرة، ودفنها فيها، فدفعه المعز إليها، فقدمته إليه، وعرضته عليه، فأبى أن يقبله منها، ورده عليها، فاستحسن ذلك منه الحاضرون من مؤمن وكافر، وسار إليه الحسن بن أحمد القرمطي في جيش كثيف، وأنشد يقول:


زعمت رجال الغرب أني هبتهم..، فدمي إذن ما بينهم مطلول


يا مصر إن لم أسق أرضك من دمٍ..، يروي ثراك فلا سقاني النيل


والتفت معه أمير العرب ببلاد الشام، وهو حسان بن الجراح الطائي في عرب
_________


(1) ديوانه 101، والبيت بتمامه هناك:


أمديرها من حيث دار لشدما..، زاحمت تحت ركابها جبريلا


(1/600)
_________


الشام، لينزعوا مصر منه، وضعف جيش المعز عن مقاومتهم، فراسل حسان، ووعده بمائة ألف دينار، إن هو خذَّل بين الناس، فأرسل إليه: أن ابعث إليّ بما التزمت، وتعال بمن معك، فإذا التقينا انهزمت بمن معي، فأرسل إليه المعز مائة ألف دينار في أكياس أكثرها زغل ضرب النحاس، ولبسه الذهب، وجعله في أسفل الأكياس ووضع في رءوس الأكياس الدنانير الخالصة، وركب في أثرها بجيشه، فالتقى الناس، فلما نشبت الحرب بينهم، انهزم حسان بالعرب، فضعف جانب القرمطي، وقوي عليه المعز فكسره، واستمر المعز بالقاهرة إلى أن مات في ربيع الآخر سنة خمس وستين، وكان منجمه قال له في السنة التي قبلها: إن عليك قطعًا في هذه السنة فتوار عن وجه الأرض حتى تنقضي هذه المدة، فعمل له سردابًا، ودعا الأمراء وأوصاهم بولده نزار، ولقبه العزيز، وفوض إليه الأمر حتى يعود، فبايعوه على ذلك، ودخل ذلك السرداب، فتوارى فيه سنة، فكانت المغاربة إذا رأى الفارس منهم سحابًا ساريًا ترجل عن فرسه، وأومى إليه بالسلام، ظانين أن المعز في ذلك الغمام، ثم برز إلى الناس بعد مضي سنة، وجلس للحكم على عادته، فعاجله الله في هذه السنة، وولي بعده ابنه العزيز أبو منصور نزار، فأقام إلى أن مات سنة ست وثمانين.


ومن غرائبه أنه استوزر رجلًا نصرانيًّا يقال له عيسى بن نسطورس، وآخر يهوديًّا اسمه ميشا، فعز بسببهما اليهود والنصارى على المسلمين في ذلك الزمان، حتى كتبت إليه امرأة في قصة في حاجة لها تقول: بالذي أعز النصارى بعيسى بن نسطورس، واليهود بميشا، وأذل المسلمين بك؛ لما كشفت عن ظلامتي! فعند ذلك أمر بالقبض على هذين، وأخذ من النصراني ثلاثمائة ألف دينار، وولي بعده ابنه الحاكم، فكان شر الخليقة، لم يل مصر بعد فرعون شر منه؛ رام أن يدعي الإلهية كما ادعاها فرعون، فأمر الرعية إذا ذكره الخطيب على المنبر أن يقوموا على أقدامهم صفوفًا إعظامًا لذكره، واحترامًا


(1/601)
_________
لاسمه؛ فكان يفعل ذلك في سائر ممالكه حتى في الحرمين الشريفين، وكان أهل مصر على الخصوص إذا قاموا خروا سجدًا؛ حتى إنه يسجد بسجودهم في الأسواق الرعاع وغيرهم، وكان جبارًا عنيدًا، وشيطانًا مريدًا، كثير التلون في أقواله وأفعاله، هدم كنائس مصر ثم أعادها، وخرب قمامة ثم أعادها، ولم يعهد في ملة الإسلام بناء كنيسة في بلد الإسلام قبله ولا بعده إلا ما سنذكره.


