أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: صحةأحاديث في الصيام ودعاء الإفطار وتفطير الصائم وغيرها.. السبت 27 أغسطس 2011, 5:59 pm | |
| صحة حديث " نعم سحور المؤمن التمر" السؤال: ما صحة حديث : " نعم سحور المؤمن التمر" ؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: حديث " نعم سحور المؤمن التمر" أخرجه أبو داود ـ كما سيأتي ـ في (2/758) ،باب من سمى السحور الغداء ، ح ( 2345 ) : من طريق محمد بن موسى، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : " نعم سحور المؤمن التمر " . ومدار الحديث على محمد بن موسى الفطري ،وثّقه أحمد بن صالح المصري ، والترمذي ، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال البخاري : "لا بأس به مقارب الحديث" ، وقال أبو حاتم : "صدوق صالح الحديث، كان يتشيع" ، وقال الطحاوي : محمود في روايته ،وقد لخص الحافظ هذه الأقوال بقوله " صدوق ، رمي بالتشيع " . ينظر : (علل الترمذي الكبير 32 ) ح(17) ، (تهذيب الكمال 26/523) ، (تهذيب التهذيب 9/413) ، (التقريب / 509) .
تخريجــه : *أخرجه (ابن حبان 8/253) ح ( 3475 ) ،و(البيهقي 4/236) من طرق عن محمد بن موسى به بلفظه .
الحكم عليه : سنده حسن -إن شاء الله- ،لما في محمد بن موسى الفطري ،والحديث صـححه ابن حبان. والله أعلم .
وفي الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- ، ومنها : 1 – جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ : أخرجه (البزار 1/465) ح ( 978 ) - كشف - ، وابن عدي في ( الكامل 3/229) ، وأبو نعيم في (الحلية 3/350) ، من طريق زمعة بن صالح ،عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعاً بنحوه . وقال البزار : "لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد" ، وقال أبو نعيم : "غريب من حديث عمرو ، تفرد به عنه زمعة" .ا هـ . وزمعة بن صالح هذا : " ضعيف ، وحديثه عند مسلم مقرون " كما في (التقريب 217). 2 – عقبة بن عامر –رضي الله عنه- : أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أخذ حفنة من تمر ، فقال : " نعم سحورٌ للمسلم " . أخرجه الطبراني في ( الكبير 17/282) ح ( 778 ) وفيه ابن لهيعة ، وهو ضعيف بسبـب سوء حفظه . 3 – السائب بن يزيد –رضي الله عنه- : أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : " نعم السحور التمر "، وقال : "يرحم الله المتسحرين " . أخرجه (الطبراني 7/159) ح ( 6689 ) ، وقال الهيثمي في (المجمع 3/151): " وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي ،وهو ضعيف" . ا هـ . وفيه خالد بن يزيد العمري ، كذبه ابن معين،وأبو حاتم ،كما في (الجرح والتعديل 3/360)، وعليه فلا يصلح هذا شاهداً لحديث الباب. والله أعلم.
صحة حديث "من فطّر صائماً كان له مثل أجره" السؤال: ما صحة حديث :" من فطر صائماً كان له مثل أجره". المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: هذا الحديث خرّجه الإمام أبو عيسى الترمذي وغيره -كما سيأتي- فقال في كتاب الصوم (3/171) باب ما جاء في فضل من فطَّر صائمـاً ح(807): حدثنا هناد، حدثنا عبدالرحيم، عن عبدالملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن زيد بن خالد الجهني، قال : قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : " من فطَّر صائماً،كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً ". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. عطاء بن أبي رباح "ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال"، (التقريب391).
تخريجه: *أخرجه النسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3331) ،و(ابن ماجة 1/555) باب في ثواب من فطر صائماً ح(1746)،وفي (2/922) باب من جهز غازياً ح(2759)، و(أحمد 4/114،116) ،وفي (5/152) ،و(الدارمي 1/432) ح(1654) ، و(ابن خزيمة 3/277) ح(2064)،و(ابن حبان 8/216) ح(3429) ،من طرق عبد الملك بن أبي سليمان به بنحوه ،وفي حديث بعضهم زيادة في آخره، وهي: " ومن جهز غازياً فله مثل أجره من غير..." واقتصر بعضهم على قوله: " ومن جهز غازياً"... الحديث . *وأخرجه (الترمذي 4/145) باب ما جاء في فضل من جهز غازياً ح(1629) ،والنسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3330) ، و(ابن ماجة 1/555) باب في ثواب من فطر صائماً ح(1746) ،و(ابن خزيمة 3/277) ح(2064) ، من طرق عن محمد بن عبدالرحمن ابن أبي ليلى، و(ابن ماجة 1/555) ح(1746)، من طريق حجاج بن أرطاة، والطبراني في ( الكبير 5/257) ح(5275) من طريق سعيد بن حفص النفيلي عن معقل ابن عبيدالله، ثلاثتهم (ابن أبي ليلى، وحجاج، ومعقل) عن عطاء بن أبي رباح به بنحوه إلاَّ أن بعضهم اقتصر على فضل التجهيز ،وفي حديث معقل زاد مع عطاء، عكرمة وهو ابن خالد المخزومي.
الحكم عليه: إسناد الترمذي رجاله ثقات، وقد صححه الترمذي ،وابن خزيمة ،وابن حبان ،إلا أن في الإسناد انقطاعاً ،فإن عطاءً لم يسمع من زيد بن خالد كما نصَّ عليه ابن المديني في (العلل) له (66/ رقم 88) ،ولعلَّ هذا هو السبب في عدم إخراج الشيخين لحديث " من جهز غازياً " من طريق عطاء ابن أبي رباح ، مع إخراجهما له من حديث زيد، لكن من غير طريق عطاء . وأما الطريق التي فيها قرن عكرمة بن خالد المخزومي مع عطاء، فإنها من رواية سعيد بن حفص النفيلي، وهو صدوق تغير في آخر عمره، كما في (التقريب 234)، ولم أقف على من تابعه ولا من تابع شيخه على هذا،وأيضاً هو منقطع بين عكرمة بن خالد وزيد بن خالد، فلم يصرح بالتحديث، ولم يذكر زيد بن خالد الجهني في شيوخ عكرمة ،ولم يذكر عكرمة في تلاميذ زيد بن خالد كما في (تهذيب الكمال 10/64، 20/249). وعليه فلا يحكم لهذا السند بالاتصال والصحة، لعدم ثبوت السماع بين التلميذ وشيخه. والله أعلم.
