أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: أم كـلـثـــوم الإثنين 09 أكتوبر 2023, 10:59 pm | |
| أم كـلـثـــوم ثالثة بنات رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.
نسبها ومولدها -رضي الله عنها-: هي: أم كلثوم بنت سيد البشر محمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشية الهاشمية.
وهي معروفة بكنيتها أم كلثوم ولا يُعرف لها اسم.
أبوها: هو أفضل خلق الله تعالى، وهو خاتم الأنبياء والرُّسُل، محمد بن عبد الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.
أمها: خديجة بنت خويلد أم المؤمنين -رضي الله عنها-.
مولدها: ولدت أم كلثوم بعد أختها رقية، فنشأتا سوياً متلاصقتين وكأنهما توأم.
قال ابن الأثير: والصحيح أنها أصغر من رقية، لأن رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- زوَّج رقية من عثمان، فلَمَّا توفيت زوَّجَهُ أم كلثوم، وما كان ليُزوّج الصغرى ويترك الكبرى. والله أعلم.
رد خطبتها من عتيبة بن أبي لهب: تقدم قصة خطبتها في قصة أختها رقية.
ونجَّاها الله من نكد العيش مع حمالة الحطب أم جميل، كما نجت أختها رقية التي ما لبثت أن تزوَّجت من عثمان رضي الله عنهما جميعاً.
أم كلثوم تتحمل مسؤولية بيت النبوة: وتحمَّلت مسؤولية كبيرة بعد أن رقدت أمُّهَا خديجة -رضي الله عنها- في الفراش تُعاني المرض بعد أن أنهكها حصار قريش، فأخذت تُمَرِّضُ أمَّهَا، وكانت فاطمة -رضي الله عنها- ما زالت صغيرة بحاجة إلى رعاية وعناية، فتحمَّلت أم كلثوم كل هذه الأعباء، وبنفس الوقت تحاول تخفيف الألم والحُزن عن أبيها -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.
وفي السنة العاشرة من البعثة توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها وفاضت روحها الطاهرة إلى بارئها عزوجل، وأصبحت أم كلثوم مسؤولة عن البيت النبوي الشريف.
وهاجر المسلمون إلى المدينة، كما هاجر رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- إليها لِيُكَوِّنَ الدولة الإسلامية هناك لتكون له وللمسلمين العزَّةُ والمنعة.
هجرة أم كلثوم بعد أبيها -صلّى اللهُ عليه وسلّم- إلى المدينة: وبقيت أم كلثوم وفاطمة في مكة حرصاً على سلامتهما إلى أن أرسل رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- لهما زيد بن حارثة ليستحضرهن إلى المدينة.
هاجرت إلى المدينة، فلم تزل بها حتى توفيت أختها رقية فتزوَّجها عثمان -رضي الله عنه- وكانت بكراً فلم تزل عنده إلى أن ماتت ولم تلد له ولداً، وكان عثمان -رضي الله عنه- يُحبها ويُكرمها وينزلها منزلتها اللائقة بها.
زواج أم كلثوم من عثمان -رضي الله عنه-: بعد وفاة رقية رضي الله عنها بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-، وزوجة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- حزن عليها حُزناً شديداً، فرأى النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- أن يُزَوّجَ عثمان ابنته الأُخرى أم كلثوم.
وعندما شكا عمر بن الخطاب عثمان إلى رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- عندما عرض عليه حفصة، قال رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- له: فقال: "يتزوَّج حفصة مَنْ هو خيرٌ من عثمان، ويتزوَّج عثمان مَنْ هي خيرٌ من حفصة"، ثم خطبها فزوَّجه عمر.
علمت أم كلثوم أنها ستكون زوجة لعثمان لأن ما من امرأة خيرٌ من حفصة غير بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.
وما أن تذكَّرت أختها رقية ورفيقة حياتها إذ دعاها رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- ليُطلعها على الخبر.
وتزوَّج عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أم كلثوم وهي البنت الثانية لرسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- يتزوَّجها عثمان.
خلف عثمان بن عفان على أم كلثوم بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- وكانت بكراً، وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة وأدخلت عليه في هذه السنة في جمادى الآخرة فلم تزل عنده إلى أن ماتت ولم تلد له شيئاً.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "أنه رأى على أم كلثوم بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- برد حرير سيراء".
الحرير السيراء: هو الحرير المخطط.
والحديث من أدلة جواز الحرير للنساء إن فرض اطلاع النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- وتقريره.
قال الحافظ ابن حجر: السيراء التي كانت على أم كلثوم كانت الحرير الصرف.
هذا وقد ثبت عن رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- بتحريم الحرير على الرجال وبِحِلِّيَتِهِ للنساء.
فعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: "أحِلَّ الذَّهَبُ والحَرِيرُ لإنَاثِ أمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورهَا". وعن زيد بن أرقم، وواثلة -رضي الله عنهما-، عن رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- أنه قال: "الذهب والحرير حِلٌ لإناث أمَّتِي وحَرَامٌ على ذُكُورهَا". وقد ساق الإمام البخاري رحمه الله تعالى بعض الأحاديث بهذا الخصوص وإعطاء النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- الحلة من حرير إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعثها إلى أخيه وكان مشركاً.
قال ابن حجر رحمه الله تعالى: واستدل بأحاديث الباب على جواز لبس الحرير للنساء سواء كان الثوب حريراً كله أو بعضه، وفي الأول عرض المفضول على الفاضل والتابع على المتبوع ما يحتاج إليه من مصالحه ممن يظن أنه لم يطلع عليه.
