أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: باب أخلاق المقرئ إذا جلس يقرأ ويلقن الخميس 25 مايو 2023, 1:19 am | |
| باب أخلاق المقرئ إذا جلس يقرأ ويلقن لله عز وجل ماذا ينبغي له أن يتخلق به قال محمد بن الحسين: ينبغي لمن علمه الله كتابه فأحب أن يجلس في المسجد يقرأ القرآن لله.
يغتنم قول النبي صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) فينبغي له أن يستعمل من الأخلاق الشريفة ما يدل على فضله وصدقه وهو أن يتواضع في نفسه إذا جلس في مجلسه ولا يتاظم في نفسه وأحب له أن يستقبل القبلة في مجلسه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (أفضل المجالس ما استقبل به القبلة) ويتواضع لمن يلقنه القرآن ويقبل عليه إقبالاً جميلاً.
وينبغي له أن يستعمل مع كل إنسان يلقنه أن يصلح لمثله إذا كان يتلقن عليه الصغير والكبير والحدث والغني والفقير فينبغي له أن يوفي كل ذي حق حقه ويعتقد الإنصاف إن كان يريد الله بتلقينه القرآن فلا ينبغي له أن يقرب الغني ويبعد الفقير ولا ينبغي له أن يرفق بالغنى ويخرق بالفقير فإن فعل هذا فقد جار في فعله فحكمه أن يعدل بينهما ثم ينبغي له أن يحذر على نفسه التواضع للغني والتكبر على الفقير بل يكون متواضعاً للفقير مقرباً لمجلسه متعطفاً عليه يتحبب إلى الله بذلك.
حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال أنا إسحق بن الجراح الأزدي ومحمد ابن عبد الملك الدقيقي قالا نا جعفر بن عون قال أنبأنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس في قوله عز وجل: (وَلا تُصَعِّر خَدَّكَ لِلناسِ) قال: يكون الغني والفقير عندك في العلم سواء.
حدثنا ابن أبو داود قال نا بشر بن خالد العسكري قال نا شبابة يعني ابن سوار عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العاليد في قوله عز وجل (وَلا تُصَعِّر خَدِّكَ لِلناسِ) قال: يكون الغني والفقير عندك في العلم سواء.
حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال نا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان (قال نا عمرو بن محمد العنقزي قال نا أسباط عن السدي عن ابن سعد) الأزدي وكان قارئ الأزد عن أبي الكنود عن خباب بن الأرت في قوله الله عز وجل: (وَلا تَطرُد الَّذينَ يَدعونَ رَبَهُم بِالغَداةِ وَالعَشي يَريدونَ وَجهَهُ) - إلى قوله: (فَتَكونَ مِن الظالِمين) ثم ذكر الأقرع وعيينة. فقال عز وجل: (وَكَذَلِكَ فَتنا بَعضَهُم بِبَعضٍ لِيَقولوا أَهَؤلاء مَنَّ اللَهُ عَلَيهم مِن بَينِنا أِليسَ اللَهُ بِأَعلَم بِالشاكِرين) ثم قال عز وجل (وَإِذا جاءَكَ الَّذين يُؤمِنونَ بآياتِنا فَقُل سَلامٌ عَلَيكُم كَتَبَ رَبَكُم عَلى نَفسِهِ الرَحمَةَ) قال: (فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحيفة ثم دعانا فأتيناه فقال: (سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة).
فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله عز وجل: (وَاَصبر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَهُم بِالغَداةِ وَالعَشي يَريدونَ وَجهَهُ وَلا تَعُد عَيناكَ عَنهُم تَريد زينةَ الحَياةُ الدُنيا) قال: فكنا نقعد مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا بلغنا الساعة التي يقوم قمنا وتركناه حتى يقوم.
قال محمد بن الحسين: أحق لنا باستعمال هذا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل القرآن إذا جلسوا لتعليم القرآن يريدون به الله عز وجل.
حدثنا الفريابي قال نا يزيد بن خالد بن موهب الرملي قال نا عيسى ابن يونس عن هارون بن أبي وكيع قال سمعت زاذان أبا عمر يقول: دخلت على ابن مسعود فوجدت أصحاب الخز واليمنة قد سبقوني إلى المجلس فناديته: يا عبد الله من أجل أني رجل أعمي أدنيت هؤلاء وأقصيتني، فقال: إدنه فدنوت حتى كان بيني وبينه جليس.