هذا وقد جاء معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، ومنهم: 1- سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:" من فطر صائماً في رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ". 2- أخرجه (ابن خزيمة 3/191، 192) ح(1887)، والطبراني في (الكبير 6/261) ح(6161)، واللفظ له، وابن حبان في (المجروحين 1/247) من طرق عن علي بن زيد بن جدعان ،عن ابن المسيب ،عن سلمان -رضي الله عنه- به، ولفظ ابن خزيمة :" من فطر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء... " ، وهو عند ابن خزيمة مطول . وقد سئل أبو حاتم عنه –(العلل) لابنه (1/249) – فقال: "هذا حديث منكر"،وقال ابن خزيمة: "إن صح الخبر"، وقال ابن حجر في (إتحاف المهرة 5/561): "ومداره على علي بن زيد، وهو ضعيف". وخلاصة تضعيف هؤلاء الأئمة لهذا الخبر تعود إلى أمرين: تفرد علي بن زيد به ،ومع تفرده فهو ضعيف، كما قال الحافظ ابن حجر . 3- حديث عائشة –رضي الله عنهما- قالت: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: " من فطر صائماً كان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجره شيء ". أخرجه الطبراني في (الأوسط 8/255) ح(8438) من طريق الحكم بن عبدالله الأيلي ،عن الزهري ،عن سعيد بن المسيب ،عن عائشة به. وفيه الحكم الأيلي، قال عنه أحمد: أحاديثه كلها موضوعة، وكذَّبه أبو حاتم والجوزجاني ،نقل ذلك كله الذهبي في (الميزان 1/572) . وقد روي موقوفاً عليها عند النسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3332) من طريق عطاء عنها بلفظ : "من فطر صائماً كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئاً". لكن قال الإمام أحمد – فيما رواه الأثرم –: "ورواية عطاء عن عائشة لا يحتج بها إلاَّ أن يقول : سمعت" وهنا لم يصرح بما يفيد السماع، وعليه ففي الإسناد علَّة، وهي: احتمال تدليس عطاء، والله أعلم .
3- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره، ومن فطر صائماً فله مثل أجره، ومن دلَّ على خير كان له مثل أجر فاعله ". أخرجه الطبراني في (الأوسط 6/127) ح(5818) من طريق علي بن بهرام، عن عبدالملك بن أبي كريمة ، عن ابن جريج ،عن عطاء ،عن أبي هريرة به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلاَّ عبدالملك بن أبي كريمة، تفرد به علي بهرام" . وفيه عنعنة ابن جريج فإنه كثير التدليس عن الضعفاء والمجهولين – كما ذكر ذلك الدارقطني، كما في (تهذيب التهذيب 6/355) –، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في (التعريف) في المرتبة الثالثة (141) . وفي الإسناد: علي بن يزيد بن بهرام ،لم أظفر له بترجمة، وقد قال الهيثمي في (المجمع 3/282): "فيه علي بن يزيد بن بهرام، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات".
4- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" من فطر صائماً فله مثل أجره ". أخرجه الطبراني في ( الكبير 11/187) ح(11449) من طريق الحسن بن رشيد عن ابن جريج ،عن عطاء ، عن ابن عباس به. وفي إسناده الحسن بن رشيد، قال الذهبي في (الميزان 1/490): "فيه لين"، وقال أبو حاتم: "مجهول"، وبه ضعفه الهيثمي في (المجمع 3/157). وفي الباب آثار عن بعض الصحابة، منها: عن أبي هريرة –رضي الله عنه- :"من فطَّر صائماً،أطعمه وسقاه،كان له مثل أجره" . أخرجه( عبدالرزاق 4/311) ح(7906) قال:" أخبرنا ابن جريج عن صالح مولى التوأمة قال: سمعت أبا هريرة فذكره". وفي الإسناد عنعنة ابن جريج، وقد سبق الكلام فيها قبل قليل . وقد روى عبدالرزاق نحواً من هذا (4/311) ح(7908) عن أبي هريرة – وفيه قصة – لكنه من رواية عمر بن راشد اليمامي ،عن يحيى بن أبي كثير، وقد قال الإمامان أحمد، والبخاري: إن أحاديثه عن يحيى منكرة مضطربة، كما في (تهذيب الكمال 21/340). وبعد: فهذا ما وقفت عليه من أحاديث وآثار في معنى أو لفظ حديث الباب، وكلها لا تخلو من مقال، وبعضها شديد الضعف، وأحسنها حديث الباب، على ضعفٍ فيه، والله أعلم. ومع هذا يقال : إن هذا الحديث ـ وإن كان سنده منقطعاً ـ فضعفه ليس بالشديد ،وكذا كثير من الأدلة التي سبق ذكرها ،وأدلة الشريعة الأخرى تدل على صحة معناه ،ففي صحيح الإمام (مسلم 3/1506) ح(1892) من طريق أبي عمرو الشيباني ،عن أبي مسعود البدري –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : " من دل على خير فله مثل أجر فاعله " . ولا ريب أن تفطير الصائمين من خصال الخير ،لما يترتب عليه من المصالح العظيمة ، وعلى رأسها : زيادة التآلف بين المسلمين مع تباعد أقطارهم، وتنائي ديارهم، وهذا لعمر الله من مقاصد الشريعة العظيمة، والله –تعالى- أعلم.
صحة حديث تعجيل الفطر السؤال: ما صحة حديث :" لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر" ، وما الأحاديث الأخرى التي جاء فيها الحث على تعجيل الفطر ؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: حديث : "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر " . هذا الحديث بهذا اللفظ متفق على صحته ،فقد أخرجه (البخاري 2/47) ،باب تعجيل الإفطار ح ( 1957 ) ،و(مسلم 2/771) ح (1098)، و(الترمذي 3/82 )، باب ماجاء في تعجيل الإفطارح (699)، و(ابن ماجة 1/541) ، باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح (1697) ،من طريق أبي حازم ،عن سهل بن سعد -رضي الله عنهما- : أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " .
وقد جاء الحث على تعجيل الفطر في أحاديث أخرى ، منها: 1– عائشة -رضي الله عنها- : فعن مالك بن عامر أبي عطية قال : دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا : يا أم المؤمنين : رجلان من أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- ، أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ، والآخر يؤخر الإفطار، ويؤخر الصلاة ، قالت : أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قال لنا:عبد الله ( يعني ابن مسعود )،قالت : كذلك كان يصنع رسول-صلى الله عليه وسلم- .زاد أبو كريب : والآخر أبو موسى . أخرجه (مسلم 2/771) ح ( 1099 ) واللفظ له ،و(أبو داود 2/763) ، باب ما يستحب من تعجيل الفطر ح ( 2354 ) ، و(الترمذي 2/83) ، باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح ( 702)،و(النسائي 4/143، 144) ح (2158ـ2159 ـ2160ـ2161 ) باب ذكر الاختلاف على سليمان بن مهران في حديث عائشة . 2- أبو هريرة –رضي الله عنه- : فعن قرة بن عبدالرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " قال الله -عز وجل-: أحب عبادي إليَّ أعجلهم فطراً ". أخرجه (الترمذي 3/83) باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح(700) ، و(أحمد 2/237،329) ، و(ابن خزيمة 3/276) ح(2062)، و(ابن حبان 8/276) من طرق عن قرة بن عبدالرحمن به . والحديث مداره على قرة بن عبدالرحمن: ابن حيويل، -على وزن جبريل- . كان الأوزاعي يقول: ما أحد أعلم بالزهري من قرة بن عبدالرحمن بن حيويل ،لكن تعقب ابن حبان كلمة الأوزاعي، فقال في (الثقات) : " وكيف يكون قرة بن عبدالرحمن أعلم الناس بالزهري وكل شيء روى عنه، لا يكون ستين حديثاً، بل أتقن الناس في الزهري مالك ومعمر.. الخ" ا هـ. وثقه يعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في الثقات ،وصرح بتوثيقه في صحيحه . قال ابن معين ، وأحمد ـ في رواية ـ : ضعيف الحديث ،وقال أحمد ـ في رواية ـ : منكر الحديث جداً ،وقال أبو زرعة: الأحاديث التي يرويها مناكير ،وقال أبو حاتم والنسائي:ليس بقوي ،وقال أبو داود : في حديثه نكارة،وقال العجلي : يكتب حديثه ،وقال ابن عدي:لم أر له حديثاً منكراً جداً،وأرجو أنه لا بأس به ،وقال الدارقطني : ليس بقوي في الحديث . وقد لخص حاله الحافظ بقوله: " صدوق له مناكير "،ولعله دون ذلك. والله أعلم . ينظر : (مسائل ابن هانئ) للإمام أحمد (2/190)، (صحيح ابن حبان 8/276)، (ثقات ابن حبان 7/343)، سنن (الدار قطني 1/181)، (تهذيب التهذيب 8/323)، (التقريب/455).
وإسناد هذا الحديث ضعيف لعلتين : 1- أن قرة بن عبدالرحمن إلى الضعف أقرب ،كما هو قول أكابر الحفاظ . 2- تفرد قرة بهذا الحديث عن الزهري،إذْ لم أقف – بعد البحث – على متابعٍ له، وهذا النوع من التفرد بهذه الصورة، هو الذي عناه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه (1/7)، وسماه منكراً، وقال عن مثل هذا: "فغير جائزٍ قبول حديث هذا الضرب من الناس" ا هـ. ولأجل هذا فقد أشار الترمذي إلى ضعفه بقوله: "هذا حديث حسن غريب"، بينما صححه ابن خزيمة ، وابن حبان، وتصحيحهما لهذا الخبر مع ما تقدم من العلل، فيه نظر، والله أعلم .
صحة حديث من صام رمضان السؤال: زيادة (وماتأخر) في حديث :" من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه " هل هذه الزيادة ثابتة ؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" أخرجه (البخاري 2/31) ح(1901) ،و(مسلم 1/523) ح (760) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ،ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " . ولكن روى النسائي في (الكبرى 2/88) ح(2512) وغيره زيادة : "وما تأخر "، فهل هي ثابتة أم لا ؟ .
والجواب ـ على وجه الإجمال ـ : أن هذه اللفظة شاذة ،غير محفوظة ،فإن الحديث رواه عن أبي هريرة –رضي الله عنه- اثنان من أصحابه : 1- أبو سلمة بن عبدالرحمن ،وقد رواه عن أبي سلمة جماعة ،وهم : يحيى بن أبي كثير ،ومحمد ابن عمرو ،والزهري ،ويحيى بن سعيد الأنصاري ،وكلهم ـ سوى الزهري ـ لم يذكر في حديثهم هذه اللفظة . أما الزهري، فقد رواه عنه أكثر أصحابه الكبار : مالك ،ومعم ،ويونس ، وغيرهم ،فلم يذكروا هذه اللفظة ،ورواه عنه ابن عيينة ،واختلف عليه في إثباتها وعدمه ،فأكثر أصحابه لم يذكروها عنه ،وعلى رأسهم الحميدي ،والشافعي ،وابن راهويه ،وعمرو بن علي الفلاس ،وغيرهم ،بينما ذكرها قتيبة ابن سعيد، وأربعة آخرون من أصحابه . 2- الأعرج : وعنه أبو الزناد ،ولم يذكرها أيضاً . وبهذا يتبين أن ذكر هذه اللفظة وهم من بعض الرواة ،وأن الراجح عدم ذكرها ،ولهذا أعرض الشيخان ـ البخاري ومسلم ـ عنها ،ولم يخرجاها في صحيحيهما مع أهميتها ،وكون بعض رواتها من الحفاظ ،إلا أنهما أعرضا عنها لما سبق ،وهو أن أكثر رواة الحديث ـ وفيهم أئمة كبار ـ لم يذكروها ،والله أعلم ، ويمكن أن ينظر كلام الحافظ ابن حجر عليها في (الخصال المكفرة 56-63) مع تعليق المحقق.