وقد نقل السبكي الإجماع على أن الكنيسة إذا هدمت ولو بغير وجه لا تجوز إعادتها.


ومن قبائح الحاكم أنه ابتنى المدارس، وجعل فيها الفقهاء والمشايخ، ثم قتلهم وخربها، وألزم الناس بإغلاق الأسواق نهارًا وفتحها ليلًا؛ فامتثلوا ذلك دهرًا طويلًا حتى اجتاز مرة بشيخ يعمل النجارة في أثناء النهار، فوقف عليه، وقال: ألم ننهكم عن هذا! فقال: يا سيدي، أما كان الناس يسهرون لما كانوا يتعيشون بالنهار! فهذا من جملة السهر، فتبسم وتركه، وأعاد الناس إلى أمرهم الأول، وكان يعمل الحسبة بنفسه يدور في الأسواق على حمار له، وكان لا يركب إلا حمارًا، فمن وجده قد غش في معيشته أمر عبدًا أسود معه يقال له مسعود أن يفعل به الفاحشة العظمى، وكان منع النساء من الخروج من منازلهن، وأن يطلعن من الطاقات أو الأسطحة، ومنع الخفافين من عمل الأخفاف لهن، ومنعهن من دخول الحمامات، وقتل خلقًا من النساء على مخالفته في ذلك، وهدم بعض الحمامات عليهن، ومنع من طبخ الملوخيا، وله رعونات كثيرة لا تنضبط، فأبغضه الخلق، وكتبوا له الأوراق بالشتم له ولأسلافه في صورة قصص، حتى عملوا صورة امرأة من ورق بخفها وإزارها، وفي يدها قصة فيها من الشتم شيء كثير، فلما رآها ظنها امرأة، فذهب من ناحيتها وأخذ القصة من يدها، فلما رأى ما فيها غضب، وأمر بقتلها؛ فلما تحققها من ورق، ازداد غضبًا إلى غضبه، وأمر العبيد من السود أن
(1/602)
_________
يحرقوا مصر وينهبوا ما فيها من الأموال والحريم، ففعلوا، وقاتلهم أهل مصر قتالًا عظيمًا ثلاثة أيام، والنار تعمل في الدور والحريم، واجتمع الناس في الجوامع، ورفعوا المصاحف، وجأروا إلى الله واستغاثوا به، وما انجلى الحال حتى احترق من مصر نحو ثلثها، ونهب نحو نصفها، وسبي حريم كثير وفعل بهن الفواحش، واشترى الرجال من سبي لهم من النساء والحريم من أيدي العبيد.


قال ابن الجوزي: ثم زاد ظلم الحاكم، وعنّ له أن يدعي الربوبية، فصار قوم من الجهال إذا رأوه يقولون: يا واحد، يا أحد، يا محيي يا مميت! قلت: كان في عصرنا أمير يقال له أزدمر الطويل، اعتقاده قريب من اعتقاد الحاكم هذا، وكان يروم أن يتولى المملكة، فلو قدر الله له بذلك فعل نحو ما فعله الحاكم وقد أطلعني على ما في ضميره، وطلب مني أن أكون معه على هذا الاعتقاد في الباطن إلى أن يؤول إلى السلطنة، فيقوم في الخلق بالسيف حتى يوافقوه على اعتقاده، فضقت بذلك ذرعًا، وما زلت أتضرع إلى الله تعالى في هلاكه، وألا يوليه على المسلمين، واستغاث بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأسأل فيه أرباب الأحوال حتى قتله الله فلله الحمد على ذلك! ثم كان من أمر الحاكم أن تعدى شره إلى أخته يتهمها بالفاحشة، ويسمعها أغلظ الكلام، فعملت على قتله، فركب ليلة إلى جبل المقطم ينظر في النجوم، فأتاه عبدان فقتلاه، وحملاه إلى أخته ليلًا فدفنته في دارها، وذلك سنة إحدى عشرة وأربعمائة.