وفيه: إباحة الطعن لمن يستحقه.
وفيه: جواز البيع والشراء على باب المسجد.
وفيه: مباشرة الصالحين والفضلاء البيع والشراء.
وقال بن بطال: فيه ترك النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- لباس الحرير، وهذا في الدنيا وإرادة تأخير الطيبات إلى الآخرة التي لا انقضاء لها إذ تعجيل الطيبات في الدنيا ليس من الحزم فزهد في الدنيا للآخرة وأمر بذلك، ونهى عن كل سرف وحرمه بالإجماع بن المنير بان تركه -صلّى اللهُ عليه وسلّم- لبس الحرير إنما هو لاجتناب المعصية، وأما الزهد فإنما هو في خالص الحلال ومالا عقوبة فيه فالتقلل منه وتركه مع الإمكان هو الذي تتفاضل فيه درجات الزهاد.
قلت -أي ابن حجر-: ولعل مراد بن بطال بيان سبب التحريم فيستقيم ما قاله.
وفيه: جواز بيع الرجال الثياب الحرير وتصرفهم فيها بالهبة والهدية لا اللبس.
وفيه: جواز صلة القريب الكافر والإحسان إليه بالهدية.
وقال بن عبد البر: فيه جواز الهدية للكافر ولو كان حربياً.اهـ.
وفاتها رضي الله عنها وعاشت أم كلثوم مع زوجها عثمان ست سنوات، وأدركت يوم النصر الأكبر فتح مكة، فَحَنَّتْ إلى زيارة قبر أمِّهَا ولكن كان الموت وقدر الله أسرع من زيارتها لأمِّهَا، فعاجلتها المنية في شهر شعبان سنة تسع للهجرة، فدفنها رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.
عن أم عطية قالت: دخل علينا رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- ونحن نغسل ابنته أم كلثوم، فقال: "أغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتن فآذنني"، فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حَقْوَهُ، وقال: "أشعرنيها إيَّاهُ".
حقوه: الحقو: الإزار.
وقوله: أشعرنيها إيَّاهُ: أي اجعلنه شعاراً لها، وهو الثوب يلي جسدها.
ثلاثة قرون: أي ثلاث ضفائر.
وكان مِمَّنْ غَسَّلَ أم كلثوم -رضي الله عنها- ابنة رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: أم عطية، وأسماء بنت عميس، وصفية بنت عبد المطلب، وليلى بنت قانف الثقفية، وأم سليم.
وصلى عليها رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.
وقام أبو طلحة بدفن أم كلثوم رضي الله عنها.
فعن أنس -رضي الله عنه- قال: شهدنا بنتاً للنبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- قال: ورسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- جَالِسٌ على القبر، قال: فرُأيتُ عيناه تدمعان، قال: فقال: "هل منكم رجل لم يُقارف الليلة"؟ فقال أبو طلحة: أنا، قال: "فانزل" قال: فنزل في قبرها.
لم يقارف: أي لم يجامع.
قال ابن حجر رحمه الله تعالى: وفي هذا الحديث: جواز البكاء كما ترجم له.
وإدخال الرجال المرأة قبرها لكونهم أقوى على ذلك من النساء.
وإيثار البعيد العهد عن الملاذ في مواراة الميت ولو كان امرأة على الأب والزوج، وقيل إنما آثره بذلك لأنها كانت صنعته وفيه نظر فإن ظاهر السياق أنه -صلّى اللهُ عليه وسلّم- اختاره لذلك لكونه لم يقع منه في تلك الليلة جماع.
وفيه: جواز الجلوس على شفير القبر عند الدفن، واستدل به على جواز البكاء بعد الموت.
واستدل به بعضهم على جواز الجلوس عليه مطلقاً وفيه نظر وسيأتي البحث فيه في باب مفرد أن شاء الله تعالى وفيه فضيلة لعثمان لإيثاره الصدق وأن كان عليه فيه غضاضة.اهـ.
وهكذا قضت حياتها بعد جهاد وكفاح، وبعد أن تحمَّلت المصاعب وعاشت أصعب ظروف الدعوة، وأقسى أيام الجهاد.
رحمها الله تعالى ورضي عنها، وعن زوجها، وحشرنا وإيَّاهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقاً. اللهم آمين.
الفوائد 1- جواز لبس الحرير للمرأة, وجواز الانتفاع به من قبل الرجال دون لبسه.
2- صلة الأقارب وإن كانوا مشركين، كما وصل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أخيه بإعطائه الحُلَّةَ وكان مُشْركاً.
3- جواز البكاء على الميت، كما بكى رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- على ابنته عند موتها.
4- يُكْرَهُ للرجل إنزال ميت في قبره وكان قد جامع زوجته في نفس الليلة، كما إذن رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- لأبي طلحة أن ينزل في قبر أم كلثوم، حيث لم يكن قد قارف –أي جامع زوجته- في تلك الليلة.
5- يجوز للرجل أن ينزل في قبر المرأة التي لا تَحِلُّ له، كما نزل أبو طلحة في قبر أم كلثوم بنت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-، إذا لم يوجد من محارمها من لم يقارف في نفس الليلة.
6- وفي قول النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: الذهب والحرير حِلٌ لإناث أمَّتِي، يشمل الصغار والكبار، وقوله: حَرَامٌ على ذُكُورهَا يشمل الصغار والكبار. |
|