صحة حديث "أفطر الحاجم والمحجوم " السؤال: نرجو بيان درجة حديث : " أفطر الحاجم والمحجوم " المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: هذا الحديث روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم- من طرق كثيرة ، لكن أصح ما ورد فيها بنص جمع من الأئمة حديثان ، وهما : الحديث الأول : حديث ثوبان – رضي الله عنه – وقد أخرجه أبو داود : وغيره من الأئمة كما سيأتي : قال أبو داود : 2/770 باب في الصائم يحتجم ح (2367) حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى عن هشام /ح/ حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا شيبان جميعاً ، عن يحيى ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ،يعني الرحبي ، عن ثوبان عن النبي – صلى الله عليه وسلم - : " أفطر الحاجم والمحجوم ". قال شيبان : أخبرني أبو قلابة ، أن أبا أسماء الرحبي حدثه أن ثوبان مولى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أخبره أنه سمع النبي – صلى الله عليه وسلم -، وقبل أن أذكر تخريجه والكلام عليه مفصلاً ، أذكر خلاصة ما ظهر لي في هذا البحث وهي كما يلي : 01 أن الحديث روي عن ثوبان من أربعة طرق ، وأن هذه الطرق أكثرها معل ، وأقواها الطريق التي رواها مسدد ، عن يحيى القطان ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى ابن أبي كثير ، عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان – رضي الله عنه _. 02 أن أكثر أئمة الحديث كأحمد والبخاري والدارمي وغيرهم على تصحيح الحديث وخالف في ذلك إمامان ، وهما : يحيى بن معين وأبو حاتم الرازي ، ولعل سبب إعلالهما له هو ما وقع فيه من اضطراب سيأتي الجواب عنه -إن شاء الله- . 03 أن تصحيح الحديث لا يكفي في الحكم به وحده على مسألة الحجامة للصائم ، لأن؛ في المسألة أحاديث كثيرة تدل على أن هذا الحديث منسوخ وبإمكان القارئ الفاضل أن يراجع مظان هذه المسألة من كتب الشروح ، والفقه مع الإشارة إلى أن مذهب جماهير أهل العلم على عدم الفطر بالحجامة .
تخريج الحديـث : الحديث في مسند أحمد 5/283 وأخرجه النسائي في ( الكبرى 2/217) ، باب ذكر الاختلاف على أبي قلابة ح (3137) وأحمد (5/282) وفي (5/277) و(الدارمي 1/440) ح (1682) والحاكم (1/427) من طرق عن هشام الدستوائي به بنحوه إلا أن في حديث أصحاب هشام جميعاً – سوى ابن علية- قصة في أوله . وأخرجه (ابن ماجه 1/537) باب ما جاء في الحجامة للصائم ح (1680) و(عبد الرزاق 4/209) ح (7522) و(أحمد 5/280) و(ابن خزيمة 3/226) ح(1962) وا(بن حبان 8/301) ح(3532) و(الحاكم 1/427) من طرق عن يحيى بن أبي كثير به بنحوه وفي حديث بعضهم قصة. وأخرجه النسائي في (الكبرى 2/217) ح(3139) من طريق عاصم بن هلال ، وفي ح (3140،3141) من طريق عباد بن منصور . وفي ح (3142) من طريق جرير بن حازم . وفي ح (3143) من طريق حماد بن زيد ، وفي ح ( 3144) من طريق ابن عيينة وعبد الرزاق 4/209 ح (7519) عن معمر ، ستتهم ( عاصم ، وعباد ، وجرير، وحماد ، وابن عيينه ، ومعمر ) عن أيوب ، عن أبي قلابة به بنحوه إلا أن عباد بن منصور اضطرب فجعله مرة كحديث الباب ، ومرة جعله عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد ، وفي حديث جرير: عن أبي قلابة عن شداد وثوبان ، لم يذكر أبا أسماء ، وقال جرير : عرضت على أيوب كتاباً لأبي قلابة ،فإذا فيه : عن شداد وثوبان هذا الحديث ،قال : عرضته عليه فعرفه ، وفي حديث حماد وابن عيننه : عن أبي قلابة عن شداد فحسب ، ليس فيه أبو أسماء ولا ثوبان ، وفي حديث معمر : عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء عن شداد وفي حديث عاصم : عن أبي قلابة عن أبي أسماء ، عن شداد وأخرجه النسائي في (الكبرى 2/216) باب من الشيخ ؟ ح(3136) من طريق راشد بن داود ، و(أحمد 5/282) ومن طريقه (أبو داود 2/772) ح (2370) و(النسائي 2/216) ح(3135،3134) من طريق عن ابن جريج . و(أبو داود 2/273) ح (2371) و(النسائي 2/216) ح (3135) من طرق العلاء بن الحارث و(النسائي 2/217) ح (3137) من طريق سعيد بن عبد العزيز ثلاثتهم ( ابن جريج ، والعلاء ، وسعيد ) عن مكحول . كلاهما ( راشد ، و مكحول ) عن أبي أسماء الرحبي به بنحوه ، وفي حديث ابن جريج ، وسعيد بن عبد العزيز عن شيخ من الحي ، وقد سماه العلاء بن الحارث في حديثه وأنه مكحول , وأخرجه (النسائي 2/221) ح(3157) من طريق همام بن يحيى وفي 2/222 ح (3158) وأحمد 5/282 ، من طريق ابن أبي عروبة و(أحمد 5/286) من طريق شعبة ، ثلاثتهم ( همام، وابن أبي عروبة ، وشعبة ) عن قتادة ، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم و(النسائي في 2/222) ، باب الاختلاف على خالد الحذاء ح(3159) ، والطبراني في " الكبير " 2/91 ح(1406) من طريق بكير بن أبي السميط ، عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة ، والنسائي في 2/222 ح (3160) و(ابن خزيمة 3/236) ح(1984) ، والطبراني في ( الأوسط 57/153) ح(4720) من طريق الليث ، عن قتادةن عن الحسن . ثلاثتهم ( ابن غنم ، ومعدان ، والحسن ) عن ثوبان به بنحوه ، إلا أن هماماً لم يذكر عبد الرحمن بن غنم ، بل جعله عن شهر عن ثوبان .