وولي بعده ابنه أبو الحسن علي، ولقب الظاهر لإعزاز دين الله فأقام إلى أن توفي في سبع وعشرين وأربعمائة، وكانت سيرته جيدة، وولي بعده ابنه أبو تميم معدّ، ولُقب المستنصر، وعمره سبع سنين، فطالت مدته جدا


(1/603)
_________
فإنه أقام ستين سنة، ولم يقم هذه المدة خليفة ولا ملك في الإسلام قبله ولا بعده، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين وأربعمائة.


وولي بعده ابنه أبو القاسم أحمد، ولقب المستعلي، فأقام إلى أن توفي في ذي الحجة سنة خمس وتسعين وأربعمائة.


وولي بعده ابنه أبو علي منصور، ولقب الآمر بأحكام الله، قال ابن ميسر في تاريخه: ولما توفي المستعلي أحضر الأفضل أبا علي، وبايعه بالخلافة، ونصبه مكان أبيه، ولقبه بالآمر بأحكام الله، وكان له من العمر خمس سنين وشهر وأيام، فكتب ابن الصيرفي (1) الكاتب السجل بانتقال المستعلي وولاية الأمر، وقرئ على رءوس كافة الأجناد والأمراء، وأوله:


من عبد الله ووليه أبي علي الآمر بأحكام الله أمير المؤمنين بن الإمام المستعلي بالله، إلى كافة أولياء الدولة وأمرائها وقوادها وأجنادها ورعاياها، شريفهم ومشروفهم، وآمرهم ومأمورهم، مغربيهم ومشرقيهم، أحمرهم وأسودهم، كبيرهم وصغيرهم؛ بارك الله فيهم، سلام عليكم فإن أمير المؤمنين يحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، يسأله أن يصلي على جده محمد خاتم النبيين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين الأئمة المهديين، وسلم تسليمًا، أما بعد، فالحمد لله المنفرد بالثبات والدوام الباقي على تصرم الليالي والأيام، القاضي على أعمار خلقه بالتقصي والانصرام، الجاعل نقض الأمور معقودًا بكمال الإتمام، جاعل الموت حكمًا يستوي فيه جميع الأنام، ومنهلًا لا يعتصم من ورده كرامة نبي ولا إمام، والقائل معزيًا لنبيه ولكافة أمته: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}، الذي استرعى الأئمة هذه الأمة، ولم تخل الأرض من أنوارهم لطفًا بعباده ونعمة، وجعلهم مصابيح الشبه إذا غدت داجية مدلهمة، لتضيء للمؤمنين
_________
(1) هو علي بن منجب بن سليمان، المعروف بابن الصيرفي المنشئ المؤرخ، وولي ديوان الإنشاء في أيام الآمر؛ توفي سنة 542، ابن خلكان 1: 367.


(1/604)
_________



 ذكر أمراء مصر من بني عبيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52545
العمر : 72

 ذكر أمراء مصر من بني عبيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر أمراء مصر من بني عبيد    ذكر أمراء مصر من بني عبيد Emptyالأربعاء 29 نوفمبر 2023, 8:55 am

سبل الهداية، ولا يكون أمرهم عليهم غمة يحمده أمير المؤمنين حمد شاكر على ما نقله فيه من درج الإنافة، ونقله إليه من ميراث الخلافة، صابر على الرزية التي أطار هجومها الباب، والفجيعة التي أطال طروقها الأسف والاكتئاب، ويسأله أن يُصلي على جده محمد خاتم أنبيائه وسيد رسله وأمنائه، ومجلي غياهيب الكفر ومكشف عمائه، الذي قام بما استودعه الله من أمانته، وحمله من أعباء رسالته، ولم يزل هاديًا إلى الإيمان، داعيًا إلى الرحمن؛


