حُرمة الأشهر الحرم
حُرمة الأشهر الحرم Ocia_545
المسلم إذا كان مأموراً بفعل الطاعات، على مدار العام والأوقات؛ ففعله لها في تلك الأيام أولى وأوكد.
 
اتفقنا في الحلقة الماضية على أن شهر المُحَرَّم من الأشهر الحُرُم، فما فضيلة هذه الأشهر، وما قيمتها؟

قال تعالى –بعد ذكره للأشهر الحُرُم–:  {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}.

والظلم المذكور في الآية فَسَّرَهُ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (أحد التابعين) بقوله: الظلم: العمل بمعاصي الله، والترك لطاعته.

وقال قتادة: عند هذه الآية:
"الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يُعَظِّمُ من أمره ما شاء وقال: إن الله اصطفى صفايا من خلقه اصطفى من الملائكة رُسُلاً ومن الناس رُسُلاً، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحُرُم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظّموا ما عَظّمَ اللهُ، فإنما تعظم الأمور بما عظّمها اللهُ عند أهل الفهم وأهل العقل".

وقال ابن عباس: "إن الله اختصَّ من الشهور أربعة أشهر، فجعلهن حُرُماً، وعظّم حُرُماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم".

ومن مجموع هذه الآثار التي تقدَّمت، نصل إلى هذه النتيجة:
أن المسلم إذا كان مأموراً بفعل الطاعات، على مدار العام والأوقات؛ ففعله لها في تلك الأيام أولى وأوكد.

وإذا كان المسلم منهياً عن إتيان المعاصي والمُحَرَّمَاتِ، على مدار العام والأوقات؛ فالنهي في تلك الأيام أشد وأوجب.

لأن المعصية في هذه الأيام، أعظم عند الله من مثلها في غيرها من الأيام، كما أن المعصية في البلد الحرام مكة، أعظم عند الله من نفس المعصية في غيرها من الأماكن والبلدان.

فليتنبه العاقل لمثل هذا الأمر، وإن لم نستطع أن نستكثر من الحسنات؛ فلنحاول قدر الاستطاعة البُعد عن المُحُرَّمَاتِ، خاصَّةً في هذه الشهور والأوقات.
----------------------------------------------------------------------
أحمد الجابري
كاتب وباحث مصري باحث ماجستير في الحديث وعلومه