دراسته والحكم عليه : إسناد أبي داود صحيح ، وما يخشى من إرسال أبي قلابة زال بتصريحه بالسماع كما نقل ذلك أبو داود عن شيبان عن أبي قلابة نفسه ، وأما ما وقع في حديث ابن جريج وسعيد بن عبد العزيز من قولهما : عن شيخ من الحي ،فقد صرّح العلاء بن الحارث في روايته عن مكحول بأنه أبو أسماء الرحبي ، وقد نص على اسمه أيضاً أبو حاتم – كما في ( العلل) لابنه 1/238 ولذلك جعل المزي في (التحفة 2/143) حديث ثوبان هذا فيما رواه عنه أبو أسماء حيث أحال عليه عند قوله : "حديث شيخ من الحي" .
وقد تبين من التخريج السابق أن الحديث رواه عن ثوبان أربعة : 01 أبو أسماء الرحبي ، وعنه ثلاثة : مكحول ، وراشد بن داود ، وأبو قلابة ، وقد اختلف على أبي قلابة : أ.فرواه يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء عن ثوبان. ب.ورواه أيوب ، عن قلابة ، واختلف عليه : - فرواه عباد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان. - ورواه عباد نفسه، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن شداد، عن أوس. –ورواه جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن شداد وثوبان ، مرسلاً، فلم يذكر أبو قلابة أحداً بينه وبين ثوبان ولا شداد . –ورواه حماد بن زيد ، وابن عيينة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن شداد فأرسلاه عن أبي قلابة . –ورواه معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن أبي أسماء ،عن شداد –ورواه عاصم بن هلال ، عن أبي أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن شداد. أما رواية عباد بن منصور، فقد قال عنها النسائي (2/217) : " عباد بن منصور جمع بين الحديثين ، فقال : عن أبي أسماء ، عن ثوبان ، عن أبي الأشعث عن شداد : " ثم قال عقب ذلك (2/218) : " وعباد بن منصور ليس بحجة في الحديث ، وقيل إن ريحان بن سعيد – الراوي عنه – ليس بقديم السماع منه " . وقول النسائي هنا : ( ليس بحجة) مفسرٌ بقوله في ( الضعفاء ) ص (214) رقم (414) : " ضعيف ، وكان أيضاً قد تغير " ا.هـ . أما رواية معمر ، فهي من روايته عن البصريين ، وهي متكلم فيها عند الأئمة – كما في ترجمته من (تهذيب الكمال 28/303) . وأما رواية جرير ، فجرير وإن كان ثقة ، إلا أن الإمام أحمد قال – كما في شرح علل الترمذي 2/699 – " يروي عن أيوب عجائب " ا.هـ ، ومع ذلك فقد خولف من قبل حماد بن زيد ، وسفيان ، وحماد خاصة ـ من أثبت الناس في أيوب ، كما نص على ذلك جمع من الأئمة – كما في شرح العلل 2/699- ولذلك أشار النسائي إلى ترجيح رواية حماد بن زيد على غيره بقوله – في (السنن الكبرى 2/218) : " تابعه حماد بن زيد على إرساله عن شداد وهو أعلم الناس بأيوب"ا.هـ وأما رواية عاصم ، فعاصم قال عنه أبو زرعه – كما في أسئلة البرذعي له (2/536) - : " حدث عن أيوب بأحاديث مناكير" ا.هـ فلعل هذا منها ، والله أعلم . وهناك اختلاف أوسع من هذا على أيوب ، سيأتي ذكره في حديث شداد التالي – إن شاء الله تعالى – فتبين إذاً أن الراجح عن أيوب ، هو ما رواه حماد بن زيد ،وابن زيد ، وابن عيينه ، وتابعهما جرير بن حازم على بعض ذلك ، عن أيوب عن أبي قلابة عن أيوب ، فرجع حديث أيوب إلى حديث شداد ، وسيأتي الكلام على حديث شداد في الحديث التالي – إن شاء الله تعالى - .
أما بقية الراوة عن ثوبان فهم ثلاثة ، وهم : 01 معدان بن أبي طلحة : وقد رواه عنه سالم بن أبي الجعد ، وعن سالم، بكير بن أبي السميط . 02 الحسن البصري : وقد رواه عنه قتادة ، وعن قتادة ، الليث بن سعد وقد سئل أبو حاتم الرازي – كما في (العلل) لابنه (1/226) عن طريق الليث فقال :" هذا خطأ ، رواه قتادة ، عن الحسن ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم- وهو مرسل ورواه أشعب بن عبد الملك عن الحسن ، عن أسامة بن زيد " ا.هـ . وقال النسائي عن هذين الطريقين : " ما علمت أحداً تابع الليث ، ولا بكير بن أبي السميط على روايتهما ، والله أعلم " ا.هـ وقال ابن خزيمة : " الحسن لم يسمع من ثوبان " ا.هـ وقال الطبراني في ( الأوسط ) : " لم يرو هذا الحديث عن قتادة عن الحسن عن ثوبان إلا الليث بن سعد " ا.هـ . 03 عبد الرحمن بن غنم : قد رواه عنه شهر بن حوشب وعن شهر ،قتادة واختلف عليه: أ.فرواه ابن أبي عروبة ، وشعبة ، عن قتادة ،عن شهر ، عن عبد الرحمن بن غنم ،عن ثوبان . ب. ورواه همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن شهر ، عن ثوبان ، ليس فيه ذكر عبد الرحمن بن غنم. وقد قال أبو حاتم – كما في (العلل) لابنه (1/226) – " وأما حديث ثوبان ،فإن سعيد بن أبي عروبة يرويه عن قتادة ، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن ثوبان عن النبي- صلى الله عليه وسلم – ورواه بكير بن أبي السميط ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، عن ثوبان ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ورواه يزيد بن هارون ، عن أيوب أبي العلاء ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب عن بلال عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ورواه قتادة عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان عن النبي – صلى الله عليه وسلم – " ا.هـ . وكلام الإمام أبي حاتم ، يشير إلى أن في الحديث اضطراباً ، وأن قتادة اختلف عليه في ذلك كثيراً ، ويمكن أن يقال: إن هذا الاضطراب الذي وقع في الطرق إلى شهر ، إنما هي من شهر نفسه ، لأنه متكلم في حفظه وضبطه ، كما في ترجمته من (تهذيب الكمال 12/587) . والله أعلم . وبناء على ما تقدم من نقد الطرق إلى ثوبان فإنها كلها معلولة سوى الطريق الأولى التي أخرجها أبو داود .
وقد صحح حديث الباب جمع من الأئمة ، منهم : 01 ابن المديني ، كما نقله عنه الترمذي في ( العلل الكبير ) ص ( 123). 02 أحمد : ففي مسائل أبي داود ص (311) قال أحمد : " كل شيء يروى عن ثوبان فهو صحيح ، يعني حديث مكحول هذا " ا.هـ . وفي مسائل ابنه عبد الله (2/626) قال : شيبان جمع الحديثين جميعاً ، يعني: حديث ثوبان ، وحديث شداد بن أوس " ا.هـ وقد نص أحمد على الحديثين – أي ثوبان وشداد – كما في (طبقات الحنابلة 1/206) وفي مسائل (ابن هانئ 1/131) نص على أن أقوى حديث عنده هو حديث ثوبان . ونقل ابن حجر في ( الفتح 4/209) عن عثمان الدرامي أنه قال : " صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم ، من طريق ثوبان ، وشداد ، قال : وسمعت أحمد يذكر ذلك ، ولما قيل لأحمد : إن يحيى بن معين قال : ليس فيه شيء يثبت ، قال : هذه مجازفة " انتهى بتصرف " 03 عثمان الدرامي ، وقد تقدم آنفاً . 04 البخاري : نقله الترمذي في ( العلل الكبير ) ص (122) ،فأورد الترمذي عليه ما فيه من الاضطراب ؟ فقال : كلاهما عندي صحيح ؛ لأن يحيى بن أبي كثير ، روى عن أبي قلابة عن أبي أسماء ، عن ثوبان ، وعن أبي الأشعث ، عن شداد بن أوس ، روى الحديثين جميعاً ا.هـ . قال ابن حجر معلقاً على ذلك في ( الفتح 4/209) يعني فانتفى الاضطراب ، وتعين الجمع بذلك " ا.هـ . 05 (ابن خزيمة 3/226) . 06 (ابن حبان 8/301 ) . 07 (الحاكم 1/427) . 08 ابن حزم في ( المحلى 6/203) . 09 النووي في ( المجموع 6/349-350) . 010 شيخ الإسلام بن تيمية في ( مجموع الفتاوى 25/255) . 011ابن القيم : كما يدل عليه كلامه في (تهذيب السنن 3/243) وما بعدها وغيرهم من أهل العلم – رحمهم الله جميعاً – وكلام الإمام أبي حاتم الرازي في ( العلل ) لابنه ( 1/249) ،يدل على أن الحديث عنده غلط ، حيث قال – لما سئل عن حديث رافع بن خديج " أفطر الحاجم والمحجوم" الذي روى من طريق معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع – قال رحمه الله : " إنما يروي هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء عن ثوبان ، واغتر أحمد بن حنبل بأن قال: الحديثان عنده ، وإنما يروى بذلك الإسناد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه نهى عن كسب الحجام ومهر البغي ، وهذا الحديث في يفطر الحاجم والمحجوم عندي باطل " ا.هـ. ومراد أبي حاتم – رحمه الله – أن الراجح في حديث رافع هو قوله -صلى الله عليه وسلم – "كسب الحجام خبيث " الذي أخرجه مسلم وغيره أنه " أفطر الحاجم والمحجوم " . وأما رد أبي حاتم لهذا الحديث كله – كما يفهم من كلامه – فلعل سبب رده هو أنه يرى أن الحديث مضطرب الإسناد ،إلا أن أبا حاتم خولف من بعض الأئمة الذي نصّ بعضهم على أن الحديث عن ثوبان و شداد – محفوظ لا اضطراب فيه كما تقدم آنفاً- . والله أعلم .
الحديث الثاني : حديث شداد بن أوس : والبحث فيه كالبحث في سابقه من حيث كثرة الاختلاف فيه ، وطول الكلام عليه ، ولذا سأكتفي عن إيراده بحديث ثوبان – رضي الله عنه – وما حصل فيه من تفصيل ، إلا أنه يحسن هنا أن أجيب على إيراد قد يورده بعض الفضلاء ،ألا وهو : ألا يحتمل أن حديث ثوبان ، وشداد كلاهما مضطرب ؛ لأن مدار الحديثين على رجل واحد ، وهو أبو قلابة ؟ والجواب : أنه تقدم من كلام الإمام أحمد ، والبخاري – في حديث ثوبان السابق – ما يبين أن كلا الحديثين محفوظ ، وقد تبعهما على هذا الجواب ؛ (ابن حبان 8/303) ، و(الحاكم 1/427) ،وابن حجر في ( الفتح 4/209) ، بل يقال : إن جميع الأئمة الذين ثبت عنهم تصحيح الحديثين يقولون بذلك ، إذ لو ثبت الاضطراب في الحديث عند أحدهم ،لم يقل بتصحيح الحديثين . هذا وقد صحح حديث شداد هذا جمع من الأئمة ، ومنهم من تقدم ذكرهم في حديث ثوبان وهم : ابن المديني ، وأحمد، وعثمان الدارمي، والبخاري، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، وغيرهم ، ويضاف إليهم هنا: الإمام إسحاق بن راهوية ، كما نقله الحاكم (1/428) ، حيث قال : " هذا إسناد صحيح ، تقوم به الحجة ، وهذا الحديث قد صح بأسانيد ، وبه نقول ا.هـ ، وكذا صححه أبو جعفر العقيلي في ( الضعفاء 4/456) والله تعالى أعلم. بقي أن يقال : إن تصحيح الحديث ، لا يكفي في الحكم به وحده على مسألة الحجامة للصائم؛ لأن في المسألة أحاديث كثيرة جعلت أهل العلم يختلفون في حكم الفطر بالحجامة؟ فمنهم من يرى أن هذا الحديث منسوخ، وأن الحجامة لا تفطر كما هو مذهب جماهير أهل العلم ، ومنهم من أخذ بحديث الباب فقال : إن الحجامة تفطر ، وهو المشهور من مذهب الحنابلة ، ونصره من فقهاء الحديث ابن خزيمة ، وابن المنذر ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه – رحم الله الجميع – . وفي المسألة تفاصيل عند بعضهم من حيث تعليق الحكم بتأثير الحجامة على إضعاف الصائم وعدمه ، وبإمكان القارئ الفاضل أن يراجع مظان هذه المسألة من كتب الشروح ، والفقه ، ومنها : (المغني لابن قدامه 4/350 )، (البحر الرائق 2/294) ، و(شرح الزرقاني على مختصر خليل 1/92) ، و(فتح الباري 4/205) عند شرح الباب رقم (32) من كتاب الصيام ، وهو : باب الحجامة والقئ للصائم .والله أعلم .
صحة حديث دعوة الصائم عند فطره السؤال: ما صحة حديث : (ثلاثة لا تردّ دعوتهم ...) وذكر منهم والصائم حتى يفطر) ؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: حديث : " ثلاثة لا ترد دعوتهم ..." : هذا الحديث رواه الإمام (الترمذي 4/580) كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في صفة الجنة ونعيمها ح(2526) فقال: حدثنا أبو كريب، حدثنا محمد بن فضيل ، عن حمزة الزيات ، عن زياد الطائي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قلنا يا رسول الله، مالنا إذا كنا عندك رقت قلوبنا، وزهدنا في الدنيا ، وكُنَّا من أهل الآخرة، فإذا خرجنا من عندك فآنسنا أهالينا، وشممنا أولادنا أنكرنا أنفسنا، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم تكونون إذا خرجتم من عندي كنتم على حالكم ذلك، لزارتكم الملائكة في بيوتكم، ولو لم تذنبوا لجاء الله بخلقٍ جديد كي يذنبوا فيغفر لهم " ، قال: قلت يا رسول الله ممّ خُلِق الخلق ؟ قال: "من الماء " ، قلنا: الجنة ما بناؤها ؟ قال: " لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ومِلاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران، من دخلها ينعم ولا ييأس، ويُخلَّد ولا يموت، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم"، ثم قال:" ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام ، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب -عز وجل-: وعزتي لأنصرنَّكِ ولو بعد حين ". قال أبو عيسى: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل، وقد روي هذا الحديث بإسنادٍ آخر عن أبي مُدلَّة، عن أبي هريرة ، عن النبي –صلى الله عليه وسلم-.
وقبل أن ذكر الكلام عليه مفصلاً ، أذكر خلاصة الحكم ، فأقول : 1- الحديث مداره ـ على الراجح ـ على أبي مدلة ،عن أبي هريرة –رضي الله عنه-. 2- إن أبا مدلة في عداد المجاهيل ،ولم يتابعه أحد فيما وقفت عليه . 3- أنه قد ورد معنى هذا الحديث عن أنس –رضي الله عنه- وفيه ضعف ـ كما سأبينه ـ . 4- أن الأحاديث الواردة في إجابة دعوة المسافر ـ وإن كانت ضعيفة ـ إلا أن ذلك لا يعني ترك الصائم للدعاء ، فإن الدعاء مشروع في كل وقت ، بل دعاء الإنسان عند تلبسه بالعبادة أرجى في الإجابة ، والله أعلم .
تخريجه: *أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (380) ح(1075) عن حمزة الزيات، عن سعد الطائي ، عن رجلٍ ، عن أبي هريرة به بنحوه، فسمَّى شيخ حمزة :سعداً . *وأخرجه (الترمذي 5/539) في الدعوات، باب في العفو والعافية ح(3598) من طريق عبدالله بن نمير، و(ابن ماجة 1/557) باب الصائم لا ترد دعوته ح(1752)، و(أحمد 2/443،477) من طريق وكيع، و(الدارمي في 2/789) ح(2717) عن أبي عاصم النبيل ، ثلاثتهم (ابن نمير، ووكيع، وأبو عاصم) عن سعدان بن بشر، والطيالسي ص (337) ، وأحمد 2/304 عن أبي كامل، وأبي النضر، وأحمد 2/305 عن حسن بن موسى، والطبراني في "الدعاء" (3/1414) ح(315) من طريق أحمد بن يونس، و(ابن حبان 8/214) ح (3428)، وفي 16/396 ح (7387) من طريق فرح – بالحاء المهملة – ابن رواحة، ستتهم (الطيالسي، وأبو كامل، وأبو النضر، وحسن، وأحمد بن يونس، وفرح) عن زهير بن معاوية، و(ابن خزيمة 3/199) ح(1901) من طريق محمد بن عبد الرحمن المحاربي، عن عمرو بن قيس الملائي، ثلاثتهم (سعدان، وزهير، وعمرو) عن أبي مجاهد سعد بن عبيد الطائي ، عن أبي مدلّة ، عن أبي هريرة به بنحوه، إلاَّ أن وكيعاً ، والطيالسي ، وعمرو بن قيس اقتصر حديثهما على قوله: (ثلاثة لا ترد دعوتهم ... الخ)، وفي الموضع الثاني – عند (أحمد 2/477) – قال وكيع في حديثه: (الصائم لا ترد دعوته) فحسب، وفي الموضع الأول عند أحمد عن وكيع (1/443) اقتصر حديثه على قوله: (الإمام العادل لا ترد دعوته ) فحسب، ولفظ حديث فرح في الموضع الأول نحو حديث الطيالسي وعمرو الملائي، واقتصر حديث أبي عاصم على صفة بناء الجنة . *وأخرجه (البزار 4/38) ح(3139) –كشف– من طريق إبراهيم بن خيثم بن عراك بن مالك ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي هريرة بنحوه، إلاَّ أنه قال: "والمسافر حتى يرجع" بدلاً من "الإمام العادل".