حتى أذعن المعاندون وأقر الجاحدون، وجاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون؛ فحينئذ أنزل الله عليه إتمامًا لحكمته التي لا يعترضها المعترضون: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} صلى الله عليه وعلى أخيه وابن عمه أبينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، الذي أكرمه الله بالمنزلة العلية، وانتخبه للإمامة رأفة بالبرية، وخصه بغوامض علم التنزيل، وجعل له مبرة التعظيم ومزية التفضيل، وقطع بسيفه دابر من زل عن القصد، وضل عن سواء السبيل، وعلى الأئمة من ذريتها العترة الهادية من سلالتهما آبائنا الأبرار المصطفين الأخيار، ما تصرفت الأقدار، وتوالى الليل والنهار.


وإن الإمام المستعلي بالله أمير المؤمنين قدس الله روحه، كان ممن أكرمه الله بالاصطفاء، وخصه بشرف الاجتباء، ومكن له في بلاده، فامتدت أفياء عدله، واستخلفه في أرضه، كما استخلف أباه من قبله، وأيده بما استرعاه إياه بهدايته وإرشاده، وأمده بما استحفظه عليه بمواد توفيقه وإسعاده، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده، فلم يزل لأعلام الدين رافعًا، ولشبه المضلين دافعًا، ولراية العدل ناشرًا، وبالندى غامرًا وللعدو قاهرًا، إلى أن استوفى المدة المحسوبة، وبلغ الغاية الموهوبة؛ فلو كانت الفضائل تزيد في الأعمار، أو تحمي من ضروب الأقدار، أو تؤخر ما سبق تقديمه في علم الواحد القهار، لحمى نفسه النفيسة كريم مجدها وشريف سمها، وكفاها خطير منصبها، وعظيم
(1/605)
_________
هيبتها، ووقتها أفعالها التي تستقي من منبع الرسالة، وصانتها خلالها التي ترتقي إلى مطلع الجلالة؛ لكن الأعمار محررة مقسومة، والآجال مقدرة معلومة، والله تعالى يقول، وبقوله يهتدي المهتدون: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} فأمير المؤمنين يحتسب عند الله هذه الرزية التي عظم أمرها وفدح، وجرح خطبها وقدح، وغدت لها القلوب واجفة، والآمال كاسفة، ومضاجع السكون منقضة، ومدامع العيون مرفضة، فإن لله وإنا إليه راجعون! صبرًا على بلائه، وتسليمًا لأمره وقضائه، واقتداء بمن أثنى عليه في الكتاب {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.


وقد كان الإمام المستعلي بالله قدس الله روحه عند نقلته، جعل لي عقد الخلافة من بعده، وأودعني ما حازه من أبيه عن جده، وعهد إليَّ أن أخلفه في