قال محمد بن الحسين: وأحب له إذا جاءه من يريد أن يقرأ عليه من صغير أو حدث أو كبير أن يعتبر كل واحد منهم، قبل أن يلقنه من سورة البقرة، يعتبره بلأنه يعرف ما معه من الحمد، إلى مقدار: ربع، سبع، أو أكثر مما يؤدي به صلاته ويصح أن يؤم به في الصلوات إذا احتج إليه، فإن كان يحسنه وكان تعلمه في الكتاب أصلح من لسانه، وقومه، حتى يصلح أن يؤدي به فرائضه، ثم يبتدئ فيلقنه من سورة البقرة.
وأحب لمن يلقن إذا قرئ عليه أن يحسن الإستماع إلى من يقرأ عليه، ولا يشتغل عنه بحديث ولا غيره، فالأحرى أن ينتفع به من يقرأ عليه، وكذلك ينتفع هو أيضاً ويتدبر ما يسمع من غيره، وربما كان سماعه للقرآن من غيره فيه زيادة منفعة وأجر عظيم ويتأول قول الله عز وجل (وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاِستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَكم تُرحَمون).
فإذا لم يتحدث مع غيره وأنصت إليه أدركته الرحمة من الله وكان أنفع للقارئ عليه.
وقر قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود: (إقرأ عليَّ)، فقلت يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: (إني أحب أن أسمعه من غيريِ).
أخبرنا الفريابي قال نا محمد بن الحسن البلخي قال أنا عبد الله بن المبارك قال أنا سفيان عن سليمان يعني الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن ابن مسعود قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إقرأ عليَّ. فقلت: أقرأ عليك وعليك أنزل قال: إني أحب أن أسمعه من غيري. قال: ففتحت سورة النساء فلما بلغت (فَكَيفَ إِذا جِئنا مِن كُلِ أُمَةٍ بِشَهيد وَجِئنا بِكُلٍ عَلى هَؤلاءِ شَهيدا) قال: فرأيت عينيه تذرفان فقال لي: حسبك.
وأحب لمن كان يقرأن أن لا يدرس عليه وقت الدرس إلا واحد ولا يكون ثانياً معه، فهو أنفع للجميع وأما التلقين فلا بأس به أن يلقن الجماعة.
وينبغي لمن قرأ عليه القرآن فأخطأ عليه أو غلط أن لا يعنفه، وأن يرفق به، ولا يجفو عليه فإني لا آمن أن يجفو عليه فينفر عنه وبالحري أن لا يعود إلى المسجد.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (علموا ولا تعنفوا، فإن المعلم خير من المعنف).
حدثنا حامد بن شعيب البلخي قال ثنا بشر بن الوليد ونا عمر ابن أيوب السقطي قال نا الحسن بن عرفة قال نا إسماعيل بن عباس عن حميد بن أبي سويد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف.
حدثنا أبو القاسم عبد الله بن عبد العزيز قال: نا علي بن الجعد قال نا شعبة عن أبي التياح قال سمعت أنس بن مالك يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا.
أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال نا محمد بن بكار قال نا عنبسة بن عبد الواحد عن عمرو بن عامر البجلي قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم وتواضعوا لمن تعلمون وليتواضع لكم من تعلمون ولا تكونوا جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم.
قال محمد بن الحسين: فمن كانت هؤه أخلاقه قد انتفع به من يقرأ عليهم أقول إنه ينبغي لمن كان يقرأ القرآن لله أن يصون نفسه عن استقضاء الحوائج ممن يقرأ عليه القرآن وأن لا يستخدمه ولا يكلفه حاجة يقوم بها.
واختار له إذا عرضت له حاجة أن يكلفها لمن لا يقرأ عليه وأحب أن يصون القرآن عن أن يقضي له به الحوائج فإن عىضت له حاجة سأل موالاه الكريم قضاءها فإذا ابتدأه أحد من إخوانه من غير مسالة منه فقضاها شكر الله إذ صانه عن المسألة والتذلل لأهل الدنيا وإذا سهل له قضاءها، ثم يشكر الله أن أجرى له ذلك على يديه فإن هذا واجب عليه وقد رويت في ما ذكرت أخبار تدل على ما قلت، وأنا أذكرها ليزداد الناظر في كتابنا بصيرة إن شاء الله.
حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي قال أنا أسحاق بن الجراح الأذني قال أنا الحسن بن الربيع البوراني قال: كنت عند عبد الله بن إدريس فلما قمت قال لي سل عن سعي الأشنان، فلا مشيت ردني فقال لا تسأل فإنك تكتب مني الحديث وأنا أكره أن أسأل من يسمع مني الحديث حاجة.
حدثنا أبو الفضل قال حدثنا إسحاق بن الجراح قال قال خلف بن تميم ما أبي وعليه دين فأتيت حمزة الزيات فسألته أن يكلم صاحب الدين أن يضع عن أبي من دينه شيئاً فقال لي حمزة ويحك إنه يقرأ علي القرآن وأنا أكره أن أشرب من بيت من يقرأ علي القرآن.
حدثنا محمد بن جعفر الصندلي قال نا الفضل بن زياد قال نا عبد الصمد بن يزيد قال سمعت الفضيل بن عياض يقول: (ينبغي لحامل القرآن ألا يكون له حاجة إلى أحد من الناس إلى الخليفة فمن دون وينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه).
حدثنا حامد بن شعيب البلخي قال نا سريح بن يونس قال نا إسحاق بن سليمان الرازي عن الربيع بن أنس قال: (مكتوب في التوراة علم مجاناً كما علمت مجاناً).
أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال نا شجاع بن مخلد قال نا إسماعيل بن إبراهيم عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد الحبراني قال قال عبد الرحمن بن شبل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اقرؤوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا.
حدثنا أبو العباس أحمد بن سهل الأشناني قال أنا بشر بن الوليد قال أنا فليح بن سليمان عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة.
أخبرنا أبو عبد الله بن مخلد قال نا محمد بن إسماعيل الحساني قال نا وكيع قال نا سفيان عن واقد مولى زيد بن خليدة عن زاذان قال: (من قرأ القرآن يتأكل به الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم).
حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال نا شعيب بن أيوب قال نا عبد الله بن نمير قال نا معاوية البصري عن الضحاك عن الأسود بن يزيد وقال غير شعيب وعلقمة ولم أر شعيباً ذكر علقمة قال قال عبد الله يعني ابن مسعود: لو أن أهل العلم صانوا العلم ووضعوه عند أهله سادوا به أهل زمانهم ولكنهم بذلوه لأهل الدنيا لينالوا من دنياهم فهانوا على أهلها سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول (من جعل الهم هماً واحداً هم آخرته كفاه الله هم دنياه ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك).
حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد قال نا إبراهيم بن مهدي قال نا أحمد بن عبد الله بن فيروز قال نا العباس بن بكار الضبي قال نا عيسى بن عمر النحوي قال أقبلت حتى أقمت عند الحسن فسمعته يقول: قراء هذا القرآن ثلاثة رجال فرجل قرأه فاتخذه بضاعة ونقله من بلد إلى بلد ورجل قرأه فأقام على حروفه وضيع حدوده يقول إني والله لا أسقط من القرآن حرفاً كثر الله بهم القبور وأخلا منهم الدور فوالله لهم أشد كبراً من صاحب السرير على سريره ومن صاحب المنبر على منبره ورجل قرأه فأسهر ليله وأطمأ نهاره ومنع شهوته فجثوا في براثنهم وركدوا في محاريبهم بهم ينفي الله عنا العدون وبهم يسقينا الله الغيث وهذا الضرب من القرآن أعز من الكبريت الأحمر.
قال محمد بن الحسين: الأخبار في هذا المعنى كثيرة، ومرادي من هذا نصيحة لأهل القرآن لئلا يبطل سعيهم إن هم طلبوا به شرف الدنيا حرموا شرف الآخرة، إذ يتلونه لأهل الدنيا طمعاً في دنياهم أعاذ الله حملة القرآن من ذلك فينبغي لمن يجلس يقرأ المسلمين أن يتأدب القرآن (يقتضي ثوابه) من الله عز وجل يستغني بالقرآن عن كل أحد من الخلق متواضع في نفسه ليكون رفيعاً عند الله.
حدثنا علي بن إسحاق بن زاطيا قال نا عبيد الله عمر القواريري قال نا ابن حماد بن زيد قال سمعت أيوب يقول: ينبغي للعالم أن يضع الرماد على رأسه تواضعاً لله عز وجل. |
|