46 باب تأذي الميت بالنياحة عليه
46 باب تأذي الميت بالنياحة عليه Ocia_767
1 أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أنه قيل لها إن إبن عمر يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم إن الميت يعذب ببكاء الحي قالت وهل أبو عبد الرحمن إنما قال أهل الميت يبكون عليه وإنه ليعذب بجرمه.

2 وأخرج إبن سعد عن يوسف بن ماهك قال رأيت إبن عمر حضر جنازة رافع بن خديج فقال إن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه فقال إبن عباس إن الميت لا يعذب ببكاء الحي.
* وقد ورد حديث الميت يعذب ببكاء الحي عليه أيضاً من رواية أبي بكر الصديق رضي الله عنه أخرجه أبو يعلى بلفظ ينضح عليه الحميم ببكاء الحي وعمر بن الخطاب ولفظه إن الميت يعذب بالنياحة عليه في قبره أخرجه البخاري وأنس وعمران بن حصين عند إبن حبان في صحيحه وسمرة بن جندب عند الطبراني في الكبير وأبو هريرة عند أبي يعلى والمغيرة بن شعبة عند إبن منده فاختلف العلماء في ذلك على مذاهب أحدها أنه على ظاهره مطلقاً وهو رأي عمر بن الخطاب وإبنه الثاني لا مطلقاً الثالث أن الباء للحال أي أنه يعذب حال بكائهم عليه والتعذيب بما له من ذنب لا بسبب البكاء الرابع أنه خاص بالكافر والقولان عن عائشة رضي الله عنها الخامس أنه خاص بمن كان النوح من سنته وطريقته وعليه البخاري السادس أنه فيمن أوصى به كما قال القائل:
(إذا مت فانعيني بما أنا أهله ** وشقي علي الجيب يا بنة معبد)
السابع أنه فيمن لم يوص بتركه فتكون الوصية بذلك واجبة إذا علم أن من شأن أكفله أن يفعلوا ذلك.
الثامن أن التعذيب بالصفات التي يبكون بها عليه وهي مذمومة شرعا كما كان أهل الجاهلية يقولون يا مرمل النسوان يا ميتم الأولاد يا مخرب الدور.
التاسع أن المراد بالتعذيب توبيخ الملائكة له بما يندبه به أهله لحديث الترمذي والحاكم وإبن ماجه مرفوعا ما من ميت يموت فتقوم نادبته تقول واجبلاه واسنداه أو شبه ذلك من القول إلا وكل به ملكان يلهزانه أهكذا كنت.
العاشر أن المراد به تألم الميت بما يقع من أهله لحديث الطبراني وإبن أبي شيبة عن بنت مخرمة أنها ذكرت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدا لها مات ثم بكت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيغلب أحدكم أن يصاحب صويحبه في الدنيا معروفا فإذا مات إسترجع فوالذي نفس محمد بيده إن أحدكم ليبكي فيستعبر إليه صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا موتاكم وهذا القول عليه إبن جرير واختاره جماعة من الأئمة آخرهم إبن تيمية.

3 وأخرج الطبراني عن إبن عمر قال أغمي على عبد الله بن رواحة فقامت النائحة فدخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقد أفاق فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أغمي علي فصاحت النساء واعزاه واجبلاه فقام ملك معه مرزبة فجعلها بين رجلي فقال أنت كما تقول قلت لا فلو قلت نعم ضربني بها.

4 وأخرج الحاكم وصححه عن النعمان قال أغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته عمرة تبكي وتقول واأخياه واكذا واكذا تعدد عليه فقال حين أفاق ما قلت شيئاً إلا قيل لي أنت كذلك.

5 وأخرج الطبراني عن الحسن أن معاذ بن جبل أغمي عليه فجعلت أخته تقول واجبلاه فلما أفاق قال ما زلت لي مؤذية منذ اليوم قلت لقد كان يعز علي أن أؤذيك قال ما زال ملك شديد الإنتهار كلما واكذا قال أكذاك أنت فأقول لا.

6 وأخرج إبن سعد عن المقدام بن معدي كرب قال لما أصيب عمر رضي الله عنه دخلت عليه حفصة قالت يا صاحب رسول الله ويا صهر رسول الله يا أمير المؤمنين فقال عمر إني أحرج عليك بما لي عليك من الحق أن لا تندبيني بعد مجلسك هذا إنه ليس من ميت يندب بما ليس فيه إلا كانت الملائكة تمقته.

7 وأخرج أحمد عن أبي الربيع قال كنت مع إبن عمر في جنازة فسمع صوت إنسان يصيح فبعث إليه فأسكته فقلت له لم أسكته يا أبا عبد الرحمن قال إنه يتأذى به الميت حتى يدخل قبره.

8 وأخرج سعيد بن منصور عن إبن مسعود أنه رأى نسوة في جنازة فقال إرجعن مأزورات غير مأجورات إنكن لتفتن الأحياء وتؤذين الأموات.
* وفي الجزء الأول من حديث يحيى بن معين بسنده عن الحسن إن من شر الناس للميت أهله يبكون عليه ولا يقضون دينه.
* أخرجه يحيى بن معين في جزئه المشهور.