العالم، وأجري الكافة في العدل والإحسان على منهجه المتعالم، وأطلعني من العلوم على السر المكنون، أفضى إلي من الحكمة بالغامض المصون، وأوصاني بالعطف على البرية، والعمل فيهم بسيرتهم المرضية، على علمي بما جبلني الله عليه من الفضل، وخصني به من إيثار العدل، وإنني فيما استرعيته سالك منهاجه، عامل بموجب الشرف الذي عصب الله لي تاجه، وكان ممن ألقاه إلي، وأوجبه علي، أن أعلى محل السيد الأجل الأفضل، من قلبه الكريم، وما يجب له من التبجيل والتكريم، وإن الإمام المستنصر بالله كان عندما عهد إليه، ونص بالخلافة عليه، أوصاه أن يتخذ هذا السيد الأجل خليفة وخليلا، ويجعله للإمامة زعيما وكفيلا، ويغدق به أمر النظر والتقرير، ويفوض إليه تدبير ما وراء السرير، وإنه عمل بهذه الوصية، وحذا على تلك الأمثلة النبوية، وأسند إليه أحوال العساكر والرعية، وناط أمر الكافة بعزمته الماضية، وهمته العلية؛ فكان قلمه بالسداد يرجف ولا يحف، وسيفه من دماء ذوي العناد يكِف ولا يكفّ، ورأيه في
(1/606)
_________
حسم مواد الفساد يرجح لا يخف، فأوصاني أن أجعله لي كما كان له صيفا وظهيرا، وأن لا أستر عنه في الأمور صغيرا ولا كبيرا، وأن أقتدي به في رد الأحوال إلى تكلفه، وإسناد الأسباب إلى تدبيره والناهض بياهظ الخطب ومنتقله، إلى غير ذلك مما استودعني إياه، وألقاه إلي من النص الذي يتضوع نشره ورياه، نعمة من الله قضت لي بالسعد العميم، ومنة شهدت بالفضل المتين والحظ الجسيم، والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم، فتعزوا معاشر الأولياء والأمراء والقواد والأجناد والرعايا والخدام، حاضركم وغائبكم، ودانيكم وقاصيكم، عن الإمام المنقول إلى جنات الخلود، واستبشروا بإمامكم هذا الإمام الحاضر الموجود؛ وابتهجوا بكريم نظره المطلع لكم كواكب السعود، ولكم من أمير المؤمنين ألا يغمض جفنا عن مصابكم، وأن يتوخى ما عاد بميامنكم ومناجحكم، وأن يحسن السيرة فيكم، ويرفع أذى من يعاديكم، ويتفقد مصلحة حاضركم وباديكم، ولأمير المؤمنين عليكم أن تعتقدوا موالاته بخالص الطوية، وتجمعوا له في الطاعة بين العمل والنية، وتدخلوا في البيعة بصدور منشرحة، وآمال منفسخة، وضمائر يقينية، وبصائر في الولاء قوية، وأن تقوموا بشروط بيعته، وتنهضوا بفروض نعمته،


وتبذلوا الطارف والتالد في حقوق خدمته، وتتقربوا إلى الله سبحانه بالمناصحة لدولته، وأمير المؤمنين يسأله الله أن تكون خلافته كافلة بالإقبال، ضامنة ببلوغ الأماني والآمال، وأن يجعل ديمها (1) دائمة بالخيرات، وقسمتها نامية على الأوقات إن شاء الله تعالى.


وأقام الآمر بأحكام الله خليفة إلى أن قُتل في ذي الحجة سنة أربع وعشرين وخمسمائة، عدي إلى الروضة في فئة قليلة، فخرج عليه منها قوم بالسيوف فأثخنوه، وكان سيئ السيرة.
_________


(1) ج: "ديمتها".


(1/607)
_________
ولما قُتل تغلب على الديار المصرية غلام أرمني من غلمانه، فاستحوذ على الأمور ثلاثة أيام ورام أن يتأمر، فحضر الوزير أبو علي أحمد بن الأفضل بدر الجمالي، فأقام الخليفة الحافظ لدين الله أبا الميمون عبد المجيد بن الأمير أبي القاسم بن المستنصر بالله، واستحوذ على الأمور دونه، وحصره في مجلس لا يدخل إليه أحد إلا مَنْ يريده، وخطب لنفسه على المنابر، ونقل الأموال من القصر إلى داره، ولم يبق للحافظ سوى الاسم فقط، فلم يزل كذلك حتى قتل الوزير، فعظم أمر الحافظ من حينئذ، وجدد له ألقاب لم يسبق إليها، وخُطب له بها على المنابر، فكان يقول: أصلح الله من شيدت به الدين بعد دثوره، وأعززت به الإسلام بأن جعلته سببا لظهوره، مولانا وسيدنا إمام العصر والزمان أبا الميمون عبد المجيد الحافظ لدين الله!


قال ابن خلكان: وكان الحافظ كثير المرض بعلة القولنج، فعمل له سرماه (1) الديلمي طبل القولنج ركبة من المعادن السبعة "والكواكب السبعة" (2) في أشرافها كل واحد منها في وقته، فكان من خاصته أنه إذا ضرب به أحد خرج الريح من مخرجه، فكان هذا الطبل في خزائنهم إلى أن ملك السلطان صلاح الدين بن أيوب أخذ الطبل المذكور كردي ولا يدري ما هو! فضرب به فضرط فخجل، فألقى الطبل من يده فانكسر (3).