الحكم عليه: وقد تبين من التخريج أن الحديث رواه عن أبي هريرة اثنان، وهما: زياد (أو سعد) الطائي –كما سيأتي تحريره– وأبو مدلة، ولكن عند التأمل والنظر يتبين أنهما واحد ،وبيان ذلك أن يقال: إن محمد بن فضيل ، رواه عن حمزة الزيات ، عن زياد الطائي، عن أبي هريرة، وخالفه ابن المبارك، فرواه عن حمزة عن سعد الطائي – الذي هو أبو مجاهد – حدثه ، عن رجل ، عن أبي هريرة فذكره بنحوه، ورواية ابن المبارك أرجح من وجهين : الأول: أن ابن المبارك ثقة ثبت فقيه عالم – كما في التقريب (320)، وابن فضيل ليس في منزلته ، على أن في روايته مخالفةً أخرى ـ كما سيأتي ـ . الثاني: أن الرواة الآخرين عن أبي مجاهد رووه كذلك عنه عن أبي مدلة ، فعاد حديث حمزة إلى رواية الجماعة . و ثمة مخالفة أخرى من ابن فضيل لابن المبارك في إسناده، وهو أن ابن فضيل قد أسقط الواسطة بين أبي هريرة وزياد الطائي، بينما رواه ابن المبارك بذكر الواسطة. وقد سئل الدارقطني ـ كما في (العلل 11/235) ـ عن هذا الحديث فقال – بعد إشارته إلى الرواة عن أبي مجاهد الذين سبق ذكرهم – : "ورواه حمزة الزيات ، عن سعد الطائي أبي مجاهد، وقال: عن رجل ، عن أبي هريرة، وأحسبه لم يحفظ كنيته، فقال: عن رجل، وأراد أبا مدلَّة، والله أعلم، والحديث محفوظ" ا هـ. فالإمام الدارقطني،لم يشر إلى مخالفة ابن فضيل في إسناده، فكأنه لم يلتفت إليها، وإنما أشار إلى رواية ابن المبارك فحسب،وإلى هذا أشار الترمذي بقوله عن الطريق التي رواها ابن فضيل:" هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل، وقد روي هذا الحديث بإسناد آخر عن أبي مدلَّة ، عن أبي هريرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- . فكأنه يقول – رحمه الله –: إن هذا هو المحفوظ في حديث أبي مدلة عن أبي هريرة، وأن تسمية زياد وهْم، وبهذا يمكن أن تفسر كلمة الدارقطني بقوله: "والحديث محفوظ" أي من حديث أبي مدلة عن أبي هريرة، والله أعلم . وإذا تبين أن مدار الحديث على أبي مجاهد، عن أبي مدلة، عن أبي هريرة،فقد حسنه الترمذي ح(3598) ،وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وحسنه ابن حجر – كما في "الفتوحات الربانية" لابن علان (4/338) –. وابن خزيمة – رحمه الله – قد صحح الحديث من طريق محمد بن عبدالرحمن المحاربي عن عمرو بن قيس الملائي ، عن أبي مجاهد به، وقد قال الدارقطني – كما في (أطراف الغرائب 5/297) –:" تفرد به المحاربي محمد بن عبدالرحمن ، عن عمرو بن قيسٍ بطوله ، وروي عن قُرَّان بن تمام ، عن عمر بعضه" ا هـ. وأبو مدلَّة –الذي مدار الحديث عليه– قال عنه ابن المديني –كما في (تهذيب التهذيب 12/204)–: "أبو مدلة مولى عائشة لا يعرف اسمه، مجهول، لم يرو عنه غير أبي مجاهد" اهـ. وفي التقريب (671): مقبول، ومثل هذا لا يحسن حديثه، خاصةً وأنه لم يتابع – فيما وقفت عليه – والله أعلم. وفيما يتعلق بالطريق التي أخرجها البزار، فهي لا تصلح، لأن في إسنادها إبراهيم بن خيثم ، قال عنه النسائي: "متروك" كما في "الميزان" 1/30. وهذا الحديث قد اشتمل على عدة فقرات، إلاَّ أنني لم أجد ما يشهد له بهذا السياق، وأما المعنى الذي لأجله ذكر الحديث ههنا هذا الحديث وهو قوله: "ثلاث دعوات... ومنها: والصائم حتى يفطر" فقد وقفت على حديث أخرجه (البيهقي 3/345)، والضياء في (المختارة 6/74) ح(2057) من طريق إبراهيم بن بكر المروزي ، عن عبدالله بن بكر السهمي ، عن حميد الطويل ، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر ". وفي إسناده إبراهيم بن بكر، لم أظفر له -بعد البحث – بترجمة، مع أنه في طبقة الإمام أحمد بن حنبل ؛ لأن عبدالله بن بكر السهمي في طبقة شيوخ أحمد، فقد توفي سنة 208هـ، كما في التقريب (293)، ومثل هذا لو كان مشهوراً ، أو له عناية بالحديث لترجمه الأئمة أو بعضهم، ولكن لم أجد شيئاً من هذا، إلاَّ أن ابن الجوزي قال – كما نقله عنه الذهبي في "الميزان" 1/24 – :"وإبراهيم بن بكر ستة، لا نعلم فيهم ضعفاً سوى هذا " يعني الشيباني الأعور، قال الذهبي معلقاً :" قلت : ولو سماهم لأفادنا، فما ذكر ابن أبي حاتم منهم أحداً " اهـ ،فكلمة الذهبي فيها ردٌ لكلمة ابن الجوزي؛ لأنهم لو كانوا معروفين بحمل العلم لترجمهم الأئمة. وفي الإسناد أيضاً عنعنة حميد، وهو كثير التدليس حتى قيل إن معظم ما يرويه عن أنس، رواه بواسطة ثابت وقتادة – كما في تعريف أهل التقديس (133،134) – ولم أقف على غير هذا الحديث .
|
|