إيَّاك والزّنا
وقيل: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: يا داود، قل لبني إسرائيل: إيَّاكُم وعُقوق الوالدين، وقتل النفس، وأكل الربا، والإصرار على الزنا.. يا داود، أدنى ما أفعل بالزاني أن أكوي حدقتيه ظاهراً وباطناً بمكاو من نار.
وقال صلى الله عليه وسلم: "يُحشرُ الزاني يوم القيامة أنتن من ريح الجيفة"، وقال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ صافح امرأةً وقبَّلها وباشرها، فعليه الوزر في الدنبا، والعقاب في الآخرة".
لا تنظر إلى مالا يحل لك.
وقال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ حفظ طرفه حفظ الله عليه أهله، ومَنْ نظر إلى عورة أخيه المسلم هتك اللهُ عورته، وكَحَّلَهُ بالنار يوم القيامة".
وحكي عن الشبلي رحمه الله تعالى أنه قال: رأيت فتى في الطواف تفرَّستُ فيه الخير، فنظر الفتى إلى امرأة كانت تطوف، وإذا بسهم قد أصاب عينه، فذهبت إليه وأخرجت من عينه السهم فإذا عليه مكتوب: نظرت بعينك إلى غيرنا فأعميناها، ولو نظرت بقلبك إلى غيرنا لكويناه.
وقيل: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: يا داود، كيف غفلت حتى مددت عينك إلى ما لا يحل لك، يا داود، أما علمت أني غيور..
يا داود، لو علمت ما سطر في الكتاب لكففت عينك ولَمَا جفَّت لك عين..
يا داود، لولا سري فيك لمحوتك من ديوان الأنبياء..
يا داود إني جعلت في النار قطعاً من الزجاج والرصاص لمن ينظر إلى ما لا يحل له..
يا داود، مَنْ نظر إلى ما لا يحل له حرَّمتُ عليه النظر إلى وجهي.
وحكي عن يحيى بن زكريا عليهما السلام أنه قال لعيسى عليه السلام: لا تكن حديد النظر إلى ما لا يحل لك فإنه لن يزني فرجك ما حفظت عينك، فإن استطعت أن لا تنظر إلى ثوب المرأة التي لا تحل لك فافعل، ولن تستطيع ذلك إلا بإذن الله تعالى.
وقيل: إن حسان بن ثابت رضي الله عنه خرج يوم عيد، فصلى ثم عاد إلى زوجته، فقالت له: يا حسان، كم رأيت من وجه مليح؟
فقال: والله رفعت طرفي ولا علمت ما كان من الناس، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ نظر إلى ما لا يحل له حَرَّمَ اللهُ عليه النظر إلى وجهه وألقاهُ في النار".
وقيل: إن أبا عبيدة التراز -وأنه أبو عبد الله الرزاز- رضي الله عنه، رؤي في المنام بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟، فقال: أوقفني بين يديه وغفر لي كل ذنب عملته إلا ذنباً واحداً استحييت أن أذكره، فأوقفني في العرق حتى سقط لحم وجهي، فقيل: وما هو؟ فقال: نظرتُ إلى شخص جميل فاستحييتُ أن أذكره.
وقيل: إن راهباً تعبَّد في صومعته ستين سنة، فقال في نفسه: لو نزلت إلى الأرض ومشيت فيها لأنظر إلى ثمارها وأنهارها، فنزل ومعه رغيف، فتعرَّضت له امرأة فلم يملك نفسه إلى أن واقعها، ورأى سائلاً فأعطاه الرغيف ومات في تلك الحالة، فجيء بعمل ستين سنة فوضع في كفة من الميزان، ثم جيء بالخطيئة فوضعت في الكفة الأخرى، فرجحت على عمل الستين، ثم جيء بالرغيف فوضع في أعماله فرجحت أعماله على خطيئته.
وقيل: إن بعض الصالحين تعرَّضت له امرأة في طريقه فلم يلتفت إليها، فلمَّا كان الليل كتبت له رقعة وهي تقول فيها: الله الله في أمري، فكل عضو مني مشغول بحبك فلمَّا وقف على الرقعة تشوَّش باطنه..
وكتب إليها: إن الله تعالى إذا عصاه العبد أول مرة حلم عليه، وإذا عصاه ثاني مرة ستره، وإذا عصاه ثالث مرة غضب عليه غضباً تضيق منه السموات والأرض، فمن ذا يطيق غضب الله سبحانه وتعالى.
فلما وقفت على الرقعة لزمت بيتها وتابت إلى الله تعالى.
وحكي أن رجلاً خلا مع امرأة، فقال لها: إغلقي الأبواب وارخي الستور، ففعلت ذلك، فلمَّا دنا منها قالت له: إنه بقي باب لم أغلقه، فقال لها: وأي باب هو؟ فقالت له: الذي بينك وبين الله تعالى.
فصاح الرجل صيحة، فخرجت روحه فيها.
وقال بعض الصالحين: رأيت حدَّاداً وهو يُخرج الحديد من النار بيده ويقلبها باًصابعه، فقلت في نفسي: هذا عبد صالح، فدنوت منه وسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت له: يا سيدي، بالذي عليك بهذه المنزلة ألا ما دعوت الله لي، فبكى وقال: يا أخي، ما أنا من القوم الذين تزعم، ولكن أحدثك أمري، وذلك أني كنت كثير المعاصي والذنوب، فوقعت على امرأة من أحسن الناس وجهاً، فقالت لي: هل عندك شيء لله تعالى، فأخذت قلبي؟ فقلت لها أمضي معي إلى البيت وادفع لك ما يكفيك، فتركتني وذهبت ثم عادت وهي تبكي، وقالت: والله لقد أحوجني الوقت إلى أن رجعت إليك، فأخذتها ومضيت بها إلى البيت ثم أجلستها، وتقدمت أليها، فإذا هي تضطرب كالسفينة في الريح العاصف، فقلت: مِمَّ اضطرابك، فقالت: خوفاً من الله تعالى أن يرانا على هذه الحالة، فإن تركتني ولم تصبني فلا أحرقك الله بناره لا في الدنيا ولا في الآخرة.
فقمت عنها ودفعت لها ما كان عندي لله تعالى، فخرجت من عندي، وأغمي علي، فرأيت في النوم امرأة أحسن منها، فقلت لها: مَنْ أنْتِ؟ فقالت: أنا أم الصبية التي جاءت إليك، هي من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن يا أخي جزاك الله عني خيراً، ولا أحرقك الله بناره لا في الدنيا ولا في الاخرة، فانتبهت وأنا فرح مسرور فأنا من ذلك اليوم تركت ما كنت عليه من المعاصي، ورجعت إلى الله تعالى.