واستمر الحافظ على الولاية إلى أن مات في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وخمسمائة.


وولي بعده ولده الظافر أبو المنصور إسماعيل، فأقام إلى أن قُتل في المحرم سنة تسع وأربعين.
_________
(1) ابن خلكان: "شيرماه الديلمي، وقيل: موسى النصراني".


(2) من ابن خلكان.


(3) ابن خلكان مع تصرف 1: 310.


(1/608)
_________
وولي بعده ولده الفائز بنصر الله أبو القاسم عيسى، وهو صبي صغير ابن خمس سنين؛ فإن مولده في المحرم سنة أربع وأربعين، فأقام إلى أن توفي في صفر سنة خمس وخمسين؛ وعمره يومئذ إحدى عشرة سنة، وكان مدبر دولته أبو الغارات طلائع ابن رُزِّيك.


وولي بعده العاضد لدين الله أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ، وهو آخر العبيديين، ومات في عاشوراء سنة سبع وستين، وزالت دولتهم على يد السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب؛ رحمه الله تعالى.


قال ابن كثير: ومن الغريب أن العاضد في اللغة القاطع، ومنه الحديث: "لا يُعضَد شجرها"، فبالعاضد قُطعت دولة بني عبيد.


وقال ابن خلكان: سمعت جماعة من المصريين يقولون: إن هؤلاء القوم أوائل دولتهم قالوا لبعض العلماء: اكتب لنا ألقابا في ورقة؛ تصلح للخلفاء؛ حتى إذا تولى واحد لقبوه ببعض تلك الألقاب، فكتب لهم ألقابا، وآخر ما كتب في الورقة "العاضد"، فاتفق أن آخر من ولي منهم العاضد، ولم يكن للمستنصر ومَنْ بعده من الخلافة سوى الاسم فقط؛ لاستيلاء وزرائهم على الأمور وحجرهم عليهم، وتلقبهم بألقاب الملوك؛ فكانوا معهم كخلفاء عصرنا مع ملوكهم، وكخلفاء بغداد مع بني بويه، وأشباههم.


ومن قصيدة ابن فضل الله التي سماها: حسن الوفاء لمشاهير الخلفاء:


والخلفاء من بني فاطمة..، إلى عبيد الله در فاخر


أبناء إسماعيل في نجل جعفر..، الصادق في القول أبوه الباتر


بالغرب مهدي تلاه قائم..، والثالث المنصور وهو الآخر


ثم المعز قائد الجيش الذي..، سار إلى مصر، ونعم السائر


(1/609)
_________
ثم ابنه العزيز عز مشبها..، والحاكم المعروف ثم الظاهر


وبعده المستنصر النائي الذي..، تلاه مستعل وجاء الآمر


وحافظ وظافر وفائز..، وعاضد ثم المليك الناصر


قالوا لقد ساء لهم معتقد..، والله عند علمه السرائر


لكنما الحاكم ممن لج في..، طغيانه فكافر أو فاجر


تم الجزء الأول من كتاب حسن المحاضرة، ويليه إن شاء الله الجزء الثاني وأوله: "ذكر أمراء مصر من حين ملكها بنو أيوب إلى أن اتخذها الخلفاء العباسيون دارًا للخلافة".
(1/610)

_________



 ذكر أمراء مصر من بني عبيد 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
ذكر أمراء مصر من بني عبيد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ذكر أمراء مصر من حين فتحت إلى أن ملكها بنو عبيد
» تقديم بقلم عمر عبيد حسنة
» طلحة بن عبيد الله صقر يوم أحُد
» تقديم بقلم: عمر عبيد حسنة
» طلحة بن عبيد الله .. طلحة الخير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــــــــــــائـل مـصـــــــــــــــــر :: تـاريـــخ مـصــــــــر-
انتقل الى: